العودة   منتديات بنات دوت كوم > ♦ خارجَ التغطيۃ ! > المخالفات
◊ - الـقـوانـيـن - مواضيع لم يرد عليها ◊ مركز تحميل بنات ~ قالوا عنّا ~ سجل الزوار ~ أعلني معنا !

المخالفات [ ≈ ڪُل مَ هو مخآلفَ لِ قوآنين بنآت . ڪوم ، ينقلَ لِ هناِ ! ]

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 18-02-2011, 11:40 AM
الصورة الرمزية غلا الروح..~~@@
غلا الروح..~~@@ غلا الروح..~~@@ غير متصلة
بنوتة مبتدئة
صاحبة الموضوع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 26
قوة التقييم: 0
غلا الروح..~~@@ is on a distinguished road
المشاهدات: 431 | التعليقات: 0 دموع بين ج3وج4 وج5


دموع بين السّطور
....................................

كثيرا ما كان سيف الدين أثناء عودته إلى البيت ، يجلس إلى أمّه ويروح يحدّثها عن الجامعة وعن رحلاته التي
قام بها، وعن أصدقاءه الجدد الذين تعرّف عليهم من مختلف مناطق الوطن، لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الطّلبات ،وكيف أنّهنّ صرن طرائق قددا، منهنّ الصّالحات ، ومنهنّ الطّالحات، ليتوقّف أخيرا عند الطّالبة فدوى ويخوض في حديث طويل وعريض يستعرض فيه كلّ ما تتصف به ، أو توهّم أنّها تتصف به، حتى يخيّل إلى أمّه أنّه يروي لها رواية بطلة من بطلات ألف ليلة و ليلة فترحل سميّة بعيدا بخيالها لتجد نفسها مرة في بلاد السّند وأخرى في بلاد الهند واقفة أمام باب تاج محل.


كانت كثرة حديثه عن هذه الطالبة، في كلّ مناسبة ومن غير مناسبة، قد جعلت أمّه تتساءل عما طرأ عليه ،وهو الشّاب الخجول الذي طالما كان ينفر من مجالسة النّساء والرّكون إليهنّ والخوض في الأحاديث معهنّ.وأدركت أنّ إبنها قد أغرم بهذه الفتاة وأنّ حبّها قد بدأ يسلك طريقه إلى قلبه، وأنّه عما قليل سيحسّ بوطأته وتأثير سحره المبين ، يسري في كامل جسده ويجري في دمه وعروقه ، وأرادت أن تتأكّد من صدق ظنّها فقالت له : << أراك كلّما ذكرت فدوى أطنبت في ذكر وشمائلها وكأنّه ليس هناك من البنات من تفوقها خلقا وخلقا..؟ا >>.
فقال:<< والله يا أمّي ما رأيت طوال حياتي بنتا مثلها.. بل أجزم وأقول انّ البنت التي ستكون مثلها في عصرناهذا،
لازالت لم تُخلق بعد .. وليس هذا فحسب بل قد ناقشت معها أمر زواجنا فقبلت بذلك ورضيت ، وقد جاء الآن دورك مع والدي لتتكفّلا بالخطبة >>.
فقالت له:<< يجب عليك أن تتريّث قليلا حتى تأخذ عطلتك وتعود إلى بيتك وتعود هي الأخرى إلى بيتها ، وفي نفس الوقت تستطع أن تربح الوقت فتتعرّف عليها وعلى أهلها أكثر، وبعد ذلك سأذهب أنا ووالدك ونطلب يدها لك، على أن يكون الزفاف من بعد تخرجكما من الجامعة >>.
فوافق علاء الدين أمّه على رأيها ، وراح يترقّب قدوم عطلة الصّيف بفارغ الصّبر .


تأكّد للأمّ ما كانت تظنّه وفرحت بذلك كثيرا ، ولكنّها في نفس الوقت كانت تخاف أن يكون هذا الأمر مجرّد نزوة من نزوات الشّباب الطّائشة،أو كغيمة صّيف سرعان ما تغيب وتتلاشى، وحتى وإن صحّت فما يدريها أنّ إبنها قد أحسن اختيار فتاة أحلامه المناسبة .ولكنّها سكتت عن هذا وقرّرت أن تتعرّف أوّلا على الفتاة وأهلها ،بعدما تتحدّث في هذا الأمر مع زوجها. ثمّ واصلت حديثها وقالت وهي تبتسم:<< يقولون عين المحبّ عمياء عن عيوب المحبوب>>.
فقال لها :<< ماذا تقصدين بقولك هذا ؟ >>.
فقالت :<<هذا ليس من قولي.. وإنّما قلت يقولون >>. ثمّ قامت تطلب زوجها. أما هو فراح يعيد في ذهنه ما سمعه
من أمّه ويقول:<< وما دخل هذا فيما كنا نتكلّم فيه ؟ا >>.


