![]() |
..,,×× المـصير المجهولـ ..,,×× للــكاتبه اغــاثا كريســـتي..,,××
روايه جديده من روايات الكاتبه العملاقه التي تعتبر اعظم مؤلفه في التاريخ من حيث انتشار كتبها وعدد مايبيع منها من نسخ وهي - بلا جدال - اشهر من كتب قصص الجريمه في القرن العشرين وفي سائر العصور وقد ترجمت رواياتها الى معظم اللغات الحيه وقارب عدد ماطبع منهـــا ألفي مليون نسخه روايــة ((المصيــر المجــهول )) او الطــائرهـ المفقودهـ الفصل الأول ازاح الرجل الجالس إلى المكتب ثقالة الورق إلى يمينه بضع بوصات . كان وجهه اقرب إلى أن يكون جامد السمات خلوا من التعبير اكثر من ان يكون غارقا في التفكير او شارد الذهن . وكان من الصعب عليك ان تتكهن بحقيقة عمره ، فهو لا يبدو كهلا ولا يبدو شاباً فقد كانت بشرته ناعمة ملساء خاليه من الغضون وإن أطلت من عينيه نظرة تستشف منها الإعياء . أما الرجل الآخر الذي يشاركه الغرفة نفسها فأكبر سنا وكان ملوح الوجه اسمرارا ، وله شارب صغير عسكري الطراز ، وكان يبدو ملولا لا يستقر على مقعده ، ولا يفتأ يذرع الغرفه جيئة وذهابا ، ومن حين لآخر يلقي بملاحظاته في كلمات حانقه . إنفجر يقول ساخطاً : -كلها مجرد تقارير ! تقارير وتقارير ولكن لا نفع فيها .. وتطلع الرجل الآخر الجالس إلى المكتب في الأوراق المكدسة امامه ، والتي رشقت فيها بطاقة تحمل هذه الكلمات ( بيترتون ، توماس شارل) وبعد الاسم علامة استفهام كبيره . ورفع الجالس إلى المكتب رأسه عن الأوراق وقال : -إنك طبعا قرأت كل هذه التقارير . أفلم تجد فيها بادرة ذات جدوى؟ فأجاب الآخر متسائلا : -من يدري ؟! -صدقت .. تلك هي المشكلة .. فلا أحد يستطيع ان يقطع برأي . وعقب الأكبر سنا بسيل من الكلمات بدا وكأنها تنطلق من مدفع رشاش : -تقارير من روما .. وتقارير من تورين .. لقد شوهد في الريفيرا.. وشوهد في انتورب .. من المؤكد أنهم رأوه في أوسلو .. ومن المؤكد أنه رؤي .. في ستراسبورج، وكان سلوكه باعثا على الريبه ، وكذلك شوهد في شاطئ اوستند وفي صحبته شقراء رائعة الجمال .. والبعض لمحوه في شوارع بروكسل ومعه كلب سلوقي . ثم أردف في نبرة تتسم بالسخريه : -لم يبق إلا أن يشاهد في حديقة الحيوان ، يحتضن حمارا مخططاً وحشياً . وقال صاحب المكتب : -إنك رجل تفتقر إلى الخيال يا هوارتون أما أنا فأعلق شيئاً من الأهمية على تقرير انتورب. وارتمى الكولونيل هوارتون جالساً على مسند مقعد ، وقال في إلحاح : -ولكن يجب أن نميط اللثام عن هذا اللغز، يجب أن نجد جوابا على هذه الأسئلة : (كيف واين ) إنك لا تستطيع ان تسكت على اختفاء عالم فذ كل شهر تقريبا ثم تجد نفسك عاجزا عن الإجابة على هذه الأسئلة البسيطة : ( كيف ولماذا وأين ) .أتراه حيث تعتقد أنه موجود أم انه ليس هناك ؟! ثم أردف : -أتراك قرأت نتيجة التحريات الأخيره ، عن بيترتون في أمريكا ؟! وأومأ الرجل الجالس إلى المكتب برأسه إيجابا وقال : -الميول اليسارية المعروفة نفسها ، في الوقت الذي شاعت فيه واعتنقها الناس جميعا .. ميول غير ثابتة وذو طبيعه غير مستقره كما تبين فيما بعد ، وقبل الحرب انجز أعمالا هامة ذات شأن ، وعندما هرب مانهيم من ألمانيا عين بيترتون مساعداً له ، وانتهى به الأمر إلى أن تزوج ابنة مانهيم . ثم قفز إلى الشهرة باكتشافه المثير لتحطيم الذره ، والحق ان تحطيم الذره كان من دون شك اكتشافا ثوريا دفع بيترتون إلى القمه وجعل منه قطبا من اقطاب العلوم الذريه. ولكن زوجته مالبثت ان ماتت عقب الزواج، فانهار بيترتون حزنا عليها وفجعه موتها ، ثم جاء إلى انجلترا وعمل في هارويل ثمانية عشر شهرا ، ومنذ ستة شهور تزوج للمرة الثانيه . فتساءل هوارتون في حدة : -وما معلوماتنا عن زوجته ؟! -لا شيء ذو أهميه ، كل مانعرفه عنها انها ابنة محام من اهل المنطقة وكانت تعمل في إحدى شركات التأمين قبل زواجها ، وليست لها فيما عرفنا اتجاهات سياسية واضحه . -وما الذي يقولونه عنه في هارويل ؟ -شخصية لطيفة محبوبه أما عن عمله فلا شيء ذا شأن بارز ، مجرد تحسينات أدخلها على جهاز تفتيت الذرة. وران الصمت على الرجلين برهة من الوقت وكان حديثهما مجرد ثرثرة قطعا للوقت ، لا تتسم بشيء من الجدية فإن تقارير الأمن لا تحتوي عادة على شيء جدير بالاهتمام . قال هوارتون متسائلا: -وطبعا كانت تحركاته محل مراقبه ، منذ حط قدميه في انجلترا ؟! -وكان كل شيء مرضيا تماما. فقال هوارتون متأملا: -ثمانية عشر شهرا وهو تحت المراقبه . إنك تعلم أن هذه المراقبة تثير اعصابهم .. إحتياطات الأمن المتواصلة تحطم نفسيتهم ، الشعور بأنهم دائما تحت المجهر ،، هذه الحياة المحسوبة عليهم في كل حركة من حركاتهم وكل لفتة من لفتاتهم .. كل هذا كفيل بأن يجعلهم عصبيين وان يحملهم على تصرفات شاذه. فقد رأيت الكثير من هذه الحالات . وسكت هنيهة ثم استطرد يقول : |
-وعندئذ يبدأون في أن يحلموا بعالم مثالي ، عالم تسوده الحريه والأخوه ، وتتشارك فيه الدول في اسرارها العلميه ذات الطابع العسكري ، وتعمل متضافره من أجل خير الإنسانيه .وتلك هي اللحظه الملائمة كي ينقض عليهم شخص لا يهمه إلا أن يدمر الإنسانية ، إنه يرى الفرصة السانحة ويبادر إلى اقتناصها. -وددت لو انني عرفت المزيد عن بيترتون ، لا اعني بذلك حياته او عمله وإنما الأشياء الأخرى الصغيره. إن هذه الأشياء التافهه تكشف الكثير.. النكات التي تضحكه ،، مايستفزه ويثيره ،، مايجعله يسب ويلعن الأشخاص الذين يعجب بهم او يثيرون حنقه. وتطلع إليه هوارتون في عجب واستغراب ثم تساءل : -وماذا بشأن زوجته ؟! أتراك استجوبتها ؟! -عدة مرات . -اما من فائدة ترجى منها ؟ -لا لاشيء حتى الآن . -اتعتقد انها تعرف شيئا ؟! -إنها لم تعترف، طبعا بأنها تعرف شيئا، أو انها لاحظت شيئا. لا قلق ولا حزن ولا يأس ولا اكتئاب. كانت تسير سيرا طبيعيا عاديا بلا ضغوط من اي نوع كان .. وهي تعتقد بأن زوجها قد اختطف . -وأنت لا تصدق هذا ؟! -إنني رجل كثير الوساوس والشكوك ولهذا لا أصدق أحدا. قال هوارتون في بطء وتمهل : -على أية حال ينبغي على المرء أن يكون ذا ذهن متفتح بعيد عن التشبث. ثم اردف : -ولكن مارأيك في الزوجه؟ -طراز عادي تلقاه كل يوم منهمكا في لعب البريدج. -هذا يزيد الأمر صعوبه وتعقيدا -إنها موجوده هنا الآن لمقابلتي ومن جديد سوف نعيد ونبدأ فيما كنا فيه . فقال هوارتون: -الآن لا داعي لبقائي ، فلا أريد أن احتجزك أكثر من هذا إذ ليس لدينا مانتداول فيه ، أليس كذلك ؟! -لا لسوء الحظ ولكني اريد منك ان تدرس تقرير وارسو وتتحرى عن دقة مافيه من معلومات إذ يتراءى لي انه بداية طيبه. اومأ هوارتون برأسه موافقا وغادر الغرفه. ورفع الجالس إلى المكتب سماعة التلفون وأمر باستدعاء مسز بيترتون لمقابلته. ****** بنــــــــــاتـ اذا تبـــوني اكمـــل الروايــــــــهـ واعجبتكمـ قولولـــي عشان اكمـــــل ..,, |
أنا قريت كثير من روايتها االشهيرة
القطار الازرق قطار الشرق الجريمة تدق الباب (تموت رعب البيت المسكون ((وفي بعض المطابع نقطة دم ووو الشاهدة الوحيدة (رائعة بمعنى الكلمة وكثير كثير كثير مرة فوق العشرين وحدة او الثلاثين او الاربعين وربي بس بطلت اقرا روايتها فيها شوي اشياء تخدش بالحياء ايوة حابة اقولكانتي الي عم تكتبي الرواية يليت غلاتي اي مقطع مو كويس تحذفية ولو بتسوي اي مقطع مو كويس تحذفية بتلاقيني ان شاء اول المتابعين للرواية |
اهليــن اختي الداعيه للاسلامـ ..,,
اوكي ان شـــاء الله اي كلامـ يكون بالروايــهـ يخدش الحياء راح احــــذفــهـ ..,, ومشـــــكورهـ عالرد ..,, |
ربنا يخليكي لينا متميزه حبيبتي ريما ...،
بس عندي سؤال... انتي قاعده تكتبيها .. ولا موجوده على موقع وبتنسخيها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وارجوووووكـ كمليها.. :):):):) |
هلا اختي deweyes ..,,
بالنسبه لســـؤالج .. لا انا مو اللي كاتبتهــا ..,, انا محملتها من النت من مــــدهـ طويله عالملف وورد بس ما قريتها..,, وقــررت كل ما قريت جزء انزلهـ اهنـــي ..,, ويسلمـــو ع ردج ومرورج الحــلو ..,, |
×××××××× سمعت نقرات خفيفهعلى الباب ودخلت مسز بيترتون. كانت امرأه طويلة القامة في حوالي السابعه والعشرينمن العمر تتميز بشعر رائع أحمر اللون ذو مسحه نحاسيه. ولاحظ ان وجهها كان خاليا منالتجميل . اثارت هذهالملاحظات في نفسه الشعور بأن مسز بيترتون تعرف شيئا وتخفي ماتعلم . لقد علمته خبرته الطويله انالمرأه المسرفه في حزنها وقلقها لا تهمل ابدا تجميل وجهها ، فهي تعرف ان الحزنالشديد يضفي على وجهها سمة منفره بشعه ، فتبذل مافي وسعها لكي تصلح ما افسده الحزن. ولكن لعل مسز بيترتون آثرت ان لا تتجمل حتى تبث في نفسه الاعتقاد بأنها شاردة الذهنغارقة في همومها لا تحفل بنفسها. رحب بها الرجل واشار إلى مقعد ودعاها للجلوس ، وقبل ان تستقر عليه هتفتبه منبهرة الأنفاس : - اوهمستر جيسوب أما من نبأ عن زوجي ؟! - يؤسفني يامسز بيترتون أن جشمتك مشقة الحضور ، ولكني أخشى أن لا تكونلدي حتى الآن أنباء مؤكدة. فعقبت اوليف بيترتون في كلمات سريعه : - اعرف هذا فأنك أشرت إلى ذلك في خطابك ، ولكني كنت أرجوان يكون قد بلغك نبأ جديد منذ بعثت إلي برسالتك .. ولكنني سعيدة بأنك دعوتني إلىالحضور فأسوأ مافي الأمر أني حين أخلو إلى نفسي في البيت لا أملك إلا أن افكرواتعذب فلا شيء لدي أفعله سوى هذا. - أرجو أن لا يضايقك يا مسز بيترتون أن اعود مره أخرى إلى ماكنا فيهوإلى ترديد الأسئلة نفسها ومعاودة الإلحاح على النقط نفسها ، فإن من المحتمل دائماأن تبدر كلمه واحده تكون مفتاحا لحل اللغز او ان تذكري شيئا نسيته في مرهسابقه. - إني أدرك ذلك فوجهإلي مرة اخرى الأسئلة نفسها إذا طاب لك ذلك . واستهل مستر جيسوب استجوابها بأنقال: -كانت اخر مرة رأيت فيهازوجك في اليوم الثالث والعشرين من شهر أغسطس أليس كذلك؟! - تماما يا سيدي . - وكان هذا عند مغادرتهإنجلترا إلى باريس لحضور أحد المؤتمرات؟! - نعم - وحضر زوجكاليومين الأولين من أيام انعقاد المؤتمر، ولكنه تخلف في اليوم الثالث وتبين انه ذكرلأحد زملائه أنه سيذهب بدلا من ذلك في رحلة نهريه في نهرالسين. - رحلةنهريه؟ - نعم ، في تلك القواربالتي تجوب نهر السين. ثمتأملها جيسوب بنظره فاحصه وقال: - ايدهشك هذا التصرف من قبل زوجك يا مسزبيترتون؟! فأجابت بشيء منالتردد: - نعم يدهشني .. فعهديبه أنه كان شديد الحرص على حضور المؤتمر. - هذا جائز ومع ذلك فإن الموضوع الذي كان مطروحا للمناقشة في المؤتمر فيذلك اليوم ماكان من الموضوعات التي تهم زوجك ولذا آثر ان يتخلف عن الجلسة وان يمنحنفسه عطلة يرتاح فيها ،، ولكن ألا يبدو ذلك لك غريبا أن زوجك مولعبالرحلات؟! وهزت رأسها إيجابا، واستطرد جيسوب : - وفي تلكالليله لم يرجع زوجك إلى فندقه ، وطبقا لمعلوماتنا المؤكده فإنه ماعبر الحدود ، أوعلى الأقل لم يستخدم جواز سفره في اجتيازها هذا إذا كان قد عبرها . ثم اردفيسألها : - اتعتقدين ان لزوجك جواز سفر آخر باسم مستعار مثلا؟ ×××××× |
:):):):)
بانتظار التكمله........... |
××××××××× اتعتقدين ان لزوجك جواز سفر آخر باسم مستعار مثلا؟ - لا بالطبع ، ما الذي يدعوه إلى ذلك؟! - ألم تري في متاعه مقل هذا الجواز؟! هزت رأسها نفيا بشده واضحه وقالت : - لا ، كما إني لااصدق ابدا أنه يمكن ان يقدم على هذا.. إنه لا يمكن أن يغادر باريس عمدا واختياراكما تحبون أن تصوروا اختفاءه . لا بد ان شيئا حدث له ، او انه فقد ذاكرته . - اكانت صحته عادية وسليمه؟! - نعم ، كان يجهد نفسه فيالعمل وفي بعض الأحيان يحس انه متعب مكدودا ولكن لاشيء اكثر منهذا. - ألم يكن يبدو قلقا اومكتئبا على اية صوره؟ - لا لميكن ابدا قلقا او مكتئبا لأي سبب كان. وبأصابع مرتعده فتحت حقيبتها وتناولت منديلها وسترت به وجهها . وتهدج صوتها وهي تقول : - إن الأمرفظيع ، فظيع جدا.. إني لا استطيع ان اصدق ما حدث .. إنه لم يسافر أبدا دون انيخطرني ، لابد وان شيئا حدث له إما ان يكون قد اختطف وإما ان اعتداء وقع عليه . إنيأحاول دائما طرد الأفكار والوساوس من ذهني ولكني في بعض الأحيان لا املك إلا اناتخيل ان التعليل الوحيد هو انه قتل . - ارجوك يامسز بيترتون ان تنزعي هذا الخاطر من رأسك إذا كان قد قتل فلابد ان تكون جثته قد اكتشفت الآن . - ومايدرينا أن يكون قد اغرق في احد الأنهار مثقلا بالأحجار ؟ هذامايحدث في بعض الأحيان. - إنكتسرفين في الأوهام والتخيلات يا مسز بيترتون. وأزاحت المنديل عن عينيها وحدجته بنظره يتبدى فيها غضبشديد وقالت : - إني اعرف مايدور في خلدك ، ولكن الأمر ليس كما تتصور ، إن توم لا يمكن ان يبيع الأسرار اويفشيها . إنه لم يكن شيوعيا او فاشستيا حتى يفشي اسرارا إلى هؤلاء اوأولئك. - وماعسى ان تكون معتقداته السياسيه يامسز بيترتون؟ - اعتقد انه كان في امريكا ديموقراطيا ، وهنا في انجلترا كان يصوت معحزب العمال.. وعلى اية حال فإنه لم يكن يهتم بالسياسه. ثم اضافت بنبرة منطوية علىالتحدي: - انه كان عالما قبلكل شيء . وكان عالما فذا لامعا. فقال جيسوب: - تماما كان عالما فذا لامعا وتلك هي المشكله مايدرينا أنه عرض عليهمرتب ضخم أغراه بمغادرة البلاد ليعمل في مكان آخر . تفجر الغضب في صوتها وهي تقول في انفعال: - هذا غير صحيح.. وهوماتحاول الصحف أن توحي به وتثبته في الأذهان، وهو مايدور في رؤوسكم جميعا عندماجئتم إلي تستجوبونني .. ولكنه ليس صحيحا . إنه ماكان ليرحل أبدا إلا إذا اخطرني أوعلى الأقل اعطاني فكره عن نواياه. - ألم يخبرك بشيء؟ اي شيء؟! وللمرة الثانية كان يحدجها بنظرات متفحصة . فأجابت : - لاشيء على الإطلاق .. إنني لا اعرف اين هو الآن ولكني اعتقد انه إماان يكون قد اختطف ,, او قتل. - إني آسف يا مسز بيترتون .. اسف جدا ولكن ارجوك ان تتأكدي من اننا نبذلاقصى ما في وسعنا فنعرف حقيقة ما وقع لزوجك، إننا نتلقى كل يوم تقارير من مختلفالجهات. فتساءلت فيحده: - ومالذي تحتويه هذه التقارير؟! - إننا لا نزالندرسها ونتبين صحتها من زيفها ، لكنها بوجه عام غامضه ولا شيء قاطعفيها. فعادت تردد في صوت نابض باليأس: - ولكن يجب ان اعرفمافيها ,, إنني لا استطيع ان استمر على هذا . وران عليهما الصمت برهه ثم قالجيسوب: - الذي احاول ان اصلإليه يامسز بيترتون هو ان اتمثل صوره صادقة لزوجك .. اي نوع من الرجال هو ؟ ولكنيأرى انك لا تحاولين ان تساعديني .. - وما عساي استطيع ان اقول اكثر مما قلت؟ فقد اجبت على جميعاسئلتك. - صحيح انك اجبت علىاسئلتي غير ان معظم اجاباتك كانت التفي او الإنكار .. إني اريد ردا ايجابيا ردابناءا. هل تدركين ما اعني؟ إنك تستطيعين ان تنفذي إلى خبايا الرجل ودخائله إذا عرفتاي نوع من الرجال هو. تريثت فتره مفكره ثم ردت: - فهمت ،وكل ما استطيع قوله هو ان توم كان رجلا مرحا ، لين العريكه وكان طبعا قديرا فيمهنته. - هذه اوصاف عامه يمكنان تنطبق على اي انسان ، الا يمكن ان نتكلم عن صفات ذات طابع شخصي صفات اكثر اتصاقابه، مثل هل هو مولع بالإطلاع والقراءه؟! - نعم إنه يقرأ كثيرا. - اي نوع من الكتب يؤثره؟ - تراجم المشهورين وسير حياتهم.. وأيضا كتب الاجتماع وقصص الجريمه عندمايكون مجهدا . - إذن فهو قارئتقليدي كمعظم الناس ثم اردف يسألها : - ايلعب الورق اوالشطرنج؟! - إنه يلعب البريدج، وقد اعتدنا ان نلاعب الدكتور إيفانز وزوجته مره او مرتين فيالأسبوع. - هل لزوجك اصدقاءكثيرين ؟! - نعم فهو يحب الاختلاط والحياه الاجتماعيه . - ليس هذا ماعنيت، وإنما اردت ان اسأل عما إذا كان رجلا يولي اصدقاءه اهتماما شديدا؟ - إنه يلعب الجولف عادة مع واحد او اثنين من جيراننا. - أليس له اصدقاء حميمون او خلان قدماء؟ - كلا. إنك تعلم انه ولد في كندا وامضى في الولاياتالمتحده ردحا طويلا من الزمن فلم تهيأ له الفرصه هنا لمعرفةالكثيرين. تطلع جيسوب في ورقة منشوره امامه على المكتب وقال: - إننا نعرف ان ثلاثة اشخاص من الولايات المتحده زاروه في الأيامالأخيره وأسماؤهم مسطوره لدي هنا.. وطبقا لتحرياتنا فإن هؤلاء الثلاثة هم الوحيدونالذين زاروه من خارج البلاد.ولذلك فإننا نولي امرهم اهتماما خاصا واولهم ولترجريفيث وقد زاركم في هارويل. - صحيح فقد اتى إلى انجلترا وحضر لزيارةتوم. - وماذا كان رد الفعل عندزوجك؟ - دهش توم لرؤيته ولكنهكان سعيدا جدا بهذه الزياره فقد كانت بينهما في امريكا معرفةوثيقه. فسألها جيسوب: - وعلى اية صوره بداجريفيث في نظرك؟ - ولكنكم حتماتعرفون كل شيء عنه؟ - نعم إننانعرف عنه كل شيء، ولكني اريد ان اسمع منك انت رأيك فيه. فكرت لحظه ثم ردت: - إنه يبدو رجلا جادا يبعث مجلسه على الضجر، وكان مهذباجدا شديد المجامله في لقائه معي . ولاح لي انه مولع جدا بتوم ومتلهف إلى أن يحدثهعما جرى في الولايات المتحده منذ ان بارحها توم إلى انجلترا . وأظن ان حديثه كانيدور حول الأخبار المحليه ولكنه لم يكن بالنسبة لي حديثا مسليا ، إذ لم اكن اعرفاحدا ممن يتحدث عنهم وعلى اية حال فقد كنت بسبيل اعداد العشاء ولذا تركتهما معايستعيدان الذكريات القديمه . - ألم يتحدثا في السياسه؟ تضرج وجه مسز بيترتون احمرارا وردت: - لعلك تحاول ان تلمح إلى ان جريفيث شيوعي او فاشيستي ،إني واثقه من انه ليس بهذا او ذاك ، إنه فيما اعتقد موظف في مكتب النائب العام. - والآن فلننتقل إلىالزائر الثاني الذي اتى من وراء البحار ، الدكتور مارك لوكاس، إنكما التقيتما به صدفة في فندق دورسيت. - هذاصحيح ،، كنا نتناول العشاء في دورسيت بعد خروجنا من المسرح، فإذا بنا نلتقي فجأهبهذا الرجل ، إنه يعمل باحثا كيماويا وآخر مره التقى فيها بتوم كانت في الولاياتالمتحده .. وهو لاجئ الماني اكتسب الجنسية الأمريكيه وانت طبعا تعرف كلهذا. - نعم إني اعرف ذاك يامسزبيترتون. هل دهش زوجك لرؤيته؟ - نعم دهش جدا. - وهل سر بلقائه؟ - نعم ، نعم اظن ذلك. - ولكنك غير متأكده؟ - قد فهمت من توم فيما بعد ان هذا الرجل لا يهمه. - وهذا اللقاء ؟ اكان مجردصدفه ؟ الم يكن هناك تدبير سابق بحيث يبدو اللقاءعرضا؟! - كلا بل كانت مقابله عارضه. واستطرد جيسوب: - اما الزياره الأخيرهفقد كانت صاحبتها سيده تدعى مسز كارول سبيدر وكانت هي الأخرى قادمه من الولاياتالمتحده ، فكيف تمت هذه المقابله؟! - اعتقد انها موظفه بالأمم المتحده وكانت قد تعرفت على توم عندما كانمقيما في امريكا، وقد اتصلت به تلفونيا من لندن واخبرته بوجودها في انجلترا وسألتهعما إذا كنا نستطيع ان نتناول الغداء في يوم من الأيام ولكننا اعتذرنا عن عدم تلبية دعوتها. - إنك انت التي لمتزوريها، اما زوجك فقد لبى الدعوه. فحملقت فيه دهشه وهي تقول : - ماذا تقول؟ - الم يقل لك زوجك انه زارها؟ - كلا لم يخبرني بشيء وبدت مسز بيترتون قلقه ومرتبكه/ واحس الرجل الذي استجوبها بالرثاء لها. وغمغمت الزوجه في صوت خافت مأخوذ: - منالغريب انه لم يحدثني بشيء عن زيارته لها. - لقد تناول الغداء معها في فندق دورسيت حيث كانت مسز سبيدر تقيم ، وكانذلك في يوم الأربعاء 12 اغسطس. فقالت متأمله : - الأربعاء 12 اغسطس؟! نعم فقد ذهب إلى لندن في ذلك اليوم ولكنه لم يشرإلى التقائه بها. ثم تفجر علىلسانها السؤال الذي كان يصطخب في رأسها : - ماشكلها؟ ما هيئتها؟! - ليست من النوع الرائع الخلاب يامسز بيترتون.. امرأه شابه كادحه فيالثلاثين من العمر وليست من النوع الذي يسترعي الأنظار، وليس هناك مايدل مطلقا علىانها من النوع الذي يسترعي الأنظار ، وليس هناك مايدل مطلقا على انها على صداقةوثيقه بزوجك / فهذا ما يدعو إلى التساؤل عما حدا به إلى كتمان الأمر عنك . - نعم نعم ، إنه غريب حقا . - والآن ارجوك يامسزبيترتون. ان تفكري جيدا .. الم تلاحظي اي تغيير في سلوك زوجك منذ ذلك اليوم؟ ايحوالي منتصف شهر اغسطس؟ اعني قبل سفره إلى المؤتمر بنحواسبوع؟ - لا .. لا.. لم الاحظاي شيء.. كان سلوكه عاديا لم يطرأ عليه تغيير. دق جرس التليفون الداخلي الموضوع على مكتبه فتناولالسماعه وادناها من اذنه واتاه صوت من الطرف الآخر يقول : - هنا رجل يريد ان يقابل احدالمسؤولين بشأن موضوع بيترتون. - ما اسمه؟ خط جيسوب الاسم على قصاصه امامه ثم قال: - اهو بولندي الجنسيه؟ - لا ادري ياسيدي؟ انه يتكلم الانجليزيه بطلاقه ، ولكن بلكنهاجنبيه. - حسنا اطلب اليه انينتظر , دفع جيسوب إلى مسزبيترتون بالقصاصه المسطور عليها الاسم وسألها - اتعرفين احدا بهذا الاسم؟! اتسعت عيناها دهشه وهي تقرأ الاسم وخيل إليه ان بادره منالخوف غشت عينيها لحظة : - نعماني اعرفه .. فقد بعث إلي بخطاب بالأمس... إنه ابن خخالة زوجة توم الأولى. وقد وصللتوه إلى هذه البلاد، وكان شديد الاهتمام بمسألة اختفاء توم، فكتب إلي يسألني عمااذا كانت لدي اية انباء عنه. - الم تسمعي عنه من قبل؟ الم تتقابلا؟ - لا ، لم يحدثني زوجي عنه ابدا ولم التق به في يوم منالأيام . - إذن من المحتمل انيكون مدعيا ؟ - هذا الخاطر لميدر بخاطري. ثم اردفت : - كانت زوجة توم الأولىاجنبيه ، انها ابنة البروفيسور مانهايم. فهذا الشخص كما يتبدى من خطابه يعرف كل شيءعنها وعن توم. ولكن إذا كان مدعيا فما الهدف من وراءذلك؟ فرد جيسوب باسما: - إنه السؤال العويصالذي يتردد على السنتنا بهذا المكتب. إننا دائما نسأل انفسنا ما الهدف من هذا وماالهدف من ذاك ؟ ومع ذلك فالجواب دائما مستعص لا سبيلإليه. قالت مسزبيترتون: - إني لم اعد اطيقهذه الحال . لا شيء إلا ان اجلس وانتظر .. إني اريد ان اسافر إلى اي مكان على سبيلالتغيير .. وإني افضل ان اسافر إلى الخارج لأروح عن نفسي.. إني موشكه على الانهيار. إني احاول ان اتشبث بالشجاعه ولكن اعصابي لم تعد تحتمل .. فقد كتبت إلى طبيبياستطلع رأيه ، فأشار علي بضرورة السفر على سبيل الاستجمام ثلاثة او اربعةاسابيع. اخرجت من حقيبتهاخطاب الطبيب ودفعت به إلى جيسوب فقرأه وأعاده إليهافسألته: - ايمكن السماح ليبالسفر؟ نظر إليها بدهشه وقال: - طبعا يمكنك ان تسافريمتى شئت يا مسز بيترتون. - كنت اخشى ان تعترضوا. - ولماذانعترض؟ كل ماهنالك هو اني اريد ان اعرف مقرك لأتصل بك إذا أتتنس بعضالأنباء. فردت: - في نيتيان اسافر إلى مكان مشمس ، اسبانيا او مراكش. - إذن اتمنى لك رحلة طيبه . وانصرفت وهي ماتزال بادية القلق والاضطراب. ×××××××× نهـــاية الـــفصل الاول :) |
بانتظار الفصل الثاني..
:):) |
يسلــــمو حبيـبتي deweyes على متابــعة الروايـــة :char0248 ..,, وان شــــاء الله اليومـ راحـ احط الفصل الثاني :) ..,, |
اموووووووووووووت في قصص اجاثا كريستي
تسلمي قرات القصه دي وهي راااااائعه اتمنى اقرا قصة الستارة دورت عليها وما لقيتها حتى في جرير اتمنى ان كانت عندك تكتبيها والله يعطيكي العافيه |
الفصل الثاني :
ما ان انصرفتاوليف بيترتون حتى استدعي الزائر الذي كان في الانتظار إلى مقابلة مسترجيسوب. قال الزائر وهويستوي جالسا على احد المقاعد : -إني الميجور غلايدر ، وهاك خطاب تعريف من السفارةالأمريكيه. جرى جيسوببعينيه على سطور الخطاب في نظرة سريعه ، ثم وضعه أمامه على المكتبوسأله: -أية خدمة استطيع اناؤديها لك يا ميجور ؟! -إنني قادم لتوي من الولايات المتحدة وقد اتيت إليك أسألك عما إذاكانت لديك أنباء جديده عن توماس بيترتون الذي اختفى اخيرا بطريقة مثيره ، إن المرءلا يستطيع ان يصدق دائما ماتنشره الصحف ، وقد قيل لي انك الوحيد الذي لديه معلوماتموثوق بها . فقال جيسوب : -يؤسفني أنه ليست لديمعلومات مؤكدة عن بيترتون. -لقد خطر لي أنه ربما أوفد إلى الخارج في مهمة خاصه. مهمةسريه. فقال جيسوب في كلماتمتمهله : -إن بيترتونياسيدي العزيز مجرد عالم وليس دبلوماسيا او عميلا سريا. استطرد الميجور غلايدر باللهجة الجديه نفسها : -إن الألقاب كثيرا ماتكونخداعه يامستر جيسوب ولعلك الآن تتساءل عما يدفعني إلى الاهتمام بهذا الموضوع .. إنتوماس بيترتون يمت إلي بصلة القربى عن طريق الزواج . -إنك فيما اعتقد ابن اخت البروفسورمانهايم؟ -آه إنكم هناتتحرون عن كل إنسان . فغمغمجيسوب باسما : -إن الناسيأتون إلينا هنا ويفضون بما لديهم ، لقد كانت المسز بيترتون هنا وهي التي اخبرتنيبهذا وقالت أيضا أنك بعثت إليها برساله. -نعم .. كتبت إليها اعزيها واسألها عما إذا كانت لديها انباءجديده. واستطرد الميجورغلايدر يقول: -إن امي هيالأخت الوحيده للبروفيسور مانهايم، وكانا شديدي التعلق كلاهما بالآخر ، وعندما كنتطفلا كنت اقضي معظم الوقت في بيت خالي ، وكانت إلزا بالنسبة لي بمثابة اخت شقيقهوعندما مات ابي وامي انتقلت للإقامة في بيت خالي وكانت اياما سعيده ثم جاءت الحرببويلاتها ومآسيها ، وهرب خالي وإلزا إلى امريكا اما انا فبقيت في بولندا وانضممتإلى المقاومة السريه ، وبعد ان وضعت الحرب أوزارها سافرت إلى الولايات المتحدهلأزور خالي وابنة خالي ، هذا هو كل شيء. وتابع الحديث قائلا: -وبعد ان فرغت من انجاز المهام التي أوكلت إلي في اوروبا قررت اناستقر في الولايات المتحده بصفه دائمه لأكون على كثب من خالي وابنة خالي وزوجها ،ولكن ، وا أسفاه !! ماكدت اصل إلى أمريكا حتى مات خالي في حادث سياره ثم ماتت إلزاابنة خالي ، اما توماس بيترتون زوج ابنة خالي فرحل إلى انجلترا وتزوج للمرة الثانيه، وعدت أنا كما كنت من قبل بغير اسرة ارتبط بها ، وعندئذ قرأت في الصحف نبأ اختفاءالعالم الشهير توماس بيترتون ، فحضرت إلى انجلترا لأرى مايمكن عمله . وتراخى الميجور غلايدر فيمقعده وقال متسائلا: -مسترجيسوب ، لماذا اختفى بيترتون؟ فقال جيسوب: -تمنيت لو اني عرفت . -ولكنك تشتبه في شيء ما على الأقل ؟! فقال جيسوب في حذر : |
هذا جائز فاختفاء بيترتون ليس الأول من نوعه . -هذا صحيح فقد قرأت عنالكثير من حوادث الاختفاء. واخذ الزائر يشير في كلمات سريعه إلى عدد من حوادث الاختفاء التيوقعت في العهد الأخير ثمعقب بقوله : -وكلهم منالعلماء ، أليس هذا غريبا؟ لبث جيسوب صامتا . فاستطرد الميجور جلايدر: -اتراهم ذهبوا إلى ماوراء الستارالحديدي؟ -هذا احدالاحتمالات ولكنه ليس احتمالا قاطعا ، فمن المستحيل انهم انضموا إلى إحدى الجماعاتالسريه الفاشستيه او انهم ضاقوا بعملهم . -ولكنهم طبعا ذهبوا طواعيه واختيارا؟ فقال جيسوب: -حتى هذا السؤال من الصعب الإجابة عليه. ثم اردف : -ولكن ماهو سر اهتمامك ببيترتون، وهو بالنسبة إليك ليس إلا مجرد نسيبعن طريق الزواج؟ بل إنك لم تقابله ابدا في حياتك . -هذا صحيح ولكن الأسره عندنا معشر البولنديين منالروابط الوثيقة وهي تفرض علينا التزامات لانملك ان نتحلل منها . ونهض جلايدر واقفا واحنىرأسه تحية في جفاء وقال: -يؤسفني ان شغلت من وقتك اكثر مما ينبغي ، شكرا على انكقابلتني نهض جيسوب واقفاوهو يقول : -يؤسفني انني لماستطع ان اساعدك ولكني احب ان اؤكد لك اننا لا نعرف شيئا على وجه اليقين، ولكن إذابلغني اي نبأ فأين يمكن ان اتصل بك ؟ -طرف السفارة الأمريكيه ، واكرر لكالشكر. وللمرة الثانيهانحنى تحية واستدار منصرفا. ورفع جيسوب سماعة التليفون يدعو الكولونيل هوارتون إلى مكتبه . وابتدره جيسوبقائلا: -اخيرا بدأت الأمورتتحرك. -حقا وكيف حدث هذا؟! -مسز بيترتون تريد انتسافر إلى الخارج. -أتراهاتنوي ان تلحق بزوجها ؟ -هذاما ارجوه ، لقد جاءتني مزوده بتقرير طبي ينصحها بالسفر طلبا للراحهوالاستجمام. -تدبير محكممنها. فقالمحذرا: -ومع ذلك فقد تكونحقا مقبله على انهيار عصبي . تساءل هوارتون: -هل استطعت ان تنتزع منها شيئا؟ -مجرد بادره ضعيفه، بيترتون كتم عن زوجته انه تناولالغداء في فندق دورسيت مع هذه المرأه المدعوه سبيدر. فغمغم هوارتون قائلا: -اتعتقد ان لهذا صلةباختفائه؟ -ربما فقد سبق اناستجوبت كارول سبيدر، امام لجنة فحص النشاط المعماري لأمريكا / وإن كاننت قداستطاعت ان تثبت براءتها. -وهل اتصلت مسز بيترتون بإحد فأصدر إليها تعليماته بالسفر إلى الخارج؟! -لم يزرها احد في بيتهاوان كانت قد تلقت بالأمس خطابا من رجل بولندي هو ابن خالة بيترتون الأولى وقد كانهنا في مكتبي منذ قليل يستفسر عما لدي من أنباء. -أيكون هو الذي حرضها علىالسفر؟ -هذا محتمل وإن كنتلا ادري الحقيقه -وهل تنويان تضعه تحت المراقبه ؟ فأجاب جيسوب : -بل وضعته فعلا ، فقد دققت الجرس السري مرتين بمجرد خروحه من مكتبي .. فضحك هوارتون قائلا : -يالها من رموز سريه تفيدفي حالات الاستعجال . وعادهوارتون يتساءل : -وإلى أيةجهة تنوي بيترتون أن تسافر ؟ إلى سويسرا؟ -بل إلى مراكش او اسبانيا وقلب جيسوب بطرف اصبعه التقارير المكدسة امامهوقال: -هذان هما البلدانالوحيدان اللذان لم يرد إلينا منهما أي تقرير عنبيترتون. وتراخى جيسوب فيمقعده وأسند رأسه على ظهر المقعد وهو يقول: -إنني لم اقم بعطلة منذ شهور ولعل مما يفيد صحتي انأسافر إلى الخارج هذه الأيام .. فضحك هوارتون وقال : -طبعا إلى مراكش او اسبانيا، وفي اعقاب مسز بيترتون . والتقت نظراتهما في تفهمكامل . ××××××××××××× نهـــاية الفـصل الثاني |
الفصلالثالث: " انتبهوا .. انتبهوا .. شركة إيرفرانس .. الرحلة رقم 108 إلى باريس.. " نهضالجالسون في قاعة الانتظار في مطار هيثرو وتقاطروا متحهين إلى الباب ينشدون الطائرهالتي ستقلهم إلى باريس. وتناولت هيلاري كرافن حقيبه سفرها الصغيرهالحجم وانضمت إلى موكب المسافرين . كان الجو باردا لاذعا في ساحة المطار وشدتهيلاري معطفها الفراء حول عنقها تقي نفسها لسعات البرد وهي تتبع المسافرين إلى حيثتستقر الطائره. إذن فقد انتهى الأمر ، هاهي ذي منطلقة هاربه بعيدا عن الاكتئاب والبردوالبؤس المميت . هاربه إلى الشمس المشرقة والسماء الزرقاء الصافيه، إلى حياة دافقه .. وستطرح وراءها كل الهموم والأثقال، هذه الهموم المتسمه بالبؤسوالقلق. وتابعت طريقها إلى ممر الطائره واستقرت على المقعد الذي أرشدتها إليهالمضيفه . ولأول مره منذ شهور خالجها شعور بالراحة من العذاب الذي أمضّها بقسوة حتىلقد احست منه بما يشبه الألم الجسماني . تمتمت تحدث نفسها في امل ورجاء : - سأهرب، سأبتعد ، نعم سأبتعد ! وانتزعها من خواطرها هدير الطائرة الصاخبولكنها مالبثت ان عادت تردد في نفسها : - الآن سأذهب وابتعد . وبدأتالطائره تنزلق على ارض الممر ، وقد شد المسافرون احزمة الوقاية على بطونهم . ودارتالطائره نصف دورة في ساحة المطار ثم توقفت تنتظر إشارةالرحيل. وخطر لها: - مايدريني لعل الطائرة قد تتحطم ، وعندها قد تكون تلك النهاية ، الحلالموفق لكل شيء. وخيل إليها انهم انتظروا في ساحة المطار وقتا طويلا لا ينتهي مترقبينإشاره الرحيل إلى الحريه. وهمست تخاطب نفسها : - يبدوأنني لن اسافر أبدا وسأظل هنا حبيسة لا استطيعالفرار. واخيرا هدرت المحركات من جديد وبدأت الطائره تجري على الممر الممهدالمرصوف .. أسرع ثم اسرع . - ولكن من يدري .. ربما لن تعلو في الجو .. أتكون هذه إذن هي النهايه؟! ولكن الطائره اخذت تعلو في الجو وبدأوايبتعدون عن سطح الأرض .. وبدا كل شيء صغيرا ضئيلا حتى الهموم تضاءلت وانكمشت وحتىالقلق تبدد وتوارى وبدت الأبنية والسيارات وكأنها لعب اطفال . والآنكانوا فوق السحب البيضاء ، المشوبه بمسحه رماديه .. لا بد انهم الآن فوق القنالالانجليزي. وارخت هيلاري جفونها واطبقت عينيها ، واسندت رأسها إلى ظهرالمقعد. الهرب، الهرب .. فها هي ذي قد غادرت إنجلترا إلى غير رجعه ، هاهي ذي قدتركت خلفها نايجل وتركت خلفها تلك البقعه الحزينه المقبضه التي هي قبر بريندا. كل ذلكتركته خلفها ، بعيدا ، بعيدا. وفتحت هيلاري عينيها ثم عادت تطبقهما مرهاخرى ثم مالبث النعاس ان طغى عليها واستغرقت في النوم . ****** وعندما صحت هيلاري من نومها كانت الطائره في طريقها إلى الهبوط .. لابداذن انهم وصلوا باريس .. وزايلت كرسيها وحملت حقيبتها ونزلت منالطائره إلى سيارة المطار ولكنها لم تكن باريس تلك التي نزلوا فيها . اتتالمضيفه الجويه إلى السياره وتحدثت إليهم بذلك الصوت الناعم الحنون المأثور عنالمضيفات : - لقد اضطررنا أن نهبط في بوفيه لأن الضباب كثيف فيباريس. ونظرت هيلاري من وراء زجاج السياره لكن الرؤيه كادت تستحيل عليها فقدكانت بوفيه هي الأخرى غارقة في الضباب. وتوقفت بهم السياره امام مبنى خشبي عتيق ليسفيه إلا بضعة مقاعدوأرائك من الخشب. وطغى على هيلاري شعور بالانقبائ حاولت انتدفعه عن نفسها ، وغمغم الرجل الجالس قربها : - إنه مطار حربي قديم بلا تدفئه ولا شيء منوسائل الراحه، ولكن ما احسل وهم فرنسيون ان يبخلوا علينابالشراب. ونطق الرجل حقا ، فما هي إلا لحظات حتى اتى مضيف يدور عليهم بأقداحالشراب. وتتابعت الساعات دون ان يقع جديد، فيما عدى طائرات تنبثق متتابعه مناستار الضباب وتحط متزاحمه على ارض المطار الصغير وتكدست القاعه بمسافرين حانقينمتذمرين من التأخير الذي طرأ على رحلاتهم. واخيرا عندما هبط الليل اتت سياراتالأوتوبيس لتحمل المسافرين إلى باريس. كانت رحله ممله مضجره انحشر الركاب فيالسيارات اربع ساعات إلى ان شارفوا ضواحي باريس فبلغوها وقد انتصف الليل . واسعدهيلاري ان تحمل حقيبتها وتستقل تاكسيا وتمضي إلى فندق حجزت لها فيه احدى الغرف ،وكانت متعبه مكدوده، تهفو إلى حمام ساخن تلوذ بعدهبالفراش. وكان مقررا ان تبرح الطائره المسافره إلى كازابلانكا مطار اورلي فيالعاشره والنصف من صباح اليوم التالي ، بيد ان مطار اورلي في ذلك الصباح المعهودكان خليه من الفوضى والارتباك: مسافرون يروحون ويغدون ، موظفون يدخلون ويخرجون،حمالون يذهبون ويجيئون والطائرات مرصوصه على ارض المطار مكدسه متزاحمه إذ كان هناكتأخير في مواعيد السفر بسبب الضباب. وقال لها موظف الاستعلامات : - مستحيليا سيدتي ان تسافري على الطائره التي سبق ان حجزت لنفسك فيها مقعدا فأرجوك انتنتظري في قاعة الاستراحه حتى يخلو مقعد في طائرهاخرى. وعلىمضض مضت إلى قاعة الانتظار ترقب مقعدا يخلو لتجلس عليه . وبعدساعة قيل لها ان هناك مقعدا خاليا بالطائره المسافره إلى داكار، وفي الطريق إليهاتهبط في كازابلانكا وإن كانت سوف تصل إليها متأخره ثلاث ساعات عن الموعد الذي كانتترجوه. قالالموظف : هذا كل ما استطيع فعله لأجلك سيدتي . وتقبلت هيلاري كرافن المقعد المعروض عليهابغير تذمر او احتجاج دون ان تتشبث بالمقعد الذي سبق ان حجزته على الطائره الأصليهإلى كازابلانكا. وحين هبطت في كازابلانكا همس الخمال الذي اخذحقائبها: - إنك لمحظوظه يا سيدتي أن اتيت بهذه الطائره الإضافيه بدلا من طائرة كازبلانكاالأصليه التي كان مفروضا ان تصل قبل هذه فإنها قد تحطمت ومات طاقمها ومعظم الركاب،فلم يبق منهم على قيد الحياة إلا اربعه اشخاص او خمسه نقلوا إلى المستشفى مصابينبإصابات جسيمه. كان اول رد فعل في نفسها أن طغى عليها شعور جارف بالغضب وعلى غير وعيمنها اصطخب داويا في رأسها هذا السؤال: - ياإلهي لم لم اكن انا في هذه الطائره؟ لوإني كنت فيها لانتهى كل شيء. لا قلق ولا احزان ولا هموم. ألا ليتني كنت فيها. إنالذين استقلوا هذه الطائره كانوا متشبثين بالحياة أما انا فلكم كنت ارحب بالموت . وانهتإجراءاتها الجمركيه في دقائق قليله ومضت إلى إحدى سيارات التاكسي ذاهبه إلى فندقها. وفي غرفتها فتحت النوافذ واطلت على المدينه .. كانت السماء زرقاء صافيه والشمسمشرقة فياضة بالضوء. كان هذا ماترجوه .. كانت هذه هي الحياة التي سعت إليها .. الفرار .. الهرب ، بعيدا عن انجلترا. بيد انه في هذه اللحظه اعتصرت قلبها يد باردة ساحقه فقدادركت في صدمه هزت كيانها ان الأمر هنا لا يختلف عما كان في انجلترا ، لا مهرب ولافرار. كانقبر بريندا في انجلترا والماضي يجري في اعقابها ولا شيء يمكن ان يجعلهاتنسى. إنالخلاص الوحيد في حبوب منومه تفرغ منها في احشائها قنينهكامله. وانبعثت واقفه وقد استقر رأيها على ان تبادر إلى الصيدليه، ففيها شفاؤهامن المتاعب والهموم والأحزان. ومضت إلى الخارج مسرعه كي تعود بما يجعلهاتنام تلك النومه الأبديه المريحه التي تهفو إليها .. ***** |
