المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : +.،حاضر ومستقبل .. وماضٍ نسف إلى الأبد ~ بحلّتها الجديدة °[كـاملـة]


ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 12:20 PM
بعد غيابٍ طويلٍ ..
عادت .، بحلّتها الجديدة ..








●●●




حـــاضر ومستقبل .. وماضٍ نُسِفَ إلى الأبد





بيـــن الماضي والحاضر خيط رفيع دقيق يصل بينهما ..
وللمستقبل علاقة لا يمكن نكرانها مع كل منهما ..


لكــــــــــن ، ماذا لو قطع هذا الخيط الرفيع بين الماضي والحاضر ؟
وهل للمستقبل ضرر جراء هذا الإنقطاع ؟



غُربةٌ في أرض الوطن ! كيف ذلك ؟!
أيُعقل أن يعيش المرء منّا في غربة وسط أهله وعلى تراب وطنه ؟








●●●







مؤلفــــــة الرواية : ṠuḾu! ṢhŐuĴo ( سوموي شوجو )
عدد الأجزاء : لمـ يحدد بعد ..
نوع الرواية : درامـــــا واقعية ، رومانسية ، وكذلك قصص مدرسية ..
سنة التأليف : 2009 للميلاد ..
سنة التعديل : 2010 للميلاد ..







●●●





قد تعجبنّ من وجود الرواية نفســـها لكن بعنوانٍ جديدٍ ..

وقد تتساءلنّ عن سبب اختفاء الردود التي امتدت لأربعة عشر صفحةً ..
لا داعي لكل ذلك .. فأنا قررتُ - بعد مشاورة الغالية sweet -pink (http://www.banaat.com/vb/member.php?u=40680)- أن أضع

الرواية نفسها لكن بحلّتها الجديدة ..



فبعد أن راجعتها ، قطعتُ الشك باليقين ، فقد مُلِئت أخطاءً إملائيةً ، كما بدا لي أنها
تحتاج بعض التعديل حتى في مجريات الأحداث ، ناهيكنّ أن التصفح أصبح عسيرًا !

والفضل يعود للردود الكثيرة ، سواءٌ كانت صادرة مني أمـ منكن ..







شيئٌ آخرٌ .. بعض الأجزاء كنتُ قد وضعتها وأنا في ضغطٍ كبيرٍ ..
إمّا بسبب تأخــــري ، أو للرداءة التي كانت بالأجزاء السابقة ..
فلمـ تكن الرواية كما أردتها ...






والآن ..
سأضع الرواية ، بعد تعديلها ..
لن تختلف كثيرًا عمّا تابعتنّ ..
فقط التغييرات الطفيفة ..
كما أنها ستكون متواصلةً ، أي : أجزاءً طويلةً بلا فواصل ،
إلى آخر جزءٍ تمـَّ وضعه في النسخة السابقة ..





قبل أن أضع الرواية المعدلة ..

لي طلبٌ واحدٌ منكنّ ، سأبذل جهدي لأضع الأجزاء بسرعة ..

لكن .. مناي ألاّ تستعجلنني وتطالبنني بالجزء الجديد ..

فبذلك أشعر بالتوتر ، ولا يخرج الجزء الجديد بالمستوى المطلوب ..





●●●








أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 12:32 PM
حلقت الطــــائرة المتجهة إلى [ المملكة المغــــربية ] حاملة معها جـــلَّ أشواق تلك الفتاة ..
وضعت يدهــا على خدها المحمر .. وتمتمت قائلةً : " ما دامـ قلبي ينبض ، فلن ينبض ناسيًا لكِ يا أرض وطني " ..
ما إن أنهت جملتها تلك .. حتى سقطت دمعة حارة على خدها ، من عينيها المخضرّتين ..

التفتت إليها أمـــها الجالسة بجوارها ، وقالت : " ما يبكيكِ يا [ رانيــــــا ] ؟ "
ردت [ رانيــــا ] وهي تميل برأسها يمينًا ويسارًا وعلى وجهها ابتسامة لطيفة : " لا .. لا شيء "
أكملت حديثها بنبرة بدا عليها الحزن : " كــل ما في الأمر أنني أخشى أن أبقى معلقة بتلك الأرض التي تركتها توًا "


والدتها واضعة يدها الحنون على خد [ رانيـــا ] : " الأمر يحتاج وقتًا لتعتادي عليه .. لا داعي للقلق ..
صحيحٌ أنك تركتِ أرضًا تحسبينها وطنك .. إلا أنك ذاهبة الآن إلى وطنك الحقيقي .. فأين المشكلة في ذلك ؟ "

[ رانيـــا ] مقطبة حاجبيها : " أمـــي .. الأرض التي تركتها أمضيتُ فيها عمري كله .. أمــا الأرض المتجهة
إليها لمـ أجلس بها سوى في العطل الصيفية .. الفارق شاسعٌ يا أمي "
والدتها محاولة تهدئتها : " وطنكِ يناديكِ .. فهل سبق لكِ وأن أهملتِ نداءً وجِّه لكِ ؟ "
[ رانيـــا ] : " لا .. لمـ يسبق لي أن فعلت هذا "
والدتها : " إذًا ؟ "

ابتسمت [ رانيا ] : " معكِ حق .. وطني الأصلي أَوْلَى بي "
وضعت [ رانيـــا ] سمّاعات على أذنيها أسفل حجابها ، وأدارت شريطًا يعرض بعضًا منآيات القرآن الكريمـ ..
وغفت لبعض الوقت ..



-- [ أعـــــزائي الحضور .. الرجاء ربط الأحزمة فنحن نستعد للهبوط ] -- كان هذا صوت المضيفة معلنةً عن وصول
الطائرة إلى مملكة المغـــــرب ..


ما إن نزلت [ رانيـــا ] حتى هبَّ نسيمـٌ دافئ مداعبًا حجـــابها بلطف شديد .. التفت [ رانيـــا ] تبحث عن أحدٍ ما ..

قالت باهتمامـٍ بالغ وهي تلتفت : " أين هو ؟ أيــــن ؟ "
أتت إليها والدتها مشيرة إلى الأمامـ وهي تقول : " توقفي عن الإلتفاف هكذا وانظري هناك .. ها هو ذا يقف ملوحًا لنا "
ما إن رأته [ رانيـــا ] حتى قالت سعيدة تكاد تطير من الفرحة : " أبــــــي ! "

ركضت [ رانيـــا ] متجهة إلى والدها إلى وصلت إليه ضامة إياه ..
والدها وقد بدا في غاية السعادة " أحمـــــد الله على سلامتكما " ..
[ رانيـــا ] : " لا تدري كمـ اشتقتُ إليكَ يا أبي ! "
أبوها : " من يسمعكِ يقول أنك لمـ تريني منذ سنة .. سبقتكما بأسبوعين فقط ! "
[ رانيـــا ] : " ومع هذا لا أنكر اشتياقي لكَ " ..

أتت أمـ [ رانيـــا ] وقد بدت عليها السعادة : " أرى أنكما قد نسيتما فردًا مهمًا جدًا "
والد [ رانيـــا ] : " وكيف لنا أن ننسى هذا الفرد المهمـ ؟ حمدًا لله على سلامتكما " ..
وضمـ كلٌ من والد [ رانيـــا ] ووالدتها الآخر .. وقفت هي بالجانب سعيدة .. بل لنقل أنها تكاد تطير من السعادة ..




صعدت [ رانيـــا ] ووالداها إلى السيارة .. قاصدين في وجهتهمـ مدينتهمـ ..
ظلت [ رانيـــا ] تتابع المناظر الطبيعية البادية خلف نافذة السيارة باهتمامـ وهي تقول في نفسها :
" آمــــل أن أستطيع التكييف بسرعة مع وضعي الجديد "

تابعت محدثة نفسها وهي تمسك قلادتها المتدلية من حجابها : "
لا بأس .. ففي النهاية كنتُ أعلمـ أنني سأعود
لوطني عاجلاً أمـ آجلاً " ..


●●●

نصف ساعة أمضتها [ رانيـــا ] وهي تفكر وتفكر .. في شتى الأمور ..
وصلت إلى منزلها .. ما إن رأت [ رانيـــا ] منزلها حتى دخلت إليه راكضة قاصدة غرفتها ..
فتحت الباب بسرعة لتفاجئ بجمال غرفتها ..

كانت كما أرادتها .. جدران بيضاء ناصعة ، سريرٌ أحمر زاهي تخلله اللون الأبيض ، وعلى طرف الغرفة كان مكتبها الاحمر متخللاً إيَّاه اللون الأبيض ..
استلقت [ رانيـــا ] فوق سريرها وهي تمرر يدها الناعمة البيضاء على غطائه ..


فجأة .. تذكرت [ رانيـــا ] أن هذا السرير يشبه كل الشبه سرير صديقتها المقربة لها [ ريهـــــامـ ] التي تركتها في أرض وطنها ,, هنـــــا بدأت [ رانيـــا ] بالبكاء ..
نزعت حجابها ليتدلّى شعرها الأشقر الذهبي الطويل على السرير .. واستلقت مجددًا على السرير ..
قالت بابتسامة شقت تلك الدموع : " الأمر يحتاج وقتًـــــــا .. هذا كل ما في الامر " ..



●●●






{ اليومـ التالي }

انتصف النهــــار ، وأذن مؤذن المسجد معلنًا عن بدء موعد صلاة الظــــهر ..
فتحت [ رانيـــا ] عينها ببطئ شديد - فقد كانت تغط في نومـ عميق - ليقع نظرها على الساعة التي
أشارت إلى تمامـ الواحدة بعد الزوال ..

" يا إلهــــي .. صلاة الظــــهر!!" هكذا صرخت [ رانيـــا ] بعدما ارتدت من فوق السرير
قاصدة مغسلة الحمامـ ؛ لتتوضأ مستعدة للصلاة ..
وبالفعل كبّرت [ رانيـــا ] معلنة عن بدء صلاتها بكل خشوعٍ وخضوعٍ ..

ركعة تلو الركعة ، وسجدة تلو السجدة .. أنهت [ رانيـــا ] صلاتها مسلّمة يمينًا ويسارًا ..
ما إن قامت من على سجادتها ، حتى رن جــــــوالها صغير الحجمـ الموضوع بجانب سريرها ..

" من يمكن أن يتصــــل بي الآن ؟! " هكذا تمتمت [ رانيـــا ] بداخلها عندما سمعت رنين هاتفها ..
التقطت هاتفها لترد وهنـــــا بدأت المكالمة الهاتفية ..

[ رانيـــا ] بهدوء : " ألــــو ؟ الســـــلامـ عليكمـ ! "
[ ؟ ] : " وعليكِ الســــلامـ ورحمة الله وبركاته .. "
[ رانيـــا ] بعدما أدركت من يحادثها بالهاتف : " [ عبيـــــر ] ؟ أهذه أنتِ ؟ "
[ عبير ] : " هي بشحمها ولحمها .. كيف حالكِ ؟ اشتقنا لكِ يا فتاة ! "
[ رانيـــا ] : " الحمد لله في أحسن حال ، ماذا عنكِ ؟ صدقيني فإن إشتياقكِ لي لن يعدل حتى
ربع إشتياقي لكِ ولأهلــــكِ يا فتاة ! "
[ عبير ] بضحكة خفيفة : " الحمد لله .. كيف كانت رحلتكِ ؟ على أمل أنها لمـ تكن شاقة ؟! "
[ رانيـــا ] : " لا .. لا تقلقي .. لا بأس بها .. "
تابعت [ رانيـــا ] حديثها : " يبدو أن هنالك أمرًا مهمًا جراء هذا الإتصال أمـ أنني مخطئة ؟ "
[ عبير ] وقد اتسعت عيناها : " ماذا ؟ أبهذه السهولة نسيتي الموضوع ؟ "
[ رانيـــا ] وقد بدا عليها التفاجئ : " أي موضوع ؟! "
[ عبيــــر ] : " ألمـ أخبركِ قبل سفركِ أننا سنذهب لنسجلكِ بالمدرسة الثانوية التي ستدرسين فيها ؟ أمـ أنكِ تفضلين أن يذهب والدكِ عوضًا عنا ؟ "
[ رانيـــا ] : " صحيــــح ! .. ممممممـ .. أفضِّل أن يذهب والدي .. فما عندي إستعدادٌ لأذهب إلى المدرسة منذ الآن "
[ عبير ] بتذمر : " وماذا عن لوازمـ المدرسة ؟ إيَّاكِ أن تقولي لي أنها مهمة والدكِ ايضًا ؟ "
[ رانيـــا ] : " لا لا لا .. هذه مهمتي أنا .. حسنٌ .. إنتظـــريني ريثما أرتدي ثيابي "
[ عبير ] : " حسنٌ .. نلتقي بالقرب من المكتبة العمومية "
[ رانيـــا ] : " إن شاء الله "


هنـــــا إنتهت المكالمة الهاتفية بين [ رانيـــا ] و [ عبير ] .
[ عبير ] تكون هي ابنة عمـ [ رانيـــا ] الوحيد ..
فلمـ يكن لــــ [ رانيـــا ] أعمامـ سوى عمها هذا ، وخال وخالة من أقرباء والدتها ..
[ عبير ] لا تقلّ جمالاً عن [ رانيـــا ] ، فهي ذات شعرٍ أسود قاتمـ امتزج بلمعة كحلية اللون ،
طويل يصل لفخذها ،وعيناها سوداء بطـــوقٍ كحلـــي اللون ، بشرتها بيضاء متوردة ،
وهي بمثل عمر [ رانيـــا ] ، ابنة الخامسة عشر ربيعًا ..

انطلقت [ رانيـــا ] تستئذن والديها بالذهاب للمكتبة ، فلمـ تجد عند أيٍ منهما أي إعتراضٍ البتة ،
شريطة أن تعود مبكرة وقبل هبوط الظلامـ .. صعدت غرفتها ترتدي ثيابها ..
ثيابٌ محتشمة تدل أنها تسير على دينٍ حنيفٍ ، تنورة سوداء قاتمة اللون طويلة ثقيلة القماش ،
وقميض طويل الأكمامـ أبيض اللون تخلله اللون الاسود ، يصل طوله إلى فخذ [ رانيـــا ] ..
وبالطبع حجابها الكامل والمكتمل .. وخرجت من المنـــزل ..







● ● ●








انتصفت الشــــمس بأشعتها الدافئة وبريقها الذي إنعكس على عيني [ رانيـــا ] المخضرّتين في كبد السماء الصافية ،
وداعب نسيمـ الصيف الدافئ ثيابها ، وسط هذا الجو البديع سارت [ رانيـــا ]
بالطريق المؤدي للمكتبة العمومية .. إلى أن وصلت إلى التقاطع الفاصل بينها وبين المكتبة ..

" كل شيءٍ إلى الآن على ما يرامـ .. والحمد لله " .. هكذا همست [ رانيـــا ] تطمئن نفسها .
ازدحمـ المشاة أمامـ الإشارة المرورية ، مترقّبين ظهور الإشارة الخضراء لتسمح لهمـ بالمرور ..

" أمـــــي .. اشتري لي تلك البالونات الملونة " قالها طفل بدا في الثالثة من عمره
مشيرًا إلى بائع البالونات المتجول الواقف في الطرف الآخر من الشارع ، محدَّثًا والدته ،
ردت عليه والدته : " اصبر إلى أن نعبر الشارع ، فلا يجوز أن نمر هكذا " ..
بكى الصغير وقال :" لا يهمني .. أريد تلك البالونات حالاً .. " وازداد بكاؤه ..
حاولت الوالدة التهدئة من روعه .. فما نجحت ..
انطلق الطفل ذو ثلاث سنين نحو البائع غير مكترثٍ للسيارات المنطلقة بسرعة ..

" يا إلهـــــي .. ستدهس السيارات ذاك الطفل ! " هكذا صرخ بعض المشاة الواقفين بالقرب من
الإشارة مترقبين ما الذي سيحدث خائفين عليه ..
دون وعيٍ .. انطلقت [ رانيـــا ] نحو الصبي لا ترَ سواه ..
وبالمقابل انطلقت سيارة بسرعة جنونية نحوه ،
جرته [ رانيـــا ] نحوها في آخر لحظة .. نتفس الحضور الصعداء بنجاتهما ،
إلا أن فرحتهمـ لمـ تدمـ ..
فقد اتجهت صوب [ رانيـــا ] والطفل سيارة أخرى توازي سرعة التي سبقتها
لتظن [ رانيـــا ] أنها نهايتها هي والصبي .

تعالت أصوات الحـــادث الناتج عن إصطدامـ السيارة المجنونة بعمود الإنارة
.. مخلّفة ورائها غيمة كبيرة من الغبار ،وآثار العجلات التي احتكت بالطريق ،
وسط هذه الأجواء السريعة والمخيفة ,, وقف الحضور لا يحرّكون ساكنًا من دهشتهمـ ،
نادت والدة الطفل المزعج ابنها وهي تذرف الدموع تبحث عنه ، هنا بات على الحضور التأكد من أنه ليس هنالك ضحايا ..


حصلت المعجزة .. فتحت [ رانيـــا ] عينيها لترى نفسها ملقاةً على الرصيف وفي حضنها ذاك الصغير ..
لمـ ييصب أيٌ منهما بأذىً .. تجمهر الحضور الذي انقسمـ نصفهمـ يتفقدون [ رانيــا ] والطفل حولهما ،
وآخرون يتفقدون السائقين .. بدأت تتلفت حولها ، تهزُّ رأسها تارةً جهة اليمين ، وتارةً جهة اليسار ,,

" أين هو ؟ أيـــــــن ؟" هكذا بدأت [ رانيـــا ] تقول وهي تبحث وتبحث ..
سألتها الأمـ التي حضنت ابنها عن ماذا تبحث .. لتجيبها [ رانيـــا ] : " شابٌ .. أجل شاب .. هو الذي سحبني
أنا والصبي ,, يا إلهي .. آمـــل ألا يصيبه مكروه ! " ..
هنا نادى أحد الشباب الحضور : " أطلـــــبوا الإسعاف .. ثمة هنالك من أصيبت ذراعة ".
التفتت [ رانيـــا ] للخلف ، لترى شابًا يبدو هو كذلك في الخامسة عشر من عمره وقد أصيب في ذراعه اليسرى إصابة بليغة ،
سالت دمائه على إثرها ..

اتجهت [ رانيـــا ] صوب الشاب المصاب خائفة عليه ، سألته قائلةً : " أأنتَ بخير ؟ أصبتَ بمكروه ؟ " ..
رد عليها ذاك الشاب بابتسامة صفراء مصطنعة : " الحمد لله .. لا داعي للقلق " ..

" تبارك الله الذي سوّى هذه الملامح ! " هكذا قالت [ رانيـــا ] في نفسها حينما رأت ملامح ذاك الشاب ..
كان وسيمًا إلى أبعد الحدود ، أسود الشعر بلمعة بيضاء ، ناعمـ كثيفٌ ، أبيض البشرة أقرب بلونها للمتوردة ،
وذو عينان سوداء قاتمة تظهر الذكاء ..

أنزلت [ رانيـــا ] رأسها تشعر بالخجل مما حلّ بالشاب ,, فقد كانت هي السبب على حد ظنها ،
وبادرت بالإعتذار قائلة : " أ.. أنــا .. آآ .. آسفة لما حدث لك .. عذرًا منك " .
رد عليها الشاب بابتسامة لا ينظر إليها بل اتجه نظره بعيدًا عنها : " لا عليكِ .. لمـ يحدث شيء " ..
ما إن أنهى الشاب عبارته تلك حتى صرخ متألمًا ماسكًا ذراعه المدماة ..
صرخ الشاب الواقف بجانبه الذي بدا أنه صديق المصاب قائلاً : " استدعوا الإسعاف رجاءً " ..

قال أحدهمـ : " لا داعي للإسعاف ،، فلأنقله أنا بسيارتي "
ركب الشاب المصاب برفقة صديقه سيارة ذاك الرجل ، متجهين إلى أقرب مشفىً لإسعاف المصاب ..
ظلّت [ رانيـــا ] تتبع بنظراتها تلك السيارة .. متألمة لما حدث ..

" أخيرًا عثرتُ عليكِ !! أين اختفيتِ يا فتاة ؟ " قالت [ عبير ] هذا الكلامـ وهي ممسكة كتف
[ رانيـــا ] التي ما انتبهت لوجود ابنة عمها بجوارها ، إذ أنها ظلت تخمن بالخطأ الذي ارتكبته ،
ألا وهو تعريض ذاك الشاب للخطر ..

حدقت [ عبير ] بوجه [ رانيـــا ] بتعجب ، إذا أنها لمـ تعلمـ بأن [ رانيـــا ] كانت طرفًا بالحادث ..
حاولت [ عبير ] الاستفسار بسؤال [ رانيـــا ] .. فما نجحت ..

أتت والدة الطفل الصغير إلى [ رانيـــا ] لتقول لها : " لا أعرف ما الذي أقوله لكِ ..
إلاّ أن جميلكِ لي لن أنساه ما حييت ! " ..

ردت عليها [ رانيـــا ] بلطف : " لا تقولِ شيئًا يا سيدتي .. لا أستحق شكرًا .. اشكري الشاب الذي أنقذنا سويًا ،ليتأذى هو ... " ..
أجابتها والدة الصبي : " على العمومـ .. جوزيتما كل الخير يا ولداي " .. وانصرفت تلك الأمـ ..

ظلّت [ عبير ] تحدق مجددًا بوجه [ رانيـــا ] الذي بدا ملطخًا بالغبار .. لتفهمـ أنها تعرضت لذلك الحادث ..
حكت [ رانيـــا ] لابنة عمها ما حدث بالتفصيل الممل .. وطلبت منها عدمـ إبلاغ والديها بهذا الأمر خشية أن
يقلقا عليها .. استجابت [ عبير ] لابنة عمها ، فهي صديقتها المقربة لها ..

واتجهتا صوب المكتبة ..


ظلّت [ رانيـــا ] تفكر وتفكر ..

" ما عواقب هذا الحــــادث ؟ "





●●●





أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 12:54 PM
●●●





دخلت كلٌ من [ رانيـــا ] و [ عبير ] المكتبة.. قاصدتا بذلك أن تقتنيا لوازمـ المدرسة ..
بدا التعب ظاهرًا على محيـــــا [ رانيـــا ] بعدما جرى في التقاطع بجوار المكتبة ..
جلست [ رانيـــا ] على كرسي وجدته في إحدى زوايا المكتبة ..

تنهدت [ رانيـــا ] نتهيدة طويلة وقالت : " لا أقوَ على السير خطوة أخـــرى ! " ..
[ عبير ] وهي تنظر لــ [ رانيـــا ] : " ألن تقتنـــي لوازمك المدرسية ؟ "
[ رانيـــا ] : " أنتِ أدرى بالكتب التي أحتاجها هذه السنة .. فاقتني لي ما أحتاجه رجاءً .. "
[ عبير ] : " كما تشائين .. لن أعاتبكِ الآن ، فمعكِ حق أن تتعبي كل هذا التعب بعدما جرى " ..
قالت [ رانيـــا ] محدثة نفسها : " لو أنني أستطيع الإطمئنان عليه .. لو .. لو " ..



مضت نصف ساعة قضتها [ عبير ] و [ رانيـــا ] في المكتبة ،
بعد أن قضيتا حاجتهما قررتا العودة إلى المنزل ..
وفي طريق عودتهما :

[ رانيـــا ] محدثة [ عبير ] : " كما اوصيتكِ يا [ عبير ] .. يبقى ما جرى سرًا بيننا ، لا أريد أن تعلمـ حتى عائلتكِ بما حدث في التقاطع .. "
[ عبير ] مطمئنة [ رانيا ] : " حسنٌ ، وعدتكِ وانتهى الأمر .. أمـ أنكِ لا تثقين بابنة عمك وصديقتك
الحميمة ؟ " ..
[ رانيـــا ] وهي تنضر للأسفل : " ليس هذا ما عنيته .. إنما .. أخشى أن يعلمـ والدي بما جرى " ..
[ عبير ] ممسكة يد [ رانيـــا ] : " أفهمـ قلقكِ من أن تسببي خوفًا لوالديكِ ، وإلاّ لما وافقتُ على أن يبقى الأمر سرًا بيننا " ..
أكملت [ عبير ] حديثها : " هيا .. أزيلي ذاك الحزن من عينيكِ ، وأريني ابتسامتكِ البهية " ..
ابستمت [ رانيـــا ] بلطف : " لا أعلمـ لولاكِ ما كنتُ سأفعل .. شكرًا " .. وحضنت [ عبير ] ..
[ عبير ] وهي تربت على كتف [ رانيـــا ] : " هيا يا فتاة .. معدتي تصرخ طالبةً الطعامـ " ..
ضحكت [ رانيـــا ] وتابعتا المسير .. إلى ان وصلت كل واحدة إلى منزلها ..


●●●


وقفت [ رانيـــا ] أمامـ باب دارها وهي تفكر في طريقة تخفي بها تعبها وإرهاقها ، فتحت الباب ودخلت خلسة دون أن
تشعر بها والدتها ، صعدت الدرج المؤدي لغرفتها ، وضعت الأكياس التي بها لوزمها المدرسية على السرير ،
اسرعت وبدلت ثيابها المتسخة بالتراب ، غسلت وجهها ،ورسمت عليه ابتسامة لطيفة ؛ لتزيل كل أثرٍ للحزن ..
نزلت بهدوءٍ شديدٍ في الدرج قاصدة المطبخ حيث والدتها .. وقفت [ رانيـــا ] خلف والدتها وأغمضت عينيها بيدها وهي تقول :

[ رانيـــا ] : " ماذا أعددتِ لنا يا أبهى أمـٍ في الوجود ؟ "
والدتها بعدما التفتت للخلف : " أهذه أنتِ يا [ رانيـــا ] ؟ ما بي لمـ أشعر بدخولك للمنزل ؟ "
[ رانيـــا ] وهي تحاول تذوق ما أعددته والداها : " أردتُ أن أرى ما إن كنتِ ستشعرين بقدومـ ابنتكِ الوحيدة أمـ لا " ..
والدتها بعدما ضربت يد [ رانيـــا ] التي فشلت في تذوق الطعامـ : " اغسلي يدكِ اولاً ، هيا ساعدني في تحضير المائدة قبل قدومـ والدكِ ، فقط جهز الطعامـ " ..

ناولت والدة [ رانيـــا ] ابنتها الأطباق ، وباشرتا بإعداد مائدة الغداء ..
( طن طووووووون ، طن طوووووون ) كان هذا صوت جرس المنزل معلنًا عن قدومـ أحدهمـ ,,

والدة [ رانيـــا ] : " أظن أن هذا والدكِ .. هيا اذهبي واستقبليه " ..
[ رانيـــا ] : " حسنًا .. "

فتحت [ رانيـــا ] الباب لتجد أن بالفعل والدها هو من كان رن جرس المنزل ..

والدها : " الســــلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته " ..
[رانيـــا ] متناولة عن والدها ما معه من أكياس : " وعليكَ السلامـ ورحمة الله وبركاته ، تفضل يا أبي " ..
والدها : " أراكِ قد عدتِ من المكتبة سريعًا ! "
[ رانيـــا ] مبتسمة : " أجـــــل .. "
والدها : " ماذا عن الكتب ؟ أأخذتِ ما قُرر عليكِ هذه السنة ؟ "
[ رانيـــا ] : " أجل يا والدي .. ساعدتني [ عبير ] في شراء الكتب المقررة علي هذه السنة " ..

جلس والدها على الأريكة وقال : " المدرسة ستفتح أبوابها بعد أسبوع؛
لذا فقد سجلتكِ في مدرسة ثانوية حكومية قريبة من هنا " ..
[ رانيـــا ] ولمـ تبدُ عليها أية علامة للسعادة : " أشكركَ يا والدي " ..
والدها وقد انتبه أن [ رانيـــا ] لمـ تسعد بهذا الخبر : " ما بالكِ لمـ تسرِّ بالخبر ؟ "

[ رانيـــا ] وهي ترتب الأطباق على المائدة : " تعلمـ يا والدي أنني لست معتادة على مدارس المغرب ،جلُّ ما كنت أسمعه هو أن المناهج الدراسية صعبة ليست سهلة البتة " ..
والدها : " في أيامي كانت المناهج شديدة الصعوبة ، ومع هذا لمـ تشكل صعوبتها أية معدلة " ..
[ رانيـــا ] : " ريثما تفتح المدارس أبوابها سأحاول أن أحضر في كل مادة أكثر من درس " ..
أكملت [ رانيـــا ] حديثها : " تفضل يا والدي إلى المائدة ، ذاهبة لأنادي على والدتي " ..


اتجهت [ رانيـــا ] نحو المطبخ لتنادي والدتها .. ساعدتها وتناولت عنها الأطباق لتتجها إلى مائدة الغداء ،
والدتها : " الســــلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته " ..
والدها : " وعليكِ الســلامـ ورحمة الله وبركاته " ..
والدتها : " ماذا ؟ أوجدتَ كرسيًا شاغرًا لــــ [ رانيـــا ] بالمدرسة ؟ "
والدها : " أجل .. "
التفت إلى [ رانيـــا ] وقال : " ألححتُ على مدير المدرسة أن يُقيّدكِ بالصف الذي تدرس به ابنة عمك [ عبير ] "
[ رانيـــا ] وقد بدت عليها السعادة هذه المرة : " رائـــــع ! أبسط الامور أنني سأجد من أعرفه بالقسمـ " ..
والدها : " الآن سررتِ ؟! يبدو أن بينكِ وبين [ عبير ] محبة أخوية جمّة ! "
هزت [ رانيـــا ] رأسها بالإيجاب ..

جلس الجميع إلى الطاولة مباشرين تناول الطعامـ ..


●●●




الثانية والنصف بعد الزوال ، هكذا أشارت الساعة المعلقة بالحائط ،
نظرت [ رانيـــا ] إليها وهي تفكر محدثة نفسها : " مضت ساعة ونصف على تلك الحادثة ..
أحمد الله أن والديَّ لمـ يشعرا بأي شيء " ..

أتت والدة [ رانيـــا ] لتقطع حبل أفكارها صارخة عليها : " [ رانيـــا ] !! "
فزعت [ رانيـــا ] من صراخ والدتها والتفتت إليها ...
قالت والدتها موبّخة إيّاها : " ما الذي أوصل الدماء إلى كمـ قميصك الأيمن ؟ ولماذا يغصي التراب ثيابك ؟ "

تذكرت [ رانيـــا ] بأن ذاك الشاب المصاب مر بجوارها وارتطمت ذراعه المدماة بذراعها صدفة ، فتلطخ كمـّ قميصها بدماء الشاب ..

أجابت [ رانيـــا ] وقد بدا عليها الإرتباك : " آآ .. لقد .. ارتطمت ذراعي بـــ .. "
والدتها مقاطعة إيّـــاها : " بماذا ؟ تابعي .. "
[ رانيـــا ] بعدما وجدت الإجابة : " بــــ .. بباب المكتبة الحاد ، فجرحت ذراعي " ..
والدتها : " وماذا عن التراب الذي يغطي ثيابك ؟ "

عادت [ رانيـــا ] لإرتباكها : " آها ؟ لقد .. ذهبتُ للحديقة أنا و[ عبير ] .. لعبنا قليلاَ ثمـ عدنا " ..
والدتها وقد بدا عليها الشك : " من يسمعكِ يقل أنكما في الخامسة من عمركما ، لا في الخامسة عشر ..
في المرة القادمة احترسي أكثر " ..

[ رانيـــا ] و قد أنزلت رأسها : " حاضر يا أمــــي " ..

ذهبت أمـ [ رانيـــا ] وضمير ابنتها يؤنبها أينما تأنيب على هذه الكذبة ..
فلمـ تجرؤ [ رانيـــا ] يومًا على الكذب على والدتها ..





●●●





الجمعـــة ، فالسبت ، فالأحد .. تتابع الأيامـ خلف بعضهـــا البعض بسرعة خاطفة أمـــامـ عيني [ رانيـــا ] التي لمـ
تستطع مجاراة سرعتها .. إذ أن الأسبوع الذي ظل على فتح المدارس لأبوابها قد تقلص ليبقى منه يومان فقط ..!

" غدًا .. يوميَ الأول في المـــدراس المغربية " قالتها [ رانيـــا ] محدثة نفسها تفكر فيما ستلقاه في مدرستها
الجديدة .. حملت الكتاب الذي بحوزتها وانتقلت لتجلس من مكتبها إلى سريرها .. استلقت عليه وفي حضنها
كتاب مادة الكيمياء ، تناولت المفكِّرة الصغيرة التي وضعتها وسط الكتاب ..

" لنرى الآن .. كمـ مادة بقيت لمـ أحضِّر بها أربعة دروسٍ ؟ " قالتها [ رانيـــا ] وهي تقلِّب صفحات مفكِّرتها التي
دوَّنت بها عدد الدروس المحضَّرة في كل مادة ..
أكملت [ رانيـــا ] حديثها : " ممممممممـ .. لمـ تبقَ أية مادة لمـ أحضِّرها جيدًا " وألقت مفكِّرتها بعيدًا عنها
مرتطمة بالجدار أسفل النافذة بقليل ، لتقع على الأرض ..

قامت [ رانيـــا ] من سريرها وهي تنظر إلى نافذتها .. تناولت المفكرة من الأرض ، وضعت الحجاب الذي
كان ملفوفًا حول رقبتها على رأسها ؛ لتغطي به خصل شعرها ، فتحت النافذة ليتسلل منها نسيمـ عليلٌ راح
يداعب حجاب [ رانيـــا ] الرقيق ..

وضعت يدها على صدرها تنظر إلى السماء قائلةَ : " لا أعلمـ لما أشعر بهذا الضيق !! يحدِّثني قلبي
أن أمرًا ما ينتظرني بالمدرسة غدًا !! " حركت [ رانيـــا ] رأسها يمينًا ويسارًا تحاول إزاحة تلك الأفكار عن رأسها ..
ألقت المفكِّرة الصغيرة على السرير ، وخرجت من غرفتها قاصدة غرفة المعيشة التي بها والداها ..

نزلت [ رانيـــا ] الدرج لترى أمها وهي ترتب المنزل وقد أعددت الشاي ووضعته على الطاولة الضغيرة وسط
الأريكة .. توجهت [ رانيـــا ] نحو والدتها تستغرب من هذه الإستعدادات التي وإن دلّت على شيء ، فإنما تدل على أن
هنالك زوّارًا في طريقهمـ لزيارة أسرة [ رانيـــا ] ..

[ رانيـــا ] : " أمـــي .. نترقب زوارًا ؟ " ..
والدتها ترتب وسائد الأريكة : " أجــــل .. خالتكِ في طريقها إلينا " ..
[ رانيـــا ] وقد بدا عليها الإشتغراب : " خالتي [ منــــى ] ؟ ألمـ نزرها البارحة يا أمي ؟ " ..
والدتها وقد وقفت أمامها : " زرناها البارحة .. وها هي ذا تود زيارتنا الآن ..هيّا توجهي لغرفتكِ
وغيري ثيابكِ إستعدادًا لإستقبال عائلة خالتكِ " ..

[ رانيـــا ] بتذمر : " حــــاضر .. عســـى ألاّ أمــل من الجلوس بجانبكما ، وجود [ علــــي ]
لن يسمح لي حتى بالتحرك من مكاني .. " ..
ضحكت والدتها التي نظرت لابنتها وهي تصعد الدرج المؤدي لغرفتها ..

فتحت [ رانيـــا ] باب غرفتها ، قاصدة بذلك الجلوس على سريرها .. "أوفــــــــففف .. تعلمـ جيّدًا أنني لا أطيق
[ عليــــــًا ] البتة .. ومع هذا تصُّر على زيارتنا بعائلتها كاملة .. سامحكِ الله يا خالتي !! " .. قالتها [ رانيـــا ] بتذمرٍ شديد ,,
توجهت نحو خزانتها وفتحتها مكملة حديثتها : " ما إن يصل حتــــى يزعجني بنظراته تلك لي .. حتى لو تجاهلته
فإنه لا يزيح عينيه عني " ..

أخرجت [ رانيـــا ] من خزانتها تنورة طويلة واسعة بيضاء تخللها اللون الزهري ، وقميصًا طويل الأكمامـ زهري اللون .,
ارتدت تلك الثياب ، لفّت شعرها الأشقر الطويل ، لتضع فوقه حجابها الإسلامي الذي عزمت أن يكون هو كذلك
ذا لونٍ زهري أيضًا ..



