•••
حصةٌ أخـــرى للأستاذ [ معاذ ] تنتهي ، فها هو جرس الثانوية يرنّ معلنًا بذلك إنتهاء موعد
الحصــــة الأولـــى .. إنصرف الأستاذ ، بعد أن ترك الفرض المقرر على التلاميذ تنفيذه في منزالهمـ ..
إلتفت [ عبير ] إلى الخلف ، توجه أنظـــارها ناحية [ صـــوفي ] التي جعلت من المقعد الأخير
مكانًا لها .. لفت إنتباه [ رانيـــا ] مراقبة [ عبير ] لـــ [ صـــوفي ] ..
[ رانيـــا ] : " [ عبير ] ! ما بكِ تراقبينها ؟! "
[ عبير ] : " أشكُّ أنهـــا من جِنس البشر ! "
[ رانيـــا ] : " دعكِ من سخافتكِ المعهودة .. هيّا , أنظري أمامك قبل أن تتورطي في المتاعب "
[ عبير ] : " ليس قبل أن أتعرف عليها .. "
نهضت [ عبير ] من عِند [ رانيـــا ] متجهة إلى [ صـــوفي ] ..
وقفت [ عبير ] أمامــــها ، إنحنت قليلاً إلى الاسفل ، لتجلس على ركبتيها ..
نظرت صوبهــا [ صـــوفي ] بنظرة جدّ باردة .. لمـ تبدِ أية حركتها إتجاهها ..
بل ظلّت على برودها ..
" قِـــــرط ! " هكذا رددت [ عبير ] محدثة نفسها بعد رؤيتها للقِرط الذي تضعه [ صــوفي ]
في حاجبها الأيمـــن ..
ظهرت عينا [ صـــوفي ] المكحلتين بشكلٍ مبالغٍ لــ [ عبير ] التي ظلّت تنظر إليها بتعجبٍ شديد ..
[ عبير ] : " قلتِ أن اسمكِ [ صـــوفي ] .. أليس كذلك ؟ "
[ صـوفي ] : " ماذا ؟ ألمـ يرق لكِ ؟ "
[ عبير ] بارتباك : " لا .. لمـ أقصد هذا .. بل على العكس .. اسمكِ جميل "
[ صــوفي : " ثمـّ ماذا ؟ "
[ عبير ] : " آهـــا ؟ "
[ صــوفي ] : " ماذا ورائك ؟ أمـ أنكِ أتيتِ فقط لتتأكدي ما إن كان هذا اسمي ؟ "
[ عبير ] : " لا .. لا شيء .. فقط أحببتُ أن أتعرف عليكِ "
[ صـــوفي ] بعد أن أدارت وجهها ناحية الشبّاك : " لا مجـــال لذلك .. "
إندهشت [ عبير ] من ردّ [ صــوفي ] .. قامت من عِندها بهدوءٍ شديدٍ ..
عائدة إلى مقعدها حيث تجلس [ رانيـــا ] ..
جلست في مقعدهـــا ، نظرت صوب [ رانيـــا ] التي ظلّت تنتظر ابنة عمّها لتعطي رأيها بالمستجدة ..
[ رانيـــا ] : " مـــاذا ؟ كيف وجدتها ؟ "
[ عبير ] : " لا أمـــل منهــــا .. "
[ رانيـــا ] : " مـــاذا ؟! "
[ عبير ] : " تصـــــــوري أنهـــا تضع في حاجبها الأيمن قِـــرطًا ! "
تسلّلت هذه العبارة إلى أُذنِ [ أنـــس ] الجالس أمامـ [ عبير ] ..
" قِــــــرط !!!!! " رددها [ أنـــس ] مندهشًا ، ممسكًا بحاجبه الأيمن ..
التفت ناحيـــة [ صـــوفي ] .. رأى أنها تجلس بصمتٍ شديد ، كتمثالٍ وُضِعَ في الركن
الأخير من القسمـ ..
