المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ,-°لنــأخد العبرة ,-°


°-sweet-°
16-06-2008, 11:55 PM
مساء الخـــير بنات
حبيت اطرح موضوع اتمنى يعـ:033: ـجبكم
راح حط كل يوم قصة لنــأخد منها العبرة جميعا
بسم الله
-1-
سامحني يا أبي . .
كنت أشعر بحاستي . . أن هناك شيء ما سيحصل . .

كل ما يدور تلك الأيام كان يدل على ذلك . . أبي ترك المنزل . . وأمي تبكي طوال الوقت . .

وهمسات تدور هنا وهناك بين خالاتي . . واتصالات جدية بالهاتف . .

ولم يطل الوقت قبل أن أصدم تماماً بما لم أتوقعه أبداً . . طلاق أمي وأبي . .!

كانت الخلافات بينهما كثيرة جداً . . وقد تعودت على ذلك منذ طفولتي . . لكن لم أتصور يوماً أن يتم الانفصال بينهما . .


لا أستطيع أن أصف شعوري لحظتها.. حين أخبرتني خالتي بذلك.. رغم أني كنت في المرحلة الثانوية.. إلا أني شعرت بأني عدت طفلة صغيرة.. لا تعرف كيف تتصرف ولا كيف تنحكم في مشاعرها..

أغرقتني نوبة طويلة من البكاء.. لم أعرف كيف أوقفها.. وبقيت أبكي طوال ليلتين متواصلتين..

لم أكن قادرة على تصور فكرة أن ينفصل أبي وأمي عن بعضهما.. أن يتركنا أبي.. ويعيش بعيداً عنا..

لم أكن قادرة على تخيل مكانه الخالي على سفرة الإفطار كل صباح قبل ذهابنا لمدارسنا.. ولا قادرة على تصور المجلس خالياً منه حين يجلس كل مساء يحتسي ق***ه ويقلبَّ أوراق صحيفته..

كنت لا أعرف لمن أشعر بالرثاء..

لأمي المسكينة التي صبرت كثيراً.. وضحّت.. وتحمَّلت منه الكثير.. ثم تفاجأ الآن بأنه قد تركها وحيدة..

أم أشعر بالرثاء لأبي المسكين.. الذي لا أعرف أين سيذهب الآن.. من سيعتني به.. ومن سيصحبه..
لقد تحمَّل أيضاً هو الآخر من أجلنا..

لكن شيئاً ما كان يجعلهما غير قادرين على العيش معاً.. كانا مختلفين تماماً.. في كل شيء.. وكانت حياتهما معاً كمزيج من الزيت والماء.. مهما امتزجا.. فإنهما لا يختلطان معاً.. أبداً..

كنت أشعر أني ضائعة ومشتتة بينهما..

لكن الطلاق.. لم أكن أفكر به أبداً أبداً..

* *

وفيما بعد.. بعد أن انفصلا تماماً.. عشنا فترة طويلة ونحن نشعر بفجوة كبيرة في حياتنا..

كنت أشعر بحزن كبير تجاه أمي.. وتعاطف تجاه أبي..

لكني أيضاً.. كنت أكن لوماً وعتباً كبيراً على أبي.. فقد انقطع عنا تماماً.. ولم يحادثنا أو يسأل عنا لمدة شهرين كاملين..

ولكن بعد فترة.. بدأنا نتأقلم شيئاً فشيئاً مع الوضع.. انشغلت أمي في دوامها.. وانشغلنا نحن بدراستنا وهواياتنا..

ورغم أن الجرح كان لا يزال في قلبي.. لكني بدأت أعتاد على لفجوة التي خلَّفها غياب أبي عن البيت..

وذات مرة اتصل علينا أبي.. وحادثني..

فلم أستطع أن أتحدث.. كنت مشتاقة له جداً.. وأحبه كثيراً.. لكن.. كنت أيضاً عاتبة عليه.. إذ تركنا هكذا ونسينا ولم يسأل عنا منذ عدة أشهر.. شعرت بشيء يخنقني، فلم أستطع أن أنطق حرفاً واحداً.. وأخذت أبكي وأبكي حتى سقطت السماعة من يدي..

ولم أتذكر من نبرات صوته الدافئ سوى (ربا.. كيف حالك؟.. لقد اشتقت لكم)

لم أكن أعرف من ألوم على من ألقي ذنب هذا الطلاق.. ولم أجد سوى ربي لألجأ إليه بالدعاء أن يكتب لنا كل ما فيه خيرنا..

* *

وفي المدرسة كنت أعاني من الداخل.. لم أكن قادرة على التركيز ولا المشاركة في الفصل.. لكن أي معلمة لم تقدّر ظروفي.. لأني لم أجرؤ على مصارحتهن بما حصل.. ولم يسألنني بدورهن عن أية مشاكل قد أواجهها..

ولم أعد أحب أن أجلس مع زميلاتي كثيراً.. بل أصبحت أؤثر الوحدة أو الجلوس بصمت بينهن..

كنت أشعر أن في داخلي.. تفكيراً أسود.. يجعلني أحقد أو أغار من كل زميلاتي حين يتحدثن عن آبائهن، وعن نزهاتهن الأسرية. حين تقول إحداهن: (ذهبت مع أبي بالأمس إلى..) كنت أشعر بمس كهربائي يلسعني بقوة في صدري..