●●●



( طن طوووووووون ، طن طووووووووون ) صوت جرس باب منزل عائلة [ رانيـــا ] الذي أنبأ عن قدومـ
الزوّار المنتظرين .. ما إن سمعت [ رانيـــا ] هذا الصوت حتى قالت محدثة نفسها : " لا شكَّ أنهمـ قد وصلوا ..
أسأل الله الصبر " ..

خرجت [ رانيـــا ] مجددًا من غرفتها لتنزل الدرج متجهة بذلك إلى غرفة المعيشة التي بها عائلة خالتها ..
رسمت [ رانيـــا ] على وجهها إبتسامتها الجميلة وقالت مرحبة بعائلة خالتها : " الســـــلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته .." ..
ردت عليها خالتها : " وعليكِ الســــلامـ ورحمة الله وبركاته .. أهلاً أهلاً بـــ [ رانيـــا ] " ,,


سلمت [ رانيـــا ] على خالتها وعلى زوج خالتها من بعيدٍ لبعيدٍ .. لتجد أن [ عليًـــــا ] واقفًا أمامها
راسمًا على وجهه ابتسامة تدل على سعادته برؤيتها ..

قال [ علـــي ] : " أهــــلاً [ رانيـــا ] .. آآآ - كيف حالكِ ؟ "
ردت [ رانيـــا ] وهي تنظر لأسفل : " أهــلاً [ علـــي ] ,, الحمد لله .. ممـ- ماذا عنك ؟ " ..
توسعت ابتسامة [ علـــي ] كمن سُعِدَ بسؤال [ رانيـــا ] : " ما دمتُ هنـــا .. فأنا في أحسن حال " ..
ردت [ رانيـــا ] خافية بذلك إنزعاجها قدر استطاعتها من رد [ علـــي ] : " الحمد لله " ..


[ علـــــي ] يكون ابن خالة [ رانيـــا ] الأكبر ..له أخ يصغره بعشر سنين ..
يوازي عمر [ علـــيٍ ] عمر [ رانيـــا ] .. طويل القامة ، قمحي البشرة ، ذو شعرٍ بنيٍ فاتح ،
وسيمـ المحيــــــا ، ذو عينان عسليتان فاتحتان . مع وسامة [ علــــي ] الجذابة ، لمـ تطقه [ رانيـــا ] يومًا ،
فقد أحست أنه معجبٌ بها ، ويحاول إيصال هذا الشعور إليها ، إلاّ أن [ رانيـــا ] ما حسبت [ علـــيًا ] شيئًا
إلاّ ابن عمها ، بمعنىً آخرٍ : لمـ يكن لدى [ رانيـــا ] أي شعورٍ اتجاه [ علي ] ..


من جديد .. حاولت [ رانيـــا ] قدر استطاعتها تحمل نظرات [ عليٍ ] لها ، إلى أن انتهت هذه الزيارة الثقيلة


كما اعتبرتها [ رانيـــا ] ، التي استمرت لما يقارب الســــاعتين ..






●●●










أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 01:05 PM
●●●




الثامنــــة والنصف مساء يومـ الأحد ، هكذا أشارت الساعة الكبيرة الموضوعة بجانب التلفاز في غرفة المعيشة ..
نظرت [ رانيـــا ] إلى الساعة وهي تحدث نفسها : " يســـتحسن بي أن أستحمـ مستعدةً للنومـ ,, أمامي غدًا يومـٌ
حافلٌ جدًا " ..

نهضت [ رانيـــا ] متجهة إلى غرفتها ؛ لتنتقي ثياب نومها ، دخلت الحمامـ تستحمـ .. وتوضأت مستعدة لأداء صلاة
العشاء متبعة بها صلاتي الشفع والوتر ..
ارتدت عبائتها الإسلامية ، فرشت سجادة صلاتها وباشرت في أداء صلاة العشاء خلفها صلاة الشفع والوتر ..
سلّمت يمينها ويسراها لتنتهي بذلك من أداء صلاواتها .. استلقت على سريرها لتنامـ من فورها ..





●●●




يومـ الإثنين الســــاعة السابعة صباحًا ، كان هذا أول يومـٍ في الاسبوع ، ليدل أنه اليومـ الأول من العامـ الدراسي ..
فتحت [ رانيـــا ] عينيها المخضرتين لتجد أن الضوء أشعة الشمس قد ملأ أرجاء الغرفة ، توجه نظرها إلى الساعة التي
بجانبها المشيرة إلى تمامـ السابعة .. نهضت [ رانيـــا ] من على سريرها متجهة إلى مغسلة الحمامـ ، لتغسل وجهها ..
أخذت عباءة الصــلاة التي تركتها على فرياشها بعدما صلّت الفجر وعادت لنومها ، لتدخلها خزانتها ..


بدّلت [ رانيـــا ] ثياب النومـ بــالثياب التي جهزتها لأول يومـٍ في المدرسة ..
بنطالٌ أسود اللون ثقيل القماش فضفاض ، سترة بيضاء سوداء الأزرار ذات أكمامـ طويلة ،
يصل طول السترة لركبة [ رانيـــا ] ، وحجابٌ أسودٌ على أطرافه ظهر اللون الأبيض .. حذاءٌ مغلقٌ من كل الجهات
بكعبٍ مريحٍ غير قبقابٍ أبيض اللون .. وحملت حقيبتها المدرسية السوداء ..

نزلت [ رانيـــا ] من غرفتها متجهة لغرفة المعيشة حيث والداها يتناولان طعامـ الإفطار ..
سلّمت على والديها .. وباشرت بتناول إفطارها ...


رن هاتف [ رانيـــا ] الصغير معلنًا عن تلقيه رسالة نصية .. فتحت [ رانيـــا ] هاتفها لتجد أن الرسالة من [ عبير ] ..

~ ( صبـــــــاح الخير يا [ رانيـــا ] .. أنتظركِ أمامـ بوابة المدرسة تمامـ السابعة والنصف ) ~ هكذا كان نص الرسالة
المستلمة من [ عبير ] .. نظرت [ رانيـــا ] إلى الساعة الكبيرة التي أشارت إلى تمامـ السابعة والربع ..

أنهت طعامها ، سلّمت على والدتها ، وخرجت بصحبة والدها في السيارة ..

تسارعت دقات قلب [ رانيـــا ] ، فقد أحست بالتوتر الكبير .. توقفت السيارة أمامـ المدرسة ، سلّمت [ رانيـــا ] على
والدها و نزلت من السيارة ..
توسعت عين [ رانيـــا ] متفاجئة بما تراه .. شبــــابٌ وفتياتٌ كثرٌ قد تجمعوا في هذه المدرسة ..
سن الخامسة عشر والسادسة عشر والسابعة عشر .. كانت هذه أعمــــار أغلبية التلاميذ الذين رأتهمـ [ رانيـــا ] ..

توجهت [ رانيـــا ] نحو بوابة المدرسة تبحث عن [ عبير ] .. بدأت تتلفت إذ أنها لمـ تجدها واقفة بجانب البوابة كما
أخبرتها في الرسالة ..

أتت يدان تغلقان عيني [ رانيـــا ] من الخلف .. خمّنت [ رانيـــا ] لمن هاتان اليدان ,,
[ رانيـــا ] وهي تتحسس اليدان : " أجــــزمـ قطعًا أن هذه يد [ عبيــــر ] " ..
[ عبيــــير ] بعدما أزاحت يداها : " تجزمين قطعًا ؟ على ماذا استندتِ يا فتاة ؟ "
[ رانيـــا ] : " أولاً رائحة عطركِ ، ثانيًا الندب الذي على يدكِ .. أمـ تُراكِ نسيتيه ؟ "

ضحكت [ عبير ] ممسكة يدها : " أصبتِ في هذا .. هيّا .. المقاعد لن تنتظرنا حتى نأتي إليها على مهلٍ " ..
[ رانيـــا ] : " هيــــــّا .. "

كانت [ عبير ] ترتدي تنورة طويلة فضفاضة من الجنز ، سترة زرقاء فاتحة تصل لفخذها ،
وقميصًا أبيض اللون تحت السترة ، إلى جانب حجابها الأزرق الذي تخلله اللون الأبيض .. وبالطبع حذاء ذو كعب خفيفٍ
أزرق اللون ..


دخلت [ رانيـــا ] و [ عبير ] مبنـــى المدرسة الثانوية .. صعدتا الدرج المؤدي لصفوف الأول ثانــــوي ..
قبل أن تدخلا القســــمـ المحدد .. أمسكت [ رانيـــا ] يد [ عبير ] تود سؤالها ,,

[ رانيـــا ] : " أرى أن عدد تلاميذ هذه المدرسة كثر .. !!! "
[ عبيــــر ] بتعجب : " اسمــــها مدرسة حكومية يا [ رانيـــا ] .. ماذا توقعتِ غير أن تجدي شباب وفتياة الشعب هنا ؟ "
[ رانيـــا ] : " أعلمـ أن المدرسة حكومية .. إلاّ أنني لمـ أتوقع أن أجد بها كل هذا العدد من التلاميذ ! إن كان هذا
حال مدرستنا .. فما بالكِ بالمدارس الأخرى ؟ " ..
[ عبيـــــر ] : " حالها من حال مدرستنا .. هيّا كفاكِ تعجبًا وإستغرابًا ادخلي ، أخشى أننا لن نجد مقاعد شاغرة " ..


دخلت [ رانيـــا ] و [ عبير ] القسمـ .. وجدتا أن المقعدين الثالثين من صف الطاولات الثالث فارغان ليس بهما أحد ..
أسرعت [ عبيــــر ] ووضعت حقيبتها في الكرسي الأيمن ، أمـــّا [ رانيـــا ] فقد جعلت من الكرسي الأيسر
مكانها ، جلست [ رانيـــا ] على الكرسي ..


ما إن باشرت بوضع حقيبتها على كرسيها حتى أتــــى شابٌ وضع كتابه على الطاولة التي أمامـ طاولة [ رانيـــا ] ..
نظـــــرت إليه [ رانيـــا ] لتكون هنــــا المفاجأة التي لمـ يتوقعها أحد ..

كان الشاب الذي وضع الكتاب فوق الطاولة هو ذاك الذي أنقذ [ رانيـــا ] من الحادث الذي وقع في التقاطع بالقرب من
المكتبة وقد لَفّتِ الضماضات ذراعه الأيسر وربطها كمن كُسِرت ذراعه ..


" غيـــــر معقـــــــول !!!! " قالتها [ رانيـــا ] موسعةً عينيها وهي تكاد لا تصدق ما تراه عيناها ،
انتبه الشاب لــ [ رانيـــا ] التي وقفت كالصنمـ من هول المفاجأة .. ليتفـــــاجأ هو الآخر بما تراه عيناه ,,,

" مستحيــــــــــــل !! هي بذاتها !!!! " .. هكذا قال ذاك الشاب الذي وقف ينظر إلى [ رانيـــا ] نظرة المتفاجئ
التي بدالته هي الأخرى نفس النظرة ..

التقت أبصار الإثنان .. كلٌ ينظر إلى الآخر وقد اتسعت عيناه .. وكل يردد في نفسه :
"غير معقــــــــــــــول !! "




●●●



ثانية تلو الثانية .. ودقيقة تلو الدقيقة ، لمـ يشعر كلٌ من [ رانيـــا ] والشاب اللذان التقت أبصارهما
بالوقت الذي يمضي سريعًا .. لاحظت [ عيبر ] النظرات التي تبادلها كلٌ من ابنة عمها والشاب ..
الفتت تارة لـــ [ رانيـــا ] ، وتارةً أخــرى للشاب الواقف على بُعدِ خطوة منها ..
" ما بالهما ينــظران إلى بعضٍ هكذا ؟! " هكذا همست [ عبير ] محدثة نفسها . أخيرًا .. أنزلت [ رانيـــا ] رأسها
للاسفل ، مزيحة بذلك أبصارها عن الشاب ، الذي بدوره أدار رأسه إلى يمينه ، مبعدًا بذلك بصره عن [ رانيـــا ] ..

" [ وســـــــامـ ] !! " .. قالها أحد الشباب الواقفين بجانب باب القسمـ ، ماديًا بذلك الشاب الذي جمعت الصدفة بينه
وبين [ رانيـــا ] .. نظر إليهمـ مبتسمًا ، ورفع ذراهة اليمنى مشيرًا بذلك أنه قادمـ ..
نظر مجددًا لــــ [ رانيـــا ] ، أغمض عينيه لبرهة ، ثمّـ ذهب منصرفًا نحو رفاقه ..

همست [ رانيـــا ] بصوتٍ سمعته [ عيبر ] : " [ وســــامـ ] ! " ، التفتت إليها [ عيبر ] ,
حدثتهــا بنبرة بدا عليها الشك : " لمـ أكن أعلمـ أنكِ على معرفةٍ به يا [ رانيـــا ] ! " ..
وضعت [ رانيـــا ] يدها على صدرها ، التفتت إلى ابنة عمها ..
وقالت : " أتذكرين الحادث الذي طرأ أمامـ المكتبة العمومية ذاك اليومـ ؟ "
[ عيبر ] بعدما تذكرت : " أجــل ! .. " ..
[ رانيـــا ] : " طيب .. ماذا عن الشاب الذي حدَّثتكِ عنه ؟ أقصد الذي أنقذني أنا والطفل "
[ عبير ] : " أجـــل أتذكره .. حسب وصفكِ قلتِ أنه في الخامسة عشر من عمره "
[ رانيـــا ] وقد قطّبت حاجبيها : " تمامـــــًا .. "
[ عبير ] : " ما به ؟ ما الذي ذكّركِ بهِ الآن ؟ "
[ رانيـــا ] وهي تنظر لـــ [ وســامـ ] : " الذي أنقذني ذاك اليومـ ، لتصاب ذراعه ، هو ذاته الذي وضع كتابه فوق الطاولة
التي أمامـــي " ..
[ عبير ] وقد اتسعت عيناها : " [ وســــــامـ ] ؟! "
[ رانيـــا ] : " أجـــــل .. [ وســـامـ ] ، أنظري لذراعه اليسرا ؛ لتتأكدي من صحة كلامي ، مملوءة بالضماد " .
أكملت [ رانيـــا ] حديثها : " [ عبير ] ؟ أتعرفينه ؟ "
[ عبير ] : " بالتأكيد أعرفه .. فهو زميلٌ لي منذ ثلاثِ سنين .. أي : منذ السنة الأولى من المرحلة الإعدادية "
تابعت [ عيبر ] كلامها : " سبحــــــان الله !! " ..

جلست [ رانيـــا ] على كرسيها ، وضعت حقيبتها في حضنها ، وجهت أبصارها نحو كرسي [ وســامـ ] ..
قالت محدثتةً نفسها : " ويجلس أمــامي أيضًا ؟! " ..


●●●



من جهـــةٍ أخــرى .. وقف [ وســـامـ ] برفقة أصدقائه اللذي يتجاذبون أطراف الحديث ، جسده معهمـ ، لكن فِكرَهُ مع
ما حدث توًا أمامه .. انتابه التوتر والإرتباك ، فابتعد قليلاً عن رفاقه ، ليجلس في أحد المقاعد الشاغرة ..
انتبه إليه أحد أصدقائه ، اتجه إليه ليجده مرتبكًا يغمض عينيه تارةً ، ويفتحها تارةً أخرى ..

[ أنــــس ] : " [ وســـامـ ] ؟ ما خطبك "
[ وســـامـ ] : " لا تشغـــل بالك "
[ أنـــس ] : " كيف لا أُشغِلُ بالي يا أخي ؟ قُل لي ما بالك ؟ "
[ وســــامـ ] الذي وضع يده اليمنى فوق ذراعه اليسرا : " [ أنـــس ] .. أُنظر إلى تلكَ الفتاة التي ترتدي
ثيابًا سوداء وبيضـــاء "
[ أنــــس ] باحثًا عن قصد صديقه : " سوداءٌ وبيضـــاء .. سوداءٌ وبيضاء ! "
استقترت عيناه أخيرًا على [ رانيـــا ] : " وجــــدتها !! .. ما بهــــا ؟ "
[ وســــامـ ] : " حــاول أن ترى وجهها .. ألا تبدو لكَ مألوفةً ؟ "
[ أنــــس ] : " ممممممممـ .. وجهها ليس واضحًا .. تعطيني ظهرها "

وقتها استدارت [ عبير ] لتجلس بجوار [ رانيـــا ] يمينًا .. عندها التفتت [ رانيـــا ] نحو ابنةِ عمها ،
ليظهر وجهها لــ [ أنـــس ] أخيرًا ..

[ أنـــس ] مخاطبًا [ وســامـ ] : " رأيتُ وجهها ! حقًا تبدو مألوفةً لي .. أين أريتها يا ترى ؟ أين ؟ "
[ وســــامـ ] الذي أبقى بصره للأسفل : " ألا تذكركَ تلكَ الفتاة بالحادث المروري الذي وقع في ذاك التقاطع ؟ "
ضمّـ [ أنـــس ] أصابع يده اليمنى ، وضرب بها كفَّ يده اليسرا : " أجـــــل ! هي ذاتها ! .. "

التفت نحو [ وســــامـ ] : " ما رأيك ؟ أهي صدفة ؟ "
[ وســــامـ ] : " العلــــمـ عند الله .. "




●●●




[ أنــــس ] .. ذاك هو الشاب الذي طلب النجدة عند إصابة [ وسامـ ] في ذراعه ..
في نفس سن [ وســـامـ ] ، طويل القامة نوعًا ما ، قُمحي البشرة ، ذو شعرٍ بني قاتمٍ كثيفٍ ولامعٍ ،
متســـوط الجمــــال ، ذو عينان بنية كبيرة ، يضع عليهما ناظراتٍ مستطيلة الشكل .. صديق [ وســــامـ ] المقرب له .




●●●



وقفت [ رانيـــا ] من عند كرسيها ، إذ أنها شعرت بالتعب من كثرة الجلوس في الكرسي ، جعلت تحدث [ عبير ]
متناسية بذلك ما حدث توًا وأمامها ..

وقفت جماعة من الفتيات على بُعد مسافة قصيرة من [ رانيـــا ] ..
نظرت إحداهن إلى [ رانيـــا ] وبدأت بتجاذب أطراف الحديث حولها :

[ وصـــــال ] : " يبدو أنه لدينا طالبة جديدة بالقســــمـ ! "
[ أمـــــل ] : " ممممممـ .. ما رأيكِ ؟ تستحق ترحيبًا .. أليس كذلك ؟ "
[ وصـــال ] : " لاشكَ في هذا .. هيا يا فتيات "


تقدمت [ وصــــــال ] نحو [ رانيـــا ] لتضرب كتفها بشدة متظاهرة بذلك أنه لمـ يكن مقصودًا ..

التفتت [ رانيـــا ] نحو [ وصـــال ] وهي تمسك كتفها متألمة من جراء الضربة ..
[ وصــــال ] باستهزاء : " المعذرة .. لمـ أقصد ذلك "
قطّبت [ رانيـــا ] حاجبيها ، وقالت في نفسها : " يبدو أننا ننتظر مشاكلاً ! "
[ عبير ] مخاطبةً [ وصـــال ] : " قلنا توًا بسمـ الله .. هذا أول يومـٍ في العامـ ، ألا تستطيعين إبداء بعض
الإحترامـ ولو قليلاً ؟ "
[ وصـــــال ] مجددًا باستهزاء : " مممممممـ .. لا .. لا أظـــن ذلك "
[ عبير ] : " يستحسن بكِ أن تبتعدي عنا ، وإلا.. "
[ وصـــــال ] التي بدا عليها الغضب : " وإلا ماذا ؟ هيـــّا أكملي "

[ عبير ] : " وإلا أنسيتكِ حليب أمكِ يا هذه "
حاولت [ رانيـــا ] تهدئة [ عيبر ] : " هوني من روعكِ يا [ عبير ] ,, الموضوع لا يستحق كل هذا "
[ وصــال ] مخاطبة [ رانيـــا ] : " أرجوكِ ... وقفتِ كالصنمـ أمامي .. ولا يستحق الموضوع كل هذا ؟ "
[ رانيـــا ] : " المعذرة .. أنتِ التي اصطدمتِ بكتفي .. لا أنــــــا ! "
[ وصــــــال ] : " وتجرئيـــــــن على الكذب أيضًا ؟ "


تقدمت [ وصــــال ] نحو [ رانيـــا ] كمن تحاول التشابك معها .. تعالت أصوات الفتيات جراء هذا الشجار ..
سمع الشباب الفوضى التي حصلت بين الفتيات ..
أسرعوا راكضين نحوهن محاولين بذلك معرفة ما الذي يجري ..

نهض [ وســـــامـ ] من كرسيه ، واتجه هو و [ أنــــس ] نحو الفتيات ..

وكلٌ يقول في نفســـه سائلاً :
" ما الذي يحـــــــدث ؟ "





●●●






أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 03:37 PM
●●●






[ عبير ] و [ رانيـــا ] من جهة ، [ وصــــال ] وجماعتها من جهة أخـــرى ..
تلك التي تصرخ ، وتلك التي ترفع يدهــا للأعلــــى .. بدا الشجار حامي الوطيص بين الفتيات ..

أسهمـ من الشتائمـ خرجت من شفتي [ وصـــال ] التي اعتبرت [ رانيـــا ] تتجرأ بالكذب عليها ..
أغمضت [ رانيـــا ] عينيها ، مظهرها يدل على الهدوء الشديد ، بينما داخلها يشتعل غضبًا كأنه بركانٌ أوشك
على الإنفجار حممًا ..

صـــرخت [ وصـــال ] : " من تحسبيـــن نفسكِ أيتها .. المســـتجدَّة ؟! "
فتحت [ رانيـــا ] عينيها على اتساعها ، فقد ذكرتها هذه العبـــارة بالوطن الذي كانت تعيش فيه ..
لمع وميضٌ أبيضٌ في ذاكرتها ، ليقودهـــا إلى أول يومـٍ لها في مدرستها الإعدادية في ذاك الوطن ..

كانت هادئة للغاية ، لمـ تبدِ أية حركةٍ مكروهة ، بل على العكس تمامًا ، جلست على كرسيها بكل هدوء ،
التفتت يمناها ويسراها ، لتجد نفسها وحيدة بلا صديقة ولا رفيقة ..

قررت النهوض قليلاً علّها تتنشق نسيمـ الهواء العليل ، مبعدة بذلك كل أثرٍ للخوف والإرتباك ..
في طريقها نحو البــــاب ، انزلقت قدمهــا بسبب سائلٍ لزجٍ كان مسكوبًا على الأرض ، لتقع على إحداهن
دون قصد .. وقفت تلك الفتاة ، بدا عليها جـــلُّ الغضب .. جعلت توبخ [ رانيـــا ] التي لمـ تستطع النطق بكلمة واحدة ..

صرخت ووبخت .. إلى أن وصل بهـــا المطاف أن تسألها : " من تحسبيـــن نفسكِ أيتها .. المســـتجدَّة ؟! "


لمـ تذكرهــا عبارة [ وصـــال ] بذاك الموقف ، مثلما ذكرتها بالوطــــن الذي ترتكته مُكرهة ..
فتحت عينيها المخضرَّتيـــن ، اتجهت أبصارها نحو [ وصـــال ] التي ما زالت تصرخ وترفع يدهـــا ..

سقطت تلك الدمعــة الحارة على خدهـــا الذي التهب احمرارًا ، توجهت أنظـــار الجميع نحو [ رانيـــا ] مستغربين
من تلك الدمعـــة .. !


حرَّكت شفتيها المحمرتين : " إن سمحتِ وتكرمتِ .. أنزلي يدك "

نظرت [ وصــال ] نحو [ رانيـــا ] التي تجلت كل نظرات الغضب نحوها بنظـــرات استغرابٍ ، أتبعت تلك النظـرات
بنظرة استهزاءٍ ، قائلةً : " لن أنزلهـــا !! ما أنتِ بفاعلةٍ شيئًا !! "

كررت [ رانيـــا ] : "لطفــــًا .. أنزلي يدكِ .. "
[ وصــــال ] التي أشارت بيدهـــا نحوهـــا : " قلتُ لن أنزلها ،، ماذا ستفعلين بالمقابل ؟ "

أمسكت [ رانيـــا ] يد [ وصـــال ] ، أحكمت قبضتها حول معصمـ التي أمــامها بشدة ، ثمـَّ أردفت قائلة :
" للمــــرة الأخيرة .. أنزلي يدكِ ، وإلاّ لن يسركِ ما سترين "

بدا الإرتباك متجليًا في محيــا [ وصال ] التي ما توقعت هذه الحركة من [ رانيـــا ] ..
[ وصــال ] بتردد : " هيي ,, أنتِ .. اتركي يدي .. اتركيها هيــَّا "
أفلتت [ رانيـــا ] يد [ وصـــال ] أخيرًا .. أبقت ناطريها عليها .. ما إن أحست [ وصـــال ] بيدهــا حرةً طليقةً ،
حتــى رفعت يدها الأخــرى قاصدة بذلك صفع [ رانيـــا ] ..

بحركة خاطفةٍ للأبصـــار ، طبعت تلك اليد أثرها على خدِّ [ رانيـــا ] ، مصدرة بذلك ذاك الصوت المدوي ..

شهق الجميع .. اتسعت أعينهمـ لآخرها .. عمـَّ السكون أرجـــاء القسمـ للحظــات ..

تقدمت [ عبير ] خطوة للأمامـ ، كمن تريد تلقين [ وصـــال ] درسًا لن تنساه ..
أمسكت [ رانيـــا ] يد [ عبير ] .. التفتت [ عبير ] نحوهها ، لتجدها تميل برأسها يمينًا ويساراً ..

أغمضت عينيها ببطئٍ شديد ، استدارت معطية بذلك ظهرها لـــ [ وصــال ] ،
قاصدةً بذلك الجلوس على كرسيها ..

انطلقت تلك الضحكة الخبيثة من فمـ [ وصـــال ] ، ضحكت وضحكت ، معلنةً بذلك انتصارها على [ المســـتجدّة ]
كما أسمتها .. بلمح البصــــر ، انطلقت تلك اليد طابعةً تفاصيلها على خدِّ [ وصــــال ] ..

كادت عينيها تخرج من مكانها جرَّاء تلك الصفعة ، لمـ تصدق أن مصدرها ... [ رانيـــا ] !!!


وقفت كالصنمـ لا تحرِّك ساكنًا .. عادت [ رانيـــا ] لتجلس على كرسيها مجددًا وسط ذاك الصمت الذي لن أبالغ
إذا ما شبهته بصمت القبـــــــور ..!!


أمسكت كتابًا صغيرًا كان على طاولتها ، وجعلت تتقلِّب صفحاته ، أثار هذا المشهد أعصاب [ وصـــال ] ،
هلّمت بضربها ، إلاّ أن رفيقتها منعتـــها ممسكة يدها ..

التفتت [ وصـــال ] نحو رفيقتها : " [ أمـــــل ] ؟ ! "
مالت [ أمـل ] برأسها يمينًا ويسارًا ، وقالت : " فيما بعد .. الأستـــاذ قادمـ "

توجهت أبصار الحضور نحو النافذة ، التي شفَّت عن حضور الأستاذ فعلاً ..
صاحت [ وصـــال ] مهددةً : " لا تحسبيها النهاية ، صدقيني ..
إن لمـ أطبع اسمي في ذاكرتك فلن أكون ابنة أبـــي "

نظرت [ رانيـــا ] نحوهـــا بنظرة جد باردة .. كمن توجه إنذارًا صريحًا بعدمـ العبث معها البتة ..
إلاّ أنها سرعان ما أبعدت أبصارها عنها لتعود لصفحات ذاك الكتاب ..

استدارت [ وصـــال ] أخيرًا لتعود إلى مكانها ، صاحبةً معها صديقاتها الأربع ..

نظرات تعجبٍ واستغراب ,, هذا ما اشترك به كل الحضور ، بعد كل هذا الصراخ وكل هذه الشتمائمـ ، بعد هذه الصفعة
المدوية ، التي ما لبثت أن ردّتها إليها .. تجلس [ رانيـــا ] هادئة وبكل هذا البرود !! كيف ؟

كيف ؟ لمـ يجد أحدٌ إجــــابة لهذا السؤال !



●●●


" عجبًا لأمرهـــا ! ترد الصّاع صاعين بكل هدوء ! " ردد [ وســـامـ ] هذه العبارة محدثًا نفسه مستغربًا لما تراه عيناه ..
تارةً ينظر اتجاهها .. وتارةً أخـــرى يوجِّه نظراته صوب [ أنــــس ] الذي وقف مذهولاً راسمًا على وجهه علامة
تعجبٍ واستفهـــامـ [ ! ؟ ] ..


تقدمـ - ذاك الشخص - بخطواتٍ ذابتة صامتة ، وضع يده على كتف [ وســـامـ ] ، ثمـ أردف قائلاً :
" ثمّة هنالك مقاعد كثيرة .. فلمـَ هذا التجمهر ؟ "

التفت [ وســــامـ ] خلفه ليجد أن الذي حدَّثه هو أحد الاساتذة ، توجهت أبصار الحضور نحو الأستاذ
الذي قصد مكانه أمامـ السبورة ، ليعلن بذلك أن الحصة قد بدأت ، وأن على الجميع التوجه لمقاعدهمـ ..

وبالفعل .. توجه كل من كان واقفًا إلى مقعده .. ألقوا التحية على الأستاذ ، وباشرت الحصة بالبدء ..

وقف الأستاذ بكل ثقة واضعًا يده على الطاولة ، قال بنبرة الواثق : " أدعـــى الأستاذ [ إدريس ] ..
أستاذكمـ هذه السنة لمادة العلومـ"

ألقـــى نظرة سريعة على القسمـ ، وقال : " قلتُ أنني أستاذ العلومـ ، فأين الكتب ؟ "

ما إن سمع التلاميذ عبارة الأستاذ ، حتى أخرج كل واحدٍ منهمـ كتابه على الطاولة التي أمامه ..

" جيــــــِّد " ، قالها الأستاذ [ إدريس ] بشبه ابتسامةٍ كان قد رسمها على وجهه الخالي من أي علامة للتهاون
والتساهل ..

أمسك الطبشور ، وراح يكتب على السبورة نوع المادة وعنوان الدرس الأول ..

استدار نحو تلاميذه بنظرة لمـ تعجب الحضور ، ألقى نظرة سريعة في أرجاء القسمـ ..

قال بنبرة حادة : " ترتيبكمـ لمـ يعجبني ، يتحتّمـ عليَّ إعادة ترتيبكمـ "

أشار بيده نحو صفِّ الطاولات الثالث ، خلف [ رانيـــا ] تمامًا : " أنت .. أجـــل أنت ، قُمـ ..
وأجلــــس هنـــاك " مشيرًا بيده في صف الطاولات الثاني ..

قامـ ذاك الطالب ، حاملاً معه حقيبته وأغراضه ، متجهًا بذلك نحو المكان الذي قصده الأستاذ ..


تسارعت دقَّات قلب [ رانيـــا ] .. وضعت يدها على صدرها ، فقد كانت تخشى أن يُجلسها الأستاذ بجانب أحد
الشباب .. أو بعيدًا عن ابنة عمها ..


انتبه الأستاذ لـــ [ رانيـــا ] التي بدا عليها القلق ، اتجه صوبها ، ازداد خوفها باقترابه نحوها ..
وقف بجانبها ، خُيِّل لها أنها ستُنقل بعيدًا عن [ عبيـــر ] .. رفع الأستاذ يده مجددًا نحــــــــو ..... تلك الفتاة ..

الأستاذ [ إدريس ] : " أنتِ .. قفي .. " ، بلمح البصر .. أدارت [ رانيـــا ] رأسها نحو التي قصدها الأستاذ ..
لتجد أنه والفضل للهلمـ يقصدها هي ، بل قصد غيرها ..



معلومة تلوَ المعلومة ، وكلمة تلوَ الكلمة كُتبت على السبورة ، دقَّ أخيرًا جرس المدرسة مشيرًا إلى إنتهاء حصة
الكيمياء الثقيلة ، كما حسِبها التلاميذ ..

انصرف الأستاذ [ إدريس ] أخيرًا .. ليتنفَّس الحضور الصعداء بذلك ..





●●●




الأستاذ [ إدريس ] ، الأستاذة [ نــــورة ] ، الأستاذة [ محجوبة ] ..

توالت الحصص ، ومعهمـ توالت المواد المأخوذة لهذا اليومـ .. أخذت [ رانيـــا ] طابعها الأول عن الأساتذة بالمدرسة ..
كثرة الحصص منعت [ وصـــــال ] من التحدث مع [ رانيـــا ] ، أو حـــتى الإقتراب منها ..

انتهــــى الدوامـ الأول ,, لتعــــود [ رانيـــا ] و [ عبير ] كلٌ إلى منزلها .. سلَّمت كل واحدةٍ على الأخــــرى ، وتواعدتا
على اللقاء قبل دقائق من بدء الدوامـ الدراسي الثاني ..


افترقتا ، وقفت [ رانيـــا ] أمامـ باب منزلها ، فتحته ببطئ شديد ، دخلت ، وضعت حقيبتها بجانب الباب ..
واستلقت بسرعة على الأريكة ..


سقطت تلك الدمعة على خدها ، من عينيها ..
قالت محدثة نفســــها :
" مجبرة مكرهة .. عليَّ أن أظهـــر جانبي الآخـــر "




●●●



بين الحدث والحدث ، جعلت [ رانيــــا ] تتنقل في أرجــاء ذاكرتها بين مواقفها فوق تراب ذاك
الوطــــن . تسارعت عقارب الساعة مغافلة في ذلك [ رانيــــا ] السابحة في بحر ذكرياتها ..
قطع شريط ذكرياتها صوت خطوات والدتها القادمة من عِند المطبخ ، لتُفاجأ بابنتها
المستلقية على الأريكة بعد عودتها من المدرســة .

التفتت [ رانيــــا ] نحو والدتها ، مسحت أثر الدمعة الساقطة من عينها ، اعتدلت في جلستها ،
ورسمت على وجهها ابتسامتها الحُلوة .. جلست والدتها بجانبها ، تتجاذب معها أطراف الحديث :



والدتها : " أهــــلاً [ رانيــــا ] .. أرى أنكِ قد عدتِ من المدرسة ! "
[ رانيــــا ] مبتسمة : " أهـــلاً أمــي .. صحيـــح ! "
والدتها : "جيِّد .. كمـ حصةً درستِ ؟ وماذا عن الأساتذة ؟ "
[ رانيــــا ] : " ثلاث حصصٍ فقط هي التي درستها ،
أمـــَّا بشأن الأساتذة ، ممممممممـ .. لا بأس بهمـ "
والدتها : " حســنٌ جدًا ! يبدو أن يومكِ الأول بمدرستكِ الجديدةِ لمـ يكن سيئًا "
[ رانيــــا ] : " لا بأس به .. ما عدا ....... "
والدتها مقاطعة : " ما عدا ماذا "


[ رانيــــا ] : " حدث معي موقفٌ أعاد بذاكرتي إلى تراب ذاك الوطن .... "
بدا الاستياء على وجه والدتها ، إلاَّ أنها فضَّلت عدمـ التعليق على حديث ابنتها .
أرجعت [ رانيــــا ] ظهرها للوراء ، تنهدت تنهيدة خفيفة ، وأكملت حديثها :
" آهٍ يا أمـــــي ،، لو تدرين حجمـ اشتياقي لتلك الأرض ، أشعر وكأنهـــــا ....... "
والدتها مقاطعة بحدّة : " تشعرين وكأنها ماذا ؟ تلك الأرض ، تلك الأرض ...
كمـ مرةً ذكرتِ تلك الأرض يا [ رانيــــا ] ؟ ... في كل الأحوال هذا وطنكِ وليس ذاك ،
وتبقين أنتِ محض وافـــدةٍ عليه لا مواطنة "


اندهشت [ رانيــــا ] من حديث والدتها ، صمتت والدتها لبرهة .. أغمضت عينيها تحاول تهدئة نفسها ، تنهدت ، وجّهت أبصارها نحو ابنتها وهي على صمتها .


