بدأ الظلام بالتلاشي من حولها وبدأت تنظر حولها كان الجميع يقف حولها كان الجميع ينظر اليها بقلق يصاحبه الاندهاش والخوف .
بدأ الجميع بتبادل النظرات عندما بدأت بالجلوس بصعوبة بينما كانت تكتم التأوهات استحياءً وتستبدل ذلك بإمساك يدي والدتها ويدي سمر بقوة وتستمر بالارتعاش بين الحين والآخر .
حتى وصلت الى غرفتها و جلست على سريرها, كانت امها تتحدث اليها وتمسح ذراعيها وظهرها , الا ان الدهشة أُثرت على تركيز سلمى ولم تستوعب ما تقوله .
خرج الجميع من غرفتها بينما كانت تسمع اختلاط اصوات الجميع , كان جميع من في المنزل يتحدث لم يتوقف احدهم عن الكلام لم تفهم بالضبط ما يقولون الا ان الكلمات المتكررة هي " امير , نلحق به , الشرفة , تحطمت " وبين الحين والآخر يقترب احدهم من غرفة سلمى " أهي بخير ؟!"
في صباح اليوم التالي كان الصمت المطبق يعم أرجاء المنزل , لم يعد أمير الى القصر , ولم تخرج سارة من غرفتها منذ ان خرج أمير .
خرجت سلمى الى الشرفة حاملة حقيبتها , بينما رأتها أمها عبر نافذة غرفة الطعام ثم أطلت برأسها وهي تحمل بيدها سلة مليئة بالخبز العربي وقالت : هل انتي بخير ؟ هل تستطيعين الذهاب الى المدرسة ؟
نظرت اليها سلمى وقالت : اجل بالتأكيد , انني بخير !
خرج رائد من باب الشرفة واضعا يده داخل جيبه ليخرج مفتاح السيارة ولحقت به اخته سمر التي التفتت الى سلمى : هل انتي بخير ؟!
كانت سلمى تنظر الى خشب ارضية الشرفة في الموقع الذي سقطت فيه , لقد كان اللوح قد كسر الى نصفين بينما مالت احدى القطعتين لتخرج عن الارض . ثم انتبهت بعد ذلك ونظرت الى سمر : اجل انا بخير .
اخرجت رهف صفيراً حاداً أجفل سلمى , رهف : ما الذي سقط هنا ؟ صخرة ؟ فيل ؟ ثم ضحكت بسخريتها المعتادة , بينما اكملت سخريتها لمياء : كيف استطعتي الوقوف بعد هذه السقطة .
نظرت سمر بتأمل الى الارض ,ثم قالت : ان هذا الخشب رقيق جداً وبسهولة يكسر !
تابع الجميع سيره. بعدها خرج يزن الذي سمع طرفاً من ذلك الحديث ثم نظر الى اسفل الشرفة , لم يلحظه أحد , وفتح عينيه مدهوشاً فقد رأى الاسمنت اسفل الخشب المكسور وقد انقسم الى نصفين هو الاخر .
,,,,,,
مر يومين لم يتغير شيء كانت الاسرة صامتة على مائدة الغداء وكانت الجدة عابسة الوجه بشكل لم يعهده أحد من قبل , لم يكن يسمع شيء الا الأصوات المعدنية التي تسببها الاشواك والملاعق
كان رائد يتحدث الى يزن : لقد كانت التقاطك للكرة اليوم مذهلاً , أكاد اقسم أن الكرات كانت تنجذب الى يدك وتغير مسارها .
ابتسم يزن لذلك التعليق وما لبث ان عادوا الى تناول الطعام ؟
رفعت العمة صالحة نظرها نحو الأمام وفتحت شفتيها ببطء وحذر محاولة ان تكسر حاجز الصمت : آه كـ ..
قاطع جلال ودون ادنى تقدير حديث ابنته بطريقة آلمت مشاعرها ونظر الى دلال : ماذا حل بأبني أخوتك يا دلال .
كتمت صالحة مشاعرها , ونظرت الى دلال متصنعة الاهتمام , بينما عبس وجه دلال واحمرت وجنتاها كمن يكتم آلامه وبكاءه : لم تجدهم الشرطة بعد , ومازالت اختي في المشفى منذ ثلاثة اشهر بسبب انخفاض الضغط الشديد والتوتر العصبي
نظر اليها سالم : متى فقد أهلك آدم وياسر ؟
دلال: لقد أبلغوني بأنهما لم يكونا على ما يرام منذ ان عادا من رحلتهما من مدينة ثم بعد أسبوع لم يجدوا لهم أثراً , الجميع اتفق بأن هنالك شيء ما حصل لهما أثناء تلك الرحلة
نظر اليها رائد باهتمام :اليس تلك الرحلة التي عرجوا فيها الى هنا قبل شهرين ؟
-أجل
-لم يبد عليهما شيء غريب في ذلك اليوم !
