منذ /16-10-2009, 09:58 PM
|
#104
|
مشرفة " الـنـادي الـرياضـي و الـصـحـي "
|
يوسف عليه السلام
15 - رؤيا الملك وخروج يوسف من السجن
انصرفت مشيئة الله أن يخرج يوسف من السجن, ودنى فرج الله على يوسف, فقد رأى الملك الوليد بن الريان رؤياه التي تسببت في خروج يوسف من السجن, فنزل جبريل فسلم على يوسف وبشره بالفرج, وأن إرادة الله قد انصرفت كي يخرج من السجن.
وقال جبريل: إن الله مخرجك من سجنك, وممكن لك في الأرض, يذل لك ملوكها, ويطيعك جبابرتها, ومعطيك الكلمة العليا على إخوتك وذلك بسبب رؤيا رآها الملك.
والرؤيا تقول أن الملك الأكبر الريان بن الوليد رأى في نومه كأنه خرج من نهر يابس سبع بقرات سمان, كبيرات الحجم, يكاد اللحم يسقط من جوانب كل واحدة من كثرة السمنة, وهذه البقرات السبع تطاردهن سبع عجاف هزيلات ضعيفات لا يظهر منهن سوى الهيكل العظمي, وظلت تطاردهن حتى أمسكت كل بقرة من البقرات الضعاف الهزيلات ببقرة من السمان في آذانها وأكلتها فلم تبق منها إلا القرنين, ورأى الملك سبع سنبلات قمح خضراء قد أقبل عليهن سبع سنبلات يابسات فأكلتهن حتى أتين عليهن فلم يبق منهن شيء وهن يابسات, وكذلك البقرات السبع كن عجافا ضعافا هزيلات حتى بعد أن أكلن البقرات السمان.
استيقظ الملك الريان من نومه فزعا خائفا فقد هالته الرؤيا وأخافته, فكيف يرى الإنسان بقرة ضعيفة هزيلة تأكل بقرة سمينة ضخمة مكتنزة باللحم,
ترك الملك فراشه على الفور وارتدى ملابسه مسرعا وغادر غرفة نومه إلى ديوانه ومجلسه, حتى رآه وزراؤه على هذه الحالة وحاشيته, ولما أخذ مجلسه نظر إلى الحضور في قلق وبدأ يقصّ رؤياه على الحاضرين فقال:
{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ }. يوسف 43.
كان مجلسه جامعا, فقد أرسل إلى الناس وأهل العلم منهم والعرّافة والكهانة والنجامة والسحرة, وأشراف قومه. فلما توجه إليهم بالأمر وطلب أن يفسروا رؤياه وقال:
{ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ }. يوسف 43.
أجابوا جميعا إجابة واحدة قالوا فيها إنها مجرد أحلام خاطئة وهي أشياء مختلطة عليك أيها الملك وأنت نائم, وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين, أي لا نعرف تفسير الأحلام لأنها مجرّد أشياء وأحداث مختلطة يتخيلها النائم في نومه.
(قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ) يوسف 44.
قطع كل هذه الأصوات صوت نبوا ساقي الملك الذي خرج من السجن منذ فترة وجيزة وقال في صوت واثق حازم بعد أن تذكر حاجة يوسف التي نسيها سنوات عديدة عندما قال له يوسف:
{ اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } يوسف 42 أي عند ملكك.
قال: أنا أنبئكم بتأويل هذه الرؤيا وتفسيرها, وأعرف من يفسرها لك أيها الملك بدقة. فوافق الملك على طلب الساقي.
فقال الساقي: أرسلني إلى السجن بعيدا عن المدينة, فبعثوه فأتى بيوسف فقال له: أيها الصديق الصادق في تفسير وتأويل الرؤيا أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف, وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون.
{يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ }يوسف 46.
فقال يوسف عليه السلام: تزرعون سبع سنين, فالسبع بقرات سبع سنين تزرعون فيهن فيأتي المحصول عاليا, وتكون هذه السنوات السبع الأولى سنوات خير, وعليكم بترك ما يزيد عن حاجتكم في سنبله حتى لا يفسد عند تخزينه فترة زمنية طويلة, لأن السبع سنوات التالية لها ستكون شديدة لا زرع ولا محصول فيها. فتأكلون ما تم تخزينه من السبع الأولى, فإذا حبستم بذور القمح في سنابلها ستجدونه سليما, تصنعون منه طعامكم ولا تحدث بينكم مجاعة أو هلاك.
{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ - ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ} يوسف 47 - 48
وأضاف يوسف لرؤيا الملك شيئا من عنده يدل على ما أتاه الله من علم للغيب يتجاوز حتى رؤيا الملك التي فسرها تفسيرا صادقا تؤكده الأيام والسنون.
أضاف يوسف قائلا:{ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }. يوسف 49
يغاث فيه الناس بالمطر والخير الكثير الوافر حتى أنهم في هذا العام يعصرون العنب خمرا والسمسم دهنا, والزيتون زيتا, وتحلب الألبان لكثرتها في ضروع الماشية, ويدل ذلك على كثرة النبات وعلى كثرة ووفرة الغيث, ونجاة الناس مما كانوا فيه من حاجة.
وبهذا العام الذي أضافه يوسف عليه السلام لرؤيا الملك الذي تحدث فيه عن سبع وسبع أي أربعة عشر عاما أضاف يوسف عليه السلام عامه إظهارا لفضله, وإعلاما لمكانته العلمية وبمعرفته لعلم الغيب الذي خصه به ربه كما خص عيسى بن مريم أيضا.
عاد الساقي إلى الملك الريان, وقص عليه تأويل يوسف لرؤياه والسنة التي أضافها لرؤياه مما يدل على صدق ما فسر يوسف وأنه واقع بأمر الله لا محالة من ذلك. مما جعل الملك يشعر بمكانة هذا الرجل الصالح والنبي الطاهر يوسف الصديق عليه السلام.
وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|
|