أسرعت سميّة إلى بعلها، وأخبرته بكلّ ما دار بينها وبين ابنها، فسكت قليلا كأنّه يفتّش عن الإجابة من بين سطور ماضيه، ودفاتر ذكرياته ليقول لها أخيرا:<< ابشري خيرا يا سميّة.. ستبدي لك الأيّام المقبلة من امر ابنك عجبا.. الآن سيهتمّ أكثر بحسن هندامه، ومنظره وبتحسين ألفاظه وتهذيب أخلاقه، والحرص على الظهور بمظهر الرّجال ، سيلين قلبه ، وسيعرف كم هي الحياة جميلة، والأجمل منها أن يشعر بنا من نحيا ونفرح ونشقى من أجلهم .. أمّا أنت يا سميّة فإياك أن تقفي في وجهه للحيلولة بينه وبين ما يختار قلبه ويشتهي .. منه سيكون القرار وحريّة الإختيار ، ومنا ستكون الموافقة لا غير .. أفهمت ..؟ أم أكرّر ما قلته لك ثانية ؟ >>.

لم تكن العلاقة التي تربط بين فدوى وأمها مجرّدعلاقة أمومة ، وإنّما كانت أكثر من ذلك بكثير ،حيث ساهمت الظّروف التي كانت تعيشها كل منهما في تمتين هذه العلاقة وتوطيدها إذ وجدت الأمّ في ابنتها – خصوصا بعدما طلّقت من زوجها في عامها الأوّل – البنت والأخت والصّديقة ووجدت فدوى في أمّها الأمّ الحنون والصّديقة الوفيّة والسّند والمعيل ، وبالتّالي بنيت حياتهما على الصّدق والوفاء والإحترام والتّوقير. والأهمّ من كل ذلك الصّراحة وعدم اتّباع الأساليب الملتويّة .
فبعد أن عادت فدوى إلى البيت جلست إلى أمّها كما تعوّدتا سابقا ، حيث شرعت أمّها تسألها عن الدّراسة وعن الحياة في الجامعة ، وهي تجيب في نفس الوقت الذي كانت تفكّر فيه في ايجاد طريقة تدخل من خلالها إلى صلب الموضوع ، الذي يشغل بالها ويبلبل أفكارها ، وتبوح لأمها عن علاقتها بالطّالب سيف الدين وباتفاقها معه على الزّواج .
أما أمها فأحسّت أنّ هناك أشياء تخفيها ابنتها ، لما لاحظته عليها من كثرة شرودها وفي تردّدها ، إذ كانت تهمّ بقول شيء ثمّ تعود لتخوض في حديث غيره .

فقالت أمّ فدوى :<< أشعر أنّ هناك ما يشغل بالك ويشوّش عليك أفكارك ، وأنت متردّدة بين البوح به إليّ الآن أو تركه إلى وقت آخر ، بينما أرى أنّ هذا هو الوقت المناسب لذلك ، وقد عوّدتك على الصّراحة والصّدق فهات ما عندك لنتدارسه سويّا فإن كان خيرا قبلناه واتّبعناه وإن كان شرّا دفعناه عنّا ونبذناه >> .
فاستوت فدوى في جلستها وعزمت على البوح لأمّها بعلاقتها بسيف الدّين ولكنّها ما كادت تنطق حتى سمعتا طرقا على الباب .

فقالت الأمّ :<< انتظري يابنيتي حتى أرى من الطّارق ثمّ أعود إليك >> . قالت هذا ثم أسرعت لتفتح الباب الخارجي ، وما هي إلاّ لحظات حتى عادت وهي تمسك بمجموعة من الأوراق النّقديّة .
فنظرت إليها فدوى وقالت :<< من الطّارق ؟ وما هذه النّقود التي تمسكين بها يا أمّاه ؟ >> .
فجلست أمّ فدوى في مكانها ووضعت النّقود بجانبها وقالت :<< إنّه ساعي البريد أحضرلنا هذه النّقود كالعادة في بداية كل شهر >> .
فقالت فدوى :<< من ذا الذي يبعث لنا بالنّقود شهريا ومع ذلك لا يريد أن نتعرّف عليه ؟ >>

