منتديات بنات دوت كوم

منتديات بنات دوت كوم (http://www.vb.banaat.com/index.php)
-   على منابر من نور (http://www.vb.banaat.com/forumdisplay.php?f=107)
-   -   ×××الأنبياء عباد الله&÷÷÷ (http://www.vb.banaat.com/showthread.php?t=136631)

أموووونة 21-09-2009 07:05 PM


إسماعيل عليه السلام




8 – ثناء الله على نبيه إسماعيل
كان إسماعيل رسولاً إلى القبائل التي سكنت واستقرت حول بئر زمزم من قبائلجرهم، والعماليق، وأهل اليمن
وأوحى الله إليه قال تعالى:
{قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [البقرة:136]
وقال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا } [النساء:163]
وكان إسماعيل -عليه السلام- أول من رمى بسهم، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشجع الشباب على الرمي بقوله:
(ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا) [البخاري]
وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل -عليه السلام
ووصفه بالحلم والصبر وصدق الوعد والمحافظة على الصلاة، وأنه كان يأمر أهله بأدائها، قال تعالى:
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } [مريم:54-55].
وقال تعالى‏:‏‏{ ‏وَاذْكُرْ عِبَادَنَاإبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّاأَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَالْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَاالْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ‏ }‏[‏ص‏:‏ 45-48‏]‏‏.‏
وقال تعالى‏:‏‏{ ‏وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَوَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَاإِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ‏ }‏[‏الأنبياء‏:‏ 85-86‏]‏‏.
فذكر الله عنه كل صفة جميلة، وجعله نبيه ورسوله، وبرأه من كل مانسب إليه الجاهلون، وأمر بأن يؤمن بما أنزل عليه عباده المؤمنون‏.‏
ولما حضرته الوفاةأوصى إلى أخيه إسحاق، وزوج ابنته نسمة من ابن أخيه العيص بن إسحاق فولدت له الروم،ويقال لهم‏:‏ بنو الأصفر لصفرة كانت في العيص‏.‏ وولدت له اليونان في أحد الأقوال،ومن ولد العيص الأشبان، قيل منهما أيضاً، وتوقف ابن جرير رحمه الله‏.‏
ودفنإسماعيل نبي الله بالحجر مع أمه هاجر، وكان عمره يوم مات مائة وسبعاً وثلاثين سنة

وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال‏:‏ شكى إسماعيل عليه السلام إلى ربه عز وجل حرَّمكة، فأوحى الله إليه أني سأفتح لك باباً إلى الجنة إلى الموضع الذي تدفن فيه، تجريعليك روحها إلى يوم القيامة‏

وإلى اللقاء مع نبي آخر إن شاء الله
والسلام عليكمورحمة الله وبركاته

l[بنوتـة..@ 22-09-2009 01:04 AM

الف الف الف الف شكر لج ع الموضوع الي وااااايد وااااااايد حلو

وننتظر الثاني ^^ :)

أموووونة 22-09-2009 09:44 PM

إسحاق عليه السلام
عاش 180سنه ودفن مع أبيهإبراهيم في الخليل في مزرعة حبرون بفلسطين


بعد أن رزق الله إبراهيم -عليه السلام- بإسماعيل من زوجته هاجر،
كان إبراهيم يدعو الله أن يرزقه بولد من زوجته سارة التي تحملت معه كل ألوان العذاب في سبيل الله، فاستجاب الله له،
وأرسل إليه بعض الملائكة على هيئة رجال، ليبشروه بولد له من زوجته سارة، وأخبروه بذهابهم إلى مدائن قوم لوط ليدمروها عليهم لكفرهم وفجورهم
(وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِ بْراَهِيمَ الحجر) 51
ولما جاءت الملائكة إلى إبراهيم استقبلهم أحسن استقبال، وأجلسهم في المكان المخصص للضيافة، ثم أسرع لإعداد الطعام لهم،
فقد كان إبراهيم رجلاً كريمًا جوادًا، وفي لحظات جاء بعجل سمين، وقربه إليهم،
فلم يأكلوا أو يشربوا أي شيء، فخاف إبراهيم -عليه السلام- منهم، وظهر الخوف على وجهه،
(إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ) الحجر 52
فطمأنته الملائكة، وأخبروه أنهم ملائكة، وبشروه بغلام عليم..
(قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) الحجر 53
كل هذا، وسارة زوجة إبراهيم تتابع الموقف، وتسمع كلامهم، وذلك من خلف الجدار، فأقبلت إليهم، وهي في ذهول مما تسمعه، وتعجبت من بشارتهم، فلما سمعت البشرى قالت: "يا ويلتا أألدوأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب؟!".
(قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) الحجر 53
( قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ) الحجر 54
فكيف تلد وهي امرأة عجوز عقيم، وزوجها رجل كبير، فأخبرتها الملائكة بأن هذا أمر الله القادر على كل شيء، فاطمأن إبراهيم، وذهب عنه الخوف، وسكنت في قلبه البشرى التي حملتها الملائكة له؛ فخر ساجدًا لله شاكر له.
وبعد فترة، ظهر الحدث المنتظر والمعجزة الإلهية أمام عين إبراهيم وزوجته؛
حيث ولدت سارة غلامًا جميلاً، فسماه إبراهيم إسحاق،
والقرآن الكريم لم يقص علينا من قصة إسحاق -عليه السلام- إلا بشارته،
وكذلك لم يذكر لنا القوم الذي أرسل إليهم وماذا كانت إجابتهم له، وقد أثنى الله -عز وجل- عليه في كتابه الكريم في أكثر من موضع، قال تعالى:
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ } [ص:45-47].
وذكره الله في القرآن بأنه(غلام عليم الحجر) 53
جعله الله نبيايهدي الناس إلى فعل الخيرات، جاء من نسله سيدنا يعقوب.


كما أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إسحاق، فقال: (الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام) [البخاري]
ورزق الله إسحاق ولدًا اسمه يعقوب، ومرض إسحاق ثم مات بعد أن أدَّى الأمانة التي تحملها


أموووونة 24-09-2009 11:31 PM

يعقوب عليه السلام
147سنهتوفي بأرض مصر وتنفيذا لوصيته نقله ابنه يوسف إلى الخليل في مزرعة حبرونب فلسطين.


نبي من أنبياء الله-عز وجل-، اصطفاه الله، فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام-، يقال له "إسرائيل" وتعني عبد الله بشرت الملائكة به إبراهيم -عليه السلام- زوجته سارة،
قال تعالى: ( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) [هود: 71].
ولد يعقوب -عليه السلام- محاطًا بعناية الله ورحمته، سائرًا على منهج آبائه، دعا نبيالله يعقوب عليه السلام إلى دين الإسلام وإلى عبادة الله وحده وترك عبادة غير الله
وكان ليعقوب اثنا عشر ولدًا سمَّاهم القرآن الكريم بالأسباط، وكان أجلهم قدرًا، وأنقاهم قلبًا، وأسلمهم صدرًا، وأزكاهم نفسًا، وأصغرهم سنًا، يوسف -عليه السلام-،
لذا كان يعقوب -عليه السلام- يحوطه بمزيد من العناية والحنان وهذا شيء طبيعي، فالأب يحنو على الصغير حتى يكبر، وعلى المريض حتى يبرأ.

وقد ابتلى الله نبيه يعقوب بالبلايا الكثيرة فصبر ونال الدرجات العالية، ومن جملةالبلاء الذي ابتلى به عليه السلام أنه فقد بصره حُزنًا على ولده يوسف الذي مكر بهأخوته العشرة وهم من سوى بنيامين،
وكان يعقوب -عليه السلام- مثالاً يحتذى للأب الذي يقوم بتربية أولاده على الفضيلة، فيقوم بأمرهم، ويسدي لهم النصح، ويحل مشاكلهم،
إلا أن الشيطان زين للأبناء قتل أخيهم يوسف لما رأوا من حب أبيهم له، لكنهم بعد ذلك رجعوا عن رأيهم من القتل إلى الإلقاء في بئر بعيدة، لتأخذه إحدى القوافل المارة،
وحزن يعقوب على فراق يوسف حزنًا شديدًا، وأصابه العمى من شدة الحزن
ثم رد الله تعالى له بصره بعد أن جاء البشيربقميص يوسف ووضعه على وجهه فعاد بصيرًا بعد طول غياب وشدة حزن وألم على فقد ابنهوحبيبه يوسف عليه الصلاة والسلام
قال الله
((فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُوشنَ 96
قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ 97 ‏
قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم 98 ))
سورة يوسف

وقد اجتمع يعقوب بابنه يوسف عليهماالسلام في مصر بعد طول غياب حيث مكث يوسف بعيدًا عن أبيه يعقوب ما يقارب الأربعينسنة.

كما يتبين مقدار تقواه من هذه الإشارة السريعة إلى وفاته.. نعلم أنالموت كارثة تدهم الإنسان فتنسيه اسمه، ولا يذكر غير همه ومصيبته.. غير أن يعقوب لاينسى وهو يموت أن يدعو إلى ربه.. قال تعالى في سورة البقرة:

}
أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَلِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُمُسْلِمُونَ (133) {البقرة

إنهذا المشهد بين يعقوب وبنيه في ساعة الموت ولحظات الاحتضار، مشهد عظيم الدلالة..
نحن أمام ميت يحتضر.. ما القضية التي تشغل باله في ساعة الاحتضار..؟
ما الأفكارالتي تعبر ذهنه الذي يتهيأ للانزلاق مع سكرات الموت..؟
ما الأمر الخطير الذي يريدأن يطمئن عليه قبل موته..؟
ما التركة التي يريد أن يخلفها لأبنائه وأحفاده..؟
ماالشيء الذي يريد أن يطمئن -قبل موته- على سلامة وصوله للناس.. كل الناس..؟

ستجد الجواب عن هذه الأسئلة كلها في سؤاله} مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي {
هذا مايشغله ويؤرقه ويحرص عليه في سكرات الموت.. قضية الإيمان بالله.
هي القضية الأولىوالوحيدة، وهي الميراث الحقيقي الذي لا ينخره السوس ولا يفسده.. وهي الذخروالملاذ.

قال أبناء إسرائيل: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاقإلها واحدا، ونحن له مسلمون.. والنص قاطع في أنهم بعثوا على الإسلام.. إن خرجواعنه، خرجوا من رحمة الله.. وإن ظلوا فيه، أدركتهم الرحمة.

توفي يعقوب عليهالسلام وله من العمر ما يزيد على المائة، وكان ذلك بعد سبعة عشر سنة من اجتماعهبيوسف،
وقد أوصى نبي الله يعقوب ابنه يوسف عليه السلام أن يدفنه مع أبيه إسحاق وجدهإبراهيم عليهم الصلاة والسلام ففعل ذلك، وسار به إلى فلسطين ودفنه في المغارةبحبرون وهي مدينة الخليل في فلسطين.

لحن المطر 28-09-2009 12:25 AM

http://islamroses.com/zeenah_images/...13a8332c3c.gif

http://islamroses.com/zeenah_images/jazak.gif

* لــآتنسَ ذكر اللهْ}~

لحن المطر 28-09-2009 12:52 AM

http://islamroses.com/zeenah_images/...13a8332c3c.gif

http://islamroses.com/zeenah_images/jazak.gif

* لــآتنسَ ذكر اللهْ}~

أموووونة 28-09-2009 09:25 PM

جزاك الله خيرا أختي كن في الدنيا غريب
شكرا لك على المرور الكريم
بارك الله فيكِ

أموووونة 28-09-2009 09:29 PM



يوسف عليه السلام



عاش 110 سنوات. مات في مصر ونقله إخوته تنفيذاً لوصيته ودفن بنابلس (فلسطين) وذلك في زمن كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام الذي أمر بنقله




قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور.



تختلف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء، فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة.



قال تعالى في سورة يوسف



(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَهَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)



واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟


قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائهاعلى عالم كامل من العبر والحكم..


وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفاعنهم.. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن،


وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبيرالرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات..


وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مصير من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة.



ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها..


نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذه القصة..


إنها تمضي في خط واحد منذ البدايةإلى النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها، ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها.



وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ



هذاما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم، لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز.



لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام- ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.


