عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /15-01-2010, 03:37 PM   #5

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو

L21
 
    حالة الإتصال : ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo غير متصلة
    رقم العضوية : 58554
    تاريخ التسجيل : Apr 2009
    العمر : 29
    المشاركات : 536
    بمعدل : 0.10 (مشاركة/اليوم)
    النقاط : ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo will become famous soon enoughѕυмυı ♥ ѕнoυĵo will become famous soon enough
    التقييم : 117
    تقييم المستوى : 18
    الأسهم : 0 (أسهم/سهم)
    الجواهر : (جواهر/جوهرة)
    عدد الدعوات : 0
    زيارات ملفي : 2343

     SMS : ~ ما مضى فات ، وما ذهب مات ، فلا تفكري فيما مضى ، فقد ذهب وانقضى|ْ|ْ♥

مزاجي :
    استعرضي : عرض البوم صور ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo عرض مواضيع ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo عرض ردود ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
    أوسمتي :         هنا
    تجديني هنا :
     MMS :

MMS

kalp.2.












[ عبير ] و [ رانيـــا ] من جهة ، [ وصــــال ] وجماعتها من جهة أخـــرى ..
تلك التي تصرخ ، وتلك التي ترفع يدهــا للأعلــــى .. بدا الشجار حامي الوطيص بين الفتيات ..

أسهمـ من الشتائمـ خرجت من شفتي [ وصـــال ] التي اعتبرت [ رانيـــا ] تتجرأ بالكذب عليها ..
أغمضت [ رانيـــا ] عينيها ، مظهرها يدل على الهدوء الشديد ، بينما داخلها يشتعل غضبًا كأنه بركانٌ أوشك
على الإنفجار حممًا ..

صـــرخت [ وصـــال ] : " من تحسبيـــن نفسكِ أيتها .. المســـتجدَّة ؟! "
فتحت [ رانيـــا ] عينيها على اتساعها ، فقد ذكرتها هذه العبـــارة بالوطن الذي كانت تعيش فيه ..
لمع وميضٌ أبيضٌ في ذاكرتها ، ليقودهـــا إلى أول يومـٍ لها في مدرستها الإعدادية في ذاك الوطن ..

كانت هادئة للغاية ، لمـ تبدِ أية حركةٍ مكروهة ، بل على العكس تمامًا ، جلست على كرسيها بكل هدوء ،
التفتت يمناها ويسراها ، لتجد نفسها وحيدة بلا صديقة ولا رفيقة ..

قررت النهوض قليلاً علّها تتنشق نسيمـ الهواء العليل ، مبعدة بذلك كل أثرٍ للخوف والإرتباك ..
في طريقها نحو البــــاب ، انزلقت قدمهــا بسبب سائلٍ لزجٍ كان مسكوبًا على الأرض ، لتقع على إحداهن
دون قصد .. وقفت تلك الفتاة ، بدا عليها جـــلُّ الغضب .. جعلت توبخ [ رانيـــا ] التي لمـ تستطع النطق
بكلمة واحدة ..

صرخت ووبخت .. إلى أن وصل بهـــا المطاف أن تسألها : " من تحسبيـــن نفسكِ أيتها .. المســـتجدَّة ؟! "


لمـ تذكرهــا عبارة [ وصـــال ] بذاك الموقف ، مثلما ذكرتها بالوطــــن الذي ترتكته مُكرهة ..
فتحت عينيها المخضرَّتيـــن ، اتجهت أبصارها نحو [ وصـــال ] التي ما زالت تصرخ وترفع يدهـــا ..

سقطت تلك الدمعــة الحارة على خدهـــا الذي
التهب احمرارًا ، توجهت أنظـــار الجميع نحو [ رانيـــا ] مستغربين
من تلك الدمعـــة .. !