كان الجميع ينظر الى شيء ما وكأنهم يحاولون استرجاع ذكرياتهم .
لم تذكر سلمى شيئاً من ذلك اليوم سوى انها رأتهما من نافذة غرفتها في الصباح بينما كانا متوجهين نحو بوابة الحديقة.
توقف الحديث وعاد الجميع لتناول الطعام ولم يتحدث أحد عن أي شيء بعدها .
,,,,,
كانت سلمى تعاني من الارق منذ يومين متواصلين لم تنم أبداً , عندما حدثت امها بذلك قالت بأنها تتوهم ذلك وبان علامات الارق لم تبد عليها .
استمر الأرق في الليلة التالية حاولت ان تجلس عند التلفاز وقد وضع بوضع صامت لعلها تضجر وتنام . لم يفلح ذلك بشيء.
وفي الليلة التالية استلقت على السرير واغمضت عينيها وحاولت ان تجبر نفسها على النوم لكنها لم تفلح بذلك فاستمرت بالتقلب على السرير بلا فائدة .
في الليلة الخامسة ذهبت الى المطبخ وبدأت تأكل بشراهة فقط لتملأ فراغ الوقت .
في الليلة السادسة اجلت جميع واجباتها الى الليل لعل الوقت يمر بشكل أسرع .
في الليلة السابعة كانت تنظر نحو النافذة المفتوحة والواسعة بضجر لم تبد عليها أي علامات للنعاس او التعب , ثم خطرت لها فكرة امسكت اطار النافذة ووضعت قدميها على حافة النافذة ثم اخرجت رأسها بحذر من النافذة لتمسك بعامود المياه الا انها لمحت على سطح احد الغرف التي كانت بارزة شخص كان جالساً بوضعية حذرة .
اعادت نفسها بسرعة الى الداخل وركضت عبر الممر الصغير الذي يفصل بين غرفتها وغرفة والديها وطرقت الباب بحذر . فتحت أمها الباب بخوف : هل هنالك مشكلة .؟
تحدثت بصوت منخفض وحذر : هنالك شخص غريب يجلس فوق سطح القصر .
خرجت الأم من الغرفة وبحذر اغلقت الباب لألى توقظ أحداً , ثم القت نظرة من نافذة الممر : لا يوجد أحد .
-لم تنظري جيداً انظري الى هناك .
انكتم صوتها فجأةً , فلم يكن هنالك احد فعلاً .
-يبدو انك تتوهمين , لا داعي للقلق فالبوابة مغلقة بشكل جيد .
ثم عادت الى غرفتها بينما استمرت سلمى بالنظر الى النافذة باستغراب , ثم قاطعتها والدتها : حاولي ان تنامي ولا تتأخري بالسهر !
في الصباح التالي على مائدة الافطار , لم يكن يجلس الى سلمى ووالدها أمجد ووالدتها وموسى الصغير .
نظر أمجد الى ابنته وقال: اخبرتني والدتك بانك رأيت شخصاً على سطح القصر !
-نعم ,لكنه اختفى بسرعة .
الام -انها تعاني من الأرق منذ فترة لا بد من أنها تتوهم ذلك !
الاب –ربما لكن لا ضير من الحذر !
في الليلة التالية اعتادت سلمى على عدم النوم , القت نظرة الى النافذة فلم تر شيئاً , توقعت انها كانت تتوهم بالفعل.
شعرت بالرغبة بتناول الطعام فنزلت بهدوء الى الدور الارضي , وبينما كانت تنزل سمعت صوت شخصين يتحدثان عند باب الشرفة الخلفية بصوت منخفض . اقتربت اكثر وبحذر شديد لترى وتسمع بشكل أوضح .
كان رائد جالساً وقد ارتكى الى الجدار بملل ويقول : لا يوجد احد في الخارج , انني اجزم بذلك .
وكان يزن واقفاً خلف النافذة ينظر بحذر حاملاً عصاً بيده : وكيف تتأكد من ذلك , لكنني في الحقيقة اعتقد انه أمير , اوانه احد اولئك , ثم همهم ولم يكمل كلامه .
نفخ رائد الهواء أمامه ثم قال وبغضب : حسناً , انا الذي كنت فوق السطح في الحقيقة .