أنهت ذاك الصمت بقـــــولها :
" منذ طفولتكِ يا [ رانيــــا ] ، وأنتِ تتحدثين عن المغرب حديث المشتاق لأرض وطنه ،
تطلبين وتلحين أن نستقر بها لبقية حياتنا . فما الذي تغير الآن يا [ رانيــــا ] ؟
لماذا لمـ تتقبلي حياتكِ هنا ؟ رغمـ أن هذا وطنك ، ولا ينقصه الجمال أبدًا "


أنزلت [ رانيــــا ] رأسها للأسفل ، بدا عليها الحزن بعد حديث والدتها ..
[ رانيــــا ] : " تلك الأرض مــاضيَّ يا أمي "
والدتها : " إذًا انسفي ذاك الماضي ، انسفيه إذا كان يسبب لكِ كل هذا الحزن "
[ رانيــــا ] باندهاش : " كيف للمرء أن ينسف ماضيه يا أمي ؟ كيف ؟ "
والدتها : " بأن ينساه .. ويعيش حاضره ، ليستطيع بعدها عيش مستقبله "


نهضت والدة [ رانيــــا ] من عِندها تقصد المطبخ ، تتبعها أعين ابنتها التي لمـ تستطع فهمـ
قصد والدتها .



●●●



فتحت باب منزلها ، نزعت حذائها المزرق ذو الكعب الخفيف ، ووضعته بجانب الباب ،
رسمت على وجهها المتورد ضِحكةً بهيةً ، رغمـ عِلمها بأن محاولها تلك قد تلاقي الفشل الذريع
أمامـ المشاكل التي تعاني منها عائلتها الصغيرة .


وضعت حقيبتها بجانب باب غرفة المعيشة ، دخلت إليها بخطواتٍ هادئة ، نظرت بعينيها
المخرضتين نحو الأريكة ، لترى من يجلس عليها .
اقتربت قليلاً ، سمعت أنينًا أشبه بالكباء .. زادت خطواتها بعد سماعها لذلك الأنين ،
" أمــــــي !! " نطقت بهذه الكلمة بعدما وجدت والدتها جالسة على الأريكة تذرف الدموع
تغطي بيدها وجهها .
أسرعت وجلست بجانب والدتها ، أمسكت يد أمها تحاول إزاحتها بلطفٍ عن وجهها ،
إنكشف وجه الأمـ أمامـ عيني ابنتها ..
كدمة مزرقة على الخدِّ الأيمن قرب عينها اليمنى ، وجُرحٌ مدمىً أسفل الفمـ بقليل .


[ .. ] : " أمـــــاه .. ليس مجددًا ، تشاجرتما ؟ "
والدتها تطأطئ رأسها : " بــــــلى .. "
مسحت الإبنة دموع والدتها بلطفٍ ، أمسكت رأس والدتها ووضعته على صدرها ،
تحاول بذلك تهدئة والدتها ، و التخفيف من حِدّة ألمها ..
تمتمت : " السكــــوت عن هذا أيضًا لا يجوز "


نهضت من عِند والدتها ، فكَّت حِجابها المزرق ، لينكشف شعرها الأسود الناعمـ الغزير ،
والدتها : " إلى أين يا [ عبير ] ؟ "
[ عبير ] : " إلـــى أبي .. "
والدتها : " لا يا ... "


لمـ تنتظر [ عبير ] أن تنهي أمها كلامها ، وانطلقت مسرعة نحو مكتب والدها وكلها غضبٌ ،
دقَّت باب الغرفة ، ليأذن لها والدها بالدخول .


فتحت [ عبير ] باب المكتب ، كان يجلس على مقعده يعطيها ظهره ، وقفت خلف أبيها وقالت :
[ عبير ] : " إلى متى ستستمران على هذا الحال يا أبي ؟ "
والدها : " لا علاقة لكِ بهذا يا [ عبير ] "
[ عبير ] : " ألستُ ابنتكما ؟ فكيف لا علاقة لي ؟ "


ضرب والدتها بقبضته المكتب بشدة ، وقال صارخًا في وجه ابنته :
" قلتُ لكِ لا تتدخلي بيننا يا [ عبير ] ، لمـ تكبرِ بعد حتى تفتحي عليَّ محضرًا للتحقيق "
صمتت [ عبير ] أمامـ غضب والدها ، غير مصدقة لما يقوله ..


تابع والدها حديثه : " تعلمين ما بيننا من خلافٍ ، أمكِ لا تنوِ الخير يا [ عبير ] ..
افهمي ذلك "
لمعتِ الدموع في عيني [ عبير ] ، وضعت يدها على فمها تحاول كتمـ بكائها ،
خرجت من غرفة أبيها مسرعة ، التقت بوالدتها التي استندت على الحائط خلف الباب ،
تسمع كل كلمة ينطق بها زوجها .
شلالات من الدموع ، هذا ما أبصرته [ عبير ] على وجه والدتها ، لتحكي بذلك كل ألوان
الحزن والمعانات .


اتجهت [ عبير ] نحو غرفة المعيشة ، ارتدت حِجابها ، حملت حقيبتها ، وخرجت مسرعة
من المنزل ، لتعود غلى المدرسة .
والدتها : " والغـــــــداء ....... ؟ "


أسكتَ والدتها صوت ارتطامـ الباب الذي أحدثته [ عبير ] ..




●●●




أنهت [ رانيــــا ] طعامها بسرعة شديدة ، إذ أنها اعتبرت نفسها قد تأخرت عن موعد دوامها
المدرسي الثاني . قبَّلت رأس والدتها ، وخرجت من المنزل .
في طريقها ، التقطت [ رانيــــا ] هاتفها الخلوي ، وأرسلت عبره رسالة إلى والدها تخبره
ألاَّ يحضر لأخذها إلى المدرسة .


" أربع حصصٍ أخـــرى ! .. آمـــل ألاَّ أواجه مشاكل جديدةً مع تلك .. الـــ[ وصــــال ] "
قالتها [ رانيــــا ] وهي تنظر إلى السماء ، تضع يدها على صدرها ..



●●●



أحاديثٌ كثيرةٌ تجاذبها طلاب القسمـ ، دخل [ وســــامـ ] القسمـ بصحبة صديقه [ أنـس ]
اللذان قصدا مقعديهما . ضرب [ وســـامـ ] بذراعه اليمنى ذراع [ أنــس ] اليسرى ، منبهًا
إياه أن ينظر أمامه .. " أنظر .. " قالها [ وســـامـ ] مشيرًا نحو مقعد [ رانيــــا ] ..
تحديدًا يقصد [ أمـــل ] التي بدا أنها تعبث بدرج [ رانيــــا ] ,,


بدا الاستغراب على [ أنـس ] ، اقترب من [ أمــل ] ، مال برأسه قليلاً حتى يستطيع النظر
إلى ما تفعله [ أمـــل ] ..


[ أنــس ] : " [ أمـــل ] ؟ .. ماذا تصنعين هنا ؟ "
فزعت [ أمـــل ] لذا سماعها صوت [ أنــس ] ، ردّت عليه مرتكبةً :
[ أمـــل ] : " آهـــاه ؟ لقد ... كنتُ .. آآآ .. كنتُ .. "
[ أنــس ] : " كنتِ ماذا ؟ أنا أنصِت "
[ أمــل ] : " أضعتُ مقلمتي .. خُيِّل لي أنني سأجدها في أدراجكمـ .. ليست في درج
هذه الفتاة ، ولا في درج [ عبير ] .. "
[ أنــس ] : " والمعنــــى ؟ "
[ أمــل ] : " لا شيء .. سأتدبر أمري باستعارتي لأقلامـ [ وصـــال ] .. "
وانصرفت من عِند الشابين .. تقصد بذلك العودة إلى [ وصـــال ] ..


التفت [ أنــس ] نحو [ وســــامـ ] ..
[ أنـــس ] الذي بدا عليه الشك : " ما رأيك ؟ "
[ وســــامـ ] الذي شرع بجلوسه على الكرسي : " لا شأن لنا بمشاكل الفتيات يا [ أنــس ] "
[ أنـــس ] : " لكن .. ماذا لو عادتا للشجار مجددًا ؟ "
[ وســـامـ ] : " رأيتَ بنفسكَ ردَّ فِعلِ [ رانيــــا ] .. لا تحتاج أية مساعدة ، ومن ثمـَّ فإن [ عبير ] معها .. تعادل أربع شباب معًا يتشاجرون فيما بينهمـ " ..
جلس [ أنـــس ] قرب [ وســـامـ ] ، وقال : " لا تبـــالغ ، ليس لهذه الدرجة .. "
[ وســــامـ ] : " في مطلق الأحوال ، لو تفاقمـ الأمر ، فلا مناص من المساعدة "




●●●




دخلت [ عبير ] القسمـ ، بدا عليها الحزن الشديد ، بعد الذي وجدته ينتظرها في بيتها ،
جلست على مقعدها ، وضعت الحقيبة في حضنها ، وتنهدت ..
دقائقٌ معدوداتٌ حتى وصلت [ رانيــــا ] إلى القسمـ ، بدت عليها السعادة ، ابتسمت [ عبير ]
لذا رؤيتها لـــ [ رانيــــا ] ، لتزيل بذلك كل آثار الحزن .
جلست [ رانيــــا ] على مقعدها ، وضعت حقيبتها قرب الطاولة . سمعت صوتًا قادمًا من درج
طاولتها ، أنزلت رأسها لترى ما الذي يصدر ذلك الصوت .


سحبت كتاب الرياضيات الذي بالدرج ، لتُفاجأ بضفدعٍ أخضر اللون يقف على الكتاب ..
صمتت [ رانيــــا ] موسعة عينيها من الصدمة ، فجأةً ، قفز الضفدع على وجه [ رانيــــا ] التي صرخت بأعلى
صوتها من شدة خوفها لتهزَّ معها القسمـ .. ارتد الضفدع ليسقط على الأرض ..
صمت الجميع لبرهة ، قطع ذاك الصمت صوت ضحكات [ أمـــل ] و [ وصــــال ] ،
" يا ســــلامـ !! " قالتها [ وصــال ] تضرب كفها بكفِ [ أمـــل ] كمن حقق انتصارًا

لمـ يسبق له مثيل ..


ضحك الجميع من موقف [ رانيــــا ] ، ضحكوا وضحكوا ، سقط بعضهمـ من شدة الضحك ،
جعلت [ رانيــــا ] تنظر بأبصارها يمينها ويسارها ، فاضت عيناها بالدموع ، احمرّ وجهها ،
شعرت بالإحراج الشديد ، وضعت يدها على فمها ، وانطلقت مسرعة تخرج من القسمـ ..


تابع كلٌ من [ أنــس ] و [ وســـامـ ] بأبصارهما [ رانيــــا ] التي لمـ تتحمل الإحراج الشديد
خارجة من القسمـ ..
قطّبت [ عبير ] حاجبيها غضبًا مما فعلته [ وصـــال ] بابنة عمها ، نهضت بغضبٍ شديدٍ ،
إلاَّ أن نهوض [ وســـامـ ] من مقعده غاضبًا قطع عليها شروعها بالتحدث ..


" أمـــا كفاكمـ ضحِكًا ؟! " نطق بها [ وســــامـ ] صارخًا في وجه التلاميذ إثر الغضب الذي اجتاحه
مما فعله الطلاب ..
التفت الجميع صوب [ وســـامـ ] بعد أن صمتوا جميعهمـ ، بعدها قال :
" من العيب لكمـ أن تستقبلوا الطالبة الجديدة بهكذا أسلوب ، هذا بدلاً من أن ترحبوا بها ؟
ما الذي يضحككمـ ؟ ضفدع ؟ أهذا كل ما في الأمر ؟ أمـ لأنها ارتعبت منه ، فسخرتمـ منها ؟ "


رفع يده اليمنى ، وجعل يشير بها عشوائيًا ، وهو يقول :
" أنتَ ، وأنتِ ، وأنا أيضًا .. كلنا كنا يومًا ما طلاّبًا جددًا على أقسامنا في مرحلة من المراحل ..
فهل سبق لأحدٍ منكمـ أن تمـ استقباله بهذه الطريقة ؟ "


لمـ يجب أحدٌ ، بل أن البعض قد بدا عليه الشعور بالذنب لما حدث ، أتبع [ وســـامـ ] حديثه :
" إذًا ؟ لما هذه المعاملة ؟ من لمـ يجرب .. فلا يكن سببًا في تجربة غيره "
نظر [ أنـــس ] نحو [ وســــامـ ] ، وقال مبتسمًا مخاطبًا نفسه :
" ممتــــاز ! "



" استرح يا [ وســــامـ ] ، لا تتعب نفسك ، مســـتجدِّة .. لا تستحق كل هذا الإهتمامـ "
قالتها [ وصــــال ] تخاطب بها [ وســامـ ] مستهزئةً به ..
أغمض [ وســـامـ ] عينيه لبرهة ، التفت نحو [ وصــــال ] .. وقال :
[ وســــامـ ] : " أذكر أنكِ العامـ الفائت كنتِ جديدةً علينا ، أمـ أنني مخطئ ؟ "
[ وصــــــال ] : " بـــــــلى .. ! "
[ وســــامـ ] : " واجهتِ مضايقاتٍ عندنا بالقسمـ ؟ "
[ وصــــــال ] : " كــــــلاّ ..! "
[ وســــامـ ] : " مثلما لمـ تجدِ عندنا المضايقات .. فلا تتسببي بها..
أمـ لأنها [ مســـــتجدِّة ] على حدِّ قولكِ .. تتعاملين معها على هذا الأساس ؟ "


أخرج من جيبه منديلاً صغيرًا ، نزل وحمل به الضفدع ، أكمل حديثه بعد أن نهض :
" ومن ثمـّ .. حتى الضفادع .. تستحق الرفق "


وخرج من القسمـ ، وسط ذاك الصمت . ما إن خرج من القسمـ ، حتى التقى بــ [ رانيــــا ] التي
وقفت مستندة على الحائط قرب الباب ، بدا أنها قد سمعت كل كلمة نُطِقَت بالقسمـ ..
مرَّ [ وســـامـ ] من أمامـ [ رانيــــا ] متظاهرًا بأنه لمـ يرها ..


دخلت [ رانيــــا ] القسمـ ، بعدما مسحت آثار الدموع من عينيها ، فإذا بها تجد أن كل تلاميذ
القسمـ قد انطلقوا صوبها ..


" أهـــلاً وسهلاً بكِ بيننا "
" سعداءٌ بالتحاقكِ بنــــا "
نعتذر عمّا بدر منـــــــــا "


كانت هذه العبارات جُلَّ ما سمعته [ رانيــــا ] من تلاميذ قسمها ،
بدت سعيدة بعد هذا الإنقلاب المفاجئ .. وخجلة من لطفهمـ في نفس الوقت .
نظرت نحوها [ عبير ] فرِحةً لفرحها ، وممتنةً لما فعله [ وســـامـ ] من أجل ابنة عمها .


دخل صوتٌ لأذني [ عبير ] .. يقول :
" مجددًا .. أتوعد بأن أطـــبع اسمي في حياتكِ أيتها .. المســــتجدِّة "
التفتت [ عبير ] نحو [ وصـــال ] ، لتجدها في أوجه غضبها ، خاصةً بعد أن رحّب كل التلاميذ
بـــ [ رانيــــا ] .


رددت [ عبير ] في نفسها :


" وأنا لكِ بالمرصاد.. "




●●●




أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 03:57 PM
●●●




تمامـ الرابعة عصرًا ، هكذا أشارت ساعة يد [ رانيــــا ] ، نظرت بأبصارها بأجواء القسمـ ،
كان شبه فارغٍ ، فقد كانت هذه فترة الإستراحة بالمدرسة ..
فتحت حقيبتها ، وأخرجت منها سجّادة صغيرة الحجمـ ، توجّهت صوب أحد زوايا القسمـ ،
فرشت به سجّادتها .. وكبّرت بادئة صلاتها ..
تلت الصور التي اختارتها بصوتٍ أشبه بالهمس ، أربع ركعاتٍ ، إثنتان طويلتان .. وأخريتان
قصيرتان .. كانت تلك صلاة العصر ..

سلّمت يمناها ويسراها ، قامت من على الأرض ، طوَت سِجّادتها ، وأدخلتها الحقيبة ..
التفتت خلفها ، فإذا بها [ عبير ] تفتح إحدى نوافذ القسمـ ، ليدخل من خلالها نسيمـ
عليل أخذ يداعب ثيابهما ..

استدارت [ عبير ] نحو [ رانيــــا ] .. قالت وعلى وجهها ابتسامة لطيفة :
" من بعدك .. أستطيع استعارة سِجادتكِ قليلاً ؟ "
ابتسمت [ رانيــــا ] : " بالتأكيد .. " وناولتها السجادة ..

بينما [ عبير ] تفرش السجادة بادئة صلاتها ، توجهّت [ رانيــــا ] صوب النافذة ..
تنظر بعينيها المخضرّتين نحو السماء الزرقاء ، التي استحوذت الغيومـ البيضاء على شيءٍ
من مساحتها ، ظلّت تستغرق بنظرها في السماء لمدة يسيرة ..

سمعت صوت ارتطامـ كرة بالأرض ، نظرت للأسفل نحو الساحة لترى مصدر الصوت ..
شاب طويل القامة ، ينطط كرةً أشبه في شكلها بكرة السلّة ، بدا مظهر ذاك الشاب
مألوفًا لـــ [ رانيــــا ] .. أخذت تدقق ,, اتسعت عيناها .. ونطقت هامسةً :
" [ علــــــي ] ؟! " .. حاولت أن تنزل قليلاً لترى .. إلاّ أن الشاب قد انصرف ..

التفتت نحو [ عبير ] .. لتجد أنها قد أنهت صلاتها ، انطلقت صوبها ، خطفت منها السجادة
ووضعتها في درجها ، أمسكت يد [ عبير ] وجرتها معها ..



[ عبير ] باندهاش : " هيي [ رانيــــا ] .. ما خطبك ؟ "
توقفت [ رانيــــا ] لوهلة ، نظرت إلى [ عبير ] .. قالت مزيحة عينيها إلى اليسار :
" تعرفين [ عليـــًا ] .. أليس كذلك ؟ "
[ عبير ] : " بـــــلى .. ابن خــــالتكِ [ منى ] .. "
[ رانيــــا ] : " يدرس هنا ؟ "
[ عبير ] : " وما أدراني أنا ؟ لمَـ تسألين عنه ؟ "
مشت [ رانيــــا ] و [ عبير ] تتبعها :
[ رانيــــا ] : " خُيّل لي أنني رأيته بالساحة .. "
[ عبير ] : " وماذا في ذلك ؟ هيي [ رانيــــا ] .. أمركِ لا يعجبني ! "
[ رانيــــا ] : " ما كان ينقصني هو أن يكون ذاك المختل هنا .. "



وصلت الفتاتان إلى الباب المؤدي إلى الساحة .. ارتطمت كرة سلةٍ بقدمـ [ رانيــــا ] ..
نظرت [ رانيــــا ] إلى الكرة .. ثمـّ وجّهت أبصارها إلى الأمامـ ..

فإذا بهِ شابٌ طويل القامة يأتي راكضًا نحو [ رانيــــا ] و [ عبير ] ..
اتسعت عينا [ رانيــــا ] .. وفتحت فمها ..

نظرت [ عبير ] إلى [ رانيــــا ] .. ابستمت وضربت بذراعها ذراع [ رانيــــا ] .. وقالت :
" ذكرنا القط .. جاءنا ينط .. "
بقيت [ رانيــــا ] على صمتها .. وصل [ علي ] إلى الفتاتين .. انحنى ليلتقط الكرة ..

قال وهو ينهض : " المعذرة لمـ أقصد أن .... " قطع كلامه بعدما نظر إلى [ رانيــــا ] ..
[ علي ] : " أوه ! أهـــــلاً [ رانيــــا ] .. صدفة سارّة "
[ رانيــــا ] تحرك عينيها بارتباك : " آآ .. أهــلاً [ علي ] .. ربما .. قد تكون سارّة "
[ علي ] مشيرًا إلى الفتاتين : " دعاني أحزر .. تدرسان بنفس القسمـ .. "
[ عبير ] : " بــــلى .. لا تخشَ شيئًا .. [ رانيــــا ] بين أيدٍ أمينة .. "
[ رانيــــا ] صارخة بوجه [ عبير ] : " [ عبير ] ؟! "
ضحكت [ عبير ] .. وابتسمـ معها [ علي ] ..

نادى أحد الشباب [ عليــــًا ] ليُحضِرَ الكرة حتى يستطيعوا إكمال المباراة ..
أشار [ علي ] يده لذاك الشاب ، معلنًا له عن قدومه ..
عاد واستدار نحو الفتاتين ، ابتسمـ تارة ينظر صوب [ رانيــــا ] ، وتارة أخرى صوب [ عبير ] ،
وقال : " اسمحا لي .. رُفقةٌ تنتظرني ".. وانصرف من عندهن ..

تنهّدت [ رانيــــا ] تنهيدة طويلة ، وقالت بتذمر : " رائــــــع ! اكتملت العائلة ..
كمـ أنا محظوظة ! "
[ عبير ] : " حسب ما أرى .. أنتِ لا تطيقين [ عليــــًا ] ، ما السبب يا ترى ؟ "
[ رانيــــا ] : " لمـ تتعاملِ معه .. لهذا لا تعرفينه "
[ عبير ] بتذمر : " يبدو أنني التي لا تعرفكِ جيدًا .. "



●●●


دخـــل بخطواتٍ هادئة ، يده في جيبه ، ما إن وطئت قدمه باب القسمـ حتى أنزل أبصاره
أسفلاً ، قصد مقعده بلا أي التفات ..
جلس عليه ، أرجع يده اليمنى إلى الوراء وأدخلها في حقيبته ، أخرج منها كتابًا صغير الحجمـ ،
وجعل يقلّب صفحاته ..

هبَّ النسيمـ المنبعث من النافذة التي تركتها [ رانيــــا ] مفتوحة ، ليداعب خصلات شعره
الأسود المنسدل على وجهه الجميل ..
التفت إلى النافذة ، نظر إليها بشرود ، أعاد نظره إلى الكتاب ، تنهد ، وأعاد ظهره إلى الكرسي ..
" لستُ بمُخيّر .. لا بدّ من إخفائه " نطق بتلك الكلمات وهو ما يزال على شروده ،
واضعًا يده على صدره ، ضغط على قميصه ، وأغمض عينيه ..

التفت يمينه ، فإذا برفيقه قادمـٌ يقصد في وجهته القسمـ ، دخل رفيقه بسرعة كبيرة ، بدا
عليه الإنزعاج ، اتجه نحوه ، وقف أمامه منتصب القامة ، ينظر إليه وعلى عينيه علامات الغضب الجامح ..
" [ وســــامـ ] .. منذ متى تتركنا ونحن في وسط المباراة ؟ "
نطق بها [ أنس ] مخاطبًا صديقه ..
أزاح [ وســـامـ ] نظره عن صديقه ، شرع بالحديث ، إلاّ أن [ أنســــًا ] قاطعه :
" سببتَ لي الإحراج .. ماذا أقول للشباب ؟ "
[ وســــامـ ] : " لا أستطيع اللعب يا [ أنس ] .. متعبٌ فقط ، هذا كل ما في الأمر "
[ أنس ] وعلى وجهه علامات الإستغراب : " متعب ؟ لمـ نلعب سوى بضع ثوانٍ .. متى تعبت ؟ "
[ وســـــامـ ] : " [ أنــس ] .. رأسي يؤلمني ، لا أستطيع اللعب الآن ، دَع أمر الشباب لي ،
أنا من سيشرح الامر لهمـ ، لا لومـَ عليك "
[ أنــــس ] : " رائــــع ! قبل قليلٍ لقيتُ منهمـ التوبيخ ، وتقول لي أنني لستُ ملامًا ..
جميــــل جدًا ! ,, سلامة رأسك يا أخي "
وانصرف غاضبًا من عند صديقه ..

تابع [ وســـــامـ ] رفيقه ببصره ، بدا عليه الحزن الشديد ، تمتمـ قائلاً :
" اعذرني يا صديقي .. فما بيدي حيلة .. آهٍ لو تدري فقط "

استند على الطاولة بذراعه اليمنى ، وضع رأسه عليها ، كمن يريد النومـ فوق الطاولة ..



●●●




{ ترررر~رررررررن } كان هذا صوت جرس المدرسة ، معلنًا بذلك انتهاء فترة الإستراحة ،
شرع تلاميذ المدرسة بالدخول إلى الأقســــامـ ، والأساتذة يساهمون في إدخالهمـ ..
أمسكت [ عبير ] يد [ رانيــــا ] ، وأخذت تجرها من وسط الساحة ..
[ عبير ] وهي تجر [ رانيــــا ] : " هيــــّا .. لن تجدِ من يحتمل تأخير تلاميذه "
[ رانيــــا ] : " طيب طيب .. تمهلي يا [ عبير ] ، هذه ذراعي .. لا تنسِ ذلك "
ضحكت الفتاتان .. وواصلتا مسيرهما نحو القسمـ ..

صعدتا الدرج ، ما إن وصلتا لنصفه حتى توقفت [ عبير ] مكانها ، وأنزلت رأسها ،
نظرت نحوها [ رانيــــا ] ، لمـ تفهمـ لماذا فعلت ذلك ، صوبت نظرها للأمامـ ،
فإذا به أستاذٌ ضخمـ الجثة ، يقف أمامها كالجدار ..

" أتعانيــــان مشاكل في السمع ؟ " صرخ بهذه الكلمات الأستاذ الواقف أعلى الدرج ،
فزعت [ عبير ] و [ رانيــــا ] ، لمـ ترد أيٌ من الفتاتين ..
صرخ مجددًا : " أجيبـــــا ! "
[ عبير ] : " لا يا سيدي .. لا نعانِ أية مشاكل سمعية "
الأستاذ : " هذا يعني أنكما قد سمعتما الجرس "
[ رانيــــا ] : " بلى .، سمعناه "
الأستاذ صارخًا : " إذاً ما الذي أخركما ؟ "
[ عبير ] : " كنّا في طريقنا لقسمنا الآن .. لمـ نقصد التأخر "
الأستاذ : " أرشداني هيا إلى قسمكما "
أرشدتِ الفتاتان الأستاذ إلى قسمهما ، وقفت [ رانيــــا ] و [ عبير ] أمامـ الباب ..
[ رانيــــا ] : " سيدي .. هذا هو قسمنا "
أشار الأستاذ للفتاتين أن تتنحيا جانبًا ، ففعلتا ، فتح الأستاذ الباب ،
فإذا بالقسمـ أستاذة تقف محدثة الطــــلاب ..

دخل الأستاذ ومعه الفتاتان ، نظر في أرجاء القسمـ ، وقال مخاطبًا المعلمة :
" عذرًا منكِ سيدة [ نورة ] ، هل القسمـ مكتملٌ لديكِ ؟ "
الأستاذة [ نورة ] : " أجــــل .. مكتمل ! "
الأستاذ : " تأكدي من ذلك مجددًا إن سمحتِ "
أزالت الأستاذة [ نورة ] نظّاراتها الكبيرة ، وشرعت تتنقل بأبصارها في أرجاء القسمـ ،
انتبهت أن المقعدين خلف [ أنــس ] و [ ســـــامـ ] فارغين ..

تفاجأت الأستاذة ، وقالت مخاطبة التلاميذ : " لمن هذين المقعدين ؟ "
التفت الجميع صوب المقعدين ..
الأستاذ : " لهاتين الفتاتين .. ادخلا هيّا "
دخلت [ رانيــــا ] و [ عبير ] القسمـ ، منزلتا رأسيهما للأسفل تشعران بالإحراج ..

" رائــــــع ! مشكلة جديدة .. " نطق بها [ أنــس ] بصوتٍ شبه هامسٍ وهو يضع يده على رأسه ..
أكمل الأستاذ حديثه : " عذرًا لتعطيلك يا أستاذة ، وجدتهما في الخارج تمرحان "
ردت [ رانيــــا ] : " لمـ نكن نمرح .. لقد ...... "
قاطعتها المعلمة : " ولا كلمة .. لستِ في موقفٍ يسمح لكِ بالتحدث "
أكملت حديثها موجهة إياه إلى الأستاذ : " أشكركَ يا أستاذ [ عبد الواحد ] .. وصلت أمانتك "

الأستاذ : " طيب .. لا شُكر على واجبٍ .. أعتذر مجددًا "
وانصرف الأستاذ مغلقًا خلفه الباب ..

بقيت الفتاتان واقفتا منزلتا رأسيهما للأرض .. توجهت نحوهما الأستاذة [ نورة ] ، وقالت :
" ما اسمكا ؟ "
[ رانيــــا ] : " .. [ رانيــــا ] .. "
[ عبير ] : " وأنا [ عبير ] .. "
الأستاذة : " فكرتُ في أن أنقص كلاً منكما نقاطًا في السلوك على هذا الفِعل ..
إلاّ أنني سأتغاضى هذه المرة عن هذا الخطأ .. شريطة ألاّ يتكرر الأمر "

طأطأت الفتاتان رأسيما موافقتان على ما قالته المعلمة ..
أذِنت المعلمة لهما أن ينصرفا .. فانصرفتا ..


عادت [ عبير ] و [ رانيــــا ] إلى مقعديهما تجران معهما أذيال الحرج من هذا الموقف ،
ما إن وصلتا إلى مقعديهما ، حتى إنطلقت ضِحكة عرفتها [ عبير ] قبل أن تنظر حتى إلى مصدرها ..

أصدرت [ وصــــال ] تلك الضِحكة ، وبنظرة خبيثة نظرت إليهما ..
بدا الغضب واضِحًا على وجهه [ عبير ] ، هدّأت [ رانيــــا ] من إنفعالها وجلستا
إلى مقعديهما ..

أنزلت [ رانيــــا ] رأسها ، باديًا عليها الحزن الشديد .. وقالت محدثة نفسها :
" رائـــــــــع ! بداية موفقة في يومي الأول .. إحراج في موقفين متتاليين .. كمـ أنا محظوظة ! "

أمـــــّا [ عبير ] .. فقد لمعت نيران الغضب في عينيها المخضرّتين جرّاء ضِحكة [ وصـــال ] ..
حدّثت نفسها .. قائلة :
" تغاضيتُ كثيرًا .. أمـــّا الآن ، فلا "



•••









تترقب وتترقب ، تهزّ قدمها بتوتر ، تود فقط لو أن الحصة تنتهي ، حتى تُقبل على ملعمتها
تطلب منها السمــــاح .. هذا ما كان يجول داخل [ رانيــــا ] ..
دقيقة تلت الدقيقة ، ومعلومة تلت المعلومة .. شارفت حصة اللغة العربية للأستاذة [ منيرة ]
على الإنتهاء ، و [ رانيــــا ] تترقب نهايتها على أحرّ من الجمر ..


{ ترررررر~رررررن } هزّ صوت رنين جرس المدرسة جدرانها ، ليعلن بذلك نهاية الحصة السابعة ،
وبداية الحصة الثامنة والأخيرة ..
سارعت [ رانيــــا ] وقامت من على مقعدها .. التفتت نحوها [ عبير ] ..





[ عبير ] : " إلى أيــــن ؟ "
[ رانيـا ] : " إلى الأساذة [ منيرة ] .. "
[ عبير ] : " لمـَ ؟ "
[ رانيـا ] : " حسنٌ .. أنبني ضميري ، وودتُ لو أعتذر منها .... أتأتين معي ؟ "
[ عبير ] : " إذهبي وحدك .. ستردكِ خائبة ولا شك "
[ رانيـا ] : " ما سبب ثقتكِ أنها ستردني خائبة ؟ المحاولة خيرٌ من الجلوس بلا حِراك "
[ عبير ] : " لن أمنعك .. لو شئتِ فاذهبي "





لمـ تكترث [ رانيــــا ] لحديث [ عبير ] ، بل توجهت إلى معلمتها ، تلتمس منها العذر ..
تابعتها [ عبير ] بأبصارها ، منتظرة ابتعادها عن المقعد ..
" جيــــّد ، ابتعدت أخيرًا " رددت [ عبير ] هذه العبارة في داخلها ، وجّهت أبصارها نحو [ وســـامـ ] ..
نادت [ عبير ] [ وســــامًا ] بصوتٍ أشبه بالهمس ، ليلتفت هو نحوها ..





[ وســامـ ] : " ناديتني ؟ "
[ عبير ] : " بلــــــى .. وددتُ فقط لو .... "
[ وســــامـ ] : " مـــاذا ؟ "
[ عبير ] : " أشكركَ لما فعلته مع ابنة عمي "




صمتَ [ وســـامـ ] لوهلة يسترجع ما بذاكرته ، تذكر موقف الضفدع ..




[ وســــامـ ] مبتسمًا : " آه !! لا داعي للشكر .. ابنة عمك ؟! "
[ عبير ] : " أجـــل .. ! "



التفت [ أنــــس ] إلى [ عبير ] ,,




[ أنـــس ] : "اتضح الأمر الآن ! "
[ عبير ] : " أي أمر ؟ "
[ أنـــس ] : " الشبه الذي بينكما .. وجدنا الآن تفسيره "
[ عبير ] بضحكة خفيفة : " والدي ووالد [ رانيــــا ] توأمان ..
وكلٌ منّا تشبه أباها .. فلا تستغرب "
أكملت حديثها : " على كلِ .. أسعدني موقفكَ يا [ وســـامـ ] .. شكرًا لك "
أومأ [ وســـامـ ] برأسه : " لا شُكرَ على واجب "



أعادت [ عبير ] أبصارها باتجاه [ رانيــــا ] ، لترى يد المعلمة موضوعة على كتفها ، والمعملة تبتسمـ لها ..
استغربت [ عبير ] مما تراه ، فالأستاذة [ منيرة ] معروفة بصلابتها مع تلاميذها ، ولا مجال للتحدث معها .
خرجت المعلمة ، وعادت [ رانيــــا ] إلى مقعدها فرِحة سعيدة بما فعلته ..
جلست بجوار [ عبير ] ، وعلى وجهها تلك الإبتسامة الحلوة ..





[ رانيــــا ] مستهزئة : " ستردكِ خائبة ولا شك .. واضـــــحٌ جدًا ! "
[ عبير ] : " وما أدراني أن صلابتها تلك يمكن بإعتذارٍ أن تلين ؟ "
[ رانيــــا ] : " أخبرتكِ أن المحاولة خيرٌ من الجلوس بلا حِراك ، لكن .. عبثًا أحوال "





حركت [ عبير ] رأسها يمينًا ويسارًا تتأفأف من حديث [ رانيــــا ] ، قامت من مقعدها ، وتوجهت
صوب النافذة المفتوحة مسبقًا ، تبعتها ابنة عمها لتقف بجوارها ..






•••






دامـ الصمت بينهما طويلاً ، الأول بقيت أبصاره صوب طاولته ، والآخر تارةً يلتفت نحوه ،
والتارة الأخرى نحو طاولته ..
[ أنــس ] و [ وســـامـ ] اللذان نشب بينهما الخلاف السابق أثناء الإستراحة ..
" لا بدّ من إرضائه " هكذا كان [ وســـامـ ] يردد في داخله ، لما أحسه من تأنيبٍ للضمير
بعد الذي جرى بينهما ..


رسمـ على وجهه شبه ابتسامة ، التفت صوب صديقه ، و شارع في حديثه ..





[ وســـامـ ] : " ابتهج يا صـــاحبي "




لمـ يرد [ أنــس ] بأي كلمة ، أغمض عينيه وتنهد ، ليثبت بذلك تجاهله التامـ لرفيقه ..
عاد [ وســـامـ ] وابتسمـ مجددًا ، اقترب من صديقه ، أمسك بيده اليمنى يد رفيقه ،
ليلتفت إليه [ أنـــس ] ..





[ وســــامـ ] : " أهنالك مجال للإعتذار ؟ "
[ أنـــس ] : " أن تتركني أواجه لومـ الشباب وحدي .. أنانية "
[ وســــامـ ] : " أخبرتكَ أنني كنتُ متعبًا ,, ألا يكفي هذا المسوغ ؟ "





صمت [ أنـــس ] ، نظر نحو صديقه ، ليجد أنه يبستمـ إليه بصدق .. أغمض عينيه ،
وضحك ضِحكة خفيفة غير مسموعة ، فتح عينيه وصوب أنظاره نحو [ وســــامـ ] ..





[ أنـــس ] : " إعتذراك مقبول .. لكن ويحك أن تكررها "
[ وســــامـ ] : " ألديكَ شكٌ في ذلك ؟ "
[ أنـــس ] : " مممممممـ ,, لا .. لا أظن .. "





ضحك الإثنان معًا ، كلٌ يقابل الذي أمامه .. ليُصلح الخلاف بينهما ..







•••








نظرت بعينيها نحو ساعة معصمها السوداء ، التي انعكست عليها أشعة السمش ..
انتقلت أنظارها إلى [ عبير ] .. وعلى وجهها علامات التساؤل ..