وللحديث بقية إن شاء الله


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 29-09-2009 10:00 PM

يوسف عليه السلام




2- رؤية الصبي الصغير

يقول المولى عز وجل فيكتابه الكريم:

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

يحكي الصبي الصغير لأبيه رؤياه. أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أنوراء هذه الرؤية شأننا عظيما لهذا الغلام. فغاية ما يحلم به الصغير أن تكون الكواكببين يديه يلعب بها كيفما شاء، أما أن يرها متمثلة في صورة (العقلاء) وتسجد لهتعظيما. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يستشعورا ما وراءها لأخيهمالصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجدالشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمرايسوؤه:

قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَفَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ

لقد أحس يعقوب -عليه السلام- وهو ابن إسحاق بن إبراهيم، أن هذا الشأن متعلقبالدين والصلاح، فتوقع أن يكون يوسف هو الذي ستحل عليه البركة وتتمثل فيه السلسلةالمباركة من بيت إبراهيم.

وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَمِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ

كذلك يختارك ربك.. كذلك يصطفيك. ومعنى التأويلهو معرفة المآل، وكشف النتيجة.. وإدراك أسرار لم تقع بعد.. فما الأحاديث؟

قالوا إنها الرؤى والأحلام.. سيستطيع يوسف فيما بعد أن يفسر الأحلام والرؤىفيرى من رموزها الغامضة ما يقع من أحداث.. وقالوا إن الأحاديث هي الأحداث.. سيعرفمآل الأحداث التي تنتهي إليه من بداياتها وأوائلها.. سيلهمه الله إلهاما أنيعرف.

إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

رد النبي العلم والحكمة إلىالله في ختام حديثه.. فجاء ذلك مناسبا للبدء.

وفي العلماء من يقول أن الآيةالسابقة ليست جزءا من حوار يعقوب مع ابنه يوسف.. وإنما هي ثناء من الله تعالى علىيوسف.. أدخلت في نسيج القصة منذ بدايتها.. وهي ليست منها.. فالمفروض ألا يعرف يوسفويعقوب تأويل الحلم وتفسيره منذ البداية.. ونحن نختار هذا الرأي ذهب إليه القرطبيفي تفسيره الجامع لأحكام القرآن

وإذن نفهم الحوار فهما آخر.. إن الله يتحدثهنا عن اختياره ليوسف.. وهذا يعني نبوة يوسف.. وليس تعليمه تأويل الأحاديث، وإطلاعهعلى حقائق الرموز التي تقع في الحياة أو الحلم، غير معجزات له كنبي.. والله أعلمحيث يجعل رسالته.. تجد حكمته أسبابها، وعلمه محيط.

استمع الأب إلى رؤيا ابنهوحذره أن يحكيها لأخوته. استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلبالظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم ويحكي لهم دخائلهالخاصة وأحلامه
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طبعي وفي 30-09-2009 11:32 PM

جعله الله في موازين حسنااتكـ
ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1

أموووونة 01-10-2009 12:09 AM


http://www9.0zz0.com/2009/05/22/10/912616063.gif



يوسف عليه السلام



3- اجتماع أخوة يوسف ليتحدثون في أمره.

لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7) إِذْقَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌإِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (8) اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُأَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًاصَالِحِينَ (9) قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِيغَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ

تقول أوراق العهد القديم إن يوسف حدثهم عن رؤياه.. ولا يفيد السياق القرآنيأن ذلك وقع.. ولو وقع لجاء ذكره على ألسنتهم.. ولكان أدعى أن يهيج حقدهم عليهفيقتلوه.. لذلك لنبقى مع السياق القرآني. (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُأَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍمُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذين الصبيين علىمجموعة من الرجال النافعين الدافعين!

اقترح أحدهم حلا للموضوع.. اقْتُلُواْيُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا

إن الحقد وتدخل الشيطان ضخم حب أبيهمليوسف وإيثاره عليهم حتى جعلها توازي القتل. أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشركبالله. وطرحه في أرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لامحالة.

ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم. ومن ثميتوبون عن جريمتهم.

وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ

قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار الله في أعماقه رعبامهولا من القتل، قال هذا القائل: ما الداعي لقتله؟ أنتم تريدون الخلاص منه.. تعالوانلقه في بئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.. سيختفي عن وجهأبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.

انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفيوالإبعاد. نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم، أو في قلوببعضهم، بعض خير لم يمت بعد.
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته







أموووونة 03-10-2009 11:58 PM

يوسف عليه السلام



4 - توجه الأبناء لأبيهميطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم.

قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَتَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَاغَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّيلَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْعَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌإِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ

دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي،وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟

أيمكن أن يكونيوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبه وننصح لهونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟ أفضل لصحته الخروج واللعب والانطلاق.. انظر إلى وجهه الأصفر من فرط البقاء في البيت.. إن لون الطفل يشحب لأنه لا يمارس فيطفولته اللعب.

وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه، ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقهوخوفه عليه من الذئاب:

قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِوَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ

ففندوافكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.. نحن عشرة من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحنكثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.. لن يأكله الذئب ولا داعي للخوفعليه.

وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضيمشيئته
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 05-10-2009 01:03 AM

يوسف عليه السلام


5 - تنفيذ الخطة

وفي الصباح، خرج الأبناء جميعًا ومعهم يوسف -عليه السلام- إلى الصحراء، ليرعوا أغنامهم، وما إن ابتعدوا به عن أبيهم حتى تهيأت لهم الفرصة لتنفيذ اتفاقهم، فساروا حتى وصلوا إلى البئر
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنيَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَـتُـنَـبِّـأَنَّهُمبِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
فاختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه
وخلعوا ملابسه ثم ألقوه فيها، وشعر يوسف بالخوف، والفزع،
وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج مما دبروا له فلا يخاف.. وأنه سيلقاهم بعد يومهمهذا وينبئهم بما فعلوه.

وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 06-10-2009 12:06 AM

يوسف عليه السلام


6 – عودة الأبناء
وبعد أن نفذ إخوة يوسف مؤامرتهم، جلسوا يفكرون فيما سيقولون لأبيهم عندما يسألهم، فاتفقوا على أن يقولوا لأبيهم إن الذئب قد أكله، واخلعوا يوسف قميصه، وذبحوا شاة، ولطخوا بدمها قميص يوسف
وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاءيَبْكُونَ (16) قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَايُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَاوَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ.


عندالعشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة.

لقد ألهاهمالحقد الفائر عن سبك الكذبة، فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التييأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم! ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون ألاتواتيهم الفرصة مرة أخرى. كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب المكشوفة دليلا علىالتسرع، وقد اكن أبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها، ويكادون يتهكمون بها. فلم يكنمن المستساغ أن يذهبوا في الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه امس! وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا في انفعالهمأن يمزقوا قميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما، ولكن ملطخا بالدم.. وانتهىكلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْكُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن لما نقوله، ولو كان هو الصدق، لأنك تشك فيناولا تطمئن لما نقوله.

أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومنالأكذوبة الواضحة، أن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما، وأنهم يلفقونله قصة لم تقع، فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهمارتكابه؛ وأنه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو، مستعينا بالله علىما يلفقونه من حيل وأكاذيب:

قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْأَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

‪Meṧђ 06-10-2009 03:48 AM

يعطيك ربي آلعآفيه ..} وجعله فيـ موآزين حسنآتك ..


....

أموووونة 07-10-2009 09:23 PM

http://www2.0zz0.com/2009/07/05/17/286079139.gif



يوسف عليه السلام




7 - محنة يوسف بالبئر
وَجَاءتْسَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَـذَاغُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَالزَّاهِدِينَ

أثناء وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة.. قافلة في طريقهاإلى مصر.. قافلة كبيرة.. سارت طويلا حتى سميت سيارة.. كلها تتجه إلى البئر.. توقفواللتزود بالماء.. أدلى الدلو في البئر.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاه أنه امتلأ بالماءفسحبه.. يا للبشرى! هذا غلام.. حكمه حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصيرعبدا لمن التقطه.. هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد.

فرح به من وجده فيالبداية، ثم زهد فيه حين فكر في همه ومسئوليته، وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا.. وعول على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوقالرقيق بثمن بخس دراهم معدودة. ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليهالأهمية.

انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم، لبتدأ المحنةالثانية، والفصل الثاني من حياته.
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أموووونة 09-10-2009 12:33 AM

http://www5.0zz0.com/2009/06/10/11/393349713.gif


يوسف عليه السلام


8 -عيشة كريمة

وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَلاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًاوَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِالأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَيَعْلَمُونَ

انظر كيف يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. ألقي في البئر، أهين، حرم من أبيه، التقط منالبئر، صار عبدا يباع في الأسواق، اشتراه رجل من مصر، صار مملوكا لهذا الرجل.. انطبقت المأساة، وصار يوسف بلا حول ولا قوة.. هكذا يظن أي إنسان.. غير أن الحقيقةشيء يختلف عن الظن تماما.

ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة.. كان هو أولسلم يصعده يوسف في طريقه إلى مجده.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) .. ينفذتدبيره رغم تدبير الآخرين. ينفذ من خلاله تدبير الآخرين فيفسده ويتحقق وعد الله،وقد وعد الله يوسف بالنبوة.

وها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه.. وها هو ذا السيد يقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا. وليس هذاالسيد رجلا هين الشأن.. إنما هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة في مصر..
وزير من وزراء مصر اسمه العزيز وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض فأصبح محاطًا بعطف العزيز ورعايته.
ومنذ هذا اليوم ويوسف يعيش عيشة هانئة راضية يحبه أهل هذا البيت, فهو في دار العزيز أحد وجهاء مصر وامرأته "زليخة" بنت أخت الملك الريان بن الوليد ملك مصر.

نشأ يوسف نشأة عظيمة وأصبح شابا جميلا, بديع الجمال والبهاء مما جعل النساء ينظرن إلى جماله وبهائه, وكان ممن نظر إليه زليخة امرأة العزيز
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أموووونة 10-10-2009 08:45 PM

يوسف عليه السلام



9 - يوسف نبي من سلالة الأنبياء
وكانت امرأة العزيز تراقب يوسف يومًا بعد يوم، وازداد إعجابها به لحظة بعد أخرى، فبدأت تظهر له هذا الحب بطريق الإشارة والتعريض، لكن يوسف -عليه السلام- كان يعرض عنها، ويتغافل عن أفعالها، فأخذت المرأة تفكر كيف تغري يوسف بها.

وذات يوم، انتهزت فرصة غياب زوجها عن القصر، فتعطرت وتزينت، ولبست أحسن الثياب، وغلقت الأبواب ودعت يوسف حتى أدخلته حجرتها، وطلبت منه أن يفعل معها الفاحشة.
لكن يسوف بعفته وطهارته امتنع عما أرادت، ورد عليها ردًّا بليغًا حيث قال: ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) [يوسف: 23].
ثم أسرع يوسف -عليه السلام- ناحية الباب يريد الخروج من المكان، لكن امرأة العزيز لم تدع الفرصة تفوتها، فجرت خلفه، لتمنعه من الخروج، وأمسكت بقميصه فتمزق.
وفجأة، حضر زوجها العزيز، وتأزم الموقف، وزاد الحرج، لكن امرأة العزيز تخلصت من حرج موقفها أمام زوجها، فاتهمت يوسف بالخيانة ومحاولة الاعتداء عليها، وقالت لزوجها: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[يوسف: 25].
وأمام هذا الاتهام، كان على يوسف أن يدافع عن نفسه، فقال: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي)[يوسف: 26].
فاحتكم الزوج إلى رجل من أهل المرأة، فقال الرجل من غير تردد انظروا: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ )[يوسف: 26-27].
فالتفت الزوج إلى امرأته، وقال لها: (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ )[يوسف: 28]، ثم طلب العزيز من يوسف أن يهمل هذا الموضوع، ولا يتحدث به أمام أحد، ثم طلب من زوجته أن تستغفر من ذنبها وخطيئتها.
وحاولت أن تجعله خائنا لسيّده العزيز ولكن يوسف نبي من سلالة الأنبياء, عصمه ربه وحماه من الفاحشة, ومن مكر النساء, فهو سيّد النجباء, والسبعة الأتقياء الذين قال عنهم الرسول محمد خاتم الأنبياء:

"سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
إمام عادل

ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عينينه

ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه

ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه

ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقته يمينه

وشاب نشأ في عبادة الله

ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله.

رواه البخاري في صحيحه10\36\660, ومسلم والترمذي والنسائي ومالك وأحمد.

لما كان يوسف أحد هؤلاء السبعة الذين تحدث عنهم رسول الله فقد رفض خيانة سيده العزيز, وعصى أمر زوجته "زليخة" وقال لها منكرا ما تريد:{ معاذ الله انه ربي} يقصد زوجها صاحب المنزل, ثم استكمل يوسف حديثه فقال: انه أحسن الي وأكرم مقامي عنده وفي فعلي هذا الذي تدعينني له ظلم,{ انه ربي أحسن مثواي لكنه لا يفلح الظالمون}.

وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 11-10-2009 09:34 PM






10 – كيد النساء
واتفق الجميع على أن يظل هذا الفعل سرًّا لا يعرفه أحد، ومع ذلك فقد شاع خبر مراودة امرأة العزيز ليوسف، وطلبها للفاحشة، وانتشر في القصر وتحدث نساء المدينة بما فعلته امرأة العزيز مع فتاها،( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) يوسف 30

وعلمت امرأة العزيز بما قالته النسوة عنها، وخاصة أنهن نساء الأمراء والكبراء, فقد طعنوا فيها وعابوا عليها, وشنعوا بها. فغضبت غضبًا شديدًا، وأرادت أن تظهر لهن عذرها، وأن جمال يوسف وحسن صورته هما اللذان جعلاها تفعل ذلك وأنهن لو شاهدن يوسف وما عليه من جمال لفعلوا مثل ما فعلت,
ففكرت في حيلة تثبت من خلالها صدق ما فعلت, كي يعذرها النسوة, لأنها متأكدة من أن ما عليه هذا النبي الكريم يجعل الفتنة في قلوب النساء,( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا)يوسف 31
فأرسلت لهن دعوة للغداء جامعة في منزلها, وأعدّت لهن مجلسا مريحا جميلا, وضيافة رائعة, وأحضرت من جملة ما أحضرت من الطعام وأدواته سكاكين يقطعن بها فاكهة وطعاما, وآتت كل واحدة منهم سكينا, وهيأت يوسف عليه السلام وألبسته أحسن الثياب, وكان في ريعان شبابه مليئا بكل تقاسيم الجمال, وأمرته أن يخرج عليهن وهو بكامل زينته وجماله فخرج عليهن وهو بدر في جماله, وروعة في ثيابه وشبابه.

فلما رأته النساء وهن في مجلس زليخا أعظمنه وأجللنه, وأخذتهن الهيبة والدهشة من فرط جماله وحسنه, وجعلت النسوة يقطعن أيديهن بالسكاكين ولا يشعرن بالجراح اللاتي أصابتهن من يوسف وقد وصف القرآن الكريم هذا المشهد فجاءت الآيات تقول:


(وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ)يوسف 31

وقالت زليخا للنساء:{ فذلكن الذي لمتنني فيه} فعذرت النساء زليخا التي مدحت يوسف ووصفته بالطهارة والعفة, ولكن يوسف لم يستمع إلى حديثهن ودعوتهن له إلى طاعة سيدته, وقد هددته زليخا بإدخاله السجن إن لم يكن لها من الطائعين, {
(قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ )[يوسف: 32].
وكادت تحدث فتنة في المدينة بسبب عشق النساء ليوسف، فرأى القائمون على الأمر في مصر أن يسجن يوسف إلى حين

وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 12-10-2009 09:30 PM



11 – دخول يوسف السجن

استجار يوسف بربه ودعاه دعاء خالصا, بأن يخلصه من بين أيدي النساء, وقال في هذا الدعاء:{ (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ }. يوسف 33.

قال مناجيا ربه: يا رب إن تركتني لنفسي, فليس لي من نفسي إلا العجز والضعف, ولا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله, فأنا ضعيف إلا ما قويتني وعصمتني وحفظتني بحولك وقوتك.



عند ذلك استجاب الله عز وجل لدعاء نبيه يوسف عليه السلام فقد فضل السجن على المعصية, معصية الله عز وجل, ولقد اعتبر يوسف عليه السلام أن السجن رحمة من الله عز وجل, وطريق يسلكه إلى الطاعة ويعصم نفسه بدخول السجن من المعصية.



ودخل يوسف السجن رغم ثبوت براءته عند العزيز, إلا أن العزيز وامرأته بدا لهم من الرأي أن دخول يوسف السجن ولو لوقت قصير يقلل من كلام الناس حولهم, وحكي أن يوسف عليه السلام لما دعا ربه قائلا:{ السجن أحب إلي} أوحى الله إليه:" يا يوسف! أنت حبست نفسك حيث قلت السجن أحب إلي, ولو قلت العافية أحب إلي لعوفيت. القرطبي ج9 الآيتان 33-34 ص 121 .




اقتاد الناس يوسف إلى السجن مظلوما, فحمل مقيدا على ظهر حمار, وطيف به وقد قال بعضهم: "هذا جزاء من يعصي سيدته" أما يوسف فكان يقول: هذا السجن أيسر وأهون من مقطعات النيران, وسرابيل القطران, وشراب الحميم في جهنم, والأكل من شجرة الزقوم في جهنم والعياذ بالله,
فلما وصل يوسف السجن وجد قوما قد انقطع رجاؤهم, واشتد بلاؤهم, فيومهم عمل شاق, ومذلة وتعذيب فقدوا من خلاله كرامتهم وعزتهم, واكتوت ظهورهم بسياط السجانين وظلمهم, واختلط فيهم المظلوم بالظالم والجاني بالبريء.

وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 13-10-2009 11:52 PM

يوسف عليه السلام



12 – يوسف بالسجن



رأى يوسف حالتهم هذه, فتقدم اليهم وقال لهم: اصبروا وأبشروا تؤجروا, فقالوا له: يا فتى! ما أحسن حديثك! لقد بورك لنا في جوارك, من أنت يا فتى؟ قال: أنا يوسف ابن صفي الله وحبيبه يعقوب, ابن نبي الله اسحاق, ابن خليل الله ابراهيم عليه السلام.



أصبح يوسف في السجن وقد رأى الناس على حال يرثى لها فمنهم الحزين ومنهم المريض والجريح, فكان يعزي فيه الحزين, فلا يتركه حتى يذهب عنه الحزن والبأس, وكان يعود المريض, فيخفف عنه آلامه, ويداوي الجريح حتى يشفى من جراحه, وكان يوسف عليه السلام يصلي الليل كله قائما خاشعا لله عز وجل الذي أنعم عليه ونجاه من فتنة النساء.



وكان يقف بين يدي ربه باكيا حتى تبكي معه جدر البيوت وسقفها والأبواب من شدة خشوعه وخوفه من الله عز وجل, حتى طهر به السجن, واستأنس به أهل السجن, فكان اذا خرج الرجل من السجن رجع حتى يجلس في السجن مع يوسف!


وقد نشأت علاقة ود شديدة وحب صادق بين يوسف وقائد السجن وصاحبه فوسّع عليه فيه, وأكمل له سبل الراحة, وقال له ذات يوم:


يا يوسف! لقد أحببتك حبا لم أحب شيئا مثل حبك!!


قال يوسف: أعوذ بالله من حبك.


قال قائد السجن: ولم تقول ذلك يا يوسف؟ وظن الرجل أن يوسف يرفض منه هذا الشعور الطيّب والود الخالص ولكن يوسف استدرك قائلا:" أحبني أبي ففعل بي اخوتي ما فعلوه".


يقصد أن اخوته ثارت غيرتهم عليه لما أحبه أبوه واستدرجوه الى البئر وألقوه فيه, وقالوا لأبيهم ان يوسف أكله الذئب وتبع ذلك بيعه للعزيز بعد اخراجه من البئر.


ثم قال يوسف: وأحبتني سيدتي فنزل بي ما ترى.


تبسّم صاحب السجن ولكن حديث يوسف عليه السلام لم ينقص الود بينهما فكانا يلتقيان دوما ويسمران, وأصبحت شخصية يوسف دواء يشفي جراح المساجين, ويهون كروبهم وهمومهم, فاذا أصبح أهل السجن بحثوا عن يوسف ليستبشروا به, وشاوروه في آمالهم وأحلامهم, وحكّموه في خصامهم, وقبلوا حكمه بروح طيبة ونفس عالية, وأصبح السجن ليوسف ومن معه روضة جميلة, واسعة اتساع الحرية, هنيئة هناء الطاعة والعبادة, وانصرفت مشيئة الله الا يكون سجن يوسف سجنا بل رحمة وحرية الى الطاعة, وذلك أرحم من سجن المعصية, فالذنب الذي يرتكبه الانسان يسجنه طوال عمره فيه أما الحرية فهي في عفة النفس اللسان واحترامها, فليست الجدران وحدها هي السجن, وانما السجن هو سجن النفس المذنبة الذليلة.


وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 14-10-2009 11:32 PM

يوسف عليه السلام




13. صاحبي السجن

(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )[يوسف: 36]

ظل يوسف في حبسه وسجنه راضي النفس قانعا بقضاء الله والذي هو خير له, ولما طالت أيام السجن أصبح ليوسف صحبة أصحاب, ومن أصحابه الذين كانوا يلازمونه فتيان أحدهما اسمه "مجلب" والآخر " نبوا" كان يوسف يودهما كما يود أصحابه في السجن ويحبهما كما يحب أهل السجن جميعا مما زاد في التصاقهما به, ودوام مجالسته والتحدث إليه في كل أمر يخطر ببالهما. لم يكن يعلم يوسف سبب سجنهما, ومع دورة الأيام والزمن علم السبب فقد كان الملك الوليد بن الريان ملك مصر طويل العمر والملك, وأمضى زمنا طويلا في ملكه ما جعل الناس يملون ملكه فكادوا له, وبدأ الكيد من جماعة من مصر فأرادوا المكر بالملك واغتياله فدسوا إلى هذين الغلامين وأرسلوا لهما من يفاوضهما في الأمر, فقد كان "مجلب" صاحب الطعام وخباز الملك وطباخه الذي يقدم له الطعام كل يوم ويطعمه, أما "نبوا" فقد كان ساقيه يقدم له الشراب بأنواعه, ولا يأمن الوليد لغيرهما في تقديم الطعام والشراب له سواء أكان وحيدا أو مع حاشيته وضيوفه. جاءهما جماعة من مصر وعرضوا عليهما مالا كثيرا وبساتين ومزارع جميلة إذا هما دسا السم في طعام الوليد, وضمنا لهما السلامة من أي خطر قد يتعرضان له, طالت المفاوضات, وبعدها وافق "مجلب" سريعا وتردد "نبوا" كثيرا, وفي النهاية وافقا على طلب هؤلاء الناس وحصلا على بعض المال منهم.



جاء موعد غداء الملك في اليوم التالي, فدس مجلب السم في الطعام وعمل بما اتفق عليه مع المصريين المعارضين للملك الوليد بن الريان والراغبين في اغتياله ليخلو لهم حكم مصر, أما نبوا فقد حفظ عشرة سيده ورغب ألا يخون الأمانة, فلم يضع سما في شراب الملك.



حمل كل منهما ما يخصه من الطعام والشراب فتقدم مجلب بمائدة طعام الملك وحمل نبوا أواني الشرب ودخل على مليكه, وامتدت يد الوليد بن الريان للطعام فصرخ نبوا قائلا:" لا تأكل يا مولاي ففي الطعام سم وضعه مجلب"!! تراجع الملك ورفع يده فورا عن الطعام بعد أن امسك به, ونظر الى مجلب في دهشة, وتنقل بصره بين مجلب ونبوا, وقال موجها حديثه لنبوا وقد وقف مجلب يرتعد من شدة الخوف, قال: ما تقول يا نبوا؟!



قال نبوا: أقول يا مولاي إن الطعام الذي أمامك مسموم فقد دس مجلب السم فيه.



فقال الملك: وأنت ماذا فعلت يا نبوا؟ أوضعت السم في الشراب؟



فقال نبوا: حاشا لله يا مولاي, فأنت ولي نعمتي, ومليكي الذي أرتع في قصوره, وأسعد بجواره, وأكرّم نفسي من أمواله, هل يعقل أن أخون كل هذا يا مولاي؟



فقال الملك وهو ينظر الى مجلب نظرة قاسية:



إذن.. تناول الشراب واشربه يا نبوا!!



شرب نبوا كأس الملك وأتبعه بكأس آخر, ووقف هادئا سليما لم يصبه شيء من الأذى لأن الشراب كان خاليا من السم وطازجا.



اعتدل الملك في جلسته, ونادى مجلب كي يقترب منه قليلا, وقال له: كل من هذا الطعام يا مجلب.



قال مجلب وهو يرتعش وقد تصبب عرقا: لا أستطيع أيها الملك لا أستطيع, اعفني من هذه المهمة.



صرخ الملك في مجلب قائلا:



أيها الخائن, أنت تعرف أن الطعام مسموم, أتخاف من الموت الآن, وقد أردت أن تقتلني, قل لي من وضع السم في هذا الطعام؟



تأتأ مجلب وارتبك وقال في تردد وخوف: لا..لا أدري.