انزل يزن العصا ثم ضحك ساخراً : انت ؟ ماذا كنت تفعل هناك ؟
-لم أنم بشكل جيد منذ مدة واردت استنشاق بعض الهواء المنعش !
نزلت سلمى بسرعة وقالت : اذا لقد كنت انت!
نظر الاثنان بخوف وامسك يزن العصا بحذر , وبعدما انتبها بأنها سلمى انزل يزن العصا من يده .
رائد : أجل أنا , ولكن لا داعي لإخبار الجميع بذلك , ثم انت! ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت ؟.
-انا ؟ لم اشعر بالنعاس واردت ان أأكل شيئاً
نزلت سمر ايضاً , ونظرت اليهم باستغراب وقد كانت عليها اثار النوم وقالت : هل سمعتم هذه الضجة ؟
رائد : لا شيء كنا نتحدث عودي الى النوم
نظرت سمر الى سلمى باستغراب الى انها سمعت صوت اقدام تنزل على الدرج بسرعة , فنظر الجميع الى مصدر الصوت , كانت رهف ولمياء وقد كانتا تشعران بالخوف : اسمعتم ذلك لقد كان صوتاً مرعباً .
ظهرت علامات الاستغراب على يزن ورائد فوقفا وصعدا على الدرج الى الدور الثاني كان أمجد ودلال يقفان في الصالة العلوية وينظران نحو الدرج المؤدي الى السطح باستغراب وكانت صالحة وسارة قد خرجت كل واحدة منهما من غرفتها برعب , كانت صالحة تصرخ : هناك شخص يتسلق الجدار بسرعة رهيبة .
صعد امجد الى السطح ورآه سالم الذي كان قد فزع من صوت صالحة , ثم تبع امجد الى السطح .
نظر رائد عبر النافذة ثم صرخ : انظر انظر! هناك .
نظر يزن فرأى كائناً خرج من بوابة المطبخ الى الحديقة نحو الخارج بسرعة عالية جداً .
صرخت الفتيات بنفس الوقت صرخة واحدة صادرة من الدور الأسفل , وعندها هرع الاثنان نحو الدور الاسفل . ركض يزن نحو باب الشرفة الخلفية وتداخلت اصواتهن : " جني , عفريت , شيء سريع وكبير ذهب الى المطبخ " ثم تبعن يزن بهلع وتبعهن رائد الى الخارج .
صرخ يزن : اعطني مفتاح السيارة يا رائد
-ليس بحوزتي
نظر يزن حوله لتقع عينه على سيارة المزرعة القديمة من نوع موتيشي مصنعة في الثمانينيات صفراء اللون تقشر دهانها , لها حوض لنقل الماشية التي كانت توجد في المزرعة بكثرة في السابق .
فتح بابها واصدر صوت الحديد الصدئ ,وضع سلكاً معدنيا صلباً محل المفتاح وبسهولة لم يصدقها اشتعل محرك السيارة الانفجاري القديم .
عندما سمع الصوت ركب رائد بجانبه , بينما كانت الفتيات في حالة رعب شديد , تحركت السيارة لتصعد سلمى في حوض السيارة وتلحقها سمر ورهف ولمياء التي تعلقت قدمها من الخوف ولم تستطع ان تركب الا بعدما سحبتها سمر وسلمى بشدة ملأت قدميها بالخدوش .
توجه يزن بسرعة نحو ذلك الكائن , وكانت سلمى تنظر الى الأمام وكانت تشعر بالتوتر وهي تنظر الى ذلك الكائن , كانت السيارة تتحرك بسرعة جنونية وكان يزن يركز بنظره نحو ذلك الكائن المسرع ويضغط بقدميه بشدة على مكابح الديزل ,الا ان عداد السرعة قد وصل الى اخره ولكن السيارة تسير بسرعة تفوق قدرة هذه السيارة بطريقة عجيبة .
عندما اقتربت السيارة بشكل كافي لرؤية ذلك الكائن انزلت لمياء ورهف اجسادهن والتصقن بجدار الحوض بينما كانت سمر تحول التمسك بشكل جيد , كانت سلمى بوضع جيد لترى ذلك الكائن الا ان قلبها الذي كان يخفق بشدة يعيقها عن التنفس .
كان هذا الكائن انسياً الا ان سرعته مستحيلة جعلته لا يرى بسهولة . التفت نحو السيارة بوجهه الى انه التف بشكل مفاجئ نحو اليمين . الا ان يزن تأخر بردة الفعل والتفت الى اليمين ليصطدم بصخرة قوية جعلت السيارة تنقلب راسأ على عقب .
|