فقالت الأمّ : << لا زال الخير منتشرا بين النّاس لا ينقطع إلى يوم القيّامة ولكن ما يحيّرني هو أنّ هذا المحسن يقف بجانبنا منذ سنين طويلة ، وما زلت أذكر أوّل حسنة قام بها هذا المحسن بعد انفصالي عن والدك وكرائي لهذا المنزل الذي نحن فيه الآن ، وقد ضاقت عليّ الدّنيا بما رحبت ، فرهنت كل ما أملك من ذهب ومجوهرات حتى أدفع ثمن كراء المنزل ، وأسدّد فواتير الماء والكهرباء والغاز ، زيّادة على ما نحتاجه من أكل وشرب ،وما كنت تحتاجينه من حليب أنذاك . ولكن يا بنيّتي وفي هذه الظّروف العصيبة التي كنت أعيشها جاءنا الله بالفرج من حيث لا نحتسب ، ففي صبيحة أحد الأيّام جاءني صاحب المنزل وطلب مني مرافقته إلى الموثّق لتسويّة بعض الوثائق الخاصّة بالمنزل فظننت أنّ الأمر يتعلّق بالكراء فذهبت معه وهناك طلب منّي الموثّق الإمضاء على الوثائق الخاصّة بعمليّة شراء المنزل وأخبرني بأنّ المنزل قد صار ملكا لي ، ففوجئت بهذا الخبر في البداية وسألت صاحب المنزل عمن دفع له ثمن المنزل ، فقال أنّه لا يعرفه والمهمّ أنّه قد تقاضى ثمنه وأنّ المنزل قد صار ملكا لي ،فحمدت الله وشكرته وقلت أنّك فأل خير عليّ إن شاء الله >> .
فدهشت فدوى مما سمعت وقالت : << تقولين أنّ هذا المنزل الذي نسكنه ذلك الرجل هو الذي دفع ثمنه ، ومع ذلك لازلت حتى الآن لا تعرفينه ؟ إنّه والله لأمر عجيب >> .
فقالت الأمّ : << على رسلك يا بنيّتي فهناك شيء آخر لم أطلعك عنه بعد >> .
فقالت فدوى : << وما ذاك يا أمّاه ؟ >> .
فقالت الأمّ : << بعد مرور أيّام قليلة من قصّة المنزل ، زارني شخص آخر هذه المرّة إنّه .. >> .
فقاطعتها فدوى قائلة : << ومن هو ؟ وماذا يريد هو الآخر ؟ >> .

فقالت الأمّ : << إنّه الصّائغ الذي رهنت عنده مجوهراتي وذهبي ، جاء وهو يحمل معه كل ما رهنته عنده ، وقال أنّ هناك من دفع له كل ماهو عليّ من ديون وطالبه وبأن يسلّمها لي بنفسه . فأخذت مجوهراتي وأنا أتعجّب من أمر هذا الشّخص الطيّب الذي لا يريد أن نعرف حقيقة أمره ، ولا الدّافع من وراء كل ما قام ويقوم به حيالنا لحدّ الآن والغريب في الأمر أنّه يعرف عنّا كل شيء حتى لكأنّه يسكن بيننا ويعيش معنا >> .
فقالت فدوى : << إنّما يقوم به هذا الشّخص المجهول تجاوز مرتبة الإحسان إذ للإحسان حدود بينما ما يقوم به هذا الإنسان دليل على أنّه يعرفك حقّ المعرفة وهو يحترمك ويوقرك ويرى لك عليه حقوقا وواجبات ولا أظنّ أنّ هذا الشخص إلاّ والدي >> .

فقالت الأمّ : << محال أن يكون هذا الشخص الشّهم ،الذي يفيض قلبه رحمة ورأفة والدك ، فأنت حتى يومنا هذا وقد صرت امرأة لم تتعرّفي عليه ، ولم تري له وجها أو تسمعي له صوتا بسبب جفائه وقساوة قلبه ، رغم أنّك من لحمه ودمه ، وصلة الرّحم واجبة والإنفاق على الأبناء وحسن تربيتهم فرض على الأباء .. لا ، لا يابنيتي القلوب القاسيّة لا تكون سخيّة لأنّها من معدن رخيص ، أما هذا الإنسان السّخيّ الكريم ، فإن كنّا لا نعرفه فالله سبحانه وتعالى يعرفه ويعرف نواياه والله لا يضيع أجر المحسنين >> . قالت هذا ثم نظرت إلى فدوى وكأنّها تذكّرت شيئا وقالت : << دعينا يابنيتي من هذا وعودي بنا إلى ما كنا بصدده قبل مجيء ساعي البريد مما يشغل بالك >>
فقالت فدوى : << لقد تعرّفت ياأمّي في الجامعة على شاب مؤدّب ولطيف ، وقد أراد أن يعرف رأيي إن كان بإمكانه أن يبعث بوالديه للقيّام بزيّارتنا والتعرّف علينا >> .
فقالت الأمّ : << وما المانع من ذلك إن كان هذا الشّاب من أهل المرؤة ، والشّهامة والأخلاق الفاضلة ، فبإمكانهم القيّام بزيّارتنا قصد التّعارف ومع ذلك لا يجب أن نبتّ في أمر الزّواج حتى نتعرّف عليهم ونسأل عن أحوالهم وبعد ذلك يفعل الله ما يشاء >> .