نادى الملك جميع حراسه, وقال: اقبضوا على هؤلاء وأحضروا لي حيوانا أو دابة تأكل من هذا الطعام.



أحضر الحراس حصانا كبير السن وجعلوه يأكل من الطعام المسموم ولما أكل صهل بصوت عال صهلة وسقط على الأرض ميتا, عندئذ تأكد الملك من صدق نبوا وقبض على مجلب ومعه نبوا وأجريت معهما التحقيقات التي أدانتهما إدانة شديدة, مجلب وضع الطعام مسموما أمام الملك ولم يحفظ الأمانة التي ائتمنه عليها الملك وهي حياته, فمن يأمن لإنسان أن يقدم له طعامه, فإنه يأمنه على حياته وعمره, ونبوا اتهم أيضا بأنه كان على علم بالمؤامرة وتأخر في الإبلاغ عنها حتى اللحظات الأخيرة.



وسيق الاثنان إلى السجن ليقضيا عقوبة رادعة, بعد أن نجيا من حكم الإعدام, وهناك في السجن أصبحا مع يوسف عليه السلام في كل مكان يجلس فيه صباحا ومساءا.



وذات يوم جلس الفتيان إلى جوار يوسف وقد أهمهما أمر وشغلهما, وساد فيهم صمت لوقت قصير قطعه نبوا بقوله:



ما علمك الذي تعلمه يا يوسف؟



فقال يوسف: أني أعبّر الرؤيا وأفسرها تفسيرا كاملا بأمر الله.



عاد الجميع إلى صمتهم الأول ونظر يوسف في وجه نبوا ومجلب فوجدهما مكروبين مهمومين, كأن بهما كربا أو أصابتهما صائبة أو مصيبة, عندئذ بادرهما يوسف عليه السلام بقوله: ما لي أراكما مكروبين؟ القرطبي ج 9 ص 36-38.



قالا: إنا رأينا في المنام ما كرهنا أن نراه.



قال يوسف: وما هو؟ قصا عليّ ما رأيتما.



تردد الفتيان لحظة في الحديث ثم استهل مجلب الخباز حديثه قائلا:



أتنبئنا يا يوسف بتأويل وتفسير ما رأينا؟



قال يوسف: نعم لقد قلت لكما أنني أستطيع أن أنبئكما به إن شاء الله تعالى..



قال مجلب على الفور:



رأيت كأنني اخترت وصنعت خبزا في ثلاثة أفران لصناعة الخبز وجعلت الخبز في ثلاث سلال, فوضعته على رأسي فجاء الطير تأكل منه.

وقال نبوا ليوسف:


رأيت كأني أخذت ثلاثة عناقيد من عنب أبيض, فعصرتهن في ثلاث أوان, ثم صفيته فسقيت الملك كعادتي فيما مضى, صمت يوسف قليلا وقد رأى صاحبيه ينتظران على شوق تفسير حلميهما العجيبين,و تغيّر لونه لما سمع الرؤيا, عندئذ أعاد نبوا رؤياه بصيغة أخرى فقال ليوسف: أيها العالم رأيت كأني في بستان فإذا أنا أقف تحت كرمة عنب عليه ثلاث عناقيد فجنيتها, وكان كأس الملك بيدي فعصرتها وسقيت الملك شربة. عرائس المجالس للثعلبي ص 108.



نظر إليه يوسف عليه السلام, عرف أنه يستعجل التفسير, ونظر بإشفاق إلى مجلب الذي لم يشأ أن يكرر سرد رؤياه عليه مثل ما فعل نبوا.



كره يوسف عليه السلام أن يعبر ويفسر لهما ما سألاه عن الرؤيا لما علم في ذلك من المكروه الذي سيقع على أحدهما وهو مجلب, فقد كان تفسير رؤياه مشقة عليه لا يبشر بخير, لهذا السبب أعرض يوسف عليه السلام وامتنع عن تفسير الرؤيا وبدأ يتحدث في أمر آخر فيه إعراض عن الخوض في تفسير الرؤيا, وفيه دعوة لإسلام أهل السجن وهو كفار.



رتب يوسف عليه السلام أفكاره, وجعل همه الأول هو الدعوة لله عز وجل لأن ما عنده من علم هو من الله عز وجل لا يستطيع أن يدعي أو أن يقول أن ما عندي من تفسير للرؤيا هو من علمي الذي جاء من أفكاري, وليجعل في قلوب هؤلاء الأصحاب الذين يعيشون معه في السجن شيئا من الإيمان والتقوى, تستقيم معه شروط صدق الرؤيا, فإيمان الإنسان وصدقه يجعل رؤياه صادقة, فلن تجد رؤيا صادقة لإنسان كاذب أو عاص لله عز وجل, الرؤيا الصادقة نعمة من الله, والمعصية تحرم الإنسان من هذه النعمة, فالمعاصي تزيل النعم وتقضي عليها, والطاعات تجلب الخير والسعادة للناس جميعا, لهذا اتجه يوسف اتجاها مغايرا في حديثه قبل أن يفسر الرؤيا.



بيّن يوسف لصاحبي السجن أن الله خصه بعلم عظيم, ومن هذا العلم قال يوسف:{ لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما}.

فقالا له: هذا من فعل العرّافين والكهنة.

فقال يوسف: ما أنا بكاهن, وإنما ذلك مما علمنيه ربي, إني لا أخبركما به تكهنا وتنجيما, بل هو بوحي من الله عز وجل. تفسير القرطبي ج9 ص 127.

وبيّن لهم يوسف عليه السلام دينه ومذهبه, وقال لهما: إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت دين وملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب وكلهم أنبياء مؤمنون موحدون لله عز وجل وما ينبغي لي ولا لآبائي أن نشرك بالله من شيء, وهذا الإيمان فضل من الله علينا أن عصمنا من الشرّ كله, وزيّن لنا فعل الخيرات للناس, ومن فضل الله علينا أن جعلنا أنبياء صالحين, وفضله سبحانه عز وجل على الناس وهم عباده الصالحين, ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على ما أتاهم من نعمة وفضل تحيط بهم ولا يشعرون بها.

استمع الفتيان لحديث يوسف عليه السلام وقد تشوّقا لتأويل الرؤيا, ولكن يوسف لم ينه دعوته ورسالته لهما بعد بل مضى يقول:


{ يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} بأي صفة تحبون أن يكون لكم رب تعبدونه؟ أتحبون أن تعبدوا آلهة متفرقة في العدد والسن؟ إنها أصنام تلك التي تعبدونها لا تضر ولا تنفع, أهذه الأصنام خير لكم أم الله الواحد القهار الذي قهر كل شيء, إن الآلهة المتفرقة تتفرّق في الإرادة, ولو كانوا كذلك لعلا اله على اله, ولتصارعت كل واحدة مع الأخرى.



إن ما تعبدونه من أصنام يا صاحبي السجن من دون الله عز وجل ليست من الإلوهية في شيء, وما هي إلا أسماء سميتموها أنتم, لأنها جماد لا يتكلم ولا يعقل.



تحدث يوسف عن الإيمان والعقيدة والربوبية والطاعة فهذه رسالته في الدنيا شأنه شأن أي نبي, يدعو الناس لعبادة الله الواحد القهار, ويدعوهم للتوحيد والطاعة, والإيمان بأن الربوبية لله, ولا يعبد الناس إلا الله من خلال هذا الدين القيّم.

وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 16-10-2009 01:17 AM

يوسف عليه السلام

14 - تفسير الرؤيا

قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام:{ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ }. يوسف 41.

بعد أن دعاهما دعوة الإيمان, وبيّن لهما فطنته ودرايته, وميز لهما بين تلك الأصنام التي لا تنفع ولا تضر, وبين الله الواحد القهار الذي لا إله سواه ولا شريك له في الملك, وهو على كل شيء قدير. بعد كل هذا بدأ يوسف عليه السلام في تفسير الرؤيا فقال موجها حديثه للساقي: إنك ترد إلى عملك الذي كنت فيه وهو سقاية الملك بعد ثلاثة أيام.

وقال للآخر: أما أنت فتدعى بعد ثلاثة أيام فتصلب فتأكل الطير من رأسك.

نظر مجلب ونبوا في يوسف وتفحصا بعضهما بعضا من المفاجأة.

وارتعد نبوا خوفا وقال: والله ما رأيت شيئا وإن هذه الرؤيا كذبنا بها عليك لنعرف مدى فراستك في تفسير الأحلام.


وقال الثاني: ما رأينا شيئا إنما كنا نلعب ونجرّب عملك هذا.

فقال يوسف عليه السلام في حزم شديد.

{ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } يوسف 41.

أي انتهى الأمر ولا جدال مرّة أخرى.

وقال يوسف في سلام لنبوا وهو الساقي الذي ظن أنه سينجو من الموت ويعود إلى حالته الأولى مع الملك الوليد بن الريان, فيدخل قصره ويكون ساقيه مرة أخرى, قال له يوسف:

{ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } يوسف 42
أي تحدث عني عند سيدك, واذكر له ما رأيته من حالي, وما أنا عليه من تفسير الرؤيا, وأخبره أني محبوس بلا ذنب, وقد كان لهذا الطلب من يوسف عتاب شديد إذ استعان وهو في محنته ببشر ولم يستعن بالله عز وجل. وقد ذكر العلماء أن يوسف ظل في السجن بضع سنين وجاء ذلك في الآية الكريمة:
{فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} يوسف 42

وذكر المفسرون أن جبريل عليه السلام, دخل على يوسف عليه السلام في السجن, فعرفه يوسف, فقال جبريل: يا أخا المنذرين! ما لي أراك من الخاطئين؟! وقال جبريل أيضا: يا طاهر ابن الطاهرين! يقرئك السلام رب العالمين ويقول: أما استحييت إذ استغثت بالآدميين؟! وعزتي وجلالي! لتلبث في السجن بضع سنين.



فقال يوسف: يا جبريل أهو عني راض؟

قال جبريل: نعم!

فقال يوسف: لا أبالي الساعة. تفسير القرطبي الجزء التاسع ص 128.

وروي أن جبريل عليه السلام جاءه فعاتبه عن الله تعالى في ذلك, وطوّل سجنه, وقال له: يا يوسف من خلصك من القتل من أيدي إخوتك؟!
قال يوسف الله تعالى

فقال له: من أخرجك من البئر؟

قال يوسف: الله تعالى.

قال جبريل: فمن عصمك من الفاحشة؟

قال يوسف: الله تعالى.

قال جبريل: يا يوسف فمن صرف عنك كيد النساء؟

قال يوسف: الله تعالى.

فقال جبريل: فكيف وثقت بمخلوق وتركت ربك فلم تسأله؟!. تفسير القرطبي ج9 ص 129.

قال يوسف: " يا رب كلمة زلت مني".



وجعل يوسف عليه السلام يتوسل إلى ربه ويدعوه ويقول: أسألك يا اله إبراهيم واسحق والشيخ يعقوب عليهم السلام أن ترحمني.

فقال له جبريل: فان عقوبتك يا يوسف أن تظل في السجن بضع سنين.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه الصلاة والسلام:" رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال:{ واذكرني عند ربك} ما لبث في السجن بضع سنين".

لهذا ظل يوسف في السجن سبع سنين, وكان يمكن أن يخرج قبل هذا لولا كلمته للساقي بأن يذكره عند الملك, ليعلم ما وقع عليه من ظلم, وما أوتي من علم في تفسير الرؤيا وتعبيرها تعبيرا صحيحا بفضل الله وإرادته عز وجل.

ظل يوسف ينتظر الفرج, فرج الله عز وجل كي يخرج من السجن بعد هذه التجربة الكبيرة, وقد كان السجن له في البداية رحمة وتفضيلا فضله يوسف على كيد النساء عندما اختار قائلا:

{ رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه}.

وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 16-10-2009 09:58 PM

يوسف عليه السلام

15 - رؤيا الملك وخروج يوسف من السجن



انصرفت مشيئة الله أن يخرج يوسف من السجن, ودنى فرج الله على يوسف, فقد رأى الملك الوليد بن الريان رؤياه التي تسببت في خروج يوسف من السجن, فنزل جبريل فسلم على يوسف وبشره بالفرج, وأن إرادة الله قد انصرفت كي يخرج من السجن.



وقال جبريل: إن الله مخرجك من سجنك, وممكن لك في الأرض, يذل لك ملوكها, ويطيعك جبابرتها, ومعطيك الكلمة العليا على إخوتك وذلك بسبب رؤيا رآها الملك.



