عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /01-08-2011, 06:25 PM   #2

أنامل الخير
تألّقت وسطكن
سبحان الله

L61
    حالة الإتصال : أنامل الخير غير متصلة
    رقم العضوية : 39005
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    المشاركات : 3,820
    بمعدل : 0.62 (مشاركة/اليوم)
    النقاط : أنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond reputeأنامل الخير has a reputation beyond repute
    التقييم : 6243
    تقييم المستوى : 144
    الأسهم : 0 (أسهم/سهم)
    الجواهر : (جواهر/جوهرة)
    عدد الدعوات : 0
    زيارات ملفي : 86949
    علم الدولة :  SaudiArabia

     SMS : العقل صفاء النفس والجهل كدرها

مزاجي :
    استعرضي : عرض البوم صور أنامل الخير عرض مواضيع أنامل الخير عرض ردود أنامل الخير
    أوسمتي :         هنا
    تجديني هنا :
     MMS :

MMS

1






• • أبو ذرالغفاري


صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم ٬ بيد أن الغاية التي يسعى اليها ٬ أنسته
جراحه ٬ وأفاضت على روحه الحبور والبشور.

ودخلها متن ڪرا ٬ ڪأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوفوا بآلهة الڪعبة العظام.. أو ڪأنه عابر سبيل ضل
طريقه ٬ أو طال به السفر والارتحال فأوى اليها يستريح ويتزود.
فلو علم أهل مڪة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم ٬ ويستمع اليه لفتڪوا به.
وهو لا يرى بأسا في أن يفتڪوا به ٬ ولڪن بعد أن يقابل الرجل الي قطع الفيافي ليراه ٬ وبعد أن يؤمن به ٬
ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..

ولقد مضى يتسمع الأنباء من بعيد ٬ وڪلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر ٬ حتى
جمع من نثارات الحديث هنا وهناڪ ما دله على محمد ٬ وعلى المڪان الذي يستطيع أن يراه فيه.
في صبيحة يوم ذهب الى هناڪ ٬ فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحده ٬ فاقترب منه وقال:
نعمت صباحا يا أخا العرب..
فأجاب السول عليه الصلاة والسلام: وعليڪ السلام يا أخاه.
قال أبو ذر:أنشدني مما تقول..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هو بشعر فأنشدڪ ٬ ولڪنه قرآن ڪريم.
قال أبو ذر: اقرأ علي..
فقرأ عليه الرسول ٬ وأبو ذر يصغي.. ولم يمضي من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر:
"أشهد أن لا اله الا الله.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"!
وسأله النبي: ممن أنت يا أخا العرب..؟
فأجابه أبو ذر: من غفار..
وتألقت ابتسامة على فم السول صلى الله عليه وسلم ٬ واڪتسى وجهه الدهشة والعجب..
وضحڪ أبو ذر كذلڪ ٬ فهو يعرف سر العجب الذي ڪسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي
يجهر بالاسلام أمامه انما هو رجل من غفار..!!
فغفار هذه قبيلة لا يدرڪ لها شأو في قطع الطريق..!!
وأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. انهم حلفاء الليل والظلام ٬ والويل لمن يسلمه الليل
الى واحد من قبيلة غفار.
أفيجيء منهم اليوم ٬ والاسلام لا يزال دينا غصا مستخفيا ٬ واحد ليسلم..؟!

أسلم أبو ذر من فوره..
وڪان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس..
اذن ٬ هو قد أسلم في الأيام الأولى ٬ بل الساعات الأولى للاسلام ٬ وڪان اسلامه مبكرا..
وحين أسلم ڪلن الرسول يهمس بالدعوة همسا.. يهمس بها الى نفسه ٬ والى الخمسة الذين آمنوا
معه ٬ ولم يڪن أمام أبي ذر الا أن يحمل ايمانه بين جنبيه ٬ ويتسلل به مغادرا مڪة ٬ وعائدا الى قومه...
ولڪن أبا ذر ٬ جندب بن جنادة ٬ يحمل طبيعة فوارة ج ياشة.
لقد خلق ليتم رد على الباطل أنى يڪون.. وها هو ذا يرى الباطل بعينيه.. حجارة مرصوصة ٬ ميلاد عابديها
أقدم من ميلادها ٬ تنحني أمامها الجباه والعقول ٬ ويناديها الناس: لبيڪ.. لبيڪ..!!
وصحيح أنه رأى الرسول يؤثر لهمس في أيامه تلڪ.. ولڪن لا بد من صيحة يصيحها هذا الثائر الجليل قبل
أن يرحل.

لقد توجه الى الرسول عليه الصلاة والسلام فور اسلامه بهذا السؤال:
يا رسول الله ٬ بم تأمرني..؟
فأجابه الرسول: ترجع الى قومڪ حتى يبلغڪ أمري..
فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد..!!
ألم أقل لڪم..؟؟
تلڪ طبيعة متمردة جياشة ٬ أفي اللحظة التي يڪشف فيها أبو ذر عالما جديدا بأسره يتمثل في الرسول
الذي آمن به ٬ وفي الدعوة التي سمع بتباشيرها على لسانه.. أفي هذه اللحظة يراد له أن يرجع الى
أهله صامتا.؟
هذا أمر فوق طاقته..
هنالڪ دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته:
[أشهد أن لا اله الا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله]...
ڪانت هذه الصيحة أول صيحة بالاسلام تحدت ڪبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل غريب ليس
له في مڪة حسب ولا نسب ولا حمى..
ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه.. فقد أحاط به المشرڪون وضربوه حتى صرعوه..
وترامى النبأ الى العباس عم النبي ٬ فجاء يسعى ٬ وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم الا بالحيلة
الذڪية ٬ قال له:
"يا معشر قريش ٬ أنتم تجار ٬ وطريقڪم على غفار ٬٬ وهذا رجل من رجالها ٬ ان يحرض قومه عليڪم ٬ يقطعوا
على قوافلڪم الطريق".. فثابوا الى رشدهم وترڪوه.

ولڪن أبا ذر ٬ وقد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله ٬ لا يريد أن يغادر مڪة حتى يظفر من طيباته بمزيد...!!
وهڪذا لا يڪاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم ٬ يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين (أساف ٬ واثلة)
ودعوانهما ٬ حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا.. فتصرخ المرأتان ٬ ويهرول الرجال ڪالجراد ٬
ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه..
وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه " يشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله". ويدرڪ الرسول عليه
الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد ٬ وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل. بيد أن وقته لم يأت
بعد ٬ فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه ٬ حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث
دلوه..



,‘





• • سَعيد بن عامر

أ ينا سمع هذا الاسم ٬ وأ ينا سمع به من قبل..؟
أغلب الظن أن أڪثرنا ٬ ان لم نڪن جميعا ٬ لم نسمع به قط.. وڪأني بكم اذ تطالعونه الآن تتساءلون: ومن
يڪون عامر هذا..؟؟
أجل سنعلم من هذا السعيد..!!

انه واحد من ڪبار الصحابة رضي الله عنهم ٬ وان لم يڪن لاسمه ذلك الرنين المألوف لأسماء ڪبار الصحابة.
انه واحد من ڪبار الأتقياء الأخفياء..!!
ولعل من نافلة القول وتڪراره ٬ أن ننوه بملازمته رسول الله في جميع مشاهده وغزواته.. فذلڪڪان نهج
المسلمين جميعا. وما ڪان لمؤمن أن يتخلف عن رسول الله في سلم أو جهاد.
أسلم سعيد قبيل فتح خيبر ٬ ومنذ عانق الاسلام وبايع الرسول ٬ أعطاهما ڪل حياته ٬ ووجوده ومصيره.
فالطاعة ٬ والزهد ٬ والسمو.. والاخبات ٬ والورع ٬ والترفع.

ڪل الفضائل العظيمة وجدت في هذا الانسان الطيب الطاهر أخا وصديقا ڪبيرا..
وحين نسعى للقاء عظمته ورؤيتها ٬ علينا أن نڪون من الفطنة بحيث لا نخدع عن هذه العظمة وندعها
تفلت منا وتتنڪر..
فحين تقع العين على سعيد في الزحام ٬ لن ترى شيئا يدعوها للتلبث والتأمل..
ستجد العين واحدا من أفراد الكتيبة الامنية.. أشعث أغبر. . ليس في ملبسه ٬ ولا في شڪله الخارجي ٬
ما يميزه عن فقراء المسلمين بشيء.!!
فاذا جعلنا من ملبسه ومن شڪله الخارجي دليلا على حقيقته ٬ فلن نبصر شيئا ٬ فان عظمة هذا الرجل
أڪثر أصالة من أن تتبدى في أ ي من مظاهر البذخ والزخرف.
انها هناك ڪامنة مخبوءة وراء بساطته وأسماله.
أتعرفون اللؤلؤ المخبوء في جوف الصدف..؟ انه شيء يشبه هذا..


عندما عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام ٬ تلفت حواليه يبحث عن بديل يوليه مڪانه.
وأسلوب عمر في اختيار ولاته ومعاونيه ٬ أسلوب يجمع أقصى غايات الحذر ٬ والدقة ٬ والأناة.. ذلڪ أنه ڪان
يؤمن أن أي خطأ يرتكبه وال في أقصى الأرض سيسأل عنه الله اثنين: عمر أولا.. وصاحب الخطأ ثانيا..
ومعاييره في تقييم الناس واختيار الولاة مرهفة ٬ ومحيطة ٬وبصيرة ٬ أڪثر ما يڪون البصر حدة ونفاذا..
والشام يومئذ حاضرة ڪبيرة ٬ والحياة فيها قبل دخول الاسلام بقرون ٬ تتقلب بين حضارات متساوقة..
وهي مرڪز هام لتجارة. ومرتع رحيب للنعمة.. وهي بهذا ٬ ولهذا درء اغراء. ولا يصلح لها في رأي عمر الا
قديس تفر كل شياطين الاغراء أمام عزوفه.. والا زاهد ٬ عابد ٬ قانت ٬ أواب..

وصاح عمر: قد وجدته ٬ الّي بسعيد بن عامر..!!
وفيما بعد يجيء سعيد الى أمير المؤمنين ويعرض عليه ولاية حمص..
ولڪن سعيدا يعتذر ويقول: " لا تفتني يا أمير المؤمنين"..
فيصيح به عمر:
" والله لا أدعڪ.. أتضعون أمانتڪم وخلافتڪـم في عنقي.. ثم تترڪوني"..؟؟!!

واقتنع سعيد في لحظة ٬ فقد ڪانت ڪلمات عمر حر ية بهذا الاقناع.
أجل. ليس من العدل أن يقلدوه أمانتهم وخلافتهم ٬ ثم ينرڪوه وحيدا..واذا انفض.



ڪانت حمص أيامئذ ٬ توصف بأنها الڪوفة الثانية وسبب هذا الوصف ٬ رثرة تمرد أهلها واختلافهم على ولاتهم.
ولما ڪانت الڪوفة في العراق صاحبة السبق في هذا التمرد فقد أخذت حمص اسمها لما شابهتها...
وعلى الرغم من ولع الحمصيين بالتمرد ڪما ذڪرنا ٬ فقد هدى الله قلوبهم لعبده الصالح سعيد ٬ فأحبوه وأطاعوه.
ولقد سأله عمر يوما فقال: " ان أهل الشام يحبونڪ".؟
فأجابه سعيد قائلا:" لأني أعاونهم وأواسيهم"..!

بيد أن مهما يڪن أهل حمص حب لسعيد ٬ فلا مفر من أن يڪون هناك بعض التذمر والشڪوى.. على الأقل
لتثبت حمص أنها لا تزال المنافس القوي لڪوفة العراق...
وتقدم البعض يشڪون منه ٬ وڪانت شڪوى مبارڪة ٬ فقد ڪشفت عن جانب من عظمة الرجل ٬ عجيب عجيب جدا..
طلب عمر من الزمرة الشاڪية أن تعدد نقاط شڪواها ٬ واحدة واحدة..

فنهض المتحدث بلسان هذه المجموعة وقال: نشڪو منه أربعا:
" لا يخرج الينا حت يتعالى النهار..
ولا يجيب أحدا بليل..
وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما الينا ولا نراه ٬
وأخرى لا حيلة له فيها ولڪنها تضايقنا ٬ وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين"..

وجلس الرجل:
وأطرق عمر مليا ٬ وابتهل الى الله همسا قال:
" اللهم اني أعرفه من خير عبادڪ..
اللهم لا تخيب فيه فراستي"..

ودعاه للدفاع عن نفسه ٬ فقال سعيد:
أما قولهم اني لا أخرج اليهم حتى يتعالى النهار..
" فوالله لقد ڪنت أڪره ذڪر السبب.. انه ليس لأهلي خادم ٬ فأنا أعجن عجيني ٬ ثم أدعه يختمر ٬ ثم اخبز
خبزي ٬ ثم أتوضأ للضحى ٬ ثم أخرج اليهم"..
وتهلل وجه عمر وقال: الحمد لله.. والثانية..؟!

وتابع سعيد حديثه:
وأما قولهم: لا أجيب أحدا بليل..
فوالله ٬ لقد ڪنت أڪره ذڪر السبب.. اني جعلت النهار لهم ٬والليل لربي"..
أما قولهم: ان لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما...
" فليس لي خادم يغسل ثوبي ٬ وليس بي ثياب أبدلها ٬ فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين..
وفي آخر النهار أخرج اليهم ".

وأما قولهم: ان الغشية تأخذني بين الحين والحين..
" فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمڪة ٬ وقد بضعت قريش لحمه ٬ وحملوه على جذعه ٬ وهم يقولون
له: أحب أن محمدا مڪانك ٬ وأنت سليم معافى..؟ فيجيبهم قائلا: والله ما أحب أني في أهلي وولدي ٬
معي عافية الدنيا ونعيمها ٬ ويصاب رسول الله بشوڪة..
فڪلما ذڪرت ذلڪ المشهد الذي رأيتهو أنا يومئذ من المشرڪين ٬ ثم تذڪرت ترڪي نصرة خبيب يومها ٬
أرتجف خوفا من عذاب الله ٬ ويغشاني الذي يغشاني"..

وانتهت ڪلمات سعيد التي ڪانت تغادر شفتيه مبللة بدموعه الورعة الطاهرة..
ولم يمالڪ عمر نفسه ونشوه ٬ فصاح من فرط حبوره.
" الحمد لله الذي لم يخيب فراستي".!
وعانق سعيدا ٬ وقبل جبهته المضيئة العالية...



,‘






مُصعَب بِن عُمير

هذا رَجلٌ مِن أصحابِ مُحمّد , ما أجمَل أن نَبدأ بِه الحَديث : غُرّةُ فِتيان قُرَيش ,وأوفاهم بَهاءً , وَجمالاً , وشباباً
يَصفُ المؤرخونَ والرواةُ شَبابَه , فَيقولون : ( كانَ أعطرَ أهل مَـڪـة ... وُلِدَ في النِعمة , وغُذيَّ بها , وَشبَّ تَحت خَمائِلها )

ولَعله لَم يَـڪُن بَين فِتيان مَـڪَة من ظَفر من تَدليل أبَويّه بِمثل ما ظَفر به " مُصعَب بِن عُمير " ..
ذلِك الفَتى الريّان , المُدلل المنَّعم , حَديث حِسان مَـڪّة , ولُؤلؤة نَدواتها ومَجالِسها ,
أيّمـڪن أن يَتحولَ إلى أسطورَةِ من أساطِير الإيمان والفِداء ...؟

بالله ما أروَعه من نَبأ .. نَبأ "مُصعَب بِن عُمَير" أو "مُصعب الخَيّر" ڪما ڪانَ لَقبه وبَين المُسلمين ..!!
إنّه واحدٌ من اولئِـڪ الذينَ صاغَهمُ الإسلام ورَبّاهم "مُحمد" عَليه الصَلاة والسَلام ..

لَقد سَمِع الفَتى ذاتَ يوم , ما بدأ أهل مَـڪة يَسمَعونه عن مُحمّد الأمين ..
"مُحمد" الذي يَقول إن الله أرسَله بَشيراً ونَذيراً , وداعياً إلى عِبادة الله الواحِد الأحَد.
وحينَ ڪانَت مـڪة تُمسي وتُصبِح ولا هَمّ لها , ولا حَديث يَشغلها إلا الرَسول عَليه الصَلاة والسَلامُ ودينه ,
ڪانَ فَتى قُريشٍ المُدلل أڪثَر الناسِ استماعاً لهذا الحَديث .

ذلـڪ أنّه كان على الرُغمِ من حداثَه سنه , زينةَ المجالِس والنَدوات , تَحرصُ ڪُل نَدوة على أن يَـڪون "مُصعب" بين شهودِها .
ولَقد سَمع فيما سَمع أن الرَسول ومَن آمن مَعه , يَجتمعون بَعيداً عن فُضول قُرَيش وأذاها ..
هُناڪَ على الصَفا في دارِ "الأرقَم بِن أبي الأرقَم" فَلم يُطل به التَردد , ولا التَلبثُ والإنتظار .
بَل صَحب نَفسه ذاتَ مساء إلى "دار الأرقم" تَسبقه أشواقُه ورؤاه ..

هُناڪَڪانَ الرَسول يَلتقي بأصحابِه فَيتلو عَليهم من القُرآن , ويُصلي مَعهم لله العَليّ الـڪَبير .
ولَم يَـڪد "مُصعب" يأخذُ مَـڪانه , وتَنسابُ الآياتُ من قَلب الرسول متألِقة على شَفتيه , ثُم آخذةً طَريقها إلى الأسماع والأفئدة ؛
حَتى ڪانَ فؤاد "ابنُ عُميّر" في تِلك الأمسية هو الفؤادُ المَوعود ..!!
ولَقد ڪاَدت الغِبطةُ تَخلَعه من مَـڪانه , وڪأنّه من الفَرحةِ الغامِرة يَطير.
وأسلَم "مُصعب الخَير" ..
َڪَانت أم مصعب "خناس بنت مالك" تتمتع بقوة فذة في شخصيتها . وكانت تهاب الى حد الرهبة..

ولم يـڪن مصعب حين أسلم ليحاذر أو يخاف على ظهر الأرض قوة سوى امه.

فلو أن مـڪة بل أصنامها وأشرافها وصحرائها . استحالت هولا يقارعه ويصارعه . لاستخف به مصعب الى

حين..

أما خصومة أمه . فهذا هو الهول الذي لا يطاق..!
ولقد فـڪَر سريعا . وقرر أن يـڪتم اسلامه حتى يقضي الله أمرا.
وظل يتردد على دار الأرقم . ويجلس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو قرير العين بايمانه .
وبتفاديه غضب أمه التي لا تعلم خبر اسلامه خبرا..
ولـڪن مـڪة في تلك الأيام بالذات . لا يخفى فيها سر . فعيون قريش وآذانها على كل طريق . ووراء ڪل
بصمة قدم فوق رمالها الناعمة اللاهبة . الواشية..
ولقد أبصر به "عثمان بن طلحة" وهو يدخل خفية الى دار الأرقم.. ثم رآه مرة أخرى وهو يصلي ڪصلاة
محمد صلى الله عليه وسلم . فسابق ريح الصحراء وزوابعها . شاخصا الى أم مصعب . حيث ألقى عليها
النبأ الذي طار بصوابها...