فقالت فدوى : << يظهر عليه يا أمّي أنّه من عائلة طيّبة ، وقد أخبرني بأنّهم لا يستطيعون زيّارتنا في هذه الأيّام بسبب مرض والده فسيف الدّين خائف على والده خصوصا بعدما أكّد لهم الأطبّاء عدم نجاته من مرضه هذا >> .
فقالت الأمّ : << وهل عرفت أين يسكن سيف الدّين ؟ >> .
فقالت فدوى : << هو يسكن في نفس الحيّ الذي تسكن فيه جدّتي >> .
فقالت الأمّ : << تقولين يسكن في نفس الحيّ الذي تسكن فيه جدّتك ، أنا أعرف معظم سكّان هذا الحيّ ، ألم يخبرك عن اسم والده ؟ >> .
فقالت فدوى : << أظنّ أنّه قال أنّ اسمه علاء الدّين بن الحاج منصور >> .

وما أن طرق سمعها اسم علاء الدّين حتى اضطربت كقصبة في مهبّ الرياح ، وامتقع لونها وارتعدت شفتاها ويبستا ، وبحثت فما وجدت ريقا تبلّلهما به ، وأرادت أن تنطق فعجزت عن النّطق وكأنّها قد ابتلعت لسانها ، وأخيرا انطلق الصّوت حزينا : << آه >> ثم مالت عن الأريكة بكامل جسمها فأمسكت بها ابنتها قبل أن تسقط على الأرض وأعادتها إلى الأريكة ، ثم خرجت من الغرفة مسرعة لتعود وبيدها إناء به ماء وشرعت تنضخ به وجه أمّها وعنقها وتربّت بيديها على خدّيها وهي تصيح : << امّاه ، أمّاه ماذا أصابك .. ؟ افتحي عينيك.. >> .
وأخيرا فتحت عينيها وبقيت ساكنة كالصّنم ، لا تبدي حراكا ولا نطقا ، بينما راحت دموعها تنسكب على خدّيها بدون انقطاع . أما فدوى فملأت كأسا كانت هناك على الطّاولة ماء وناولتها إيّاه وهي تقول : << خذي ..اشربي قليلا من الماء .. هل أنت بخير.. ؟ هل أنقلك إلى المستشفى ..؟ >> .
فقالت الأم : << لا حاجة بي إلى المستشفى ، أنا بخير الآن .. ولكن هل أنت متأكدة من اسم والد هذا الشّاب ؟ >> .
فقالت فدوى :<< نعم يا أمّاه ، اسمه علاء الدّين بن الحاج منصور ، ولكن لماذا جزعت لدى سماعك بمرضه كلّ هذا الجزع مع أنّه لا يمتّ لك بصلة ؟ >> .

فسكتت أمّ فدوى قليلا ثمّ قالت : << أظنّ أنّك تتّفقين معي في كون هذا اليوم ، فريد من نوعه من بين سائر الأيّام ، هذا يوم كشف المستور وإظهار المقبور .. ولكن يا بنيّتي قبل أن أكشف لك عن هذا السّر الدّفين الّذي احتفظت به في صدري طيلة كلّ هذه الأعوام ، اسمعي منّي ما أقوله لك : فوالله ما قصّرت في حقّ والدك يوما ، ولا تهاونت في خدمته ولا ضيّعت له مالا ، أو أفشيت له سرّا ولا خنت ثقته منذ صحبته ، والله على ما أقول شهيد .. >> .قالت هذا وانفجرت بالبكاء فأمسكت فدوى بيديها وشرعت تقبلهما وهي تقول : << لا تذهبي بعيدا بخيالك يا أمّاه ، فوالله ما رأيت منك إلاّ كلّ خير ، وإنّك لنعم الوالدة الحنون ، والأمّهات مثيلاتك قليل >> .
مسحت وفاء أمّ فدوى دموعها بمنديلها ، وشرعت تروي لابنتها حكايتها مع علاء الدّين من بدايتها إلى نهايتها ، لم تترك منها شيئا ، كما تعرّضت بالذّكر لموقف الحاج منصور الرّافض لزواجها من ابنه ، مما أغضب والدها الشيخ عثمان ، والذي أقسم بأنّه لن يصاهر عائلة الحاج منصور أبدا ، وأنّه سيلبي طلب أوّل رجل يتقدّم لطلب يد ابنته ،وهذا ما حدث بالفعل إذ تزوّجت من رجل لا تعرف فصله ولا أصله ، وأخيرا تعرّضت بالذّكر إلى تلك الرّسالة التي أرسلت بها لعلاء الدين مباشرة من بعد زواجها ، والتي كانت آخر رسالة منها إليه كما تلقّت رسالة منه كانت كذلك آخر رسالة تلقّاها منه ، وكيف أنّها منذ ذلك العهد لم تسمع له حسّا أو تعرف عنه خبرا لحدّ الآن .