والرؤيا تقول أن الملك الأكبر الريان بن الوليد رأى في نومه كأنه خرج من نهر يابس سبع بقرات سمان, كبيرات الحجم, يكاد اللحم يسقط من جوانب كل واحدة من كثرة السمنة, وهذه البقرات السبع تطاردهن سبع عجاف هزيلات ضعيفات لا يظهر منهن سوى الهيكل العظمي, وظلت تطاردهن حتى أمسكت كل بقرة من البقرات الضعاف الهزيلات ببقرة من السمان في آذانها وأكلتها فلم تبق منها إلا القرنين, ورأى الملك سبع سنبلات قمح خضراء قد أقبل عليهن سبع سنبلات يابسات فأكلتهن حتى أتين عليهن فلم يبق منهن شيء وهن يابسات, وكذلك البقرات السبع كن عجافا ضعافا هزيلات حتى بعد أن أكلن البقرات السمان.



استيقظ الملك الريان من نومه فزعا خائفا فقد هالته الرؤيا وأخافته, فكيف يرى الإنسان بقرة ضعيفة هزيلة تأكل بقرة سمينة ضخمة مكتنزة باللحم,

ترك الملك فراشه على الفور وارتدى ملابسه مسرعا وغادر غرفة نومه إلى ديوانه ومجلسه, حتى رآه وزراؤه على هذه الحالة وحاشيته, ولما أخذ مجلسه نظر إلى الحضور في قلق وبدأ يقصّ رؤياه على الحاضرين فقال:

{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ }. يوسف 43.

كان مجلسه جامعا, فقد أرسل إلى الناس وأهل العلم منهم والعرّافة والكهانة والنجامة والسحرة, وأشراف قومه. فلما توجه إليهم بالأمر وطلب أن يفسروا رؤياه وقال:

{ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ }. يوسف 43.

أجابوا جميعا إجابة واحدة قالوا فيها إنها مجرد أحلام خاطئة وهي أشياء مختلطة عليك أيها الملك وأنت نائم, وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين, أي لا نعرف تفسير الأحلام لأنها مجرّد أشياء وأحداث مختلطة يتخيلها النائم في نومه.
(قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ) يوسف 44.


قطع كل هذه الأصوات صوت نبوا ساقي الملك الذي خرج من السجن منذ فترة وجيزة وقال في صوت واثق حازم بعد أن تذكر حاجة يوسف التي نسيها سنوات عديدة عندما قال له يوسف:

{ اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } يوسف 42 أي عند ملكك.

قال: أنا أنبئكم بتأويل هذه الرؤيا وتفسيرها, وأعرف من يفسرها لك أيها الملك بدقة. فوافق الملك على طلب الساقي.


فقال الساقي: أرسلني إلى السجن بعيدا عن المدينة, فبعثوه فأتى بيوسف فقال له: أيها الصديق الصادق في تفسير وتأويل الرؤيا أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف, وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون.
{يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ }يوسف 46.

فقال يوسف عليه السلام: تزرعون سبع سنين, فالسبع بقرات سبع سنين تزرعون فيهن فيأتي المحصول عاليا, وتكون هذه السنوات السبع الأولى سنوات خير, وعليكم بترك ما يزيد عن حاجتكم في سنبله حتى لا يفسد عند تخزينه فترة زمنية طويلة, لأن السبع سنوات التالية لها ستكون شديدة لا زرع ولا محصول فيها. فتأكلون ما تم تخزينه من السبع الأولى, فإذا حبستم بذور القمح في سنابلها ستجدونه سليما, تصنعون منه طعامكم ولا تحدث بينكم مجاعة أو هلاك.
{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ - ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ} يوسف 47 - 48


وأضاف يوسف لرؤيا الملك شيئا من عنده يدل على ما أتاه الله من علم للغيب يتجاوز حتى رؤيا الملك التي فسرها تفسيرا صادقا تؤكده الأيام والسنون.
أضاف يوسف قائلا:{ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }. يوسف 49

يغاث فيه الناس بالمطر والخير الكثير الوافر حتى أنهم في هذا العام يعصرون العنب خمرا والسمسم دهنا, والزيتون زيتا, وتحلب الألبان لكثرتها في ضروع الماشية, ويدل ذلك على كثرة النبات وعلى كثرة ووفرة الغيث, ونجاة الناس مما كانوا فيه من حاجة.

وبهذا العام الذي أضافه يوسف عليه السلام لرؤيا الملك الذي تحدث فيه عن سبع وسبع أي أربعة عشر عاما أضاف يوسف عليه السلام عامه إظهارا لفضله, وإعلاما لمكانته العلمية وبمعرفته لعلم الغيب الذي خصه به ربه كما خص عيسى بن مريم أيضا.

عاد الساقي إلى الملك الريان, وقص عليه تأويل يوسف لرؤياه والسنة التي أضافها لرؤياه مما يدل على صدق ما فسر يوسف وأنه واقع بأمر الله لا محالة من ذلك. مما جعل الملك يشعر بمكانة هذا الرجل الصالح والنبي الطاهر يوسف الصديق عليه السلام.

وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أموووونة 17-10-2009 11:39 PM

يوسف عليه السلام

16 - خروج من السجن وبراءة عظيمة

عرف الملك أن الذي قاله يوسف لا بد وأنه واقع لا محالة, فقال لساقيه نبوا وحرسه وأصحاب السجن القائمين عليه:

{ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ } يوسف
50
اذهبوا وأحضروه فورا.

خرج نبوا مسرعا من المدينة قاصدا السجن وقد عرف أنه تأخر على يوسف ولم يذكره إلا بعد بضع سنين.

ولما وصل السجن دخل إلى يوسف مهللا فرحا سعيدا بخروجه من السجن ولكن يوسف رفض أن يذهب إلى الملك قبل أن تظهر براءته، ويعرف الملك ما حدث له من نساء المدينة وتصح براءته عند الملك مما قذف به واتهم به
(فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ )يوسف 50.

رفض يوسف عليه السلام الخروج حتى, ودخل من أجله السجن وهو بريء منه.

رفض يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن بعطف الملك, ويرميه الناس بعدها ويقولون: هذا الذي راود امرأة مولاه.

فأراد يوسف أن يبين براءته, ويحقق منزلته ومكانته من العفة والطهارة والخير.

فرجع رسول الملك نبوا من عند يوسف حاملا رسالته هذه, فلما سمع الملك كلام يوسف, دعا النسوة اللاتي قطعن أيديهن ومعهن امرأة العزيز, وقال ما شأنكن إذ راودتن يوسف عن نفسه
، فقلن معترفات بذنوبهن مقرَّات بخطئهن، ومعلنات عن توبتهن إلى الله: ما رأينا منه سوءًا،
فهو شاب طاهر عفيف النفس حسن الخلق.



ونهضت امرأة العزيز من وسط النسوة وقالت:{ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ } يوسف 51

و يوسف صادق ولم يكذب, فلما سمع يوسف هذا الكلام وهذه البراءة من إمرأة العزيز قال:ليعلم سيدي العزيز أني لم أخنه بالغيب كما قيل عني واتهمني الناس.

عندئذ أصدر الملك قراره بتبرئة يوسف مما أٌتهم به، وأمر بإخراجه من السجن وتكريمه وتقريبه إليه.
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 19-10-2009 09:46 PM





17 – وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض
لما تبين للملك براءة يوسف عليه السلام عرف أمانته وكفايته وديانته وعلمه وعقله,
(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) يوسف 54

ذهب نبوا الساقي ورسول الملك إلى يوسف قال له: أجب الملك الآن.
خرج يوسف من السجن ودعا لأهل السجن بدعاء مشهور قال فيه:

"اللهم عطف قلوب الأخيار, ولا تعم عنهم الأخبار"
وكتب على السجن:

"هذا قبر الأحياء, وبيت الأحزان, وتجربة الأصدقاء, وشماتة الأعداء" العرائس للثعلبي ص 111.

ثم اغتسل يوسف وتنظف, ولبس ثيابا جديدة رائعة, وقصد الى قصر الملك الريان,

وعندما وقف بباب الملك قال:
حسبي ربي من دنياي وحسبي ربي من خلقه عز جاهه وجل ثناؤه ولا إله غيره.

فلما دخل على الملك قال: اللهم اني أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بك من شره وشر غيره.
فنظر إليه الملك وسلم عليه يوسف بالعربية,

فقال له الملك: ما هذه اللغة؟

قال يوسف: هي لغة عمي اسماعيل, ثم دعا له بالعبرانية.

فقال له الملك: ما هذا اللسان؟

قال يوسف: هذا لسان أبي يعقوب.

أعجب الملك بفصاحة يوسف ولغاته كما أعجب بأخلاقه وعفته وكان يوسف قد بلغ الثلاثين عاما,

فأجلسه إلى جواره وقال: إني أحب أن أسمع رؤياي منك بلسانك.
فقال يوسف: نعم أيها الملك,

" لقد رأيت سبع بقرات سمان شهب حسان غير عجاف كشف لك عنهن نهر النيل, فطلعن عليك من شاطئه, ينزل اللبن من ضروعهن, فبينما أنت كذلك تنظر إليهن وقد أعجبك حسنهن اذ نضب النيل, وغار ماؤه, وأصبح قليلا, وظهر قاعه, فخرج من طينه ووحله, سبع بقرات عجاف بطونهن لا تظهر, ليس لهن ضروع من شدة الضعف, ولهن أنياب وأسنان مخيفة, وأضراس وأكف كأكف الكلاب, وخراطيم كخراطيم السباع, فاختلطن بالبقرات السمان وهجمن عليهن وافترسهن افتراس السباع, وأكلن لحمهن, ومزقن جلودهن وحطمن عظامهن,
فبينما أنت تنظر وتتعجب كيف غلبنهن وهن مهازيل ضعاف ثم لم يظهر فيهن سمنة مما أكلن اذا بسبع سنبلات خضر وسبع أخر سود يابسات في منبت واحد جذورهن في التراب والماء,
وبينما تقول في نفسك ما هذا؟ هؤلاء خضر مثمرات وهؤلاء سود يابسات في المنبت واحد
وأصولهن في الماء اذ هبت فردت أوراق السنبلات السود اليابسات على الخضر المثمرات فأشعلت فيهن النار فأحرقتهن وصرن سوادا متغيرات فهذا آخر ما رأيت من الرؤيا, ثم انتبهت مذعورا" العرائس للثعلبي 111-112 .

فقال له الملك: فما ترى في رؤياي أيها الصديق؟
فقال يوسف: أرى أيها الملك أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا في هذه السنين الخصبة وتبني مخازن وتجعل القمح فيها بسنبله وقصبه ليكون أبقى ولا يفسد وقصبة القمح تصبح علفا للدواب. وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمر فيكفيك ما جمعته من طعام لأهل مصر ومن حولها.

ثم يأتيك الناس من كل مكان ليأخذوا مما كنزت لهم من هذا الطعام, فيجتمع عندك من الكنوز ما لا يجتمع لأحد من قبلك.

تبسّم الريّان ونظر ليوسف نظرة اكبار واجلال وقال له: ومن لي بهذا ومن يجمعه ويبيعه لي ويكفيني الشغل فيه؟
فقال يوسف: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)[يوسف: 55].