وكنت أقول لنفسي كثيراً.. ما هذا يا ربي.. هل أصبحت شريرة لهذه الدرجة؟ أيعقل أن تحقدي عليهن فقط لأن لديهن آباء؟

وكنت أستغفر الله في سري دائماً.. لكن ذلك الشعور كان أقوى مني.. وكنت أشعر دون إرادتي أني أتمنى لو كنت مكان أي واحدة منهن.. أو.. أحياناً.. كنت.. كنت أتمنى لو يتطلّق آباؤهم وأمهاتهم كما حصل لي.. كنت أتمنى أن يذوقوا ما ذقته.. وأن يعيشوا مأساتي..

* *

بعد مدة.. اتصل أبي مرة أخرى.. وحاول محادثتي.. لكني رفضت.. كنت أتمنى في سري أن أحادثه وأعرف أخباره.. كنت أحبه كثيراً.. لكن.. كنت عاتبة عليه جداً.. لأنه تركنا هكذا.. بكل سهولة ورحل..

وحاول أبي عدة مرات زيارتي أو محادثتي.. لكني وبلا إرادة مني.. كنت أرفض بشدة..

وازداد تعنتي أكثر وأكثر حين علمت أنه سيتزوج..

شعرت بأنها الطعنة الأخرى التي يوجهها أبي لنا.. شعرت بأنه يفعل أمراً خطأ.. أمراً معيباً له..

كيف يتركنا ويتجاهلنا.. والآن ويذهب لامرأة أخرى؟

كان تفكيري متجمداً تماماً وغير قابل للتغيير

بدأت أشعر أن أبي هو سبب ما نعيشه من تشتت.. فصببت جام غضبي عليه..

لكن ذات مرة وبعد زواجه أصر على رؤيتنا وأخذنا معه في زيارة لرؤية زوجته الجديدة.. وحين رفضت هددنا بأخذنا من والدتنا خاصة وأننا بنات..

وانصعت لأمره.. وكان لقاء جامداً..

تجاهلته فيه تماماً.. رغم أنه كان محملاً بالهدايا لنا.. وكان المسكين مشتاقاً جداً لنا..

كنت أشعر أني حانقة عليه بشدة..

شيء لا يمكن وصفه.. أحبه.. ومشتاقة إليه.. لكن عاتبة وغاضبة إلى أبعد حدٍ عليه.. لدرجة أني لا أريد حتى رؤيته أو الجلوس بقربه..

كنت أشعر أنه لي.. أبي.. أبي لنا..

فلماذا يتركنا ويرحل.. نحو امرأة أخرى..

وحين رأيتها ومدت يدها للسلام عليّ.. أدرت وجهي عنها ومددت يدي ببرود.. وملامح وجهي تزدريها بشدة..

حاولت أن تتحدث معنا بطيبة، وأن تستدرجنا في الحديث.. لكني كنت أصوب نظراتي الحادة تجاه أخواتي الصغار حتى لا يتحدثن معها.. وكنت قد هددتهن قبل قدمونا حتى لا يتجاوبن معها ولا مع أبي..

شعر أبي بخيبة أمل.. وأعادنا بهدوء بالسيارة دون أن نتبادل حتى كلمة واحدة..

وحين وصلت إلى المنزل.. أسرعت نحو غرفتي..
وأخذت أبكي بحرقة.. كنت أعلم أني أحبه ولا أود أن أعامله هكذا.. ولكن لا أستطيع..

لم أعرف لماذا كنت أبكي بالضبط.. لكني شعرت بحرقة في صدري.. وددت لو أصرخ بشدة حينها..

تمنيت لو أفتح عيني فأجد نفسي قد استيقظت من حلمٍ مرعب.. ويعود أبي إلينا.. هنا.. كما كان من قبل.. أبي الذي نحبه ويحبنا.. ولا يحب أحداً غيرنا..

لكن.. هيهات..

* *

وذات مرة.. سمعته.. كان شريطاً رائعاً.. عن بر الوالدين.. كنت عائدة من المدرسة.. وسمعته في سيارة خالي.. شعرت بأنه هزني من الأعماق وأيقظني.. وفجأة أحسست بأني حقيرة.. وصغيرة جداً.. وأتفه من أي مخلوق على الأرض.. أيعقل ما قمت به؟

فقط لأن الله لم يكتب لوالديَّ أن يعيشا معاً.. أقرر مقاطعة أبي ونسيان كل أفضاله عليّ؟.. هل لمجرد كونه انسحب بهدوء من حياتنا فإنني أشن عليه حرباً شعواء..؟ إنه لم يسيء إلينا بأي شكل.. لم يقصر في حقوقنا.. ولا تربيتنا ولم يبخل علينا يوماً بأي شيء نحتاجه – حتى بعد أن تركنا.. بل إنه يحاول أن يرانا وأن يأخذنا لزيارته.. بينما أنا أرفض؟!! هل هذا عدل؟..

كم أنا غبية ومتعجرفة.. إنه السبب بعد الله في ظهوري لهذه الحياة.. وهو من سهر وقلق على راحتي حين مرضت وهو من حرص على تدريسي ورعايتي في الصغر.. وبعد كل هذه الأفضال.. أعاقبه لمجرد كونه اضطر لأسباب قاهرة أن ينفصل عن أمي؟!

بدأت أعيد حساباتي وأفكر من جديد..