ولسببٍ يجهله ، بلع لُعــــابَه .. و في نفسه ردد :
" لا عجبَ أنهــــا تجلس لوحدها ! "
•••
دخــل ذاك الاستاذ على التلاميذ ، بدا قويّ البنية ، أسمر اللون قليلاً ، ذو ملامح صلبة ..
يحمل صفات الرجــل الرياضي ..
وقف خلف الطــاولة المخصصة للأساتذة ، جاب بأبصاره القسمـ ، بادئًا بأول المقاعد ، خاتمًا بآخرهمـ ..
[ وسـامـ ] مخاطبًا [ أنـــس ] : " أستــــــاذ الرياضة .. "
[ أنـــس ] : " هذا ما يبدو عليه الامر .. "
تبتبت [ رانيـــا ] على ذراع [ عبير ] : " أنظري .. نفس الشخص ! "
[ عبير ] متفاجئة : " يا حبيبي !! أهو معملنا ؟! "
لمـ ينتظر الشابان طويلاً ، فالأستاذ شرع في حديثه :
" قد دخلتُ عليكمـ مسبقًا .. أنا الأستاذ [ عبد الواحد ] .. معلّمـ الرياضة لهذه السنة "
لمـ ينطق أحدٌ بكلمة .. عاد الأستاذ وجاب بأبصاره القسمـ مجددًا ..
وقـــال : " هيـــّا .. زمن الحصّة لن يتحمل التأخير "
نهض التلاميذ .. خرجوا من القسمـ ، مرافقًا إيّاهمـ الأستاذ [ عبد الواحد ] ..
•••
وسط الســـاحة ، حيث يوجد مكانٌ مخصصٌ لحصص الرياضة ..
أمسك الأستاذ [ فيصل ] كرةً حمراء مخططة بالأسود ، أشبه في شكلها بكرة السلة ..
وقف الأستاذ تحت عمودٍ أسود جدِّ طويل .. تعلـــوه سلّة كرة السلّة ..
إستدار الأستاذ ناحية التلاميذ ، وقال محدثًا إيّاهمـ :
" الفتيـــــان أولاً .. قسّموا أنفسكمـ لفريقين ، وباشروا باللعب .. "
تقدّمـ [ وســـامـ ] إلى الأستاذ ، وجعل يُحادث الأستاذ بهمسٍ شديد ..
[ وســـامـ ] : " أستـــاذ .. آ .. آآآ .. أنـــا .. "
الأستاذ : " ماذا ؟ ما بك ؟ "
[ وســــامـ ] : " لستُ من محبي هذه الرياضة .. "
الاستاذ مستغربًا : " وفيما تستخدمـ هذا الطول كلّه ؟ "
[ وســــامـ ] مبتسمًا : " كرة القدمـ .. "
الأستاذ : " حسنٌ .. اليومـ كرة السلّة ، وفيما بعد كرة القدمـ .. هيّا .. "
[ وســــامـ ] بتذمر : " طيب .. أمــــري لله .. "
وبالفعل ، قسّمـ التلاميذ أنفسهمـ لفريقين ، أمّا الفتيات فقد ابتعدن عن مكان الملعب ،
إذ أن بعضهن فضلّن الجلوس في أحد المقاعد الموجودة بالساحة ..
بدأتِ المباراة بقذف الأستاذ [ فيصل ] الكرة للأعـــــلى ..
بدا الحماس مشتعلاً بين الشباب , فها هي ذي الكرة ترتد من يدٍ لأخــــرى ..
تلّقــــى [ أنـــس ] الكرة من أحد زملائه ، توقف للحظةٍ ، إذ أن المدافعين وقفوا أمامه يحاولون
منعه من التمرير ..
لمحَ بين أذرع المدافعين أحدهمـ يجري ملوّحًا له ..
" [ وســـــامـ ] !! " هكذا نطق [ أنـــس ] بعد رؤيته لصديقه ..
وبحركة سلسة وسريعة ، قذف الكرة ..