فوافق الملك على أن يتقلد يوسف هذا المنصب لأمانته وعلمه.
وقال الملك ومن أحق منك؟ و ولاه خزائن الأرض
وقال له:{ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ}. يوسف: 54
وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ يوسف: 56
وفي القصة أن الملك توَّجه وختَّمه وولاه مكان العزيز وعزله ومات بعد ، فزوجه امرأته فوجدها عذراء وولدت له ولدين ، وأقام العدل بمصر ودانت له الرقاب (تفسير الجلالين)

وهكذا هلك العزيز الذي كان على هذه الخزائن قبل يوسف, وزوّج الملك يوسف بامرأة العزيز, وأنجب منها رجلين هما أفراييم بن يوسف, ومنشه بن يوسف, القرطبي ج 9 ص 140,
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أموووونة 20-10-2009 10:17 PM

يوسف عليه السلام




18 - لقاء يوسف بإخوته
وتحققت رؤيا الملك، وانتهت سنوات الرخاء، وبدأت سنوات المجاعة، وجاء الناس من كل مكان في مصر والبلاد المجاورة ليأخذوا حاجتهم من خزائن الملك.
وفي يوم من الأيام، وأثناء توزيع الحبوب على الناس إذا بيوسف أمام رجال يعرفهم بلغتهم وأشكالهم وأسمائهم، وكانت المفاجأة إنهم إخوته إلا بنيامين
جاؤا ليمتاروا لما بلغهم أن عزيز مصر يعطي الطعام بثمنه
وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
يوسف: 58
ووقفوا أمامه دون أن يعرفونه لبعد عهدهم به وظنهم هلاكه فكلموه بالعبرانية
فقال كالمنكر عليهم : ما أقدمكم بلادي ؟
فقالوا : للميرة ،
فقال : لعلكم عيون ،
قالوا : معاذ الله ،
قال : فمن أين أنتم ،
قالوا : من بلاد كنعان وأبونا يعقوب نبي الله ،
قال : وله أولاد غيركم ،
قالوا : نعم ، كنا اثني عشر فذهب أصغرنا هلك في البرية وكان أحبنا إليه وبقي شقيقه فاحتبسه ليتسلى به عنه ،
فأمر بإنزالهم وإكرامهم
وأحسن يوسف إليهم، وأنسوا هم به
ولما جهز يوسف بحاجات الرحلة، ليقضى حاجتهم، ويعطيهم ما يريدون من الطعام،
قال لهم: (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ - فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ).[يوسف: 59-60].
قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم أي بنيامين لأعلم صدقكم فيما قلتم فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي أي ميرة فيضطروا إلى العودة إليه بأخيهم
فأظهروا أن الأمر ليس ميسورا وسوف يمانع
(وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) يوسف: 65
وذهب الإخوة إلى بضاعتهم ليخرجوها ففوجئوا ببضاعتهم الأولى ولم يجدوا قمحا وأن بضاعتهم قد ردت إليهم
فعادوا إلى أبيهم وقالوا: (فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ يوسف: 63
فرفض يعقوب وقال (قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ) يوسف: 64
ما آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل وقد فعلتم به ما فعلتم
(قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) يوسف: 65
ثم أخذوا يحرجون أباهم بالتلويح له بمصلحة أهلهم في الحصول على الطعام
ويؤكدون له عزمهم على حفظ أخيهم
ويرغبونه بزيادة الكيل لأخيهم
فقد كان يوسف يعطي لكل فرد حمل بعير
فقال لهم أبوهم:
(قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) يوسف: 65
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 22-10-2009 12:01 AM

يوسف عليه السلام



19 - وصية يعقوب لأولاده
أرسل يعقوب بنيامين مع أخوته ولم ينس أن يوصيهم في هذا الموقف وينصحهم، فقال لهم:
(وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ )[يوسف: 67].
وسافر الإخوة إلى مصر، ودخلوها من حيث أمرهم أبوهم، ولما وقفوا أمام يوسف، دعا أخاه الصغير، وقربه إليه، واختلى به، وأخبره أنه يوسف أخوه.
ثم وزن البضاعة لإخوته، فلما استعدوا للرحيل والعودة إلى بلادهم، إذا بيوسف يريد أن يستبقي أخاه بجانبه، فأمر فتيانه بوضع السقاية (إناء كان يكيل به) في رحل أخيه الصغير، وعندما بدأت القافلة في الرحيل إذا بمناد ينادي ويشير إليهم: (إنكم لسارقون)

فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ[يوسف: 70].
فأقبل الإخوة يتساءلون عن الذي فقد، فأخبره المنادي أنه فقد مكيال الملك، وقد جعل لمن يأتي به مكافأة قدرها حمل بعير.
وهنا لم يتحمل إخوة يوسف ذلك الاتهام، فدخلوا في حوار ساخن مع يوسف ومن معه، فهم ليسوا سارقين وأقسموا على ذلك.
قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ
يوسف 73
فقال الحراس: (قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ )[يوسف: 74].
هنا ينكشف التدبير الذي ألهمه الله يوسف، فقد كان الحكم السائد في شريعة بني إسرائيل أن السارق يكون عبدًا للمسروق منه، ولما كان يوسف -عليه السلام- يعلم أن هذا هو جزاء السارق في شريعة بني إسرائيل، فقد قبل أن يحتكم إلى شريعتهم دون شريعة المصريين، ووافق إخوته على ذلك لثقتهم في أنفسهم.
فأصدر يوسف الأوامر لعماله بتفتيش أوعية إخوته. فلم يجدوا شيئا، ثم فتشوا وعاء أخيه، فوجدوا فيه إناء الكيل.
قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل أي يوسف فقد سرق لأبي أمِّه صنماً من ذهب فكسره لئلا يعبده
فأسرَّها يوسف في نفسه ولم يظهرها
وقال في نفسه أنتم شرٌّ مكاناً من يوسف وأخيه لسرقتكم أخاكم من أبيكم وظلمكم له والله عالم بما تذكرون من أمره
(قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ)
يوسف: 77
وتذكر إخوة يوسف ما وعدوا به أباهم من عودة أخيهم الصغير إليه، فقالوا: (قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )[يوسف: 78].
فقال يوسف: (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ ) [يوسف:79].
وهكذا مكن الله ليوسف أن يحتفظ بأخيه
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 23-10-2009 09:18 PM


يوسف عليه السلام






20 - عودتهم إلى أبيهم
أما الإخوة فقد احتاروا وجلسوا يفكرون فيما سيقولونه لأبيهم عندما يعودون
فقال كبيرهم سِنّاً : روبيل أو رأياً : يهوذا لم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم عهداً من الله في أخيكم
فقرر ألا يبرح أرض مصر حتى يأذن له أبوه بالعودة إليه أو يحكم الله لي بخلاص أخي وهو أعدل الحاكمين
(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) [يوسف:80]

وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم، ويخبروه صراحة بأن ابنه سرق، فأخذ بما سرق وما شهدنا عليه إلا بما تيقَّنا من مشاهدة الصاع في رحله وما كنا للغيب عالمين حين إعطاء الموثق ولو علمنا أنه يسرق لم نأخذه
(ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ)[يوسف:81]
وإن شك في ذلك؛ فليسأل القافلة التي أقبلنا فيها وهم قوم كنعان التي كانوا معها أو أهل المدينة التي كانوا فيها و هي مصر
فعادوا إلى أبيهم وحكوا له ما حدث، إلا أن أباهم لم يصدقهم، وقال:
زينت لكم أنفسكم أمراً ففعلتموه واتهمهم لما سبق منهم من أمر يوسف
(قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )[يوسف: 83]
ثم تركهم وتولى عنهم تاركاً خطابهم وأخذ يبكي على يوسف وأخيه، حتى فقد بصره فانمحق سوادهما وبدل بياضاً من بكائه وهو مغموم مكروب
(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)[يوسف: 84]
فاغتاظ أبناءه وقالوا: ما زلت تذكر يوسف حتى تشرف على الهلاك لطول مرضك
(قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ )[يوسف: 85].
فرد يعقوب -عليه السلام- عليهم أنه يشكو أمره لله، وليس لأحد من خلقه، فهو الذي تنفع الشكوى إليه وأعلم من الله ما لا تعلمون من أن رؤيا يوسف صدق
(قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [يوسف: 86]
وطلب منهم أن يذهبوا ليبحثوا عن يوسف وأخيه، فهو يشعر بقلب المؤمن أن يوسف مازال حيًّا، والمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبدًا.
يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ[يوسف: 87]
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أموووونة 25-10-2009 10:02 PM

يوسف عليه السلام

21 – تحقق رؤيا يوسف
وتوجه الأبناء إلى مصر للمرة الثالثة يبحثون عن أخيهم، ويلتمسون بعض الطعام، وليس معهم إلا بضاعة رديئة.
ولما وصلوا مصر دخلوا على يوسف، فقالوا له:
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ )[يوسف: 88].
ففاجأهم يوسف بهذا السؤال: (قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ) [يوسف:89]،
قال لهم توبيخاً هل علمتم ما فعلتم بيوسف من الضرب والبيع وغير ذلك وأخيه بنيامين من هضمكم له بعد فراق أخيه إذ أنتم جاهلون ما يؤول إليه أمر يوسف
فتنبهوا إلى رنين هذا الصوت، وإلا هذه الملامح التي ربما يعرفونها، فقالوا: (قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ )[يوسف: 90].
فأخبرهم يوسف بحقيقته وقال أنا يوسف وهذا أخي قد أنعم الله علينا بالاجتماع إنه من يتق الله ويصبر على ما يناله فإن الله لا يضيع أجر المحسنين
فاعتذر له إخوته، و قالوا لقد آثرك وفضلك الله علينا بالملك وأقروا بخطئهم، فعفا يوسف عنهم، وسأل الله لهم المغفرة.
(قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ) [يوسف: 91]
ثم سألهم يوسف عن أبيه، فعلم منهم أنه قد فقد بصره بسبب حزنه عليه، فقال لهم:
(اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ )[يوسف: 93].

اذهبوا بقميصي هذا (وهو قميص إبراهيم الذي لبسه حين ألقي في النار كان في عنقه في الجب وهو من الجنة أمره جبريل بإرساله وقال إن فيه ريحها ولا يُلقى على مبتلىً إلا عوفي) تفسير الجلالين
فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً وأتوني بأهلكم أجمعين
فأخذوا القميص وخرجوا من مصر متوجهين إلى فلسطين وقبل أن تصل العير
قال يعقوب لمن حوله: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ )[يوسف: 94]
ولما خرجت العير من عريش مصر (قال أبوهم) لمن حضر من بنيه وأولادهم (إني لأجد ريح يوسف) أوصلته إليه الصبا بإذنه تعالى من مسيرة ثلاثة أيام أو ثمانية أو أكثر لولا تسفهون لصدقتموني
فقالوا له: تالله إنك لفي خطئك القديم من إفراطك في محبته ورجاء لقائه على بعد العهد
( قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ)[يوسف: 95]
وبعد أيام عاد إخوة يوسف إلى أبيهم وجاء البشير يهوذا بالقميص وكان قد حمل قميص الدم فأحب أن يفرحه كما أحزنه فألقاه على وجهه فارتد إليه بصره وبشروه بحياة يوسف وسلامة أخيه
قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون
(فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [يوسف: 96]
وطلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم، قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم وأخر ذلك إلى السحر ليكون أقرب إلى الإجابة أو إلى ليلة الجمعة لأن هذا أدعى إليه استجابة الدعاء
(قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) [يوسف: 97]
وغادر بنو إسرائيل أرضهم متوجهين إلى مصر، فلما دخلوها، استقبلهم يوسف بترحاب كبير، وضم إليه أبويه وقال لهم ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين وأكرم أبويه، فأجلسهما على كرسيه
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ[يوسف: 99]
وهنا لم يتمالك يعقوب وامرأته وبنوه الأحد عشر أنفسهم حتى سجدوا تحية ليوسف وإكبار لوفائه والسجود هنا انحناء لا وضع جبهة ، وكان تحيتهم في ذلك الزمان
وتقديرا لعفوه وفضله،
وتذكر يوسف رؤياه القديمة التي رآها وهو صغير،
فالأحد عشر كوكبًا بعدد إخوته،
والشمس والقمر هنا أبواه،
وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن و لم يقل من الجب تكرماً لئلا يخجل إخوته وجاء بكم من البادية (يروى أن مسكن يعقوب كان بأرض كنعان، وكانوا أهل مواش وبرية) من بعد أفسد الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم بخلقه الحكيم في صنعه
فقال: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)[يوسف: 100].
ثم توجه يوسف -عليه السلام- إلى الله -عز وجل- يشكره على نعمه، فقال: (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ[يوسف: 101].
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس. فقال: "أتقاهم". فقالوا: ليس عن هذا نسألك. فقال: "فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله" [متفق عليه].