[ رانيــــا ] : " ألن ندرس هذه الحصة ؟ "
[ عبير ] : " صدّقيني .. ستشتاقين إلى الدروس "
[ رانيــــا ] : " لمـــاذا ؟ "
[ عبير ] : " كثرة الحصص الفارغة ستساهمـ في ذلك "
[ رانيــــا ] بتذمر : " وأنا التي أتحمس شوقًا للدراسة .. أقلتُ مسبقًا أنني محظوظة ؟ "
[ عبير ] : "بلــــى .. حتى حفظتها منكِ حِفظًا .. "






ضحكت [ رانيــــا ] من ردت [ عبير ] ، ضربت بلطفٍ رأس [ عبير ] وكلٌ منهما تضحك للأخرى ..
لتنعكس من خلالهما أبهى صور الصداقة ..








•••









تمامـ السادسة مساءً ، رنّ جرس المدرسة ليحين موعد إنصـــراف الطلاب إلى منازلهمـ ..


إنفصلت [ عبير ] عن [ رانيــــا ] لتذهب كلٌ منهما إلى منزلها ..
دخلت [ رانيــــا ] إلى دارها ، لتجد كلاً من والديها يجلس في غرفة المعيشة يترقبان مجيئها ،
ألقت التحية على والديها ، قبّلت رأسيهما ، صعِدت إلى غرفتها ، غيرت ثيابها ،
واستلقت مباشرةً على سريرها ..


" آآآه .. يومـٌ بديع قضيته .. الصدفة الغريبة ، شجار ، إحراجٌ مع الضفدع ، وجود [ علي ] ، وذاك
الموقف المحرج الأخير .. " .. قالتها [ رانيــــا ] تعدد ما حصل معها في يومها الأول ..


استقامت في جِلستها ، نظرت إلى الساعة الموضوعة قُرب سريرها ، لتجد أن موعد صلاة
المغرب قد حـــــان ,,


توجهت صوب مغسلة الحمامـ ، توضأت ، لبِسَت عباءتها ، فرشت سِجادتها ، وكبّرت مُعلِنة
بدء صلاتها ..
أنهت صلاتها ، عادت إلى غرفة المعيشة ، لتشارك والديها جلستهما ..




•••




أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 04:04 PM
إنقلب وجهها رأسًا على عقِب ، من فرِحٍ لحزينٍ ، ومن سعيدٍ لعبوس ..
كيف لا ؟ وعائلتها تعاني الأمرين .. خلاف والديها ، يدفع ثمنه أبناؤهما ..
أجــــــل ،، عائلة [ عبير ] ..

فتحت باب المنزل بهدوء ، تنظر خِلسة لمن يتواجد في المنزل ، سمعت صوت تلفاز غرفة
المعيشة يملؤ المنزل .. لتتيقن أن أخــــاها متواجد بالبيت ..
دخلت ، نزعت حِذائها ، وضعت حقيبتها بجانب الأريكة ، ألقت التحية على أخيها ، وجلست
بجــــــــواره ..



[ عبير ] : " [ هشـــامـ ] .. أبي بالبيت ؟ "
[ هشـــامـ ] : " لا .. خرج قبل قليل .. "
[ عبير ] : " وأمــك ؟ "
[ هشـــامـ ] : " في غرفتها .. "
أكمل حديثه : " آثار وجه والدتك ، دليلٌ على شِجارٍ جديد "



تغير وجه [ عبير ] ، ليحمل لمن يراه كل كلمات الحزن والألمـ ..




ردّت على شقيقها : " مع الأسف .. ذاك الخِلاف سيدومـ مطولاً "
[ هشـــامـ ] : " ونحن علينا الضريبة "
[ عبير ] : " والدكَ يقول أنه لا علاقة لنا .. فما رأيك ؟ "
[ هشـــامـ ] : " يطلب المستحيل ، فمن حيث ذهبت الإبرة ، تبعها الخيط ..
والدانا الإبرة ، ونحن الخيط .. "
[ عبير ] : " مــــع الأسف .. أنتَ محق .. "


نهضت [ عبير ] من عِند أخيها ، قاصدةً بذلك غرفتها الخاصة ..



[ هشــــامـ ] .. الأخ الأكبر لــ [ عبير ] ، يدرس بأول سنة في الجامعة ، الهندسة المعمارية ،
هذا ما وقع عليه اختياره كإختصاص ..
متوسط القامة ، ليس بطويلٍ ولا بقصير ، أسود الشعر كشقيقته ، يصل لرقبته ،
يمتاز بلمعة بيضاء ، أبيض البشرة ، بني العينين .. بهي الوجه ..
يشبه أمه في شكله ، خِلاف شقيقته .. التي حضيت بجمال والدها ..



•••





وقف أمامـ باب منزله ، ينظر إلى مقبضه بشرود ، تردد قليلاً قبل فتحه ، إلاّ أنه حسمـ أمره في
نهاية المطاف ..
فتحه بتمهّل ، ليرى أن الظلامـ ساد على المنزل في كل أرجائه ، جعل بقدمه تطأ باب الدار ،
بيده اليمنى أشعل ضوء المنزل ، ليزيح ذاك الظلامـ الدامس بالمنزل ..

لا أحد بالمنزل ، هذا ما أبصرته أعين [ وســــامـ ] السوداء ، تقّدمـ ناحية الطـــاولة المحيط بها طقمـ الأريكة ..
انتبه على جواله ، إذ أنه احتوى على رسالة نصية ..
فتحها ، ليــــــــجد بها ..




بنــي ~ ..
والدك لديه عملية طــارئة يتحتمـ عليه عملها ..
وأنا لمـ أنتهِ بعدُ من عملي .. ,,
تركتُ لكَ وجبتكَ المفضلة فوق الطاولة ..
كله واستذكر دروسك ونمـ ,,
سنتأخر ، فلا تنتظرنا ..



هكذا احتوت الرســالة التي أرسلتها والدة [ وســــامـ ] لابنها عبر الجــــوال ..
قطّب حاجبيه ، ضيّق قبضته حول جواله ، وألقاه بعيدًا عنه ، ليستقرّبين وسائد الأريكة ..
ألقى جسده بخفة فوق أريكة لشخصٍ واحدٍ ، كجثةٍ هامدةٍ وقعت عليه ..

" وكأنني لمـ أعتد على غيابكما " .. رددها [ وســـامـ ] واضعًا يده على صدره ، شادًا
بقوة على قميصه .. أغمض عينيه ، تنهد ، فتحها لتستقر على الطـــاولة التي احتوت
على طـــــاجنٍ بني اللون ، فتحه ، فإذا به طــاجن الدجاج مع البطاطس المقلية ..


نظر إليه بشرود ، تمتمـ قائلاً :
" وكأنني سأشعر بمذاقه ! "



•••


صوت خطواته الهادئة قطع صمت ذاك الفجر ، بشفتيه جعل يتابع المؤذّن في أذانه ،
رفع أبصـــاره ناحية السماء ، شبه ظلماء ، ذاك الفجر الصادق ، ميقات ذهابه إلى المسجد ،
حيث يجد راحته وإطمئنانه ، حيث يجد سكينة قلبه ,,

نزع نعله ، ووضعه أمامـ باب المسجد ، بيده اليمنى أمسكَ مقبض الباب ، وبرجله اليمنى
كذلك دخل المسجد ، وأذكار دخول المسجد ذكر ..

شبه خاوٍ ، هكذا كان حال ذاك الجامع ، جعل بعينيه السوداوتين تجوبان أركان الجامع ،
أنزل رأسه ، رفع يده اليمنى وكبّر بها لوحدها ، فكيف يكبّر بيدٍ عاطلة عن العمل ؟

شرع في صلاته ، والخشوع يملؤ قلبه ، بذاك الصوت البديع بدأ يتلو سور صلاته ،
ثوانٍ مضت ، عنده كالساعات مرّت ، كَرِه أن يوفقها ، وتمنّى لو تدومـ ,,

فاضت عيناه ، سارع بمسح دومعها ، كي لا يراه مخلوقٌ يبكي عدا ربّه ،
رفع أبصــــاره إلى الأعــــلى ، ومعها رفه يمناه ، في وضعية من يشكو ربّه ،
" اللهمـ ألهمني الصبر .. " هذه هي رسالته إلى الله ، رسالةٌ ما سمعها ورآها غير خالقه ،
وما شكاها لأحدٍ سواه ,,



إتخذ إحدى زوايا الجامع مكانًا له ، أمسكَ أحد المصاحف الشريفة ، وشارع بتلاوته ..
نظر للأمامـ ، فإذا به الإمــــامـ ينظر ناحيته ، ابتسمـ له صاحبنا ، وبادله الإمامـ نفس
الإبتسامة .. " ما أسعد والداك بكَ يا [ وســـــامـ ] .. ! "
هذا ما ردده إمامـ الجامع لذا رؤيته لصـــاحبنا ,,




•••




رفعت أكفّها إلى الأعلـــى ، لمـ تقصد بها عُلوّ السمـــاء ، بل ما فوق ذاك العلو ..
تسبّح وتشكر ، أجـــل تخاطب بقليل الكلمات مجيب الدعوات ..
مسحت بكفّيها وجهها المتورد ، طوت سجّادتها ، نزعت عبائتها وخِمارها ، إلى سريرها عادت ،
ونومها أكملت ، فما ردعها النومـ عن القيامـ بصلاتها ,,

غفت بالفعل ، اختفت عيناها المخضرّتان تحت جفنيها ، فتحت والدتها باب غرفتها ،
تقصد بذلك الإطمئنان عليها ، نظرت خِلسة خلف الباب ، ها هي ذا تغطُّ في نومها ،
كالملاك الصغير ، تغطُّ ابنتها [ رانيــــا ] في نومها كالملاك ..

وقف والدها خلف زوجته ، التفتت ناحيته زوجته ، ابتسمت له ، وبادلها الإبتسامة ،
أعادت أبصارها ناحية ابنتها ، وبهدوءٍ شديدٍ ، أغلقت الباب ,,




•••




السابعة صباح يومـ الأربعاء ، ملأ رنين ساعتها أرجاء غرفتها ، وهي ما تزال مصرّة على
نومها ، ترن وترن ,, فلا حياة لمن تنادي ، دخلت والدتها غرفتها ، أمسكت الساعة وأوقفتها
عن الرنين ,, خاطبت ابنتها :
" أراهن بكل ما أملك أنكِ لن تستيقظِ حتى لو وقعت بجانبكِ أكبر القنابل الذرية "
التفتت صوبها ابنتها ، استقامت في جِلستها ..
" كمـ الساعة يا أمي ؟ " رددت [ عبير ] هذه العبارة ، ويدها تحكُّ عيناها ,,

وقفت والدتها بجوارها ، وقرّبتِ الساعة من ناظريها ، التفتت صوبها [ عبير ] ،
والتقت أبصارها بعقارب الساعة .. فإذا بها تشير إلى السابعة والربع ,,

" تــــــــــأخرت !!!!! " صرخت بها [ عبير ] بعد أن ارتدت من فوق سريرها ،
نحو المغسلة توجهت ، ودقائقٍ أخرى أمضتها في ارتداء ثيابها ,,





[ عبير ] : " لماذا لمـ توقضيني يا أمـــاه ؟ "


والدتها : " والساعة التي نفذ صوتها من كثرة الرنين ؟! "


[ عبير ] : " أكـــانت ترن من الأساس ؟ "


والدتها : " الأجدر بكِ أن تجدي حلاً لنومكِ الثقيل "


[ عبير ] بعد أن فرغت من وضع حجابها : " وكأن الأمر بيدي ... حسنٌ أنا ذاهبة "


والدتها : " والفطور ؟ "


[ عبير ] تخرج من غرفتها : " لا داعيَ له .. إلى اللقاء .. "








وتركت أمـــها تراقبها بأنظارها ..

ظلّت والدتها تفكر ..

" في الشكــــــل فقط .. هذا ما تشبهينه " وفي داخلها هذه العبارة رددت ..







•••





على مقعدها جلست ، و محفظتها وضعت ، تنتظر رفيقتها ، وناحية الباب ظلّت تتأمل ,,

كان هذا حال [ رانيــــا ] التي ظلّت تنتظر [ عبير ] التي بدا لها أنها قد تأخرت ..





خشيت من ألاّ تحضر ابنة عمها اليومـ ، والخوف بدأ يغمر قلبها ، قطع ذاك الخوف وتلك

الخشية حضور [ عبير ] أخيرًا ,,
ابتسمت [ رانيــــا ] لذا رؤيتها لابنة عمّها ، جلست [ عبير ] بجوار [ رانيــــا ] ..
وكلٌ للأخرى تبتسمـ ، بدا على [ عبير ] الإرتباك ..










[ رانيــــا ] : " ما سبب تأخيرك ؟! "


[ عبير ] : " النـــــــومـ .. "


[ رانيــــا ] تحاول إخفاء ضِحكتها : " حمدًا لله على وصولكِ "





بقيت الفتاتان تتجاذبان أطراف الحديث بينهما ..

إيقاع خطواته الثابتة ملأ أرجاء الممر ، وإلى القسمـ توجه ، ارتبك الطلاّب لذى

رؤيته ، فكيف لهمـ أن يبقوا واقفين والأستاذ [ معاذ ] قد حضر إلى القسمـ ؟
إلى مقاعدهمـ جلسوا ، وكتب الجغرافيا وضعوا ، استعدادًا لبدء الحصة ..












جاب بنظره أركان القسمـ ، وبدون أن ينطق بأي كلمة ، التفت صوب الصبورة

يخطُّ عنوان الدرس المقرر على التلاميذ أخذه ,,





شدَّ انبتاه الأستاذ [ معاذ ] صوت الباب وهو يُدق ، فتح أحد الأساتذة باب القسمـ ،

وجعل يُخاطب الأستاذ [ معاذ ] سرًا بينه وبين زميله ,,
عاد الأستاذ الدخيل إلى الباب ، وبدا أنه يُشير إلى أحدهمـ أن يدخل ..






ما إن وطِئت قدمها باب القسمـ حتى فتح الجميع فمه ، فتاة !

هذا ما بدا لهمـ ، شعثاء الشعر ، ذات ثياب غريبة ، تداخلت الألوان غريبة في ملبسها ،
الأحمر ، الابيض ، الأسود ، الزهري بدرجاته ، كذلك الأزرق ..
السلاسل الغليظة والكبيرة ملأت صدرها ، وعلى عُنقها عِقدٌ مشوكٌ غريب المنظر ،
كمُـ قميصها الأيسر خُطِطَ بالأسود والأحمر ، والكمُّـ الآخر نصِفه قد خُلِع ..
حذاؤها القبقاب جعل إيقاع القسمـ يتغير ، من هادئٍ لصاخب ,,
كأن جيشًا من الجنود قد حلّ على القسمـ ,,







" خريجة أي مشفىً هذه ؟ " هذا ما نطق به [ أنـــس ] مندهشًا مما تراه عيناه ,,

أمــــّا [ وســــامـ ] فقد أبقى فمه وعيناه مفتوحتان ، لا يدري أهو في عِلمـٍ أمـ في حُلمـ ,,





بدأت [ عبير ] تهزُّ كمـَّ [ رانيــــا ] الأيمن التي بقيت تراقب الفتاة بعينيها ،

التفتت صوبها [ رانيــــا ] ، لترى على وجه [ عبير ] كل علامات الإستغراب والتعجب ..








[ عبير ] : " أي شعرٍ ذاك الذي أرى ؟! أنفذ المشط من السوق ؟! "


[ رانيــــا ] : " دعيكِ من شعرها ، أنظري إلى هِندامها فقط ... عجبًا !! "






" رائــــــــع ! هذا ما كان ينقصنا ,, مستـــجدّة جديدة أخرى ! " بهذه الكلمات حرّكت

[ وصــــال ] شفتيها ، تستغرب مما تراه ، وبجانبها [ أمـــل ] التي رُسِمت علامة التعجب

في ملامحها ..






تقدمت الفتاة من الأستاذ [ معاذ ] ، ظلّ الأستاذ ينظر إليها نظرة المستغرب المتعجب منها ،

" ما اسمك ؟ " هذا ما استطاع الأستاذ [ معاذ ] النطق به بعد إنصراف الأستاذ الدخيل ..





" [ صــــــــوفي ] .. " كان هذا ردُّ الفتاة الجديدة .. بكل برودٍ قالته ..



" أهنالك أي مقعدٍ شاغرٍ لزميلتكمـ الجديدة ؟ " حدّث الأستاذ التلاميذ بهذا السؤال ،

مترقبًا منهمـ الجـــــواب ,,





بدا له أن آخر مقعدٍ هو الشاغر من الصف الخامس للطاولات ..

اتجهت صوب ذاك المقعد [ صــــــوفي ] .. لتجلس عليه واضعةً حقيبتها السوداء ،
المملوءة جماجمـ رُسِمت باللون الأبيض ,,









ظلّت [ رانيــــا ] تنظر إلى [ صوفي ] تلك النظرة المستغربة ، وهي تردد

في داخلها ...
" فيلـــــــمـ رعبٍ ... أشاهد ؟! "














أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 04:26 PM
•••



حصةٌ أخـــرى للأستاذ [ معاذ ] تنتهي ، فها هو جرس الثانوية يرنّ معلنًا بذلك إنتهاء موعد
الحصــــة الأولـــى .. إنصرف الأستاذ ، بعد أن ترك الفرض المقرر على التلاميذ تنفيذه في منزالهمـ ..


إلتفت [ عبير ] إلى الخلف ، توجه أنظـــارها ناحية [ صـــوفي ] التي جعلت من المقعد الأخير
مكانًا لها .. لفت إنتباه [ رانيـــا ] مراقبة [ عبير ] لـــ [ صـــوفي ] ..





[ رانيـــا ] : " [ عبير ] ! ما بكِ تراقبينها ؟! "
[ عبير ] : " أشكُّ أنهـــا من جِنس البشر ! "
[ رانيـــا ] : " دعكِ من سخافتكِ المعهودة .. هيّا , أنظري أمامك قبل أن تتورطي في المتاعب "
[ عبير ] : " ليس قبل أن أتعرف عليها .. "




نهضت [ عبير ] من عِند [ رانيـــا ] متجهة إلى [ صـــوفي ] ..
وقفت [ عبير ] أمامــــها ، إنحنت قليلاً إلى الاسفل ، لتجلس على ركبتيها ..
نظرت صوبهــا [ صـــوفي ] بنظرة جدّ باردة .. لمـ تبدِ أية حركتها إتجاهها ..
بل ظلّت على برودها ..


" قِـــــرط ! " هكذا رددت [ عبير ] محدثة نفسها بعد رؤيتها للقِرط الذي تضعه [ صــوفي ]
في حاجبها الأيمـــن ..
ظهرت عينا [ صـــوفي ] المكحلتين بشكلٍ مبالغٍ لــ [ عبير ] التي ظلّت تنظر إليها بتعجبٍ شديد ..




[ عبير ] : " قلتِ أن اسمكِ [ صـــوفي ] .. أليس كذلك ؟ "
[ صـوفي ] : " ماذا ؟ ألمـ يرق لكِ ؟ "
[ عبير ] بارتباك : " لا .. لمـ أقصد هذا .. بل على العكس .. اسمكِ جميل "
[ صــوفي : " ثمـّ ماذا ؟ "
[ عبير ] : " آهـــا ؟ "
[ صــوفي ] : " ماذا ورائك ؟ أمـ أنكِ أتيتِ فقط لتتأكدي ما إن كان هذا اسمي ؟ "
[ عبير ] : " لا .. لا شيء .. فقط أحببتُ أن أتعرف عليكِ "
[ صـــوفي ] بعد أن أدارت وجهها ناحية الشبّاك : " لا مجـــال لذلك .. "





إندهشت [ عبير ] من ردّ [ صــوفي ] .. قامت من عِندها بهدوءٍ شديدٍ ..
عائدة إلى مقعدها حيث تجلس [ رانيـــا ] ..
جلست في مقعدهـــا ، نظرت صوب [ رانيـــا ] التي ظلّت تنتظر ابنة عمّها لتعطي رأيها بالمستجدة ..







[ رانيـــا ] : " مـــاذا ؟ كيف وجدتها ؟ "
[ عبير ] : " لا أمـــل منهــــا .. "
[ رانيـــا ] : " مـــاذا ؟! "
[ عبير ] : " تصـــــــوري أنهـــا تضع في حاجبها الأيمن قِـــرطًا ! "




تسلّلت هذه العبارة إلى أُذنِ [ أنـــس ] الجالس أمامـ [ عبير ] ..
" قِــــــرط !!!!! " رددها [ أنـــس ] مندهشًا ، ممسكًا بحاجبه الأيمن ..
التفت ناحيـــة [ صـــوفي ] .. رأى أنها تجلس بصمتٍ شديد ، كتمثالٍ وُضِعَ في الركن
الأخير من القسمـ ..
ولسببٍ يجهله ، بلع لُعــــابَه .. و في نفسه ردد :
" لا عجبَ أنهــــا تجلس لوحدها ! "



•••


دخــل ذاك الاستاذ على التلاميذ ، بدا قويّ البنية ، أسمر اللون قليلاً ، ذو ملامح صلبة ..
يحمل صفات الرجــل الرياضي ..
وقف خلف الطــاولة المخصصة للأساتذة ، جاب بأبصاره القسمـ ، بادئًا بأول المقاعد ، خاتمًا بآخرهمـ ..





[ وسـامـ ] مخاطبًا [ أنـــس ] : " أستــــــاذ الرياضة .. "
[ أنـــس ] : " هذا ما يبدو عليه الامر .. "

تبتبت [ رانيـــا ] على ذراع [ عبير ] : " أنظري .. نفس الشخص ! "
[ عبير ] متفاجئة : " يا حبيبي !! أهو معملنا ؟! "


لمـ ينتظر الشابان طويلاً ، فالأستاذ شرع في حديثه :
" قد دخلتُ عليكمـ مسبقًا .. أنا الأستاذ [ عبد الواحد ] .. معلّمـ الرياضة لهذه السنة "


لمـ ينطق أحدٌ بكلمة .. عاد الأستاذ وجاب بأبصاره القسمـ مجددًا ..
وقـــال : " هيـــّا .. زمن الحصّة لن يتحمل التأخير "



نهض التلاميذ .. خرجوا من القسمـ ، مرافقًا إيّاهمـ الأستاذ [ عبد الواحد ] ..








•••









وسط الســـاحة ، حيث يوجد مكانٌ مخصصٌ لحصص الرياضة ..
أمسك الأستاذ [ فيصل ] كرةً حمراء مخططة بالأسود ، أشبه في شكلها بكرة السلة ..
وقف الأستاذ تحت عمودٍ أسود جدِّ طويل .. تعلـــوه سلّة كرة السلّة ..


إستدار الأستاذ ناحية التلاميذ ، وقال محدثًا إيّاهمـ :
" الفتيـــــان أولاً .. قسّموا أنفسكمـ لفريقين ، وباشروا باللعب .. "


تقدّمـ [ وســـامـ ] إلى الأستاذ ، وجعل يُحادث الأستاذ بهمسٍ شديد ..




[ وســـامـ ] : " أستـــاذ .. آ .. آآآ .. أنـــا .. "
الأستاذ : " ماذا ؟ ما بك ؟ "
[ وســــامـ ] : " لستُ من محبي هذه الرياضة .. "
الاستاذ مستغربًا : " وفيما تستخدمـ هذا الطول كلّه ؟ "
[ وســــامـ ] مبتسمًا : " كرة القدمـ .. "
الأستاذ : " حسنٌ .. اليومـ كرة السلّة ، وفيما بعد كرة القدمـ .. هيّا .. "
[ وســــامـ ] بتذمر : " طيب .. أمــــري لله .. "





وبالفعل ، قسّمـ التلاميذ أنفسهمـ لفريقين ، أمّا الفتيات فقد ابتعدن عن مكان الملعب ،
إذ أن بعضهن فضلّن الجلوس في أحد المقاعد الموجودة بالساحة ..


بدأتِ المباراة بقذف الأستاذ [ فيصل ] الكرة للأعـــــلى ..
بدا الحماس مشتعلاً بين الشباب , فها هي ذي الكرة ترتد من يدٍ لأخــــرى ..


تلّقــــى [ أنـــس ] الكرة من أحد زملائه ، توقف للحظةٍ ، إذ أن المدافعين وقفوا أمامه يحاولون
منعه من التمرير ..
لمحَ بين أذرع المدافعين أحدهمـ يجري ملوّحًا له ..
" [ وســـــامـ ] !! " هكذا نطق [ أنـــس ] بعد رؤيته لصديقه ..


وبحركة سلسة وسريعة ، قذف الكرة ..
لتستقر بين يدي [ وســــامـ ] ، سُرعة الرمية جعلت الكرة ترتطمـ بصدرِ [ وســـامـ ] ،
تألمـ ، فتح عينيه على إتساعهما ، وقف يترنّح ، ليسقط على الأرض مغشيًا عليه !!



إرتعب الجميع ، توجّه الشباب مسرعين إلى [ وســــامـ ] خائفين عليه ..
وضعت [ رانيـــا ] يدها على فمها ، تسلل الخوف إلى قلبها ، لتحملها قدمها إلى حيث أغمي
على [ وســـامـ ] ..



التفّ التلاميذ كلهمـ حول [ وســـامـ ] ، أسرع [ أنــس ] ليحضر قنينة بها ماء ..
جلس الأستاذ بجانب [ وســـامـ ] يُلوّح له بكتابٍ محاولاً تهوية المكان له ..
خفق قلبها بسرعة شديدة ، وضعت يدهــا على صدرها ، لتحسّ بسرعة خفقان قلبها ، نتيجة
الخوف الذي إجتاحها ,,


" أُنظـــري إليه .. يا إلهـــي كمـ هو وســـيمـ !! " تسللت هذه العبارة إلى أُذني [ رانيـــا ] ،
التفت لخفها فإذا بها إحدى الفتيات تحادث التي بجانبها مشيرة إلى [ وســـامـ ] ..
نظرت إليها بغضبٍ شديد ، فلمـ تتقبّل هذه العبارة في حالته تلك ..


أتـــى [ أنـــس ] وبيده قنينة الماء ، جلس إلى يسار [ وســـامـ ] ، فتح القنينة ، وبدا
أنه يريد رشّ صديقه بالماء ..
" هيي أنت .. توقف !! " أوقف شروع [ أنــس ] برش صديقه ذاك الصوت ، توجهت أنظار الجميع
صوب مصدر الصوت ، فإذا بهـــا [ صـــوفي ] تقف ملوّحةً بيدها ..


اقتربت من الأستاذ ، وقالت :
" أتسعفـــونه تحت أشعة الشمس ؟ لما لا تنقلونه إلى مكانٍ به ظل ؟ "


أومأ الأستاذ برأسه لــ [ صـــوفي ] ، حمل [ وســامـ ] بمساعدة ثلاثة من الفتيان ..
استقروا أخيرًا تحت الظــــل ، ليضعوه أرضًا ..
عاد [ أنـــس ] ليرش [ وســـامـ ] بالماء .. إلاّ أن [ صـــوفي ] للمرة الثانية أوقفته ..





[ صـــوفي ] : " أجننت أمـ ماذا ؟ "
[ أنـــس ] : " مــــاذا ؟ "
[ صــــوفي ] : " كأنني أراك تنوي رشّه بالماء ! "
[ أنــــس ] : " بلــــى ! "
[ صـــوفي ] : " يبدو عليكَ الذكاء ، لمـ يكذب من قال أن المظـــاهر خدّاعة .. ابتعد "





تنّحـــى [ أنــس ] لتجلس محلّه [ صـــوفي ] ، جعلت تنظرُ إليه بعينيها ،
كان شاحب اللون ، غزير العرق ، وضعت يدها على جبهته ، فإذا به شديد البرودة ..
بدا عليها الخوف ، أسرعت وأمسكته من كتفيه ، لتجعله بوضعية نصف جالس ،
أشارت لــ [ أنــس ] بأن يسنده على هذه الوضعية ..
فتحت أزرار قميص [ وســـامـ ] المتوقفة عند صدره ..
أمسكت تلك القنينة ، وبللت قطعة قُماشٍ أخرجتها من جيبها بالماء ..
جعلت تُمرر قطعة القماش على وجهه ، إلى أن بدا أنه يستفيق ..
هُنـــا صبّت الماء على يدها ، وبلطفٍ شديدٍ رشّت به وجه [ وســــامـ ] ..


شيئًا فشيئًا ، إلـــى أن فتح [ وســــامـ ] عينيه ،..
ابتسمـ [ أنـــس ] ، ومعه ابتسمـ الحضور ..
إلاّ أن [ صـــوفي ] لمـ تبتسمـ بعد !
نظرت إليه بعينيها ، إلى أن استقرّت عيناه على عينيها ..





[ صــــوفي ] : " كيف تشـــعر ؟ "
[ وســـــامـ ] : " لا بــــأس .. "
[ صــــوفي ] : " متــــأكدٌ أنت ؟ "
أومأ [ وســــامـ ] برأسه إيجابًا ، واضعًا يده على صدره ..




وقفت [ صــــوفي ] ناظرةً إليه ، وضعت يدها اليمنى على خصرها ، وقالت محدّثة إيّاه :
" ارفق على نفسكَ يا أخــــــي "
نظر إليها [ وســــامـ ] ، لتنصرف من عِند المكان ..





بقي الجمــــــيع ينظرون إليها مستغربين ..
أمــــّا عن [ رانيـــا ] فلمـ تستقر عيناها في مكانٍ واحدٍ ، فتارةً تنظر إلى [ صـــوفي ] ،
وتارةً إلى [ وســــامـ ] .. والتارة الثالثة إلى الأرض ..




تحـــــادث نفسهــــــا ...:

" لا أعلــــــــمـ ! .. لا أستطيع فهمها ! "



•••









شبه خاوٍ ، هكذا كان حال القسمـ أثناء الإستراحة ، التي تلت حصة الرياضة ..
أسندت ظهرها على الحائط ، التفت صوب النافذة التي على يمينها ، لتُراقب بأبصارها
زرقة السماء ، التي تخللتها الغيومـ البيضاء ..

شردت ، ذهب بها ذهنها إلــى منزلها ، حيث تعاني الأمريّن مع والديها ..
صور المشاحنات التي بين والديها ، هذا ما كانت [ عبير ] تراه أثناء شرودها ..

أغلقت [ رانيــــا ] الكتاب الذي أمامها ، وضعته داخل درجها ، ونهضت من فوق كرسيها
تتوجه نحو [ عبير ] ..






[ رانيــــا ] : " هيي [ عبير ] ، لننزل إلى الساحة "





لمـ تُجب [ عبير ] بأية كلمة ، بل ظلّت مستغرقة في شرودها ..
استغربت [ رانيــــا ] لأمرها ، لوّحت بيدها أمامـ عيني [ عبير ] ، لينقطع شرودها ..





[ رانيــــا ] مستغربة : " [ عبير ] !! ما الذي يشغل بالك ؟ "
[ عبير ] : " لا .. لا شيء .. لا تشغلِ بالك .. "
[ رانيــــا ] : " عيناكِ تقولان أن هنالك أمرًا مهمًا يشغلك .. "
صمتت [ عبير ] ، رفعت رأسها ، لتوجهه إلى النافذة مجددًا ..





" لا داعي لأن أُدخلها في مشاكلي .. " هكذا رددت [ عبير ] مُحدّثةً نفسها ..




[ رانيــــا ] : " يا فتاة .. ما زلتُ أنتظر .. "
[ عبير ] مبتسمة : " ثقي بي .. ما من شيءٍ مهمـ "
[ رانيــــا ] : " طيّب ، كما تشائين .. أنستطيع النزول الآن إلى الساحة ؟ "
[ عبير ] تضحك : " حســـــنٌ .. هيّا بنا "




أمسكتِ الفتاتان كلٌ بيد الأخـــرى ، توقفت [ عبير ] ممسكةً بيد [ رانيــــا ] ،
التفتت إليها [ رانيــــا ] ، إذ أنهـــا لمـ تفهمـ سبب وقوفها المفاجئ ..





[ رانيــــا ] : " مـــاذا ؟! "
[ عبير ] : " أُنظـــري فقط .. "




نظرت [ رانيــــا ] لأمامها ، فإذا بها [ وصــــال ] تتقدمـ بصحبة [ أمـــل ]
" رائـــــع ! .. متاعبٌ جديدةٌ " هكذا قالت [ رانيــــا ] .. أمــّا [ عبير ] فقد بقيت صامتةً ، تنظر فحسب ..

تقدّمت [ وصـــال ] بخطواتٍ واثقة ، تنظر إلى [ صـــوفي ] بطرف عينها ،
انتبهت [ صـــوفي ] لها .. إلاّ أنها لمـ تُبدِ أية حركة ..





[ وصـــال ] محدثة [ أمـــل ] : " لمـ أعلمـ أن الهلوين يُحتفل به في المملكة "
[ أمـــل ] باستهزاء : " ربمـــا هذه دعاية لأحدث فيلمـ رعبٍ صدر .. "




ضحكتِ الفتاتان مستهزئتان بــ [ صــوفي ] ..
أمّــا هي ، فقد لزمت الصمت ، ولمـ تُعرهما أي اعتبار ..
لمـ يعجب [ وصـــال ] صمت التي أمامها ، تحطيمـ برودة أعصاب [ صــوفي ]
هذا ما كانت [ وصـــال ] تبحث عنه ..
انحنت [ وصـــال ] لتقع عيناها بعيني [ صـــوفي ] مباشرة ..




[ وصــــال ] بضحكة خبيثة : " لستِ ممن يروقون لي .. "
[ صــوفي ] : " ثقي أن الشعور متبادلٌ .. بيننا "
[ وصـــال ] تعبث بسلاسل [ صـــوفي ] : " في مظهركِ هذا كله لمـ ترق لي سوى هذه الســلاسل "





أمسكت [ صـــوفي ] بيدي [ وصـــال ] من معصمها ،
نهضت الفتاتان ، أحكمت [ صــوفي ] قبضتها ..




[ صــــوفي ] : " لستُ ممن يصلحون للعب .. فلا تعبثِ معي "
[ وصـــال ] : " هيي أنتِ .. هذه يدٌ إن كنتِ تعلمين "
[ صــــوفي ] : " واصلي عبثك .. عندها لن تجديها في مكانها "




نظرت [ صـــوفي ] بحدة إلى [ وصـــال ] ، ظلّت تنظر إلى عينيها المكحلتين ، لتتسع عيناها ..
أفلتت [ صـــوفي ] يد [ وصـــال ] ، وذهبت من أمامها تقصد باب القسمـ ..
بقيت [ وصـــال ] صامتةً ، فاتحةً عينيها على استاعها ، لا تعِ ما طرأ أمامها ..
بدا أنها تلهث ، وضعت يدها على صدرها ، لتغمض عينيها ..
التفتت صوبها [ أمـــل ] ، لا تفهمـ سبب بقاء صديقتها واقفةً لا تحرك ساكنًا ..





[ أمـــل ] : " [ وصـــال ] .. ما خطبك ؟ ألن تقفِ بوجهها ؟ "




التفتت [ وصـــال ] إلى الخلف ، لترى [ صــوفي ] شارعة في خروجها من القسمـ ،
" تلك النظـــــرة ... مرعبة !! " رددتها [ وصــال ] ظاهرًا على مظهرها الخوف الشديد ..

ابتسمت [ عبير ] .. لتنتبه إليها [ رانيــــا ] ..





[ عبير ] : " أخيــــرًا ،، ثمّة من يستطيع إسكاتها "
[ رانيــــا ] : " بالفعــــل ، بالرغمـ من أننا لمـ نرَ أية مشاحنة "
[ عبير ] : " هذا سيغلق فمّها لبعض الوقت "
[ رانيــــا ] : " فقط .. لبعض الوقت "








•••








من جهةٍ أُخــــرى ، ظلّ الشابان يتابعان ما يحدث بين الفتايات ،
التفتت [ أنــس ] ناحية [ وســـامـ ] ، ليجده ينظر باتجاه الباب ..





[ أنــس ] : " غريب !! انتهــى الأمر بصمتٍ تامـٍ ! "
[ وســـامـ ] : " تلك الفتـــاة .. رأيتُ الرعب في عيني [ وصــال ] بعد نظرتها تلك "
[ أنــس ] : " نظرتها فقط ؟ قل مظهرها بالكـــامل ,, خُيِّل لي أن موتي على يدها عندما حدّثتني "
[ وســـامـ ] : " متــــى ؟ "
[ أنـــس ] : " عند إغمائكَ يا رجل .. هي من أسعفك "




صمت [ وســـامـ ] ، وضع رأسه فوق يده ، التي سندها على الطــاولة ،
التفت إليه [ أنـــس ] ، ليراه متئكًا على الطاولة ..