حرَّكت شفتيها المحمرتين : " إن سمحتِ وتكرمتِ .. أنزلي يدك "

نظرت [ وصــال ] نحو [ رانيـــا ] التي تجلت كل نظرات الغضب نحوها بنظـــرات استغرابٍ ، أتبعت تلك النظـرات
بنظرة استهزاءٍ ، قائلةً : " لن أنزلهـــا !! ما أنتِ بفاعلةٍ شيئًا !! "

كررت [ رانيـــا ] : "لطفــــًا .. أنزلي يدكِ .. "
[ وصــــال ] التي أشارت بيدهـــا نحوهـــا : " قلتُ لن أنزلها ،، ماذا ستفعلين بالمقابل ؟ "

أمسكت [ رانيـــا ] يد [ وصـــال ] ، أحكمت قبضتها حول معصمـ التي أمــامها بشدة ، ثمـَّ أردفت قائلة :
" للمــــرة الأخيرة .. أنزلي يدكِ ، وإلاّ لن يسركِ ما سترين "

بدا الإرتباك متجليًا في محيــا [ وصال ] التي ما توقعت هذه الحركة من [ رانيـــا ] ..
[ وصــال ] بتردد : " هيي ,, أنتِ .. اتركي يدي .. اتركيها هيــَّا "
أفلتت [ رانيـــا ] يد [ وصـــال ] أخيرًا .. أبقت ناطريها عليها .. ما إن أحست [ وصـــال ] بيدهــا حرةً طليقةً ،
حتــى رفعت يدها الأخــرى قاصدة بذلك صفع [ رانيـــا ] ..

بحركة خاطفةٍ للأبصـــار ، طبعت تلك اليد أثرها على خدِّ [ رانيـــا ] ، مصدرة بذلك ذاك الصوت المدوي ..

شهق الجميع .. اتسعت أعينهمـ لآخرها ..
عمـَّ السكون أرجـــاء القسمـ للحظــات ..

تقدمت [ عبير ] خطوة للأمامـ ، كمن تريد تلقين [ وصـــال ] درسًا لن تنساه ..
أمسكت [ رانيـــا ] يد [ عبير ] .. التفتت [ عبير ] نحوهها ، لتجدها تميل برأسها يمينًا ويساراً ..

أغمضت عينيها ببطئٍ شديد ، استدارت معطية بذلك ظهرها لـــ [ وصــال ] ،
قاصدةً بذلك الجلوس على كرسيها ..

انطلقت تلك الضحكة الخبيثة من فمـ [ وصـــال ] ، ضحكت وضحكت ، معلنةً بذلك انتصارها على [
المســـتجدّة ]
كما أسمتها ..
بلمح البصــــر ، انطلقت تلك اليد طابعةً تفاصيلها على خدِّ [ وصــــال ] ..

كادت عينيها تخرج من مكانها جرَّاء تلك الصفعة ، لمـ تصدق أن مصدرها ... [
رانيـــا ] !!!


وقفت كالصنمـ لا تحرِّك ساكنًا .. عادت [ رانيـــا ] لتجلس على كرسيها مجددًا وسط ذاك الصمت الذي لن أبالغ
إذا ما شبهته
بصمت القبـــــــور ..!!


أمسكت كتابًا صغيرًا كان على طاولتها ، وجعلت تتقلِّب صفحاته ، أثار هذا المشهد أعصاب [ وصـــال ] ،
هلّمت بضربها ، إلاّ أن رفيقتها منعتـــها ممسكة يدها ..

التفتت [ وصـــال ] نحو رفيقتها : " [ أمـــــل ] ؟ ! "
مالت [ أمـل ] برأسها يمينًا ويسارًا ، وقالت : " فيما بعد .. الأستـــاذ قادمـ "

توجهت أبصار الحضور نحو النافذة ، التي شفَّت عن حضور الأستاذ فعلاً ..
صاحت [ وصـــال ] مهددةً : "
لا تحسبيها النهاية ، صدقيني ..
إن لمـ أطبع اسمي في ذاكرتك فلن أكون ابنة أبـــي
"

نظرت [ رانيـــا ] نحوهـــا بنظرة جد باردة .. كمن توجه إنذارًا صريحًا بعدمـ العبث معها البتة ..
إلاّ أنها سرعان ما أبعدت أبصارها عنها لتعود لصفحات ذاك الكتاب ..

