متابعة......//
وكأنه يقول : تمخّض الجبل فولد فأراً،كان ذلك في بادئ الأمر، ولكنّه رأى في نفسه فضولاً حيال حبوب السّعد تلك..فمدّ بيده إليها وشربها بصمتٍ وفي معيّته وزيره، وما كان حال هذين الآخرَيْن ِ أيضاً إلاّ كحال أبي الحارث وسائر من شربها من النّاس، من الضحك والصّراخ وحتى الإدمان أيضاً.
بكى لوز الرّيف وتوته يوماً حين ذاع أنّ فراق يمان قد اقترب لحاجات تلقّي العلوم في المدينة. وهناك (أي في المدينة) رأى في النّاس حالاً ..هي في ذاتها مدعاةٌ للأسف والحيرة، وكانت أقراص السّعد قد تفشّت هناك بشكل فاحش، وحين شقّ مسيره حيث السّوق لقضاء حاجاته.. رأى أفواجاً من النّاس قد تجمعوا على أحد التّجّار ِ دون سواه،وأمّا من سواه فهم غير ذوي بيعٍ كثيرٍ كما هو ، ولمّا اقترب أدرك أنّـه صاحب الفرح المزعوم، فما كان منه إلاّ أن تلثّم بوشاحه ، ورفع عباءته الرّثّة إلى رأسه ثم دنا من التاجر متلطّفاً :
- اسمع ...أحمل لك ممّا تداوله حاشية الملك خبراً ليس بمسّرة ٍ لك، لقد شاع في بلاط الحاكم أنّك ترمي إلى منازعته في ملكه للبلاد، وقضى الملك بقتلك مساءً على غير علم ٍ بك في الناس، فانطلقْ إلى غير هذه الأرض ، لعلّ الله أن ينجيك من القتل،.. وإنّي لك لمن النّاصحين.
وقتئذ ٍ دبّ الرعب في قلب التاجر وحمل متاعه ثمّ ولّى متسلّلاً مدبراً ولم يعقّب ، وقد خلّف غلامه من بعده بائعاً للنّاس، دون أن يلحظ غيابه أحدٌ منهم، فلمّا جنّ الليل ...فانقضى..فأتى النهار...
ضرب صاحبنا (أي يمان) الأرض إلى السّوق ليعلمَ ما آل إليه حال النّاس، فإذا هم في هياج ٍ لاختفاء التاجر، هنالك وقف فيهم خطيباً..:
يتبع...