عهد المحبه
29-11-2006, 02:37 PM
الأحلام و"حنان" تحولت إلى أشلاء
عن تفاصيل غدٍ رسموها بخيالاتهم واستعدوا لمقاسمتها معاً ..عن حلم أمٍ بطفلةٍ تكبر تعانق والديها وهي تتخرج من الجامعة ربما طبيبة أو مهندسة وربما حلّقت الأم بمدن أحلامها أكثر فعانقت بابنتها وهي ترتدي ثياب فرحها تزفها بأجمل باقات الدعوات والورود أما طفلتها لربما حلمت بوطنٍ تجوبه أمناً وسلاماً تقفز في أرجائه بحبٍ وطفولة ....
ولكن عذراً أيتها الزيتونة وعذراً أيتها الأحلام ففي فلسطين يجثم عدو للطفولة يُدعى "إسرائيل" يحول البراعم إلى أشواك والخيالات الجميلة إلى كوابيس ..ينسف مصاصات الحليب وكراسات الأقلام ..يغتال البراءة ويحرق الربيع ويخنق ذرات الهواء ..
ألمٌ جديد
المشهد كان صعباً ومؤلماً حد البكاء في منزل عائلة العروقي وهي تُودع الأم حنان 37 عاماً والطفلة فدوى 13 عاماً وتمسح دموع ثلاثة جرحى من أطفالها الذين لا زالوا يئنون في المشافي ..
أشلاء ممزقة ودماء منسكبة وأنين شجرة صورة بات من البديهي والطبيعي أنها لن تكون الأخيرة كما لم تكن الأولى في مسلسل العدوان الإسرائيلي المتواصل والمستمر على قطاع غزة ؛ العدوان الذي خلّف وراءه طرقات حزينة كئيبة وترك أهلها عاطلين عن الحياة ...
صاروخٌ بكامل حقده انطلق من طائرة الموت الإسرائيلية لينقض على جسد الأم وطفلتها فتسقطان وتغرقان في بحرٍ من الدماء.. وتطير أحلامهم كما أشلائهم ويسكت صوت الطفولة ويسكت صوت الأمومة وتبكي شجرة الزيتون في فناء المنزل لحظات سعادة جلست تحت ظلالها من قليل ..ويقف أطفال العروقي ينادون على أمهم بأعلى درجات حزنهم ويطلبون من شقيقتهم ألا تستعجل الرحيل ..
حنان إبراهيم أحمد العروقي خرجت للحياة وأبصرت النور على ثري مخيم المغازي للاجئين بمدينة غزة ,عائلتها هاجرت كغيرها من العائلات الفلسطينية من قرية بئر السبع إبان حرب عام 48 ليستقر المقام بها بين أحضان مخيم المغازي .. تزوجت حنان وأنجبت بنتان :" سهام 21 عام ، والشهيدة فدوى 13 عاماً وثلاثة من الذكور أكرم 20عاماً , ياسر 12 عام , فادي 9 أعوام .
ما ذنب الأبرياء
أقارب حنان بكوها كثيراً بدموعهم وتذكروها أكثر بكلماتهم أكدوا أنها كانت شديدة الحب لأطفالها وأنها كانت تحرص على تربيتهم تربية إسلامية وتنشئة سليمة وصفوها بالجارة الرائعة التي لا تعرف الغيبة والنميمة إلى قلبها طريقاً .
عشقت حنان الطبيعة و الحياة البسيطة ,أحبت تربية الطيور إحدى جارتها حدثتنا بصوت البكاء :" رحمها الله كانت تعطف على المحتاج والصغير تحترم الجميع، ملتزمة بصلواتها , تحب الاستماع للخطب الدينية والأناشيد الإسلامية ."
وتساءلت الجارة باستنكار:" ما ذنب الصغيرة فدوى .. رحمها الله لقد كانت متعلقة بوالدتها كثيراً ..كانت متفوقة بدراستها ..وملتزمة بالدروس الدينية بالمسجد في مخيمها ..مرحة كل أطفال الحي كانوا يحبونها ."
شموع العمر ..تحترق
نبهان العروقي شقيق زوج حنان تنهد عميقاً وصمت طويلاً قبل أن يروي ما جرى قائلاً :" كنا جالسين بديوان العائلة على بعد 150متر من تمركز الدبابات شرق مخيم المغازي، وفجأة سمعنا ذوي انفجار ضخم يهز المنطقة فذهبت أنا وأخي فيصل (زوج حنان) فهرولنا إلى البيت وما أن دخلنا المنزل أخذنا بالصراخ : رأينا حنان عبارة عن أشلاء ممزقة أما طفلتها فدوي فكانت عبارة عن أشلاء مقطوعة القدمين واليدين ."