شكرا شكرا شكرا ايوة عاشو ورا
|
***** كانت هبلاري كرافن تعتقد ان من السهل شراءالجبوب المنومه في البلاد الأجنبيه . ولكنها لدهشتها ما لبثت ان ادركت انها كانت مخطئه في ظنونها . فقج رفض الصيجلي ان يزودها إلا بحبتين اثنتين وان لها ان شاءتالمزيد ان تأتيه بتذكره طبيه. فشكرته هيلاري ودست في حقيبتها الحبتين . وفيما هيتغادر الصيدليه كادت تصطدم برجل طويل القامه جاد السمات ، فاعتذر لها بأدب بالانجليزيه. وسمعته وهي تنصرف يسأل الصيدلي عن معجون اسنان. واحست بغصه انقبض لها قلبها فقد كان المعجون الذي طلبه من الماركة نفسهاالتي يؤثر نايجل استعمالها. وعبرت الطريق إلى الصيدليه المقابله واتبعتها بغيرهاحتى اكتملت اربعا ولفت نظرها ان لمحت في الصيدليه الثالثه الرجل الجاد السمات نفسهذا الوجه الذي يشبه وجه البومه، وكان يسأل عن معجون الأسنان نفسه الذي طلبه فيالصيدليه الأولى. عادت هيلاري إلى فندقها ، فأبدلت ملابسها ونزلت تتناول العشاء وقد كادت القاعه تقفر من النزلاء ولكنها لمحت رجل معجون اسنان،جالسا إلى مائده ملاصقة للجدار يتناول طعامه وقد نشر امامه صحيفه فرنسية واستغرق فيقراءتها. وامرت لنفسها بطعام شهي وزجاجة من****، واقبلت تأكل وتشرب بنهم وهيتردد في نفسها: - وبعد فتلك هي المغامره الأخيره ثم ينتهي كلشيء. وصعدتإلى الغرفه وقد فرغت من الطعام فأغلقت الباب وراءها بالمفتاح وخلعت ثيابها وتناولت اللفافات الأربع التي اتت بها من الصيدليات وفضتها وتناولت منها الحبوب المنومه ورصفتها على المنضده امامها ومضت تتأملها بصمت . لم تكن متردده ولم تكن خائفه فذلك هو سبيلالخلاص .. ذلك اخيرا هو الفرار .. الفرار الحقيقي. والأمر بعد هين بسيط : تبلع الحبوب وتزدردها بجرعه من الماء ثم تستلقي على الفراش وتنام ثم لا تستيقظ ابدا من النوم . لم يكنفي نفسها من الدين وازع يردها عما هي بسبيله فقد اتت وفاة بريندا على كل ما بنفسهامن شعور ديني ، فليس ثمة شيء له عندها قيمه اواهميه. نعمإنها الآن بلا قيد يعرقل خطاها ، متأهبه للشروع في رحلتها إلى المصيرالمجهول. ومدت يدها وتناولت الحبه الأولى رفعتها إلى فمها .. وفي هذه اللحظه طرقباب الغرفه نقرات خفيفه. قطبت هيلاري جبينها وتجمدت يدها في الهواء قبل ان تبلغفمها. ولكنها لزمت مكانها لا تفتح الباب معما يكن من امر فهي لن ترد عليه فلا يلبثان ينصرف . ولكن الطرقات عادت تدق الباب من جديد ، وفي هذه المره كانت بصوت اشدواعلى. وفجأه اتسعت عيناها دهشه وهما مستقرتان على الباب.. رأت المفتاح الذي في ثقب الققل من الداخل يدور حول نفسه ثم يقفز من صثبهإلى الأرض مرسلا رنينا معدنيا ، ثم رأت مقبض الباب يتحرك ويدور ثم انفتح الباب وإذابرجل يدلف إلى الغرفه. عرفت فيه على الفور ذلك الرجل الجاد السمات الذي رأته من قبل مرتين في الصيدليه يشتري معجونا للأسنان ثم رأته يتناول بعد ذلك عشاءه في الفندق. واستدار الشاب فأغلق الباب وتناول المفتاح من على الأرض ودسه في الثقب واوصده ثم جاء عبر الغرفه إليها واستوى على احد المقاعد جاسا وقال فيبساطه: - إنني أدعى جيسوب. تضرج وجه هيلاري احمرارا ومالت إليه عبر المنضده التي بينهما وفي صوتيخالطه الغضب سألته: - هل لي ان اسأل عما اتيت تفعله فيغرفتي؟ حدجها بنظره طويله ثاقبه وقال يسأل : - ما أعجب هذا !! إنني أنا الذي اتيت اسألكعما تفعلين انت في غرفتك؟ حملقت فيه باستغراب وتساءلت : - إنني لا افهم ماتعني ؟! فأدار رأسه يتأمل الحبوب المنومه على المنضده ثم تطلع إليها قائلا: - لو انني مكانك لما فعلت هذا، فليس الأمر كما تظنين.. إنك تعتقدين انك تتناولين الأقراص ، وتستغرقين في النوم ثم لا تنهضين أبدا ولكن ماسوف يحدث شيء غير هذا تماما.. فستعانين أعراضا اليمه .. تقلصات وقيء وآلام تمزق المصارين .. وإذا كانت طبيعة جسمك مقاومه للمخدرات ، فإن الحبوب المنومه لا تبدأ فعلها إلا بعد فتره طويله، وفي خلال هذه الفتره يعثرون عليك ويحاولون انقاذك ، وتتعرضين لأشياء مؤلمه غسيل معده ، زيت خروع ، قهوه ساخنه كما يهزونك بعنف ويلطمون وجهك حتى تستفيقي ، فهل انت مستعده لهذا؟ تراخت مسز كرافن في جلستها واغتصبت ابتسامه خفيف ه وقالت: - يالها من فكره سخيفه !! إذن فأنت تتخيل أنني كنت انوي الانتحار؟ - إنني لا اتخيل ، ولكني على يقين .. فقد دخلت إلى الصيدليه لأشتري معجونا للأسنان حين كنت هناك تطلبين حبوبا منومه ولما لم اجد النوع الذي ابغيه ذهبت إلى صيدليه اخرى فإذا بك امامي تشترين حبوبا للمرة الثانيه وبدا لي الأمر غريبا فرأيت ان اتعقب خطواتك لأرى مايكون من امرك وطبعا لم يكن من العسير علي بعد ذلك اناتكهن بما تنوين. - إنك قد تقدر ان تمنعني الآن من الإنتحار ، وقد تقذف بالحبوب من النافذهولكنك لن تقدر ان تصدني غدا عن شراء حبوب اخرى او ان القي بنفسي إلى الطريق من سطح عماره عاليه ، او ان ارتمي أمام قطار مسرع . - إنك قد تحاولين ان تنتحري اليوم ، هذاصحيح ولكن إذا جاء الغد ثاب المنتحر إلى رشده وعاوده صوابه ، هذا عادة مايحدث للمنتحرين. - هذا اذا كان المنتحر قد اقدم على فعلته وهو في فورة يأس مفاجئ أما انافقد تدبرت الأمر في هدوء وبرود حتى استقر عليه عزمي .. ألا تعلم يا مستر جيسوب أننيامرأة ليس لديها ماتعيش من اجله، وما يجعلها تتشبث بالحياة؟ ثم اردفت : - زوجي الذي همت به حبا هجرني، وابنتي الوحيده التي اعبدها ماتتب الالتهاب السحائي، وانا بعد امرأه بلا اصدقاء او اقارب وليس لي هوايه تستهويني اوعمل يشغلني ، فلم اذن اعيش؟ وبعد سكتة قصيره ، رفعت إليه رأسها قائله: - والآن يا مستر جيسوب هل لك ان تنصرف وتتركني لشأني؟ - لم يحن الوقت ، فإنني لم افرغ بعد من حديثي. ثم استطرد على عجل : - الآنعرفت انك كارهه لدنياك غير متشبثه بالحياة وانك تنوين الانتحار ولكن الذي اتساءلعنه هو : لم آثرت الحبوب المنومة وسيلة للانتحار؟ فبدت الدهشة في عينيهاوتساءلت: - ماذا تقصد؟ - لقد عرفنا ان الحبوب المنومه غير مضمونه النتيجه ، فضلا عما يصاحبها منالام وكذلك الشأن بالنسبة إلى الارتماء تحت القطار ، او إلقاء نفسك من مبنى مرتفع،إنك قد تصابين بعاهه او بالشلل او ببتر ذراعيك اوساقيك ، ولكنك ستعيشين. هناك طرقاخرى للانتحار انجح واضمن. - طرق اخرى - طبعا.. طرق اخرى حافلة بالإثاره والمتعهومع ذلك فلست اكتمك انك قد تنجين من الموت ، ولكنك على الأقل ستجدين فيها تسليه وطرافه تشغل فراغك وتبدد همومك . فهزت رأسها في حيرةوتساءلت: - الحق اني لا ادري فيم تتحدث . لاذ بالصمت برهة ثم اردف: - لكي تدركي ما ابغي لابد ان اروي لك قصه صغيره فهل لك ان تعيريني سمعك؟ - إني مصغيه إليك فهات ماعندك. - إنك طبعا تطالعين الصحف ولابد انك قرأتحوادث اختفاء بعض العلماء في الشهور الأخيره وكان اخرها اختفاء عالم الذره توماسبيترتون. فقالت هيلاري: - نعم لقد قرأت عنه فيالصحف. واستطرد جيسوب: - إننا في بلد حر ولمن شاء ان يرحل أنىشاء.. ولكن في مثل هذه الظروف يجب ان نعرف لماذا اتختفى هؤلاء القوم، واين ذهبواوكيف ذهبوا؟ . هل اختفوا طواعيه واختيارا من تلقاء انفسهم ، ام انهم اجبروا علىالذهاب او اختطفوا او هددوا وما هو الطريق الذي سلكوه في سفرهم وما هي المنظمة التيتتولى امرهم وماهو الهدف الذي ترمي إليه المنظمه. إننا نسعى إلى رد شاف على هذهالأسئله ولعل في مقدورك انت ان تساعدينا في الحصول على جواب لهذهالأسئله. - أنا ، ولكن كيف ؟! ولماذا؟! فقال جيسوب: - منذ شهرين اختفى توماس بيترتون فجأه وهو في باريس تاركاامرأته في لندن وقد نزل اختفاؤه عليها نزول الصاعقه ، او كذلك ادعت وزعمت وقد اقسمتعلى انه ليس لديها اية فكره عن مكانه وانها لا تعرف من الأمر شيئا، وقد تكون صادقه في اقوالها ، او كاذبه ، وانا من الذين يعتقدون انها كاذبه وتابع جيسوب الحديث قائلا: - وضعنا مسز بيترتون تحت المراقبه الدقيقه ومنذ اسبوعين جاءت تزورني في مكتبي وذكرت لي أن طبيبها امر بأن تسافر إلى الخارج للراحة والاستجمام لأنها ضاقت بأصدقائها واقاربها والمخبرين والصحفيين الذين لا يفتأونيلحون بالسؤال عن زوجها وكيف اختفى حتى لقد كادت تصاب بانهيار عصبي . وبالأمس غادرتمسز بيترتون إنجلترا إلى كازابلانكا. فقالت متبرمه : - ولكن ما شأني انا بكل هذه القصه؟ فأجابها جيسوب باسما: - إن لك شأنا كبيرا لأن شعرك احمر . - ماذا تقصد؟ - اهم مايمز مسز بيترتون هو شعرها الأحمر النحاسي واهم مايميزك انت ايضا هو الشعرالأحمر النحاسي نفسه. - فليكن ، مجردصدفه ، ولكن ما اهمية ذلك؟ - أهميته ان طائرة كازابلانكا التي سافرت فيها مسز بيترتون تحطمت وقتل معظم من فيها اما هيفأخرجت من تحت الأنقاض وماتزال على قيد الحياة وقد نقلت إلى المستشفى ولكن الأطباء يرون انها لن تعيش إلا حتى صباح الغد. ظلت هيلاري تتابعه بعينين تتساءلان عما يبغيمنها. واستطرد جيسوب: - غدا ستلفظ مسز بيترتون انفاسها الأخيره ، ولكنها مع ذلك ستواصل رحلتها لأنك ستتقمصين شخصيتها وتنتحلين اسمها. ظلت هيلاري تحملق فيه كالمشدوهه فاغرة فمها، ثم قالت : - ولكنهم طبعا سيعرفون في الحال أني لست مسز بيترتون؟! - هذا يتوقف على الذين سيقابلونك ، وهل سبق ان رأوا مسزبيترتون من قبل ؟ إن مثل هذه المنظمات تعمل عادة اسلوب الخلايا المستقله فكل خليه مكونه من ثلاثة او اربعة اشخاص لا يعرفون الخلية الأخرى، حتى إذا وقعوا في يدالشرطه استحال عليهم ان يشوا بالآخرين ، لأنهم لم يروهم من قبل. ومعنى هذا ان الذين سوف تلتقي بهم مسز بيترتون لا يعرفون عنها إلا انها ذات شعر احمر نحاسي وعينينزرقاوين خضراوين / وطولها خمسة اقدام وسبع بوصات وليست لها علامات مميزة ، هذه هيالأوصاف المدونه في جواز سفرها ومن حسن الحظ أن هذه الأوصاف جميعا تنطبق عليك. فقالت معترضه : - ولكني لا اكاد اعرف شيئا عن مسزبيترتون! - سنزودك بما يكفي من المعلومات وسندبر الأمر على النحو التالي ، ستدخلين المستشفى ، وعندما يحين القضاءوتموت مسز بيترتون ستحلين مكانها وتنتحلين اسمها اما هي فتدفن متخذه اسمك انت ، ايسيقال أن التي ماتت هي انت . اما مسز بيترتون اي انت فسيقال انها اصيبت بارتجاج فيالمخ في كارثة الطائره ، وهذا يتيح لك فرصة التخلص من المآزق التي قد تقعين فيهابأن تتظاهري بفقدان الذاكره من حين لآخر . ومع ذلك فقد ينكشف سرك وتقتلين ، ولكنيلا احسبك تبالين بالموت مادمت لا تقيمين وزنا للحياة وتنشدين الانتحار ، فما رأيك؟! اتقبلين هذه المهمه؟ ودون تردد اجابت هيلاري كرافن : - ولم لا ؟ لقد قبلت ان اكون مسز بيترتون. فقال جيسوب: - إذن هيا بنا فلا وقت لدينا لنضيعه. ×××××××××××× نهاية الفصل الثالث ..,, |
SWEET GIRL يسلمو عالـــرد الحلـــو والمرور..,, |
مرحبـــا moon princess
انا عندي رواية السِّتَارَة (قضية بوارو الاخيرة ) وان شاء الله راحـ ارسلها لج عالخاص ..,, ويسلمو عالرد ..,, |
يا حبيلك
ممكن طلب بسيط... ممكن تعطيني الموقع اللي موجود فيه قصص اجاثا مترجمه للعربي؟؟؟ لو عندك.... :):):):):) |
اوكي الحين بطرشه لج عالخـــاص ..,,
ويسلمو عالمرور ...,, |
الفصل الرابع : على مقعد حديدي صلب جلستهيلاري كرافن بجانب الفراش الذي ترقد عليه اوليف بيترتون معصوبة الرأس بالضماداتغائبة عن الوعي .وعلى الناحية الأخرى من السرير وقفت إحدى الممرضات والطبيب يتأملانالمصابة . اما جيسوب فكان جالسا في ركن من الغرفه . وتحول الطبيب إلى جيسوب قائلا بالفرنسية : - لن يطول الأمر ، فإن النبض ضعيف جدا . - ولكن هل تموت قبل ان تستردوعيها؟! - هذا ما لا استطيع ان اقطع به .. ربما استردت وعيها فياللحظات الأخيره . - الا تستطيع ان تعطيهامنبها؟! هز الطبيب رأسه نفيا .. وغادر الغرفة والممرضه فياعقابه. قال جيسوب يخاطب هيلاري كرافن : - لكم كنت اتمنى ان تسترد وعيها ولو لحظات حتى احصل منها على شيء منالمعلومات ، اي شيء مجرد كلمة عابره، مجرد إشاره او كلمة السر. حاولي ان تنصتيإليها جيدا ، وإذا تكلمت فحاولي ان تستدرجيها فقد تنطق بشيء حتى في غيبوبتها . - وهل نصارحها بأنها تحتضر وانها لنتعيش؟! - لا ادري يجب ان افكر في هذا ... **** مضت هيلاري تتأمل المرأهالراقده على الفراش .. ترى هل جاءت حقا إلى مراكش لتقابل ذلك الزوج الذي اختفى؟ امانها كانت موشكه على الانهيار فجاءت تنشد الراحةوالاستجمام؟! ومر الوقت حتى انقضت ساعتان ، ثم فتح الباب وجاء الطبيبيعود مريضته مره اخرى . جس نبضها ، ثم قال: - هناك بعض التغير وإن كان كل شيء يوشك ان ينتهي . وتململت المريضه في فراشها قليلا وفتحت عينيها لتجد نفسها تتطلعمباشرة في عيني هيلاري، ثم عادت واطبقتهما منجديد. وهمست في صوت لا يكاديبين: - اين انا ؟! وفي رفق اخذ الطبيب بيدهاوأجاب : - إنك في المستشفى ياسيدتي ، لقد وقع حادث للطائرة . فردت هامسه : - الطائره ؟! وسألها الطبيب : - اتريدين ان تتصلي بأيشخص هنا في كازابلانكا؟ إننا نستطيع ان نبلغه أية رسالةمنك. فرفعت إلى الطبيب عينين باديتي الألم وردت : - لا . ثم عادت من جديد إلىهيلاري وتساءلت : - من انت ؟ فمالت هيلاري فوقها وفيصوت جلي واضح النبرات قالت : - إني قادمه لتوي منانجلترا على إحدى الطائرات ، فإذا كان في وسعي ان افعل شيئا لأجلك فأخبريني علىالفور. - لا .. لا شيء .. إلاإذا... وصمتت . فتطلع الطبيب إلى المرأتين ثم مضى يغادر الغرفهوفي اعقابه الممرضه. وخلت المرأتان كل إلى صاحبتها وبدا ان مسز بيترتون تجاهد لكيتنطق بشيء فقالت: - أخبريني .. اخبريني .. هل؟! هل...؟! وادركت هيلاري دون عناء ما تسأل عنه مسز بيترتون فأجابت : - نعم إنك تحتضرين .. أهذا هو ماتريدين ان تسألي عنه؟! والآن سأحاولان اتصل بزوجك فهل تريدين إبلاغه رسالة منك؟! - أخبريه .. أخبريه انيكون على حذر .. بوريس .. بوريس .. بوريس شخصخطر. وتسارعت انفاسها لاهثه وتنهدت .. ومالت هيلاري فوقها تسألها : - ايمكنك ان تذكري لي شيئا يساعدني في رحلتي .. اي شيء يمكنني منالاتصال بزوجك ؟! - الثلج. استبدت الحيرة بهيلاريوجعلت تردد الكلمة في دهشه : - الثلج؟! الثلج؟! ومضت تكررها تباعا دون ان تفقه المقصود منها . فلاحت على شفتي المحتضره ابتسامه واهنه ثم ضحكت ضحكه مخنوقه لا تكادتسمع وانفرجت شفتاها عن اغنيه شائعه من اغنيات الطفوله : " الثلج ، الثلج ، الثلج الجميل .. تدوسين على قطعه منه وتنزلقين .. ثم تذهبين .. تذهبين" واخذت المحتضره ترددبصوتها الواهن الضعيف : - تذهبين .. تذهبين .. إذهبي وحدثيه عن بوريس .. إني لا اصدق هذا .. لا استطيع ان اصدق ولكن ربما كانصحيحا .. وإذا كان فيجب ان يكون على حذر.. واختلجت العينان والشفتان .. وماتت اوليف بيترتون .. ***** |