وشعرت بحنين كبير لوالدي.. وخفت أن يقبض الله روحي قبل أن أرضيه عني.. نعم لابد أنه لا يزال متضايقاً لما واجهته به من جفاء..

وما أن وصلت إلى المنزل.. حتى أسرعت ورفعت سماعة الهاتف واتصلت عليه..
- أبي.. أبي.. أنا آسفة.. أرجوك سامحني..

- ربا.. ماذا هناك.. ما بال صوتك هكذا.. هل حصل شيء؟

- أبي.. أنا أحبك.. أقسم بالله أني أحبك.. لكن.. لا أعرف لماذا..

وانقطع صوتي لأني لم أعد أعرف ماذا أقول وشهقات البكاء تخنقني.. فصمت قليلاً ثم قال..
وأنا أيضاً أحبك يا ابنتي.. وأعرف تماماً لماذا كنت تتصرفين هكذا.. أعرف أن الأمر شديدٌ عليكن.. ولكن هذا قدر الله.. ماذا أفعل.. أنا أحبكن يا ابنتي وسأظل أحبكن.. ثقي بذلك..

- هل أنت راض عني إذاً..

- نعم بارك الله فيك..

بعد ذلك.. تغيَّرت أشياء كثيرة في داخلي.. ولم أعد أشعر بذلك الحزن وتأنيب الضمير الذي كان يخنقني.. أصبحت حياتي أكثر إشراقاً وراحة.. أصبحت أحرص على بَّر أبي وصلة رحمه وأحاول إرضاءه عني بكل الوسائل..

* *

قبل شهر أنجبت زوجة أبي طفلاً.. شعرت لوهلة بشيء من الغيرة لأنها أنجبت ولداً بينما نحن كلنا بنات.. لكن أبي قال لنا بالحرف الواحد وأمام زوجته..
- ثقي يا ربا.. أن أحمد لن يكون أغلى من أي واحدة منكن.. ووالله أني لن أفضله بأي شيء عليكن، فكلكم أبنائي ولا فرق بينكم..

فشعرت بارتياح جميل.. وكانت زوجة أبي طيبة جزاها الله خيراً حين سمحت لي بأن أضعه في حضني وأحمله بكل ثقة..

لأبدأ مرحلة جديدة من حياتي وصفحة بيضاء صافية.. لا مكان فيها للحقد والكره إن شاء الله

موعدنا غدا ان شاء الله مع قصة جديدة^^

°-sweet-°
17-06-2008, 12:40 PM
صباح الخـــــير بنات
وعدتكم انيــــ راح احطلكن كل يوم قصة
مع انو ما في ردود للاسف
-2-

كلا . . أنا أشعر !

- ثلوى . .! ثلوى . . هيييه . . .

هكذا تستقبلني مرام كل يوم حين أقدم من المدرسة . . ثم ترتمي عليَّ لتحضنني .

لم أكن أهتم بها بصراحة . . ولم أكن أرحب بهذا الاستقبال الحار الذي تستقبلني به كل يوم وأنا منهكة بعد عودتي . .

وذات مرة حين انقضَّت على حقيبتي لتبحث فيها عن أي حلوى . . أوقعت كتبي على الأرض . . فصرخت في وجهها بشدة . . وضربتها دون أن أفكر . .

http://www.saaid.net/gesah/img/672cd801fd.jpg

كنت غاضبة جداً بعد أن رفضت مدرسة علم الاجتماع إعادة الاختبار لي وتجادلت معها بحدة .. ولم يكن ينقصني بعد يوم دراسي منهك أن أنحني لجمع كتبي المتناثرة من الأرض.

تجمدت مرام.. ونظرت إليَّ بجمود حين ضربتها .. دون أن تتنفس بكلمة أو حتى تتألم..

فأسرعت والدتي تؤنبني بشدة .. حرام عليك يا سلوى!..
تضربين هالمسكينة ؟!

- أفف.. لقد مللنا هذه الأسطوانة .. مسكينة .. مسكينة .. وما ذنبنا نحن ؟ ولماذا تخافين على مشاعرها لهذه الدرجة ؟ انظري إليها.. إنها لا تشعر أصلاً..!!

كنت أعلم أن كلمتي هذه ستجرح أمي التي لا زالت تعتقد أن مرام طفلة شبه طبيعية .. وترفض الاعتراف بأنها متخلفة بالمعنى المعروف..

صمتت أمي تماماً وهي لا تزال تحتضنها ... بينما أسرعت أواري بصري عن المنظر بالهروب إلى غرفتي ..

لا أعرف ما الذي جرى لي .. كيف ضربتها هكذا وقلت لأمي ما قلت ..

لكن .. أنا معذورة .. نعم

فقد مللت .. مللت اهتمام أمي الزائد والمبالغ فيه بها .. إنها تدللها وتحنو عليها أكثر من أي فرد منا

استغفر الله العظيم .. ليت الله يأخذ أمانته فيها لنرتاح نفسياً واجتماعياً..

أمي لا تنفك عن التفكير طوال الوقت في مصيرها .. ودائماً تردد أمامي وصيتها لي في الاهتمام بمرام والعناية بها، بعد وفاتها ... إن هذا الشعور يجلب لي المرض .. لقد مللت من هذا الحزن الذي تصر أمي على إغراقنا فيه بسببها .. لقد حرمت نفسها من الذهاب للكثير من المناسبات الاجتماعية والنزهات والسفر من أجل مرام ..