لتستقر بين يدي [ وســــامـ ] ، سُرعة الرمية جعلت الكرة ترتطمـ بصدرِ [ وســـامـ ] ،
تألمـ ، فتح عينيه على إتساعهما ، وقف يترنّح ، ليسقط على الأرض مغشيًا عليه !!
إرتعب الجميع ، توجّه الشباب مسرعين إلى [ وســــامـ ] خائفين عليه ..
وضعت [ رانيـــا ] يدها على فمها ، تسلل الخوف إلى قلبها ، لتحملها قدمها إلى حيث أغمي
على [ وســـامـ ] ..
التفّ التلاميذ كلهمـ حول [ وســـامـ ] ، أسرع [ أنــس ] ليحضر قنينة بها ماء ..
جلس الأستاذ بجانب [ وســـامـ ] يُلوّح له بكتابٍ محاولاً تهوية المكان له ..
خفق قلبها بسرعة شديدة ، وضعت يدهــا على صدرها ، لتحسّ بسرعة خفقان قلبها ، نتيجة
الخوف الذي إجتاحها ,,
" أُنظـــري إليه .. يا إلهـــي كمـ هو وســـيمـ !! " تسللت هذه العبارة إلى أُذني [ رانيـــا ] ،
التفت لخفها فإذا بها إحدى الفتيات تحادث التي بجانبها مشيرة إلى [ وســـامـ ] ..
نظرت إليها بغضبٍ شديد ، فلمـ تتقبّل هذه العبارة في حالته تلك ..
أتـــى [ أنـــس ] وبيده قنينة الماء ، جلس إلى يسار [ وســـامـ ] ، فتح القنينة ، وبدا
أنه يريد رشّ صديقه بالماء ..
" هيي أنت .. توقف !! " أوقف شروع [ أنــس ] برش صديقه ذاك الصوت ، توجهت أنظار الجميع
صوب مصدر الصوت ، فإذا بهـــا [ صـــوفي ] تقف ملوّحةً بيدها ..
اقتربت من الأستاذ ، وقالت :
" أتسعفـــونه تحت أشعة الشمس ؟ لما لا تنقلونه إلى مكانٍ به ظل ؟ "
أومأ الأستاذ برأسه لــ [ صـــوفي ] ، حمل [ وســامـ ] بمساعدة ثلاثة من الفتيان ..
استقروا أخيرًا تحت الظــــل ، ليضعوه أرضًا ..
عاد [ أنـــس ] ليرش [ وســـامـ ] بالماء .. إلاّ أن [ صـــوفي ] للمرة الثانية أوقفته ..
[ صـــوفي ] : " أجننت أمـ ماذا ؟ "
[ أنـــس ] : " مــــاذا ؟ "
[ صــــوفي ] : " كأنني أراك تنوي رشّه بالماء ! "
[ أنــــس ] : " بلــــى ! "
[ صـــوفي ] : " يبدو عليكَ الذكاء ، لمـ يكذب من قال أن المظـــاهر خدّاعة .. ابتعد "
تنّحـــى [ أنــس ] لتجلس محلّه [ صـــوفي ] ، جعلت تنظرُ إليه بعينيها ،
كان شاحب اللون ، غزير العرق ، وضعت يدها على جبهته ، فإذا به شديد البرودة ..
بدا عليها الخوف ، أسرعت وأمسكته من كتفيه ، لتجعله بوضعية نصف جالس ،
أشارت لــ [ أنــس ] بأن يسنده على هذه الوضعية ..
فتحت أزرار قميص [ وســـامـ ] المتوقفة عند صدره ..
أمسكت تلك القنينة ، وبللت قطعة قُماشٍ أخرجتها من جيبها بالماء ..
جعلت تُمرر قطعة القماش على وجهه ، إلى أن بدا أنه يستفيق ..
هُنـــا صبّت الماء على يدها ، وبلطفٍ شديدٍ رشّت به وجه [ وســــامـ ] ..
شيئًا فشيئًا ، إلـــى أن فتح [ وســــامـ ] عينيه ،..
ابتسمـ [ أنـــس ] ، ومعه ابتسمـ الحضور ..
