وهـج المشاعر
14-09-2010, 10:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم . . ~
في سبيل الله نمضي~ نبتغي رفع اللواء
فليعد للدين مجده وليعد للدين عزه
ولترق منّا الدماء ولتـرق مـنّا الدمـــاء
«يا شامل! جياد غريبة تشرب من ينابيعنا ،
وأناس غرباء يطفئون قناديلنا ،فهل تمتطي صهوة جوادك ،أو نساعدك على ذلك؟»
(شاعر من داغستان)
على الضفة الغربية من بحر الخزر (قزوين) تقع داغستان بجبالها الشاهقة ،وأنهارها السريعة ،
ولغاتها المختلفة ،وأعراقها الكثيرة على صغر مساحتها وقلة سكانها.
دخل الإسلام مبكراً إلى هذه البلاد ،
فقد تم فتح أرمينية وأذربيجان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ستة 20 هـ.
ومن القواد الفاتحين :سراقة بن عمرو ،وسلمان بن ربيعة الباهلي،
وكانوا يسمون داغستان (باب الأبواب)وكأنها مركز ومدخل لفتح بقية بلدان القفقاس ،
وفي عام 105 هـ تم الفتح الإسلامي على يد مسلمة بن عبد الملك .
انتشر الإسلام بين شعوب هذه المنطقة ،وتعايشت مع الدول الإسلامية المتعاقبة ،
وفي القرن السادس طمع الروس في الاستيلاء على داغستان فلم يفلحوا ووجدوا مقاومة شديدة نوفي عام 1722م أعادوا الكرة،
وساق بطرس الأكبر جيشاً استولى فيه على سائر السواحل الغربية لبحر الخزر ،
ولكن نادر شاه ملك إيران استرجع هذه المناطق من الروس ،
وفي عام 1813م رجع الروس للمرة الثالثة واستطاعوا السيطرة على داغستان وما جاورها.
تخلى المسلمون (الدولة العثمانية وغيرها من الدول القائمة يومئذ)عن مساعدة داغستان,
واستسلم أمراء البلاد للحكومة الروسية ،
عندئذ ثار الشعب على الروس وعلى الأمراء وتولى قيادة المقاومة العلماء وتلامذتهم ،
وكأنهم سبقوا سائر المسلمين في معرفة أن ضررهم هو من حكامهم الذين يبيعون حقوق الأمة بلقب أو لذة فارغة ،
قام العلماء بالإصلاح الداخلي أولاً،وهو أن تكون المعاملات وفقاً للشريعة ،
وتزعم تلك الحركة القاضي محمد الذي لقب بعدئذ ب “الغازي”.
استطاع غازي محمد السيطرة على قبائل (الآفاريين)وامتدت دولته إلى الشيشان ،
وانتصر على الروس في عدة مواقع وكان من مساعديه المقربين الشيخ شامل الذي اشتهر بصرامته وإخلاصه.
في قرية (غمرى)حوصر غازي محمد ورجاله،
وبعد استشهاد عدد من المجاهدين قال لشامل :
"سيقتلوننا جميعاً دون أن نسبب خسارة للكفار ،الأفضل أن نخرج ونقاتل" ،
وعندما اندفع خارجاً سقط برصاص العدو ،ورأى شامل جنديين واقفين في مواجهة الباب ،
وبلمحة بصر قفز خارجاً من الباب فاستدار الجنديان ،
ولكن شامل قطعهما بالسيف ،وشق شامل طريقه بين حراب الأعداء ،
بعد أن جُرح خمسة عشر جرحاً ،والتجأ إلى الجبال .
بعد استشهاد غازي محمد التف الداغستانيون حول نائبه حمزة بك,
الذي استشهد بعد ذلك بسنتين في مدينة (خونزاخ) فتولى القيادة الشيخ شامل .(1)
كانت الطرق الضيقة الموصولة إلى أهولكو طويلة ممتدة,
و كأنها شريط من تلك الأشرطة الجميلة المستخدمة في الزينة.
يبدو هذا الشريط و كأنه قد أخذ حماما لتوه.
يبدو الجنود الروس بقعا سوداء قذرة فوق هذا الشريط الأبيض الناصع البياض.
وكان شامل وهو الإمام الذي اتخذه المجاهدون في داغستان شيخا لهم
و الذي كانوا يعتبرون الموت في سبيل تنفيذه أوامر الله نعمة من نعم المولى عليهم,
يقف على رأس حفنة من مجاهدي القوقاز قائدا لهم منذ ثلاثة أشهر,
يدافعون بإيمان عن قلعة "أهولكو"ضد القوات الروسية التي بلغت أربعين ألفا من الجنود و الضباط.
