][ ... 1 ... ][
في الماضي.. وقبل بضع وعشر سنوات.. كنت في ذلكــ المكان...
حيث الظلام هو الآمر الوحيد..
ألتمس أشياء من حولي.. ولكني لا أراها..!!
عيناي.. لم تكونا كما هي الآن.. لم أستطع الغوص بهما في هذا الظلام الكثيف...
وهكذا.. أصبح ما حولي والظلام مقدساً.. ألمسه وأشعر به.. ولكني لا أراه..!!!
كنت وحدي.. ولا أعرف شيئا سواي.. فقط هذا الخرطوم الذي يمدني بالطعام.. طعامٌ لا أمضغه - ولا أقوى على ذلكــ - هو فقط يدخل إلي مهضوماً جاهزاً...
< لا بد لهذا المكان من خالق.. > ... هذا ما دار بذهني..!
أسمع دقاتٍ منتظمة.. هي كقرع الطبول في أذني.. تلكــ الأذن الهشة الرقيقة..!
ترى.. من أين يأتي الصوت..؟؟!
أيوجد مكان آخر غير هذا..؟؟!
مستحيل..!!!!
لا أحد هنا سواي.. ولم أرى أحداً من قبل.. ولن أرى.. أنا متأكدة.. ( !!! )
لا أحد يدخل إلى الظلام المقدس ويدنسه بكيانه... ( !!!!!!! )
عقلي.. لم يكن كما هو الآن.. إنني حتى لا أعرف من أنا..؟؟؟!!!!
نعم.. كنت لا أعرف نفسي..!!!! وهكذا كنتم جميعا..!!!!!!!!!
مجرد كيان سابح.. في [ ظلمات ثلاث ].....!
* * *
يا إلــهي... هذا الضوء الأبيض.. لا أستطيع لمسه..!! إنه يسرق الظلام المقدس.. ( !!!!!! )
إنني أرى.. نعم.. عيناي تعملان..!!
لا.. ليست عيناي فقط.. إنني أسمع كذلكــ....
ضجيج.. وأصوات متداخلة...
< إنها طفلة > ......
< ما شاء الله.. ما أجملها.. > ......
< الحمد لله سليمة > ......
< انقلوها إلى الحضانة > ......
كنتُ في حالة ذهول.. وأصوات كالعواء تخرج من فمي..! عرفت فيما بعد أنها بــكــاء... !!
!!!!!!!!!!!
* * *
هكذا خرجتُ إلى العالم...
لحظات محيت من ذاكرتي.. ولم يبقَ منها سوى تساؤلات..!!
أو بالأحرى.. خواطر وتأملات...
كنتُ في بطن أمي وحيدة.. ضعيفة.. رقيقة.. هشة.. لا حول لي ولا قوة.. فمن أحياني...؟!
من أبقاني لأرى العالم...؟!
سبحانكــَ يا الله..،،
ما أرحمكــَ وما ألطفكــَ.. خلقتني من العدم.. وصيرتني إنساناً.. ملامحي متناسقة.. فلكــَ الحمد..،
أملكــ عقلاً مفكراً.. فلكــَ الحمد..،
أرى وأسمع وأشم وأتذوق وألمس.. فلكــَ الحمد..،
لكــَ الحمد بقدر نبضاتي وسكناتي.. بل بقدر نبضات وسكنات البشرية..!!
يا محول الطين إلى لحمٍ ودمٍ وعظام...
يا خالق الإنسان من حفنة تراب مخلوط بماء...
ما أعظمكــَ....،،
وما أروع صنعكــَ.. تباركتَ يا الله...،
لكــَ أحني جباه الخشوع والخضوع.. فلا معبود بحقٍ سواكــَ...
فـــ سبحانكــَ يا [ بديــ ع ]...،،
.
.
.