بينما كانت وفاء تتحدّث كانت فدوى تصغي بلهفة إلى كل كلمة تنبس بها شفتيها ، وقد أثّرت فيها هذه القصّة المحزنة أيّما تأثير ، وشعرت وكأنّ والدتها بدأت تذوب حبيبات الملح في الماء . وما أن أتمّت وفاء حكايتها حتى قالت لابنتها : << هذه هي مجمل حكايتي فما قولك الآن فيما سمعت ؟ >> .
فقالت فدوى : << قصّتك هذه يا أمّاه جدّ محزنة ، وقد عانيت الكثير من الظّلم وقد اشتركت في ظلمك أطراف عديدة ، فموقف الحاج منصور منك مبعثه الفارق الطّبقيّ ، وتلك النّظرة الوقحة التي ينظر بها الغنيّ المغرور إلى الفقراء أو من هم أقلّ مالا منه ، وكأنّه يحمّل الفقير مسؤوليّة فقره وعوزه ، وهذا يعدّ في حدّ ذاته ظلم وتبرّم من قضاء الله وعدله . أما موقف جدّي الشيخ عثمان فهو كذلك موقف جائر ، إذ كيف يقسم أن يزوجك لأوّل رجل يطلب منه يدك ؟ ولماذا يصرّعلى رفض مصاهرة الحاج منصور حتى ولو جاء بنفسه نادما معتذرا على ما فرط منه ؟ >> .أما أنت ياأمّاه فكذلك قد ساهمت في ظلم نفسك بصمتك ، وبعدم الدّفاع عن قضيّتك ومع ذلك أعذرك لكونك امرأة والمرأة في مجتمعاتنا هذه لازالت تعدّ سلعة تباع وتشترى ، ولا حقّ لها في إعطاء رأيها وفتح فمها .أما الطّرف الذي أحمّله في حقيقة الأمر مسؤوليّة ما وقع عليك من جور واضطهاد فهو علاء الدّين الذي وقف منك موقف الشّخص المسالم ، المغلوب على أمره ، الضّعيف الذي لا حول له ولا قوّة . الحبّ يا أمّاه قوّة وثورة ، حزم وعزم ، فبالحبّ نستطيع أن نقيم الدّنيا ونقعدها ، ونقاتل الإنس والجنّ . فما بال هؤلاء الأقزام يدّعون الحبّ ويوقعون غيرهم في حبّهم ما داموا يعرفون أنّهم لا يستطيعون الدّفاع عن أحبّتهم ، أو على الأقلّ يدافعون عن أنفسهم . كان في استطاعة علاء الدّين على الأقلّ بعدما صدّت في وجهه الأبواب أن يفرّ بك إلى إحدى المدن حيث تعيشان هناك حياتكما وتقضيّان باقي أيّامكما مع بعض ، وليمت الآخرون بغيضهم >> .

كانت فدوى تتكلّم وقد كست وجهها مسحة ممزوجة بين الحزن لما حاق بأمّها من ظلم وإجحاف ، والغضب على الذين كانوا السّبب في هذا الظّلم ، وقد ثارت ثائرتها وازداد بريق عينيها حتى لتخال أنّالشّرر يكاد يتطاير منهما ، بينما اختفى ذلك الصّوت الأنثويّ ليحلّ محلّه صوت غليظ ينمّ عن النّقمة والثّورة .


لقد كانت دهشة وفاء عظيمة وهي ترى ولأوّل مرّة ابنتها ، تلك البنت الخجولة الهادئة الرزينة ، تتحوّل إلى لبؤة شرسة ثائرة همّها الإنتقام ممن كانوا السّبب في جرحها . وعرفت أنّ حبّها لسيف الدين هو الذي أكسبها تلك الجرأة وحوّلها إلى ما هي عليه الآن . فقالت لها : << لا تلومي يابنتي علاء الدين ، فهو لا ذنب له فيما حدث ، وأنا أعرفه جيّدا فهو إنسان يغلب عليه الطابع الدّينيّ ، فهو لم يتعود على قول كلمة { لا } لوالديه إذا ما طلبا منه فعل شيء ، حتى وإن كان ذلك على حسابه ، أو اضطرّه الأمر إلى التّنازل عن حقّ من حقوقه المهمّ أن لا يغضبا منه . وأمّا قولك أنّه كان بإمكانه أن يفرّبي إلى مكان آخر حيث نعيش في وئام وسلام ، فهذا الفعل لا يرضى به حتى ولو كنت أنا التي تحرّضه على الفرار ، وتزيّنه له ، حفاظا عليّ حتى لا يسمح للآخرين بالنّهش في عرضي ، وإلحاق المهانة والذلّ ، وشماتة الأعداء بأسرتي . ووالله يابنيّتي لو أنّه طلب مني ذلك ما كنت لأرفض له طلبا ، فثقتي فيه عمياء لا حدود لها ، وحبّي له كبير لا نهاية له >> .