[ أنـــس ] : " أما تزال متعبًا يا صاحبي ؟ "
[ وســـامـ ] : " لا .. أنا بخير .. "
[ أنـــس ] : " إذًا ,, أسمعني ما لديك "
اعتدل [ وســـامـ ] : " ماذا تقصد ؟ "
[ أنـــس ] : " تعلمـ قصدي جيدًا .... "
[ وســـامـ ] : " يا أخــي .. قُل ما لديك هيّا "




بدأ [ أنــس ] يضرب بيده على الطــاولة ، محدثًا إيقاعًا خفيفًا ،
التفت [ وســامـ ] إلى يدي [ أنــس ] .. أزاح نظره إلى وجه صديقه ،
ليجده يبتسمـ إليه ..
ردد [ أنــس ] منشدًا : " الله يا مولانا ، الله الله يا الله مولانا ، الله يا مولانا ،
حالي ما يخفاك يا الواحد ربي .. "
ابتســمـ [ وســامـ ] ..



[ وســـامـ ] : " آهٍ يا صاحبي .. تجبرني على الإنشاد ؟"





أومأ [ أنــس ] لــ [ وســامـ ] مكملاً إنشاده ..
أنشد الإثنان : " الله يا مولانا ، الله الله يا الله مولانا ، الله يا مولانا ،
حالي ما يخفاك يا الواحد ربي ، سبحان الحي الباقي ، سبحانك يا الله جود عليَّ ,,,, "
تابع الإثنان الإنشاد ، لتنتبه إليهما [ عبير ] و [ رانيــــا ] الواقفتان عند الباب ..





[ رانيــــا ] : " الله يا مولانا ؟ "
[ عبير ] : " يحبان هذه الأُنشودة .. تعرفينها ؟ "
[ رانيــــا ] : " بلـــى .. كنتُ أسمعها وأنا في ذاك الوطــن .. "
أكملت [ رانيــــا ] : " أُنشودة مغربية ، تحمل في ثناياها التراث المغربي "
[ عبير ] : " بالضبط تمامًا ،رغمـ قِدمها ، إلاّ أنها تبقى جميلة "





نظرت [ رانيــــا ] إلى [ أنــس ] و [ وســـامـ ] وهما يُنشدان سويًا ،
أغمضت عينيها ، وابتسمت ..




[ رانيــــا ] : " جميــــل ! "
[ عبير ] : " ما هو ؟ "
[ رانيــــا ] : " صوتهما .. جميلٌ جدًا .. يزيد من جمال الأنشودة "
[ عبير ] مبتسمة : " بل هو بديع ! "




لمع وميض الذكريات في ذهن [ رانيــــا ] ، لترى نفسها جالسةً على سريرها ،
في غرفتها ، وسط صديقاتها ، في ذاك الوطـــن ، وهنَّ يُنشدن تلك الأنشودة ..
بدت عليهنَّ الســـعادة ..

فتحت عينيها ، لتجد نفسها ما تزال في القسمـ ، ظهر الحزن على محياها ،
أنزلت رأسها لتنتبه إليها [ عبير ] ..




[ عبير ] : " [ رانيــــا ] ! ما بك ؟ "
[ رانيــــا ] بشبه ابتسامة : " لا .. لا شيء .. "




صمتت [ رانيــــا ] لوهلةٍ وقالت :

" تذكــــــرت المــاضي ، الذي يُفترض بي نسيانه "



أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 04:50 PM
•••




















جعلت تنظر بعينيها إلى السماء ، المنكشفة لها من خلال النافذة التي على يسارها ،



انعكست أشعة قرص الشمس المتوسط كبد السماء على عينيها البنييتين ، لترسمـ



عيناها جُلَّ إحساسها بالحزن والألمـ ..



" هل تغيّر والدي ؟ أمـ أنه كما تركته ؟ " تردد هذا السؤال في ذهنها ، وضعت يدها على خدها



لتستند عليها .. وبنبرةٍ حزينةٍ رددت مخاطبة نفسها : " حقًا .. آمــل ذلك " .



أدخلت يدها اليمنى في جيب بنطالها الأيمن ، وأخرجت منه جهازًا صغير الحجمـ ، بدا كأنه محولٌ للأغاني ،



أسود اللون ، وُصِلَت به سمّاعاتٌ للأذن ..



أزاحت شعرها الأشعث عن أذنيها قليلاً ، ووضعت السمّاعتين بهما ..



إختارت من الجهاز أُغنيتها ، لينبعث من الجهاز ألحانٌ صاخبة ، لا تتلّقاها إلاّ أذناها ,,,



" لولا تلك العيشة التي أعيشها ، لما اخترتُ هذا النمط زيًا لي .. " وبنبرة الحزن ذاتها



رددت [ صــــوفي ] هذه العبارة في ذهنها ..






•••















جلس الشباب جميعهمـ سويًا ، يتجاذبون أطــراف الحديث ، يحاولون إعمار الوقت الماضي



من تلك الحصة ، التي تلت الإستـــراحة ..



وسط تلك الجمعة ، انسحب [ وســـامـ ] ليعود إلى مكانه حيث يجلس ، انتبه إليه [ أنــس ]



ليتبعه لاحقًا إيّاه ..



جلس [ أنــس ] بجوار رفيقه ، ونظر إلى وجهه ، ليرى أن [ وســامًا ] ليس على ما يرامـ ,,













[ أنـــس ] : " ما بكَ يا صاحبي ؟ يُخيّلُ لي أنكَ لستَ على ما يُرامـ ! "


[ وســامـ ] بتردد : " يشغلُ فِكري أمرٌ ما .. "


[ أنــس ] : " وما هو ؟ تحدّث .. "


غيّر [ وســامـ ] جلسته ، ليُقابل وجهه وجه صديقه ..


[ وســامـ ] : " [ أنــس ] ، أيُّهما أقرب إليك .. والدكَ أمـ والدتك ؟ "


[ أنــس ] مستغربًا : " أولستُ شابًا ؟ أكيدٌ والدي هو الأقرب إليّ "


أنزل [ وســـامـ ] نظره للأسفل لوهلة ، أعاده مجددًا إلى وجه صديقه ..


أردف [ وســـامـ ] : " طيّب .. ماذا لو لمـ تجد والدكَ حاضرًا معكمـ بالمنزل طول اليومـ ؟


أقصد ,, ماذا لو انشغل عنكَ أنتَ وأخواتك بعمله ؟ "


[ أنــس ] الذي ظلَّ على إستغرابه : " لديّ والدتي .. فحينما لا يتواجد والدي ، أمي تبقى معنا .. "


" صحيح ! فأمه لا تعمل ، كسائر الأمهات اللواتي يبقين في بيوتهن " بهذه الكلمات حدّث [ وســامـ ] نفسه ،


أتــى صوت [ أنــس ] ليقطع حبل أفكاره : " لنتبادل الأدوار ، دعني أسألك الآن .. ماسبب هذه الأسئلة كلها ؟ "


[ وســـامـ ] محركًا رأسه يُمنةً ويسرا : " لا .. لا شيء "


[ أنــس ] الذي ما زال مستمرًا في إستغرابه : " فتحتَ للتو محضرًا للتحقيق ! ولا شيء ؟


إلعب غيرها يا أخي .. هيّا .. قُل ما عندك "


أنزل [ وســامـ ] رأسه للأسفل ، لمـ ينطق بكلمة واحدة ، فقد شرحت تعابير وجهه ما بخاطره ..


نظر باتجاهه [ أنــس ] شعر أنه قد أحرج صديقه ..


[ أنــس ] : " سامحني ، والله ما قصدتُ إحراجك .. طالما أن الأمر يعنيك ، فلن أتدخل "


التفت إليه [ وســامـ ] مبتسمًا : " لا .. لا تقل هذا ، لمـ تحرجني .. إنمـــا ,,, "


محا تلك الإبتسامة ، وأردف قائلاً : " هي مسألةٌ أحاول حلّها ,, "


عاد وابتسمـ في وجه صديقه : " عندما يحين الوقت المناسب ، سأحكي لكَ عنها "


ابتسمـ [ أنــس ] : " كما تشاء .. "
















•••
















رنَّ جرس المدرسة ، ليُعلن عن إنتهاء الحصة الثالثة ، وابتداء الحصة الرابعة ..



ألقت [ رانيــــا ] بأبصارها إلى ساعة معصمها ، لتحقق من الوقت ..



بدا عليها الإنزعاج ، نظرت صوب [ عبير ] الجالسة بجوارها ، لتراها عائدة إلى شرودها ..













[ رانيــــا ] بتذمر : " مجددًا حصةٌ أخــرى تمرُّ بلا درس .. أهي قاعدة أم ماذا ؟ "


لمـ تجب [عبير ] فقد استحوذ الشرود على القسمـ الأكبر من عقلها ..


[ رانيــــا ] صارخة : " [ عبير ] !!! "


فاجأ صوت [ رانيــــا ] [ عبير ] : " [ رانيــــا ] ؟ آه .. عذرًا لمـ أنتبه !! "


[ رانيــــا ] مستغربة : " أكنتُ أُحدّثُ حائطً منذ البداية ؟ أين ذهب عقلكِ يا فتاة ؟ "


[ عبير ] بضحكةٍ خفيفة : " ذهب إلى المنزل .. "

[ رانيــــا ] مستغربة : " إلى المنزل ؟! "
[ عبير ] واضعةً يدها على معدتها : " أولا تسمعين هذه الألحان البديعة ، تطلب الطعامـ ؟ "
ضحكت [ رانيــــا ] ، لتضحك معها [ عبير ] ..



" ليتكِ تعلميـــــن .. . " رددت [ عبير ] هذه الكلمات في ذهنها ، وهي تنظر إلى ابتسامة [ رانيــــا ]
بحزنٍ ممزوجٍ بالحسرة ..








•••







مرّت تلك الحصة مرور الكــرامـ ، لينتهي دوامـ الصباح في تلك المدرسة ، خرج التـــلاميذ ،
كلٌ يتجه صوب منزله ، أدخلت [ رانيــــا ] كتبها في محفظتها ، همّت بالرحيل ،
إلاّ أنهـــا انتبهت إلى أن [ عبير ] ما تزال جالسةً في مكانها ..



[ رانيــــا ] : " [ عبير ] ؟ ألن تذهبي إلى المنزل ؟ "
[ عبير ] : " مممممممـ .. لا أحد بالمنزل الآن .. لذا فإنني سأبقى قليلاً "
[ رانيــــا ] : " وصراخ معدتكِ المزعومـ ؟ "
[ عبير ] : " أأطبخُ وحدي ؟ سأبقــى عشر دقائق فقط .. "
[ رانيــــا ] : " طيب .. كما تشائين .. أراكِ في الدوامـ الثاني .. "
[ عبير ] : " طيب .. إلى اللقاء .. "


انصرفت [ رانيــــا ] نحو منزلها ، لتبقى [ عبير ] وحدها بالقسمـ ,,
" إعذريني يا عزيزتي ، فما كنتُ أتصور يومًا ان أكذب عليكِ ، أهلي بالبيت ، أنا من لا تود المجيء .."
.. رددت [ عبير ] هذه الكلمات ، وهي تراقب [ رانيــــا ] بأبصارها تخرج من المدرسة ..








•••







من مجهةٍ أخــــــرى ، وفي نفس الوقت ، جلس [ هشـــامـ ] على الأريكة ، بجوار والدته التي
تشاهد التلفاز ، نظر إلى وجهها ، ليستقرّ نظره على تلك الكدمة المزرقة في خدها ..
انتبهت إليه والدته ..




والدته : " [ هشـــامـ ] ؟ ما الأمر ؟ "
[ هشــامـ ] : " ما النهاية ؟ "
والدته باستغراب : " عن أي نهاية تتحدث ؟ "
[ هشــامـ ] : " أمـــــي ... تدركين ما أرمي إليه .. ما نهاية خلافكِ مع أبي ؟ "
صمتت والدة [ هشـــامـ ] أزاحت وجهها عنه ، لتنهض من جواره ..
[ هشــامـ ] : " غيرتكِ يا أمي هي ما ستقضي علينا .. "
استدارت إليه والدته بسرعة .. بدا عليها الغضب الشديد ..
والدته : " غيرتي ؟ غيرتي أمـ تدريس والدكَ لفتاة تكبر أختك بسنين ,, قل لي ,,
أيهما يزيد الأمور تعقيدًا ؟ ؟ "
صمت [ هشـــامـ ] إلاّ أن نظره لمـ يتنحّ عن والدته ..
والدته : " ما لكَ لا تجيب ؟ "
[ هشــامـ ] : " هكذا نحن دائمًا .. نصمت ، ونراقب .. وبالطبع ، ندفع الضريبة "
والدته : " ضريبة ؟ "
[ هشــامـ ] : " أجـــل ، نتعذب ، وأنتما تتشاجران ، ومع هذا نصمت .. "
والدته : " مهــــــلاً .. أنتَ ومن ؟ "





نهض [ هشـــامـ ] ووقف أمامـ والدته .. ليقـــــول .. :





" أنا و [ عبير ] .. نتعذب بصمـــــــت "







•••

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 04:53 PM
الصمت .. كان هو سيد المكان حينها ، لمـ تنطق هي بكلمةٍ واحدة ،
وهو بدوره لمـ يتحدث مطلقًا ، كلُّ ما في الأمر ، أن أنظار الإثنين بقيت
موجهةً للذي أمامه ..


أنزلتِ الأمـ عينيها للأسفل ، توجهت نحو الأريكة جالسةً عليها ..
أسندت بيدها رأسها ، ليبدو من مظهرها الحزن الشديد ,.


نظرت إليه ، لتراه يهمـُّ بالخروج من غرفة المعيشة ، قاطعت خروجه بحديثها ..







الأمـ : " إلى أيــــــــن ؟ "
[ ,, ] : " إلى غـــرفتي .. "
صمتتِ الأمـ لوهلةٍ ، بدا أنها تذكرت أمرًا مهمًا ..
الأمـ : " [ هشــامـ ] ... شقيقتكَ لمـ تعد بعد ! "









توقف [ هشـــامـ ] في مكانه ، أدخل يده في جيبه ، ليُخرج منه هاتفه النقّال ..
دقّ بأصابعه على أراقمه ، طالبًا رقمـ شقيقته [ عبير ] ,,


بدأ الهاتف يصدر إشارات الإتصال ، وصاحبنا ينتظر ..
أبعد الهاتف عن أُذنه ، بدا عليه أن شيئًا ما يشدُّ إنتباهه ..
لمـ يلغِ الإتصــال بعد ، تركه يعمل ، وخرج من غرفة المعيشة ..
بقيت والدته تراقب ما يفعله ابنها غير مستوعبة ما يحصل ..


ألحــانٌ موسيقية ، هذا ما سمعته أُذنها ، بدت أنها تقترب شيئًا فشيئًا ،
إلى أن وصل [ هشـــامـ ] داخلاً غرفة المعيشة يحمل في يده هاتف [ عبير ] ..


رفع يده التي تحمل هاتف [ عبير ] ، لتتقابل مع مستوى صدره ..







[ هشــــامـ ] : " تركت هاتفها هنـــا .. "
والدته : " والعمــــل ؟ .. أيُعقل أنها ما تزال في المدرسة ؟! "







صمت [ هشـــامـ ] ، جلس بجوار والدته ، قرّب هاتف شقيقته من وجهه ، وجعل ينظر إليه ..
قال : " ربمــــا ,, لا أدرِ .... ! "










شدّ انتباهه ذاك النسيمـ العليل المنبعث من جهة البحر ، محركًا معه خصلات شعره
الأسود الناعمـ ,,
توقف لوهلةٍ ينظر باتجاه البحر ، انتبه له صديقه وهو ينظر إلى البحر متأمّلاً ..
لمـ ينطق أيٌ منهما بكلمة ، وقف الإثنان ينظران بتأملٍ إلى البحر ,,
ساد الصمت بينهما ، خلاف العادة ..
تحرّك أحدهما ، نزل الدرج الواصل بين الرصيف ورمال البحر ،
التفت إليه صاحبه ,,,






[ أنـــس ] : " هيي [ وســـامـ ] ... مهلاً ، إلى أين ؟ "
[ وســـامـ ] يركض : " أطمع بفترة استرخاء ، والرمل خير مكان "
ابتسمـ [ أنـــس ] ، قال نازلاً الدرج : " ليس بدوني .. "







ركض الإثنان ، كمن يتسابق على الوصول إلى الموج أولاً ..
ألقى [ وســـامـ ] محفظته بعيدًا عنه ، ساقطةً على الرمال الذهبية ..
وضع [ أنــس ] محفظته بجانب محفظة صديقه ، ولمـ يلقها كما ألقاها [ وســامـ ] ..
جلس الإثنان سويةً ، تنصبُّ أنظارهما باتجاه البحر ، مداعبًا شعرهما نسيمـ البحر العليل ,,



نظر [ أنــس ] صوب صديقه بابتسامة مُزِجت بالتعجب والاستغراب ..








انتبه إليه [ وســامـ ] : " ماذا ؟! "
[ أنــس ] : " لا لا شيء .. أضفتُ للتو معلومةً جديدةً عنك "
[ وســـامـ ] : " كفاك تحدثًا بالألغاز يا صاحبي ، ما قصدك ؟ "
ضحك [ أنــس ] ، وأردف قائلاً : " لمـ أعلمـ أنك رومانسي ! "
بدا التعجب واضحًا على محيا [ وســـامـ ] ..
قال مرتبكًا : " أنــا ؟ رو .. رومانسي ؟! "
أومأ [ أنــس ] برأسه إيجابًا ، وتلك الابتسامة ما زالت على وجهه ..
[ وســـامـ ] بارتباك : " عيبٌ عليكَ يا رجل .. أنا رومانسي ؟! "
ضحك [ أنــس ] بصوتٍ عالٍ .. ليزداد استغراب [ وســامـ ] ..
بدا أن وجه [ وســامـ ] قد احمر خجلاً ، قال مازجًا الغضب في كلامه :
" هيي ، تحدث وأرحني .. [ أنـــس ] ! .. "
أوقف [ أنــس ] ضحكه ، وقال : " تأمّلكَ للبحر بهذا الشكل .. أليست هذه رومانسية يا رجل ؟ "
زاد استغراب [ وســامـ ] .. قال مرتبكًا : " مهــلاً ,, كنتُ .. أظــن ,,, أن ... "
[ أنــس ] مبتسمًا : " مــاذا ؟ أكمــل "
بدا أن [ وســامـ ] قد استوعب ما يجري أمامه .. : "آهـــاااا !! الآن فهمت ..! "
أومأ [ أنــس ] برأسه ساخرًا نوعًا ما : " أجــل ,., الآن فهمتَ .. "
ضحك [ وســامـ ] ، قال متبتبًا على صدره : " أجــل ، أنا رومانسيٌ تلك الرومانسية .. "
أكمل مشيرًا باصبه إلى صديقه : " .. وليس ما كنتُ أظن ..



ضحك الإثنان مطولاً ... إلى أن أصدر هاتف [ وســـامـ ] نغمةً تُنبِؤُ عن قدومـ رسالة نصية ..
انتبه إليها [ وســامـ ] ، أخرج هاتفه من جيبه ، فتح الرسالة ، ليجد بهـــا :





[ وســـامـ ] .. ~
لن نستطيع المجيء لتناول الغداء معك ..
عذرًا بني ,,




بدا الإنزعاج على وجه [ وســامـ ] بعد قراءته للرسالة ، تمتمـ بصوتٍ أشبه بالهمس :
" حتى اتصالٌ هاتفيٌ لا تجدين وقتًا له ؟! "
انتبه [ أنــس ] إلى [ وســامـ ] ، ليرى علامات الإستياء على وجهه ..




[ أنــس ] : " [ وســامـ ] ! .. ما بك ؟ "
صمت [ وســامـ ] لوهلةٍ ، أدخل هاتفه في جيبه ..
وقال : " كــلاّ لا شيء ,, "
صمت [ أنــس ] وظلّ يحدق بوجه صديقه الذي لمـ يستطع إخفاء
إنزعاجه من الرسالة .. انتبه [ وســامـ ] لتحديقات [ أنــس ] ,,
حاول تغيير الموضوع : " هيي [ أنــس ] ,, لمـ أركَ تذهب إلى منزلك !
ماذا ؟ ألن تتناول الغداء ؟ "
[ أنــس ] : " آآ ؟ في العادة لا نتناول الغداء الآن .. أخواتي يبقين في الجامعة ،
وأبي في عمله ، ولا يعود إلاّ بعد المغيب ، فمن سيتناول الغداء ؟
أنا وأمي فقط ؟! غير ممكن .. "
[ وســامـ ] بشبه ابتسامة : " أنا أيضًا أتناوله بعد المغيب .."
أردف هامسًا كمن يحدث نفسه :" إلاّ أنني أتناوله وحيدًا "


دخلت القسمـ ، خُيّلَ لها أن القسمـ فارغٌ لأول وهلة ، إلاّ أنها سرعان ما غيّرت رأيها ،
فها هي ذي [ عبير ] تقف مواجهة النافذة تنظر إلى السماء بشرود ..
أقبلت نحوها بخطواتٍ هادئةٍ لا تصدر صوتًا ، إلى أن وقفت خلف [ عبير ] مباشرة ..
أحسّت [ عبير ] بأن هنالك من يقف وراءها ، ارتبكت ، لتستدير بسرعةٍ للوراء ..



[ عبير ] بفزع : " مــــــــن ؟ "
بقيت التي ورائها صامتةً لمـ تتكلمـ ، إلاّ أنها ظلّت تنظر إلى [ عبير ] مبتسمةً ,,
[ عبير ] باندهاش : " [ وصـــــال ] ؟ "
[ وصـــال ] مبتسمة : " هي ذاتها .. "
بدا الإنزعاج على وجه [ عبير ] لذا رؤيتها لــ [ وصـــال ] ..
ابتعدت عنها ، وقالت بانزعاج : " رائــــع ! وقت النزاعات قد حان "
وضعت [ وصـــال ] يدها اليُمنى على خصرها ، رفعت حاجبًا وأنزلت الآخر ..
[ وصـــال ] : " هيي [ عبير ] .. ماذا تفعلين عندكِ هنا ؟ "
[ عبير ] : " ماذا أفعل هنا ؟ أنتِ ماذا تفعلين هنا ؟ "
[ وصـــال ] : " أنا أجلس دائمًا هنا .. منذ العامـ الفائت .. ولمـ أركِ هنا في هذا الوقت من قبل ..
فما الذي عندكِ هنا ؟ "


أنزلت [ عبير ] رأسها للأسفل ، بدا عليها الحزن بعد سؤال [ وصــال ] ..
[ عبير ] : " لا أحد بالبيت الآن ... "
[ وصــال ] : " وأردتِ البقاء هنـــا ؟ "
أومأت [ عبير ] بالإيجاب ...
[ وصـــال ] : " خيرًا فعلتِ .. أنا أيضًا أبحث عمن يؤنسني .. "


اتجهت [ وصـــال ] نحو أحد الكراسي التي بالخلف ، جلست عليه ،
فتحت النافذة التي بجانبه ، ليتسلل ذاك النسيمـ العليل الذي
راح يُداعب خُصلات شعرها البني المائل إلى الأحمر ,,



اقتربت منها [ عبير ] ، أخذت أحد الكراسي ، لتجلس عليه بجابنها ..




[ عبير ] : " هيي [ وصـــال ] .. لما تجلسين هنا دائمًا ؟ "
[ وصــــال ] تنظر عبر النافذة : " محض هروبٍ يا عزيزتي .. محض هروب "

[ عبير ] متسائلةً : " من مــــاذا ؟ "

نهضت [ وصـــال ] من مكانها ، لتسير في القسمـ بعشوائية ..
[ وصــال ] : " من الإهـــانات والتجريح .. أهرب "



نهضت [ عبير ] من مكانها ، كانت تودُّ الذهاب إلى [ وصــال ] ،
إلاّ أن قدمها تعثرت بتنورتها الطويلة ، مما جعلها تسقط على الأرض ..
أسرعت [ وصـــال ] نحو [ عبير ] ، بدا أنها خائفةٌ على [ عبير ] ..
أسندتها ، لتساعدها على النهوض والجلوس وفق الكرسي مجددًا ..




[ وصـــال ] بلطفٍ : " على مهلكِ يا فتاة .. أنتِ بخير ؟ "

أومأت [ عبير ] بالإيجاب ، بعلامات الإندهاش التي لمـ تسطع إخفاءها ..
وضعت [ وصــال ] يدها على خد [ عبير ] ومررته بلطفٍ شديدٍ ،


وهي تقول : " لما هذا الحزن يا فتاة ؟ نرا القمر رغمـ وحدته بإنه يبستمـ
لمن حوله منيرًا لهمـ الطريق .. فيا قمر ابتسمي .. "


زاد الإستغراب عند [ عبير ] ، ظلّت ترمق [ وصـــال ] بنظرات
التعجب والإستغراب .. فاتحةً فمها ..


نهضت [ وصـــال ] من عِند [ عبير ] ,,
وقفت عند النافذة التي اعتادت [ عبير ] على الوقوف عندها ..
نظرت بعينيها البنيــتين الأقرب في لونها للون شعرها إلى السماء
التي شاركتها الغيومـ شيئًا من مساحتها ..
لينعكس منظرها على عيني [ وصـــال ] ..


اقتربت [ عبير ] من [ وصـــال ] ، إلى أن وقفت بجوارها ..
التفتت لها [ وصـــال ] ، لتضع [ عبير ] يدها على جبين [ وصــال ] ,,


[ وصـــال ] باندهاش : " ماذا تفعلين ؟! "
[ عبير ] : " أتحقق من حرارتكِ .. بدا لي أنكِ تهذين ! "
[ وصـــال ] مستغربة : " أهذي ؟! "
[ عبير ] : " بــــلى .. لا شكّ أن هذه اللطافة سببها الهذيان الذي تعانينه "
ضحكت [ وصــــال ] مطوّلاً .. نظرت إلى [ عبير ] ,,

[ وصـــال ] : " خفيفة الظل ! لا ,, لستُ أهذي .. "

ابتعدت قليلاً عن [ عبير ] ,, وقالت : " نوضع وسط الإهانات ، ونُطالب بالتكيّف فيها لا أكثر .. "
ظلّت [ عبير ] تنظر إلى [ وصـــال ] لا تدرِ أية في حلمـٍ أمـ في علمـ ,,

[ عبير ] مستغربةً : " ما قصدك ؟ "





استدارت [ وصــــال ] إلى [ عبير ] .. اقتربت منها ..


[ وصـــال ] : " إن وُضِعتِ في غابة لا تقبل الضعفاء ،
فهل ستستطيعين المكوث فيها بغير سلاح ؟ "
[ عبير ] : " بالطبع لا .. "
[ وصـــال ] : " ولا أنـــا .. "



أردفت [ وصـــال ] بنبرةٍ بدت عليها الحسرة :
" لو بيدي .. لاخترتُ العيش في الغابة ، على أن أعيش في بيتٍ
تسوده الإهـــانات "

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 04:58 PM
•••




لأول مرة خلال هذا العامـ الدراسي ، سارت عائدةً إلى منزلها بمفردهـــا ، انتابها إحساسٌ غريبٌ بعض
الشيء ، أهي التجربة الأولى بدون [ عبير ] ، أمـ إحساسها بالخوف مما ينتظرها ؟
رغمـ ذاك الجو الهادئ ، ظلّت تلك الأحاسيس الغريبة تزيد من إضطراب [ رانيــــا ] التي اضطرت للعودة
إلى منزلها بدون [ عبير ] ...


سارت فوق ذاك الرصيف بهودءٍ شديدٍ ، نظرت أمامها فإذا بها الإشارة المرورية للمشاة عند التقاطع ..
توقفت عن السير عند رؤيتها لتلك الإشارة ، قالت محدثة نفســــها :
" أوه لا ! ليس مجددًا ! " ...
جعلت تلتفت يمنة ويسرة تبحث عن طريقٍ آخر يقودها لمنزلها دون المرور
بذاك التقاطع .. التفتت والتفتت ، إلى أن عثرت على زُقاقٍ ضيّقٍ بعض الشيء ..
حالك الظلمة ، مع أن النهار ما زال في منتصفه ,,
نظرت من خلاله ، فإذا بها ترى الحيّ الذي تسكن فيه في آخر الزقاق ..


ابتسمت لتظهر عليها الثقة : " لا تسلمـ الجرة في كل مرة .. هذا الطريق أكثر اختصارًا وأمانًا !! "
قررت العبور من خلال ذاك الزقاق .. رغمـ الخوف الذي انتابها في أول وهلة ..


حزمت أمرها ، ودخلت الزقاق ..
تلك الرائحة الكريهة هي أول ما انتبهت عليه [ رانيــــا ] وهي في ذاك الزقاق المظلمـ ..
تابعت المسير .. فجأةً ، تعثرت قدمها إثر ارتطامها بشيءٍ ما ..
توقفت تمامًا عن الحركة ... نظرت إلى خلفها .. لترى أطفالاً صغارًا ، يرتدون ملابسًا رثّة متسخة ..
ذوي شعرٍ أشعث يظهر عليه الغبار رغمـ الظلمة الحالكة ..
بدوا في حالة يرثــــــى لها ، تقدّمـ أصغرهمـ نحو [ رانيــــا ] ..
رسمـ ابتسامة حلوة على وجهه الطفولي البريء المستخ بالتراب ، رفع راحة يديه صوب [ رانيــــا ] ..
لينطق بهذه الكلمات : " كســـــرة خبز .. أرجوكِ !" ..
صُعِقت [ رانيــــا ] لهذه الكلمات القليلة ، بذاك الصوت البريء العذب ..
فاضت عيناها المخضرّتان لما سمعته ، مسحت دموعها ..
فتحت حقيبتها ، بحثت فيها ، لتُخرج منها شطيرة مربىً صغيرةً كانت قد وضعتها في حقيبتها
لتأكلها في حالة أن انتابها الجوع .. قدّمت تلك الشطيرة إلى ذاك الطفل الصغير ,,
أخذها بسعادة كبيرة ، كمن قد امتلك لعبةً ثمينة ..
استدار إلى رفاقه ، أخذ تلك الشطيرة وشطرها نصفين ..
قدّمـ الشطر الأول إلى أربعة أطفالٍ وقفوا ينظرون إليه ، أخذوا منه ذاك النصف ، ليقسموه مجددًا
إلى عدّة أنصاف ..


عاد ذاك الصغير وشطر النصف الذي معه إلى عدّة أنصافٍ ، وقدمها إلى طفلين كانا معه ..
كسرة خبزٍ صغيرة .. هذا ما نال عليه هؤلاء الأطفال من تلك الشطيرة التي قّدمتها [ رانيــــا ] لهمـ ..


ظهرت عليهمـ السعادة ، بعد أن أكل كلٌ منهمـ كسرته .. التفتت ذاك الصغير إلى [ رانيــــا ] ..
وببراءة كبيرة قال لها : " شطيرتكِ لذيذةٌ .. آنستي ! "
وضعت [ رانيــــا ] يدها على فمها تحاول أن تكتمـ بكاءها بعد الذي شاهدته عيناها ..
أزاحت يدها ، ابتسمت في وجه ذاك الصغير .. وضعت يدها على كتف الصغير ,,





[ رانيــــا ] : " ما اسمكَ حبيبي ؟ "
الصغير مبتسمًا : " [ فــارس ] "
[ رانيــــا ] : " الله ! .. اسمكَ جميل !! "





زادت دموع [ رانيــــا ] في عينيها .. توالت العبارات في ذهنها ..
فرساننا ؟ ينتهي بهمـ المطاف في الأزقة العفنة ؟


نهضت [ رانيــــا ] من عِند الصغير .. التفتت حولها ، لتجد أن مياه الصرف الصحي قد
طبعت أثرهـــا في ذاك الزقاق .. مخلّفةً تلك الرائحة الكريهة ..
نظرت صوب الأطفـــــال ، سألتهمـ قائلة : " تعيشون هنـــــــا ؟ "
أجــــاب [ فارس ] : " هذا منزلنا آنستي "


لفت انتباه [ رانيــــا ] وجود كومةٍ كبيرةٍ من النفايات في إحدى زوايا ذاك الزقاق ..


نظرت إلى [ فارس ] .. لتقول : " [ فارس ] .. أين آباؤكمـ ؟ "
بدا الحزن على محيــــا [ فارس ] ,, حرّك رأسه يمنةً ويسرةً كمن يجهل معنى الوالدين ..


زاد الحزن لدى [ رانيــــا ] .. إلاّ أنها حاولت إخفاء ذاك الحزن حتى لا يراه الأطفـــــال ..


إنحنت إلى [ فارس ] ، جعلت تحرك يدها البيضاء الناعمة على شعره الأشقر الناعمـ ..
لتتخلل تلك الشعيرات الصفراء أصابع يدهــــا بخفةٍ وسلاسة ..
اقتربت من الصغير ، لتقبّل خده الصغير المحمر بحنانٍ كبير ..


نهضت [ رانيــــا ] من مكانها ، ليضع [ فارس ] يده على خدّه متفاجئًا من تلك القبلة ..
تمتمـ قائلاً بصوتٍ أشبه بالهمس : " لطيـــــــفة !! "


ابتعدت [ رانيــــا ] عن المكان قليلاً ، لوّحت للأطفال كمن تودعهمـ ، عائدة إلى منزلها ..
لوّح لها الأطفـــــال بسعادةٍ كبيرة .. معبّرين عن شكرهمـ لــــــ [ رانيــــا ] ..



انصرفت [ رانيــــا ] في طريقها تجتاز ذاك الزقاق المظلمـ ..
اجتازته بسلامـ ، إلاّ أنها تركت خلفهــــا أطفالاً كان نصيبهمـ لقب


{ أطفـــــــــــال النفايات } ~ ..








•••







وسط تلك الأنغامـ الناعمة الهادئة جلست ، جعلت تنظر إلى الشارع من خلال تلك النافذة الكبيرة ..
أرجعت ظهرها إلى الوراء ، لسترتخي قليلاً .. تقدمت نحوهـــا تلك النادلة ، وضعت أمامها صحنًا
متوسط الحجمـ به قطع اللحمـ مع المرق ، وصحنًا آخر به سلطة منوّعة ..
انصرفت المنادلة من عِند [ صــــــوفي ] لتتركهــــا تنظر إلى الصحنين الموضوعين أمامها ..


طالت المدة التي استغرقتها [ صــــوفي ] تنظر إلى الصحنين ، أخذت الشوكة التي وُضِعت على يسار
صحن اللحمـ ، وجعلت تقلّب بها شرائح اللحمـ الذي أمامها ..


ألقت الشوكة بعيدًا عنها ، باديًا وجهها الضيق الشديد ، وضعت يدها في جيبها ، وأخرجت منه هاتفها ..
اختارت رقمـ هاتف والدهـــا الخلوي .. وبدأتِ الإتصــــال ..



انتظرت وانتظرت ، إلاّ أن والدها لمـ يجب ، طال الرنين ، فلمـ يجبها أحدٌ البتّة ..
ملّت الإنتظـــار ، لتنهي الإتصـــــال ..


نهضت من مكانها ، تركت بعض النقود على الطاولة ، وخرجت من المطعمـ تاركةً صحنيها كما
وُضعا أمامها ..



في ذاك الرصيف باتت التسير ، بلا أية وجهة .. تسير فحسب ..
استوقفتها قطة صغيرة ذات فراءٍ لأبيض تخللته البقع البنية ، أخذت تلك القطة تتمايل عِند قدمـ [ صــوفي ] ..
ابتسمت لها [ صـــوفي ] ، انحنت إليها ، أخذت تداعب القطة الصغيرة بيدها بلطفٍ شديدٍ ..
إلى أن نتجت بينهما محبةٌ كبيرةٌ ..




[ صـــوفي ] : " ما اسمكِ يا حلوة ؟ "
أخذت القطة تموء مغمضة عينيها ، تظهر السعادة عليها ..
[ صـــوفي ] : " ليس لكِ اسمـ ! طيب .. ما رأيكِ بـــــ [ سوسو ]؟ اسمـٌ جميل ! "
أومأت القطة رأسها أعلى وأسفل ، كمن يجيبها بالإيجاب ..


