تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كِتاب الأمير الصَغير


[نُورْ!]
09-09-2010, 09:06 AM
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/148/148948.gif



رأيتُ وانا في السادِسة من عُمري صورة رائِعةً في كِتاب, تُمَثل ثُعباناً يَبتَلع وَحشاً,
وقَررتُ في الكِتابْ:
"أنَّ الثعابينَ تبتَلع فَريستها بالكامِل, مُدة سِتة أشهُر حَتى تَنتهي من هَضمها"


°· وبَعد ان فَكرت مَلياً فيما يَقع في الغاباتْ من الحوادِث,
أخذتُ قَلماً فيه رصاصةٌ مُلونةْ وخَططتُ أولَ رَسم رَسمتُه,
ثُمَّ أريتُ باكورةَ فني الأشخاص الكِبار وسألتُهم قائِلاً:"أما يُخيفكم هذا الرَسم"

فأجابوا:"مَتى كانت القُبعة تَخيف الناس؟"
ما كانَ رَسمي يُمثل قُبعة بَل ثُعباناً يهضُم فيلاً ...!


تُمَّ رَسمتُ باطِن الثُعبان عَسى أن يَفهمه الكِبار, فإنَّهم في حاجةٍ دائِمة الى الإيضاح,
فَلما أبرزتُه لَهم نصحوني بأن أدعَ جانباً رَسم الثعابين من الخارِج والباطِن, وقالوا:
"الأفضَل لَك أن تُعني بِدرس الجغرافيا والتاريخْ والحساب وقواعِد اللغة"



تِلكَ كانَت بِداية افتَتح بـها الكاتِب الطَيار (انطوانْ دو سانت اكزوبري) قِصته "الأمير الصَغير",
هذه القِصة الخُرافية الممتعة التي تَدور أحداثُها بينَ أحد الطيارينْ
وفَتىً صَغيراً يأتي مِن الفَضاءْ لِيدور بينَهما حِوراٌ طَويل ...


فهكذا تَرك صَديقنا الرَسم وتوَجه الى الدِراسة وصار طياراً يجوب السماء بطائِرته.
إلى أن سَقطت يَوماً طيارَته في صَحراء كَبيرة بعيدة عن كُلِّ مأهول, فَينامُ مُنتظراً الصَباح.
وتأتي المُفاجآة عِندما يَستيقظ على صوتٍ نَحيل وغَريبٍ يَقول:"ارسُم لي إذا شِئت خَروفاً .."
قُلت:"ماذا ..؟!"
قال:"ارسُم لي خَروفاً"

فاستَويت على قَدمي مَذعوراً كمنْ انقضَّت عَليه الصاعِقة, وأخذتُ أفرك عَيني
ثُمَّ نَظرت فإذا بولد صغير غَريب الهيئة يحدِّق اليّ بإمعانٍ ورصانة.


وبَعدَ تَردد من قِبل الطيارِ يَقول:"فأخرَجت ورقة وٌقلم حِبر,
ثمَّ تَذكرتُ أنني دَرست على الأخَص الجُغرافيا والتريخ والحِساب وقواعِد اللغة.
فَقلتُ له بِنبرة فيها شيء مِن الامتِعاض:"إني لا أُحسن الرَسم"
فقال:"لا بأس في ذلكْ, ارسُم لي خَروفاً"


ولَم أكُن قَد رَسمتُ من قَبل خَروفاً, فَرسمتُ له إحدى الرسمينْ اللذين في مُتناولِ قَلمي,
وهوَ رسمُ الثعبانِ في هَيئتة الخارجية.
وما أشدَّ دَهشتي عِندما سَمعتُ الولَد يَقول:




"لا, لا أنا ما أردتُ فيلاً في ثُعبان! فَالثعبانُ شَديد الخَطر,
أما الفيلُ فَيضيق به موطني,إنَّ مَوطني صَغيرٌ جداً , انا في حاجةٍ الى خروف..




وبعد حوارٍ طَويل دار بينهما يُتابع الطيَّار سَارداً لنا قِصته مع هذا الفَتى العَجيب ..!

فَيقول:"فَفرغ عندئذٍ صبري, وكُنت أنوي أنوي الإسراع في تَفكيك المُحركْ, فَرسمتُ له مُربعاً.
وقُلت:"هذا هوَ الصندوقْ, أما الخَروف ففي داخِله"
ونَظرتُ اليه فإذا وَجههُ يَتهلل حُبوراً, فَعجبتُ لأطوار هذا الوَلد.


ثمَّ قال:"هذا ما كُنت أبتغي, ولكن أتراه يحتاجُ إلى كثير من العُشب؟"
قُلت:"ولماذا..؟"
قال:"لأنَّ مَوطني صَغير جِداً"

قُلت:"مهما كانَ صَغيراً فَكن على يقينٍ من أنَّ عُشبه يَكفيه, فإني أعطيتُك خَروفاً على غايةٍ من الصِغر"



فَحنى رأسَه الصَغير على الرَسم, وقال:
"لا أراهُ صَغيراً بقدر ما تَتوهم! انظُر لَقد نام ... هكذا عَرفت الأمير الصَغير"


وتَدور احداثُ القِصة الخياليّة بشَكل طفوليّ رائِع تَحكي لَنا عَن براءَة هذا الأمير الصَغير
الذي جاءَ من كَوكبه الصَغير إلى الأرض في رِحلة قَصيرة ليعودَ بها الى كَوكبه.


معلوماتٌ عن الكاتِب:
"(اكزوبري) مؤلف (الأمير الصَغير) , اشتَهر حينَ يُذكر أدبُه بوصفة (طيّار حَربي).

ولا تَنسيّ المقالاتْ التي تتحدثُ عنهُ وعَن أدبـِه إن مِهنته وخبراته في الطيرانْ
وتعرضِه للسقوطِ أكثَر من مَرة,
والى وَفاته في واحدةٍ من حوادِث السقوطِ تِلك.


ولكنَّ الأدب (أدب اكزوبري) هو نَفسه الذي كرسَ هذه الشهادةَ المهنيّة.
حَتى باتَ (أنطوانْ دي سانت اكزوبري) أشهَر طيَّار حَربي.

فأعمالُه: (الطيرانُ الليلي) و (بَريد جَنوبيّ) و (حِكمة الرمال).

وسواها تُذكر دائِماً بمهنة الكاتِب, وتَجعل مُنه واحِداً من الكتَّاب النادرينَ في التاريخْ.

shoush95
09-09-2010, 02:18 PM
شكرا لك أختي
الكتاب من اقتباساتك شكله حلو كتيير
تقرير جميل جدا
الله يعطيك العافية

همس السَحر
11-09-2010, 11:04 AM
أسلوبه غريب،
حافل بالخيال والغموض..


تقرير مميز..
وأسلوب فاتن..

لكِ ختم +تقييم ق1

[نُورْ!]
11-09-2010, 12:19 PM
^

سَلمتِ لِ مروركِ و الخَتمْ