إلاّ أن [ صـــوفي ] لمـ تبتسمـ بعد !
نظرت إليه بعينيها ، إلى أن استقرّت عيناه على عينيها ..
[ صــــوفي ] : " كيف تشـــعر ؟ "
[ وســـــامـ ] : " لا بــــأس .. "
[ صــــوفي ] : " متــــأكدٌ أنت ؟ "
أومأ [ وســــامـ ] برأسه إيجابًا ، واضعًا يده على صدره ..
وقفت [ صــــوفي ] ناظرةً إليه ، وضعت يدها اليمنى على خصرها ، وقالت محدّثة إيّاه :
" ارفق على نفسكَ يا أخــــــي "
نظر إليها [ وســــامـ ] ، لتنصرف من عِند المكان ..
بقي الجمــــــيع ينظرون إليها مستغربين ..
أمــــّا عن [ رانيـــا ] فلمـ تستقر عيناها في مكانٍ واحدٍ ، فتارةً تنظر إلى [ صـــوفي ] ،
وتارةً إلى [ وســــامـ ] .. والتارة الثالثة إلى الأرض ..
تحـــــادث نفسهــــــا ...:
" لا أعلــــــــمـ ! .. لا أستطيع فهمها ! "
•••
شبه خاوٍ ، هكذا كان حال القسمـ أثناء الإستراحة ، التي تلت حصة الرياضة ..
أسندت ظهرها على الحائط ، التفت صوب النافذة التي على يمينها ، لتُراقب بأبصارها
زرقة السماء ، التي تخللتها الغيومـ البيضاء ..
شردت ، ذهب بها ذهنها إلــى منزلها ، حيث تعاني الأمريّن مع والديها ..
صور المشاحنات التي بين والديها ، هذا ما كانت [ عبير ] تراه أثناء شرودها ..
أغلقت [ رانيــــا ] الكتاب الذي أمامها ، وضعته داخل درجها ، ونهضت من فوق كرسيها
تتوجه نحو [ عبير ] ..
[ رانيــــا ] : " هيي [ عبير ] ، لننزل إلى الساحة "
لمـ تُجب [ عبير ] بأية كلمة ، بل ظلّت مستغرقة في شرودها ..
استغربت [ رانيــــا ] لأمرها ، لوّحت بيدها أمامـ عيني [ عبير ] ، لينقطع شرودها ..
[ رانيــــا ] مستغربة : " [ عبير ] !! ما الذي يشغل بالك ؟ "
[ عبير ] : " لا .. لا شيء .. لا تشغلِ بالك .. "
[ رانيــــا ] : " عيناكِ تقولان أن هنالك أمرًا مهمًا يشغلك .. "
صمتت [ عبير ] ، رفعت رأسها ، لتوجهه إلى النافذة مجددًا ..
" لا داعي لأن أُدخلها في مشاكلي .. " هكذا رددت [ عبير ] مُحدّثةً نفسها ..
[ رانيــــا ] : " يا فتاة .. ما زلتُ أنتظر .. "
[ عبير ] مبتسمة : " ثقي بي .. ما من شيءٍ مهمـ "
[ رانيــــا ] : " طيّب ، كما تشائين .. أنستطيع النزول الآن إلى الساحة ؟ "
[ عبير ] تضحك : " حســـــنٌ .. هيّا بنا "
أمسكتِ الفتاتان كلٌ بيد الأخـــرى ، توقفت [ عبير ] ممسكةً بيد [ رانيــــا ] ،
التفتت إليها [ رانيــــا ] ، إذ أنهـــا لمـ تفهمـ سبب وقوفها المفاجئ ..
[ رانيــــا ] : " مـــاذا ؟! "
[ عبير ] : " أُنظـــري فقط .. "
نظرت [ رانيــــا ] لأمامها ، فإذا بها [ وصــــال ] تتقدمـ بصحبة [ أمـــل ]
" رائـــــع ! .. متاعبٌ جديدةٌ " هكذا قالت [ رانيــــا ] .. أمــّا [ عبير ] فقد بقيت صامتةً ، تنظر فحسب ..