استدارت [ وصـــال ] أخيرًا لتعود إلى مكانها ، صاحبةً معها صديقاتها الأربع ..

نظرات تعجبٍ واستغراب ,, هذا ما اشترك به كل الحضور ، بعد كل هذا الصراخ وكل هذه الشتمائمـ ، بعد هذه الصفعة
المدوية ، التي ما لبثت أن ردّتها إليها .. تجلس [ رانيـــا ] هادئة وبكل هذا البرود !!
كيف ؟

كيف ؟ لمـ يجد أحدٌ إجــــابة لهذا السؤال !






" عجبًا لأمرهـــا ! ترد الصّاع صاعين بكل هدوء ! " ردد [ وســـامـ ] هذه العبارة محدثًا نفسه مستغربًا لما تراه عيناه ..
تارةً ينظر اتجاهها .. وتارةً أخـــرى يوجِّه نظراته صوب [ أنــــس ] الذي وقف مذهولاً راسمًا على وجهه علامة
تعجبٍ واستفهـــامـ [
! ؟ ] ..


تقدمـ - ذاك الشخص - بخطواتٍ ذابتة صامتة ، وضع يده على كتف [ وســـامـ ] ، ثمـ أردف قائلاً :
" ثمّة هنالك مقاعد كثيرة .. فلمـَ هذا التجمهر ؟ "

التفت [ وســــامـ ] خلفه ليجد أن الذي حدَّثه هو أحد الاساتذة ، توجهت أبصار الحضور نحو الأستاذ
الذي قصد مكانه أمامـ السبورة ، ليعلن بذلك أن الحصة قد بدأت ، وأن على الجميع التوجه لمقاعدهمـ ..

وبالفعل .. توجه كل من كان واقفًا إلى مقعده .. ألقوا التحية على الأستاذ ، وباشرت الحصة بالبدء ..

وقف الأستاذ بكل ثقة واضعًا يده على الطاولة ، قال بنبرة الواثق : "
أدعـــى الأستاذ [ إدريس ] ..
أستاذكمـ هذه السنة لمادة العلومـ
"

ألقـــى نظرة سريعة على القسمـ ، وقال : " قلتُ أنني أستاذ العلومـ ، فأين الكتب ؟ "

ما إن سمع التلاميذ عبارة الأستاذ ، حتى أخرج كل واحدٍ منهمـ كتابه على الطاولة التي أمامه ..

" جيــــــِّد " ، قالها الأستاذ [ إدريس ] بشبه ابتسامةٍ كان قد رسمها على وجهه
الخالي من أي علامة للتهاون
والتساهل ..


أمسك الطبشور ، وراح يكتب على السبورة نوع المادة وعنوان الدرس الأول ..

استدار نحو تلاميذه بنظرة لمـ تعجب الحضور ، ألقى نظرة سريعة في أرجاء القسمـ ..

قال بنبرة حادة : " ترتيبكمـ لمـ يعجبني ، يتحتّمـ عليَّ إعادة ترتيبكمـ "

أشار بيده نحو صفِّ الطاولات الثالث ، خلف [ رانيـــا ] تمامًا : "
أنت .. أجـــل أنت ، قُمـ ..
وأجلــــس هنـــاك
" مشيرًا بيده في صف الطاولات الثاني ..

قامـ ذاك الطالب ، حاملاً معه حقيبته وأغراضه ، متجهًا بذلك نحو المكان الذي قصده الأستاذ ..


تسارعت دقَّات قلب [ رانيـــا ] .. وضعت يدها على صدرها ، فقد كانت تخشى أن يُجلسها الأستاذ بجانب أحد
الشباب .. أو بعيدًا عن ابنة عمها ..


انتبه الأستاذ لـــ [ رانيـــا ] التي بدا عليها القلق ، اتجه صوبها ، ازداد خوفها باقترابه نحوها ..
وقف بجانبها ، خُيِّل لها أنها ستُنقل بعيدًا عن [ عبيـــر ] .. رفع الأستاذ يده مجددًا نحــــــــو ..... تلك الفتاة ..