حتى زواج ابن خالتي لم تذهب إليه لأني رفضت أن تذهب إليه مرام معنا .. هذا ما كان ينقصنا .. أن نأخذها لتبدأ في الضحك والسلام على كل الحاضرين بفرح وبلادة ثم تبدأ حركاتها المضحكة .. أمي أثارها رفضي هذا .. وقررت ألا تذهب في حال لم تذهب مرام .. كان بإمكانها أن تتركها مع الخادمة ولو تلك الليلة فقط .. لكن أمي.. تصرّ على تعقيد الأمور وبث الحزن والتعاسة في كل موضوع له علاقة بمرام ..

يا الله .. متى تقتنع أمي أن مرام المسكينة لا تفهم ولا تشعر بشيء.. إنها لم تكن لتشعر بحزن أو سعادة سواء أذهبت لذلك الحفل أو غيره أم لم تذهب..

يطرق معاذ باب غرفتي ليوقظني من النوم ..
- هيا استيقظي .. لقد أذن المغرب..

أقوم ببطء .. أشعر أني منهكة ومتضايقة جداً.. أتوضأ وأصلي.. ثم أبدأ في حل واجباتي.. أفتح دفتر الكشكول الخاص بالهوامش.. فألمح على آخر صفحة منه رسمة .. يبدو أنها إحدى (شخاميط) مرام .. أنظر إليها بهدوء .. إنها رسمة بيت حوله أشجار .. أدقق فيها .. لم أكن أتصور أنها تستطيع رسم صورة كهذه .. لابد أن معاذ علمها ..

ألقي الدفتر جانباً وأبدأ في حل واجباتي الكثيرة .. وفجأة .. أطلت مرام برأسها الكبير من طرف الباب..

ضحكت.. ماذا لديك؟.. ادخلي.. ماذا تريدين ؟..

دخلت بهدوء ونظرت إليَّ ثم جلست على الأرض .. يبدو أن منظر الدفاتر والأقلام قد أغراها كثيراً.. هجمت على أقلامي وأمسكتها .. ثم أمسكت أحد الدفاتر وهي تنظر إليَّ بخوف .. أرثم؟!..

- كلا... كلا .. إعطيني إياه .. هذا للمدرسة ..

استسلمت وتركت الأقلام من يدها .. ثم قامت نحو مكانها المفضل .. تسريحتي..
صعدت على الكرسي .. وأخذت تطلُّ على وجهها في المرآة .. ثم التفتت برجاء وهي تمسك أحد أقلام الشفاه ..
- ثلوى.. ممكن؟

لا أعرف لماذا تعاطفت معها هذه المرة .. إنها مؤدبة جداً اليوم ..
- حسناً.. استخدمي هذا فقط ..

ارتسمت ابتسامة كبيرة على وجهها وأسرعت تضع اللون على شفاهها بفرح ..

عدت لإكمال واجباتي .. وانهمكت فيها .. حين لاحظت بعد قليل هدوءها .. التفتّ إليها ..
فوجدتها تتأمل نفسها بعمق في المرآة ..
أخذت أراقبها .. كان تنظر بهدوء .. مرة تبتسم ومرة تقطب جبينها ومرة ترفع رأسها .. وفجأة تحدثت وهي تنظر لنفسها بصوت يائس أسمعه منها لأول مرة ..
- أنا (مو حلوة) ..!
صدمتني العبارة كثيراً.. وأخذت أنظر إليها بعمق .. شعرت بعطف كبير عليها .. لقد بدأت تعرف أن شكلها يختلف عن الآخرين ..

عادت بي الذاكرة إلى عشر سنوات خلت .. حين كنا مترقبين لخبر ولادة أمي في المستشفى .. إنها بنت.. يا سلام .. أخيراً أصبح عندي أخت .. الحمد لله ..

أتت مرام بعد أربع أخوة ذكور .. ففرحت بها جداً.. حتى .. وصلنا الخبر ...
إنها غير طبيعية .. كيف ؟. تضخم في القلب .. و.. ماذا؟! إنها منغولية .. كنت لا أزال صغيرة ولم أفهم فتساءلت ... ماذا يعني منغولية ؟..

يعني يا سلوى .. إنها مختلفة قليلاً.. سيكون من الصعب عليها اللعب كثيراً.. أو الكلام بسهولة .. كما أن تفكيرها .. سيكون أقل من أقرانها ..؟

سكتت وأنا أنظر للدموع التي تلمع في عيني أبي ..

وحين رأيت مرام لأول مرة .. عرفت كيف أنها مختلفة .. كانت بيضاء وجميلة مثل كل الصغار .. لكنها كانت مختلفة .. لم تكن تشبهنا. وشيئاً فشيئاً حين كبرت بدأت ملامح التخلف تظهر واضحة عليها ..

يقول الدكتور أن الأشخاص المنغوليين لا يعيشون طويلاً.. إنهم يموتون في سن مبكرة .. غالباً في العشرينات .. أو الثلاثينات من أعمارهم..

لكن مرام كانت منذ صغرها تعبَّر عن حلمها بأن تصبح عروسة .. مسكينة .. إنها لا تعلم ..

كنت دائماً قاسية معها .. كنت أشعر بأنها عبء كبير علينا .. كما أنها تشعر .. سواء أصرخت عليها أم شتمتها .. فإنها لا تشعر ولا تتأثر أبداً.. بل إنها لم تبك يوماً في حياتها ..