تقدّمت [ وصـــال ] بخطواتٍ واثقة ، تنظر إلى [ صـــوفي ] بطرف عينها ،
انتبهت [ صـــوفي ] لها .. إلاّ أنها لمـ تُبدِ أية حركة ..
[ وصـــال ] محدثة [ أمـــل ] : " لمـ أعلمـ أن الهلوين يُحتفل به في المملكة "
[ أمـــل ] باستهزاء : " ربمـــا هذه دعاية لأحدث فيلمـ رعبٍ صدر .. "
ضحكتِ الفتاتان مستهزئتان بــ [ صــوفي ] ..
أمّــا هي ، فقد لزمت الصمت ، ولمـ تُعرهما أي اعتبار ..
لمـ يعجب [ وصـــال ] صمت التي أمامها ، تحطيمـ برودة أعصاب [ صــوفي ]
هذا ما كانت [ وصـــال ] تبحث عنه ..
انحنت [ وصـــال ] لتقع عيناها بعيني [ صـــوفي ] مباشرة ..
[ وصــــال ] بضحكة خبيثة : " لستِ ممن يروقون لي .. "
[ صــوفي ] : " ثقي أن الشعور متبادلٌ .. بيننا "
[ وصـــال ] تعبث بسلاسل [ صـــوفي ] : " في مظهركِ هذا كله لمـ ترق لي سوى هذه الســلاسل "
أمسكت [ صـــوفي ] بيدي [ وصـــال ] من معصمها ،
نهضت الفتاتان ، أحكمت [ صــوفي ] قبضتها ..
[ صــــوفي ] : " لستُ ممن يصلحون للعب .. فلا تعبثِ معي "
[ وصـــال ] : " هيي أنتِ .. هذه يدٌ إن كنتِ تعلمين "
[ صــــوفي ] : " واصلي عبثك .. عندها لن تجديها في مكانها "
نظرت [ صـــوفي ] بحدة إلى [ وصـــال ] ، ظلّت تنظر إلى عينيها المكحلتين ، لتتسع عيناها ..
أفلتت [ صـــوفي ] يد [ وصـــال ] ، وذهبت من أمامها تقصد باب القسمـ ..
بقيت [ وصـــال ] صامتةً ، فاتحةً عينيها على استاعها ، لا تعِ ما طرأ أمامها ..
بدا أنها تلهث ، وضعت يدها على صدرها ، لتغمض عينيها ..
التفتت صوبها [ أمـــل ] ، لا تفهمـ سبب بقاء صديقتها واقفةً لا تحرك ساكنًا ..
[ أمـــل ] : " [ وصـــال ] .. ما خطبك ؟ ألن تقفِ بوجهها ؟ "
التفتت [ وصـــال ] إلى الخلف ، لترى [ صــوفي ] شارعة في خروجها من القسمـ ،
" تلك النظـــــرة ... مرعبة !! " رددتها [ وصــال ] ظاهرًا على مظهرها الخوف الشديد ..
ابتسمت [ عبير ] .. لتنتبه إليها [ رانيــــا ] ..
[ عبير ] : " أخيــــرًا ،، ثمّة من يستطيع إسكاتها "
[ رانيــــا ] : " بالفعــــل ، بالرغمـ من أننا لمـ نرَ أية مشاحنة "
[ عبير ] : " هذا سيغلق فمّها لبعض الوقت "
[ رانيــــا ] : " فقط .. لبعض الوقت "
•••
من جهةٍ أُخــــرى ، ظلّ الشابان يتابعان ما يحدث بين الفتايات ،
التفتت [ أنــس ] ناحية [ وســـامـ ] ، ليجده ينظر باتجاه الباب ..