الزوج الذي أخذ يُلملم أشلاء زوجته وطفلته كان ما رآه بعينه وما بمسه بيديه أكبر من أن يحتمله عقل أو يتصوره خيال فسقط مغشياً عليه ولا زال صريع النوبات العصبية والانهيار ما بين الفينة والأخرى ولا شيء في مخيلته سوى صورة قاتمة حزينة وبراكين من الغضب تشتعل في أنفاسه وأمنيات بالانتقام من عدوٍ أدمى وروده وأحرق شموعه .
مطلوب..تحقيق
ووصف نبهان ما جرى جريمة بحق الإنسانية مؤكداً على أنه حتى اللحظة لا يكاد يصدق ما رأته عيناه وتساءل بحنق :" أم وابنتها في فناء المنزل ما ذنبهم أن يُقصفوا بهذه الطريقة البشعة ."
غير أنه استدرك وكأنه يحدث نفسه :" ليس غريباً عليهم وهم الذين يستهدفون الحجر والشجر ."
وطالبت عائلة العروقي بفتح ملف تحقيق دولي حول هذه الجريمة وناشدت الجمعيات والمراكز الحقوقية أن تسلط الضوء على هذا الحادث واصفةً إياه بالمؤلم .
وانطوت صفحة ألم أخرى من صفحات الألم الفلسطيني ولا زالت إسرائيل بطائرات موتها وحمم قذائفها تكتب هذه الصفحات بإمكان إسرائيل الآن أن تفخر بأنها وأدت أحلام طفلة وبإمكانها أن تفخر بأنها فرقت والدة عن أطفالها الذين يبكون صوت الأمومة ولكن عليها أن تحذر كثيراً فأجيال الطفولة القادمة لن تصدق سلامهم المزعوم ؟ سلامهم الذي ينفي المكان ويرفض الزمان ويسجن العصافير ويجرح القصائد .
م
ن
ق
و
ل
:char0248
:pleasantr
:char0248
عن تفاصيل غدٍ رسموها بخيالاتهم واستعدوا لمقاسمتها معاً ..عن حلم أمٍ بطفلةٍ تكبر تعانق والديها وهي تتخرج من الجامعة ربما طبيبة أو مهندسة وربما حلّقت الأم بمدن أحلامها أكثر فعانقت بابنتها وهي ترتدي ثياب فرحها تزفها بأجمل باقات الدعوات والورود أما طفلتها لربما حلمت بوطنٍ تجوبه أمناً وسلاماً تقفز في أرجائه بحبٍ وطفولة ....
ولكن عذراً أيتها الزيتونة وعذراً أيتها الأحلام ففي فلسطين يجثم عدو للطفولة يُدعى "إسرائيل" يحول البراعم إلى أشواك والخيالات الجميلة إلى كوابيس ..ينسف مصاصات الحليب وكراسات الأقلام ..يغتال البراءة ويحرق الربيع ويخنق ذرات الهواء ..
ألمٌ جديد
المشهد كان صعباً ومؤلماً حد البكاء في منزل عائلة العروقي وهي تُودع الأم حنان 37 عاماً والطفلة فدوى 13 عاماً وتمسح دموع ثلاثة جرحى من أطفالها الذين لا زالوا يئنون في المشافي ..
أشلاء ممزقة ودماء منسكبة وأنين شجرة صورة بات من البديهي والطبيعي أنها لن تكون الأخيرة كما لم تكن الأولى في مسلسل العدوان الإسرائيلي المتواصل والمستمر على قطاع غزة ؛ العدوان الذي خلّف وراءه طرقات حزينة كئيبة وترك أهلها عاطلين عن الحياة ...
صاروخٌ بكامل حقده انطلق من طائرة الموت الإسرائيلية لينقض على جسد الأم وطفلتها فتسقطان وتغرقان في بحرٍ من الدماء.. وتطير أحلامهم كما أشلائهم ويسكت صوت الطفولة ويسكت صوت الأمومة وتبكي شجرة الزيتون في فناء المنزل لحظات سعادة جلست تحت ظلالها من قليل ..ويقف أطفال العروقي ينادون على أمهم بأعلى درجات حزنهم ويطلبون من شقيقتهم ألا تستعجل الرحيل ..