مشالله روووعه بصراحه بس اذا ما عليج امر كبري الخط شويه لانه يبط العيون خخخخخـ ..,, ننتظر التكمله ^_^ |
بنـــــــات اذا مو عاجبتكمـ الرواية ترى عااادي ما اكملـــها ..,,
ارجو الرد اذا تبوني اكمل باجي الرواية ..,, اذا ما حصلت رد مـــا راح اكمل ..,, |
مرحــبا مسز كويت .,,
غريبه انا طالع عندي الخط كبير وايد .. بس راح اكبره بــعد ..,, ويســـلمو عالرد ..,, |
مشكوره على القصه الروعههههههههههههههههههه وماقصرتي والى الآمام اكملي وعندي عدد منها والعنوان البيت المائل بكتبها انشاء الله بعدين
|
مـــــشكورهـ فتاة الانمي عالـــرد الحلو ..,,
|
تسلمي
اقولها من كل قلبي الله يعطيكي العافيه |
كانت الأيام الخمسه التاليه اياما مضنيه مرهقه .. لازمتهيلاري كرافن في المستشفى غرفة خاصه لا تبرحها ، منهمكه في تلقي دروسها ، وفي كلمساء تمتحن فيما تلقنته طوال ساعات النهار .. على ورقة أمامها سطرت كلالمعلومات التي يعرفونها عن اوليف بيترتون ، وكان على هيلاري ان تعيها في ذاكرتها . المنزل الذي كانت تسكنه اوليف ، الخدم الذين عملوا لديها ، اسماء الاقارب والأصدقاء، واسم كلبها المدلل وطائر الكناريا.. كل التفاصيل الخاصه بحياتها خلال الستة شهورالماضية منذ تزوجت .. حفلة القران وأسماء الوصيفات، مالذي كانت تفضله مسز بيترتونمن طعام وشراب .. وضاقت هيلاري بكثرة مالقنت .. فسألت جيسوب : - هل لهذا كله اهميه؟! - ربما نعم ، ربما ، ولكن ينبغي ان تكوني متأهبه لكل المفاجآت فقدتباغتين بسؤال ، أي سؤال ، فيجب ان يكون الرد حاضرا ، دون اي تفكير او تردد . واخذ يلقنها دروسا في الشفره وفي الكتابه السريه وفي وسائل الاتصالالخفيه. واخيرا ابدى جيسوب رضاه وارتياحه قائلا: - إنك في الحق تلميذهنجيبه، يمكن الركون إليها..إنني احب ان اذكر لك انك لن تكوني منعزله عنا .. فسوفنكون اتبع لك من ظلك معظم الأوقات .. وتساءلت هيلاري : - وماذا يكون من امري عندما ابلغ نهاية المطاف .. اي عندما ارى نفسيوجها لوجه امام توماس بيترتون؟! فهز جيسوب رأسه بجديهوقال: - هنا موضع الخطر .. إذا سارت الأمور على الصورة التينتخيلها فإننا سنكون بجانبك ، نحميك ونذود عنك .. ولكن يجب ان اذكرك بما سبق انقلته لك وهو ان المخاطره هي اساس هذه المهمه .. فمن المحتمل ان ينكشف امرك فيكونالقتل مصيرك .. ثم اردف : بعد خروجك من المستشفى ستنزلين في الفندق نفسه الذي حجزت فيه مسزبيترتون غرفه لها وسوف ترتدين ملابسها وتنسقين شعرك على الطراز الذي اعتادته . وقدعهدنا إلى طبيب من اطباء التجميل ان يدرس وجهك وأن يلصق عليه بعض رقائق البلاستيكتجعلك ادنى شبها إلى أوليف بيترتون . وحتى إذا فطن أحد إلى التحامها فسوف يعزو هذهالآثار إلى حادث الطائره . وتأملته هيلاري بنظرةتقدير وإعجاب وقالت : - الحق انك دقيق في عملكلا تغفل شيئا. - هذا واجبي لأن اتفه الهنات كفيله بأن تفسد ادقالتدبيرات . والآن ارجو ان تقصي علي ماحدث بينك وبين اوليف بيترتون. هل تلفظت بشيءقبل ان تموت ؟! وروت له ماسمعته من المرأة التي كانت تحتضر وقالت: - واهم مارددته هو قولها " قولي له ان بوريس شخصخطر" فقال جيسوب : - بوريس؟! لا بد إذن انهاتقصد الميجور بوريس جلايدر فقد زارني في مكتبي زاعما انه ابن عمة زوجة بيترتونالأولى ، وإن لم اكن متأكدا من حقيقة شخصيته.. وقد امرت بتعقبه عند خروجه من مكتبيفذهب لتوه إلى السفارة الأمريكيه ثم لم يخرج منها ، ويبدو انه تسلل من احد الأبوابالخلفيه .. فقالت هيلاري : - هل لك ان تصفه لي؟! فأدلى إليها بأوصافه ثماردف : - صدقت مسز بيترتون فالميجور بوريس جلايدر شخص خطر .. |
:):):):)
بانتظار التكمله :):) |
الفصل الخامس:
الفصل الخامس: في قاعة الاستقبال في فندق سان لويسفي كازابلانكا جلست ثلاث سيدات كل منهن منهمكة بشأن يخصها . فالأمريكيه مسز كالفين بيكر جالسه إلى مكتب صغير مقبله على تسطير بعض الرسائل . والإنجليزيه مس هيذرنجتونمتراخيه في مقعد ضخم وبين يديها إبرة التيركو تطرز جاكته من الصوف من النوع الذيتألف السيدات الانجليزيات ارتداءه. اما الفرنسية مدموازيل جين ماريكو فكانت تجلسبجانب إحدى النوافذ تنظر إلى الخارج وهي تتثاءب من حين لآخر او تدير بصرها إلىالمرأتين بضيق وملل .. وكانت مسز هيذرنجتون ومسز بيكر قدامضيتا بضع ليال تحت سقف فندق سان لويس فتم بينهما التعارف، وذلك ان مسز كالفين بيكر بسجيتها الأمريكية المتآلفه كانت لا تفتأ تتحدث إلى اي انسان بسماحةوانطلاق. وبرز في مدخل القاعه فرنسي تبدوعليه سمة رجال الأعمال ، ثم ارتد عنها راجعا حين رآها تكاد تبدو خالية وقد ألقى على جين ماريكو نظرة اسف . فأخذت مس هيذرنجتون تعد الغرز التيطرزتها ، ثم همست تخاطب نفسها : - والآن ماهو نوع الغرزة التاليه؟! ووصلت امرأة اخرى ، طويلة القامةحمراء الشعر فأطلت على الغرفه وبدا عليها التردد قليلا ثم استدارت تسير في الممشى إلى قاعة الطعام . فانتبهت مسز كالفين ومس هيذرنجتونمما كانتا فيه ودارت مسز بيكر حول المكتب الذي تجلس إليه وهمست في صوت به رنة منالانفعال : - أرأيت يا مس هيذرنجتون هذه المرأهذات الشعر الأحمر التي أطلت على الغرفة ثم انصرفت ؟ انهم يقولون انها الوحيدة التي نجت من كارثة الطائره التي سقطت في الاسبوع الماضي . - لقد شاهدتها تأتي بعد ظهر اليومإلى الفندق في عربة الإسعاف . - لقد اخبرني المدير أنها وصلت منالمستشفى رأسا. ترى هل من الحكمة ان تخرج من المستشفى بمثل هذه السرعه وهي التيكانت مصابة بارتجاج في المخ؟! - إن ببعض أجزاء وجهها شريطا لاصقامن أثر إصابتها بالزجاج المهشم فيما اظن . إنها لمحظوظه إن نجت منالحريق. فقالت مسز كالفين : - يالها من مسكينه عانت الأهوال. ترى هل كان زوجها معها ؟ وهل لقي حتفه ام نجا من الموت ؟! - لا أظن فقد ورد في الصحف انه لمينج من ركاب الطائره الا امرأه واحده دون أن يشيروا إلى أن زوجها كان بصحبتها . - هذا صحيح ، وقالوا أنها تدعى مسزبيفرلي. كلا كلا ، بل مسز بيترتون.. نعم هذا هو اسمها . فقالت مس هيذرنجتون وهي تفكر متأمله : - بيترتون ؟ آه هذا يذكرني بماقرأته عنه في الصحف ، نعم إني متأكده من ان هذا هو اسمه. وقالت الآنسة ماريكو تخاطب نفسهابالفرنسيه : - ألا تباً لبيير ! إنه لا يحتملولا يطاق ! لكن الصغير جولز لطيف والأب ذو مركز مرموق ، فليكن ! لقد اتخذتقراري. وفي خطى رشيقه متأنقه غادرتمدموازيل ماريكو قاعة الاستقبال. ***** بعد ظهيرة ذلك اليوم الذي ماتت فيهمسز بيترتون ، وكانت قد مرت خمسة ايام على كارثة الطائره ، خرجت مسز توماس بيترتونالمزعومه من المستشفى مستقله إحدى سيارات الإسعاف إلى فندق سان لويس وهي تبدو شاحبةالوجه عليله ، تبدو على وجهها الضمادات والأربطة والشريطاللاصق. واتصلت هيلاري باستعلامات الفندقوسألت عما اذا كانت هناك رسائل باسمها فأجيبت بالنفي . كان عليها وهي تنتحل شخصية اوليفبيترتون ان تتصرف بحرص وحذر وأن لا تقدم على اية خطوه إلا بعد تأن ورويه. إن من المحتمل ان تكون اوليفبيترتون قد تلقت تعليمات بأن تتصل بتليفون معين او شخص معين في كازابلانكا فأنى لهاان تهتدي إلى ذلك؟! إن كل مالديها لا يعدو جواز سفراوليف بيترتون و خطابها الخاص بالاعتماد المالي، ودفتر تذاكر السفر الصادر من شركةكوك السياحية، وإخطارات الحجز بالفنادق ، وهذه عباره عن يومين في كازابلانكا وستةايام في فزان ، وخمسة ايام في مراكش. وطبعا انقضت هذه الايام وفات موعدهابسبب حادث الطائره لكن لا بد ان هناك من سيجددها مرة اخرى فعليها ان تنتظر وتترقب . أما خطاب الضمان المالي وجواز السفر ، فقد تولى امرهما مستر جيسوب فذيل الخطاببتوقيع مزور لأوليف بيترتون ونزعت من الجواز صورة اوليف وحلت محلها صورة هيلاريكرافن . وهكذا استقر الأمر لهيلاري كرافنوعليها ان تؤدي دورها باطمئنان، وإذا ألفت نفسها موشكه ان تنزلق إلى مأزق فليس اسهلمن ان تتشبث بطوق النجاة فتزعم أنها فقدت ذاكرتها أو بعض ذاكرتها نتيجة لإصابتهابارتجاج في المخ. ولاذت هيلاري بغرفتها اربعة ساعاتكامله إذ المفروض لمن كان في مثل حالتها لم يغادر المستشفى إلا منذ لحظات أن يتريحويستجم . ولكنها خلال هذه الساعات جعلت تستعيد إلى ذهنها كل ما لقنته عن حياة أوليفبيترتون من دقائق وتفصيلات حتى لا تفاجأ بسؤال تعييها الإجابة عليه فتنكشف خدعتهابانتحال شخصية غيرها. واخيرا تجملت قليلا ونزلت إلى قاعةالطعان لتناول العشاء. وما إن تراءت في مدخل القاعة حتى انتهبتها الأنظار من كل صوب وفطنت إلى همسات خافته ترددت في أرجاء القاعه ،بل قد تبادرت إلى سمعها بعض العباراتترددها الحاضرات. واتت إمرأه قصيرة القامه متوسطة العمر تميل إلىالبدانه وسحبت مقعدا ادنته منها وأنشأت تكلمها بلهجة امريكيه واضحه: - معذرة إن طرحت عليك سؤالا . ألستانت السيدة التي نجت بمعجزه من كارثة الطائره؟ نحت هيلاري المجلة التي كانت تتصفحها وقالت : - نعم . - ياإلهي ! كانت كارثه رهيبه ! يقال ان ثلاثة فقط هم الذيننجوا من الحادث ، اليس كذلك ؟! - بلاثنان ، فقد مات أحد الثلاثة في المستشفى. - رباه .. إني لم اسمع بهذا بعد يا مس .. يا مسز ... فقالت هيلاري: - مسز بيترتون . - لكن ، اين كان مقعدك عند وقوع الحادث ؟! أعني في مقدمة الطائره ام عند ذيلها؟! وكانت هيلاريقد لقنت الرد على هذا السؤال وهي تتلقى دروس التعليمات التي قد تحتاج إليها فيانتحال شخصيتها الجديدة فردت: - بل فيالمؤخره . - إنهم يقولون إن هذا اسلممكان في الطائره إذا ماوقع لها حادث .. إني دائما اصر على الجلوس فيالمؤخره. ونظرت إلى سيدة اخرى متوسطةالعمر انجليزية السمات تجلس بالقرب منها ، فقالت تخاطبها : - أسمعت هذا يا مس هيذرنجتون؟! تماما كما كنت اقول لك بالأمس . يجب ان تصممي على الجلوس في مؤخرة الطائرة مهما حاولت المضيفه ان تغريكبالجلوس في المقدمة. فردت هيلاريببساطه : - ولكن لا بد للبعض ان يجلسفي المقدمه . - على اية حال لن اكونانا من هذا البعض. ثم اردفت : - إني ادعى مسز بيكر .. كالفن بيكر .. إني امريكيه الجنسية وقد وصلت لتوي من مونكادور ، أما مس هيذرنجتون فجاءت من طنجهوقد تم التعارف بيننا هنا ... ترى هل تنوين السفر إلى مراكش يا مسزبيترتون؟! فردت هيلاري : - هذا فعلا ما كنت انوي ، ولكن الحادثافسد الترتيبات . - طبعا طبعا .. لكنيجب ألا تفوتك زيارة مراكش .. ألا تقريني على هذا يامسهيذرنجتون؟! فردت مس هيذرنجتون : - ولكن مراكش باهضة التكاليف وقيودتحويل النقد تزيد الأمر صعوبه ومشقة. فأكملت مسز بيكر : - إن فندق ( المأمون ) من الفنادق الفاخره ، فيمكنك انتنزلي فيه . فانبرت مس هيذرنجتون تقولمعترضه: - لكن اسعاره مرتفعه لا تحتملولا يمكن ان يخطر لي ان انزل فيه اما انت يا مسز بيكر فالأمر بالنسبة إليك يختلف إذلا قيود عليكم معشر الأمريكيين في تحويل ما تشاؤون منالدولارات. فتابعت مسز بيكر متسائله: - وهل تنوين يا مسز بيترتون زيارةبلاد اخرى؟! - في نيتي زيارة فزان ،ولكن لا بد طبعا ان اجدد الحجز في الفندق. - طبعا فزيارة فزان او الرباط ينبغي ان لاتفوتك. - وهل سبق لكزيارتهما؟! - ليس بعد ، ولكني ذاهبهإليها قريبا وكذلك مس هيذرنجتون. وقالتمس هيذرنجتون: - اعتقد ان الحي القديملا يزال على حاله لم تفسده المدينه. واستمر الحديث على هذا النحو برهة من الوقت ، ثم استأذنت هيلاري في الانصراف متذرعة بالتعب ، إذ كان هذا هو اول يوم غادرت فيه المستشفى ،وصعدت إلى مخدعها . ترى، هل كانت هذهالاسئلة التي وجهتها إليها مسز بيكر مجرد حديث عابر ام استجوابا مقصودا له هدفمبيت؟! ومهما يكن فقد قررت هيلاريكرافن ان تمضي في اليوم الثاني الى شركة كوك وتجدد الحجز في فزان والرباط ، وذلكمالم يتصل بها اخد العملاء ليلقي إليها بتعليمات اخرى . وفي اليوم التالي لم تتلق أي خطاب او رسالة تليفونيه وماشارفت الساعه على الحادية عشرة حتى كانت في مكتب السياحه متخذة مكانها في الطابورالطويل المصطف امام الشباك . واخيرا ،حان دورها وبدأت تحدث كاتب الحجز عما تبغي ، ولكن رئيسه بادر إليها من وراء مكتبهقائلا: - دعيني اولا اهنئك على نجاتكيا مسز بيترتون . اما عن الحجز فقد نفذت فعلا تعليماتك التليفونيه ، وهاهي التذاكرجاهزه. تسارعت نبضات قلبها .. إنها لمتتصل بشركة كوك ولمتعهد إلى احد بالاتصال بها . إذن فالترتيبات الخاصة بسفر مسزاوليف بيترتون إنما تنظم بمعرفة شخص آخر مجهول . وقالت : - لقداتيت بنفسي لأني خشيت ان يكونوا قد اغفلوا الاتصال بكم. وفي صباح اليوم التالي كانت مسز هيلاري كرافن في طريقها إلىفزان . الفصل السادس : خيبت كازابلانكا احلام هيلاريكرافن، فقد بدت اشبه ببلدة فرنسية الطابع، ليس فيها شيء من نسمات الشرق السحريهالتي كانت تهفو إليها . فأخذت تنظر مننافذة القطار إلى الاراضي المنبسطه امامها وهو منطلق عبر السهول ناحيةالشمال. ولم يكن في المقصوره عداها إلاأربعة اشخاص ، فرنسي يجلس قبالتها وله طابع الوسطاء المتجولين، وراهبة منزويه فياحد الأركان واصابعها تجري على مسبحتها ، وامرأتان مراكشيتان تتسامران في مرحوغبطه. وحين تناولت هيلاري سيجاره منعلبتها سارع الفرنسي يشعلها لها ، وكان ذلك بداية وصلت الحديثبينهما. وقال لها الفرنسي فيماقال: - ينبغي يا سيدتي ان تزوريالرباط. إنها رائعه ومن الخطأ ان تفوتك مشاهدتها. فقالت: - سأحاول وإن لم يكن في الوقت متسع ثماردفت وقد لاحت على شفتيها ابتسامه خفيفه: - وفضلا عن هذا فإن نقودي وشيكه على النفاذ. إنك تعلم انهملا يسمحون لنا بأن نأخذ معنا إلى الخارج إلا القليل. فقال: - ولكنهذا امر سهل ياسيدتي ، يمكنك تدبيره مع اي صديق لك هنا. - اخشى اني لا اعرف احدا في مراكش. فقال في سماحه: - في رحلتك التاليه حسبك ان تبعثي إلي بكلمه صغيره فأدبر لكالأمر، وهاك بطاقتي .. إنني اسافر إلى انجلترا كثيرا فيمكنك ان توفيني هناك مااعطيه لك .. - شكرا لك ياسيدي فإنيافكر فعلا في ان ازور مراكش مرة اخرى. - لاشك انك وجدت مراكش مختلفه تماما عن انجلترا فجوها كريه، شديد البرودة مغلف بالضباب. ثماستطرد : - لقد تركت باريس منذ ثلاثةاسابيع وكانت هي الأخرى غارقة في الضباب والأمطار ، اما هنا فالشمس دائما مشرقةرائعه .. وإن كان الجو باردا إلى حد ما .. كيف كانت حالة الجو عندما غادرت انجلترا؟! فردت هيلاري: - ضباب خانق . - تماما تماما .. فهذا هو موسم الضباب .. وكيف كانت حالةالثلج ؟ الم يسقط عندكم هذا العام؟! تساءلت هيلاري في نفسها عما إذا كان هذا الفرنسي يتبعالأسلوب الانجليزي التقليدي فيدور حديثه عن الجو ، ام انه يهدف إلى شيء اخر حينمااشار إلى الثلج ؟! وهي الكلمة نفسها التي رددتها اوليف بيترتون قبيل ان تلفظانفاسها الاخيره ؟! هل الثلج ، وقد رددها مرتين .. مجرد كلمة عارضه .. ام رمز خفي؟! وتوقف بهم القطار اخيرا في فزان وقدهبط الليل ، وبادر الفرنسي يحمل عنها حقيبتها ، وسألها : - اذاهبه انت ياسيدتي إلى فندق ( قصر الجمال ؟!) - فردت ب: نعم . فاستطرد : - إنه يبعد عن المدينة ثمانيةكيلومترات. فقالت في دهشه : - ثمانية كيلو مترات؟ إذن فهو فيضواحي المدينه. - إنه في الحي القديم ،اما انا فسأنزل في احد فنادق المدينه التجاريه الجديده ولكن على من ينشد الراحةوالهدوء والاستجمام ان يهرع إلى قصر الجمال فقد كان هذا القصر مقاما لإحدى الاسراتالمراكشيه النبيله ، ثم تحول إلى فندق وهو يتميز بحدائقه الواسعه الرائعه كما انهمجاور للحي القديم ذي الطابع الشرقي الخلاب . ثم اردف : - يبدو ان الفندق لم يوفد احد لاستقبالك فاسمحي لي ان استدعي لك تاكسيا . - شكرا لك يا سيدي . وتحدث الفرنسي بالعربيه مع احدالحمالين ، وشيعها حتى استقرت في السياره ثم قال لها : - إن بطاقتي معك يا سيدتي فإن احتجت شيئا فلا تترددي فيالاتصال بي ، إني نازل في فندق جراند اوتيل.. ولن اسافر إلا بعد اربعةايام. ورفع قبعته يحييها وانطلق بهاالتاكسي . وتناولت هيلاري بطاقةالفرنسي لتقرأ اسمه : ( هنري لورييه ) .. وانطلق بها التاكسي إلى ضواحي المدينه يشق الطرقات الريفيه، وحاولت هيلاري النظر من النافذه ولكن الظلام كان سائدا يحول دونها وان تتبينمعالم الطريق. فيما عدا بعض ابنيه متناثره كان الضوء يشع منها. وتزاحمت الخواطر في ذهنها وتدفقت واخذت تسائل نفسها: - ترى امن هنا تبدأ رحلتها إلى المصيرالمجهول ؟ وهل مسيو هنري لورييه عميل سري من عملاء المنظمه ؟! وهل يكون هو الذي اغرى توماس بيترتون بأن يتخلى عن عملهويهجر زوجته ويرحل عن وطنه. ثم إلى اين يمضي بها هذاالتاكسي؟! ولكن التاكسي مالبثان توقف بها امام فندق قصر الجمال فانتزعها من دوامة خواطرها المتضاربهالصاخبه. نزلت من السياره ودخلت إلىالفندق تشق طريقها وسط جو شرقي اصيل فالثريات من النحاس المشغول والأرائك والوسائدبدلا من المقاعد متناثرة بألوانها الزاهيه البراقه والموائد في جميع الاركان وفوقهاصواني القهوة والأقداح اما غرفتها فكانت مزوده بكل وسائل الراحةالعصريه. ابدلت هيلاري كرافنثيابها ونزلت إلى قاعة المائده لتناول العشاء وكان الطعام شهيا طيبالمذاق. ودارت ببصرها في انحاء القاعهتستجلي وجوه الحاضرين وتنظر إلى الداخلين والخارجين. واسترعى نظرها كهل ذو لحية صغيره مدببه إذ كان الجرسوناتجميعا يهرعون إليه مهرولين لأضأل إيماءه يبديها من رأسه أو اصبعه او حتى من حاجبه . فأخذت تسائل نفسها عمن يكون هذاالرجل ذو الشخصيه المرموقه. وإلى مائده اخرى وسط القاعه كان يجلس رجل الماني، كما كانهناك كهل تجالسه فتاه على غايه من الجمال تراءى لهيلاري انها لا بد ان تكون سويديهاو هولنديه.. كما كانت هناك اسره انجليزيه معها طفلان ، وكذلك تناثرت حول الطاولاتالاخرى جماعه من الامريكيين وثلاث من الاسرات الفرنسيه. |