رفض شامل بكل الإباء و الكبرياء, وبلا أي تردد,
طلب القائد الروسي له بالتسليم للغزاة الكافرين,
ولم يكتف شامل بهذا الرفض فقط,بل كان يهزأ به.(2)
خمسة و ثلاثون عاما استمر القتال و رحلة من الصمود و الإباء,
رخصت الأرواح في سبيل الإيمان و الأرض التي وطأتها أقدامهم.
ولم يسمحوا للاستسلام ولا للتخاذل أن يحل قلوبهم,
ولم يقبلوا فكرة الخضوع لأعداء الإسلام, في الوقت العصيب,حيث لا سلاح ولا غذاء,
و في الوقت الذي عرضت عليهم الأموال و السلطة فرفضوها دون أدنى تفكير و تشاور.
هم علموا أن الغنى الحقيقي أن يستغنوا بالله, و أن يرموا دون ما ذلك ورائهم, هم أبو إلا الإسلام, فما كان لهم إلا النصر و إما الشهادة.
| صقور القوقاز |
http://a.imageshack.us/img709/5403/p1190047.jpg
رواية إسلامية تصور جهاد الداغستانيين بقيادة الإمام شامل ضد الروس المعتدين على مدى خمسة و ثلاثين عام
تأليف سلجوق قللي
ترجمة: الدكتور محمد حرب رئيس المركز المصري للدراسات العثمانية
كتاب قديم طبع عام 1992 نفضت عنه الغبار أثناء بحثي في مكتبة العائلة, أمرٌ جذبني إليه و جعلني أتوق إلى تقليب صفحاته, عشت معه الأجواء, ~
رأيت نموذج يحكي لي كيف يكون الإيمان وكيف ترخص له النفس,
*تعلمت منه أن الدنيا رماد زائل وأن ما عند الله خير و أبقى.
"...أن من عرف الله ذاب همه و ذهب حزنه و تاق إلى لقائه و أصبحت الدنيا أدنى همه.
برع الكاتب في الوصف و دفع القارئ إلى التفكر و استنبط الفروق بين المسلمين و الكافرين,
فوضح دوافع كلٍ من المسلم و و الكافر و مصادر قوة كل منهما و دوافعهما,
فبينت كيف أن المسلم همه الأكبر هو أن ينتصر لإعلاء دينه ووجد في الموت مفازة,
على عكس الكافر الذي انقسم إلى ثلاثة أقسام: بين قائد يسعى للانتصار للحصول على ميدالية جديدة يعلقها على بدلته العسكرية و آخر يفعل ما بوسعه لكسب المال حتى لو كان يسرق الحاكم,
و آخر لم يكن يدري لما هو يقاتل أو يطيع الحاكم فما كان يدري إلا أنه عبد رخصت حياته أمام حياة إنسان آخر هو حاكمه, وهذا كان هو السبب في تخاذل الكثير من الجنود و انتصار المسلمين.
إلا أن التفرقة بين المسلمين و الفتنة التي دعمها الروس, كانت السبب في خسائر فادحة,
و أن النهاية أدت إلى سقوط البلد المسلم في أيادي الأوغاد.
قصة قد تبكيك نهايتها كما أبكتني عندما لم يتبقى سوى أحكام إغلاق المسيرة,
فإذا بها تهتف زوجة الإمام شامل بعد أن قرر تسليم نفسه فداء لشعبه و إنهاء الحرب:
"أيها الإمام الكبير يا إمام هذا الوطن سمعت أنك ستسلم, إذا كنت تقوم بهذا الفداء العظيم لحماية حياتنا. فإني أقول لك باسم كل النساء في القلعة إننا مستعدات للسباق إلى الموت, لا تخف إفعل ما تعرفه"
وليس ذلك غريبا على نساء أهل القلعة تلك, فقد استشهدت زوجته الأخرى من قبل وهي تحمل ابنه على ظهرها و تقاتل.