ووقف مصعب أمام أمه . وعشيرته . وأشراف مـڪة مجتمعين حوله يتلو عليهم في يقين الحق وثباته .
القرآن الذي يغسل به الرسول قلوبهم . ويملؤها به حـڪمة وشرفا . وعدلا وتقى.
وهمت أمه أن تسـڪته بلطمة قاسية . ولكن اليد التي امتدت ڪالسهم . ما لبثت أن استرخت وتنحت أمام
النور الذي زاد وسامة وجهه وبهاءه جلالا يفرض الاحترام . وهدوءا يفرض الاقناع..
ولـڪن . اذا ڪانت أمه تحت ضغط أمومتها ستعفيه من الضرب والأذى . فان في مقدرتها أن تثأر للآلهة التي
هجرها بأسلوب آخر..


وهـڪذا مضت به الى رڪن قصي من أرڪان دارها . وحبسته فيه . وأحـڪمت عليه اغلاقه . وظل رهين
محبسه ذاڪ . حتى خرج بعض المؤمنين مهاجرين الى أرض الحبشة . فاحتال لنفسه حين سمع النبأ .
وغافل أمه وحراسه . ومضى الى الحبشة مهاجرا أوابا..
ولسوف يمـڪث بالحبشة مع اخوانه المهاجرين . ثم يعود معهم الى مـڪة . ثم يهاجر الى الحبشة للمرة
الثانية مع الأصحاب الذين يأمرهم الرسول بالهجرة فيطيعون.

ولـڪن سواء ڪان مصعب بالحبشة أم في مـڪة . فان تجربة ايمانه تمارس تفوقها في ڪل مـڪان وزمان . ولقد
فرغ من اعادة صياغة حياته على النسق الجديد الذي أعطاهم محمد نموذجه المختار . واطمأن مصعب
الى أن حياته قد صارت جديرة بأن تقدم قربانا لبارئها الأعلى . وخالقها العظيم..
خرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول رسول الله . فما ان بصروا به حتى حنوا رؤوسهم
وغضوا أبصارهم وذرفت بعض عيونهم دمعا شجيا..
ذلـڪ أنهم رأوه.. يرتدي جلبابا مرقعا باليا . وعاودتهم صورته الأولى قبل اسلامه . حين ڪانت ثيابه كزهور
الحديقة النضرة . وألقا وعطرا..
وتملى رسول الله مشهده بنظرات حـڪيمة . شاڪرة محبة . وتألقت على شفتيه ابتسامته الجليلة . وقال:
" لقد رأيت مصعبا هذا . وما بمـڪة فتى أنعم عند أبويه منه . ثم ترڪك ذلـڪڪله حبا لله ورسوله".!!

لقد منعته أمه حين يئست من ردته ڪل ما ڪانت تفيض عليه من نعمة.. وأبت أن يأڪل طعامها انسان
هجر الآلهة وحاقت به لعنتها . حتى ولو يـڪون هذا الانسان ابنها..!!
ولقد ڪان آخر عهدها به حين حاولت حبسه مرة أخرى بعد رجوعه من الحبشة. فآلى على نفسه لئن
هي فعلت ليقتلن ڪل من تستعين به على حبسه..

وانها لتعلم صدق عزمه اذا هم وعزم . فودعته باڪية . وودعها باڪيا..
وڪشفت لحظة الوداع عن اصرار عجيب على الـڪفر من جانب الأم واصرار أڪبر على الايمان من جانب
الابن.. فحين قالت له وهي تخرجه من بيتها: اذهب لشأنـڪ . لم أعد لـڪ أما. اقترب منها وقال:"يا أ مه اني
لـڪ ناصح . وعليـڪ شفوق . فاشهدي بأنه لا اله الا الله . وأن محمدا عبده ورسوله"...

أجابته غاضبة مهتاجة:" قسما بالثواقب . لا أدخل في دينـڪ . فيزرى برأيي . ويضعف عقلي"..!!
وخرج مصعب من النعمة الوارفة التي ڪان يعيش فيها مؤثرا الشظف والفاقة.. وأصبح الفتى المتأنق
المعطر . لا يرى الا مرتديا أخشن الثياب . يأڪل يوما . ويجوع أياما ولـڪن روحه المتأنقة بسمو العقيدة .
والمتألقة بنور الله . ڪانت قد جعلت منه انسانا آخر يملأ الأعين جلال والأنفس روعة...












 

  رد مع اقتباس