نظرت فدوى إلى أمّها وكأنّها قد تفطّنت لما بدر منها من قول جارح في حقّ علاء الدّين ، وعرفت أنّها قد آلمت أمّها خصوصا بعدما شاهدته من دفاعها عنه . فقالت وقد عادت إليها سكينتها ورباطة جأشها : << أظنّ يا أمّاه أنّك رغم مرور هذه السنين الطّويلة ، لازلت تذكرينه وتحتفظين له بصورة جميلة في قلبك ، والدّليل على ذلك دفاعك عنه وعدم رضاك عما قلته فيه من كلام جارح ؟ >> .
فقالت وفاء : << وكيف أنساه .. ؟ فوالله ما رأيت منه إلاّ كلّ خير ، وما شممت فيه رائحة خيانة أو غدر يوما ،ولا قال أثناء حديثه قبيحا ، ولا استحلّ حراما ، ولا حرّم طيّبا ، ولا دعاني لركوب منكر ، فأقلّ ما أقوله في حقّ علاء الدّين أنّه حافظ عليّ ووقاني وصانني أكثر من محافظتي على نفسي، والسّبب في ذلك أنّه كان صادقا في حبّه لي ، وقد أخبرتك بأنّ ثقتي فيه عمياء لا حدود لها ، وحبّي له كبير لا نهاية له ، فتصوّري يابنتي من كانت هذه حالها لا قدّر الله ووقعت بين يدي شخص مخادع أفّاك كيف سيكون مصيرها ونهاية أمرها ؟ >>.
فقالت فدوى وهي تحاول أن تداعب أمّها : << ولكنّك ياأمّاه ألا ترين أنّك قد وقعت في غلطة فادحة ؟ >> .
فقالت وفاء : << أعرف ذلك ، أنت تقصدين كتابتي لتلك الرّسالة الأخيرة التي بعثت بها لعلاء الدين بعد زواجي من والدك ، ومن غير علمه ، حيث أرسلت بها من وراء ظهره ، وكأنّي بك تصفين تلك الحركة بالخيّانة >> .
فقالت فدوى : << صدقت يا أمّاه ، قصدت كتابتك لتلك الرّسالة وأنت في عصمة رجل آخر >> .

فقالت وفاء : << أنا يابنيّتي لا أبريء نفسي من هذه الغلطة ، وإن كانت في حقيقة الأمر لا توجب جلدا ولا رجما. أولا كتبت تلك الرّسالة في زمن الشّباب ، وللشّباب كبوات وهفوات ، ونزوات و طيش ، واندفاع وعدم تفكير في عواقب الأمور .والشيء الثّاني أنّني لم أدعو في تلك الرّسالة إلى فجور ، وإنّما جعلتها بداية النّهاية ، وإن كنت أفرغت فيها كلّ ما كان في قلبي من أحاسيس ، وقد وفّيت بوعدي ولم أكتب أيّة رسالة إلى غاية هذه السّاعة ، ومع ذلك فهذه الأمور قد تحدث للكثيرين إلاّ من رحم ربّك ، ولو أنّك عدت قليلا إلى الوراء لوجدت الكثير الكثير ممن مروا بهذه التجربة ، فخذي على سبيل المثال قيس وليلى ، وجميل وبثينة ، وليلى الأخيلية وتوبة الخفاجي ،وابن زيدون وولادة ، وغيرهم كثير ، فهؤلاء كل منهم كان يلتقي بصاحبه في غفلة من أعين النّاس ، وقد ذاعت أخبارهم وانتشرت في جميع الأقطار، وتناولتها الألسن وصنّفت فيها الكتب ، ومع ذلك ليس هناك من تجرّأ ونعتهم بالفسوق والفجور ، أو اتّهمهم بالزّنا ، وإن كان البعض يرى في ذلك خروجا عن المألوف >>.

فكّرت فدوى فيما سمعته من أمّها عن علاء الدّين وقالت : << إن كان فعلا هذا الرجل كما تقولين فما المانع من زيّارته إذن ؟ >> .
فدهشت وفاء مما سمعته من ابنتها ، ومن سرعة تحوّلها المفاجئ ، من نقمتها على علاء الدّين إلى احترامه ، ودعوتها لزيّارته فقالت : << ماذا تقولين يابنتي .. ؟ وماذا سيقول النّاس عنّا .. ؟ هل فكّرت فيما تقولين .. ؟ لا ، لا أستطيع أن أقوم بهذه الزّيارة ، وأسمح للنّاس بالنّيل منّا .. >> .
فقالت فدوى : << بل ستذهبين ، وسأكون برفقتك وليقل النّاس عنّا ما يريدون قوله ، رحم الله ذلك الشّاعر القائل

من راقب النّاس مات همّا ..... وفاز باللذتين الجسور

ولو أنّه صحيحا معافى ما طلبت منك ذلك ، ولكنّه في آخر أيّامه ، وعما قريب سيقضى أجله ويوارى رمسه >>
فقالت وفاء : << إذن سنذهب غدا إن شاء الله >> .