الأستاذ [ إدريس ] : " أنتِ .. قفي .. " ، بلمح البصر .. أدارت [ رانيـــا ] رأسها نحو التي قصدها الأستاذ ..
لتجد أنه والفضل
للهلمـ يقصدها هي ، بل قصد غيرها ..



معلومة تلوَ المعلومة ، وكلمة تلوَ الكلمة كُتبت على السبورة ، دقَّ أخيرًا جرس المدرسة مشيرًا إلى إنتهاء حصة
الكيمياء الثقيلة ، كما حسِبها التلاميذ ..

انصرف الأستاذ [ إدريس ] أخيرًا .. ليتنفَّس الحضور الصعداء بذلك ..











الأستاذ [ إدريس ] ، الأستاذة [ نــــورة ] ، الأستاذة [ محجوبة ] ..

توالت الحصص ، ومعهمـ توالت المواد المأخوذة لهذا اليومـ .. أخذت [ رانيـــا ] طابعها الأول عن الأساتذة بالمدرسة ..
كثرة الحصص منعت [ وصـــــال ] من التحدث مع [ رانيـــا ] ، أو حـــتى الإقتراب منها ..

انتهــــى الدوامـ الأول ,, لتعــــود [ رانيـــا ] و [ عبير ] كلٌ إلى منزلها .. سلَّمت كل واحدةٍ على الأخــــرى ، وتواعدتا
على اللقاء قبل دقائق من بدء الدوامـ الدراسي الثاني ..


افترقتا ، وقفت [ رانيـــا ] أمامـ باب منزلها ، فتحته ببطئ شديد ، دخلت ، وضعت حقيبتها بجانب الباب ..
واستلقت بسرعة على الأريكة ..


سقطت تلك الدمعة على خدها ، من عينيها ..
قالت محدثة نفســــها :
" مجبرة مكرهة .. عليَّ أن أظهـــر جانبي الآخـــر "








بين الحدث والحدث ، جعلت [ رانيــــا ] تتنقل في أرجــاء ذاكرتها بين مواقفها فوق تراب ذاك
الوطــــن . تسارعت عقارب الساعة مغافلة في ذلك [ رانيــــا ] السابحة في بحر ذكرياتها ..
قطع شريط ذكرياتها صوت خطوات والدتها القادمة من عِند المطبخ ، لتُفاجأ بابنتها
المستلقية على الأريكة بعد عودتها من المدرســة .

التفتت [ رانيــــا ] نحو والدتها ، مسحت أثر الدمعة الساقطة من عينها ، اعتدلت في جلستها ،
ورسمت على وجهها ابتسامتها الحُلوة .. جلست والدتها بجانبها ، تتجاذب معها أطراف الحديث :



والدتها : " أهــــلاً [ رانيــــا ] .. أرى أنكِ قد عدتِ من المدرسة ! "
[ رانيــــا ] مبتسمة : " أهـــلاً أمــي .. صحيـــح ! "
والدتها : "جيِّد .. كمـ حصةً درستِ ؟ وماذا عن الأساتذة ؟ "
[ رانيــــا ] : " ثلاث حصصٍ فقط هي التي درستها ،
أمـــَّا بشأن الأساتذة ، ممممممممـ .. لا بأس بهمـ "
والدتها : " حســنٌ جدًا ! يبدو أن يومكِ الأول بمدرستكِ الجديدةِ لمـ يكن سيئًا "
[ رانيــــا ] : " لا بأس به .. ما عدا ....... "
والدتها مقاطعة : " ما عدا ماذا "


[ رانيــــا ] : " حدث معي موقفٌ أعاد بذاكرتي إلى تراب ذاك الوطن .... "
بدا الاستياء على وجه والدتها ، إلاَّ أنها فضَّلت عدمـ التعليق على حديث ابنتها .
أرجعت [ رانيــــا ] ظهرها للوراء ، تنهدت تنهيدة خفيفة ، وأكملت حديثها :
" آهٍ يا أمـــــي ،، لو تدرين حجمـ اشتياقي لتلك الأرض ، أشعر وكأنهـــــا ....... "
والدتها مقاطعة بحدّة : " تشعرين وكأنها ماذا ؟ تلك الأرض ، تلك الأرض ...
كمـ مرةً ذكرتِ تلك الأرض يا [ رانيــــا ] ؟ ... في كل الأحوال هذا وطنكِ وليس ذاك ،
وتبقين أنتِ محض وافـــدةٍ عليه لا مواطنة "


اندهشت [ رانيــــا ] من حديث والدتها ، صمتت والدتها لبرهة .. أغمضت عينيها تحاول تهدئة نفسها ، تنهدت ، وجّهت أبصارها نحو ابنتها وهي على صمتها .


