و المـآيـك معي
.
.
كيـن : لقـد اتّصـلت بي جدّتك جونـا .. !
صمتتُ قليـلاً بانتـظارٍ أن يُكمـل ، كـآن التـوتّر بـادياً على وجهه ،
قطّبتُ حاجبـاي .. و قلبيَ يخفِقُ بعُنف .. ثُمّ أكمـلتُ : و .. مـاذا قـالتْ لك .. ؟!
" والـدُكِ جونـا .. والدُك "
خرَجتُ من إطـار هدوئي .. أمسَكتُ كين من يـاقةِ قميصـه و أخذتُ أصرَخ في وجهه ..
كـان الخوفُ من أن تتحققّ مخـاوفي يُسيطرُ عليّ .. قلتُ : مـا بهِ أبي .. تحدث .. !
لم لا تقـولُ شيئـاً .. ؟ هيّـا كلمني .. قــــــــل شـيــئـــاً ..
أي شيء .. !!
أمسكت بي سـالي و أبعدتني عنـه و قلبُها يعتصرُ من الألـم ، فهمتُ أنها تعلَمُ ما كان
سيقُـولُه كين .. أخذتُ أبكي بغزارة .. تكوّرتُ علـى نفسي و جلستُ في زاويـةٍ بعيـدة ..
كُل ذلك و تلكَ المرأةُ الغـريبَة تشـاهِدُ ما يجـري ، ابتسمـَت بخفـّة .. ولم أنتبـه لتـلكَ
الابتسـامة ، حمداً لله أنني لم أنتبـه .. وإلا لثـار غضبي عليهـا .. أخذتُ أتمتمُ وسطَ
دموعي : " أبي توفي ، رحـــــل ، مـــات .. أليسَ كذلك .. أنتُم جميعاً خونـة .. خــــــونــة .. !! "
اقتـربت سـالي و نيـرني منـّي ، في مُحاولـةٍ لتهـدئة روعـي ، نيـرني التي كـانت تبكـي ..
التي لم تفهم من الأمرٍ شيئـاً ، بكيَت لبُكـائي ، و حتّى سـالي .. لم تستـطِع منع
دُموعهـا .. منظرُهمـا زادَني بُكـاءً ، ثمّ اقتـرب كين منـي .. بدا على وجهه الصـمُود و
عدَمُ الاستـسـلام .. أمسكَ بيـدي بقـوّة آلمتنـي .. نزل إلى مستـواي على الأرض ..
رفع وجهي و نظر إلى عينـاي التـان غطـاهُما ستـارٌ شفـاف تتسـاقطُ قطراتُه على
خداي .. ثُم همـس :
- اطلُبي لـهُ الرّحمـة جونـا ، إن كـان حيّـاً .. مـاكان ليقبـل أن يراكِ بهـذا الشـكـل ،
أنتِ تعنين لـه الكثير ، تعنين لوالدَتكِ الكثير ، تعنين لـ سالي و الجدّة ، و تلك
( يُشير إلى نيـرني ) ، و تعنين ليَ الكثيـر .. امسحِي دُموعـكِ من أجلنـا جميعاً ..
نحنُ لن نتخلّى عنكِ أبـداً .. و سيبقى والدكِ حيّـاً في قلبـ♥ ـك ، إن كُنتِ تحبّينهُ
بـالفـعل ، فـامسحي هذه الدّموع .. وانظُري إلى الغـدِ بـإشراق .. الأملُ باقٍ جونـا ..
والحياةُ لم تتـوقف .. حسناً .. ؟!
مسحتُ دموعي المتراكمـة وابتسمتُ رغمـاً عني ، مد يدهُ إليّ لأنهض عنِ الأرض ..
أمسكُتُ بها .. ونهضت بتفـاؤل من بعد كلمـاته التي كـانت كـالبلسـم ، ابتسَمت سـالي
و احتضنتنـي بقـُوّة ، و كذلِكَ فعـلتْ نيـرني ، أما تلكَ المرأةُ الغـريبـة ، فكـادتْ أن تمـُوت
من شدّة الغيـظ .. قرأتُ ذلكَ من سـوادِ عينيهـا ، ثم لم تنبس بكـلمة ، و خرجتْ بعُنفٍ
تمـاماً كمـا دخلَت .. 0
سـألتُ كين : ألمْ تقـل لي أن والدَكَ ينتظـرُك .. ؟!
ابتسمَ هوَ الآخر : يستـطيعُ والدي الانتـظار خمسَ دقائـقَ أخرى ،
ابتسمْتُ ، و ضربت سـالي ذراع كين مازحةً : هيي أنتُمـا ، نحنُ هنـا .. !
ثمّ ضحِكت هِي و نيرني ، و ضحكتُ أنا بخجل .. ثم قـالت نيرني :
- بالمُنـاسبة ، نسيتُ أن أعرّفـكُم بنفسـي ، أنـا نيـرنـي .. صديقـةُ جونـا .. تعرّفتُ عليهـا
عندمـا كان عُمري 10 سنوات في مدينـةِ الألعـاب ، و أخذنا نتحـادثُ عبر الانتـرنت ، و نتـلاقى كُلّمـا
سنحت لنـا الفرصة ، و أصبحنا مقربتين جدّاً ، كـانت تـأكُل الكثير من الحلـوى ، و قد حذّرتُها مراراً من
السـكري و لكنـها لم تكُن تُصغي إلي ، علِمتُ بـإصابتِها بالسّـكري من جدّتها قبـل بضعةِ أيّـام ،
و لكن الجدّة لم تخبرني أيّ شيءٍ عن والـدها ..
سـالي بغضبِ مُصطنـع : لمَ لا أعرفُك ، جونـا ! ظننتُ أننـا صديقتان و تخبرُ كلٌّ منا الأخرى
بكُلّ شيء !
قـاطعتهـا نيـرني : أنا لـم أُرد أن تعرّف جونا أحداً علي .. سوَى عائلتهـا ، لأننـِي يتيمـة و قـد
هربـتُ من مـلجأ الأيتـام ، و هم يبحثون عنّي الآن .. و قـد دفـع والـدُ جونـا ثمنَ إقـامتي في شقّـة صغيرةٍ معـزولـة و جهّـزها بكُلّ مـا أحتـاجُ إليـه ( ابتسمتْ ) ، أدين لهُ بالكـثير حقّـاً ..
رأيت أمارات الخجل على وجه سالـي و أحسستُ بالحُزن على نيـرني ، ثم حاولَ كيـن
تلطيف الجوّ فقـال :
- أرسـلت الجدّة لكنّ جميعاً تـذاكر لزيـارة أمّ جونـا ، جهّزن أغراضـكنّ لتسـافرن بعـد الغـد ..
جونـآ : لنـا .. ؟! ألن تـأتي معنـا ؟
كين : آسف ، لا أستطيـع .. والدي سيغضبُ الآن حقّـا لأنني تأخرتُ عليـه .. أراكُن لاحقـاً ..
.
.
مـاذا سيحدُث لاحقـاً ،
المـايك معَ اللي بعـدي ~