لكن الآن .. إنها تقيَّم نفسها .. بدأت تشعر أنها غير طبيعية .. وأن ملامحها مختلفة ..

أنا (مو حلوة) أنا (مو حلوة) .. أخذت تتردد في ذهني طويلاً.. وشعرت بعطف كبير عليها.. حين اقتربت مني بهدوء وهي تشير بإصبعها السبابة إلى وجهي حتى كادت تلامسه ..
- ثلوى .. حلللوة..!

لأول مرة شعرت بأنها بحاجة لمن يضمها .. فاحتضنتها بعطف كبير .. فإذا بها تتمتم في صوت هامس ورأسها على رقبتي وكأنها تحادث نفسها .. وتعيد حواراً قديماً سمعته من قبل..
- ملام.. مو .. حلوة .. لا .. لا!! ملام مو حلوة .. ما تجي عند الحليم .. ( مرام غير جميلة .. لا .. يجب ألا تدخل عند الحريم ).

توقفت قليلاً.. وأخذت أفكر في كلامها .. إنها .. إنها تكرر كلامي.. نعم إنه كلامي لأمي قبل شهر حين أتانا بعض الضيوف .. نعم .. كنت غاضبة ورفضت أن تسمح لها أمي بالدخول إلى المجلس .. أذكر أني قلت بالحرف الواحد أمامها.. (كلا يا أمي .. لا .. لا تحرجينا أمامهم بصراحة مرام شكلها (يفشل) .. لا تتركيها تدخل على الحريم أرجوك .. ولم أهتم يومها بأن مرام المسكينة كانت واقفة أمامي .. كنت أعتقد أنها لا تفهم ولا تشعر..
لكنها .. حفظت ذلك الكلام .. لا زال في قلبها .. إنها تردده .. اليوم ..

مسكينة يا أختي الحبيبة. كل ذلك كان في قلبك الصغير المريض .. وأنا لا أعرف..

احتضنتها طويلاً.. وأنا ألمس شعرها .. وهي لا تزال تردد الحوار الهامس في هدوء .. ثم تضيف محادثة نفسها.. (ملام .. وع.. ولا تفهم!..)

وشعرت بدموع ساخنة تنساب على وجنتي وأنا احتضنها بقوة .. يا حبيبتي يا مرام .. كل هذا .. وأنا لا أعلم .. تشعرين بكل هذا وأنا لا أشعر .. يا لي من إنسانة قاسية وشريرة .. كيف عاملتك هكذا.. أستغفر الله.. كيف تمنيت لك الموت ظهر هذا اليوم. يا حبيبتي الغالية ..

أعلم أنك لن تعيشي طويلاً.. وإن عشت.. عشت محرومة من الكثير مما يستمتع به بقية الأطفال.. ومع هذا أتمنى لك الموت ؟!.. كم كنت سخيفة حين كنت أخجل منك وأشعر بالحرج من الاعتراف بوجودك للآخرين .. أنت والله يا مرام .. أفضل وأطيب وأنبل من آلاف الأسوياء الذين تجمدت قلوبهم .. تحملت كل تلك القسوة والجفاء مني في قلبك وتغاضيت عنه .. أنت الأجمل يا مرام .. نعم .. أنت أجمل من الكثيرات بقلبك الطاهر البريء ..

- لا .. مرام حلوة .. حلووووة..

نظرت إليَّ بتعجب واستغراب .. ملام حلوة ؟!

- نعم مرام أجمل فتاة في الدنيا ..!

استغربت وهي تنظر إلى عيني .. ولمعت عيناها بفرح غامر لم أرَ مثله على وجهها .. ثم ضحكت ضحكتها الطفولية التي أراها لأول مرة بهذا الجمال وهذه البراءة والنقاء ..

همس السَحر
17-06-2008, 01:23 PM
قصص رائعة..
عشتُ معها..

شدتني كثيراً..




لكن !
تمنيتُ لو أشرتِ لاسمِ الكاتبة :

[ نوف الحزامي ]

,

بوركتِ غاليتي..

وسـأنتظر باقي القصص...

همس السَحر
17-06-2008, 01:27 PM
تكرر الرد :@

°-sweet-°
17-06-2008, 02:26 PM
يسلمو غلاتيــ
العـــــــــ عالــــرد والمرورــــطرين

°-sweet-°
17-06-2008, 02:27 PM
يسلمو غلاتيــ
العـــــــــ عالــــرد والمرورــــطرين

°-sweet-°
08-08-2008, 04:43 PM
السر ... قصة واقعية لامرأة مغربية أدمعت أعيننا

بقلم د. أكثم محمد الطائي

http://saaid.net/gesah/img/mhz11.jpg




السلام عليكم.. يا حاج أنت زوجها أم محرمها؟
- أنا زوجها

- أنا الطبيب الجراح عبد الرحمن
- أهلا وسهلا

- لقد استدعاني الشباب من غرفة العمليات، وتشخيص الأطباء صحيح وزوجتك بحاجة إلى عملية جراحية لبتر التالف من أصابعها وقدمها..
وكما قال الأطباء إن لم تجر العملية فقد يمتد موت الأطراف إلى مناطق أخرى في الجسم ويقتلها لا سمح الله وهي لازالت في منتصف العمر.. أي في الأربعينات.. لم لا توقع هداك الله؟
والله يا دكتور.. لقد أخبرنا الأطباء في المغرب بهذا.. فرفضت هي التوقيع هناك.. وجئنا للعمرة طالبين من الله الشفاء، وهذا ثاني يوم لنا في مكة عمرها الله، وقد أقسمت لها يمينا ألا أوقع على بتر أي طرف من أطرافها لسر تقوله لي فيما بعد.