وما إن فرغت هيلاري من العشاءحتى خرجت إلى الشرفة لتناول القهوه , وكان الجو باردا ، فسرعان مالاذت بمخدعها. وفيالصباح عادت إلى الشرفه والشمس تغمر الارض بالضوء واشعتها تبعث الدفء ، فاتخذتمكانها تحت مظله تقيها الحراره المتوهجه. وجاءت السويديه الشقراء فجلست إلىإحدى الطاولات واخذت تتثاءي في ضجر وملل وقد زمت مابين حاجبيها ثم اقبل رفيقهاالكهل ، وتساءلت هيلاري عما إذا كان زوجها او ابوها. وحيته الفتاه في وجوم دون ان تبتسم ثم مالت إليه تحدثه فيعصبيه ، وانكمش الرجل وبدا كمن يعتذر إليها. ثم اقبل الرجل ذو اللحيه المدببه واتخذ لنفسه مائده في اقصىالشرفه وهرول إليه الجرسون يكاد يركض ، فتلقى اوامره ثم انصرفمسرعا. ولمست السويديه الحسناء ذراعرفيقها واتجهت ببصرها ناحية الكهل الملتحي وغمغمت ببعضالكلمات. طلبت هيلاري كأسا منالمارتيني وهمست تسأل الجرسون: - منيكون هذا الرجل الجالس في اقصى الشرفه؟! فأجاب الجرسون في زهو وخيلاء : - إنه مسيو اريستيد.. إنه ثري جدا .. من كبار اصحابالملايين. وتطلعت هيلاري إلى الرجل .. هذا العجوز المنكمش على نفسه .. هذا المخلوق المغضن الوجه الذي يبدو اشبه بالمهرجين .. ألِأن خزائنه عامره بالمال يولونه كل هذا الاهتمام؟! ورفع الرجل رأسه وتلاقت نظراته بنظرات هيلاري برهه ... ثممالبث ان اشاح عنها. ونهضت السويديةالحسناء ورفيقها ودخلا إلى المائده. ثمرجع الجرسون يحمل كأس المارتيني وقال لها وقد وضعه امامها علىالطاوله: - هذا الشخص الذي مضى الآنإلى قاعة الطعام .. إنه قطب من اقطاب الصناعة في العالم ، وهو غني جدا .. والسيدةالتي معه نجمه من نجوم السينما .. ويقولون عنها انها جريتا جاربو اخرى .. إنهاانيقه جدا وجميله جدا .. ولكنها دائما تتشاحن معه .. لا شيء يعجبها هنا .. فقد كرهتفزان حيث لا توجد محال ، وهي تريد ان يذهب بها غدا إلى مكان اخر يبعث علىالتسليه. ثم اردف : - حتى الاغنياء لا ينعمون بالهدوءوراحة البال. وعند هذه الكلمات استدارالجرسون واسرع منصرفا ليلبي اشارة لأحد النزلاء. وجاء إلى الشرفه من البار شاب فرنسي وسيم فرمى هيلاري بنظرهطويله ذات مغزى خفي كأنما يقول لها : - مالذي يدعوك للبقاء هنا؟! لم لا تتمشين قليلا في الحديقه؟! ثم هبط الدرج إلى الحديقة وهو يتمتم بمقطوعه من إحدىالأوبرات الفرنسيه منشدا: وكانت زهوراللورييه صفوفا طويله .. منتشيه تحلم احلاما جميله .. فأيقظت كلماته في نفس هيلاري ذكرى بعيده .. ذلك الفرنسيالذي التقت به في القطار وقدم إليها بطاقته ، اما كان يدعي لورييه ؟! وها هوذا هذاالفرنسي يردد الكلمة نفسها .. زهرة اللورييه.. فهل ثمة ارتباط بين الأمرين ام مجرد مصادفه؟! وفتحت حقيبتها وتناولت البطاقه .. نعم .. إنه يدعى هنري لورييه .. وعنوانه رقم 3 شارع كرواسانت ، كازابلانكا .. وجعلت تقلب البطاقه بين يديها وهيساهمه شارده . ثم فطنت إلى آثار كتابه متخلفه على ظهر البطاقه بعد ان محيت الكلمات . ورفعت البطاقه إلى عينيها في ضوءالشمس .. محاوله ان تتبين آثار اخرى مطموسه غير واضحه .. وأخيرا قرأت كلمة : دانتان ... ومضت تتساءل عما إذا كانت هذه الكلمات تنطوي على معنى خفي ..؟ ثم هزت كتفيها يائسه ونفضت الفكرهمن رأسها ودست البطاقه في حقيبتها. وسقط ظل على وجهها فرفعت رأسها مجفله . كان مستر اريستيدمنتصبا على كثب منها وبين الشمس فوقع ظله على وجهها . بيد انه لم يكن ينظر إليها وإنما كان ينظر إلى التلالالبعيده عبر الحديقه . وسمعتع يتنهد ثميستدير فجأة متجها إلى قاعة الطعام فإذا بذراعه تصطدم بكأس المارتيني الموضوع علىمائدتها فأطاح به إلى الارض وتهشم.. وتحول إبها المليونير اليوناني قائلابالفرنسيه: - اه الف معذره يا سيدتي .. فتبسمت هيلاري في وجهه واكدت له انالامر ليس بذي اهميه .. وتلبية لفرقعه خفيفه من اصبعيه جاء الجرسون مهرولا فأمرهبأن يجلب للسيدة كأسا اخر ، ثم كرر اعتذاره ومضى إلى قاعة الطعام . وعاد الشاب الفرنسي من الحديقه وهومايزال يترنم مغنيا وحين مر بجانب هيلاري تريث في مشيته عامدا . وإذ رأها لا تشجعهولا تلقي إليه بالا هز كتفيه متفلسفا وتابع طريقه. وحمل إليها الجرسون شرابها فسألتههيلاري: - هل ينزل مستر اريستيد فيالفندق وحده ام معه حاشيته؟ - إنالأثرياء من امثاله لا يسافرون وحدهم ابدا . إن معه وصيفه وسائق سيارته واثنان منالسكرتاريه. وحين ذهبت هيلاري إلى قاعةالطعام رأت اليوناني منفردا إلى إحدى الموائد كما كان شأنه في الليلة السابقه وإلىمائدة قريبه كان يجلس شابان رجح لديها انهما السكرتيران إذ كانا لا يفتآن ينظرانإلى المائده التي يجلس إليها مستر اريستيد. وانقضت الظهيره في سلام وهدوء وطاب لهيلاري ان تمضي معظمالوقت في الحديقه غارقه بأحلامها وخواطرها ، ناعمة بالجو الشذي والنسمات العطرهالتي تنساب حولها. واشرفت الشمس علىالمغيب وهبت نسمات بارده ارتعدت لها هيلاري ، فزايلت الحديقه إلى قاعة الجلوس فإذابها تلتقي وجها لوجه بمسز كالفين بيكر . فقالت لها الامريكيه : - قد وصلت لتوي بالطائره من كازابلانكا ، فإني لا اطيقالقطارات باهتزازها وتأرجحها فوق القضبان. ولم تدع لهيلاري فرصه للحديث وانما استطردت ، على الفورتقول: - وكيف حالك الآن ؟ لا بد انكزرت المدينه القديمه اليوم ؟! - الحقانني امضيت نهاري استمتع بالشمس. - اه .. فقد نسيت انك خارجه لتوك من المستشفى ، فلا بد بعد الارتجاج من الراحهوالاستجمام ، وان ترقدي في غرفه معتمه معظم ساعات النهار ، ورويدا رويدا يمكن انتعتادي على المشي والتجول ، وعندئذ سأدعوك إلى ان تصحبيني في بعض الرحلات ، لأنياحب جعل ايامي حافله زاخره بالنشاط رغم مابلغت من العمر. فهنأتها هيلاري بوفرة حيويتها ونشاطها . واستطردت مسز بيكر: - اتذكرين السيده التي عرفتك بها فيكازابلانكا ؟ مس هيذرنجتون ؟ إنها قادمه اليوم بالقطار إذ تؤثره علىالطائره. واستمرت تقول مندفعه كالسيلالجارف : - لقد حجزوا لي غرفه لاتروقني ، ولكنهم وعدوا بتغييرها ، وسأذهب إليهم الآن لأرى ما اتخذوا في هذاالشأن. وانصرفت على الفور تمشي في نشاطلا يتفق وسنها. وعندما نزلت هيلاري إلىقاعة الطعام مساء ذلك اليوم كانت مس هيذرنجتون هي اول شخص وقع عليه بصرها. وبعد العشاء ، شربت السيدات الثلاثالقهوة معا وتبادلن ملاحظات عابره عن نزلاء الفندق الذين كانوا متناثرين حولالطاولات يتناولون العشاء. |
الفصل السابع : مضت هيلاريإلى مكتب الاستعلامات بالفندق، تخطرهم بعزمها على زيارة الحي الشرقي فزودوها بدليليصحبها إليه. ومضى الدليل تصحبه هيلاري يجتازان حديقة الفندق الشاسعة الارجاء ، حتىاذا انتهيا إلى طرفها القصي أخرج الدليل من جيبه مفتاحا كبير الحجم ، وفتح به باباتكاد تحجبه الأشجار عن النظر ودلف منه تتبعههيلاري. وتسمرت هيلاريمكانها في عجب ودهشه ، فقد الفت نفسها في دنيا غير تلك الدنيا التي كانت تعيش فيهامنذ لحظات. إذن فهذا هو الحي الشرقي الشهير. شوارع ضيقهملتويه لا تكاد تتسع لاثنين يسيران جنبا إلى جنب ، وبيوت منخفضه متلاصة لو انالاذرع ارتعت لطاولت سقوفها ، واناس يروحون ويغدون في عباءاتهم الوسيعه الفضفاضه ،اما الحوانيت فتكدست فيها السلع والتحف الشرقية الجميله المصنوعه من الجلد المزركشاو النحاس المشغول. وفتنها المشهدوسحرها ، لولا هذا الدليل الذي كان لا ينفك يثرثر في اذنها من لحظة لأخرى: - انظري لهذايا سيدتي .. تأملي ذلك .. هل يعجبك هذا ؟! كأنما ليس لهاعينان ترى بهما .. واخيرا قاللها الدليل بعد ان امتدت بهما الجولة وطالت: - والآن سأذهببك ياسيدتي إلى مشرب للشاي حيث تتناولين الشاي المغربي الشهير بمذاقهاللذيذ. ومضى بها إلىمشرب يقع على سفح احد التلال. فألفت نفسهاداخل مبنى شرقي الطراز تناثرت فيه على ارض القاعه وسائد من الجلد المزكش، وارائكمكسوه بقماش منقوش زاهي اللون . وقدم إليها الشاي المخلوط بالنعناع في كوب زجاجيةصغيرة الحجم وكان عليها ان تشرب مثنى وثلاث ورباع. وقال لهاالدليل : - والآن سآخذكفي السيارة إلى الضاحية لتري مشهد الطبيعه في بلادنا وهو مشهد ساحرخلاب. ثم اردف : - ولكن هذهالجرسونه ستذهب بك اولا إلى الحمام إذا لا شك انك تريدين انتغتسلي. ودخلتالجرسونه في الحديث قائله بابتسامه لطيفه : - إن لدينا فيفزان يا سيدتي حمامات رائعه لا تقل جمالا عما رأيت في لندن او باريس اوشيكاغو. ونهضت هيلاريعن الوساده التي كانت متربعه فوقها ومضت في اعقابالجرسونه. كان الحمامفعلا على غاية من الأناقة والنظافه وكان مزودا بالماء الساخن والبارد . وفرغتهيلاري من تجميل نفسها وهمت بالخروج .. ولكنها حين ادارت مقبض الباب استعصى وابى انينفتح. عقدت هيلاريمابين حاجبيها دهشة وغضبا إذ مامعنى ان تحبس في الحمام ؟ ومن يكون ذلك الذي اوصدعليها الباب من الخارج؟ وهمت بأن تقرعالباب لولا أن فطنت إلى باب اخر يقوم في الجدار المقابل فسارت إليه وأدارت مقبضهفانفتح على الفور. وجدت نفسها فيغرفه صغيره شرقية الطراز معتمة الضوء. وحين الفت عيناها الرؤيه وادارت بصرها فيانحاء المكان ، إذ بها تراه جالسا هناك على اريكه يدخن سيجارته فيهدوء. ذلك الفرنسيالذي التقت به في القطار .. مسيو هنريلورييه. لم ينهضالفرنسي ليحييها وإنما لزم مكانه واكتفى بأن يقول لها : - طاب يومك يامسز بيترتون. ولبثت مكانهابرهة جامده بلا حراك ، وطغت عليها دهشة لجمت لسانها وشلت تفكيرها . ثم بدأتتستعيد رباطة جأشها . إذن فقد بدأتالرحله الحقيقيه ! إذن فهذه هي المغامرة التي كانت تترقبها .. إن عليها ان تتصرفطبقا لما كان مفروضا ان يصدر عنها هي .. عن مسز بيترتون الحقيقيه.. إن عليها انتحسن اداء دورها وإلا اودت بنفسها إلى التهلكه .. وقالت بعد انتمالكت وسيطرت على اعصابها : - الديك انباءلي ؟ ايمكنك ان تساعدني؟ فأومأ إيجاباثم اردف بنبرة لوم وعتب : - ما بالك كنتفي القطار متحفظه حذره مع انني ظللت طوال الوقت احدثك عن الجو؟ الجو ؟ ترىمالذي قاله مسيو لورييه عن الجو؟ نعم فقد تكلم عن البرد .. وعن الضباب .. وعن الثلج .. آه عن الثلج.. ( الثلج ) الشيء نفسه الذي تحدثت عنه اوليف بيترتون وهي تحتضر وتلفظ نفسها الاخير .. وتذكرت علىالفور اغنية الطفوله التي رددتها عندئذ وبادرت على الفور تكرر المقطوعة نفسها : الثلج .. الثلج .. الثلج الجميل .. تدوسين على قطعة منه وتنزلقين .. ثم تذهبين تذهبين .. وقال لورييه : - تماما .. إنها كلمة السر المتفق عليها فلماذا لم تستجيبي إذ ذاك وتردديها على الفور كما امرت؟! قالت هيلاري : - اغاب عنكاني كنت مريضه ؟ فقد كنت في الطائره التي سقطت واصبت بارتجاج في المخ اثر علىذاكرتي إلى حد ما .. إني لا ازال اذكر الماضي بدقائقه وتفاصيله ، ولكني في بعضالاحيان اشعر بفراغ وينمحي كل شيء من ذهني .. - إني استطيعان ادرك هذا .. ولكن المشكله هي هل انت في حاله يمكنك معها ان تواصلي الرحله؟ فردت في حماس : - طبعا سأواصلالرحله .. إن زوجي .......... فقاطعها : - إن زوجك علىمافهمت بانتظارك في لهفة وشوق .. فتبسم فيوجهها بيد ان ابتسامته كات متسمه في ثناياها بقسوه واضحه .. فسألها : - اتعتقدين انالسلطات الانجليزيه اتقنعت بإجابتك عندما استجوبتك؟! - وأنى لي اناعلم ؟ ولكن يبدو انهم كانوا راضين. ولكني اعتقد انهم وضعوني تحت المراقبه منذغادرت البلاد . إني طبعا لم افطن إلى ان هناك من يتعقبني لكن لدي إحساسا داخليابهذا . - هذا شيءطبيعي توقعناه وادخلناه في حسابنا .. نحن لسنا بالأطفال البلهاء يا مسز بيترتون. إنك كنت تحت المراقبه منذ اللحظة التي اختفى فيها زوجك ، ومع ذلك استطعنا ان نبلغكرسالتنا ، اليس كذلك ؟ - طبعا طبعا .. - والآنسأزودك بتعليماتنا الجديده .. بعد غد تسافرين لمراكش طبقا لجدول الحجزالسابق.. وفيمراكش ستتلقين برقية من انجلترا تحملك على ان تتخذي على الفور الإجراءات اللازمهللعوده. قالت باستغراب : - هل سأعودلإنجلترا ؟! فردبجفوه: - انصتي إليولا تقاطعيني .. ستحجزين لك مكانا في الطائره التي ستغادر كازابلانكا في اليومالتالي - وهب انالمقاعد كلها كانت مشغوله ؟! - لن تكونكلها مشغوله .. ستجدين مقعدا شاغرا في انتظارك .. فقد اتخذنا العدة لكل شيء .. والآن هل وعيت التعليمات تماما؟! - وعيتهاتماما. - إذن عوديإلى الدليل فقد طال انتظاره .. وبهذه المناسبه فقد تعرفت إلى سيدتين في قصر الجمال .. إحداهما امريكيه والأخرى انجليزيه .. أليس كذلك ؟! فردت في نبرةمن الوجل : - نعم .. فهلاخطأت بهذا؟! فقد فرضت الامريكيه نفسها علي ، ثم عرفتني بزميلتها .. إني آسفه .. - هوني عليكفهذا التعارف يلائم خطتي .. يحسن بك ان تحاولي اقناع إحداهما بمرافقتك في رحلتكلمراكش.. - سأحاول ياسيدتي وإن كنت لا ادري إن كانت ستقبل ام لا .. - إذن إلىاللقاء .. طاب يومك .. فرجعت هيلاريإلى الحمام ومن الغريب ان الباب المفضي إلى المشرب استجاب لها حين ادارت مقبضه . قالت مسهيذرنجتون تخاطب هيلاري كرافن : - إذن فأنتمسافره غدا إلى مراكش ؟ ولكنك لم تقيمي في فزان سوى فترهوجيزه. - لقد استمتعتمنها بما يكفي .. ولعلي استطيع ان اغري ايكما بمصاحبتي في رحلتي لمراكش فقد سعدتبالتعرف بكما ، وسفر المرء وحيدا يبعث على الضجر فردت مسهيذرنجتون: - اجو انتعفيني من هذه الرحله فقد زرت مراكش من قبل . اما مسز بيكرفقد علقت قائله : - لقد كنت فيمراكش منذ شهر ولكن لم لا ازورها مرة اخرى ؟! إني ولوعه بالرحلات. والمرء حين يزوربلدا للمرة الثانيه فإنه يستشف منها ما لم يفطن إليه اول مره .. إني ذاهبه من فوريلأحجز تذكرة السفر . خلت هيلاريكرافن بنفسها وانهالت على ذهنها الخواطر صاخبه متضاربه كأنها دوامه في لجة من الماء .. وانتزعت نفسها من خواطرها حين سممعت بغتة بجانبها صوت يقول : - اتسمحين لييا سيدتي ان اجالسك برهه ؟! وكان المتحدثهو ذلك المليونير اليوناني ذو اللحية المدببه : مسيو اريستيد ، وسحب كرسيا وجلسبجانبها ثم قدم إليها سيجاره واشعل لنفسه اخرى .. - ترى هلاعجبتك هذه المدينه يا سيدتي؟! - لا ادريلأني لم اقض فيها إلا برهة وجيزه. - هل زرت الحيالشرقي ؟ - إنه رائعخلاب. - صدقت .. إنهرائع حقا .. إنه موطن الماضي .. الماضي بدسائسه وهمساته الخافته وغموضه السحريوعواطفه الجياشه الفاتره. ثم اردف: - اتعرفين ياسيدتي ما يطوف بذهني حين اجوس خلال شوارع فزان الضيقه المتعرجه؟ إني عندئذ اذكرشوارع لندن المتسعه المكشوفه. هناك كل شيء واضح صريح ، اما هنا فالغموض هو السائدوالستائر تخفي كل ما يجري وراءها .. اتعرفين يا سيدتي إني احسدك على التجربه التيمررت بها بحادث سقوط الطائره ؟ فقد تمنيت لو اني كنت مكانك .. إنها لمغامره رائعهان يرى المرء الموت ثم إذا به يرتد إلى الحياة .. ذلك شيء ينقي الروح ويطهرها .. وكما جاء فجأة، انصرف فجأة .. وهيلاري تتابعه بنظرة تفيض بالدهشة والاستغراب .. |
الفصل الثامن : في قاعةالانتظار بالمطار كانت هيلاري كرافن تترقب قيام الطائره وإلى جانبها مسز بيكر تصبفي اذنيها ثرثرتها التي لا تنتهي وتجيب في شرود على الاسئلة التي توجه إليها . ولكن سيل الحديثالمتدفق مالبث ان اتخذ مجرى اخر فقد التفتت مسز بيكر إلى شابين كانا يجلسان عن كثب، احدهما امريكي يتألق وجهه دائما بابتسامه عريضه مشرقة ، والآخر فيما يبدو هولنديان نرويجي السحنه ، واكثر جدا ووقارا من صاحبه . وقالت مسز بيكرتخاطب الامريكي : - إني احب اناعرفك بصديقتي مسز بيترتون يا مستر .. يا مستر .. - اندرو بيترز .. واصدقائي ينادوني باسم آندي .. فنهض الاخر ووقفوانحنى باحترام ، وقدم نفسه بقوله : - توركيلايريكسون . وقالت مسز بيكر : - والآن وقدتعارفنا ، هل نحن جميعا ذاهبون لمراكش؟! هي اول زياره لصديقتي لهذه المدينه . فقال النرويجيايريكسون: - وهي اول زيارهلي ايضا. فقال بيترز : - وهذا ينطبقعلي . وعلا صوتالميكرفون بكلمات متداخله غير واضحه ، فهموا منها ان موعد قيام طائرتهم قدحان. وبخلاف هؤلاءالأربعه ، ضمت الطائره شخصين اخرين ، رجلا فرنسيا وراهبه صارمة القسمات جامدةالوجه. واسندت هيلاريرأسها إلى ظهر المقعد .. فأطبقت عينيهاوران عليها النعاس.. ومالبثت اناستغرقت في النوم .. صحت هيلاري فجأهمن النوم ، ولاحظت ان الطائره تنحدر إلى الأرض مخفضه من سرعتها ، ومالت إلى النافذهتطل من ورائها ، بيد انها لم تر أثرا لأي مطار .. وتثاءب الفرنسيوقال: - يبدو انناسنهبط ، ولكن لماذا ؟! فقالتهيلاري: - فعلا فقد اخذتالطائره بالهبوط .. ودارت الطائرهحول نفسها عدة دورات وتوقفت محركاتها وسكن الهدير .. ترى ..هل اصابها خلل ما ؟! امان الوقود نفد منها.. ارتطمت العجلاتبالأرض ، وجرت فوقها وهي تهتز وتتأرجح فوق المطبات غير المستويه . وجاء الطيار منمقصورته يقول لهم : - ارجوكم جميعاان تتفضلوا بالنزول . وغادروا الطائرهتباعا ، واحدا تلو الاخر .. لم يكن مطارا ذلك الذي هبطوا فيه ،وإنما كانت بقعة منعزله في قلب الصحراء الممتدة بلا حدود . وقالت هيلاريمتسائله في صوت تغشاه الحيره: - ولكن مالذيجرى ؟ لماذا نزلنا هنا ؟! قال الطيارمجيبا : - إننا على كلحال لن نبقى إلا دقائق قليله.. ورمى بصره عبرالافق ناحية الجبال المكسوه بالثلوج ثم قال : - لقد تأخرتقليلا ولكن هاهي ذي قادمه على البعد. وقال المسافرالفرنسي: - قد فهمت أنهستكون في انتظارنا سيارة ميكروباص لكي نكمل الرحلة فيها .. وعادت هيلاريتتساءل : - هل اصابالمحرك عطب؟ وابتسم بيترزابتسامته العريضه المألوفه ، والتي تشيع في كل ثنايا وجههوقال: - كلا ان المحركسليم ، ولكن كان لابد ان يدبروا شيئا من هذا القبيل .. واخيرا جاءتالسياره الميكروباص ، يقودها سائق من البربر، في سرعة خاطفه اضطر معها أن يضغطفراملها بكل قوه حتى توقفت بجوارهم في المكان المناسب .. ولدهشة هيلاريسمعت مسز بيكر تصدر امرا بقولها: - هيا اسرعوافلا نريد ان نتأخر اكثر من هذا .. ومضى السائق إلىالجزء الخلفي من السيارة وفتح الباب فانكشف عن صندوق ضخم يشغلالمؤخره.. وتعاون بيترزوايريكسون مع السائق والطيار على إنزال الصندوق إلى الارض في جهد ومشقه إذ بداثقيلا مرهقا .. فأقبل الفرنسيعلى الصندوق يفتح ويرفع غطاءه فاقتربت منه هيلاري محاولة النظر لما بداخله .. فأخذت مسز بيكربذراعها تنحيها جانبا وهي تقول: - لو اني مكانكلما خاولت النظر إلى مافي الصندوق . - ولم لا ؟مالذي في الصندوق؟ تألقت ابتسامةبيترز العريضه وقال : - إني اعرفمافيه .. إن فيه مجموعه من الجثث .. رددت هيلاري فيذهول : - جثث؟ - نعم جثث ... جثث اشتريت بطريقه قانونيه سليمه لإجراء بحوث طبيه عليها ، والذي اشتراها هوالدكتور بارون. واشار إلى الرجلالفرنسي ، ثم استطرد .. - هنا تنتهيرحلتنا يا مسز بيترتون .. أعني المرحلة الاولى من الرحله ، ستوضع الجثث في الطائرهثم تشعل فيها النيران ، وسوف نراها على البعد ونحن نستقل الميكروباص شعله متأججه . وغمغمت هيلاري : - ولكن لماذا؟لماذا ؟! وكان الدكتوربارون هو الذي اجاب.. فقال : - ولكنك تعرفينطبعا ، إلىاي مكان سوف نذهب ، إننا ذاهبون للمصير المجهول . |
الفصل التاسع: - والآن ارجو ان تستقلوا الميكروباص ، وأن تسرعوا فقد تأخرنا على الموعد المحدد .. وصعدوا إلى الميكروباص والتفتت هيلاري إلى السيدة الامريكيه وقد بدأتتدرك حقيقة الوضع وسألتها : - إذن فأنت مايسمونه بضابطةالاتصال؟ فأجابتها مسز بيكر : - تماما .. إنني ضابطة الاتصال التي تتولى العلاقاتالعامه ، فليس ما يثير الشك رؤية سيده امريكيه تنتقل بين مختلف البلاد وتتحدث إلىهذا وذاك ، فتلك طبيعة الامريكيين.. واستطردت مسز بيكر : - وسوف يكون خبرا مثيرا ان يقرأ الناس في الصحف ان طائره سقطت بمسز بيترتون للمرةالثانيه ، وإن كانت هذه المرة قد احترقت مع سائر الركاب ، ولم يعثر في الحطام إلاعلى جثث شوهتها النيران واختفت معالمها المميزه .. واطلقت مسز بيكر ضحكة مرحه ، فأدركتهيلاري مدى دهاء الخطه المدبره وبراعتها .. فقالت : - وهؤلاء الاخرون ؟! ما شأنهم؟! فردت مسز بيكر : - الدكتور بارون من اشهر علماء الجراثيم ، ومسترايريكسون من افذاذ علماء الطبيعه ، اما مستر بيترز فباحث كيماوي شهير. ومس فيدهايمليست راهبه طبعا ، وإنما هي اخصائيه في الغدد . اما انا فلا انتمي إلى البيئةالعلميه وإنما مجرد ضابطة اتصال.. - ومس هيذرنجتون ، ماشأنها؟! - شأنها فيما اعتقد هو مراقبتك وتتبع خطواتك مذ حللت بكازابلانكا وكذلك التأكد من اناحدا لا يقتفي اثرك ، وإن كنت في حقيقة الأمر لا اعرف شيئا عنها ، فربما كانت غيرمنتميه إلينا .. وهتفت مسز بيكر: - آه .. انظري .. ها هي ذي تشتعل .. ومالت هيلاري إلى النافذه تنظر منها فرأت على البعد شعله تتأجج منالنيران وسمعت دوي انفجار خافت .. ورمى بيترز برأسه إلى الوراء وقال وهو يضحك : - غدا تنشر الصحف بالخط العريض : ستة اشخاص يلقون حتفهم عندما هوت بهم الطائره وهم فيطريقهم إلى مراكش ! ولن يخطر لهم ببال أبدا أن هؤلاء السته كانوا من قبل جثثا هامدهشبعت موتا .. همست هيلاري: - هذا مخيف .. مخيفجدا.. - اتعنين الانطلاق للمصير المجهول؟! كان بيترز هو الذي تكلم ، وكان الانيبدو جادا ، تبددت من سماته إمارات المرح التي كانتتغشاه.. واستطرد : - هذا صحيح ولكنه الطريق الوحيد ، إننا الآن نطرحالماضي وراءنا ونخطو إلى المستقبل .. وأضاء وجهه بإشراقة من الحماسوالانفعال وقال: - الآن نهجر خلفنا الأشرار والمجانين .. الحكومات الفاسده وتجارالحروب .. سنذهب إلى دنيا جديده ، دنيا العلم ، بعيدين عن الحثالة والقاذورات .. زفرت هيلاري نفسا عميقا وقالت عن عمد : - قولك هذا شبيه بما كان يردده زوجي دائما .. فقال: - زوجك؟! اتعنين توماس بيترتون؟! إننيلم اتعرف عليه ابدا في الولايات المتحده ، وإن كانت بعض المؤتمرات قد ضمتنا اكثر منمره .. إن جهاز تفتيت الذرة الذي وفق إليه من اعظم الاختراعات في العصر الحديث ،وإني لأجله واقدره من اجل هذا ,, إنه كان يعمل مساعدا لبروفسور مانهايم ، اليس كذلك؟ فأومأت هيلاري إيجابا .. فاستطردبيترز: - قد قيل لي انه تزوج ابنة مانهايم ، ولكنك طبعا لست .. فقاطعته : - إني زوجته الثانيه فقد ماتت الزا في امريكا .. - اه .. اه .. إنني اذكر هذا الان .. وبعد وفاتها سافر بيترتون لإنجلترا ليعمل هناك .. ثم اذهل العالم بأن اختفى فجأه .. وضحك بيترز واستطرد : - وتلاشى فجأة وهو يحضر احد المؤتمرات في باريس وابتلعهالمجهول.. وكان هذا هو الذي يثير الفزع في قلب هيلاري .. إن المنظمه تجيد تدبيرالخطط .. جميع تدابير الامن التي اتخذت لحمايتها .. جميع التدابير التي وضعتلتتبع خطواتها .. كل هذا قد انهار وذهب هباء .. فلا احد الآن يعرف مكانها .. غداسيقال ان مسز بيترتون لقيت حتفها عندما سقطت بها الطائره للمرة الثانيه ، ولن يخطرببال احد انها الان في قلب الصحراء منطلقة إلى المصير المجهول حيث سبقها إليه توماسبيترتون من قبل ... فقد اختفت اثارها ولم يعد باقيا إلا طائره محترقه ورماد ست منالجثث .. ترى هل يستطيع جيسوب ان يعرف انها هي هيلاري كرافن لا تزال على قيدالحياه وأن جثتها ليست بين الجثث المحترقه؟! اغلب الظن انه لن يعرف ابدا فقد دبرتالخدعه بدهاء منقطع النظير .. إنهم الآن ستة اشخاص في سيارة ميكروباص ... في قلبالصحراء فكيف يمكن ان تختفي آثارها بمثل هذهالسهوله!!! ألا يحتمل ان يرى السيارة اي انسان ؟ هل قضي عليهم بأن تنقطع صلتهمإلى الأبد بعالم البشر؟! إن هذا يبدو مستحيلا .. رغم براعة الخطه ودهائها .. وهمست هيلاري: - لكن الى اين نحن ذاهبون؟! فردت مسز بيكر : - مهلا ولا تتعجلي ..سوف تعرفين كل شيء في الوقتالمناسب .. وتابعت السياره طريقها بلا هوادة ، وهيلاري لائذه بالصمت تضرب فيمتاهات الخيال والوساوس .. ومال رأسها فوق صدرها .. ومالبثت ان اخذتها غفوه منالنوم .. ***** في رفق لمس بيترز ذراعها وهو يقول : - استيقظي إذ يبدو اننا بلغنا مكاناما .. وهبطوا جميعا من السياره وكان الليل قد ارخى سدوله واشتد الظلام.. وعلى ضوء احد المشاعل ساروا إلى بيت ريفي تحف به الاشجار وعند بابه امرأتان منالبربر تتسامران بالضحك .. واقتيدت السيدات الثلاث ، هيلاري ومسز بيكر والراهبهإلى غرفه فيها ثلاث مراتب وبعض الاغطيه ولا شيء غير ذلك من الأثاث .. وقالت مسز بيكر : - وددت لو اني الآن في فندق قصر الجمال انعم بالراحهعلى فراش وثير فقد حطمت السياره اضلعي .. فردت عليها الراهبه في صوت جاف بهمسحه من الاسترجال: - الراحه نقمة تخلق الضعف والمذلة والهوان .. فتطلعت إليها مسز بيكر تتأملها ثمقالت: - إني استطيع ان اتخيلك مس فيدلهايم جاثيه على الارض فوق الحصىوالاحجار تبتهلين وتصلين دون ان يداخلك التعب او الانهاك .. ثمالتفتت إلى مسز بيترتون قائله : - بعد ان نتعشى سآتيك بقرص من الاسبرين فتستغرقين فيالنوم بعد مشقة هذه الرحلة المضنيه . وجيء لهن بالطعام والشاي المعطربالنعناع وما ان اتين عليه متعجلات حتى هرعن إلى مراقدهن وغرقن في نوم عميق .. وقالت مسز بيكر لصاحبتيها في الصباح ان الرحلة لن تعاود مسيرتها إلاعند هبوط المساء. وجاءت إليهن خادمتان بثياب وطنيه فقالت مسز بيكر : - سنردي الزي الوطني المراكشي منذ هذه اللحظه ونخلع الثياب الاوروبيه.. فأمضت النساء الثلاث نهارهن بين الفراش وبين الجلوس في سطح البيتيشرفن على مشاهدة الطبيعه التي تدور حولهن وعلى قريه ريفيه تظهر لهن من البعيد .. واخيرا حانت ساعة الرحيل وقد توارت الشمس وراء الافق ... وفي هذهالمره لم يستقلوا السياره الميكروباص المقفله وإنما انحشروا في سياره سياحيه مكشوفهوكانت النساء يرتدين الزي الوطني المراكشي وعلى وجوههن نقاب مسدل اما الرجال فلبسواالجلاليب والعباءات الفضفاضه.. وتتابعت ساعات الليل والسياره تمر بهم عبر الصحراءالممتده وهم صامتون يداعب النوم اجفانهم والمقاعد غير المريحه تقض اجسادهم المرهقه .. وقال اندي وقد تبدد الليل وبزغت الشمس وتوقفت بهم السياره فنزلوامنها لتناول طعام الفطور : - كيف حالك يامسز بيترتون؟ فقد كانت ليلهمضنيه؟ - طول الليل والأحلام المزعجه تراودني .. أين نحن الانياترى؟! - من يدري ؟ فهي مجرد صحراء لا اول لها ولا اخر وهذا ما يلائم الخطهالمدبره حتى لا نخلف وراءنا اثرا يهتدى به الينا .. فأطلق ضحكته المرحه المعهوده واستطرد : - اولا طائره تنفجر ويحترق ركابها جميعا .. وثانيا سياره ميكروباص عليها لوحه تشيرإلى انها تابعه لبعثه هندسيه تمسح الارض.. وفي اليوم التالي سياره سياحيه تستقلهاجماعه من البربر وهو شأن شائع في مثل هذه المناطق .. اما المرحله التاليه من الرحلهفهي مالا علم لنا به .. فتساءلت هيلاري: - لكن ماهيوجهتنا؟! فهز اندي كتفيه ورد : - لا جدوى من السؤال فتلك دائما اسئله لا جواب عليها .. |
الفصل العاشر : استمرت الرحلةالغامضه اياما اخرى . كانت هيلاري تعيش معهم وتؤاكلهم ، وتحدثهم وتخاطبهم، ومع ذلكفقد ظلت طوال الوقت تحس انها بعيده عنهم ، لا تشاركهم آراءهم ومعتقداتهم كأنمابينهم وبينها سد هائل. فهذا هو الدكتوربارون لا يتمنى إلا شيئا واحدا ، هو ان يحصل على النقود فيغرق نفسه في معمله بيناجهزته وانابيب الاختبار. وكان من حين لآخر يحدثها عن قوة التدمير المروعه التييمكن ان تحتوي عليها انبوبه في حجم قبضة اليد. وسألته : - ولكن ايمكنكحقا استعمالها ؟ فنظر إليهابانفعال جنوني وقال: - ولم لا ؟مادام الامر ضروريا .. وسرى الرعببأوصالها ، وهز اعماقها هزا عنيفا وداخلها شعور بالخوف منه .. ومن الاخرين . هاهو ذا رجليتحدث بمنتهى الاستخفاف عن إبادة ملايين البشر دون ان تهتز شعرة في رأسه .. وكذلك كانتهيلاري تكره تلك السيده المتعجرفه المستعليه هيلدا نيدهايم .. ولكنها كانت تميل إلىاندي بيترز وإن افزعها منه ذلك الوميض المتألق الذي كان يغشى عينيه من حين لآخر .. قالت لهيوما: - إنك لا تريدخلق دنيا جديدة لأن الذي يسعدك هو تدمير هذه الدنيا التي تعيشفيها. قال مستنكرا : - ماذا تقولينيا اوليف؟! - إن الأمر واضحولست مخطئه . إني اكاد المس الحقد الذي يتأجج به صدرك. الحقد ، الكراهيه، الرغبه فيالتدمير ، هذا هو مايجيش به صدرك . اما نظرة هيلاريلايريكسون كانت مختلفه .. فهو رجل حالم .. رجل مثالي متعلقبالأوهام. كان دائمايردد: - نحن معشرالعلماء يجب ان نسود العالم .. نحن الذين يجب ان نحكم ونسيطر .. مقاعد الحكم لمتخلق إلا للعباقره. وهكذا كانواجماعه واحده، يضمهم مكان واحد ، ولكن معتقداتهم ونوازعهم كانت متنافره متناقضه ،بيد انه كان يجمعهم هدف مشترك/ ذلك انهم كانوا جميعا يتطلعون إلى وهموسراب. وفي نهاية اليومالثالث هبطوا قريه صغيره، ونزلوا في خان وطني متواضع وطلبت إليهم مسز بيكر انيخلعوا الزي المراكشي وان يعودوا إلى ثيابهمالأوروبيه. وقالت لهم : - ارجو انتسرعوا لأن الطائره تنتظرنا. فقالت هيلاريباستغراب: - طائره؟! - نعم .. فحسبناهذه السياره التي قضت منا الاضلع. واستقلواالطائره وكان القائد فرنسي الجنسيه بارعا بمهنته. وطاروا بضع ساعات فمرت بهمالطائره بأمان من وسط الجبال الشاهقه. وبعد ظهر اليومالتالي اخذت الطائره تهبط إلى الأرض حتى استقرت عجلاتها على سهل تحف به الجبار فيمطار بدائي يقوم عند طرفه القصي بناء ابيض. فمشت بهم مسزبيكر إلى البناء وهي تقول آمره: - عليكم انتغتسلوا وتتناولوا القهوة قبل ان تستقلوا السيارات . واغتسلوا ومشطواشعورهم وجاءهم الخدم العرب بالقهوة والسندويشات وتأهبوا لمواصلة السفر . فقالت لهم مسزبيكر وفي تنظر في ساعتها: - لقد ان لي اناترككم أيها الاصحاب فتلك هي المرحلة الأخيره من الرحله . فسألتهاهيلاري: - اراجعة انتإلى مراكش؟! - وكيف ارجعاليها والمفروض اني ميته حرقا في الطائرة التي سقطت؟! إن ورائي مهام اخرى في بلادثانيه. - ولكن هبي اناحدا القتى بك صدفة ممن عرفوك في مراكش؟ - وهل صعب عليان اتخلص من هذا المأزق؟ سأزعم بأن لي شقيقة تشبهني تمام الشبه وهي التي احترقت فيالطائره. وطبعا سيكون لدي جواز سفر باسم اخر وسأغير لون شعري ونبراتصوتي. فازدادت هيلاريإعجابا بالخطه المدبره . وودعت مسز بيكر باقي رفاق السهر ، فاستقلت الطائره ،ومالبثت ان علت في الجو وتوارت وراء الافق. ***** جاءهم احد الخدمالعرب قائلا: - السياراتجاهزة ايها الساده. كانت بانتظارهمسيارتان كاديلاك يقودهما سائقان يرتديان الزي الرسمي فاتخذت هيلاري جلستها فيالمقعد الامامي بجانب السائق الفرنسي ، وكانت من حين لآخر تحدثه حديثا عابرا عنالمشاهد التي تمر بها السياره . وسألتهاخيرا: - ترى هل تطولالرحله ؟! - المسافة منالمطار للمستشفى تستغرق حوالى ساعتين ياسيدتي . طنت الكلمات فياذنيها ، ولأول مره فطنت إلى ان هيلدا نيدهايم كانت الآن تلبس زيالممرضات. وعادت تسألالسائق الفرنسي: - حدثني قليلاعن المستشفى. - إنها من اروعالمستشفيات في العالم ومزوده بأحدث الأجهزه العلميه وكثير من كبار الأطباء يزورونهامن حين لآخر ثم يرحلون وهم يثنون عليها اعظم الثناء. إن الأبحاث التي تجري فيهالخير الإنسانية جمعاء. فقالت هيلاريتجاريه : - طبعا .. هذالاشك فيه. - فيما مضى كانهؤلاء التعساء يرسلون إلى جزيره مهجوره فيقضون ماتبقى من حياتهم حتى يدركهم الموت . اما الآن فهم يعالجون هنا بالدواء الذي اكتشفه الدكتور كولوني ، وقد ثبت نجاحه فيمعظم الحالات حتى الحالات المستعصيه المزمنه. عجبت هيلاريلحديث السائق إذ لم تكن تدري من هؤلاء الذين نعتهم بالتعساء ولا أي داء يعانون . توقفت بهمالسياره امام المستشفى، فاستقبلهم زنجي يرتدي ثيابا بيضاء فتحلهم البوابة ودعاهمللدخول . ورأت هيلارينفسها في فناء كبير حجز معظمه بسور من القضبان والأسلاك ووراء السور كان جماعة منالناس يتمشون رائحين غادين. فاستدارواينظرون للقادمين الجدد ، وعندها هتفت هيلاري وهي تشهق في رعب : - يا إلهي .. إنهم مصابون بالجذام !!!!!!!!!!!!!!!!! ولفرطفزعها طغت على اوصالها رعده كادت معها ان تتهاوى على الارض مغشيا عليها . |