~| ليس من السهل إطفاء عشق هذا الدين (الإمام شامل)
أمتي يكفي صدودا أمتي يكفي عناد
زمجر الحق ودوا في سهول واو هاد
فالترق منا الدماء فالترق منا الدماء
(1)بقلم:دكتور محمد العبدة
(2)مقتطف من بداية الرواية
http://up.swalifcafe.com/uploads/files/swalifcafe-bd6d67ff27.mp3
في سبيل الله نمضي~ نبتغي رفع اللواء
فليعد للدين مجده وليعد للدين عزه
ولترق منّا الدماء ولتـرق مـنّا الدمـــاء
«يا شامل! جياد غريبة تشرب من ينابيعنا ،
وأناس غرباء يطفئون قناديلنا ،فهل تمتطي صهوة جوادك ،أو نساعدك على ذلك؟»
(شاعر من داغستان)
على الضفة الغربية من بحر الخزر (قزوين) تقع داغستان بجبالها الشاهقة ،وأنهارها السريعة ،
ولغاتها المختلفة ،وأعراقها الكثيرة على صغر مساحتها وقلة سكانها.
دخل الإسلام مبكراً إلى هذه البلاد ،
فقد تم فتح أرمينية وأذربيجان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ستة 20 هـ.
ومن القواد الفاتحين :سراقة بن عمرو ،وسلمان بن ربيعة الباهلي،
وكانوا يسمون داغستان (باب الأبواب)وكأنها مركز ومدخل لفتح بقية بلدان القفقاس ،
وفي عام 105 هـ تم الفتح الإسلامي على يد مسلمة بن عبد الملك .
انتشر الإسلام بين شعوب هذه المنطقة ،وتعايشت مع الدول الإسلامية المتعاقبة ،
وفي القرن السادس طمع الروس في الاستيلاء على داغستان فلم يفلحوا ووجدوا مقاومة شديدة نوفي عام 1722م أعادوا الكرة،
وساق بطرس الأكبر جيشاً استولى فيه على سائر السواحل الغربية لبحر الخزر ،
ولكن نادر شاه ملك إيران استرجع هذه المناطق من الروس ،
وفي عام 1813م رجع الروس للمرة الثالثة واستطاعوا السيطرة على داغستان وما جاورها.
تخلى المسلمون (الدولة العثمانية وغيرها من الدول القائمة يومئذ)عن مساعدة داغستان,
واستسلم أمراء البلاد للحكومة الروسية ،
عندئذ ثار الشعب على الروس وعلى الأمراء وتولى قيادة المقاومة العلماء وتلامذتهم ،
وكأنهم سبقوا سائر المسلمين في معرفة أن ضررهم هو من حكامهم الذين يبيعون حقوق الأمة بلقب أو لذة فارغة ،
قام العلماء بالإصلاح الداخلي أولاً،وهو أن تكون المعاملات وفقاً للشريعة ،
وتزعم تلك الحركة القاضي محمد الذي لقب بعدئذ ب “الغازي”.
استطاع غازي محمد السيطرة على قبائل (الآفاريين)وامتدت دولته إلى الشيشان ،
وانتصر على الروس في عدة مواقع وكان من مساعديه المقربين الشيخ شامل الذي اشتهر بصرامته وإخلاصه.
في قرية (غمرى)حوصر غازي محمد ورجاله،
وبعد استشهاد عدد من المجاهدين قال لشامل :
"سيقتلوننا جميعاً دون أن نسبب خسارة للكفار ،الأفضل أن نخرج ونقاتل" ،
وعندما اندفع خارجاً سقط برصاص العدو ،ورأى شامل جنديين واقفين في مواجهة الباب ،
وبلمحة بصر قفز خارجاً من الباب فاستدار الجنديان ،
ولكن شامل قطعهما بالسيف ،وشق شامل طريقه بين حراب الأعداء ،
بعد أن جُرح خمسة عشر جرحاً ،والتجأ إلى الجبال .
بعد استشهاد غازي محمد التف الداغستانيون حول نائبه حمزة بك,
الذي استشهد بعد ذلك بسنتين في مدينة (خونزاخ) فتولى القيادة الشيخ شامل .(1)
كانت الطرق الضيقة الموصولة إلى أهولكو طويلة ممتدة,
و كأنها شريط من تلك الأشرطة الجميلة المستخدمة في الزينة.
يبدو هذا الشريط و كأنه قد أخذ حماما لتوه.
يبدو الجنود الروس بقعا سوداء قذرة فوق هذا الشريط الأبيض الناصع البياض.
وكان شامل وهو الإمام الذي اتخذه المجاهدون في داغستان شيخا لهم
و الذي كانوا يعتبرون الموت في سبيل تنفيذه أوامر الله نعمة من نعم المولى عليهم,
يقف على رأس حفنة من مجاهدي القوقاز قائدا لهم منذ ثلاثة أشهر,
يدافعون بإيمان عن قلعة "أهولكو"ضد القوات الروسية التي بلغت أربعين ألفا من الجنود و الضباط.