أنهت ذاك الصمت بقـــــولها :
" منذ طفولتكِ يا [ رانيــــا ] ، وأنتِ تتحدثين عن المغرب حديث المشتاق لأرض وطنه ،
تطلبين وتلحين أن نستقر بها لبقية حياتنا . فما الذي تغير الآن يا [ رانيــــا ] ؟
لماذا لمـ تتقبلي حياتكِ هنا ؟ رغمـ أن هذا وطنك ، ولا ينقصه الجمال أبدًا "


أنزلت [ رانيــــا ] رأسها للأسفل ، بدا عليها الحزن بعد حديث والدتها ..
[ رانيــــا ] : " تلك الأرض مــاضيَّ يا أمي "
والدتها : " إذًا انسفي ذاك الماضي ، انسفيه إذا كان يسبب لكِ كل هذا الحزن "
[ رانيــــا ] باندهاش : " كيف للمرء أن ينسف ماضيه يا أمي ؟ كيف ؟ "
والدتها : " بأن ينساه .. ويعيش حاضره ، ليستطيع بعدها عيش مستقبله "


نهضت والدة [ رانيــــا ] من عِندها تقصد المطبخ ، تتبعها أعين ابنتها التي لمـ تستطع فهمـ
قصد والدتها .







فتحت باب منزلها ، نزعت حذائها المزرق ذو الكعب الخفيف ، ووضعته بجانب الباب ،
رسمت على وجهها المتورد ضِحكةً بهيةً ، رغمـ عِلمها بأن محاولها تلك قد تلاقي الفشل الذريع
أمامـ المشاكل التي تعاني منها عائلتها الصغيرة .


وضعت حقيبتها بجانب باب غرفة المعيشة ، دخلت إليها بخطواتٍ هادئة ، نظرت بعينيها
المخرضتين نحو الأريكة ، لترى من يجلس عليها .
اقتربت قليلاً ، سمعت أنينًا أشبه بالكباء .. زادت خطواتها بعد سماعها لذلك الأنين ،
" أمــــــي !! " نطقت بهذه الكلمة بعدما وجدت والدتها جالسة على الأريكة تذرف الدموع
تغطي بيدها وجهها .
أسرعت وجلست بجانب والدتها ، أمسكت يد أمها تحاول إزاحتها بلطفٍ عن وجهها ،
إنكشف وجه الأمـ أمامـ عيني ابنتها ..
كدمة مزرقة على الخدِّ الأيمن قرب عينها اليمنى ، وجُرحٌ مدمىً أسفل الفمـ بقليل .


[ .. ] : " أمـــــاه .. ليس مجددًا ، تشاجرتما ؟ "
والدتها تطأطئ رأسها : " بــــــلى .. "
مسحت الإبنة دموع والدتها بلطفٍ ، أمسكت رأس والدتها ووضعته على صدرها ،
تحاول بذلك تهدئة والدتها ، و التخفيف من حِدّة ألمها ..
تمتمت : " السكــــوت عن هذا أيضًا لا يجوز "


نهضت من عِند والدتها ، فكَّت حِجابها المزرق ، لينكشف شعرها الأسود الناعمـ الغزير ،
والدتها : " إلى أين يا [ عبير ] ؟ "
[ عبير ] : " إلـــى أبي .. "
والدتها : " لا يا ... "


لمـ تنتظر [ عبير ] أن تنهي أمها كلامها ، وانطلقت مسرعة نحو مكتب والدها وكلها غضبٌ ،
دقَّت باب الغرفة ، ليأذن لها والدها بالدخول .


فتحت [ عبير ] باب المكتب ، كان يجلس على مقعده يعطيها ظهره ، وقفت خلف أبيها وقالت :
[ عبير ] : " إلى متى ستستمران على هذا الحال يا أبي ؟ "
والدها : " لا علاقة لكِ بهذا يا [ عبير ] "
[ عبير ] : " ألستُ ابنتكما ؟ فكيف لا علاقة لي ؟ "


ضرب والدتها بقبضته المكتب بشدة ، وقال صارخًا في وجه ابنته :
" قلتُ لكِ لا تتدخلي بيننا يا [ عبير ] ، لمـ تكبرِ بعد حتى تفتحي عليَّ محضرًا للتحقيق "
صمتت [ عبير ] أمامـ غضب والدها ، غير مصدقة لما يقوله ..


تابع والدها حديثه : " تعلمين ما بيننا من خلافٍ ، أمكِ لا تنوِ الخير يا [ عبير ] ..
افهمي ذلك "
لمعتِ الدموع في عيني [ عبير ] ، وضعت يدها على فمها تحاول كتمـ بكائها ،
خرجت من غرفة أبيها مسرعة ، التقت بوالدتها التي استندت على الحائط خلف الباب ،
تسمع كل كلمة ينطق بها زوجها .
شلالات من الدموع ، هذا ما أبصرته [ عبير ] على وجه والدتها ، لتحكي بذلك كل ألوان
الحزن والمعانات .


اتجهت [ عبير ] نحو غرفة المعيشة ، ارتدت حِجابها ، حملت حقيبتها ، وخرجت مسرعة
من المنزل ، لتعود غلى المدرسة .
والدتها : " والغـــــــداء ....... ؟ "


أسكتَ والدتها صوت ارتطامـ الباب الذي أحدثته [ عبير ] ..









أنهت [ رانيــــا ] طعامها بسرعة شديدة ، إذ أنها اعتبرت نفسها قد تأخرت عن موعد دوامها
المدرسي الثاني . قبَّلت رأس والدتها ، وخرجت من المنزل .
في طريقها ، التقطت [ رانيــــا ] هاتفها الخلوي ، وأرسلت عبره رسالة إلى والدها تخبره
ألاَّ يحضر لأخذها إلى المدرسة .


" أربع حصصٍ أخـــرى ! .. آمـــل ألاَّ أواجه مشاكل جديدةً مع تلك .. الـــ[ وصــــال ] "
قالتها [ رانيــــا ] وهي تنظر إلى السماء ، تضع يدها على صدرها ..







أحاديثٌ كثيرةٌ تجاذبها طلاب القسمـ ، دخل [ وســــامـ ] القسمـ بصحبة صديقه [ أنـس ]
اللذان قصدا مقعديهما . ضرب [ وســـامـ ] بذراعه اليمنى ذراع [ أنــس ] اليسرى ، منبهًا
إياه أن ينظر أمامه .. " أنظر .. " قالها [ وســـامـ ] مشيرًا نحو مقعد [ رانيــــا ] ..
تحديدًا يقصد [ أمـــل ] التي بدا أنها تعبث بدرج [ رانيــــا ] ,,


بدا الاستغراب على [ أنـس ] ، اقترب من [ أمــل ] ، مال برأسه قليلاً حتى يستطيع النظر
إلى ما تفعله [ أمـــل ] ..


[ أنــس ] : " [ أمـــل ] ؟ .. ماذا تصنعين هنا ؟ "
فزعت [ أمـــل ] لذا سماعها صوت [ أنــس ] ، ردّت عليه مرتكبةً :
[ أمـــل ] : " آهـــاه ؟ لقد ... كنتُ .. آآآ .. كنتُ .. "
[ أنــس ] : " كنتِ ماذا ؟ أنا أنصِت "
[ أمــل ] : " أضعتُ مقلمتي .. خُيِّل لي أنني سأجدها في أدراجكمـ .. ليست في درج
هذه الفتاة ، ولا في درج [ عبير ] .. "
[ أنــس ] : " والمعنــــى ؟ "
[ أمــل ] : " لا شيء .. سأتدبر أمري باستعارتي لأقلامـ [ وصـــال ] .. "
وانصرفت من عِند الشابين .. تقصد بذلك العودة إلى [ وصـــال ] ..


التفت [ أنــس ] نحو [ وســــامـ ] ..
[ أنـــس ] الذي بدا عليه الشك : " ما رأيك ؟ "
[ وســــامـ ] الذي شرع بجلوسه على الكرسي : " لا شأن لنا بمشاكل الفتيات يا [ أنــس ] "
[ أنـــس ] : " لكن .. ماذا لو عادتا للشجار مجددًا ؟ "
[ وســـامـ ] : " رأيتَ بنفسكَ ردَّ فِعلِ [ رانيــــا ] .. لا تحتاج أية مساعدة ، ومن ثمـَّ فإن [ عبير ] معها .. تعادل أربع شباب معًا يتشاجرون فيما بينهمـ " ..
جلس [ أنـــس ] قرب [ وســـامـ ] ، وقال : " لا تبـــالغ ، ليس لهذه الدرجة .. "
[ وســــامـ ] : " في مطلق الأحوال ، لو تفاقمـ الأمر ، فلا مناص من المساعدة "









دخلت [ عبير ] القسمـ ، بدا عليها الحزن الشديد ، بعد الذي وجدته ينتظرها في بيتها ،
جلست على مقعدها ، وضعت الحقيبة في حضنها ، وتنهدت ..
دقائقٌ معدوداتٌ حتى وصلت [ رانيــــا ] إلى القسمـ ، بدت عليها السعادة ، ابتسمت [ عبير ]
لذا رؤيتها لـــ [ رانيــــا ] ، لتزيل بذلك كل آثار الحزن .
جلست [ رانيــــا ] على مقعدها ، وضعت حقيبتها قرب الطاولة . سمعت صوتًا قادمًا من درج
طاولتها ، أنزلت رأسها لترى ما الذي يصدر ذلك الصوت .


سحبت كتاب الرياضيات الذي بالدرج ، لتُفاجأ بضفدعٍ أخضر اللون يقف على الكتاب ..
صمتت [ رانيــــا ] موسعة عينيها من الصدمة ، فجأةً ، قفز الضفدع على وجه [ رانيــــا ] التي صرخت بأعلى
صوتها من شدة خوفها لتهزَّ معها القسمـ .. ارتد الضفدع ليسقط على الأرض ..
صمت الجميع لبرهة ، قطع ذاك الصمت صوت ضحكات [ أمـــل ] و [ وصــــال ] ،
" يا ســــلامـ !! " قالتها [ وصــال ] تضرب كفها بكفِ [ أمـــل ] كمن حقق انتصارًا

لمـ يسبق له مثيل ..


ضحك الجميع من موقف [ رانيــــا ] ، ضحكوا وضحكوا ، سقط بعضهمـ من شدة الضحك ،
جعلت [ رانيــــا ] تنظر بأبصارها يمينها ويسارها ، فاضت عيناها بالدموع ، احمرّ وجهها ،
شعرت بالإحراج الشديد ، وضعت يدها على فمها ، وانطلقت مسرعة تخرج من القسمـ ..


تابع كلٌ من [ أنــس ] و [ وســـامـ ] بأبصارهما [ رانيــــا ] التي لمـ تتحمل الإحراج الشديد
خارجة من القسمـ ..
قطّبت [ عبير ] حاجبيها غضبًا مما فعلته [ وصـــال ] بابنة عمها ، نهضت بغضبٍ شديدٍ ،
إلاَّ أن نهوض [ وســـامـ ] من مقعده غاضبًا قطع عليها شروعها بالتحدث ..


" أمـــا كفاكمـ ضحِكًا ؟! " نطق بها [ وســــامـ ] صارخًا في وجه التلاميذ إثر الغضب الذي اجتاحه
مما فعله الطلاب ..
التفت الجميع صوب [ وســـامـ ] بعد أن صمتوا جميعهمـ ، بعدها قال :
" من العيب لكمـ أن تستقبلوا الطالبة الجديدة بهكذا أسلوب ، هذا بدلاً من أن ترحبوا بها ؟
ما الذي يضحككمـ ؟ ضفدع ؟ أهذا كل ما في الأمر ؟ أمـ لأنها ارتعبت منه ، فسخرتمـ منها ؟ "


رفع يده اليمنى ، وجعل يشير بها عشوائيًا ، وهو يقول :
" أنتَ ، وأنتِ ، وأنا أيضًا .. كلنا كنا يومًا ما طلاّبًا جددًا على أقسامنا في مرحلة من المراحل ..
فهل سبق لأحدٍ منكمـ أن تمـ استقباله بهذه الطريقة ؟ "


لمـ يجب أحدٌ ، بل أن البعض قد بدا عليه الشعور بالذنب لما حدث ، أتبع [ وســـامـ ] حديثه :
" إذًا ؟ لما هذه المعاملة ؟ من لمـ يجرب .. فلا يكن سببًا في تجربة غيره "
نظر [ أنـــس ] نحو [ وســــامـ ] ، وقال مبتسمًا مخاطبًا نفسه :
" ممتــــاز ! "



" استرح يا [ وســــامـ ] ، لا تتعب نفسك ، مســـتجدِّة .. لا تستحق كل هذا الإهتمامـ "
قالتها [ وصــــال ] تخاطب بها [ وســامـ ] مستهزئةً به ..
أغمض [ وســـامـ ] عينيه لبرهة ، التفت نحو [ وصــــال ] .. وقال :
[ وســــامـ ] : " أذكر أنكِ العامـ الفائت كنتِ جديدةً علينا ، أمـ أنني مخطئ ؟ "
[ وصــــــال ] : " بـــــــلى .. ! "
[ وســــامـ ] : " واجهتِ مضايقاتٍ عندنا بالقسمـ ؟ "
[ وصــــــال ] : " كــــــلاّ ..! "
[ وســــامـ ] : " مثلما لمـ تجدِ عندنا المضايقات .. فلا تتسببي بها..
أمـ لأنها [ مســـــتجدِّة ] على حدِّ قولكِ .. تتعاملين معها على هذا الأساس ؟ "


أخرج من جيبه منديلاً صغيرًا ، نزل وحمل به الضفدع ، أكمل حديثه بعد أن نهض :
" ومن ثمـّ .. حتى الضفادع .. تستحق الرفق "


وخرج من القسمـ ، وسط ذاك الصمت . ما إن خرج من القسمـ ، حتى التقى بــ [ رانيــــا ] التي
وقفت مستندة على الحائط قرب الباب ، بدا أنها قد سمعت كل كلمة نُطِقَت بالقسمـ ..
مرَّ [ وســـامـ ] من أمامـ [ رانيــــا ] متظاهرًا بأنه لمـ يرها ..


دخلت [ رانيــــا ] القسمـ ، بعدما مسحت آثار الدموع من عينيها ، فإذا بها تجد أن كل تلاميذ
القسمـ قد انطلقوا صوبها ..


" أهـــلاً وسهلاً بكِ بيننا "
" سعداءٌ بالتحاقكِ بنــــا "
نعتذر عمّا بدر منـــــــــا "


كانت هذه العبارات جُلَّ ما سمعته [ رانيــــا ] من تلاميذ قسمها ،
بدت سعيدة بعد هذا الإنقلاب المفاجئ .. وخجلة من لطفهمـ في نفس الوقت .
نظرت نحوها [ عبير ] فرِحةً لفرحها ، وممتنةً لما فعله [ وســـامـ ] من أجل ابنة عمها .


دخل صوتٌ لأذني [ عبير ] .. يقول :
" مجددًا .. أتوعد بأن أطـــبع اسمي في حياتكِ أيتها .. المســــتجدِّة "
التفتت [ عبير ] نحو [ وصـــال ] ، لتجدها في أوجه غضبها ، خاصةً بعد أن رحّب كل التلاميذ
بـــ [ رانيــــا ] .


رددت [ عبير ] في نفسها :


" وأنا لكِ بالمرصاد.. "








أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي




 

  رد مع اقتباس