وأقام عنده أبواه أربعا وعشرين سنة أو سبع عشرة سنة وكانت مدة فراقه أربعين أو ثمانين سنة
وكان له من الولد إفراثيم، ومنشا، ورحمة زوجة أيوب
في قول أبي لهيعة.
قال الزهري : ولد لإفراثيم - بن يوسف - نون بن إفراثيم، وولد لنون يوشع، فهو يوشع بن نون، وهو فتى موسى الذي كان معه صاحب أمره، ونبأه الله في زمن موسى عليه السلام، فكان بعده نبياً، ثم كان بين يوسف وموسى أمم وقرون، وكان فيما بينهما شعيب، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وحضر يعقوب عليه السلام الموت فوصى يوسف أن يحمله ويدفنه عند إبراهيم وإسحق ويعقوب
فمضى بنفسه ودفنه ببلاد الشام ثم عاد إلى مصر ثم نقل يعقوب صلى الله عليه وسلم في تابوت من ساج إلى بيت المقدس
وأقام بعده ثلاثا وعشرين سنة ولما تم أمره وعلم أنه لا يدوم تاقت نفسه إلى الملك الدائم وقال رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث أي تعبير الرؤيا
ربي خالق السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين من آبائي
وقيل : إنه لم يتمن أحد من الأنبياء الموت قبل يوسف .
فعاش بعد ذلك أسبوعا أو أكثر ومات وله مائة وعشرون سنة
وتوفاه الله - طاهراً طيباً صلى الله عليه وسلم - بمصر، ودفن في النيل في صندوق من رخام، وذلك أنه لما مات تشاحَّ الناس عليه، كل يحب أن يدفن في محلتهم، لما يرجون من بركته، واجتمعوا على ذلك حتى هموا بالقتال، فرأوا أن يدفنوه في النيل من حيث مفرق الماء بمصر، فيمر عليه الماء، ثم يتفرق في جميع مصر، فيكونوا فيه شرعاً ففعلوا،
فلما خرج موسى ببني إسرائيل أخرجه من النيل، ونقل تابوته بعد أربعمائة سنة إلى بيت المقدس، فدفنوه مع آبائه لدعوته: ( وألحقني بالصالحين)
وكان عمره مائة عام وسبعة أعوام.
فسبحان من لا انقضاء لملكه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته







●| هَوًىُ ُروٍحٍ’ــَيً|● 26-10-2009 04:26 PM

جزاك الله الف خير


اللهم اجعله في ميزان حسناتك

وانا قرات لقصص كلها وكلها رائعه


واخذت منها العظه والعبره

أموووونة 26-10-2009 09:56 PM

جزاكِ الله خيرا أختي &ملكة الليل&
شكرا لكِ على المرور الطيب
بارك الله فيكِ

أموووونة 26-10-2009 10:00 PM

أيوب عليه السلام


عاش 93 سنة وذكر أنه دفن بجوارزوجته بقرية الشيخ سعد بأرض الشام القريبة من دمشق والله أعلم.


1 - نسبه
كان أيوب -عليه السلام- نبيا كريمًا يرجع نسبه إلى إبراهيم الخليل -عليه السلام-،قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )(الأنعام: 84)
ومن أن الصحيح أن الضمير عائدعلى إبراهيم دون نوح عليهما السلام. وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم فيسورة النساء في قوله تعالى:
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ سورة النساء:163
قال ابن إسحاق: هو أيوب بن موصى بن رازخ بن العيص ابنإسحاق بن إبراهيم الخليل.
وقال غيره: هو أيوب بن موصى بن رعويل بن العيص بن إسحاقبن يعقوب، وقيل غير ذلك في نسبه.
وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام، وقيل: كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم ألقى في النار لحرقه.
فالصحيحأنه من سلالة العيص بن إسحاق، وامرأته قيل اسمها: "ليا" بنت يعقوب، وقيل: رحمة بنتأفراثيم، وقيل: ليا بنت منسا بن يعقوب. وهذا أشهر وكانت مثله صلاحا وتقوى, جازت زوجها في عبادته لله عز وجل, وفي حمده وشكره له , وفي تقربه إليه وهي الوحيدة التي ظلت بجواره في محنته لشدة اخلاصها له ولله رب العالمين

وروي ابن
عساكر من طريق الكلبي أنه قال: أول نبي بعث إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل،ثم إسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهارون،ثم إلياس، ثم اليسع، ثم عرفي بن سويلخ بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب، ثم يونس بن متىمن بني يعقوب، ثم أيوب بن رازخ بن آموص بن ليفرز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم.
وفيبعض هذا الترتيب نظر فإن هوداً وصالحاً: المشهور أنهما بعد نوح وقبل إبراهيم. واللهأعلم.
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 27-10-2009 09:14 PM

أيوب عليه السلام



2 - أيوب الغني
كان أيوب -عليه السلام- رجلا غنيا, ذا مال كثير, بسط الله له الرزق, وأفسح له طريق الثراء, حتى كان يملك قرية كاملة في دمشق تسمى بأرض الثنية منأرض حوران ويملك ما فيها من مزارع خضراء منبسطة فسيحة, وله فيها بساتين مزهرة, وله بها منشآت وديار.
قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم: كان أيوب رجلاً كثير المال من
سائر صنوفه وأنوعه؛ من الأنعام والعبيد والمواشي؛ والأراضي المتسعة
كانت الأبقار والشاه الحلوب, ترتع في مزارعه, وتنيخ في مرابضه الإبل الخفاف, والنياق الولود, وتسرح بأرضه الخيل والبغال والحمير.


ولقد أفاض الله برزقه على عبده الصالح أيوب

ففوق ما رزقه من نعمة المال رزقه نعمة أخرى جزيلة محبوبة, تلك نعمة الأولاد كمُ من البنات والبنين.

فقد كمل له بذلك ما يتمنّاه كل امرئ لنفسه من متع الدنيا ورفاهية الحياة, ولذاذة العيش, ونضرة النعيم.


لم يبخل أيوب -عليه السلام على نفسه وعياله, وكان لا يحب كنز المال.


كانت أمواله لمن حوله قبل أن تكون لنفسه
وكان منها زكاة وهبات وعطايا
كان برا بكل من حوله يرعى غلمانه وخدمه قبل أن يرعى أهله فلكل رجل من أتباعه زوجة ودار ومتاع, ولكل غلام مدّخر من المال.

وكان لا يطعم طعاما وهو يعلم بمكان جائع يشتهي الطعام

وكان لسانه لا يكف عن ذكر الله والحمد والتسبيح لربه ولا يفتر جنانه عن التفكير في الله عز وجل

وتحدث الناس عن أيوب, ولهجت ألسنتهم بالدعاء له والثناء عليه, وعمرت قلوبهم بحبه والإخلاص له
وكذلك أهل السماء من الملائكة ذكروا أيوب ذكرا حسنا.
و تحدّث ملائكة الأرض فيما بينهم عن الخلق وعبادتهم فقال قائل منهم:



ما على الأرض اليوم خير من أيوب, هو أعظم المؤمنين إيمانا, وأكثرهم عبادة لله, وشكرا لنعمته ودعوة له.
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ديانا كرزون 28-10-2009 04:49 AM

جزاكِ الله خيرا

أموووونة 28-10-2009 10:15 PM


3 – محاولة إبليس
وسمع الشيطان ما يقال... فساءه ذلك, وطار إلى أيوب محاولا إغواءه, ولكن أيوب بقي, قلبه هو الصفاء لله والحب لله.

كثرة ذكر أيوب والثناء عليه أغاظ إبليس
وإبليس أقسم أن يغوي البشر أجمعين وقال كلمته المعروفة:
رب, بما أغويتني وطردتني بسبب آدم لأزينن لذريته في الأرض, ولأغوينهم أجمعين.
واستطرد إبليس قائلا: إلا عبادك المخلصين.

وكان أيوب عليه السلام من عباده المخلصين.

وقد كان أيوب عليه السلام محصنا بإيمانه ضد وسوسة الشيطان, فما استطاع إبليس أن يغريه بشيء مما يغري به الأغنياء!

وما قدر على أن يدفع به إلى ما كان يدفع إليه أمثاله من الأثرياء!!

حاول إبليس عن طريق شياطين البشر أن يحرّض أيوب على ارتكاب المعاصي, فأتاه بشرذمة من الناس يزيّنون له اللهو والمجون والمتعة المحرّمة, ويدعونه إلى ترك التقشف, والى التهاون في العبادة لينعم نفسه بمباهج الدنيا, ويمتعها بما أوتي من نعم وجاه ومال.

ولكن قلب أيوب كان تقيّا نقيّا, فلم يستجيب لما زيّن له؛ وكانت نفسه مؤمنة ورعة, فلم تسمع ما دعيت إليه.

كانت متعة أيوب عليه السلام تكمن في أشياء كثيرة,

كانت متعته في أن يكفل أيتاما مات عنهم عائلهم,
وكانت بهجته في أن يساعد بماله أرملة ذهب عنها رجلها,
أو فقير أضرّ به فقره, أو عاجزا أقعده عجزه
فيشعر بالسعادة لسعادتهم ويهنأ لهنائهم
ويشكر الله على أن هيأ له كل هذه السعادة وكل هذا الهناء.

وطال الأمد بإبليس دون أن يستطيع الوصول إلى غايته

وعاود نشاطه من جديد
وكما ورد في أنبياء الله لأحمد بهجت
حين يئس الشيطان من إغواء أيوب, قال لله تعالى:

يا رب إن عبدك أيوب الذي يعبدك ويقدسك لا يعبدك حبا, وإنما يعبدك لأسباب أخرى

يعبدك ثمنا لما منحته من مال و ثروة كبيرة

وما أعطيته من أولاد كثيرة
وهو يطمع أن تحفظ عليه ماله وثراءه وأولاده
وكأن النعم العديدة التي منحتها له هي السر في عبادته فهو يخاف أن يمسها الفناء أو تزول..
وعلى ذلك فعبادته مشوبة بالرغبة والرهبة يشيع فيها الخوف والطمع.. وليست عبادة خالصة ولا حبا خالصا.

وقد ذكرت الرواية أن الله تعالى قال لإبليس:

إن أيوب عبد مؤمن خالص الإيمان..

وليكون أيوب قبسا من الإيمان ومثالا عاليا في الصبر..
قد أبحتك ماله وعقاره.. افعل ما تريد, ثم انظر إلى ما تنتهي.
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أموووونة 31-10-2009 09:40 PM


4 – محنة أيوب
وهكذا انطلقت الشياطين فأتت على أرض أيوب وأملاكه وزرعه ونعمه ودمّرتها جميعا.. وانحدر أيوب من قمة الثراء إلى حضيض الفقر فجأة.. وانتظر الشيطان أيوب.. وقال أيوب عليه السلام عن المال:
عارية لله استردها.. ووديعة كانت عندنا فأخذها, نعمنا بها دهرا, فالحمد لله على ما أنعم, وسلبنا إياها اليوم, فله الحمد معطيا وسالبا, راضيا وساخطا, نافعا وضارا, وهو الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء, ويضر من يشاء, ويذل من يشاء, ثم خرّ أيوب عليه السلام ساجدا وترك إبليس وسط دهشته المخزية.
وعاد الشيطان يقول لله تعالى:
يا رب.. إذا كان أيوب لم يقابل النعمة إلا بالحمد, والمصيبة إلا بالصبر, فليس ذلك إلا اعتدادا بما لديه من أولاد.. إنه يطمع أن يشتدّ بهم ظهره ويسترد بهم ثروته.
وتستطرد الرواية فتقول: إن الله أباح للشيطان أولاد أيوب.. فزلزل عليهم البيت الذي يسكنون فيه فقتلهم جميعا. (أنبياء الله لأحمد بهجت) ص 171.
وهنا قال أيوب داعيا ربه:
الله أعطى.. والله أخذ.. فله الحمد معطيا وسالبا, ساخطا وراضيا, نافعا وضارا.
ثم خرّ أيوب عليه السلام ساجدا وترك إبليس وسط دهشته المخزية.
وعاد إبليس يدعو الله, أن أيوب لم يزل صابرا لأنه معافى في بدنه, ولو أنك سلطتني يا رب على بدنه.. فسوف يكف عن صبره.
وتقول الرواية أن الله أباح جسد أيوب للشيطان يتصرف فيه كيف يشاء.. فضرب الشيطان جسد أيوب من رأسه حتى قدميه, فمرض أيوب مرضا جلديا راح لحمه يتساقط ويتقيّح.. حتى هجره الأهل والأصحاب.. ولم يعد معه إلا زوجته..

ومرت الأيام, وتتابعت الشهور, وأيوب تزداد حالته سوءا,حتى لم يعد يستطيع أحد أن يقترب منه لعفن قروحه, ونتن رائحتها, فبرم الناس به, ونفروا منه, وانقطعوا عن زيارته, وتذمّر أهله من جيرته
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 01-11-2009 11:11 PM

أيوب عليه السلام




5 – مرض أيوب
وظلت زوجته هي الوحيدة التي تخدمه, وتقضي له حاجاته.
ومرت السنون وأهل أيوب لا يستطيعون على جيرته صبرا, ولا يحتملون له قربا, وجهروا باستيائهم, وأظهروا تذمّرهم بالأقوال والأفعال, فلم تجد رحمة بدا من أن تعرش لزوجها عريشا في ظاهر المدينة وتنقله إليه.


وانتقل أيوب عليه السلام الذي كان يملك الضياع, ويسكن القصور إلى عريش من القش على قارعة الطريق, ورغم ذلك لم يتركه الناس لحاله, بل كانوا إذا مرّوا عليه أظهروا تذمرهم, وأبدوا تأففهم. وقالوا: لو كان رب هذا له حاجة فيه لما فعل به ذلك.