الفصل الحاديعشر : اغلقت البوابهوراء القادمين الجدد مرسله رنينا حادا ، بدا في هذا السكون الشامل كأنه صادر منمطارق تدق السندان دقا عنيفا ,, وخيل إلى هيلاري ان رنين البوابه كان يحاكي صوتايقول: انتم يامن تدخلون اطرحوا الامل فأنتم لاتعودون .. نعم تلك هيالنهايه .. النهايه الحقيقيه نهايه بلا رجعه .. إنها الآن وحيده وسط الاعداء ولنتمضي دقائق معدوده حتى تواجه باكتشاف امرها وانفضاح سرها .. دار بخلدها : الآن انطبقت علي المصيده ، ولم يعد أمامي سبيل إلى الفرار .. سوف لا يقع عليها بصرتوماس بيترتون حتى ينطلق صارخا : ولكن هذه ليست زوجتي .. وتنتهبهاالعيون من كل جانب .. بنظرات حانقه شزراء .. جاسوسه في وسطهم ؟ وخطر لها ان تعكسالموقف: فبدلا من ان يصرخ بيترتون بأن هذه ليست زوجتي ، ستبادره هي بمجرد ان يقعبصرها عليه : كلا ليس هو زوجي .. وإذا استطاعتان تجعل الحماس يدب في صوتها والرعب يطل من عينيها فسوف تنجح في إثارة الشكوك ،،وسوف يرتابون ويتساءلون : ترى هل بيترتون هو حقا بيترتون ام عالم اخر انتحل شخصيتهواندس بينهم ؟ هل هو الجاسوس اما هي فالزوجةالحقيقيه؟! ولكن اليسمعنى هذا ان يصبح بيترتون هو الضحيه ؟! وأن يقضى عليه بالهلاك؟! إن ضميرها لميبكتها ولن تندم ابدا فبيترتون خائن انحاز إليهم وجاء اليهم ليبيعهم اسرار بلاده ،فهو اهل لأن يموت دون شفقه او رحمه .. انتزعها منخواطرها اليائسه رجل عملاق الجسم وسيم الوجه ، اقبل على الجماعه يستقبلهم ويحييهمواحدا تلو الاخر .. وحين مد يدهيصافح هيلاري رسم على شفتيه ابتسامه باهته مصطنعه وقال لها : - لا شك انكمتلهفه إلى لقائه .. اشتد اضطرابهاواخذتها غشيه عابره من الدوار وشردت عيناها بنظره تجردت من التعبير . بادر اندروبيترز بلمس ذراعها في رفق ، وسندها وهو يقول للمضيف الذي جاء يرحب بهم : - لعلك لاتعلم ان الطائره سقطت بالسيده بيترتون وأنها اصيبت بارتجاج في المخ ، وقد زادتهاهذه الرحلة المضنيه المتواصله ارهاقا فوق ارهاق . إنها الآن يجب ان تستريح ساعة اوساعتين في غرفه معتمه . استشفت هيلاريمن صوته ومن ذراعه التي تسندها بادرة من الرحمه والإشفاق ولكنها استجمعت شجاعتهاورفعت رأسها وقالت : - كلا كلا .. يجب ان اقابل توم .. إذهبوا بي إليه في الحال .. اريد ان اراه حالا .. قال الرجلالعملاق الوسيم : - بالتأكيد ياسيدة بيترتون .. إني استطيع ان ادرك حقيقة مشاعرك .. أشار إلىامرأه تقف على قيد خطوات وهو يقول : - دعوني اقدملك الآنسه جينسون .. وقدم إليهاالقادمين الجدد كل واحد بدوره .. ثم قال : - ستصحبكمالآنسه جينسون إلى مكتب التسجيل وتقدم إليكم شرابا ريثما اصطحب السيدة بيترتون إلىزوجها وسأعود إليكم بعد برهه وجيزه .. استدار منصرفاوفي اعقابه هيلاري كرافن وحانت منها لفته إلى الوراء ورأت بيترز يتابعها ببصره وخيلإليها انه يهم في تردد ان يلحق بها ثم آثر البقاء .. وقال لهاالرجل وهو يمشي بها في دهاليز طويله ملتويه : - إنني ادعىبول فان هايديم . وقالت لههيلاري : - إنه لأمرفظيع .. مرعب .. اعني هؤلاء المجذومين .. فقال : - إنك لنتلبثي ان تألفي رؤيتهم .. توقف فجأه عنداحد الابواب وقرع الباب ، ثم تريث برهه قبل ان يفتحه .. وقال : - بيترتون .. هاهي ذي هنا اخيرا .. زوجتك. وتنحى عنالباب قليلا ليفسح لها مكانا للدخول .. دخلت هيلاريإلى الغرفه .. الآن لا سبيل إلى التراجع .. لا سبيل إلىالتردد .. تقدمت إلى الداخل .. تقدمت إلى الأمام .. إلى القدر المحتوم .. كان الرجلواقفا عند النافذه وحين استدار إليها أدهشها أن رأته شديد الوسامه .. إن الصورهالتي رأتها لتوماس بيترتون لم تكن على مثل هذه الوسامه .. بل كانت مختلفه إلى حدغير قليل .. واتتها الفكرهعلى الفور بسبب هذا الاختلاف واستقرت عليها .. تقدمت إلى الأمام في خطوه سريعه ، ثمارتدت متراجعه إلى الوراء ورن صوتها في ارجاء الغرفه بالفزعواليأس: - ولكن هذاليس هو توم .. إنه ليس زوجي .. لقد ادت دورهابإتقان منقطع النظير، وتلاقت عيناها الحائرتان بعيني فان هايديم .. وعندئذ ضحك تومبيترتون وكانت ضحكته لطيفه هادئه والتفت إلى فان هايديم الواقف بمدخل الباب وقال : - هذا رائع .. مادامت زوجتي نفسها لم تعرفني .. أسرع إلىهيلاري فاحتواها بين ذراعيه وضمها إلى صدره وهو يقول : - اوليفحبيبتي .. إنك بالتأكيد تعرفينني .. إنني توم بالتأكيد وإن لم يعد لي نفس الوجهالذي عرفتني به من قبل .. وظل يضمها إلىصدره وألصق فمه بأذنها وهمس .. - مثلي دورالزوجه .. بالله عليك .. إنني في خطر .. خلى عنهاذراعيه ثم عاد يضمها إليه مره اخرى ويقول: - اه ياحبيبتي .. كانت الاشهر التي انقضت بمثابة دهور ودهور .. ولكن شكرا لله .. هانحن اولاءاخيرا قد التقينا .. واحست بأصابعهتنغرز في جسدها محذره .. منذره .. متوسله .. ضارعه .. وتلقت الرساله ووعتها .. واستطرد بصوتعال : انظري إلي حبيبتي .. إنني توم .. لا شك في انك الآن عرفتني .. تلقفت هيلاريالنجدة الإلهيه وتشبثت بها .. فغمغمت : - اه... حبيبيتوم .. إنك توم بالتأكيد .. لاشك في ان اصابتي بالارتجاج جعلتني افقد ذاكرتي برهه .. - ليس هذا فقطوإنما ايضا جراحة التجميل ,,, إن الدكتور هيرتز جراح التجميل المشهور موجود هنا .. وقد اصلح انفي المهشم بسبب حادث السياره .. واستدار يتطلعإلى فان هايديم .. فوجده يبتسم مغتبطا .. وقالت هيلاري : - إني اسفه ياحبيبي .. الارتجاج والرحلة الشاقه.. كل هذا اثر علي .. فقال لهاالزوج المزعوم : - هوني عليكيا حبيبتي .. بعد شيء من الراحه سيزول كل أثر للارتجاج .. وانسحب فانهايديم واغلق الباب وراءه.. وضمها بيترتونإلى صدره وهمس في اذنها .. بصوت لا يكاد يسمع .. - استمري فيتمثيل دورك .. فقد يكون في الغرفه ميكروفون مخبأ .. وهمست بدورهاوهي تسند رأسها إلى صدره : - او ربما ثقبخفي في الجدران يراقبوننا من خلاله .. جلسا يتناجيانويستعيدان بعض الذكريات السعيده .. وسألته : - هل انت سعيدهنا ؟! كان سؤالاطبيعيا يجب ان توجهه أي زوجه إلى زوجها .. أجاب .. - الحياه هنارائعه . ولكن نظراتهكانت تنم عن الخوف والانزعاج .. سألته : - ولكن .. هؤلاء المجذومين ؟ أهذه حقا مستعمره للجذام؟! فضحكوقال: - مجرد ستارنخفي وراءه حقيقة ابحاثنا واهدافنا .. ثم اردف : - والآن تعاليلنلقي نظره على الجناح المخصص لإقامتنا .. وطاف بها غرفالجناح .. وهو يتأبط ذراعها وحين رجع بها سألها : - اتحبين انتستريحي قليلا !؟ وإذ اجابتبالنفي .. قال لها .. - إذنهيا بنا إلى مكتب التسجيل إذ لا شك انهم في انتظارك .. |
الفصل الثانيعشر : كانت المرأهالتي ترأس مكتب التسجيل شبيهه بالسجانات في صرامة وجهها وجمود قسماتها .. ورحبتبالدكتور بيترتون في كلمات وجيزه مقتضبه.. وقالت له : - إذن .. فقدجاءت السيدة بيترتون اخيرا كان يبدو منلكنتها انها سويسريه. اشارت إلىهيلاري تدعوها إلى الجلوس وفتحت درجا تناولت منه عدة استمارات نشرتها فوق المكتب .. ومضت تدون بعض البيانات. وقال بيترتون : - إني ذاهبإلى عملي يا اوليف فالحقي بي عندما تفرغين انصرفبيترتون وأوصد الباب وراءه ، والتفتت رئيسة مكتب التسجيل إلى هيلاري وقالت : - والآن اسمكبالكامل والسن ومحل الميلاد واسماء الابوين .. والامراض الخطيره ، وهواياتكالمختلفه والاعمال التي التحقت بها ومؤهلاتك العلميه والاطعمه التي تفضلينها وهناكاسئله اخرى سوف اوجهها إليك فيما بعد .. ابتسمتهيلاري في اعياء واخذت تجيب على الاسئله والمرأة ماضيه في تدوينها بالاستمارات التيامامها .. واخذتالاسئله تتوالى تباعا جتى لكأنها سيل جارف لا ينتهي .. واخيرا رفعتالمرأة رأسها وقالت : - هذا هو مايختص به هذا المكتب والآن سأبعث بك إلى الدكتوره شوارتز لتفحصك من الناحيةالطبيه. وتساءلتهيلاري: - وهل هذاضروري ؟! - ضروري جدايا سيدة بيترتون .. فإننا هنا نؤمن بالكمال ونحب ان نثبت كل شيء في السجلات .. وقامتالدكتوره شوارتز بفحص هيلاري فحصا دقيقا استغرق فتره قصيره ثم قالت لها : - والآن عليكالذهاب إلى الدكتور روبيك. - ومن يكونالكتور روبيك هذا؟ - طبيب نفسي .. - ولكني لستبحاجه إلى طبيب نفسي .. - لا داعيللانزعاج سيده بيترتون .. إن ما سيدور بينكما لا يعدو اختبارا للذكاء وتحديد معالمشخصيتك.. كان الدكتورروبيك سويسريا.. في الاربعين من العمر .. ورحب بهيلاري في لطف ودماثه .. وتصفحالبطاقه التي بعثت بها إليه الدكتوره شوارتز ثمقال: - يسعدني اناعرف ان صحتك جيده ياسيدة بيترتون .. ثم اردف .. - لقد بلغنيانك تعرضت لحادث سقوط طائره منذ فتره وجيزه إليسكذلك؟! - بلى وقدامضيت خمسة ايام في مستشفى كازابلانكا.. - ولكن خمسةايام لا تكفي إطلاقا .. كان يجب ان يستبقوك اكثر منهذا.. - كنت تواقهإلى مغادرة المستشفى لأواصل رحلتي .. - هذا تصرفغير سليم ، فالإصابه بارتجاج المخ تحتاج إلى فتره طويله من الراحه والاستجمام.. إنكقد تترائين سليمه في البدايه ولكن هناك احتمالا كبيرا لآثارجانبيه خطيره .. إنجهازك العصبي فيما ارى مضطرب إلى حد ما ، وهذا راجع دون شك إلى مشقة الرحله .. وإلىالارتجاج في الوقت ذاته .. ثم سألها : - هل تشعرينبصداع ؟ - نعم صداعشديد جدا .. ومن حين لآخر اشعر بالدوار وافقد ذاكرتي .. - بالتأكيد .. بالتأكيد .. إنني استطيع ان ادرك هذا ، والآن سأجري بعض الاختبارات .. لأتبينمستوى عقليتك .. ومضى الدكتورروبيك يجري عليها اختباراته ويوجه إليها بعض الأسئله ويدون حصيلة ذلك كله فياستماره امامه .. واخيرا قال : - ارجو الايسوءك يا سيدتي ان اقول إنه مما يسعدني ان افحص الآن شخصا ليس من العلماء العباقره .. ضحكت هيلاريوقالت : - وما الذييسوؤني من هذا وانا اعلم اني لست بالعبقرية اوالنابغه؟ فقال الدكتورروبيك : - وهذا منحسن حظك يا سيدتي .. فإن حياة العباقرة جحيم لا يطاق .. واستطرد : - إنني هنالا اتعامل إلا مع قوم مفرطي الذكاء .. وهؤلاء معرضون دائما للاختلال العصبي تحتوطأة الضغط الذي يعانونه .. فالعالم يا سيدتي ليس باردا هادئا كما يبدو في الظاهر . فإن انهماكه في عمله يجعل اعصابه مرهقه إلى اقصى حد .. ولا فرق في هذا إطلاقا بينالممثله الأولى او بطل التنس او عالم الذره .. - صدقت .. فقد خبرت هذا بنفسي .. إذ كان منالمفروض انها عاشرت بيترتون فتره طويله باعتبارها زوجته .. وهو دون شك من العلماءالعباقره .. وكأنما اراد ان يقتضب الحديث .. فمد إليها يده فجأه يصافحها وهو يقول : - والآنستذهبين إلى الانسه لاروش .. لتمضي بك إلى قسم الملبوسات لتختاري ما يروقك منالثياب .. كانت النساءاللائي التقب بهن هيلاري جميعا حتى تلك اللحظه يعملن كأنهن آلات ميكانيكيه .. ذكرتها بالإنسان الآلي .. روبوت .. اما الآنسه لاروش .. فكانت على العكس .. مرحه .. متدفقه بالحيويه .. ارتاحت هيلاري إلى لقائها .. قالت لهاالفتاه : - إني سعيدهبأن اتعرف إليك يا سيدتي وارجو ان اوفق في تقديم كل مساعده ممكنه .. ثم استطردت .. - بما أنكوصلت الآن لتوك .. فلاشك في انك مازلت متعبه ولذلك اشير عليك ان تكتفي الآن بانتقاءبعض الثياب الضروريه وفستان واحد .. وغدا وفي خلال الايام التاليه يمكنك ان تلقينظره على مالدي من ثياب ومن مستحضرات التجميل .. فقالت هيلاري : - كل ماارجوه الآن .. ان امتلك مشطا وفرشاه .. ضحكت الانسهلاروش في مرح ومضت تدون مقاس عميلتها في مفكره لديها ثم قالت : - سأبعث علىالفور إلى جناحك بكل ماوقع عليه اختيارك وإنه ليسعدني ان تترددي على المتجر من حينلآخر ، فقد تبينت ان لك ذوقا رفيعا في الاختيار. اما هؤلاء السيدات العالمات .. فقدضقت بهن ذرعا.. خاصة وانهن لا يبدين اي اهتمام بمستحضرات التجميل .. ثم استطردت : - منذ نصفساعه كانت لدي هنا واحده منهن .. اثارت اعصابي .. إحدى رفيقاتك في السفر .. فقالت هيلاري : - لعلك تعنينهيلدا نيدهايم .. - تماما هذاهو اسمها .. إنها المانيه بالتأكيد .. والألمانيات عادة لا يحفلن بالتجميل ، معانها يمكن ان تبدو جميله لو انها ابدت بعض الاهتمام بنفسها .. إنها دكتوره فيمافهمت .. ولكن الرجل لا يبحث عن المؤهلات العلميه وإنما عن لمسة من الجمال والأنوثه . اه وهاهي ذياخرى لا يتأتى لرجل ان يتطلع إليها بتاتا .. فقد بدتالآنسه جينسون في مدخل الغرفه ، وفوق عينيها نظارتها الصغيره العتيقة الطراز .. وقالت الآنسهجينسون: - اذا كنت قدفرغت يا سيدة بيترتون فسأصحبك لمقابلة نائب المدير الدكتور نيلسون . قالت هيلاريفي نفسها : كل من هنا يحمل لقب دكتور عداي انا .. ثم رفعتصوتها متسائله : - وما هوتخصص الدكتور نيلسون؟! - إنه ليسطبيبا ، فهو حاصل على الدكتوراه في الاداره ومن عادته ان يقابل كل وافد جديد ليتحدقإليه ولكنك لنن تقابليه بعد هذا إلا إذا ثارت مشكله مهمه .. ***** نهض الدكتورنيلسون من وراء مكتبه يحييها ويشد على يدها في حراره .. - يسعدني اناراك بيننا يا سيدة بيترتون دعيني اهنئك بالنجاة من هذا الحادث المؤسف الذي وقعلطائرتك .. وشكرتههيلاري على لطفه واستطرد يقول : - إني علىاستعداد لأن اجيب عن اي سؤال يخطر بذهنك فهل لديك ما تحبين ان تستفسري عنه؟ فبدت اماراتالحيره على وجه هيلاري وقالت : - الحق انيلا ادري ولكن لعل كل ما يعنيني ان استفسر عنه هو ان اعرف اين انا الآن ..؟! ابتسمالدكتور نيلسون واجاب: - إني ادركما يجول بذهنك .. إنكم تعتقدون جميعا للوهلة الاولى لفرط ما سمعتم من مفتريات انكمذاهبون إلى موسكو .. وراء الستار الحديدي .. ولكن لا ياسيدتي .. إنك الآن فيافريقيا .. في قلب الصحراء المراكشيه .. ومستعمرة الجذام التي تعيشين فيها الآن هيبمثابة الستار الحديدي لأنها ترد عن علمائنا المتطفلين الذين يحاولون اكتشاف مقرهم .. قالت هيلاري : - صدقت .. فقد تصورت في البدايه اننا مسافرون إلى موسكو .. - إنكستعيشين هنا في عزله تامه عن العالم ولكن وسائل الترفيه والتسليه متوافره .. إنلزوجك عمله الذي قد يشغله عنك فقد ينكب على العمل ليل نهار ولا يفرغ لك إلا نادرا ،ولكن يمكنك ان تشغلي نفسك بقضاء الوقت مع زوجات العلماء وسوف تجدين انهن لطيفاتذوات ود .. سألته هيلاريفي شيء من الإحجام : - ولكن هليسمح لنا بالخروج ؟! فتطلع إليهاوقال مترددا : - الخروج ياسيدة بيترتون؟! .. سؤال طبيعي لا بد ان يصدر عن كل وافد جديد . لكن المبدأ الاساسيالذي تدين به منظمتنا هو اننا هنا في دنيا قائمه بذاتها فلا شيء يدعونا إلى اننتجاوز حدودها ونذهب إلى خارجها .. إنها دنيا كامله .. ذات اكتفاء ذاتي شامل .. |
الفصل الثالثعشر: قالت هيلاريوقد رجعت إلى جناحها : - إن الحياةهنا شبيهة بجو المدارس .. فقالبيترتون: - هذا هو مايحسه المرء في البدايه انا نفسي داخلني هذا الشعور حين جئت .. كان الحديثبينهما يدور في تحفظ وحذر .. خشية ان يكون هناك ميكروفون مدسوس بين الاثاث او فيالجدران .. ثم اردف .. - وهذا ما يرتدبنا إلى عهد الطفوله السعيده .. وغمز بعينه فلميغب عنها النذير المقصود .. وبدا لها الأمر كله عجبيا .. هاهي ذي في قلبالصحراء تشارك رجلا غريبا مخدعه وتشاطره الفراش ذاته ومع ذلك فإن في التوجس والقلقوالخطر المسيطر عليهما ما جعل الرابطة التي بينهما مفككه منفصمه .. عادت هيلاريإلى الحديث فقالت : - لقد اجرواعلي عدة فحوص طبيه ونفسيه. - هذا هو مابفعلونه دائما مع الوافدين الجدد . - وهل فحصت انتايضا؟ - هذا امرطبيعي.. - وبعد هذاقابلت الدكتور نيلسون نائب المدير فتبادلنا الحديث برهه قصيره . - إنه إداريحازم قدير . - ولكني لماقابل المدير بعد. - احسب انك لنتقابليه ابدا وإن كان من حين لآخر يلقي علينا بعض المحاضرات .. وهو رجل ذو شخصيهجذابه .. قطب بيترتونجبينه وادركت هيلاري انه يريد ان يثنيها عن مواصلة هذا الحديث .. فما كان منها إلاان لاذت بالصمت .. قال لهابيترتون .. - إنهميتناولون العشاء هنا ابتداء من الثامنه مساءا .. فيحسن بنا يا عزيزتي ان نتأهبللنزول .. ابدلت هيلاريثيابها وارتدت الفستان الذي جاءت به من قسم الملابس ..