منذ /14-01-2010, 10:12 PM
|
#157
|
مشرفة " الـنـادي الـرياضـي و الـصـحـي "
|
موسى عليه السلام
14 - غرق فرعون
استجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نبيه ورسوله موسى وجاء الأمر الإلهي إلى موسى أن يخرج مع بني إسرائيل من مصر ليلاً
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ) الشعراء 52
ولا يخاف من العاقبة، وأخبره أن فرعون سيتبعه، ولكن الله منجيه هو ومن آمن معه وسيغرق فرعون وجنوده.
فأخبر موسى بني إسرائيل بالخبر، وطلب منهم أن يتجهزوا للخروج معه إذا جنَّ الليل، فأسرع قوم موسى يتجهزون للرحيل من مصر، فهي الساعة التي طال انتظارهم بها.
(فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ )الدخان 23
قال المفسرون وغيرهم من أهل الكتاب: استأذن بنو إسرائيل فرعونفي الخروج إلي عيد لهم، فأذن لهم وهو كاره، ولكنهم تجهزوا للخروج وتأهبوا له، وإنماكان في نفس الأمر مكيدة بفرعون وجنوده، ليتخلصوا منهم ويخرجوا عنهم. وأمرهم اللهتعالى ـ فيما ذكره أهل الكتاب ـ أن يستعيروا حلياً منهم، فأعاروهم شيئاً كثيراً،فخرجوا بليل فساروا مستمرين ذاهبين من فورهم، طالبين بلاد الشام
وسار موسى وقومه في اتجاه البحر، وبعد ساعات طويلة كان موسى ومن معه قد قطعوا شوطًا طويلاً على أقدامهم، ووصل خبر خروج بني إسرائيل من مصر إلى فرعون فهاج هياجًا شديدًا وحنق عليهم كل الحنق، واشتد غضبه عليهم، وشرع في استحثاث جيشه وأصدر أوامره أن يجتمع إليه في الحال جميع جنوده ليلحقهم ويمحقهم
(إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ* وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) الشعراء 54 - 56
وفي لحظات اجتمع إلى فرعون عدد كبير من الجنود والفرسان قيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا ومقدمة جيشه سبعمائة ألف فقللهم بالنظر إلى كثرة جيشه والله أعلم
فأخذهم وخرج بهم يترقب أثر موسى وقومه حتى أدركهم عند شروق الشمسوتراءى الجمعان ولم يبق ثم ريب ولا لبس، وعاين كل من الفريقين صاحبهوتحققه ورآه ولم يبق إلا المقاتلة والمجادلة والمحاماة
وهنا تملك بني إسرائيل الرعب والفزع عندها قال أصحاب موسى وهمخائفون إنا لمدركون وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلي البحر فليس لهم طريق ولامحيد إلا سلوكه وخوضه، وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه، والجبال عن يسرتهموعن أيمانهم وهي شاهقة منيفة، وفرعون قد غالقهم وواجههم وعاينوا فرعون وجنوده وديوشهوعدده وعدته، وهم منه في غاية الخوف والذعر، لما قاسوا في سلطانه من الإهانةوالمكر.
فراحوا يتخيلون ما سيوقعه فرعون بهم من ألوان العذاب والنكال، وظنوا أن فرعون سيدركهم لا محالة فأخذ موسى يطمئنهم ويذكرهم بأن الله سينصرهم وينجيهم
(فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ* فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)الشعراء61 – 63
فأمر الله موسى أن يضرب بعصاه البحر، ففعل، فانشقَّ اثني عشر فرقا فكان كل فرق كالطود العظيم الجبل الضخم بينها مسالك سلكوها لم يبتل منها سرج الراكب ولا لبده طريق يابس فاندفع بنو إسرائيل فيه قبل أن يصل فرعون وجنوده إليهم
ولما وصل فرعون ومن معه إلى الشاطئ كان بنو إسرائيل قد خرجوا إلى الشاطئ الآخر
(وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ) الدخان 24
أراد موسى عليه السلام أنيضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان عليه، لئلا يكون لفرعون وجنوده وصول إليه
لكن أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى عليه السلام أن يترك البحر ساكناً على هيئته
فلما تركه على هيئته وحالته وصل فرعون ورأى أن الطريق الذي سلكه بنو إسرائيل مازال موجودًا فرأى مارأى وعاين ما عاين فهاله هذا المنظر العظيم وتحقق من أن هذامن فعل رب العرش الكريم فأحجم ولم يتقدم
لكنه أظهر لجنوده تجلداً وعاملهم معاملة العداء، وحملتهالنفس الكافرة والسجية الفاجرة، على أن قال لمن استخفهم فأطاعوه، وعلى باطلهتابعوه: انظروا كيف انحسر البحر لأدرك عبيدي الآبقين من يدي، الخارجين عن طاعتيوبلدي
وجعل يوري في نفسه أن يذهب خلفهم ويقدم تارة ولكنهيحجم تارات!.
فذكروا أن جبريل عليه السلام تبدى في صورة فارس راكب على رمكةحائل واستبق الجواد وقد أجاد فبادر مسرعاً باقتحام البحر
فلما رأته الجنود قد سلك البحر اقتحمواوراءه مسرعين، فحصلوا البحر أجمعين أكتعين أبصعين. حتى هم أولهم بالخروج منه، فعندذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فارتطم عليهمالبحر كما كان، فلم ينج منهم إنسان (تفسير ابن كثير)
ولما أدرك فرعون أنه سيغرق أراد أن ينجو بحيلة فقال:
(وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ )[يونس: 90].
لكن هيهات لقد نفذ أمر الله، وغرق فرعون وعاين الموت، وأيقن أنه لا نجاة له منه، وفي هذا الوقت لا تنفع التوبة، ولا ينفع الندم، لقد بلغت الروح الحلقوم، وجاء إيمان فرعون متأخراً فقد حضر الموت، وفات أوان التوبة.
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) يونس 92
وبعد أن لفظ فرعون أنفاسه الأخيرة، حملت الأمواج جثته، وألقتها على شاطئ البحر ليراها المصريون، ويدركوا جميعًا أن الرجل الذي عبدوه وأطاعوه من دون الله، لم يستطع دفع الموت عن نفسه، وأصبح عبرة لكل متكبر جبار عبرة لهم حتى لا يُقدِموا على مثل فعله وعن ابن عباس أن بعض بني إسرائيل شكُّوا في موته فأُخرج لهم ليروه
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|
|