- يا أخي التحلل من اليمين سهل.. خاصة والشرع يقول الضرورات تبيح المحظورات، وكفارة اليمين ممكنة وأنت في ضرورة طبية ملحة.
- لا أستطيع يا دكتور.. لقد أقسمت لها أشد الإيمان.. وقد أقسمت أن يميني هذا لا يمكن أن أكفره.

- يا أخي العزيز.. أيها الحاج الفاضل.. الحرم مليء والحمد لله بالعلماء.. نستطيع إرسالك بسيارة الإسعاف.. سلهم وخذ فتواهم وسطر قرارك.
- لا يمكني يا أخي

حاول بعض الشباب التدخل.. منعتهم.. لقد مرت بي حالات حجاج ومعتمرين.. أملهم الموت في مكة المكرمة وأن يدفنوا فيها.. فهم يرفضون العلاج أملا في الموت في الحرمين الشريفين وأن يدفنوا على أرض الحرمين وهو تصرف خاطئ ، لابد لعلماء الشرع من التنبيه عليه.

- كما تريد يا حاج ولكنك مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى لو حصل أي شيء لزوجتك.. ونرجو أن تعلم ما هي المسؤولية.. الأمر أمر حياة أو موت وسنعطيك ورقة توقع عليها نتكلم فيها عن تشخيص حالة زوجتك وأننا شرحنا لك الأمر وأنك رافض إجراء أي عملية جراحية وأنك تتحمل كامل المسؤولية عن هذا القرار وتخلى طرف المستشفى والأطباء.
- لا مانع عندي

وقع الورقة.. وعدت إلى غرفة العمليات لإنهاء العملية.. ورأيت الشباب قد قاموا بالواجب فشكرتهم وأنهينا العملية التي بين أيدينا والحمد لله بنجاح. وكنت شارد الفكر.. أفكر بهذه الحاجة التي رفضت إجراء العملية.. لقد مرت علينا حالات في أمريكا أثناء التدريب والدراسة لأشخاص يرفضون إجراء عمليات جراحية لأسباب دينية، فنقل الدم عمل محرم عند المسيحيين العلميين وهي فرقة مسيحية أمريكية لا عهد لي بغير هؤلاء من يحرم إجراء عمليات جراحية
وبالعكس فإن ديننا الإسلامي الحنيف يحث على العلاج ألم يشر المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه لا يوجد داء إلا وله داء أو كما قال.
ترى ما سبب إحجام هذه المرأة؟....... هل سأستطيع أنا وزملائي إقناعها بإجراء هذه الجراحة؟ أهو خوف المرأة من قطع قدمها وجعلها عاجزة.. عن السير في تؤثر الموت على أن تقطع أصابعها وقدمها.
كنت أفكر بكل هذا وأنا أسير نحو سرير المرأة.. مشكلتنا حاليا تخفيض مستوى السكر في الدم.. ومشكلتنا في عالمنا العربي أن المريض لا يعرف الحمية، ولا يستعمل الرياضة.. إنا لله و" إنا إليه راجعون".

مررت على المرأة لا زالت في إغماء.. حالة الأصابع والقدم كما هي .. الأنسولين يعطي لها بين فترة وأخرى.. والمغذي موصل بزندها الأيمن.

خرجت من المستشفى ليلا بعد يوم حافل من العمل.. ولكن موضوع المريضة المغربية جعلني شارد الذهن.. ترى ما سبب امتناعها وزوجها عن إجراء العملية وسبحان الله كثير من الناس يعتقد بأن الطبيب قد تعود على مواجهة الموت والمرض.. فهو يتعامل مع الموت يوميا ويعتقد الناس أن الطبيب لا يتأثر.. وهذا غير صحيح فهناك أشخاص، لا زالت صورهم في ذهننا رغم موتهم منذ عشرين سنة أو أكثر، بل نذكر عن البعض كل التفاصيل الدقيقة.. ويؤثر علينا البعض فتكون حياتنا جحيما.. خاصة على زوجاتنا الصابرات.. اللاتي لا يشاهدن إلا هجوم الصحف على بعضنا لأخطاء بسيطة.. ولتصرفات خاطئة من البعض.. ونحن بشر.. يخطئ البعض منا.. ما هذا الشعور الغريب يا عبد الرحمن.. دع الصحافة تتكلم ما تشاء.. ألم تعش يا عبد الرحمن في بلاد الحرية الصحفية؟!!
النقد بناء.. النقد صحة.. تصليت الضوء على الظلام يبدده.. ونحن بحاجة إلى تسليط الضوء على ظلام الفساد والرشوة والمحسوبية والوساطة.. لابد من تخفيف منابع الفساد الآسنة في مجتمعاتنا وتطهيرها وتعقيمها.. أتتكلم عن النقد؟ مرحبا بالنقد.... مرحبا بالصحافة حتى لو أخطأت.. ثم أتعمل يا عبد الرحمن للراتب أو المال؟.... لا والله .. كل هذا الساعات.. إنك تخدم أمتك... ما أجمل الدعاء الذي تسمعه من فم مريض بعد تخلصه من الألم.. وعند سيره على قدميه.. وعند تركه المستشفى.
إن لله عبادا خصهم لخدمة الناس.. جعلنا الله منهم.