حنان إبراهيم أحمد العروقي خرجت للحياة وأبصرت النور على ثري مخيم المغازي للاجئين بمدينة غزة ,عائلتها هاجرت كغيرها من العائلات الفلسطينية من قرية بئر السبع إبان حرب عام 48 ليستقر المقام بها بين أحضان مخيم المغازي .. تزوجت حنان وأنجبت بنتان :" سهام 21 عام ، والشهيدة فدوى 13 عاماً وثلاثة من الذكور أكرم 20عاماً , ياسر 12 عام , فادي 9 أعوام .
ما ذنب الأبرياء
أقارب حنان بكوها كثيراً بدموعهم وتذكروها أكثر بكلماتهم أكدوا أنها كانت شديدة الحب لأطفالها وأنها كانت تحرص على تربيتهم تربية إسلامية وتنشئة سليمة وصفوها بالجارة الرائعة التي لا تعرف الغيبة والنميمة إلى قلبها طريقاً .
عشقت حنان الطبيعة و الحياة البسيطة ,أحبت تربية الطيور إحدى جارتها حدثتنا بصوت البكاء :" رحمها الله كانت تعطف على المحتاج والصغير تحترم الجميع، ملتزمة بصلواتها , تحب الاستماع للخطب الدينية والأناشيد الإسلامية ."
وتساءلت الجارة باستنكار:" ما ذنب الصغيرة فدوى .. رحمها الله لقد كانت متعلقة بوالدتها كثيراً ..كانت متفوقة بدراستها ..وملتزمة بالدروس الدينية بالمسجد في مخيمها ..مرحة كل أطفال الحي كانوا يحبونها ."
شموع العمر ..تحترق
نبهان العروقي شقيق زوج حنان تنهد عميقاً وصمت طويلاً قبل أن يروي ما جرى قائلاً :" كنا جالسين بديوان العائلة على بعد 150متر من تمركز الدبابات شرق مخيم المغازي، وفجأة سمعنا ذوي انفجار ضخم يهز المنطقة فذهبت أنا وأخي فيصل (زوج حنان) فهرولنا إلى البيت وما أن دخلنا المنزل أخذنا بالصراخ : رأينا حنان عبارة عن أشلاء ممزقة أما طفلتها فدوي فكانت عبارة عن أشلاء مقطوعة القدمين واليدين ."
الزوج الذي أخذ يُلملم أشلاء زوجته وطفلته كان ما رآه بعينه وما بمسه بيديه أكبر من أن يحتمله عقل أو يتصوره خيال فسقط مغشياً عليه ولا زال صريع النوبات العصبية والانهيار ما بين الفينة والأخرى ولا شيء في مخيلته سوى صورة قاتمة حزينة وبراكين من الغضب تشتعل في أنفاسه وأمنيات بالانتقام من عدوٍ أدمى وروده وأحرق شموعه .
مطلوب..تحقيق
ووصف نبهان ما جرى جريمة بحق الإنسانية مؤكداً على أنه حتى اللحظة لا يكاد يصدق ما رأته عيناه وتساءل بحنق :" أم وابنتها في فناء المنزل ما ذنبهم أن يُقصفوا بهذه الطريقة البشعة ."
غير أنه استدرك وكأنه يحدث نفسه :" ليس غريباً عليهم وهم الذين يستهدفون الحجر والشجر ."
وطالبت عائلة العروقي بفتح ملف تحقيق دولي حول هذه الجريمة وناشدت الجمعيات والمراكز الحقوقية أن تسلط الضوء على هذا الحادث واصفةً إياه بالمؤلم .
وانطوت صفحة ألم أخرى من صفحات الألم الفلسطيني ولا زالت إسرائيل بطائرات موتها وحمم قذائفها تكتب هذه الصفحات بإمكان إسرائيل الآن أن تفخر بأنها وأدت أحلام طفلة وبإمكانها أن تفخر بأنها فرقت والدة عن أطفالها الذين يبكون صوت الأمومة ولكن عليها أن تحذر كثيراً فأجيال الطفولة القادمة لن تصدق سلامهم المزعوم ؟ سلامهم الذي ينفي المكان ويرفض الزمان ويسجن العصافير ويجرح القصائد .
م
ن
ق
و
ل
:char0248
:pleasantr
:char0248