منذ /19-12-2006, 04:41 PM
|
#94
|
بنوتة محلقة
|
القرآن الكريم وبناء الحضارة الإسلامية
لقد كان مناط اهتمام المسلمين بالعلوم المختلفة نابعًا من اهتمامهم بالقرآن والشريعة، ورغبة في تمام الفهم وحسن الأداء، فقد ارتبط تطبيق شرائع الإسلام بمجموعة من العلوم النظرية والطبيعية.
فعلى سبيل المثال: اتجه العلماء المسلمون إلى جمع الشعر والنثر العربي رغبة في فهم ألفاظ القرآن الذي نزل بلغة العرب وبألفاظهم، وفي مسيرتهم هذه نشأت علوم مثل علم النحو لضبط نطق الكلام مع دخول غير العرب في الدين، ونشأ علم العروض لضبط بحور الشعر باعتباره شواهد مرتبطٌ فهمها بفهم ألفاظ القرآن، إلى غير ذلك من العلوم النظرية.
أما في نطاق العلوم الطبيعية، فقد ارتبط أداء شعائر الإسلام بوجوب معرفة ودراسة بعض تلك العلوم خاصة الفلك والجغرافيا، فقد ارتبط أداء الزكاة مثلاً بمعرفة دورة السنة القمرية، وارتبط أداء الخراج بمعرفة السنة الشمسية، كما كان من الضروري بالطبع معرفة اتجاه القبلة في كل مكان يذهب إليه المسلم.
كما ارتبط علم الفرائض "المواريث" بمعرفة الرياضيات، وخاصة عند حدوث ما يعرف بالعِوَل، وهو نقصان قيمة الميراث عن أنصبة الورثة، فكان لا بد من معرفة الكسور وحل المعادلات الرياضية لتحقيق شرع الله في هذا الأمر.
وكذلك حفلت السنة النبوية بطرق علاجية لبعض الأوجاع والأمراض، فكان لا بد من تتبعها، وتتبع ما قد يجِدّ من أمراض وأسقام، والبحث عن علاج لها اتباعًا للسنة النبوية.
هذا الأمر تطور مع الزمن، فنشأ لكل مجال علم خاص، وقام على تلك العلوم رجال أخلصوا عملهم وجهدهم لله عز وجل، لخدمة المسلمين في هذه المجالات، حتى يتميزوا عن سابقيهم، ويكونوا أساتذة ومعلمين لمن بعدهم.
وساعد على هذا ما أفاض القرآن في ذِكْره من آلاء الله في الكون، ووصف لأمور علمية عديدة، مثل مراحل خلق الجنين، وأحوال الشمس والقمر، وألوان الجبال والصخور.
فساعدت تلك الإلماحات القرآنية على حث المسلمين على التدبر في الكون ودراسته، وتحصيل العلوم، بل وإنشاء العلوم المختلفة، وفي هذا السبيل سار المسلمون الأوائل، وأنشئوا على ضفافه حضارة الإسلام، التي قبس من خيرها وعلومها العالم كله.
لذا فبالفعل كان لحفظ القرآن الكريم ودراسته علاقة وطيدة بتفتيح أذهان المسلمين وعقولهم، وتوجيه أنظارهم لاكتشاف أسرار هذا الكون، وفوق كل ذي علم عليم.
|
|
|