عدت صباحا.. وكان أول ما قمت به مروري على المعتمرة المغربية.. حتى قبل مروري على من أجريت لهم عمليات بالأمس.. كانت الساعة السابعة صباحا.. لا زالت في إغماء تام.. السكر والحمد لله قد نقص عندها ولكنه لا زالت مرتفعا.. القدم كما هي.

مر أسبوع والمريضة كما هي .. في حالة إغماء.. بيد أن السكر بدأ في الانخفاض الحمد لله..
وكنت أزورها مرتين في اليوم.. صباحاً ومساء.. كانت صحتها تتحسن ببطء شديد.

كنت أمر على مريض أجريت له عملية كبرى.. وإذا بالممرضة تجري..
- دكتور عبد الرحمن.. دكتور عبد الرحمن
- نعم .. نعم..
- لقد عادت إلى الوعي الحاجة أنعام
وبدون أن أناقش أو أتكلم.. أنهيت معاينتي للمريض.. وسرت خلف الممرضة.. بخطى سريعة نحو سرير الحاجة المغربية أنعام.
- السلام عليكم يا حاجة
- وعليكم السلام
قالتها بصوت ضعيف

- كيف الحال.. نرجو الله أن تكوني بكل خير
-- لا بأس
قالتها بلهجة مغربية.. أخفت منها الهمة. كان السكر منخفضا إلى درجة مقاربة للطبيعي.. ورأيت تحسنا قليلا في أصابع القدم والقدم.

- يا حاجة كيف حال رجلك؟
- الحمد لله
ولم أستطع أن أجلس معها.. وأحاول كشف السر.. فقد كانت ضعيفة جدا.. طلبت من الممرضة أن تبدأ في مساعدتها في المشي. فقد مر عليها أسبوعان لم تتحرك من السرير إلا بواسطة الممرضات.. بحيث يحركانها تحركا بسيطا.. وتدلك مسؤولة العلاج الطبيعي جسدها.. وعدت إلى مرضاي الآخرين.

وفي وقت لم تكن عندي أي عملية.. ولا معاينة مريض.. سرت بمفردي.. حتى وصلت سرير الحاجة أنعام.. كانت تجلس بدون مغذ في ساعدها.. تأكل علبة لبن قليل الدسم.. ووجها يجلس بجانبها وقد لفت الستائر سريرها فأعطتها نوعا من الخصوصية.
سلمت فابتسما. أخذت الأوراق المعلقة على السرير لرؤية آخر تحليل سكر لها.. ضربات القلب ضغط الدم وفحصت القدم لقد خف اللون قليلا.. مما يدل على تحسن في الوضع.
- يا حاجة أنعام. كيف حالك
- بأسعد حال يا دكتور.. كل صلاة بمائة ألف صلاة هل هذا المستشفى في الحرم؟
- نعم يا حاجة أنعام.. أنت في منطقة الحرم
- الحمد لله
- يا حاجة أنعام في سؤال أريد أن تجيبيني عليه. ما موضوع رفضك العملية؟
- يا دكتور لن تؤمن أو تصدق بما أقول
- كيف تحكمين على شيء مقدما؟!! .. قصي قصتك ولنر هل أصدقها أم لا.

- كنت في المغرب.. وبدأت رجلي يتغير لونها.. وقال الأطباء لابد من قطعها.. وكنت مقررة دخول المستشفى لإجراء عملية البتر.. ولكنني نمت.. فرأيت فيما يرى النائم ملكا سلم عليَّ وقال: تقبل الله صيامك هذا اليوم وصلاة تهجدك ودمعاتك بعد الدعاء.. جاء الشفاء من الله. جاء الشفاء من الله .. اذهبي إلى بيت الله الحرام.. ولا بتر بل شفاء.. لا بتر بل شفاء فسألت الملك..
- أ وهم أنت أم حلم
- أنا ملك من ملائكة الله الصالحين إن شاء الله.. جئتك مبشراً..
أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول لله.
- صحوت .. فسألت مشايخ مراكش عن هذا الحلم.. فأجمع الجميع على أنه حلم حقيقي .. وإن الشفاء قادم بإذن الله تعالى..
- وعندها صدقت الشيوخ.. وسافرت لأرض الحرمين الشريفين.. ابتدأت بزيارة المسجد النبوي الشريف ثم جئت مكة عمرها الله.. وحصل ما حصل.. ما رأيك يا دكتور؟
- أما الرؤيا.. فلست من مفسري الأحلام.. ولابد من سؤال شيوخنا هنا عنها.. أما عن الشفاء فهو بإذن الله وأمر الله.. والله المشافي المعافي.

ومرت شهور ثلاثة.. وإذا بالحاجة أنعام تسير على قدميها ويختفي اللون الأزرق.. وتنتهي الجنجرينا.. كانت تغسل رجلها يوميا بماء زمزم على نية الشفاء.. وكانت مؤمنة بالشفاء وشفاها الله.

ملاحظة: قد رويت هذه القصة لمجموعة أطباء.. فأخبروني بأن حالات مشابهة قد حصلت في أفغانستان أثناء الجهاد الأفغاني، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو، والشيشان.. وسبحان المعافي المشافي.

Vanilla Sky
09-08-2008, 03:49 AM
كتير روعة \\، (file://\\،)
ننتظر البآقي

..