[ صــوفي ] مبتسمة : " [ سوسو ] .. أنا أُدعـــى [ صفـــاء ] ,, تشرفتُ بمعرفتكِ أيتها الحلوة "


بدا أن القطة قد انتبهت لشيءٍ ما ، مما دعاها تلتفت للخلف ..
نظرت إليها [ صـــوفي ] ، لتوجّه أبصارها إلى حيث تنظر القطة ..
رأت فتاةً صغيرةً تلوّح للقطة الصغيرة .. بدا أن القطة قد عرفت تلك الطفلة ..
لتتجه صوبها ,,
ابتسمت [ صـــوفي ] وهي ترى ذاك المشهد الجميل ، الذي جمع الطفلة والقطة سويًا ..


انقلبت تلك الضحكة ، إلى حزنٍ في وجهها ..
" الأحضـــان الدافئة .. أبعدها عنّا عمله المتواصل " .. وبهذه الكلمات تمتمت ..



•••





تمامـ الواحدة بعد الزوال .. موعد عودة التلاميذ إلى الثانوية ..
توالى دخول تلاميذ صف [ رانيــــا ] الواحد تلوَ الآخر ..
جلست كلٌ من [ عبير ] و [ وصـــال ] - اللتان قضتا فترة الظهر في القسمـ - في مكانها تنتظر قدومـ
شريكتها في المقعد ..


أسرعت [ رانيــــا ] وهي تصعد الدرج المؤدي إلى الطابق الثاني ..
مرّت من أحد الاقسامـ ، إلاّ أنها سرعان ما توقفت ..
إذ أنها لمحت أحدًا ما تعرفه ,, عادت للوراء ، ونظرت خِلسة إلى ذاك القسمـ ..
لمـ يخب ظنّها ، فتلك التي رأتها [ رانيــــا ] هي ذاتها التي تعرفهـــا ,,


فتاةٌ تجلس على كرسيٍ متحركٍ أسود اللون .. تدير ظهرها لباب القسمـ ، تنظر باتجاه النافذة ..
لمحت [ رانيــــا ] أنها ترتدي حجابًا أسودًا تخلله اللون الرمادي ..


رددت [ رانيــــا ] تحدث نفسها : " أوه لا ! لا أصدق !! هي أيضًا هنـــا ؟! "
بدا أن [ رانيــــا ] تترقب أن تستدير تلك الفتاة ، لتتعرف على وجهها ، ولتتأكد شكوكها ..


لمـ تنتظر [ رانيــــا ] مطوّلاً .. فقد مالت الفتاة قليلاً بكرسيها إلى جهة اليسار .. ليظهر
جانب وجهها الأيسر لــــ [ رانيــــا ] ..


" [ هـــــبة ] !! " رددت [ رانيــــا ] هذا الاسمـ بعد رؤيتها لتلك الفتاة ..
أرادت الدخول إلى القسمـ حتى تقابل تلك الفتاة ... إلاّ أن [ عليـــــًا ] قد أوقفها بقدومه نحو الفتاة ..


لمـ ترد [ رانيــــا ] أن يراها [ علي ] .. لذا فقد فضّلت أن تبقى في مكانها بعيدةً لا يراها ..

ظلّت تنظر إليهمــــا ... وهي تقول :
" وبنفـــــس القسمـ أيضًا ؟! "


ابتعدت عن باب ذاك القسمـ ، همّت بالذهاب إلى قسمها ، مبتعدة عن القسمـ الذي به
ابن خالتها ، لمـ تصدق أنها هنــا ، فمنذ السنة الكاملة لمـ ترها ,,
ما علمته فقط .. أنها تدرس مع [ عليٍ ] بالقسمـ ذاته ..

كان ذاك الممر شبه خاوٍ ، إذ أن التلاميذ باتوا يتجهون إلى أقسامهمـ ، وهي بدورها اتجهت إلى قسمها ,,
قرب الباب ، سمعت صـــرخةً مدوية من أحدهمـ ، أفزعتها ، من قسمها أتت تلك الصرخة ، ليزداد الخوف الذي
اجتاحها ..
دخلت القسمـ بسرعةٍ ، لتجد أن التلاميذ قد تجمهروا حول مقاعدها هي وابنة عمّها ..
اقتربت قليلاً من الحضور ، لمحت بينهمـ شابًا ضخمـ الجثة ، غليظ الملامح ، يحمل في يده اليمنى عصًا خشبية
وُضِعت بها مساميرٌ حديدية مثنية أعلى تلك العصا ، استغربت [ رانيــــا ] لذا رؤيتها لذاك الشاب ، فهذه المرة
الأولى التي تراه بها في هذا القسمـ ..
لمـ تستطع التعرف على الذي يقابله ، إذ أنه كان يدير ظهره لها ، بحثت عن [ عبير ] خشيت أن تكون هي طرفًا
في ذاك الشجار ، إلاّ أن خوفها ذاك سرعان ما تبدد لذا رؤيتها لها تقف على بُعدِ خطواتٍ من الذي يقابل
ضخمـ الجثة ذاك .. اتجهت نحوها ، لتســــــألها ...



[ رانيــــا ] : ” [ عبير ] ! ما الأمر ؟ ”


[ عبير ] : ” يتشــــاجران ... ”


[ رانيــــا ] : ” من همــــا ؟ ”


[ عبير ] : ” [ عبــد الصمد ] و .... [ وســــامـ ] ”


[ رانيــــا ] مندهشة : ” [ وســـامـ ] ؟! ”






أومأت [ عبير ] برأسها إيجابًا ، بينما اتسعت عينا [ رانيــــا ] بعد إيماء [ عبير ] ..
نظرت إليه ، بالفعـــل إنه [ وســـامـ ] ، فذاك الشعر الأسود ليس غريبًا عنها ،
كما أن ذراعه مضمّدة بعد ذاك الحادث المروري ..

تذكرت ذراعه .. نظرت إلى [ عبير ] ..






[ رانيــــا ] : ” هيي مهلاً .. أيتشاجر وذراعه مصابة ؟ ”


[ عبير ] : ” ليس بيدنا إلاّ المشاهدة فقط ! ”


[ رانيــــا ] : ” محض المشاهدة ؟! ”


[ عبير ] : ” ألديكِ حلٌ آخر ؟ ”




صمتت [ رانيــــا ] ، إلاّ أنها كانت تحدث نفسها قلقة خائفة :
” مستحيـــــــــل ! المشاهدة وحدها لن تفيدني ”



منتصب القامة وقف ، مقطّبًا حاجبيه ، باديًا عليه الغضب الشديد ..
من جهةٍ أخـــرى ، وقف ضخمـ الجثة ذاك يبتسمـ بثقةٍ كبيرة ، يضرب بخفةٍ عصاه الخشبية
في راحة يده اليسرى ..
تقدّمـ [ أنـــس ] نحو [ وســـامـ ] ، بدا أنه قلقٌ بعض الشيء ..







[ أنــس ] : ” [ وســـامـ ] ، أرجوك .. لا داعي للشجار ”


[ وســـامـ ] : ” لمـ أقترب منه ، رأيتَ لتوكَ ما فعله .. ”


[ انــس ] : ” وكأنني لا أعرفه ! لا أنكر أنني رأيتُ ما فعله ، إلاّ أن شجاركما لن يزيد الأمر إلاّ سوءًا ”


لمـ ينطق [ وســامـ ] بكلمة واحدة ، نظر إلى عيني صديقه ، فإذا به بالفعل قلقٌ عليه ..


أغمض عينيه ، عضّ شفتيه ، بدا لـــ [ أنــس ] أن صديقه غاضبٌ لأبعد حد ..


ردد [ أنــس ] : ” أرجـــوك .. أنهي الأمر بسلامـ ”


أحكمـ [ وســـامـ ] قبضة يده ، بدا أنه يستدير إلى الخلف ، قاصدًا العودة إلى مقعده ..


انتبه إليه [ عبــد الصمد ] ، لمـ يعجبه رد فِعل [ وســامـ ] الأخير ..






ردد بسـخرية : ” ما لمـ أعلمه عنكَ أنك تخشى مواجهتي ! ”

لمـ يكترث [ وســامـ ] لأمره ، بل أنه لمـ يستدر حتى .. وقف أمامـ مقعده ، لمح فتاتين تقفان على بُعدِ
خطواتٍ قليلةٍ عنه ، التفت إليهما ، فإذا بهما [ رانيــــا ] و [ عبير ] ..
قرأ الخوف على عينيها حينما أمسكتها ابنة عمّها من كتفها ، أزاحت أبصارها عنه ، ليلتف هو إلى
مقعده مجددًا ..


لاحظ [ عبـــد الصمد ] النظرة التي وجهها [ وســامـ ] إلى [ رانيــــا ] ..
تقدّمـ إلى الفتاتين خلف [ وســامـ ] ، تقدّمـ باتجاه [ رانيــــا ] .. نظر إلى عينيها ، بابتسامة تعلوه ..

فزعت [ رانيــــا ] من تلك النظرة ، اتسعت عيناها خوفًا وهما تقابلان عيناه ..
أمسكَ تلك العصا بيده اليسرى ، وباليمنى أراد الإمساك بيد [ رانيــــا ] ..
انتبه [ وســامـ ] لما يريد فعله ، أمسك [ عبـــد الصمد ] يدها .. وسط الخوف الذي تملّكها ..

أسرع [ وســامـ ] وأمسك ذراعه بقوة ، ليتألمـ هو من شدة إحكامه عليها ..
نظر [ وســـامـ ] إليه بغضبٍ ..


ردد بصوتٍ هادئٍ : ” مشكلتكَ معي .. فلا تقحمـ الفتيات فيها ”
ارتبك [ عبــد الصمد ] .. اتسعت عيناه .. تصبب منه العرق ..
[ وســـامـ ] ملمّحًا : ” يدهــــا ”


أفلت [ عبـــد الصمد ] يد [ رانيــــا ] .. وسط دهشتها التي امتزجت بالخوف ..

وقتها دخلت [ صـــوفي ] إلى القسمـ , لتُفاجئ بالتجمهر الذي كان واضحًا بالقسمـ ..
اقتربت قليلاً بالقرب من الفتاتين ، لتجد [ وســـامـ ] يمسك بذراع [ عبــد الصمد ] ،
فهمت أن شجارًا ما قد نشب بينهما ..

تراجع [ عبـــد الصمد ] إلى الخلف قليلاً ، بعد أن أفلت [ وســامـ ] ذراعه ..
أحكمـ قبضته على العصا التي في يسراه ..
تراجع إلى الخلـــف ، بدا الغضب واضحًا على وجهه الغليظ ..
رفع يده التي تحمل العصـــا الخشبية ، كمن ينقض على [ وســـامـ ] ..
هجمـ عليه .. !



صرخـــــــــــتِ الفتيات صرخة مدوية ، أغمضت [ رانيــــا ] عينيها ., وهي تردد :
" ربي استر "

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 05:07 PM
تــــراجع إلى الخلف ، أحكمـ قبضته على العصا الخشبية ، رفعها إلى الأعلى ..
غاضب الوجه كان ، تقدّمـ نحـــو [ وســـامـ ] ، مهاجمًا عليه كبركانٍ لمـ يثر منذ زمن !
صـــــرخت الفتيات صرخة قوية جميعهن ، أغمضت عينيها ،
خائفة من أن ترى بعينيها مشهد إيذائه بنفسها ..

أحدث إرتطــــامـ تلك العصا الخشبية صوتًا مدويًا ، راح يتكرر صداه في القسمـ كثيرًا ،
فتحت عيناها ببطئٍ شديدٍ ، لتـــرى ما لمـ تتوقعه !


كانت أن تضربه ! لولا أنه قد انحرف قليلاً عن مسارها متجنبًا إيّاها ، بدا أنه يلهث ،
بينما وقف [ عبـــد الصمد ] مائلاً جرّاء ضرب العصا للطاولة ، وضعت يدها على صدرها ، لتشعر
بنبض قلبها يتسارع شيئًا فشيئًا .. ليكون هذا حال [ رانيــــا ] ..


بدا لها أنها قد أتت متأخرة نوعًا ما ، فها هو الشجار بدأ حامي الوطيص ، وضعت حقيبتها السوداء
فوق إحدى الطاولات ، اقتربت من مكان الشجار ، ليبدو لها أن شابين يتشاجران ,,
لمـ تعرف صاحب العصـــــا التي ارتطمت بالطاولة ، إنما عرفت [ وســــامـ ] ,,
اتسعت عيناها ، ذهبت بها ذاكرتها إلى لحظة إغمائه ، لتشهق شهقة أعربت عن خوفها ..

تزاحمت مع [ رانيــــا ] لتدخل بينها وبين [ عبير ] ، التفتت إلى [ وســـامـ ] لتجده يلهث بسرعةٍ
لهثاتٍ متتالياتٍ ..


جعلت تتمتمـ بصوتٍ أشبه بالهمس : " أوه لا ! سيغمـــى عليه ولا شك ! "
تسللت هذه العبارة خطأً إلى أُذني [ رانيــــا ] التي وقفت [ صـــوفي ] بجوارها ..
التفتت إليها [ رانيــــا ] بسرعةٍ بعد الذي سمعته ، بدا أنها خائفة ، انتبهت إليها [ صـــوفي ]
لتلتفت إليها هي الأخرى ..




رددت [ رانيــــا ] بخوف : " لــ .. لمـَ سيغمى عليه ؟! "
[ صــوفي ] : " محض تخمين .. "
[ رانيــــا ] : " لكنكِ بدوتِ واثقةً ! "
[ صـــوفي ] صارخةً بوجهها : " أما كفاكِ أسئلةً ؟ كنتُ أخمن لا أكثر ! "





صُعِقت [ رانيــــا ] لهذه الإجابة .. بينما وقفت [ صـــوفي ] تنظر إلى حلبة الصراع والقلق
واضحٌ على محياها ..


صراخ الشباب لفت إنتباهها ، التفتت إلى الأمامـ ، لتجد أن الشباب يحاولون تهدئة [ عبـــد الصمد ] ،
إلاّ أنهمـ عبثًا يحاولون ..
تقدمـ [ عبـــد الصمد ] إلى [ وســـامـ ] بقوةٍ ملقيًا عصاه أرضًا ، أمسك بحركةٍ سريعةٍ قميص [ وســامـ ]
ورفعه إلى وجهه ..
بدا أن [ وســـامـ ] يلهث أكثر فأكثر ، رغمـ ذاك الغضب الذي لمـ ينكر أحدٌ وضوحه التّامـ في وجهه ..

" أبعـــــد يدكَ عنّي " نطق بها [ وســـامـ ] وهو يزيح بقوةٍ يد [ عبـــد الصمد ] ..
زاد لهيثه أكثر ، بدا أنه يترنّح .. كاد يسقط ، لولا أنه قد استند بالطاولة التي خلفه ..

اندفعت إليه [ صـــوفي ] وسط شهيق [ رانيــــا ]التابع لسقوطه الذي أوشك أن يحدث ..
سبق [ أنـــس ] [ صـــوفي ] ليسند [ وســامـ ] ، استطاع رفعه قليلاً ليقف مستندًا عليه ..
اقتربت منه [ صـــوفي ] وضعت يدها على صدره ، جهة اليســـــار تمامًا ..

فاجأته حركتها تلك ، فقد بدا أنها تتحقق من شيء ، سألته قائلة :
" يؤلمــــــــــك ؟! "
اتسعت عيناه لذا سماعه لهذا السؤال ، بدا أن الإرتباك قد انتابه ..
لمـ يجبها ، وهي فهمت سبب سكوته ذاك ..


ابتعدت عنه ، لتقترب من [ عبـــد الصمد ] ، بدا ضخمًا بالقياس بها ، رفعت رأسها لتقع عيناها بعيناه ..
نظرت إليه غاضبةً ، نظــــرة لمـ تحتج الكلمات لتفسّر معانيها ..

نطقت [ وصـــــال ] : " أجــــل ! هي ذاتها ... تلك النظرة نفسها ... مستحيل ! ... إنها .. تكررها مجددًا ! "
بدا الخوف واضحًا على [ وصــــال ] رغمـ أن النظرة لمـ تكن موجهة إليها ..


" ألا ترى أن صحته لا تحتمل ؟ " نطقت [ صــــوفي ] بهذه الكلمات مخاطبة [ عبـــد الصمد ] بغضبٍ شديدٍ ..
استقامـ [ وســــامـ ] لذا سماعه لهذا السؤال ,,
بدا متفاجئًا ، أحس بالألمـ ، لمـ يستطع وضع يده موضع الألمـ ، فاكتفى بعض شفتيه وإغماض عينيه ..
ظلّ يردد هذه العبارة في نفسه : " مستحيـــــل !! تعلمـ بالأمر ؟! "



رددت [ صـــوفي ] : " لمـ أعلمـ أنني أكلمـ حائطًا ! ألن تتحدث ؟ "
نظر إليها [ عبـــد الصمد ] بطرف عينه السفلي ، بدا عليه الإرتباك ..
قال مرتبكًا : " ومـــ .. وما .. و .. "
[ صـــوفي ] : " وماذا ؟ أأبحث لكَ عن لسانٍ جديدٍ لتتحدث به ؟ "
[ عبـــد الصمد ] : " وما شأنكِ أنتِ ؟ إيّاكِ وأن تتدخلي "
[ صـــوفي ] : " وماذا بيدكَ أن تفعله .. لتفعله ؟ "
ارتبك [ عبـــد الصمد ] ، بلع لعابه ، مسح بيده عرق جبينه ..
لاحظت [ صـــوفي ] تلك الحركة الأخيرة ، لتقول : " الجـــو ليس حارًا .. هيّا ، أنتظر الجواب "

[ عبـــد الصمد ] : " يستحسن لكِ أن تبتعدي من هنا "
[ صـــوفي ] باستهزاء : " عذرًا ، طليتُ حذائي بالغراء قبل مجيئي ، جفّ الآن ، لن أستطيع الحراك "

" من هذه الفتاة ؟! " ظلّ [ عبــــد الصمد ] يردد هذه العبارة في نفسه كثيرًا ، لمـ يستطع
محادثتها ، ولا حتى الإقتراب منها قليلاً ..


وضعت [ صـــوفي ] يدها على خصرها ، نظرت إليه نظرتها تلك ..
وقالت : " ضخامـ الجثة همـ من يناسبونك ، فابحث عنهمـ لتلهو معهمـ .. صدقني ..
همـ كثرٌ في هذه الثانوية "
[ عبـــد الصمد ] : " مــــــاذا ؟! "
[ صـــوفي ] مشيرة إلى [ وســـامـ ] : " أجـــل ,, لا يناسبونك أمثال الذي ورائي أبدًا ..
لزمهمـ سلّمٌـ للوصول إليك .. "


نطق [ أنـــس ] معلقًا بصوتٍ أشبه بالهمس : " أوف ! ليس بهذه الضخامة كلها "





أردفت [ صــوفي ] : " وإن لمـ تضغِ .. فلن يحاسبكَ أحدٌ ..... سواي .. "
[ عبـــد الصمد ] صارخًا : " هيي ، من تظنين نفسك ؟ ما أنتِ بفاعلةٍ شيئًا "
تقدمت [ صـــوفي ] باتجاهه ، قائلةً : " أنا من سيسكتكَ ، فلا تجرب .. خذها مني نصيحة "




نطقت [ وصــــال ] : " والله إنها لصادقة ! ما كذبت .. " ، التفت إليها [ عبـــد الصمد ] ..
والتفتت إليها [ صـــوفي ] ، رفعت يدها ملوّحة لها .. وهي تقول :
" أوه ! أهـــلاً .. شكرًا لتصديقي ,, "


أردفت قائلة : " كانت محض نصيحة ، لن أجبركَ على التقيد بها "

انصرفت من عنده .. قاصدة مكانها بعد أن أخذت حقيبتها من فوق تلك الطاولة ..
تبعت أبصار الجميع [ صـــوفي ] وهي تتجه نحو مقعدها ..


صرخ متألمًا ، أراد وضع يده موضع الألمـ ، إلاّ أنه لمـ يفعل ، سقط ..
نزل إليه [ أنـــس ] ساندًا إيّاه ، ليجد أن [ رانيــــا ] قد اندفعت لتساعده ..
التفت إليها ، وجدها تحاول إسناده .. رأى الدموع في عينيها المخضرّتين ..

قالت بنبرة باكية مخاطبة [ أنـــسًا ] : " ساعدنـــي ، أرجوك ... "
نظر إليها [ وســـامـ ] وهو يلهث .. ليرى هو بدوره تلك الدموع الواضحة على وجهها ..
سند كلٌ من [ أنـــس ] و [ رانيــــا ] [ وســـامـ ] ، ووضعاه ليجلس فوق مقعده ..
اتكأ على طاولته يلهث ، وهي بدورها التفتت إلى حيث تجلس [ صــــوفي ] ..



كانت تردد في ذهنها :
" غريبٌ حقًا ! قالت أنها تخمـــــن ، لكنه بالفعل كاد أن يغمى عليه ! "


..

جعلت تفتح وتغمض عينيها ، خوفًا من أن يرى أحدٌ دموعها ، تفرّق التلاميذ عائدين إلى مقاعدهمـ ،
فقد دخلت عليهمـ أستاذة الجغرافيا ، التي سبق وأن علموا أن اسمها [ حسنـــــاء ] ..
استحقت ذاك الاسمـ عن جدارة ، فقد كانت شديدة الجمال ، حسناء بالفعل ، ذات ضحكة مشرقة جميلة ..

مرّت حصة الجغرافيا سريعةً لمـ تخلُ من المعلومات الجغرافية الكثيرة ، لتبدأ حصة الحســـاب بصحبة الأستاذ
[ أحمـــــد ] ..
ما إن علمت [ عبير ] بالمادة التي يدرسها ذاك الأستاذ حتى قالت متذمرة :
" حســـــاب ؟! يا حبيبي ,, رسبنا هذه السنة ! "
استغربت [ رانيــــا ] لحديث [ عبير ] ..

التفتت إليها ...




[ رانيــــا ] : " ما هذا الكلامـ ؟! سترسبين مرةً واحدةً ؟! "
[ عبير ] باستياء : " بالطبـــــع ! الحســـاب هو السبب .. "
[ رانيــــا ] : " يا عزيزتي يا [ عبير ] ، ما زلنا في بداية السنة ، لمـ ندرس شيئًا بعد "
[ عبير ] : " هذا حسابٌ يا عزيزتي .. ليس رسمًا أو رياضةً حتى لا أقلق "
[ رانيــــا ] : " فلأصارحكِ القول .. أنا أيضًا لا أطيق الحساب .. ومع هذا ، لا أجد مسوغًا لهذا الكلامـ "
[ عبير ] : " طيب .. فلنترقب علاماتكِ قي هذه المادة "
[ رانيــــا ] مبتسمة : " هل أعتبر هذا تحديًا ؟ "
[ عبير ] بثقة : " أجــــــــل .. "
[ رانيــــا ] بثقة : " حسنٌ يا ابنة عمي .. سنرى من ستفوز بهذا التحدي "




أخرجت كلٌ من الفتاتين كتب الحساب من حقيبتيهما ..
سقط قلمـ [ رانيــــا ] أرضًا من حقيبتها عند إخراجها للكتاب ، تدحرج بعيدًا عنها ..
نهضت لتتبع قلمها ، توقف فالتقطته ، نهضت لتستقيمـ واقفة ..
وجدت نفسها تقف أمامـ [ صــــوفي ] ، خطر في بالها أن تسألها عن سر توقعها ذاك ..
إلاّ أن تواجد الأستاذ منعها من ذلك ..
نظرت إليها نظرة التساؤل والحيرة ، انتبهت [ صـــوفي ] لتلك النظرة ..
إلاّ أنها لمـ تجبها بنظرة مماثلة ..
عادت [ رانيــــا ] إلى مقعدها منزلة رأسها أرضًا ..

مضت تلك الحصة سريعًا ، لتبدأ بعدها الإستراحة الثانية ..
خرج الأستاذ من الحصة تاركًا وراءه واجبًا لتلاميذه ..


بدأ التلاميذ يخرجون من القسمـ الواحد تلو الآخر ..
أغلقت [ رانيــــا ] دفترها بعد أن نقلت ما بالسبورة ..
نضهت من مقعدها لتتوجه إلى [ صـــــوفي ] ، أحضرت مقعدًا آخرًا ، وجلست بجانبها ..
كانت [ صـــوفي ] تتناول مصّـــــاصةً حمراء صغيرة بعض الشيء .،

ترددت [ رانيــــا ] قبل أن تبدأ بالحديث معها ، إلاّ أنها حزمت أمرها أخيرًا ..




[ رانيــــا ] : " آآآ ... [ صـــوفي ] .. مممـ .. "
[ صـــوفي ] : " أهــلاً .. ماذا تريدين ؟ "
[ رانيــــا ] : " آهــا ؟ ثمّة ما يشغل بالي .. وتمنيتُ لو أنكِ تفسرينه لي "
[ صـــوفي ] : " وما هــو ؟ "
صمتت [ رانيــــا ] لبرهة ، إلاّ أنها سرعان ما تحدثت ..
[ رانيــــا ] : " عند مجيئكِ للقسمـ .. بدا أنكِ تحادثين نفسكِ ..
أقصد أنكِ كنتِ تتمتمين ببعض الكلمات .. كأن تقولي : " سيغمى عليه ولا شك " .. فمالذي كنتِ ترمين إليه ؟
وكيف عرفتِ بالأمر ؟ "
[ صـــوفي ] : " وددتُ لو أنكِ لمـ تسأليني هذا السؤال أثناء ذاك الشجار .. فقد كنتِ تزيدين من توتري "
[ رانيــــا ] بارتباك : " أحقًا ؟! أوه ! المعذرة .. "
[ صـــوفي ] : " لا عليكِ ... مسألة معرفتي بالأمر هي .... "
صمتت [ صـــوفي ] لبعض الوقت .. بدا أنها تنظر إلى حيث يجلس [ وســـامـ ] بشرود ..
حركت رأسها يمنةً ويسرةً كأنها تنفي شيئًا ..
[ صـــوفي ] : " لا ... لا أستطيع إخباركِ "
[ رانيــــا ] باستغراب : " ولماذا ؟! "
[ صـــوفي ] : " آسفة ... لا أستطيع .، أرجوكِ .. لا داعي لأن تحرجيني "
[ رانيــــا ] باستياء : " حسنٌ ، لن أحرجكِ .. كما تشائين "



نهضت [ رانيــــا ] من عند [ صـــوفي ] متجهة إلى حيث تجلس [ عبير ] ,,
بدا أنها تحدثها ، نهضت [ عبير ] لتخرجا معًا من القسمـ ..

" ليس قبل أن أستأذنه " رددت [ صـــوفي ] هذ العبارة في ذهنها ..
نهضت من مقعدها ، أدخلت تلك المصاصة في درجها ، وذهبت إلى [ وســــامـ ] ..

كان وحده يجلس متكئًا على طاولته كالنائمـ عليها ..
لمـ يكن [ أنـــس ] معه ، فقد ظهر أنه خرج من القسمـ لسببٍ ما ..

اقتربت منه ، مالت إليه ، وضعت يدها على ظهره ..



[ صـــوفي ] : " كيف تشــعر الآن ؟ "
نهض [ وســـامـ ] رافعًا رأسه إليها ,, أرجع ظهره إلى الخلف ، نظر إليها ..
[ وســـامـ ] : " لا بأس .. شكرًا على سؤالك "
ابتسمت [ صــــوفي ] له ، استدارت لتفتح النافذة التي بخلفها ، ليتسلل منها نسيمـٌ أخذ
يداعب خصلات شعرها الأسود الناعمـ رغمـ تلك التسريحة الشعثاء ..
عادت واستدارت إلى [ وســـامـ ] ، اقتربت منه .. بدا من ملامحها أنها تتحدث بجدية ..
[ صـــوفي ] : " صـــارحني وقل الحقيقة .. أتخفي الأمر ؟ "
اتسعت عينا [ وســـامـ ] ، صمت لبعض الوقت .. تنهّد ..
وقـــال : " قبلاً .. هل لي أن أعرف ، كيف علمتِ بالأمر ؟ أقصد .. كيف علمتِ
بأنني .. ( وضع يده اليمنى على صدره في الجهة اليسرى ) أحمل قلبًا ضعيفًا ؟ "
أنزلت [ صـــوفي ] رأسها للأسفل .. بدا من ملامحها أنها حزينة ..
قالت : " عُد بذاكرتكَ للحظة إغمائك .. منذ أن رأيتكَ تسقط بعد إرتطامـ الكرة بصدركَ راودني الشك ..
لكنني فيما بعد تأكدتُ عند إسعافي لك "
أردفت بثقةٍ : " أسعـــى إلى أن أصبح طبيبةً .. فلا تعجب "

صمتَ [ وســـامـ ] ، قطّب حاجبيه .. بدا عليه الإنزعاج ..
ردد بنبرةٍ حزينة : " حــــاولت .. وبذلتُ جهدي .. إلاّ أن السر لا يبقَ سرًا إلى الأبد "
[ صـــوفي ] : " لمـ تجبني .. يبدو أنك تخفي الأمر .. أمـ أنني مخطئة ؟ "
أومأ [ وســـامـ ] برأسه إيجابًا ,.
[ صـــوفي ] : " ووالداك ؟ يعلمان بالأمر ؟ "
ضحكَ [ وســــامـ ] قليلاً .. بدا كأنه يسخر ربما ..
[ صـــوفي ] : " لا يعلمان ؟! "
[ وســـامـ ] : " لا أجدهما في المنزل حتى أحكي لهما الأمر "
أردف قائلاً : " شيءٌ طبيعي .. فلا تستغربِ "
" أنتَ أيضًا ؟! " رددت [ صـــوفي ] هذ العبارة في ذهنها ..

نظر إليها [ وســـامـ ] ، وقال : " أتمنى أن تحتفظي بالسر .. "
[ صـــوفي ] : " إلى مــــتى ؟ "
[ وســـامـ ] : " ...... إلى أن أخبر والديّ "
[ صــــوفي ] : " ماذا لو لمـ تحتمل ؟ "

لمـ يجب [ وســــامـ ] ، إنما ظلّ على صمته ..
تنهدت [ صـــوفي ] ... وقالت : " طيب .. كما تشاء "
التفت إليها [ وســـاامـ ] باندهاش ..
[ صـــوفي ] مستغربةً : " ماذا ؟ ألا تريد أن أحفظ سرك ؟ "
[ وســـامـ ] : " بــــلى ,, أقصد ... إن استطعتِ ذلك "
[ صــــوفي ] مبتسمة : " لا تقلق .. أستطيع ، سرّك في بئر "




انصرفت [ صـــوفي ] عائدة إلى مكانها ..

لتترك [ وســــامـ ] يخـــاطب نفسه ، قائلاً :
" وماذا لو لمـ أستطع أنا كتمان هذا السر ؟ "





أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 05:16 PM
دقّ جرس المدرسة ليعلن إنتهاء الإستراحة الثانية لذاك اليومـ ..
اتجه جميع التلاميذ كلٌ نحو قسمه ، لتبدأ الحصة السابعـــــة ..


مرّت [ رانيــــا ] بقسمـ [ عليٍ ] كأنها تتحق من أمرٍ مهمـٍ ..
انبتهت [ عبير ] لفعلها ذاك .. اقتربت منها سائلةً إياها ..



[ عبير ] : " ماذا عندكِ هنـــا ؟! "
[ رانيــــا ] : " غريب ! عند مجيئي رأيتها هنـــا ! "
[ عبير ] : " مــــن ؟! "


بدا الإستياء على [ رانيــــا ] ، حركت رأسها يمنةً ويسرةً ...
وقالت : " كلاّ .. لا شيء .. "
[ عبير ] : " خِلتُ أنكِ لا تطيقين ابن خالتكِ ذاك ! "
[ رانيــــا ] باستغراب : " مـــن ؟ [ علي ] ؟! "
[ عبير ] : " ومن غيره ؟ ألمـ تقولي أنكِ لا تطيقينه ؟ "
[ رانيــــا ] : " أرجــــوكِ .. ذاك المختل لا يمكن أن أتحمله البتة "
[ عبير ] : " مختــــل ؟! مممممـ .. هذا الوصف لا يناسبه .. ما رأيكِ بــــ ,,, "
[ رانيــــا ] مقاطعة : " أحمـــق .. "
[ عبير ] : " لا .. "
[ رانيــــا ] : " غبــــي .. "
[ عبير ] : " لا .. "
[ رانيــــا ] : " إذًا سخيف .. "
[ عبير ] : " أيضًا لا .. "
[ رانيــــا ] : " وماذا إذًا ؟! هيي .. تحدثي ! "
[ عبير ] : " الحقيقة .. وبلا أي إنكار ، أراه .. جذّابًا !! "


اتسعت عينا [ رانيــــا ] ... : " ذاك الأحمق .. جذاب ؟! "
أومأت [ عبير ] برأسها لـــ [ رانيــــا ] .. وعلى وجهها ابتسامة ..
وضعت [ رانيــــا ] يدها على رأسها ، وهي تقول : " خذيه إن شئتِ .. فأنا لا أطيقه "


ضحكت [ عبير ] من رد [ رانيــــا ] ، الذي اعتبرته شيئًا من مزاجها المعهود ..








دخلتِ الفتاتان القسمـ ، قصدتــا مقعديهما ، جلست [ عبير ] بمقعدها ،
همّت [ رانيــــا ] بالجلوس على مقعدها ، إلاّ أنها تعثرت بساق الكرسي الذي
أخذته [ وصــــال ] ووضعته بوسط الممر ..
سقطت [ رانيــــا ] جرّاء تعثرها على [ وصـــال ] التي بدورها فقدت توازنهـــا
مما دعاها لأن تسقط أرضًــــــا ..


تفاجأت [ عبير ] لذا رؤيتها لذاك المنظـــر ، نهضت من مكانها بسرعة لتتوجه إلى الفتاتين ..
ابتعدت [ رانيــــا ] عن [ وصـــال ] بسرعةٍ مرتبكة مما حصل ..
بدا أن [ وصـــال ] قد انزعجت من هذا التصرف ..
نهضت غاضبــــة ، بينما همّت [ رانيــــا ] بالإعتذار ..




[ رانيــــا ] : " الــ .. المعذرة يا [ وصـــال ] ,, لمـ أقصد أن ... "
[ وصـــال ] غاضبةً مقاطعةً : " لمـ تقصدِ ماذا ؟ أيتهــــا الــ ... "
أتت [ عبير ] تقاطع [ وصـــال ] : " ماذا ؟ أكمــلي ... "
صمتت [ وصــــال ] للحظة تنظر إلى [ عبير ] ، إلاّ أنها سرعان ما تحدثت غاضبة ..
[ وصـــال ] : " يجدر بكِ أن تمسكي بقريبتكِ هذه وإلاّ ... "
[ عيبر ] مقاطعةً : " وإلاّ ماذا ؟ كدتُ أن أصدق لطفكِ المزعومـ وقت الظهيرة "
التفتت إليها [ رانيــــا ] مستغربة من العبارة الأخيرة ، أمـــّا [ وصــال ] فقد اجتاخها غضبٌ جامحٌ بعد
عبارتها تلك ..


تقدمت [ وصـــال ] من [ عبير ] غاضبةً ، لمـ تنتبه لطول تنّورتها ، مما جعلها تسقط متعثرة بها ..
سقطت فاقدةً توازنها ، ارتطمت ذراعها بحافة ساق الكرسي الملقى جانبًا ، لتُجرح ذراعها إثر ذاك الإرتطامـ ..

سالت دماؤها ، أخذت تبكي وتنصرخ متألمةً تتوجع من ذاك الجرح ، توجهت إليها [ أمــــل ] التي بدا أنها
خائفةٌ على صديقتها ..

لمـ تستطع [ رانيــــا ] تحمل صراخها الذي تجمهر من أجله تلاميذ القسمـ حولها ، أسرعت نحو حقيبتها ، بحثت فيها ،لتخرج منها علبة صغيرة الحجمـ ، أخذتها ، وعادت إلى حيث تجلس [ وصـــال ] ..
دنت إليها ، لتجلس على ركبيتها بجوارها ، أخرجت من جيبها منديلاً صغيرًا ، أخذت بمسح به وجهها المتعرق
جرّاء ذاك الألمـ .. تناولت العلبة التي أخرجتها من حقيبتها ، فتحتها ليتبيّن أنها علبة إسعافاتٍ أوليّة !
أخرجت منها قطعةً قطنٍ صغيرةٌ وأشبعتها بمعقمـٍ طبي ..

التفت [ رانيــــا ] إلى [ أمـــل ] وأشارت لها أن تثبت صديقتها جيدًا ..
وجّهت حديثها إلي [ وصـــال ] : " عزيزتي .. أعلمـ أن هذا الجرح يؤلمكِ ، هذا المعقمـ سينفعكِ ..
إلاّ أنه سيزيد من وجعكِ ، فهل ستتحملينه ؟ "
نظرت إليها [ وصـــال ] لمـ تنطق بكلمة واحدة ، إنما أغمضت عينيها وغضّت شفتيها ألمًا ..

بدا الإرتباك واضحًا على وجه [ رانيــــا ] ، أغمضت عينيها ، طلبت عون ربها ، وسمّت باسمه جلّ عُلاه
باديةً به عملها ..

وضعت القطن بهدوءٍ على الجرح تنظفه ، أحست [ وصــــال ] بالألمـ الشديد لتصرخ صرخةً مدويةً لمـ تحتج الكلمات
لتفسيرها ..

لمـ تستطع [ أمـــل ] الإمساك بصديقتها وحدها ، نزلت [ عبير ] لمساعدتها ، رغمـ أن الغضب ما زال واضحًا على
وجهها ، حسب ما رأته [ أمـــل ] ..


نظفت [ رانيــــا ] الجرح ماسحةً الدماء التي من حوله ، لفّت ذراعها بالضمادة التي معها ، لتنتهي من عملية إسعافها ..
بدا أن [ وصـــال ] قد كفّت عن البكاء ، إلاّ أن الدموع بقيت تسيل على خدها الذي احمرّ بكاءً ..

ارتاحت [ رانيــــا ] لذا رؤيتها لـــ [ وصــــال ] وقد صمتت ..
ابتسمت لها ، ونهضت من عِندها بغير كلمة واحدةٍ متجهةً إلى مقعدها ..


لمـ تستطع إخفاء علامات الإستغراب التي انتابه ، لمـ يجد مسوغًا لما فعلته قبل قليلٍ ..
بعد كل الذي فعلته لها ، بكل بساطةٍ تساعدها ؟
أبعد أن جعلتها سرخيةً للتلاميذ ، تنقذها ؟
غيرها ما كان ليفعل ذلك البتة !

تقدّمـ إليها ، ليقف على مقربةٍ منها ، انتبهت إليه ، لتلتفت ناظرة إلى وجهه لامحةً نظرات التعجب والإستغراب ..




نطق [ وســــامـ ] : " لـــ .. لمـَ ؟ "
لمـ تجبه هي بكلمةٍ واحدةٍ ، إنما ظلّت على صمتها ..
أردف سائلاً : " أبعد كل ما حدث ، تســــاعدينها ؟ "



ابتسمت هي بعد سؤاله ذاك ..
أبعدت نظرها عنه .. وقالت :
" ربمـــا .. لأنني لمـ أستطع قتل ذاك الطبع فيّ بعد "



•••








كانت آثار الدموع ما تزال مطبوعة على خدها ، أخذت تمسحها بيدها مخافة أن يسخر أحدٌ منها
عليها .. نهضت من الأرض ، أسرعت صديقتها لتساعدها ، إلاّ أنها ما احتاجت لها ..
لمـ تستطع أن تخفي علامات الدهشة التي ملأت وجهها ، فآخر ما توقعته ، أن تهبّ
[ رانيــــا ] التي لطالما سخرت منها ، أزعجتها ، ومدّت عليها يدها ، لمســـاعدتها ،
وإخماد ذاك الألمـ الذي اعتصر ذراعها ..

بدا أنها قد غاصت في بحر عميقٍ من الشرود ، فلمـ تلتقط أُذناها أي أصواتٍ البتة ، بالرغمـ
من أن رفيقتها [ أمـــل ] تحادثها ، فجلّ ما كان يشغل ذهنها ..
هو ذاك الشريط الذي يعرض تصرف [ رانيــــا ] معها ..

نظرت إليها ، لتجدها تبتسمـ للتي بجاورها ، تبتسمـ لـــ [ عبير ] التي أسرعت وجلست بجانبها ..
غافلتها تلك الدمعة التي سقطت من عينها ، إلاّ أن سرعة يدها مكنتها من مسحها بسرعةٍ قبل أن يلاحظها
أحد .

أحاسيسٌ غريبةٌ لمـ تفهمها [ وصـــال ] وقتها ..
أهو الشعور بالذنب ؟
أمـ الذل كان ؟
هل لأنها وللمرة الأولى تلقى لطفًا من أحدٍ ؟
بالرغمـ من تصرفاتها السابقة ، أمـ هي شفقةٌ لمستها من [ رانيــــا ] ؟

لمـ تفهمـ تلك الأحاسيس ، ولمـ تستطع ترجمتها ، فكيف تفعل ؟
وهي لمـ تعرف حتى ما إحساسها .. لمـ تعرفه لتفهمه ..
التفتت صوب النافذة ، لمـ ترَ منظر السماء الزرقاء عبرها ، إنما رأت شيئًا مختلفًا ..
رأت كلّ أفعالها مع [ رانيــــا ] ..
رأت صفعاتها لها ، رأت حركاتها السيئة معها ، رأت الضفدع الذي أحضرته لها ..
رغمـ ذاك الضجيج الذي كان بالقسمـ ، فإنها لمـ تسمعه ..
بل سمعت شيئًا مختلفًا تمامًا .. سمعت شتائمها التي وجهتها لــ [ رانيــــا ] ..
سمعت إستهزاءاتها بها ، سمعت سخرياتها التي انطلقت من فمها منها ..

أحست بضيق يخنقها ، ويحضّها على الإعتذار ، إلاّ أن خجلها منعها ..
منعها حتى من النظر صوبها ، منعها .. وأبقاها في مقعدها جالسةً ..

أتت تلك اليد لتقطع أحاسيس [ وصــــال ] ، أتت تهز كتفها كمن يوقضها من غفوتها ..
انتبهت لها [ وصــــال ] ، لترى أنها [ أمـــل ] تحاول جاهدة صرف نظر [ وصـــال ] لها ..





[ أمــل ] بعتاب : " [ وصــــال ] ! مالي أراكِ كالصنمـ أمامي ؟ تحدثي .. قولي شيئًا "
لمـ تجب [ وصـــال ] .. بدا أنها مضطربةٌ نوعًا ما .. تارةً تنظر نحو صديقتها ، والتارة الأخرى إلى الأرض ..
[ أمــل ] بغضب : " ماذا ؟ استطاعت تلك المستجدة أن تُدخلكِ في متاهة بعد تصرفها ذاك ؟ "
ظلّت [ وصـــال ] على صمتها ، لا تحرك سوى عينيها ، تفتحهما مرة ، وتغلقهما المرة الأخرى ..
ضربت [ أمــل ] بيدها على الطاولة ، وقالت صارخةً : " آخر ما أتوقعه منكِ أن تعتذري منها ..
ويحكِ أن تفكري بذلك حتـــى ! "

بدا أن [ وصـــال ] قد استوعبت ما الذي يحدث حولها ,,
أنزلت رأسها ، وقالت : " وإن قلتُ لكِ أن هذا ما يحدثني به قلبي ؟ "
اتسعت عينا [ امــل ] : " مستحيل ! [ وصـــال ] ! أنتِ .. تعتذرين ؟ غير ممكن ! "
نظرت إليها [ وصـــال ] : " لكنني أود ذلك حقًا .. بعد الذي فعلتُه لقيتُ منها المساعدة "
[ أمــل ] بغضب : " لن أسمح لكِ .. قولي غير هذا الكلامـ .. إعتذار ؟ أين ذهبت كرامتكِ يا [ وصـــال ] ؟ "
قطّبت [ وصـــال ] حاجبيها : " كرامتي معي يا [ أمــل ] .. وبها سأعتذر "
[ أمــل ] بارتباك : " أنتِ لستِ مصابة في ذراعكِ .. بل في عقلكِ ولا شك ..
اسمعي ,, لكِ حرية الإختيار .. إمّا أنــــا ، أو تلك المستجدة .. "

استغربت [ وصـــال ] من هذا الكلامـ ، أرادت الحديث .،
إلاّ أن [ أمــل ] أردفت : " وباعتذاركِ ذاك ، تكونين قد اخترتها هي .. ولا مجال للنقاش "




نهضت [ أمـــل ] من عِند صديقتها ، لتتركها في دهشة من آخر كلماتها ..
تابعتها بعينيها ، لتراها تتجه نحو [ رانيــــا ] والغضب بادٍ على مظهرها ..

وقفت [ أمــل ] أمامـ [ رانيــــا ] ، وضعت يديها على الطاولة ، انحنت لـــ [ رانيــــا ] .. لتلتفت لها الأخرى ..
قالت بلهجةٍ ساخرة : " أحسنتِ صُنعًا يا هذه .. تتقنين التمثيل جيدًا ..
تابعي ، فدور الطيّبة رائعٌ وأنتِ تلعبينه "

اندهشت [ رانيــــا ] من كلامـ [ أمـــل ] ، لتظهر تلك الدهشة على وجهها تمامـ الوضوح ..
أردفت [ أمــل ] مهددةً : " ويحكِ أن تخدعيني .. قراءة ما بين السطور عملي الذي اتقنه "

انصرفت [ أمـــل ] من عِندِ [ رانيــــا ] تاركةً إيّاها في دهشةٍ عارمة لا توصف ..


التفتت [ رانيــــا ] إلى [ عبير ] ، لتجدها أيضًا في دهشةٍ من أمرها لا تعي ما الذي يحدث ..



[ عبير ] : " ما بهـــا هذه ؟ "
[ رانيــــا ] : " وما أدراني ؟! "
ضحكت [ عبير ] ساخرةً : " السذّج يملؤون هذا القسمـ .. "



ضحكت [ رانيــــا ] مما قالته [ عبير ] ، استدارت لتقع عيناها بــ [ وصـــال ] التي ظلّت تحرك رأسها
يمينًا ويسارًا نافية فعل [ أمــل ] ..
انتبهت [ وصـــال ] لنظرة [ رانيــــا ] ، ممّا جعلها تنظر إليها ..

راود [ وصـــال ] الخجل من نظرة [ رانيــــا ] ، أنزلت عينيها وارتسمت ابتسامة على وجهها
ذاك ، نظرت إلى [ رانيــــا ] نظرة سريعة ، لتجدها متفاجئة من ابتسامتها تلك ..
شعرت [ رانيــــا ] أن ابتسامة [ وصــال ] تلك إنما هي رسالة اعتذار ، فبادلتها الإبتسامة نفسها ..

لمـ تنطق أيٌ من الفتاتين بأية كلمة ، بل جعلتا لغة الإبتسامة سبيل التخاطب بينهما ..



من جهةٍ أخــــرى ، وفي زاوية بعيدة في القسمـ خلفًا ، كانت [ صـــوفي ] تشاهد تلك الإبتسامات المتبادلة
بين [ رانيــــا ] و [ وصـــال ] ..
راودتها الدهشة أولاً .. إلاّ أنها سرعان ما رددت في ذهنها :

" بهذا نعتبر أن العداء قد انتهــــى بين الفتاتين "


أرجعت ظهرها للخلف ، وتنهّدت وعلى وجهها ابتسامة وإن دلّت على شيء ، فإنما تدل على فرحة اجتاحتها ,,
قالت بنبرة فرحة : " الحمـــــد لله على ذلك "






•••






رنّ جرس الثانوية عقِب الحصة الأخيرة التي لمـ تذهب عن فراغ ، ليعلن نهاية الدوامـ لذاك اليومـ ..
انصرف التلاميذ كلٌ لمنزله ..

أخذت [ رانيــــا ] تدخل كتبها في حقيبتها تستعد للعوة إلى منزلها ..
نهضت لترافق [ عبير ] ، إلاّ أنها انتبهت لقدومـ [ وصـــال ] نحوها ..


بدا أنها مرتبكةٌ نوعًا ما ، أرادت قول شيءٍ ما ، إلاّ أن [ رانيــــا ] فهمت القصد من ارتباكها ..
ابتسمت لها [ رانيــــا ] ، وقالت : " لمـ يحدث شيء ، حمدًا لله على سلامتكِ "

ابتسمت [ وصـــال ] لها ، رددت بخجل : " آآآآ ... أشكرك "
أومأت لها [ رانيــــا ] باسمةً ، انصرفت بصحبة [ عبير ] لتترك [ وصـــال ] بمفردها ...


تقدّمت صوبها [ صـــوفي ] ، وقفت خلفها ، وضعت يدها على كتفها ,,
وقالت : " أحسنتِ ,, الآن بتِّ تعجبينني .. "

وانصرفت من أمامها غير تاركةٍ لها الفرصة لأن تتحدث ..







•••








تمامـ السادسة مساءً ، هذا ما أشارت إليه ساعة هاتف [ صـــوفي ] الجوّال ،
رددت في ذهنها : " ربع ســـاعة ويصل " ، أغلقت هاتفها ووضعته في جيب بنطالها المزركش ذاك ..

طلبت سيارة أجــرة كانت بالشارع ، اختارت من المقعد الخلفي مكانًا لها ، دخلت لتجلس عليه ..


سائق سيارة الأجـــرة : " ما وجهتكِ ؟ "
[ صـــوفي ] : " خذني إلى محطّــــة القطار ,,, رجاءً "


انطلقت السيارة بسرعة رغمـ الزحامـ الذي ملأ شارع تلك المدينة وقتها ..
ظلّت [ صـــوفي ] تنظر إلى الطرقات من خلال النافذة ، وهي تفكر بعمقٍ شديدٍ ..
" هل تغيّـــــرتَ ؟ هل تبدّل حالك ؟ أمـ أنني كما تركتك .. سأجدكَ الآن ؟ " رددت هذه الأسئلة كلها
دفعةً واحدة في ذهنها ,, تفكر بأمر والدها الذي تستعد الآن لاتسقباله ..





•••






خرجت الأستاذة [ حسناء ] من بوابة المدرسة ، ليلفت انتابهها جلوس [ وصـــال ] على الرصيف قرب البوابة ..
اقتربت منها ، دنت إليها ، لتجلس بجوارها ..


أ. [ حسناء ] : " اسمكِ [ وصــال ] أليس كذلك ؟ "
[ وصــال ] : " صحيح أيتها الأستاذة "
أ. [ حسناء ] : " طيب يا [ وصـــال ] ,, تأخر والدكِ عنكِ ؟ "
أومأت [ وصـــال ] بالإيجاب ، رأتها الأستاذة لتخرج من حقيبتها هاتفًا خلويًا ..
وناولته لــ [ وصـــال ] ، قائلةً : " خذيه واتصلي بوالدكِ ليحضر إليكِ "


التقطت [ وصـــال ] منها الهاتف ، وأخذت تدقّ على أرقامه طالبةً رقمـ والدها ..
وضعت الهاتف قرب أذنها ، وبدأ الإتصـــــال ، انتظرت ، وانتظرت ..
إلاّ أنه لمـ يجبها أحد ..
أبعدت الهاتف عن أذنها ، باديًا على وجهها الإستياء الشديد ..
فهمت المعلمة الامر من تعابير [ وصـــال ] الواضحة ..
قالت لها : " جرّبي أن تتصلي بوالدتكِ ، إن كانت تحمل هاتفًا "

نفّذت [ وصـــال ] ما أمرتها به معلّمتها ، وطلبت رقمـ هاتف والدتها ,,
بدأ الإتصـــال ، لتجيب والدتها أخيرًا ..


[ وصــال ] بلهفة : " أمـــي ؟! "
والدتها : " [ وصـــال ] ؟! ما الأمر عزيزتي ؟ "
[ وصـــال ] : " لمـ يحضر والدي .. "
والدتها : " مجددًا ؟ لا شك أن تلك الحرباء لمـ تتركه يحضر إليكِ "
[ وصــال ] : " والعمـــل ؟ ألا تستطيعين أن تحضري أنتِ ؟ "
والدتها : " مستحيـــل ! اليومـ دوره هو ليسمح لكِ بالمبيت عنده .. "
[ وصــال ] : " لكنه لمـ يأتِ .. و لا أستطيع البقاء بالمدرسة "
والدتها : " لا يهمني .. كان عليه أن يكون أكثر اهتمامًا بكِ ,, إلاّ أنه منشغلٌ بتلك الشمطاء ..
آخ فقط .. لو أنها تسقط بين يدي فقط .. عندهـــا ســـ ... "
[ وصــال ] مقاطعةً : " يكفي يكفي ,, سمعتُ ما يكفيني ويزيد عليّ .. شكرًا على أية حال "



وأنهت المكــــالمة ,, ظلّت الأستاذة [ حسناء ] تنظر إلى [ وصـــال ] التي انتابها الإحباط الشديد
بعد مكالمتها تلك ,,
فهمت الأستاذة أن تلميذتها تعاني مشاكل عائلية ، أشفقت عليها ,,




أ. [ حسناء ] : " [ وصــال ] .. هيّا انهضي معي "
[ وصــال ] : " إلى أين ؟ "
أ. [ حسناء ] : " أنا من سيقلّك إلى منزلكِ .. "
[ وصـــال ] : " لا داعي لذلك ، سأنتظر والدي ، وإن تأخر فإنه سيحضر "
أ. [ حسناء ] : " لكـــن الشمس غربت ,, هيّا ، لن أتقبّل كلمة أخـــرى ، تحركي "



وأخذت الأستاذة تسحب [ وصـــال ] من ذراعها إلى أن وصلت إلى سيارتها ,,
ركبت [ وصـــال ] بجانب معلّمتها الجميلة ..
وقصدتا منزل [ وصــــال ] ,,





•••







وسط ذاك الزحامـ الذي ملأ المحطة كانت تسير ، تنظر ذات اليمين وذات الشمال ، تبحث
عن أبيها الذي تترقب وصوله ..
وقفت تنتظر ، إلى أن بدا هو لهــــا من بعيد ,,

ظهرت ابتسامةٌ خفيفةٌ لذا رؤيتها له ، اتجهت نحوه ، كانت سعيدةً برؤيته ، وإن لمـ تُظهر ذلك ,,
إلاّ أن تلك السعادة سرعان ما تبددت بعد التي رأتها ,,
كانت مع والده إمــــرأة ..

جميلةٌ جدًا ، ذات شعرٍ بنيٍ فاتح اللون ، بشرتها بيضاء ناصعة ، وعيناها بنية بنفس لون شعرها ,,
تحمل تلك الملامح الفرنسية ، التي امتاز بها أهــالي البلد الذي تركته ,,
بدا عليها الإستياء ، سلّمت على والدها ، إلاّ أنها تجنّبت تلك المرأة ...
متظاهرةً بعدمـ رؤيتها لها ..

" لمـ يتراجع عن فكرته ، ولمـ يتبدّل ، فها هي ذي ,, مكان والـــدتي أراها " رددت هذه العبارة في ذهنها باستياءٍ شديدٍ ، وهي ترى خاتمـ الزواج في يد
تلك المرأة التي رافقت والدها ..







•••








أغلقت ستائر غرفتها ، استدارت إلى الأمامـ ، واتجهت وهي على كرسيها المتحرك ذاك إلى حيث
تجلس والدتها ..
بدت في غاية السعادة ، خاصةً بعد يومها الأول في المدرسة ، فلمـ تداومـ في اليومـ الذي سبقه ..
انتبهت والدتها إلى سعادتها ,,



والدتها : " كيف كان يومكِ ؟ "
[ .. ] : " رائعًا جدًا ,, لمـ أعلمـ أن ابن عمي فائق اللطف هكذا ! "
والدتها : " بلا شك ,, [ علي ] شابٌ خلوقٌ .. أين أجلسكِ يا [ هبـــة ] ؟ "
[ هبـــة ] : " على مقربةٍ منه ، أنا في صف الطاولات الرابع ، وهو بالخامس قرب الحائط "







أردفت قائلةً :

" كــــان غايةً في اللطف معـــي اليومـ ! "

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 05:22 PM
فتحت باب شرفة غرفتها ، لينبعث نسيمـٌ عليلٌ أخذ يداعب خصلات شعرها الأشقر
الرمادي الناعمـ بسلاسة ..
أمسكت ذاك الخمــار الرقيق الذي كان فوق ركبتها ، وضعته على رأسها تقصد تغطية شيءٍ من
شعرها ، أمسكت عجلات كرسيها ، أخذت تحركها قاصدة الإقتراب من سياج الشرفة ..
نظرت باتجاه الشماء ، لمع وميض القمر المكتمل في عينيها العسليتين ,,
أحبّت منظر البدر المضيء وسط ظلمة السماء الحالكة ..
بدا أنها شاردة ، ظهرت ابتسامة رقيقة على وجهها ، الذي لمـ يخفِ علامات الشرود
البادية عليه .،


" أخيرًا حانت الفرصة .. ولا بدّ من أن أستغلّها أحسن إستغلال .. " رددت هذه الكلمات
وهي ما تزال على ذاك الشرود ، بصوتٍ لمـ يسبِنه غيرها .،
أردفت قائلة : " صحيحٌ أنه دائمـ التفكير بها ، لستُ بناكرة جمالها الفائق ، ورغمـ قعودي
على هذا الكرسي .. إلاّ أنني أستطيع .. " تحركت بكرسيها يمين السياج ، لتقترب
من الشجرة المتدلية من منزلها ، مدّت يدها ، لتقطف منها إحدى ورقاتها ..

نظرت إلى الورقة التي بيدها وقالت :
" هي لا تطيقه ، وهو يعلمـ هذا .. إذًا ، ثمّة هنالك أمل "
ظهرت على وجهها إبتسامة أقرب في شكلها بالخبيثة .. ألقت تلك الورقة على الأرض ..
ودخلت غرفتها ..






[ هبــــة ] ابنة عمّـ [ علي ] ، تصغره بسنة واحدة ، فهي في الرابعة عشر من عمرها ..
ومع صغرها ، نجدها في السنة الأولى من المرحلة الثانوية ..
دخلت المدرسة مبكرةً بعض الشيء ، رغمـ أنها مقعدة تتنقل على كرسي متحرك ،
إلاّ أن الجميع يشيدون بحدّة ذكائها ,,
متوسطة الجمال ، تحقد على [ رانيــــا ] ، فقط لما تعلمه بما يخفيه [ علي ] في قلبه
اتجاهها ، وهي الأخرى ، تكن له أجمل المشاعر ..
تحاول [ هبــة ] أن تتقرّب من [ علي ] رغمـ خجلها الشديد ..
وجدت في التحاقها بقسمه الفرصة المناسبة لما تنويه ..








•••









نظر صوب ساعته ، ليراها تشير إلى تمامـ الثامنة والنصف مساءً ، أمسك صينية صغيرة
بها كأسين من عصير البرتقال ، خرج من المطبخ متجهًا إلى المجلس حيث يجلس
صديقه ، رسمـ على وجهه الجميل ابتسامة زادت من جمال وبهائه ..


جلس بالقرب من صديقه واضعًا الصينية فوق الطاولة التي توسطت الجلسة ..
نظر إليه صاحبه ..



[ .. ] : "جميل ! جميلٌ حقًا ! "
[ .. ] : " [ أنــس ] .. عمّا تتحدث ؟! "
[ أنــس ] : " عن الأثاث الجديد يا صاحبي .. [ وســـامـ ] ، فلأصدقك القول ..
ذوق والدتكَ جميلٌ بالفعل ! "
ابتسمـ [ وســامـ ] ، وقال : " بل ذوق الطبيبين معًا ، هذا شيءٌ مما يشغلهما .... "
أردف بصوت هامسٍ بعض الشيء : " .. عني بالطبع "

[ أنــس ] : " ما لا أفهمه يا رجل ، تعيش في منزلٍ فخمـٍ للغاية.. والداكَ من أفضل أطباء المدينة
بل المملكة ، أضف إلى ذلك أنكَ ابنهما الوحيد ، فلمـَ أرى أنكَ قد فقدتَ شيئًا من مرحكَ المعهود ؟! "
بدى على وجهه [ وســامـ ] شيءٌ من الحزن ، ردّ قائلاً : " وأنتَ قلتها .. ابنهما الوحيد "

[ أنــس ] مستغربًا : " وماذا في ذلك ؟ الحقيقة ، أن تكون وحدكَ خيرٌ من أن تكون محاطًا
بأربعة أخوات .. حقًا .. أمرٌ لا يطاق "
التفت إليه [ وســـامـ ] : " كذب من أخبركَ هذا .. احمد ربكَ أنكَ وسط شقيقاتك ..
ولكَ من تفهمكَ فيهن ,, بينما أنا ، وحيدٌ بوجود والدي ، وبعدمـ وجوهما "
أضاف قائلاً : " الذي لا تفهمه يا عزيزي .، أن وحيد والديه يهلكُ وسط وحدته ، خاصةً إذا
ما تُرِك بدون رقابة "



صمت [ وســـامـ ] ، ومعه صمت جو ذاك المنزل الفخمـ ، الذي خُيّلَ لــ [ أنــس ]
أن جماله ، يزيد من تعاسة رفيقه ..







•••








علا صوت خطواتها فوق ذاك الدرج ، صعدت فيه ، متجهة إلى غرفتها ..
فتحت الباب بسرعة ، ركضت باتجاه سريرها ، وارتامت عليه باكية بحرقةٍ شديدةٍ ..
تبعتها والدتها ، جلست بجوارها ، وضعت يدها على ظهرها ، أحسّت ابنتها بوجودها ..
نهضت معتدلة في جلستها ، غاصت عيناها في الدموع ، التي سرعان من تحوّلت إلى
شلالاتٍ غمرت وجهها المتورد الجميل ..


مسحت الأمـ دموع ابنتها ، ابتسمت لها ..




والدتها : " حزينة ؟ لن يغيب طويلاً "
[ .. ] : " سنتان .. سنتان يا أمي ، ولن يغيب طويلاً ؟! "
والدتها : " [ رانيــــا ] .. ظروف عمله التي ذهبت بنا لذاك الوطن .. هي التي جاءت
بنا إلى هنا ، وهي أيضًا التي ستقوده إلى [ كنــــدا ] "
[ رانيــــا ] : " ظننتُ أن حكاية السفر المتكرر ستتوقف هنا .. لكن ، يبدو أنني مخطئة "
والدتها : " [ رانيــــا ] .. عزيزتي ، قرار إنتقال والدكِ أتى مفاجئًا ، وليس بيده الرفض ،
الجامعة هناك تحتاجه .. وعليه تلبيه النداء .. أوليس رجل علمـ ؟ "
صمتت [ رانيــــا ] .. لتبتسمـ والدتها ..
أردفت قائلة : " وبالطبع لن يستطيع الذهاب مرتاح البال وأنتِ على هذا الحال ..
اذهبي وقبّلي يديه هيّا ، غدًا سيرحل ، فاغتنمي هذه الفرصة في الجلوس معه "



أومأت [ رانيــــا ] برأسها ، مسحت دموعها ، ابتسمت ، ونهضت متجهة ناحية الباب
خارجة من غرفتها ..


أوقفها الحزن الكامن في قلبها ، استندت بظهرها على الحائط جانب الباب ..


رددت بنبرة حزينة :

" لا سند لي .. إن ذهب والدي "

•••


أدخلت يدها في جيب بنطالها الأسود ، لتخرج منه مفتاح باب المنزل ،
فتحت به الباب ، ودخلت بصحبة عائلتها الجديدة ..
بدا الغضب الشديد واضحًا على وجهها ، تركت حقائب أبيها وزوجته ،
لتتجه ضوب أريكةٍ لشخصٍ واحدٍ ، مرتمية عليها بقوةٍ شديدةٍ ..

سمعت ضحكاتهما وهما يدخلان إلى المنزل ، ممّا زاد من حِدّة غضبها ..
نهضت من عِندِ الأريكة متجهة صوب الباب قاصدة الخروج من المجلس ،
استوقفها تعرض والدها لها ، وضع يده على كتفها ، وناداها للجلوس معه هو
وزوجته ..

عادت ابنته مُكرهة إلى أريكتها ، لتجلس بصحبتهما ..
تناول والدها كأس ماءٍ كان قد وُضِع فوق الطاولة ، وأخذ يشرب منه .
أنزل الكأس ، نظر صوب زوجته ، ثمـّ صوب ابنته ..


الوالد ناظرًا إلى ابنته : " [ صفـــاء ] .. أُعرّفك .. [ بــاسكال ] ( Passcal ) زوجتي الجديدة "
[ صفــاء ] ( صــوفي ) ببرودٍ شديدٍ ، تشيح النظر بعيدًا : " أهــلاً "
التفت الوالد إلى زوجته : " عزيزتي .. هذه [ صفـــاء ] ابنتي الوحيدة .. "
ابتسمت [ بــاسكال ] إلى [ صــفاء ] ، أومأت برأسها ، قائلةً :
" أهــلاً [ صــفاء ] .. تشرّفتُ بمعرفتكِ "





* لمـ تكن [ بــاسكال ] تتحدث سوى اللغة الفرنسية ، انتسابًا إلى بلدها ،
فما كان لوالد [ صفــاء ] وابنته أن يتحدثا غير هذه اللغة أمامها ,,





أخذت [ صفــاء ] تنظر إلى زوجة أبيها نظراتٍ لمـ تخفِ الحقد الذي ملأ قلبها ،
فلمـ تستطع تقبّل وجودها محلّ والدتها ، ردّت بكل جفاء : " والله لا ألمس الشرف في معرفتك "
اندهش والدها ممّا قالته ، ردّ بغضب : " أظهري بعد الإحترامـ يا فتاة ! "

هنا لمـ تستطع [ صفــاء ] كتمان المزيد من غضبها ، ضربت بيدها الطاولة ضربةً شديدةً ،
جعلت كلاً من أبيها وزوجته يفقزان فزعًا ..
قالت صارخةً متحدّثة العربية : " لو كانت بمثل سنّكَ لأظهرتُ لها الإحترامـ .. إلاّ أنها تصغركَ بعشرين سنة يا أبي .. عشرين سنة .. أنتَ تناهز الأربعين وهي ما تزال قي العشرين
من عمرها ! أما كان لكَ أن تتزوج واحدة في الأربعين مثلك ؟ "

صرخ والدها : " أنتِ لا علاقة لكِ .. [ صفــاء ] ، ويحكِ أن تتدخلي فيما لا يعنيكِ "
[ صفـــاء ] : " إن كان رفضي وجود إمرأة محلّ أمي تدخلاً فيما لا يعنيني ..
فاعذرني .. إنّي أُعلن عصياني يا أبي "




غضب والدها غضبًا شديدًا بعد الذي سمعه من ابنته ، اتجه صوبها ، رفع يده ، ليوجه
نحو وجهها صفعةً خلّفت صدىً قويًا في أرجاء المنزل .. شهقت [ بــاسكال ] فزِعةً ممّا فعله
زوجها ، أمّا [ صفــاء ] فقد أبقتها الصدمة واقفة لا تحرّك ساكنًا ..
نظر الأب صوب ابنته ، بعد أن هدأ بعض الشيء ، قال بنبرةٍ أفصحت عن حزنٍ
شديدٍ : " من أجلكِ فعلتُ هذا .. قصدتُ أن يكون عمركما متقاربًا ، حتى تستطيعا فهمـ بعضكما "

التفتت إليه ابنته .. وعلى عينيها لمعت الدموع ، صمتت .. صمتًا أفصح عن حزنٍ
شديدٍ أخذ يعتصر قلبها ..
نظرت إلى المنضدة التي وُضع بها جهاز التفاز ، وُضِعت فوقها صورة لمـ تبدُ قديمة
في شكلها ، تقدّمت نحوها ، أخذتها ، نظرت إليها ، جمعت الصورة بين أبيها وأُمها ،
ووسطهما كانت هي تقف، بوجه ضاحكٍ مشرقٍ .. خِلاف ما بدت عليه بتلك
الثياب السوداء ..

عادت والتفتت إلى والدها ، نزلت دمعةٌ حارقة من عينيها ، قالت بحزنٍ شديدٍ :
" من أجلي ؟ فِعلكَ هذا ضاعف حزني أضعافًا عدة "

خرجت [ صــفاء ] من المجلس ، أخذت معها الصورة تاركة والدها وزوجته
في دهشة ممّا يحدث ..

صعِدت الدرج المؤدي إلى غرفتها ، فتحت الباب بسرعةٍ ، لتغلقه بالسرعة نفسها ..
أبقت الصورة في حضنها ، وارتامت على السرير باكية بصوتٍ أخذ يهزُّ جدران
غرفتها ..

مضت دقائقٌ معدودةٌ على دخولها ، لتسمع أحدهمـ يدقّ باب غرفتها ..
لمـ تجب ، بل ظلّت على بكائها ذاك ..
فُتِح الباب ، ليدخل والدها ، وقف مكانه ، خلع سترته ، ووضعها فوق كرسيٍ كان
قد وُضِع أمامـ مكتب ابنته ..
اقترب منها ، وقف بالقرب من السرير الذي به [ صفــاء ] ، تنهّد ..
وقال بنبرةٍ هادئةٍ :

" سنة .. أجل سنةٌ هي التي مضت على رحيلها .، ورغمـ كل تلك المدة التي انقضت ،
ما زلتُ أشمـُّ رائحة عِطرها في هذه الغرفة ! "
لمـ يجد أي تجاوبٍ من ابنته ، ظهر الحزن على محياه ..

أكمل قائلاً : " أعلمـ الصداقة التي جمعت بينكما .، وأعلمـ كمـ حزنتِ على رحيلها ،
لكنّ حزني كان أكبر من حزنكِ "
توقفت [ صفـاء ] عن البكاء ، التفتت بسرعةٍ نحو أبيها ، باديًا على وجهها الغضب الشديد ،
قالت بحدة :
" أكبر من حزني ؟ هاتي الدليل على ذلك يا أبي ..
هل بزواجكَ فتاةً تصغركَ بعشرين سنة ، تبرهن لي عن حزنكَ الشديد على موت أمي ؟!
أبهذه الطريقة ، تخبرني أنكَ ما زلت وفيًا لها ؟! نِعمـَ الأسلوب الذي اتخذته يا أبي !
نِعمـَ الأسلوب "

صمتَ والدها ، صمتًا صحبته نظراتٌ أظهرت الحزن الشديد عليها ،
لا حظت [ صفــاء ] تلك النظرات ، استدارت معطية له ظهرها ..

عاد وتنهّد والدها من جديد ، استدار خارجًا من غرفة ابنته .. أغلق الباب ،
إلاّ أنه بقي واقفًا بجانبه ..
أحسّت [ صفــاء ] بخروج والدها ، انهمرت الدموع مجددًا من عينيها ،
لترتامـ على السرير باكيةً من جديد ..



بقي والدها شاردًا قُربَ الباب ، يسمع نحيب ابنته الوحيدة ، الذي أخرج الدموع
التي حُبِسَت في قلبه منذ سنةٍ من عينيه ..
نظر يساره ، ليجد زوجته واقفةً بجانبه ، وقد غرِق وجهها وسط دموعها ..
قال محدّثًا إيّاها : " لمـ تفهمـِ ما قالته ! "
هزّت رأسها يمينًا ويسارًا ، وقالت : " لكن الحزن الذي لمسته في صوتها ،
كان يكفيني أن أفهمـ قصدها بكل وضوح .. "

قال زوجها : " منذ رحيل [ ليلـــى ] ، منذ سنةٍ بالتمامـ والكمال ، لمـ أرَ أو أسمع ضِحكاتها ،
عدا أنها اتخذت الأسود رفيق دربها "

صمتت زوجته ، ليكمل هو قائلاً : " لا تظنّي أن قلبها مثل لون ثيابها ، بل على العكس
تمامًا ، قلبها شديد النقاء .. "
التفت صوب [ بــاسكال ] ، وأردف قائلاً : " تحمّليها رجاءً .. لمـ تتخطَّ الصدمة بعد "
أومأت إمرأته بالإيجاب .. قائلةً :

" تأكد أنني سأفعل ذلك "







•••











من جهةٍ أخـــــرى .. أخذ صدى صوت تلك الصفعة يتكرر كثيرًا في أرجاء ذاك المنزل
الأنيق في شكله ، أوقعتها تلك الصفعة أرضًا ، بينما بدأ هو يتنفس بصعوبةٍ
جرّاء الإنفعال الذي انتابه ، أخذت والدته تهدّئ من روعه ..
ليصرخ هو في وجه شقيقته : " أفهميني فقط .. ما السبب الذي جعلكِ تبقين
في المدرسة فترة الظهيرة ؟ أما كان لكِ أن تعلمي أمكِ على الأقل ؟ "

نهضت هي من الأرض ، واقفةً بانتصابٍ أمامـ شقيقها ، نظرت إليه في غضبٍ شديدٍ ،
رغمـ تلك الدموع التي ظهرت بوضوحٍ في وجهها ..
قالت صــــارخة :

" إن كنتَ تستطيع البقاء وسط هذه الحـــرب ، فاعذرني ، أُفَضِّلُ الهروب على البقاء هنا "

شهِقت والدتها ، واضعةً يدها على فمها ، بينما بقي شقيقها صامتًا ، باديًا عليه
التفاجؤ بعد الذي سمعه من أخته ..
أجاب ردًا عليها : " [ عبير ] .. ليس بهذه الطريقة "


أجــــابت [ عبير ] :




" أن أتخبّط في شوارع وطرقات المدينة ، خيرٌ وأفضلُ عندي ، من ألاّ أجد
الأمــــان في منزلي "





•••

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
15-01-2010, 05:25 PM
انتهيتُ الآن من وضع الأجزاء التي سبق لي أن كتبتها في النسخة القديمة ..
انتظرن مني الجزء القادمـ ..