خرجت وفاء وابنتها في صبيحة اليوم الثّاني إلى الشّارع تحملان معهما بعض الهدايا ،حيث أوقفتا سيّارة أجرة ، ووعيّنت الأمّ للسّائق عنوان المكان المنشود .وانطلقت السيّارة تجوب الشّوارع ، فيما ساد وسط السيّارة جوّ مهيب إذ أخرست الألسن ، وأخذت الأعين تتفحّص الأرصفة وتعاين الأبنيّة . فها هو ذا السّائق يمسك بقبضتيه على المقود ويراقب الشّارع المزدحم بالسيّارات بحذر شديد ، وعيناه تتنقّلان بشكل آليّ فيما بين إشارات المرور الضّوئيّة ، وممرّات عبور الرّاجلين .
وهاهي وفاء ترقب الأبنيّة وتتفحّص الأرصفة والمحلاّت التّجاريّة ،وتعود بذاكرتها إلى أيّام الشّباب يوم كانت تجوب هذه المنطقة صحبة علاء الدين وقالت في نفسها : << آه منك يا زمن ، ما أشدّ قسوتك .. بالأمس القريب أدميت قلبي ، وأبكيت عيني ، وسحقت مهجتي ، وها أنت اليوم قد عدت تروم إزهاق روحي .. ربّاه لما أشقيتني من دون النّاس ..؟ لما لا أخرج من امتحان حتى أدخل غيره ؟ >> . قالت هذا ثمّ غاصت بذهنها الشّارد وسط زحمة الشّارع وغابت .

أما فدوى فكانت هي الأخرى مشغولة الفكر ، مسلوبة الإرادة ينتابها إحساس عجيب ، فلم يشدّ انتباهها مناظر العمارات العاليّة ، والفيلات الفخمة ، ولا عالم السيّارات الأنيقة ، ولا البضائع والسّلع المعروضة أمام الحوانيت والدّكاكين ، ولا الألبسة الفاخرة المعروضة في واجهات المحلاّت . وكأنّما خرجت اليوم لتتفحّص وجوه المارّة ، كمن يفتّش عن عزيز غاب عنه .
وما استفاقت الأمّ وابنتها ممّا هما فيه إلاّ على صوت السّائق وهو يقول : << ها نحن قد وصلنا >> .
فنزلتا من السيّارة ودفعت وفاء للسّائق أجرته وأجزلت له العطاء ، فشكرهما وودّعهما وواصل طريقه حتى وصل إلى نهاية الشّارع ، ثم انعطف يسارا بسيّارته وتوارى عن الأنظار .


تقدّمت وفاء وابنتها من الباب ، وهي تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى ، لما كانت تشعر به من هول هذا الموقف المحزن والرّهيب في آن واحد ، وقد أخذ منها التّأثّر مأخذا عظيما ، وراح قلبها ينبض بسرعة ، وأحسّت أنّ قدميها لا تقويان على حمل جسمها المنهار ، والذي راح يذوب ذوبان الشّمعة على الشّمعدان ،فوضعت يدها على الجدار محاولة الإرتكاز عليه ، فأحسّت ببرودة الجدار تدغدغ كفّها وتسري في كامل أوصالها ، لتنعش روحها وتخفّض من حرارة جسمها ، وودّت لولا الحياء أن تهجم على الجدار ممعنة فيه لثما وتقبيلا وكأنّه الحجر الأسود ، ولا عجب في ذلك فهي جدران منزل المحبوب ، وللمحبّين خرجات قد يراها غيرهم شركا وكفرا . وما أخرجها مما هي فيه إلاّ صوت ابنتها وهي تقول : << ما بك يا أماه بقيت واقفة هكذا ، هلا دققت الباب من فضلك ؟ >> .