°-sweet-°
09-08-2008, 03:50 PM
نورتي الموضوع

°-sweet-°
09-08-2008, 04:00 PM
حجابي .. أنقدني من الموت



حدثت هذه القصة معي قبل ثلاث سنوات
كنت أستعد للسفر إلى الأراضي المقدسة برفقة والدي الحبيب، فلقد قضينا الإجازة الصيفية في العام الماضي في تلك الرحاب وما أروعها من إجازة ، يكاد قلبي يطير طربا ونفسي تذوب توقا ومشاعري ترفف حبا إلى اللقاء … عشق أبدي تجسد وحب أزليا توطد ربط جسور المحبة وأوتار الوداد وأكاليل الوفاء بين قلبي الصغير وبيت الله الذي سكن أعماق روحي من أول نظرة وأول لقاء فشهد توقيع عهدًا على الحب ووعدًا للوفاء سُطرت حروفه بدموعي وكلماته بأنفاسي وأسطره بتضرعي إلى الكريم بالعودة واللقاء … فهاهي لحظة اللقاء تقترب ولم يبقى إلا أيام معدودة…
بعد أن حجزنا التذاكر وأعددنا متطلبات السفر أقترح والدي أن نقوم بزيارة بيتنا في الجبل في بلدة صغيرة أسمها ككلة تبعد عن محل إقامتنا في العاصمة نحو ساعتين بالسيارة للسلام على جدي وجدتي وأعمامي قبل السفر وطلبُ السماح منهم ، وهي عادة جرت في بلادنا لكل من يقصد الحج أو العمرة وبالفعل غادرنا العاصمة طرابلس وصلنا وباقي أفراد الأسرة إلى ذلك البيت حيت قامت عمتي بترتيبه وتجهيزه قبل لنا لنبقى فيه الأيام التي تسبق السفر فكانت نقاوة الهواء أول من قابلنا والبعد عن صخب المدينة وضجيجها ثاني من حضننا ، بالإضافة إلى جمال المناظر الطبيعية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على عظمة خالقها من أودية رائعة وجبال راسية وبساتين مسبحة بحمد العظيم …
مرت تلك الأيام القليلة في سعادة كلمح البصر بين الأهل والأحباب إلي أن جاء اليوم الذي سنغادر فيه إلى العاصمة ومنها إلى مكة ، دعتنا زوجة عمي لتناول طعام الغداء في بيتها فقبلنا الدعوة وسبقتني أمي وأخواتي على أن ألحق بهم بعد أن أكمل تجهيز بعض الأغراض … أنهيت ما كان بيدي وتناولت الطرحة ووضعتها على شعري وعندما هممت بالخروج من باب البيت أردت أن أتأكد من أن الطرحة تغطي مقدمة رأسي جيدا ولا يظهر شيء من شعري … عندما وضعت يدي شعرت بشيء لم أعرفه وبسرعة كبير وبحركة تلقائية تمسك يدي بذلك الشيء وتقوم برميه وإلقاءه بعيدا وكأن قوة غريبة تحركها … عندما رأيت ذلك الشيء كاد أن يغمى علي … عقرب … نعم إنها عقرب سوداء ضخمة ضخامة لا يمكن وصفها صرت أردد بصوت لا يكاد يسمع عقرب عقرب عقرب نعم أنها عقرب … بقيت تحت هول الصدمة غير مصدقة … لا بد أنها كانت على الطرحة عندما أخذتها وارتديتها دون أن أشعر بوجودها فلابد أنها دخلت من النافذة … ولكن كيف لم تلدغني في ناصيتي وكيف عندما لمستها بيدي ورميتها لم تلدغني في يدي… تذكرت قول الله سبحانه وتعالى (من يتق الله يجعل له من أمره يسرى) … وما قصتي كلها إلا تصديق لقوله عز في علاه … وتبين كيف أن حرصي على حجابي هو الذي أنقذني من الموت المحقق فسبحان الله والحمد لله… هرع الجميع إلىّ يهنئونني ويباركون على سلامتي غير مصدقين ما حدث ومستغربين نجاتي من موت محتوم……
وبعد أيام قليلة كنت جالسة في المسجد الحرام أنظر إلى الكعبة تذكرت تلك الحادثة حمدت الله وشكرته أن مد في عمري ووهبني عمرا جديد … وأيقنت أن هذا العمر الجديد ما هو إلا مكافأة من العزيز الحكيم لخوفي على حجابي وخشيتي أن يظهر مني ما حرم الله ظهوره……
فأقول من خلال قصتي هذه لمن مازال عندها تردد في لبس الحجاب … والله ان الحجاب الذي أنقدنا في الدنيا سينقدنا بعون الله في الآخرة وأقول لأختي المتحجبة ازدادي حرصا على حجابك وتشبثي به تشبث الغريق بقشة النجاة وعضي عليه بالنواجذ ولا تجعلي شيئاً يظهر من جسدك أو شعرك فحجابك رمز لعفتك وطهرك وصفاءك ونقاءك ودليل محبتك وتذللك لخالقك…
قصة واقعية عاشتها _ حفيدة الحميراء

LoLo_Princess
25-08-2008, 06:31 PM
يالغلاآ
تمنع المواضيع المنقولة
القسم خاص لإبداع قلمك
أن تكون القصه من تأليف العضوة أي هنا (( يمنع المنقول ))


راجعي قوانين القسم