[ أنــس ] : " غريب !! انتهــى الأمر بصمتٍ تامـٍ ! "
[ وســـامـ ] : " تلك الفتـــاة .. رأيتُ الرعب في عيني [ وصــال ] بعد نظرتها تلك "
[ أنــس ] : " نظرتها فقط ؟ قل مظهرها بالكـــامل ,, خُيِّل لي أن موتي على يدها عندما حدّثتني "
[ وســـامـ ] : " متــــى ؟ "
[ أنـــس ] : " عند إغمائكَ يا رجل .. هي من أسعفك "
صمت [ وســـامـ ] ، وضع رأسه فوق يده ، التي سندها على الطــاولة ،
التفت إليه [ أنـــس ] ، ليراه متئكًا على الطاولة ..
[ أنـــس ] : " أما تزال متعبًا يا صاحبي ؟ "
[ وســـامـ ] : " لا .. أنا بخير .. "
[ أنـــس ] : " إذًا ,, أسمعني ما لديك "
اعتدل [ وســـامـ ] : " ماذا تقصد ؟ "
[ أنـــس ] : " تعلمـ قصدي جيدًا .... "
[ وســـامـ ] : " يا أخــي .. قُل ما لديك هيّا "
بدأ [ أنــس ] يضرب بيده على الطــاولة ، محدثًا إيقاعًا خفيفًا ،
التفت [ وســامـ ] إلى يدي [ أنــس ] .. أزاح نظره إلى وجه صديقه ،
ليجده يبتسمـ إليه ..
ردد [ أنــس ] منشدًا : " الله يا مولانا ، الله الله يا الله مولانا ، الله يا مولانا ،
حالي ما يخفاك يا الواحد ربي .. "
ابتســمـ [ وســامـ ] ..
[ وســـامـ ] : " آهٍ يا صاحبي .. تجبرني على الإنشاد ؟"
أومأ [ أنــس ] لــ [ وســامـ ] مكملاً إنشاده ..
أنشد الإثنان : " الله يا مولانا ، الله الله يا الله مولانا ، الله يا مولانا ،
حالي ما يخفاك يا الواحد ربي ، سبحان الحي الباقي ، سبحانك يا الله جود عليَّ ,,,, "
تابع الإثنان الإنشاد ، لتنتبه إليهما [ عبير ] و [ رانيــــا ] الواقفتان عند الباب ..
[ رانيــــا ] : " الله يا مولانا ؟ "
[ عبير ] : " يحبان هذه الأُنشودة .. تعرفينها ؟ "
[ رانيــــا ] : " بلـــى .. كنتُ أسمعها وأنا في ذاك الوطــن .. "
أكملت [ رانيــــا ] : " أُنشودة مغربية ، تحمل في ثناياها التراث المغربي "
[ عبير ] : " بالضبط تمامًا ،رغمـ قِدمها ، إلاّ أنها تبقى جميلة "
نظرت [ رانيــــا ] إلى [ أنــس ] و [ وســـامـ ] وهما يُنشدان سويًا ،
أغمضت عينيها ، وابتسمت ..
[ رانيــــا ] : " جميــــل ! "
[ عبير ] : " ما هو ؟ "
[ رانيــــا ] : " صوتهما .. جميلٌ جدًا .. يزيد من جمال الأنشودة "
[ عبير ] مبتسمة : " بل هو بديع ! "
لمع وميض الذكريات في ذهن [ رانيــــا ] ، لترى نفسها جالسةً على سريرها ،
في غرفتها ، وسط صديقاتها ، في ذاك الوطـــن ، وهنَّ يُنشدن تلك الأنشودة ..
بدت عليهنَّ الســـعادة ..
فتحت عينيها ، لتجد نفسها ما تزال في القسمـ ، ظهر الحزن على محياها ،
أنزلت رأسها لتنتبه إليها [ عبير ] ..
[ عبير ] : " [ رانيــــا ] ! ما بك ؟ "
[ رانيــــا ] بشبه ابتسامة : " لا .. لا شيء .. "
صمتت [ رانيــــا ] لوهلةٍ وقالت :
" تذكــــــرت المــاضي ، الذي يُفترض بي نسيانه "
أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي