(( 1 ))
الزواج
تربى عبد الله ذلك الطفل الوديع في قلب عبد المطلب .. وتربع فيه .. وبلغ مبلغ الرجال دون أن يعرفه قومه بطيش أو سفه .. كأني به هادئا كثير الصمت والتأمل .. ملئ بالانتظار .. ليس في حياته ما يثير .. كان كالعالم حوله ينتظر وينتظر .. ويبحث عن زوجه له في بيوتات مكة ويسأل .. فكانت آمنه بنت وهب هي الحبيبة وهي الإجابة
تزوجا فكان الحب .. وامتلاء بيتهما الصغير بالبهجة .. وبالشباب الغض الحالم بحياة بيضاء فسيحة ولم يكن يدري هذا الشاب أن القضاء أقوى منه .. ومن فدية أبيه .. لم يكن يدري أن تلك الأحلام الراقصة كانت لغيره .. أما هو فتوشك أن تدلف بيته سحابة سوداء مشبعة بالحزن والدموع والنواح
فعبد الله الذي فر من الموت بمائه من الإبل هاهو الموت يهاجمه وهو في طريقه إلى يثرب ليسكنه في إحدى مقابرها
بعيدا عن مكة .. بعيد عن عبد المطلب .. بعيدا عن آمنه الحزينة .. التي كانت تحمل أمانة عبد الله وأحلام عبد الله .. جنيناً تيتم قبل أن يرى هذه الدنيا
كانت آمنه هناك تعاني من آلام الوضع .. ترى هل أقعدتها تلك الآلام .. ترى هل تركها
أهلها وحدها لتلد ابنها في يوم الفيل وحيداً .. تفرق قومه .. ومات أبوه
وولدت آمنه طفلا .. ولدت حياة للعالم .. وموتاً للهمجية والضلال .. ولد محمد
وعادت قريش لتجد بيت آمنه تحميه الملائكة وأسراب الطيور
فكانت آمنه هي أول من أرضع طفلها اليتيم وبعد فتره غشيت مكة مجموعه من نساء البادية يتلمسن الرزق عن طريق إرضاع أطفال قريش وأخيراً استقر محمد صلى الله علية وسلم اليتيم في أحضان حليمة السعدية كان طفلا طاهرا كأنفاس الصباح .. كحبات المطر