بيد مضطربة وفكر مشتّت مدّت يدها صوب الباب ، ولكنّها تريّثت قليلا ، وكأنّها تحاول أن تجمع شتات نفسها المبعثرة ، ثمّ قالت وهي تنظر إلى الباب وكأنّها تخاطب إنسانا : << آه منك أيّها الباب الحديديّ ما أقساك ..ليتك تتذكّر ، فقد وقفت أمامك منذ أكثر من ثلاثة وعشرين سنة ، ومددت إليك بيدي بكلّ لطف ورفق آملة أن تنفتح لي على مصراعيك ، فتكون أوّل خطوة من خطواتي لدخول منزل المحبوب تبدأ انطلاقا من عتبتك ، ولكنّك قابلتني بالنّكران والجحود ،والنّفور والصّدود .. ليتك أيّتها الصّفيحة الحديديّة ذبت منذ أمد طويل ، ليتني ما وجدتك ..>> .قالت هذا ثمّ طرقت الباب وبقيت تنتظر .

فتح الباب وأطلّ منه سيف الدين بطلعته البهيّة ، ووجد نفسه يقف أمام فدوى وجها لوجه ، فتسمّر في مكانه ، وعقدت الدّهشة لسانه ، ونسي نفسه وأمّه ، كما نسي أمّ فدوى ووالده المريض ، والعالم أجمع من حوله وقال وقد تلعثم لسانه : << ف .. فد .. فدوى.. أحقا هذه أنت .. ؟ لازلت غير مصدّق لما أنظر وأرى .. ياألله أفي حلم أنا أم في يقظة ؟ >> .ومدّ يده وأمسك بمعصمها حتى يتحقّق من أنّه في يقظة وليس في حلم .

أما المسكينة فدوى فلا تسل عنها ، ولا عن قلبها المتيّم ، فقد تجمّدت في مكانها واهتزّت اهتزاز زهرة هبّت عليها نسائم الربيع وقت الأصيل ، وقد زادها تواجد أمّها معها حياء وحشمة ، فقالت وهي تحاول أن تخفي اضطرابها ،وقد ضغطت بيدها اليسرى على صدرها خشية أن تسمع أمها دقّات قلبها : << أهلا بك سيف الدين ، كيف أنت ؟ >> .

كلّ هذا كان يجري ووفاء صامتة ترقب الموقف بأعين متفحّصة وأذان صاغية ، وتلحظ تصرّفاتهما ، رغم محاولة ابنتها إخفاء مايجيش في نفسها ويختلج بين أضلعها ويلتهب من نيران الشّوق والمحبّة في فؤادها ، وحتى وإن أفلحت في إخفاء ما بداخلها ، فإنّها حتما ستفشل في أخفاء ما ارتسم على محيّاها ، من تورّد الوجنتين ، وبريق العينين ، وهيهات ،هيهات أن تعلّم القطّة والدتها الصيد والنّطّ . وأدركت أنّ ما يربط بينهما هو أكبر من أن يكون مجرّد صداقة ، فقد شعرت بهما يذوبان ذوبان الشّمعة على رخام المعبد . ولأول مرّة صحت وفاء من غفلتها ، وأزيحت تلك الغشاوة عن عينيها ، فها هي ذي ابنتها التي طالما نظرت إليها على أنّها لازالت طفلة في حقّ الرّعاية والحماية ،قد أصبحت امرأة تجاوز تفكيرها زمن الأرجوحة والدّمى . فتاة نمى جسمها ونضج عقلها واشتدّ عودها ، وصارت تربك بجمال منظرها ،وحسن منطقها العظماء وتخرس ألسنة الخطباء .

أرادت وفاء أن تشعرهما بوجودها ، فتنحنحت حتى تشدّ انتباههما إليها ثمّ قالت لسيف الدّين : << أرى يابنيّ أنّ خالتك ستمضي بقيّة يومها واقفة أمام باب منزلكم >> .
فما زاده قولها إلاّ ارتباكا وحياء لما قد صدر عنه حيالها من تجاهل ، وممّا أظهره أمامها من اندفاع اتجاه ابنتها وعلى مسمع منها ، وأراد أن يتدارك الأمر ، ولكنّه بدلا من أن يتوجّه بكلامه إلى الأم نظر إلى فدوى وهو لازال يمسك بمعصمها ، ويشير بيده الأخرى ناحية الباب وقال : << تفضّلي ياخالتي البيت بيتك >> .
فنفجرت فدوى ضاحكة ، بينما وضعت وفاء يدها على ثغرها محاولة إخفاء ابتسامة ، وتظاهرت بالنّظر إلى الجدار حتى لا تزيد من اضطرابه ، وإن كان الموقف لا يدعو إلى الضّحك ، ولكن كما يقال إنّ من الهمّ ما يضحك .




]l,u fdk [3,[4 ,[5

الموضوع الأصلي : دموع بين ج3وج4 وج5 || القسم : المخالفات || المصدر : منتديات بنات دوت كوم || كاتبة الموضوع : غلا الروح..~~@@


عدد زوار مواضيعى Website counter

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ج3وج4, دموع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 11:49 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Adsense Management by Losha
جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة بنات دوت كوم © 2014 - 1999 BANAAT.COM