والظلام بأحضان الوحدة أتأوه لمقتل والدي آه يا أبي قتلوك معذبا
حين أخبرناعمي عن كيفية حياة مرتادي السجون أجهشتا أمي ومريم بالبكاء
فأن من يخطو نحوساحات السجون لا يموت برحمة وإنما يقتل ويعذب كالحيوان وتكون تلك السجون دار سكنىللألم وتذوق جميع أصناف التعذيب يزج أهلها بظلام الزنزانات وضيقها لا يرون الشمسولا تراهم ينسون كيف هي سمات وجوههم يبقون تحت وطأة التعذيب وسياط الجلد والصهاريجالحارقة طعامهم الألم وشرابهم العذاب منتظرين أن يعجل الموت بالقدوم إليهم لينقذهممما هم فيه
الآن ألتفت للعتمة التي بغرفتي فقد صليت فريضة المغرب والعشاءوانتهيت وانشغلت بالتفكير بوسط الظلام فأسرعت لأشعل الأنوار فهذه الليلة لن أطيلالمكوث بالبيت فعلي أن أذهب لحفل زواج فاطمة..فزواجها سيخفف علي حزني وكربي
أو بالأحرى علي أن أخفي شعوري البائس ولو فقط هذه الليلة لأجلها
فيتمام الساعة التاسعة وصلنا لمنزل فاطمة كان مملوء بالمدعوين لحفل الزواج
وكانالرياش غاية في التواضع والبساطة والجمال
رحبت بنا أمها وأخذت مريم وأمي حيثيمكث المدعوين أما أنا سرت مقيدة اليدين من قبل أخت فاطمة الكبرى لتوصلني لغرفةفاطمة
دخلت أولا أختها للغرفة لتنبأها بقدوم أحدى المدعوات لرؤيتها
فقد رفضت استقبالي لكونها مشوشة الفكر حاليا وتعيش لحظة من الارتباك
أختها تضحك قائلة: أأنتِ أكيدة من قراركِ هذا
نعم حاولي أن تخلصيني من هذهالورطة فأنا لست بمزاج لرؤية أحد الآن
رفضت رؤيتي دون حتى أن تعرف منأكون!!
اخت فاطمة: حسنا لكِ ما تريدين
أطلت أخت فاطمة من خلف الباب صارخة لتلفت انتباهفاطمة لما ستقول:زهراء أعذريني ففاطمة ترفض رؤيتكِ
صرخت فاطمة لا لم أقصدذلك حين عرفت من هذه المدعوة التي تنتظر رؤيتها من خلف الباب وهي تصر على رفضرؤيتها
فتحت الباب فرأيتها كملاك طاهر بفستانها الأبيض وكحمامالزاجل
ضممتني لصدرها بحرارة كادت تدمع عينيها لولا تدخل أختها بالأمرلأفسدت بدموعها الماكياج
كنت على يقين أنكِ ستأتين
وها أنا ذي أفي بوعدي ..فكيف لي أن أفوت علي فرصة هذه الليلة..ليلة زفافكِ لعش الزوجية
اشتقتإليكِ كثيرا
وأنا أكثر يا غالية
تنحنحت أخت فاطمة قائلة:هل سمعت أسميبحديثكن أم يبدو لي ذلك!
لم أقصدكِ بالقول ففاطمة علي غالية
فأسم أخت فاطمةغالية
لم تسنح لي الفرصة سابقا لأعرفكم عليها
أنها أختها الكبرى متزوجةولديها العدد الكافي من البنين
كثيرة المرح وتملك الشيء الكبير من روح الدعابة
أهنا التوأمين
قلت: فقط نور وأنور فأما أيمان وأمين فهما برفقة عمي
أننيمتشوقة لرؤيتهم
هل أذهب لإحضارهم؟
غالية اعترضت طريقي وأصرت على بقائي لجانبفاطمة وأنها هي من ستذهب لإحضارهم
حسنا لا بأس ولكن لا تخيفيهما فهما سريعاالبكاء
أتريني بوحش كاسر كي أخيفوهما وأحدث الرعب بقلبيهما
لم أقل ذلك..
وإنما قصدتِ القول
أن كنتِ تعرفين ذلك لما تسألين إذن
انتظريني حالماأعود وسأريكِ مالم يكن بالحسبان