وتحلت بقلاده من اللآلئالمقلده .. هبطا معا إلىقاعة الطعام وخفت الآنسه جينسون إلى استقبالهماقائله: - لقد اعددتلكما مائدة كبيره يشارككما فيها بعض رفاق زوجتك في السفر فضلا عن الدكتور مارشيسونوزوجته .. - ارشدتهما إلىالطاوله المقصوده وكان اندرو بيترز و إيريكسون قد سبقا إليها وانتظما حولها وقدمتهيلاري زوجها إلى الرجلين .. ولم يلبث الدكتور مارشيسون وزوجته أن لحقا بهم وقدمهمابيترتون إلى الآخرين وهو يقول : - سيمون وانانشتغل معا في معمل واحد .. كان سيمونمارشيسون شابا نحيفا في السادسة والعشرين ذا وجه باهت اللون .. اما زوجته بيانكافكانت ممتلئة الجسم إلى حد ما وفي حديثها لكنه اجنبيه واضحه .. رحبت بيانكابهيلاري في لهجة مهذبه ولكن في شيء من التحفظ ثم قالتمتسائله: - إنك لستعالمه فيما اعتقد ؟! - كلا .. إنيلم أتلق تدريبا علميا .. فقد كنت اعمل سكرتيره قبل زواجي .. وقال الدكتورمارشيسون : - لقد درستزوجتي الاقتصاد والقانون التجاري وهي تلقي علينا بعض المحاضرات من حين لآخر وإنكانت لا تجد إلا نفرا قليلا يؤم محاضراتها .. فهزت بيانكاكتفيها في استخفاف وقالت: - لقد استطعتعلى أية حال ان التمس هنا ما اشغل به وقتي .. فقد بدأت ادرس احوال مجتمعنا هذا حتىاعمل على تطويره وتحسينه. ومادامت السيدة بيترتون غير قائمه ببحث علمي فإن في وسعهاان تساعدني في مهمتي .. وسارعت هيلاريترحب بالاقتراح .. واضحكهم اندروبأن قال: - ارجوا انيعهدوا إلي بالعمل على الفور .. وإلا انقلبت تلميذا امضي وقتي في لعب البلي .. قال سيمونمارشيسون في حماس : - هذا مكانرائع للبحث العلمي فكل الاجهزة متوافره ولا احد يقحم نفسه او يقطع عليك عملك .. سأله بيترز : - ما تخصصكيادكتور؟! اخذ الرجلانيتداولان حديثا علميا بحتا فتحولت هيلاري إلى إيريكسون الذي كان متراخيا في مقعدهبعينين شاردتين وسألته: - وانت .. اتراك ايضا تحس حنينا للوطن؟! - إني رجل لااؤمن بمثل هذه الترهات الفارغه ... الوطن .. روابط الاسره والطفل .. مشاعر المحبهوالوفاء .. كل هذا هراء .. إن المرء لكي يعمل يجب ان يكون حرا طليقا .. لا يشده اينوع من القيود .. - او تشعر بأنكهنا ستكون حرا طليقا؟! - هذا ما ارجوه .. وإن كنت لا ادري حقيقة حتى الآن .. مالت بيانكاإلى هيلاري وهي تقول : - بعد العشاءلدينا الكثير مما نشغل به وقتنا .. غرفة لعبة البريدج مثلا .. والعاب الورق الاخرى .. قاعة السينما تعرض افلاما حديثه .. وقاعة التمثيل تعمل ثلاثة ايام كل اسبوع .. وكذلك سهرات راقصه من حين لآخر .. قطب ايريكسونجبينه وقال : - كل هذا لغولا جدوى من ورائه .. إنه يصرف الباحث عن عمله ويبدد نشاطه .. قالت بيانكا : - كل هذا الذيتسميه لغوا ضروري لنا معشر النساء .. فتطلع إليهابنظره بارده .. كأنما يقول : وحتى انتن معشر النساء لا ضرورة لكن .. تعمدت هيلاريان تتثاءب وقالت : - اما انافسآوي الليله إلى فراشي مبكره .. إذ ما زلت متعبهمرهقه.. فقالت لهابيانكا: - إنك على حقياعزيزتي .. فقد كابدت الاهوال .. فضلا عن هذه الرحلة المضنيه .. فقال بيترتونوهم يزايلون المائده: - الجو الليلهمنعش لطيف.. وقد اعتدنا ان نقضي بعض الوقت في حديقه السطح قبل ان نمضي إلى العمل اوالنوم .. فلم لا تصحبيننا ياعزيزتي اوليف ؟ كانت حديقةالسطح تحفة فنيه رائعه .. كانت بستانا حافلا بأجمل انواع الأزهار واندرها .. تتوسطها نافوره صغيره يتدفق منها الماء رشاشا متناثرا تنعكس عليه اضواء ملونه خلابه .. قالت هيلاري فيافتتان : - إني لا اصدقما تراه عيناي. ايقوم هذا في قلب صحراء قاحله مجدبه ؟ لكأني اعيش في قصة من لياليالف ليله.. فقالتمارشيسون: - صدقت يا سيدةبيترتون .. ولكن مادام الماء غزيرا والمال متوافرا فلا شيء مستحيل .. - ولكن .. مناين لكم بهذا الماء الغزير ؟! - من نبع عميقحفرناه في الجبل بأحدث الاساليب العلميه .. واخذوا يتمشونفي حديقة السطح قليلا .. ويتسامرون بالحديث .. ثم انسحبوا واحدا بعد الآخر .. ولميبق اخيرا إلا توماس بيترتون وزوجته هيلاري كرافن .. اخذ بيدها واجلسها على إحدىالأرائك المتناثره في ارجاء الحديقه ووقف في مواجهتها وحدجها بنظرة متسائلهوقال: - والآن .. منانت بحق السماء؟! رفعت وجههاتتطلع إليه برهه دون ان تجيب .. وبدلا من ان ترد على سؤاله قالت تسأله : - لماذا كذبتفزعمت اني زوجتك؟! تبادلا نظراتصامته .. واخيرا قال بيترتون .. : - مجرد نزوهطارئه .. لقد خطر لي انك ربما جئت لكي تخرجيني من هنا .. ياإلهي.. هذا سؤال توجهينهإلي؟! ان الإجابه واضحه معروفه !!! فعادت تسأله : - ولكن كيف جئتإلى هنا ؟! - إذا كنتتقصدين اني اختطفت .. او ان شيئا من هذا القبيل قد حدث .. فانزعي من رأسك مثل هذهالفكره من رأسك .. لقد اتيت إلى هنا من تلقاء نفسي وبمحض إرادتي .. وكنت ممتلئاحماسه .. - وهل كنت تعرفانك قادم إلى هذا المكان ؟! - لا .. لميخطر لي قط أنني آت إلى افريقيا .. ولم احاول قط ان اسأل .. لقد احتواني البريقالخداع واخذتني الكلمات الحماسيه : السلام العالمي .. الحريه المطلقه .. اقتسامالأسرار العلميه بين دول العالم جمعاء .. القضاء على الرأسماليين وتجار الحروب .. نعم .. كل هذه الترهات الخرافيه .. واردف : - وصاحبنابيترز الذي صحبك في رحلتك .. إنه هو ايضا ابتلع الطعم .. - ومالذياكتشفته بعد ان وصلت؟! - سوف ترينبنفسك .. ولكن يكفي ان اقول لك .. إن الحريه التي حلمنا بها .. لا وجود لها هنا .. وجلس إلىجانبها مقطب الجبين ثم قال : - ونفس الوضعهو الذي اثارني في انجلترا وجعلني اكره البقاء فيها .. إجراءات الامن الصارمه .. التجسس على حركاتي وسكناتي .. تعقب خطواتي ومحاسبتي على كل كلمه اتفوه بها .. كلهذا حطم اعصابي .. واستطرد بنفسالنبرة اليائسه : - ثم جئت إلىهنا .. فإذا الفردوس الموعود مجرد سراب .. لقد عانيت نفس الأوضاع .. بل اشد هولا.. وتابع الحديث .. - احدث الأجهزةالعلميه رهن إشارتنا والمال متوافر لإجراء الابحاث التي نجريها ولكني مع هذا لااملك إلا ان اشعر يأني في سجن تحف به الأسوار والقضبان .. ران عليهماالصمت .. ثم استدار إليها متسائلا: - والآن لنعدإلى ما كنا فيه .. مالذي جعلك تحضرين إلى هنا وتزعمين انك اوليف؟! قالت : - اوليف .... ثم امسكت تلتمسالكلمات الملائمه لكي تجيب عن السؤال . عاد يتساءل : - ولكن ايناوليف ؟ مالذي جرى لها ؟ ناورت وتحايلتعلى الكلمات ثم اضطرت اخيرا إلى ان تجيب . حملق إليهاشاردا ثم قال : - إذن فأوليفماتت .. غرق في صمتطويل ثم رفع رأسه اخيرا وقال: - اوليف ماتتوحللت مكانها .. ولكن لماذا؟! كان الجوابحاضرا في ذهنها .. لم تكن هيلاري كرافن حتى هذه اللحظه مطمئنه تماما إلى بيترتون .. وكانت تراه مزعزع الأعصاب وقد اوشك ان ينهار.. فمن دواعي الحكمه ان تحجب دونهاسرارها .. لقد قال لها فيبداية الحديث انه يحسبها جاءت لكي تنقذه وتخرجه من هنا ، فلم لا تجاريه فيما اعتقد؟ إن من الحماقهان تصارحه بأنها مجرد جاسوسه اوفدها جيسوب لتوافيه بما تقع عليه منمعلومات.. قالت تجيب علىسؤاله: - كنت مع زوجتكفي المستشفى حين ماتت فتطوعت لأداء هذه المهمه وقررت ان انتحل شخصيتها واسمها خاصهوان قوامي يشبه قوامها وشعري الاحمر في لون شعرها . فقال: - حقا فإن لكنفس الشعر الأحمر النحاسي .. ثم اردف : - ولكنمالرساله التي ارادت اوليف ان تبلغها إلي؟! فسألته : - اتعرف شخصايدعى بوريس؟! - نعم .. بوريسجلايدر .. إني لم اقابله مطلقا .. ولكنه إبن عمة زوجتي السابقه ... - لقد ارادتاوليف ان تكون على حذر منه وقالت إنه خطر.. - خطر؟ ولماذايكون خطرا علي؟! هذا عجيب.!! اتراه قابل اوليف؟! فقالت : - إنها لمتقابله ولكنها تلقت رسالة منه .. - ومالذي قالهلها؟! - هذا مالا علملي به ، ولكنها اضافة عباره اخرى .. قالت : تذهبين تذهبين .. اذهبي وحدثيه عن بوريس .. إني لا اصدق هذا .. لا استطيع ان اصدق .. ولكن ربما كان صحيحا .. وإذا كان .. فعليه ان يكون على حذر .. وكانت هذه اخركلمات نطقت بها .. ثم لفظت انفاسها الاخيره . - بوريس؟ ولكن .. لماذا ؟ لماذا ؟ هذا مالا استطيع ان اتبينه.. لاذ بالصمتبرهة ثم عاد يقول : - يا إلهي .. لقد قضي علي بأن ابقى هنا إلى الأبد وراء القضبان .. فقالت هيلاريبصوت مليء بالثقه والإيمان : - بل لا بد انتخرج من هنا .. - ولكن كيف ؟كيف ؟ إن هذا لمستحيل .. فقالت : - لا مستحيل فيالدنيا .. سوف نجد وسيله .. لم تكن هيلاريمؤمنه بما تقول .. ولكنها ارادت ان تبث في نفسه الشجاعة والأمل .. حتى لا تنهاراعصابه . واستطردت : - لا داعيلليأس .. هناك سجون ومعتقلات حصينه استطاع من فيها ان يهربوا منها بوسيلة ما .. بحفر نفق مثلا .. كل ما هنالك ان الأمر يحتاج إلى التأني وإلى الوقت .. فردد في يأس : - ومن أين ليالوقت ؟ ألا تعرفين مايحدث هنا؟ إنهم يريدون من العالم الذي يأتون به هنا أن ينتجشيئا .. يريدون منه ان يبحث وان يخرج عليهم باكتشاف عبقري.. أنا إن عجز .. فهلتدرين مصيره؟! فقالت : - يعيدونه إلىبلاده دون شك !! فأجاب : - بل يتخلصونمنه .. يقتلونه !! - يقتلونه!! إني لا اصدق هذا .. - بل تلك هيالحقيقه .. لأنه لم يعد ذا نفع لهم بل اصبح عبئا عليهم .. وقد اصبحت انا هذا العبءالمكروه فإن شعوري بأنني سجين هنا شل تفكيري ولم اعد قادرا على موالاة البحث فلمانتج شيئا منذ حضرت .. وقد ظنوا ان ابتعادي عن زوجتي هو الذي جمد عبقريتي ولذلكارسلوا يستدعونها .. والآن وقد حضرت انت باعتبارك زوجتي .. فإنهم لن يصبروا علياكثر من هذا .. فإما ان انتج .. وإما ان اقتل .. اخذت هيلاريبذراعه وهي تقول: - والآن فلنعدإلى جناحنا .. فقد تأخر بنا الوقت .. ثم اردفت : - نم مطمئنافسوف نجد وسيله للفرار.. نعم .. حتما سوف نهرب .. |
الفصل الرابع عشر: في فندق المأمونفي مراكش .. كانت الآنسه هيذرنجتون مجتمعه برجلين .. احدهما جيسوب والآخر فرنسي تشععيناه ذكاء .. ولكن هيذرنجتونهذه لم تكن تلك التي رأيناها من قبل تتعرف إلى هيلاري في كازابلانكا وفزان .. وتمضيمعها معظم الوقت .. كان لها حقا نفسالقوام ونفس الملامح .. ونفس هيئة الشعر وتنسيقه .. ولكن هيذرنجتون هذه كانت تبدواصغر سنا واكثر حيويه فقد كانت عند لقائها بهيلاري تخفي سماتها الحقيقيه .. وقال لها جيسوبمستطردا في الحديث : - إذن فؤلاء همالوحيدون الذين اتصلوا بها في فزان؟! فقالت : - كان هناك ايضاهذه المرأه المدعوه كالفين بيكر .. التي تعرفت إلي وإلى اوليف بيترتون .. وقد حيرنيامرها كثيرا .. فقد بدا لي انها اقحمت نفسها على السيدة بيترتون .. بيد انهاامريكية الجنسية .. ومن عادة الامريكيين ان يتوددوا ويتحدثوا إلى كل انسان على غيرسابق معرفه.. وعقب جيسوب : - هذاصحيح.. فقالت جانيتهيذرنجتون : - ولكن الغريبالذي يسترعي النظر انها استقلت نفس الطائره .. فتساءلجيسوب: - اتريدين القولان سقوط الطائره كان حادثا مدبرا؟! ثم التفت إلىالرجل الفرنسي وسأله : - ما رأيك فيهذا يا ليبلان؟! فأجابالفرنسي: - هذا محتمل وإنكان من المستحيل ان نقيم الدليل على هذا فقد احترقت واحترق كل من فيها .. - وما رأيك فيالطيار؟! - الكادي ؟ إنهطيار مغامر مرن الضمير .. ولا يسعى إلا وراء المال ولا يؤمن بشيء من المعتقداتالسياسية .. بل لا شأن له بالسياسة على الإطلاق .. - إذن فلا يمكنان يكون قد قام بتخريب الطائره لكي ينتحر ويضحي بنفسه .. فقال ليبلان : - عثرنا بينحطام الطائره على سبع جثث محترقه متفحمه اختفت معالمها .. وعادت الآنسههيذرنجتون إلى متابعة حديثها فقالت : - وقد تبادلتالسيده بيترتون بضع كلمات مع اسره فرنسيه كانت تنزل مع اطفالها في نفس الفندق وكانفي الفندق ايضا سويدي من الأثرياء مع إحدى نجوم السينما وكذلك السيد اريستيدالمليونير اليوناني صاحب آبار البترول. فقال ليبلان : - هذا الرجلعجيب الشأن فعلى الرغم من ملايينه التي لا تحصى فهو عزوف عن النساء ولا يلعب الميسروليس لديه جياد للسباق وإنما يحبس نفسه في قصره في اسبانيا لا يبرحه إلا نادرا وليسله من هواية إلا جمع التحف الصينيه .. واستطردت جانيتهيذرنجتون: - وفيما اعلم لمتتبادل السيده بيترتون حديثا لا مع الثري السويدي ولا مع المليونير اليوناني .. فسألها جيسوب : - والخدموالجرسونات ؟ - هذا محتملدائما .. وقد زارت المدينه القديمه مع احد الأدلاء وبمجرد عودتها قررت ان تسافر إلىمراكش فمن المحتمل ان يكون احد قد اتصل بها في اثناء زيارتها للمدينه القديمه .. قال جيسوب : - وكذلك قررتالسيده كالفن بيكر فجأه أن تصحبها في رحلتها إلى مراكش .. ألا يبدو هذا امرا غريبا .. وهي التي كانت في مراكش منذ فتره وجيزه .. ؟! ومضى جيسوب يذرعالغرفه وهو غارق في التفكير ثم قال : - كلما تمعنت فيالأمر ازددت اقتناعا بأن سقوط الطائره كان حادثا مدبرا .. فقال ليبلان: - من السهل جداالهبوط بالطائره إلى الأرض وإحراقها عمدا ثم الادعاء بعد ذلك بأنها سقطت واحترقت .. ولكن كيف نعلل وجود الجثث بين الحطام ؟ هل يمكن ان يرضى ركابها بأن يقبعوا فيداخلها ساكنين حتى يحترقوا؟! قال جيسوب: - فلنلق نظرهاخرى على قائمة الركاب .. تناول ليبلانورقه مطويه من جيبه ونشرها امامه وانكب عليها الرجلان يتصفحانها .. - السيده كالفنبيكر امريكيه .. السيده بيترتون انجليزيه .. توركيل إيريكسون نرويجي في السابعهوالعشرين .. وإني اذكر اسمه فقد سبق له ان القى بعض المحاضرات في الجمعيه الملكيه .. استطردليبلان: - وبعد ذلكراهبه المانيه ثم اندرو بيترز الأمريكي الجنسيه .. والدكتور بارون .. اشهر علماءالجراثيم في العالم .. فقال جيسوبمعقبا: - محال انيكونوا قد ضحوا بهؤلاء الأفذاذ عمدا .. لابد ان في الأمر سرا .. ولكن المشكله هيتلك الجثث التي وجدت محترقه بين الحطام .. رن جرس التليفونوتناول ليبلان السماعه .. وانصت برهة إلى محدثه ثم قال وقد اشرق وجهه وتألقت عيناه : - حسنا حسنا جدا .. ابعث بهم إلي في الحال.. ثم تحول إلىجبسوب قائلا: - يبدو ياعزيزيانك على صواب فيما ذهبت إليه .. لقد امرت رجالي بأن ينتشروا في كل مكان يبحثونويتحرون .. وقد عادوا إلي بمعلومات مهمه جدا .. فتساءل جيسوب : - حقا ؟ ومالذيجاءوا به؟! - مهلا مهلاوسوف ترى .. فتح الباب بعدلحظات ودخل رجلان يرتدي احدهما الزي الأوروبي .. وكانت ثيابه معفره دلالة على انهقادم لتوه من السفر .. وكان برفقته رجل اخر يرتدي العباءه المراكشيه الفضفاضه .. قال الأوروبي : - لقد قمنابتحريات واسعه ووعدنا من يدلي إلينا بأية معلومات بمكافأة جزيله .. وقد انتشرصاحبنا هذا ( وأشار إلى الرجل العربي ) وافراد اسرته واصدقاؤه في كل مكان يسألونويستفسرون .. وقد رأيت أن اتي به معي لتسمع منه بنفسك مالديه من معلومات .. والتفت ليبلانإلى العربي قائلا: - إن لك فيماارى ياصاح عيني صقر تستطيع ان تريا كل شيء ولا يمكن ان يفوتهما شيء .. فهيا هاتماعندك .. اخرج الرجل منطيات عباءته لؤلؤه كبيره يضرب لونها إلى القرمزي وقال : - إنها شبيههتماما باللؤلؤة التي عرضتموها علي وعلى رجالي .. لقد عثرنا عليها .. تناولها منهجيسوب وقارنها بلؤلؤة اخرى اخرجها من جيبه فكانتا متماثلتين تماما .. ثم اخذ عدسهمكبره وفحص اللؤلؤتين بدقه .. وغمغم يقول : - نعم .. إنالعلامه ظاهره .. إنها فتاه رائعه .. لقد نفذت تعليماتي .. يالها من فتاه .. وفي خلال ذلككان ليبلان منهمكا في استجواب الرجل العربي فلما فرغ منه تحول إلى جيسوب وقال : - هذه اللؤلؤهيازميلي العزيز وجدت على مسافة نصف ميل من حطام الطائره .. وجثتها ليست قطعا إحدىالجثث السبع المتفحمه التي وجدت بين الحطام .. قال ليبلان وهويتصفح قائمة الركاب مرة اخرى : - اوليف بيترتون .. والدكتور بارون .. هذان الاثنان على الاقل ذاهبان حتما إلى حيث يراد لهما انيذهبا .. اما الامريكيه كالفن بيكر .. فيمكننا ان نخرجها من حسابنا .. وتوركيلايريكسون له ابحاث عرضت على الجمعيه الملكيه العلميه .. والأمريكي بيترز .. باحثكيماوي طبقا لما ورد في جواز سفره .. والراهبه الألمانهي هيلدا .. يمكن ان تكونعالمه متنكره في هذا الزي .. الواقع أن الجماعخ كلها من الاخصائيين .. فهل جمعوهممعا في طائره واحده لكي يحرقوها ويقضوا عليهم ؟؟... هذا بالتأكيد فرض مستبعد .. أخرجوهم بالتأكيد من الطائره .. ثم احرقوها .. فمن اين جاءوا بالجثث التي وجدتمتفحمه بين الحطام ؟! فقال جيسوب : - فلنطرح هذاالبحث الآن جانبا .. فهو ليس بذي اهميه .. المهم اننا عرفنا ان ركاب الطائره لميحترقوا معها وإما بدأوا رحلة جديده من حيث عثرنا على الحطام .. فما الخطوه التاليه؟! هل نزور موقع الحادث ؟! وبدأت حملة بحثدقيقه على طول الطريق .. اسئلة في كل خان .. واسئلة في كل محطة بنزين .. واسئله فيمختلف القرى .. واخيرا اسفرالبحث عن شيء.. قال ليبلان: - انظر يا صديقي .. لقد فتشوا المراحيض كما امرت .. فعثروا على هذه اللؤلؤة في خان عبدالله .. ملصقهبالجدار بقطعه من اللبان .. وقد استجوبناه وافراد اسرته فأنكروا كل شيء في البدايهثم اعترفوا .. قالوا ان ستة اشخاص في سيارة رحلات نزلوا بالخان .. وذكروا انهم بعثهالمانيه للبحث والتنقيب عن الآثار .. وطلبوا منهم ان يتكتموا لأنهم يقومون بالعملخفيه دون تصريح من الحكومه .. ونقدوهم من المال قدرا كبيرا .. وفي قرية الكيف .. عثر بعض الغلمان على لؤلؤتين اخريين .. وبذلك عرفنا اتجاه السياره .. وفي الصباحالتالي .. جاء ليبلان باكتشاف جديد .. لقد عثر العرب على ثلاث لآلئ صفت على شكلمثلث .. وملصقة فوق قطعه من اللبان .. وقال جيسوب : - اللآلئالمثلثة الشكل معناها ان الطائره هي وسيلة الانتقال في المرحلة القادمه من الرحله .. فقال ليبلان : - إنك على صوابياصديقي .. فقد عثروا على هذه اللآلئ في مطار حربي مهجور كان يستعمل خلال الحرب .. ثم اردف : - والآن فتلك هيالمشكله بل اعتقد المشاكل: طائره مجهوله تتجه إلى مكان مجول .. تنهد قائلا : - وعند هذاتتوقف ابحاثنا ويضيع منا الأثر .. |
الساعة الآن 12:22 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.