وهكذا ظل أيوب تمر عليه السنة تلو السنة وهو جسد ملقى في عريشه لا يصدر عنه حركة إلا حركة لسانه في فمه بذكر الله, ولا يسمع منه إلا صوت يردد اسم الله.

وقال السدي : تساقط لحم أيوب حتى لم يبق إلا العصب والعظام, فكانت امرأته تقوم عليه وتأتيه بالرماد يكون فيه

وظل أيوب في مرضه مدة طويلة لا يشتكي، ولا يعترض على أمر الله، وظل صابرًا محتسبًا يحمد الله ويشكره، فأصبح نموذجا فريدًا في الصبر والتحمل.

وانطلقإبليس إلى رجلين من أهل فلسطين, كانا صديقين له وأخوين, فأتاهما فقال: أخوكما أيوب أصابه من البلاء كذا وكذا, فأتياه وزوراه, واحملا معكما من خمر أرضكما, فإنه إن شرب منه برىء, فأتياه فلما نظرا إليه بكيا, فقال: من أنتما ؟ فقالا: نحن فلان وفلان, فرحب بهما وقال: مرحباً بمن لا يجفوني عند البلاء, فقالا: يا أيوب لعلك كنت تسر شيئاً وتظهر غيره, فلذلك ابتلاك الله ؟ فرفع رأسه إلى السماء فقال: هو يعلم, ما أسررت شيئاً أظهرت غيره, ولكن ربي ابتلاني لينظر أصبر أم أجزع. فقالا له: يا أيوب اشرب من خمرنا, فإنك إن شربت منه برأت. قال: فغضب, وقال: جاءكما الخبيث فأمركما بهذا ؟ كلامكما وطعامكما وشرابكما علي حرام, فقاما من عنده (تفسير ابن كثير )

كانت (رحمة) زوجة أيوب تقوم بخدمة الناس لتكسب لها ولأيوب من طعامهما, وما يقوم بأودهما. ثم تعود إليه في نهاية اليوم بما تيسر لها الحصول عليه من طعام تطعمه وتسقيه, وتقضي الليل بجانبه؛ فإذا أصبح الصباح عاودت ما فعلته بالأمس.

ولكن هذه الحالة لم تدم لاشمئزاز الناس الذين كانت تقوم بخدمتهم, لعلمهم أنها تقوم على خدمة أيوب المبتلى, وعلى غسل جروحه وتضميد قروحه, فأظهروا لها الامتعاض من خدمتها لهم, ثم طردوها من خدمتهم.

فأصبحت "رحمة" بلا عمل وسدّت منافذ الكسب في وجه رحمة!
وخافت على أيوب الجوع
وفكرت رحمة وهداها تفكيرها إلى أن تذهب مع الصباح إلى سوق في ظاهر المدينة, ويدها قابضة على حزمة ملفوف بها شيء يبدو أنها تحرص عليه, وتعول من ورائه على خير كثير.

وبلغت رحمة السوق, واتجهت إلى الجانب الذي تعرض فيه حاجات النساء من زينة وعطر وملبس, وفتحت لفافتها بيد مرتعشة, وجلست مع البائعات, وكانت بضاعتها ضفيرة من الخيوط الذهبية الطويلة الناعمة, فباعتها إلى أحد النساء وأخذت ثمنها كانت نصف شعرها
وابتاعت رحمة بثمن نصف شعرها طعاما وشرابا, وعادت إلى زوجها تطعمه وتسقيه, فقد كانت برّة وفية لزوجها.

لكن عندما أتت بهأيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره فقالت: عملت لأناس فأطعموني, فأكل منه
ثم نفد ثمن شعرها
وعادت للسوق مع نصف شعرها الآخر الضفيرة الثانية وكذلك ابتاعت طعاما وشرابا فأتته به، فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبرهمن أين هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقا وبعد طول صبر، توجه أيوب إلى ربه؛ ليكشف عنه ما به من الضر والسقم:
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )[الأنبياء: 83]
وبعد أن نفد ثمن شعرها ما بقي لها شيء تبيعه.

ولكن أيوب كان على صلابته وقوته,

ويئس الشيطان وفكر في رحمة فذهب إليها وملأ قلبها باليأس وأتاها في صورة طبيب, فقال لها: إن زوجك قد طال سقمه, فإن أراد أن يبرأ فليأخذ ذبابا فليذبحه باسم صنم بني فلان, فإنه يبرأ ويتوب بعد ذلك, فقالت ذلك لأيوب, فقال: قد أتاك الخبيث,
فقالت له
إلى متى يعذبك الله, أين المال والعيال والصديق والرفيق, أين شبابك الذاهب وعزك القديم؟

وأجاب أيوب امرأته: لقد سوّل لك الشيطان أمرا..

قالت: لماذا لا تدعو الله أن يزيح بلواك ويشفيك ويكشف حزنك؟

قال أيوب: كم مكثنا في الرخاء؟!!

قال رحمة: ثمانين سنة.

قال أيوب: كم لبثنا في البلاء والمرض؟

قالت ثماني عشرة سنة.

قال: أستحي أن أطلب من الله رفع بلائي, وما قضيت فيه مدّة رخائي.

ثم قال لها لقد بدأ إيمانك يضعف يا رحمة, وضاق بقضاء الله قلبك.. لئن برئت وعادت إلي القوة لأضربنّك مائة عصا..

وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال:

فقال الحسن وقتادة : ابتلي أيوب عليه السلام سبع سنين وأشهراً, ملقى على كناسة بني إسرائيل, تختلف الدواب في جسده
وقال وهب بن منبه : مكث في البلاء ثلاث سنين, لا يزيد ولا ينقص
وقال ابن أبي حاتم وابن جرير جميعاً: حدثنايونس، عن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني نافع بن يزيد، عن عقيل، عن الزهري، عنأنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤهثماني عشرة سنة.
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أموووونة 02-11-2009 09:04 PM

أيوب عليه السلام


6 – المغتسل ابارد
وكان يخرج في حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ محله فلما كان ذات يوم أبطأت عليه, فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن " اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب "

قال تعالى: { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ - ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ }ص 41 – 42
فأوحى الله إلى أيوب أن يضرب الأرض بقدمه، فامتثل أيوب لأمر ربه، فانفجرت عين ماء باردة فاغتسل منها؛ فشفي بإذن الله، فلم يبق فيه جرح إلا وقد برئ منه، ثم شرب شربة من ماء عين أخرى فلم يبق في جوفه داء إلا خرج، وعاد سليمًا، معافى, قد سرت في جسمه القوّة, ودبّ النشاط..!!
ورجع كما كان شابًا جميلاً، قال تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ)[الأنبياء: 84].
وكانت إحدى معجزات الله القادر على كل شيء الذي يقول للشيء كن فيكون. فشكر الله على ما ابتلاه, وعلى ما أنعم به عليه
وألبسه الله حلة من الجنة, فتنحى أيوب فجلس في ناحية, وجاءت امرأته فلم تعرفه
فقالت: يا عبد الله أين ذهب هذا المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب, فجعلت تكلمه ساعة.
فقال: ويحك أنا أيوب.
قالت: أتسخر مني يا عبد الله ؟
فقال: ويحك أنا أيوب قد رد الله علي جسدي,
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما عافى الله أيوب أمطر عليه جراداً من ذهب, فجعل يأخذ منه بيده ويجعله في ثوبه, قال: فقيل له: يا أيوب أما تشبع ؟ قال: يا رب ومن يشبع من رحمتك" أصله في الصحيحين
(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)ص 44

وكان قد أقسم أن يضرب امرأته مائة ضربة بالعصا عندما يشفى, وها هو قد شفي, وكان الله سبحانه وتعالى يعرف أنه لا يقصد ضرب امرأته, ولكي لا يرجع عن يمينه أو يكذب فيها أمره الله أن يجمع حزمة من أعواد الريحان عددها مائة, ويضرب بها امرأته ضربة واحدة, وبذلك يكون برّ في قسمه ولم يكذب.

وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ الأنبياء 84
قيل له: يا أيوب إن أهلك لك في الجنة, فإن شئت أتيناك بهم, وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم ؟
قال: لا بل اتركهم لي في الجنة, فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا.
وقال حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن نوف البكالي قال: أوتى أجرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا والله أعلم.
وقد جعل الله -عز وجل- أيوب -عليه السلام- أسوة وقدوة لكل مؤمن ابتلي في جسده أو ماله أو ولده، حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب حتى فرج الله عنه
فجعلناه في ذلك قدوة لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا, وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء, وله الحكمة البالغة في ذلك
رحم الله أيوب العبد الصابر.



أموووونة 03-11-2009 10:14 PM

ذو الكفل عليه السلام
لم تذكرالكتب المدة التي عاشها. ولد في مصر. توفي في سيناء أيام التيه. قيل دفن بجواروالده في أرض الشام

أحد أنبياء الله، ورد ذكره في القرآن الكريم مرتين، فقد مدحه الله -عز وجل- وأثنى عليه لصبره وصلاحه، وصدقه، وأمانته وتحمله لكثير من المصاعب والآلام في سبيل تبليغ دعوته إلى قومه، ولم يقصَّ الله -عز وجل- لنا قصته، ولم يحدد زمن دعوته، أو القوم الذين أرسل إليهم.
قال تعالى: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ)[الأنبياء: 85-86].
وقال تعالى: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ )[ص: 48].
فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه، مقروناً مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام، وهذا هو المشهور. وقد زعم آخرون أنه لم يكن نبياً وإنما كان رجلاً صالحاً، وحكماً مقسطاً عادلاً ، والله أعلم.

عن كنانة بن الأخنس قال: سمعت الأشعري - يعني أبا موسى رضي الله عنه - وهو على هذا المنبر يقول: ما كان ذو الكفل نبياً ولكن كان رجل صالح، يصلي كل يوم مائة صلاة، فتكفل له ذو الكفل من بعده يصلي كل يوم مائة صلاة فسمى ذا الكفل
والله تعالى أعلم

عن مجاهد: أنه لم يكن نبياً وإنما كان رجلاً صالحاً، وكان قد تكفل لبني قومه أن يكفيه أمرهم، ويقضي بينهم بالعدل، فسمى ذا الكفل.
عن مجاهد أنه قال: لما كبر اليسع قال: لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي، حتى أنظر كيف يعمل.
فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب.
فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا.
فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟
قال: نعم.
قال: فردهم ذلك اليوم، وقال مثلها اليوم الآخر.
فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال: أنا. فاستخلفه.
فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان فأعياهم ذلك،
فقال: دعوني وإياه، فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النومة فدق الباب،
فقال: من هذا؟
قال: شيخ كبير مظلوم.
قال: فقام ففتح الباب،
فجعل يقص عليه فقال: إن بيني وبين قومي خصومة، وإنهم ظلموني وفعلوا بي وفعلوا، حتى حضر الرواح وذهبت القائلة،
وقال: إذا رحت فأتني آخذ لك بحقك.
فانطلق وراح.
فكان في مجلسه فجعل ينظر هل يرى الشيخ فلم يره، فقام يتبعه، فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس وينتظره فلا يراه، فلما رجع إلى القائلة فأخذ مضجعه، أتاه فدق الباب فقال من هذا؟
فقال: الشيخ الكبير المظلوم،
ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فأتني؟
فقال: إنهم أخبث قوم، إذا عرفوا أنك قاعد قالوا نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني.
قال: فانطلق فإذا رحت فأتني، قال ففاتته القائلة فراح فجعل ينتظر فلا يراه، وشق عليه النعاس فقال لبعض أهله: لا تدعن أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق علي النوم، فلما كان تلك الساعة جاء فقال له الرجل: وراءك وراءك،
فقال: إني قد أتيته أمس، فذكرت له أمري.
فقال: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه، فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها، فإذا هو في البيت، وإذا هو يدق الباب من داخل،
قال: فاستيقظ الرجل فقال: يا فلان ألم آمرك
قال: أما من قبلي والله فلم تؤت فانظر من أين أتيت؟
فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه، وإذا الرجل معه في البيت فعرفه،
فقال: أعدو الله؟
قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت ما ترى لأغضبنك، فعصمك الله مني، فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به.
[ابن جرير وابن المنذر وأبي تمام]







الساعة الآن 11:17 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.

Adsense Management by Losha

جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة بنات دوت كوم © 2014 - 1999 BANAAT.COM