لستُ على صلة وفاق مع الصيف و حرارته ، لذلك حينما هندستُ الغربة في صدري ، قفزت كندا ك ملجأ ثلجي لكل هواجس الوطن .
أشعر أني جيد و كلي نشاط حينما أنغمس و أنفاسي في برودة قاسية ، تمنحني عبق الحياة و رونق المثابرة ، البردُ ليس سيئا كما يعتقد البعض ، قاتم
نعم لكنه أكثر دفءً من سرير قطن معطر .
أيمكن أن تُصاب بعشق محموم و أنت تنظر خلف نافذة منزلك المطل على العشب و النهر الأفعواني ، توازي انقباضاتك
مع اللون الأبيض المعطفي ، تقشعر كأنك في قبلة طويلة النَفَسْ ، تبتسم و تزرق عيناك من وهج الإثارة ، أنك قريبًا من
البرد الذي يستفحلُ على عواطفك القابلة لممارسة الرغبة في التجمد ؟
أي نعم :
لستُ كريما جدا مع أهواء الحر ، و لـا مع شواطئ الإستجمام ، و لـا مع استقطاب اللون البرونزي على الجسد ، - ليس
بعد الآن على كل حال - ، الكاتب بداخلي يشعر بالوهن حينما تأكل الشمس عرقه ، و تلسعه على بشرته ، و تكوي قميصه المفتوح من الصدر كيَّا .
الكاتب - أنا - يُحاول أن يعرج على المدينة ليلًا ، لأن الليل مهجع الكائنات الخفية ، يُخفي تحت سترته الخفيفة علبة سجائر
و علكة بطعم النعناع ، و قلم رصاص يُمكنه من تصحيح عواطفه قبل فوات الآوان ، و لأني أعرفه جيدا فهو يترك الكلمات
على سجيتها ، بأخطاء لـا تُغتفر ، و أشكال لـا تُعرب ، و هندسة غير قابلة للتشكيل .
و يبقى البرد :
ليلة حُب ستجمعنا معًا ، بمعطف واحد و شال صوفي يربط بين عنقينا ، و قبلة كبيرة كالكون ، طويلة كالدهر ، غالية ك حنان أم ، و قوية
كإعصار كافر ، و عذبة ك صوت فيروز ، و شيطانية كعيني قط لعوب ، و متفائلة كأحلامنا المشتركة ، و حمراء ك ملون الشفاه ، و أبدية ك رحمة الرب .
و لأن البرد حنين
سيأتيك البردُ من أنى تُحب ، لـأني ما تُحب و لـأنه ما أحب : البرد
سيبقى القلبُ مُشتعلًا بك حتى تأتي الريح بعطرك أو تأخذني إليك ،.

أحبوهم في الشتاء ، لـأن الشتاء لـا تكذبُ و البردَ لـا يسعلُ في رئتيك دون إنذار
أحبوهم و لـا تكونوا بُخلـاء
فالشتاء دوما كانت مهجع الحُب و الدفء ،.