رفض شامل بكل الإباء و الكبرياء, وبلا أي تردد,
طلب القائد الروسي له بالتسليم للغزاة الكافرين,
ولم يكتف شامل بهذا الرفض فقط,بل كان يهزأ به.(2)
خمسة و ثلاثون عاما استمر القتال و رحلة من الصمود و الإباء,
رخصت الأرواح في سبيل الإيمان و الأرض التي وطأتها أقدامهم.
ولم يسمحوا للاستسلام ولا للتخاذل أن يحل قلوبهم,
ولم يقبلوا فكرة الخضوع لأعداء الإسلام, في الوقت العصيب,حيث لا سلاح ولا غذاء,
و في الوقت الذي عرضت عليهم الأموال و السلطة فرفضوها دون أدنى تفكير و تشاور.
هم علموا أن الغنى الحقيقي أن يستغنوا بالله, و أن يرموا دون ما ذلك ورائهم, هم أبو إلا الإسلام, فما كان لهم إلا النصر و إما الشهادة.
| صقور القوقاز |
http://a.imageshack.us/img709/5403/p1190047.jpg
رواية إسلامية تصور جهاد الداغستانيين بقيادة الإمام شامل ضد الروس المعتدين على مدى خمسة و ثلاثين عام
تأليف سلجوق قللي
ترجمة: الدكتور محمد حرب رئيس المركز المصري للدراسات العثمانية
كتاب قديم طبع عام 1992 نفضت عنه الغبار أثناء بحثي في مكتبة العائلة, أمرٌ جذبني إليه و جعلني أتوق إلى تقليب صفحاته, عشت معه الأجواء, ~
رأيت نموذج يحكي لي كيف يكون الإيمان وكيف ترخص له النفس,
*تعلمت منه أن الدنيا رماد زائل وأن ما عند الله خير و أبقى.
"...أن من عرف الله ذاب همه و ذهب حزنه و تاق إلى لقائه و أصبحت الدنيا أدنى همه.
برع الكاتب في الوصف و دفع القارئ إلى التفكر و استنبط الفروق بين المسلمين و الكافرين,
فوضح دوافع كلٍ من المسلم و و الكافر و مصادر قوة كل منهما و دوافعهما,
فبينت كيف أن المسلم همه الأكبر هو أن ينتصر لإعلاء دينه ووجد في الموت مفازة,
على عكس الكافر الذي انقسم إلى ثلاثة أقسام: بين قائد يسعى للانتصار للحصول على ميدالية جديدة يعلقها على بدلته العسكرية و آخر يفعل ما بوسعه لكسب المال حتى لو كان يسرق الحاكم,
و آخر لم يكن يدري لما هو يقاتل أو يطيع الحاكم فما كان يدري إلا أنه عبد رخصت حياته أمام حياة إنسان آخر هو حاكمه, وهذا كان هو السبب في تخاذل الكثير من الجنود و انتصار المسلمين.
إلا أن التفرقة بين المسلمين و الفتنة التي دعمها الروس, كانت السبب في خسائر فادحة,
و أن النهاية أدت إلى سقوط البلد المسلم في أيادي الأوغاد.
قصة قد تبكيك نهايتها كما أبكتني عندما لم يتبقى سوى أحكام إغلاق المسيرة,
فإذا بها تهتف زوجة الإمام شامل بعد أن قرر تسليم نفسه فداء لشعبه و إنهاء الحرب:
"أيها الإمام الكبير يا إمام هذا الوطن سمعت أنك ستسلم, إذا كنت تقوم بهذا الفداء العظيم لحماية حياتنا. فإني أقول لك باسم كل النساء في القلعة إننا مستعدات للسباق إلى الموت, لا تخف إفعل ما تعرفه"
وليس ذلك غريبا على نساء أهل القلعة تلك, فقد استشهدت زوجته الأخرى من قبل وهي تحمل ابنه على ظهرها و تقاتل.
~| ليس من السهل إطفاء عشق هذا الدين (الإمام شامل)
أمتي يكفي صدودا أمتي يكفي عناد
زمجر الحق ودوا في سهول واو هاد
فالترق منا الدماء فالترق منا الدماء
(1)بقلم:دكتور محمد العبدة
(2)مقتطف من بداية الرواية
http://up.swalifcafe.com/uploads/files/swalifcafe-bd6d67ff27.mp3