أتمنى أن تكون هذه المفاجأة سارةً لكنّ ..
فصدقنني .. التصفح عسيرٌ لأبعد حدٍ في تلك النسخة ..

تعبتُ الآن .. فغالبية الأجزاء عدّلتُ بها بعض الأمور ..

لمن أرادت الرد فلتفعل ..
سأضع الجزء القادمـ في أقرب فرصة ، ربما في مثل هذا اليومـ ..

لكن .. لا تستعجلنني رجاءً ..

G н ά d є є я
15-01-2010, 05:45 PM
كُنت من مُتابعيك في موضوعـِك السـابق . . ولكن كنت مُتابعة بصمت !
من الآن وصاعداً , سيكُون لي شأن آخـر , سأوفّيك حقّك بإذن الله بالمُتابعه والمُشاركه =P
حُلة جميله . . ! ق1,

:

سيكُون لي عوده قريباً بإذنْ الله

Zainab Al Lawati
15-01-2010, 06:01 PM
سومويْ ق1ق1
أحلى خبر والله ق1ق1
أنا للحين أأبى التعليقْ إلا بعد انتهاء القصّة . .
لأن انتظار الأجزاء يتعبني @_@
أنتِ مبدعة ق1 ، أسعدتني بادرتك في جمع واعادة احياء القصّة ؛)
موفقة =)

° ρĭnķч Dŗεαмẕ ≈
15-01-2010, 06:09 PM
سوموي يـآ بطـﮧ آنـآ ڪنت من قبل اتـآبعك بس بـسڪووت

والحين يوم حطيتي القصـﮧ بحلتهـآ القديدة آتحدى ـآ إذآ مـآ شفتي ردي بڪـل بـآرت

وآنتظر البـآرت القديد

~Princess Reem
15-01-2010, 07:43 PM
واااااو سوموي فصتك هذي أفضل قصة
عندي في هذه القسسسم
شكراً شكراص و نترياا البارت اللي بعده

Ṡ ĥ ź ѕ н ż ≈
15-01-2010, 09:35 PM
سوموي ~

بشوق كبيير لتكمله القصه ..

ومتآبعه لهآ بحلتهآ الجديدهـ ض1

sweet -pink
16-01-2010, 11:50 AM
مُوفـّقـة يآ غـآليـه .. متـآبعة إلى النـّهـآيـه ،
مُبدعةٌ أنتِ .. فآستمرّي ق1

O R K I D
17-01-2010, 08:08 PM
وَـآآآآآآآآو :cat71:

يَـآ الهي ! :cat83:

سُومُوي مَـآقلتيلي انك بتنزلي الرِوَـآيه الحينْ !

مُفآجأه حِلـوهـ مَـــآرهـ .. مَـآشآء الله عَ ـليك ابدعتي بجدْ cat14.

واحلىـآ شي" الحُله الجَديده " .. سَهلتي عَلينـآ التصفُح ^^

أنآ قَريت الأجزـآء كلهم تقريبـآ بَس بآقي لِي كم جُزء ..

سَبق وقلتلك بعطيك رأيي بشخصيـآت الرِوـآيَه ..

والحينْ جـآء الوَقت :براءة:


أول شي البطله الحَبوبه [ رآنيَـآ ] : يآحُووبي لهَـآ , أحسهَـآ هَـآديه وذووق مَرـآ --> شدخل الذوق :منسدح:
المووهيم تعجبني شخصيتهَـآ كثيرْ

[ عبير ] : شخصيه دَشت قلبي من أول مَـآ طَلعت بالروَـآيه .. مَرحه وَ حبوبَه وَقويه نَوعـآ مَـآ

[ وِسـآم ] : هذـآ مَـآدري ليش يذكرني بـ ألفريدو اللي في عَهـد الأصدقَـآء ( مَع أنهم مـآيتشآبهون في الشكل ) بس يمكن الأزمه القلبيه اللي عِنده ذكرتني بألفريدو :ميها: بطل الموَآآقِف الحَرجه .. الله يشفيه ( لآ تقتليه بليز :براءة: )

[ أنس ] : هذا يذكرني بولد خَـآلي أنس ههههه جد وَالله أحس عنده نفس الشخصيه .. مَرح وصديق وَفي .. الله يطول صَدـآقتهم sm.9.

[ صُوفي / صفآء ] : هذي تذكرني بـ ( يآشيخه يكفي ذكريَـآت :ضحك: ) أحسهـآ مِن النوع اللي شكله يخوف من بَرـآ بس من دآخل رهيفه .. وهذـآ اللي حَصل بالروِـآيه :ميها:

[ وِصـآل ] : مُتعجرفه .. مغَرورَه .. متكبره .. مَـآ حبيتهـآ ابدن .. أحسهـآ مِن النوع اللي يَكـآبر .. ومع مرور الأحدـآث رـآح تصير طيبه ( متأكده 100 % :منسدح: )


امممم وَبس اعتقد هذوِلآ الشخصيـآت الأسَـآسيه .. اتمنى مـآ أكون نسيت أحد


سوموويـآ وَـآصلي للنهـآيه واحنـآ مَعـآك يدـآ بيد و رجلا برجلْ :هيهي:

بالتوفيق غَـآليتي =) sm.2.

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
17-01-2010, 09:42 PM
http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif



•همس السكون•

أهـــلاً يا عزيزة أنتِ .. أهلاً .. sm.13

تتابعينني من خلف الكواليس ؟!
انتهى زمن تلك الصرعة ، ولّت واندثرت .. :ضحك:

أنتظر حقوقي منكِ يا غالية .. :منسدح:


zαвєєв

زبيــــــــــيييب !!
أخييييييييرًا .. طُبِعَ اسمكِ في إحدى صفحات هذه الرواية ..
لكن على ما يبدو أنه لن يتكرر مجددًا ..!

على كلٍ .. يكفيني ردكِ الرائع .. شكرًا ..

sm.2.


{றîş$ ¢δôŁ ● ●

أهـــلاً يا أهلاً ..
أهلاً وسهلاً ..

قد علمتُ بمتابعتكِ الصامتة منذ آخر ردودكِ بالنسخة التي حذفت ..
أنتظر تعقيباتكِ على الأجزاء القادمة ..


بنوتة صح !

يا مرحبــــــًا .. أهلاً بك ..
أسعدتني كلماتكِ القليلة كثيرة المعنى ..

سعيدة بردكِ ، وأسعد إن شاركتنا النقاش بالرواية ..

Miss 3thAb

يا قديييييييــــــييمة !! :ميها:

هههـ ، أهلاً بالمتابعة المستمرة ...
أهلاً بكِ غاليتي ..


sweet -pink

يا مشرفتنا المتألقة ..
لا أجد الطريقة المثلى لشكرك .. ! :همم:
والله لا أعلمـ .. !

على كلٍ .. أهلاً بكِ متابعةً .. ولو بصمت ..
--> الوحيدة المستثنية من الرفض ، لا داعي لأن تردي
على كل جزئية .. اعتبريها طريقة شكر ..


Ọяķiḏ «

أوركيـد وصلـت ! ^^

ويا فرحتي بوصولها sm.13

أخيرًا !! بعد أن كنتِ فرانكي ها أنتِ أوركيد ..

ألمـ أقل لكِ بالقسمـ أنها مفاجأة ؟!
ولمـ أحدد متى سأضعها ، تبعًا للظروف .

سهلّتُ التصفّحَ حتى لا أجد سببًا لقلّة الردود أو العجز عن القراءة ..

أعجبني تعقيبكِ على الشخصيات ..
لكن مهلاً ..

أين [ علـــي ] ؟ أين [ فارس ] ؟ أين [ هبــة ] ؟ أيــــن ...... أأكمل ؟! :ميها:
هههـ ,, أمازحكِ لا أكثر .. :براءة:


سوموويـآ وَـآصلي للنهـآيه واحنـآ مَعـآك يدـآ بيد و رجلا برجلْ

:ميها:


http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif

L м σ σ ѕ н
17-01-2010, 10:39 PM
آآآه
سوِموِي
من زمـآن عن آلـقصة .. آشتقت لهآ .. :ميها:
فكرتك رِوِعه وِرِبي .. http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif
شكرآ لك من صمصوِمة آلـقلب .. ق1ق1:ميها:

لمـُوِوِشِ .. http://www.banaat.com/vb/images/icons/flow.gif }~

قطوفهـا دانيـۃ
19-01-2010, 02:27 PM
ســـومريْ ح’ــلقتُ معكِ فـي عـآلمٍ آخ’ــرْ [ http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif ]
أبدعتِ بح’ــقٍ فـي سردهـــآ !

قَدْ تكـونْ طَويلـةْ لـديْ لـأننيْ لمْ أكنْ متــآبعةْ للروآيةْ
وَ لكنهــآ رآئعـةْ تـأخذكُ إلـآ ذلكَ العـآلمْ !

أنتظـرْ بِشوقٍ وَ بلهفـةْ الج’ــزءْ المُتبقي منْ القِصــةْ ..

مُوفقـةْ شوج’ــيْ =)

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
19-01-2010, 08:36 PM
L м σ σ ѕ н

لمـــــوووو~وووش ..
أو بما أحب أن أناديك به [ مــــاسو ] .. http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif

أهــلاً بالغالية العزيزة أهلاً .. :عاشو:
السبب الأول الذي دفعني لإعادة إحياء الرواية
هو علمي بحبكنّ لها ..
فتأكدي عزيزتي أنني سأبذل جهدي لتظهر بأبهى حلّة ..

:cat41:


http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif


قطوفها دانية

قطــــــوووف !!

:cat64:

يسرني أنها نالت إعجابك ..
إن اعتبرتِ ما مضى من أجزاءٍ طولاً ..
فما بالك بالآتي ؟!
بالتأكيد أطول وأطول .. :001:

بإذن المولى عز وجلّ لن يطول انتظاركِ عزيزتي ..
شكـــرًا لردّك .. http://file8.9q9q.ne

O R K I D
25-01-2010, 06:20 PM
سُومويـآ .. نحن بالإنتظـَآر ^^

لآ تتأخري ع ـلينـآ

يلآ يلآ يلآ بسٍسٍسسرعه --> برـآآآآ


أمزٍزٍزٍح خذي رـآحتك .. ^^ بس مَـآزلنآ بالإنتظـآر --> يآشيخه درينـآ

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
29-01-2010, 09:59 PM
•••






وقف أمامـ نافذة غرفته ، فتحها ، ليتسلل نسيمـ الليل العليل الذي أخذ
يداعب خصلات شعره البني الناعمـ .

نظر بعينيه العسليتين إلى القمر الذي شارك السماء شيئًا من نوره الضئيل ،
ابتسمـ في شرود ، تنهّد قليلاً ، انصرف من عند النافذة ليتركها مفتوحة ..

جلس على القعد الذي أمامـ مكتب غرفته ، أخرج من حقيبته دفترًا وكتابًا ،
فتحه ، لتظهر على صفحاته مسائلٌ رياضيةٌ ومعادلاتٌ ..
فتح كلاً من الدفتر والكتاب ، أمسك قلمه ، وأخذ يحلُ شيئًا من مسائل الحساب .

بدا أنه منسجمـٌ مع تلك المسائل الحسابية ، كمن يستمتع بحلّها .

التفت إلى خلفه موجّهًا أبصاره إلى الساعة التي عُلّقت بالحائط خلفًا ، ليجد
أن ساعةً ونصف قد مرّت على بدئه حلّ تلك المسائل ..
أغلق الكتاب والدفتر ، وضعهما جانبًا ، ليُخرج كتابًا آخرًا به مسائلٌ أيضًا ،
إلاّ أن تلك المسائل كانت تتعلّق بالسرعة والتردد والمسافة ، فقد كان الكتاب الذي
أمامه لمادة الفيزياء .



مرت بضع دقائق ، علا صوت خطواتٍ بدت أنها آتيةٌ إلى غرفته ،
طُرِقَ الباب بقوةٍ طرقاتٍ أزعجته كثيرًا ..
نهض منزعجًا متجهًا إلى الباب ، فتحه ، فإذا به طفلٌ صغيرٌ أخذ يجري بسرورٍ
وسط تلك الغرفة ، أخذ يردد مناديًا فرحًا :
" [ علـــي ] .. [ علـــي ] .. [ علـــي ] "

كان ذاك شقيق [ علي ] الأصغر [ عمر ] الذي اقتحمـ الغرفة مزعجًا
أخـــاه ..

أمسك [ عمر ] كتاب الفيزياء الذي كان بمكتب شقيقه ،
أخذ يقلّب صفحات الكتاب ، فجأةً .. مُزّقَت إحدى صفحاته !
لمـ يقصد فعل ذلك ، إلا أن [ علي ] إنفجر غاضبًا على أخيه ..
أمسك كتابه ، وضرب أخـــاه في ذراعه ضربة أسالت دمعه لكنها لمـ تكن
مصحوبةً بأية أصوات ..

بقي [ عمر ] يبكي صامتًا ، أمــّا [ علي ] فلمـ يستطع كبح جماح الغضب الذي
اجتاحه فجأةً ، أخذ يصرخ ويصرخ ، إلى أن صعدت أمه إلى غرفته ...




والدته بقلق : " ما الذي يجري ؟ "




لمـ يجبها أحدٌ ، ألقت بأبصارها إلى [ عمر ] الواقف بلا حِراكٍ يذرف الدموع الصامتة ،
تفاجأت لذى رؤيتها لابنها في تلك الحال ,,
أسرعت إليه ماسحة دمعه ، وجّهت حديثها إلى [ علي ] ..




والدته : " ما الذي دفعكَ لضرب أخيكَ هكذا ؟ "
[ علي ] بعد أن هدأ قليلاً : " مزّقَ صفحةً من كتاب الفيزياء "
والدته بغضب : " أهذا كل ما في الأمر ؟!! أهذا ما دفعكَ لفعل ما فعلت ؟!
ألا يكفيكَ ما يعانيه شقيقك حتى تمدّ يدكَ عليه ؟! "
[ علي ] ببرود : " وكأنه يشعر بما يجري حوله .. "




فاجأت آخر كلمات [ علي ] أمه ، أسكتتها ، حملت صغيرها ، صمتت لهنيهةٍ ، ثمـ قالت :
" كونكَ قد وُلِدتَ طفلاً طبيعيًا ، لا يعطيكَ الأحقية أن تمدّ يدكَ على أخيكَ فقط
لأنه يعاني التخلف " .. ثمـّ انصرفت من غرفته تاركةً إيّاه ..






أجـــل ، كان [ عمر ] ابن الخامسة ربيعًا ممنّ وُلِدوا يعانون التخلف العقلي ..
ومع تخلّفه العقلي ، إلاّ أن مرضه لمـ يصل إلى أحاسيسه ،
فلطالما أحب أخاه ، لكن الأخير لمـ يعره اهتمامًا قط ..





•••







من جهةٍ أخـــرى ، وقف [ أنـــس ] أمامـ باب منزله كمن ينتظر أحدًا ليدخل ،
بدا مرتبكًا وغاضبًا في الوقت ذاته ، تارةً ينظر إلى الباب والتارة الأخرى إلى ساعة الحائط
التي أشارت إلى الساعة الثامنة من تلك الليلة ..

نظرت إلى شقيقه ..



[ .. ] : " [ أنــس ] .. اجلس .. أربكتنا يا أخي ! "
[ أنــس ] : " وأختكِ التي لمـ تعد بعد إلى المنزل ؟ منذ متى نترك فتيات هذا المنزل
يتأخرنّ هكذا ؟! "
[ .. ] : " ستعود بعد قليلٍ ، فقط اصبر .. "
[ أنــس ] بإنفعال : " قبل ساعةٍ قلتِ نفس الكلامـ .. [ إيمان ] إن لمـ تحضر أختكِ الآن
فلا تومنّي إلاّ نفسك "
[ إيمان ] : " هيي ,, وما ذنبي أنا ؟! "
[ أنــس ] : " أما كان لكِ أن تمنعيها من الذهاب ؟ "
[ إيمان ] : " والإختبار ؟ أخبرتكَ أنها ذهبت إلى صديقاتها بقصد الدراسة سويًا لاختبار الغد "
[ أنــس ] : " أكان من الضروري الذهاب لعند صديقتها تلك ؟! ... على كلٍ ، دعيها تدخل فقط ..
عندها أنا من سيحاسبها .. "
[ إيمان ] : " على رسلكَ يا رجل ، [ إيناس ] لمـ تعد طفلةً "
[ أنــس ] : " وهنا المشكلة .. كونها في الرابعة عشر لا يُحلُّ لها التأخر إلى الآن "


رنّ جرس المنزل ، أسرع [ أنــس ] ليرى من خلال العين السحرية من بالباب ،
فإذ بها [ إيناس ] ذاتها هي التي كان تدق جرس المنزل ..

تردد قبل أن يفتح لشقيقته ، أسرعت [ إيمان ] إلى أخيها ، قائلةً له :
" أرجوك .. كن هادئًا يا أخي " .. لمـ يجبها [ أنــس ] ، إنما فتح الباب ..

دخلت شقيقته ..



[ إيناس ] : " الســـلامـ عليكمـ .. "


نظر إليها [ أنــس ] بغضب ، ولمـ يردَّ عليها ، فقط [ إيمان ] هي التي ردّت على شقيقتها
السلامـ ..
نظرت [ إيناس ] إلى أختها ..



[ إيناس ] : " ما به ؟ "
[ إيمان ] : " لن تعجبكِ هذه الليلة البتة .. صدّقيني .. "
[ إيناس ] : " لمـَ ؟ "
قاطع [ أنـس ] حديث الفتاتين : " [ إيناس ] .. أين كنت ؟ "
[ إيناس ] بارتباك : " كنتُ ... عند ... صديقتي "
[ أنــس ] : " وما غرضكِ عندها ؟ "
[ إيناس ] مشيرة إلى كتبها : " أنظر .. كنّا ندرس معًا "



تقدمـ [ أنـس ] إلى شقيقته ، وقال : " فليكن ما سأقوله لكِ حلقًا في أذنك ، إن لمـ أجدكِ
بعد السادسة في المنزل بعد اليومـ ، فلا تظنّي أن الليلة ستمضي على خيرٍ "


أنزلت [ إيناس ] رأسها أسفلاً ، وبالمقابل انصرف [ أنــس ] تاكرًا الفتاتين وحدهما ..



[ إيمان ] .. شقيقة [ أنــس ] الأكبر منه بعامين ،
في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية ، سوداء الشعر والعينين ، متوسطة الجمال .
[ إيناس ] .. الشقيقة الصغرى لــ [ أنــس ] تصغره بعامـٍ واحدٍ فهي في الرابعة
عشر من عمرها ، فتاةٌ تتصرف على هواها بعض الشيء ، التزمت بالحجاب إلاّ
أنها كثيرًا ما تقومـ ببعض التصرفات التي لطالما أغضبت [ أنــس ] ..

لــ [ أنــس ] أربع أخواتٍ وبالمقابل هو الفتى الوحيد ،
[ إيمان ] و [ إيناس ] إحداهن ..





•••






كانت تدرس في هدوءٍ شديدٍ ، إلى أن قطع ذاك الهدوء خوفٌ انتابها فجأة ..
بدا كأنها سمعت همسًا أقرب في صوته إلى طفلٍ صغيرٍ تعرفه ..
" [ فــــارس ] ..!!! " رددت [ رانيــا ] اسمـ الطفل في خوفٍ شديدٍ واضعةً يدها على
صدرها ..

أخذت الخمار الذي وُضِعَ على سريرها لتضعه على رأسها ، فتحت النافذة
نظرت إلى البنايات في خوفٍ شديدٍ وهي تردد :





" أأنتَ بخير ؟ "














أعتذر على تأخيري بأسبوع ..
:/: فالإختبارات ملأت الأسبوع الماضي ملأً

° ρĭnķч Dŗεαмẕ ≈
30-01-2010, 05:54 PM
أمسك كتابه ، وضرب أخـــاه في ذراعه ضربة أسالت دمعه لكنها لمـ تكن
مصحوبةً بأية أصوات ..


:صياح:

فليكن ما سأقوله لكِ حلقًا في أذنك ، إن لمـ أجدكِ
بعد السادسة في المنزل بعد اليومـ ، فلا تظنّي أن الليلة ستمضي على خيرٍ

:/: :/: :/:

البـآرت مررهـ قصيير بس عـآدي لأن الكـل مشغـول بالأختبـآرآت .. sm.9.

* احسن لو تغلقين القصـة مؤقتـآً حتى ـآ تنتهي الأختبـآرآت .. :كهكه:

Ṡ ĥ ź ѕ н ż ≈
31-01-2010, 10:04 AM
أمسك كتابه ، وضرب أخـــاه في ذراعه ضربة أسالت دمعه لكنها لمـ تكن
مصحوبةً بأية أصوات



يآآوليي رحمته :صياح:








فاجأت آخر كلمات [ علي ] أمه ، أسكتتها ، حملت صغيرها ، صمتت لهنيهةٍ ، ثمـ قالت :
" كونكَ قد وُلِدتَ طفلاً طبيعيًا ، لا يعطيكَ الأحقية أن تمدّ يدكَ على أخيكَ فقط
لأنه يعاني التخلف " .. ثمـّ انصرفت من غرفته تاركةً إيّاه ..




اا متخلف ..!

يآآحيآآتي ..:صياح:






البآآرت رووعه ...

بس قصيرر شويي ْض1


يلآ انتظر البآرت الجآي ~

~Princess Reem
01-02-2010, 02:27 PM
http://www.uiraqi.com/pixel/images/small-pixel/13371_11197198971.gif (http://www.uiraqi.com/)

أهلاً أهلاً بكِ يا أروـــــــــــع مؤلفة سوموي شوجو :)


بصراحة اعجبت بهذا الباارت القصيــــر اللي يحمل معانــــــــي رووعة


واعجبني جِداً عند الجزء الذي يتعلق بأنَس و أخواته كاااان جمــــــيل و حسيته من الوااقع

و هو القصة كلــها اللي يميزها انها من الواااقع ... :كهكه:

الله يزيد هالإبداااع مشكووورة قلـ http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gifـــلبي

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
05-02-2010, 11:23 AM
{றîş$ ¢δôŁ ● ●

أهــلاً عزيزتي ,,

لا داعي لإغلاق الرواية ، فالإختبارات التي تحدثتُ عنها
كانت قصيرةً لا نهائية ,,
فالإختبارات النهائية سنمتحنها في آخر العامـ ..


Miss 3thAb


أهــلاً آنسة عذاب .. :sm.53:

اعذريني على قصره ,,
ما بعده سيكون أفضل إن شاء الله ,,


بنوتة صح !


أهــلاً بالغالية المتابعة ,, http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif

يسعدني أن هذا الجزء قد نال إعجابك ,,
صحيح ، أحاول قدر المستطاع أن تكون الأحداث أقرب إلى الواقع ,,
وليس أي واقعٍ ، بل الواقع الذي يمكن أن تعيشه أية واحدةٍ منا ,,

شكرًا عزيزتي على ردكِ الجميــــييل ,,

عذبة بإحساسي
09-02-2010, 12:52 AM
اتعرفين يـآفتــآة اشتقتُ لقصتك كثيــراً
لاأعــرف سر جــآذبيتها لي صرآحــة ً,,
ولكن أكـآدُ أجزم أنها اللغة الفصحي التى تكتبينها بطلاقة !

جزء يحمل بين طيـآته ملامح لتلك الشخصيات التى ربمآ لم نتعرف عليها
جيداً خلال الأجــزآء الســآبقة ..

{ علي } .. لاأعرف ولكن ربمـآ شعرتُ أنه قـآسٍ بعض الشئ .. ربمآ !

{ أنس } .. كم تعجبني شخصيته هذا الفتى , وازداد إعجآبي بهآ أكثر لأنى أحب من يخآف على أخواتــه =)

{ عمر } .. ظهور جديد .. لا تعليق عليه الآن !!

{ فـآرس } .. أشعر ان لديــه دور في الأحدآث القآدمة ..!

كل الشكر لقلمك الرآئــع وبإنتظــآر القآدم

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
11-02-2010, 08:11 PM
^
^


أهـــــــــــلاّ عذبة ... أهلاً ..
أشكر لكِ إطراءكِ غاليتي ، سر جاذبيتها بقارئاتها عزيزتي ..

بالضبط تمامًا ، فالكثيرات منكن قد أحببن [ أنــس ] مع جهلهن بشخصيته ..
وقد وددتُ من هذا الجزء توضيع معالمـ الشخصيات التي لمـ تُذكر تفاصيل حياتها ..

[ فارس ] و [ عمر ] ... وكل الشخصيات لها أدوار بارزة في الرواية ..
فلا تكتمل صفحات روايتي هذه بدونها ..

شكري لقلمكِ الذي خطّ هذا الرد الجميل ...







* عزيزاتي ,, رجاءً لا تلمنني لتأخري ..
والله عقلي عاجزٌ عن ترتيب أحداث الجزء القادمـ ..
مع العلمـ أنه لمـ يسبق أن حدث مثل هذا الأمر !
إلا أن توقف الإلهامـ مشكلةٌ يمر بها أي كاتبٍ ..
أحتاج وقتًا بسيطًا لوضع الجزء القادمـ ..

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
13-02-2010, 09:20 PM
فتح نافذة غرفته، لتدخل أشعة شمس صباح يومـ الأحد مصاحبةً إيّاها النسيمـ العليل، أخذ يتأمّل زرقة السماء راسمًا على وجهه ابتسامة أظهرت الارتياح. أمسك المنشفة التي على رقبته وأخذ يمسح بها وجهه المبلل
بالماء – بعد استحمامـٍ كان قد أخذه .

ابتعد عن النافذة، ليجلس على سريره، فكّ الضمادة التي كانت تلفّ ذراعه المصابة، بدا مرتبكًا..
حرّكها بمهلٍ شديدٍ ، لمـ يستشعر أي ألمـٍ ، سرّع من حركات ذراعه ليتأكد أن الألمـ قد انعدمـ ..


" حمدًا لله .. أخيرا شُفِيَتْ ! " قالها [ وســـامـ ] مبتسمًا فرحًا .



نظر إلى الساعة التي على يمينه ، ليرى أنها تشير إلى تمامـ التاسعة ، اقترب منها في شرود ،
ردد محدّثًا نفسه: " لا بدّ من زيارته.. " ، صمت لوهلةٍ ، ثمـ أردف : " حتى تطمئنّّ نفسي " ..

ألقى المنشفة على سريره ، وارتدى سترةً سوداء فوق قميصه سماوي ، فتح باب غرفته خارجًا منها ..
نزل درج منزله، ليستقر بمجلس الدار، أخذ هاتفه من المنضدة، وخرج من المنزل.
نظر إلى ساعة يده وهو يركض، قال مخاطبًا نفسه: " أمامي ساعتان.. "









•••









أمسكت بذاك الصندوق الصغير واضعةً إيّاه فوق ركبتيها، فكّت الشريط الأزرق المربوط
بالصندوق، تنهّدت قليلاً.. ثمـ فتحته ...



ظهر ما به ، دفترٌ متوسط الحجمـ أسودٌ بتلك الوردة الحمراء في منتصفه ..
فتحت الدفتر ، لتقرأ أولى صفحاته ..

{ ذكريات المــــاضي } هكذا كان عنوان تلك الصفحة ، أخذت [ رانيــــا ] تقلّبُ صفحات ذاك
الدفتر الذي بدا شديد الغلاء على قلبها .




توقفت للحظة ، عند صفحة توسطتها صورةٌ استحوذت على مساحتها ..
إنها [ رانيـــا ] بجانب فتاةٍ بدت في مثل سنّها .،
" [ رهــــامـ ] " خرج ذاك الاسمـ من شفتي [ رانيـــا التي بدا عليها الحزن الشديد,,

فجأةً.. أخذت جملةٌ قالتها والدتها تتردد كثيرًا في أُذُنَيْ ابنتها: " بأنينساه.. ويعيش حاضره، ليستطيع بعدها عيش مستقبله "




أجل .. تذكرت [ رانيــا ] الحوار الذي دار بينها وبين والدتها في ذاك اليومـ ، بعد عودتها من
المدرسة مباشرة، والذي فيه أمرت الأمـ ابنتها أن تنسى ماضيها الذي عاشته في ذاك الوطن .

أغلقت الدفتر بقوةٍ، ألقته بعيدًا عنها، إلى أن ارتطمـ بباب خزانة ثيابها..



اتجهت صوب مكتبها، وقعت عيناها على كتاب اللغة الفرنسية، أخذت تفكر في ساعات دراستها ليلة الأمس، لتتذكر الصوت الأقرب إلى صوت [ فارس ] الذي تسلل إلى أُذُنيها دون سابق إنذار..
أمسكت هاتفها النقال ، اتجهت إلى اسمـ [ عبير ] واختارت رقمها ، لتجريَ معها اتصالاً ..
رنّ الهاتف مطوّلاً ، إلى أن أجابت الأخيرة ..




[ عبير ] : " ألو ؟ "
[ رانيــا ] : " الســلامـ عليكمـ .. "
[ عبير ] : " وعليكمـ السلامـ .. [ رانيـــا ] ؟! "
[ رانيـــا ] : " نعمـ بذاتها "
[ عبير ] : " خيرًا ؟ ما الأمر ؟ "
[ رانيـــا ] : " [ عبير ] ؟! ما به صوتك ؟! "
[ عبير ] : " كلا لا شيء .. أشعر بالنعاس لا أكثر "
[ رانيـــا ] : " بالنعاس ! أما تزالين نائمةً يا فتاة ؟ "
[ عبير ] صارخةً : " أنظري إلى الساعة وأخبريني .. أهنالك من يتصل في هذا الوقت ؟ "
[ رانيــا ] : " إنها التاسعة .. يستغل الناس العطلة في النزهات والرحلات وأنتِ تستغلينها في النومـ ؟ سبحــان الله ! "

ضحكت [ عبير ] ، وقالت : " طيب طيب .. في مطلق الأحوال فقد أيقظني صوتكِ المدوّي ..
ماذا عندك ؟ أمـ أنكِ اتصلتِ فقد لإزعاجي ؟ "
[ رانيـــا ] : " ثمّة هنالك من أريدكِ أن تتعرفي عليه "
[ عبير ] باستغراب : " مـــن ؟! "
[ رانيـــا ] : " طفلٌ صغيرٌ ستحبينه .. هيّا مرّي عليّ .. يعيش بجوار منزلنا "
[ عبير ] : " ممممممـ .. طيب ، سآتي .. جيّدٌ أننا نقطن بالقرب من منزلك ، وإلاّ لغلبني الكسل "
[ رانيـــا ] : " أنتظرك فلا تتأخري .. يا كسول "
[ عبير ] بغضبٍ مصطنع : " أنـــا كسولٌ يا ....... " أغلقت [ رانيـــا ] الهاتف في وجهها ..
ظلّت [ عبير ] تنظر إلى هاتفها في شرودٍ ، تطرح على نفسها أسئلةً كثيرةً :



" طفلٌ صغيرٌ ؟ من يا ترى ؟ ومنذ متى تتشوّق [ رانيـــا ] إلى تعريفي بالصغار ؟ ... غريب ! "








•••









طُرِقَ باب تلك الغرفة .. أذِنَ الطبيب الجالس على مقعده الدخول لطارق الباب ،
فتَحه ، فإذ به [ وســــامـ ] يدخل إلى تلك الغرفة الناصعة بياضًا ..

ابتسمـ الطبيب في سرورٍ عند رؤيته لـــ [ وســامـ ] ، نهض يرحب به .،


بدا أنه يعرفه ..






الطبيب : " أهــلاً أهلاً [ وســـامـ ] .. مرحبًا بك .. "
[ وســـامـ ] باسمًا : " مرحبــــا خالي .. كيف حالك ؟ "
الطبيب: " الحمد لله، سعيدٌ برؤيتك.. وأنت ؟ "
[ وســــامـ ] : " لا بأس .. "
الطبيب: " خيرًا [ وســـامـ ] ما سبب زيارتك ؟ "






صمت [ وســـامـ ] .. أشاح بنظره بعيدًا عن خاله ، بدا مرتبكًا ، وضع يده على صدره .،
انتبه خاله لحركته الأخيرة، نظر إليه بتعجّبٍ كمن قد فهمـ ما يرمي إليه..





" [ وســـامـ ].. أتشكي من شيءٍ ؟ " ردد الطبيب هذا السؤال ..

ارتبك [ وســـامـ ] .. أغمض عينيه ، وأومأ بالإيجاب .، ضغط على قميصه ، لتتأكّد شكوك خاله ..
وقف الطبيب، راسمًا على وجهه ابتسامةً هدفها التخفيف من ارتباك ابن شقيقته.

قال مشيرًا إلى الغرفة المتصلة بغرفته : " تفضّل معي ... "
نظر [ وســـامـ ] إلى حيث يشير خاله .. بلع لعابه ونهض ..






•••








من جهةٍ أخــــرى ، جلست على الكرسي الذي بالشرفة المطلّة على البحر المزرق ،
بدت مستمتعة بالمنظر الذي أخذها بعيدًا ، ونسيمـ الشاطئ العليل الذي أخذ يداعب
خصلات شعرها المحمرِّ ..


أفسد صوت صراخ تلك المرأة عليها استمتاعها ، تغيّرت ملامحها ، من باسمةٍ إلى عابسةٍ ..

استدارت إلى الخلف ، فإذ بها ترى زوجة أبيها آتية إليها ..





زوجة أبيها : " أأُصبتِ بالصممـ أمـ ماذا يا [ وصــــال ] ؟ "
[ وصـــال ] عابسة الوجه : " خيرًا ؟ ماذا تريدين ؟ "
زوجة أبيها : " ألمـ آمركِ بتدريس [ عثمان ] قبل قليلٍ ؟ فما الذي دفعكِ إلى عصيان أمري ؟ "
[ وصـــال ] : " أليس ابنك ؟ درّسيه أنتِ ! "

زوجة أبيها مهددة : " إن لمـ تفعلي ما آمرتكِ به فلن يحدث ما يسرّك البتة "
[ وصـــال ] تصرخ : " تهديد تهديد تهديد .. ألا تملّين ؟ افعلي ما يحلو لك .. اعتاد جسدي الضرب من طرفك ، أمّا إهاناتك .. فصدقيني لمـ يعد لها أي أثر على نفسي "





أسكتت جرأة [ وصــــال ] زوجة والدها .. إلى أنها زادت من ثورة غضبها ، أمسكت [ وصـــأل ] من ذراعها وسحبتها معها رغمًا عنها ، لتجلسها أمامـ الطاولة التي بها [ عثمـان ] ،


قالت تهدد : " إن رأيتكِ تتحركين من مكانك ،
فاعلمي المكنسة ستكسر على ظهرك " وغادرت المكان تزمجر ..

ظلّت [ وصـــال ] تحترق من الداخل ، التقت أبصارها بــ [ عثمان ] الذي كان ينظر إليها في حذرٍ ..

قطّبت حاجبيها ، وقال صارخة : " إلى ما تنظر ؟ أهي المرة الأولى التي تراني فيها ؟
لا تتصور مني أن أدرسك شيئًا.. فلا تنتظرني "

قال الصغير : " أمي أمرتكِ بفعل ذلك .. فأطيعيها رجاءً "

صرخت [ وصـــال ] في وجهه : " أتملي عليّ ما أفعله ؟ أمك أجبرتني على الجلوس هنا ،
إلاّ أنها لن تجبرني على تدريس أمثالك .. "

ظلّ [ عثمان ] ينظر إلى [ وصــال ] في تذمرٍ .. فتح كتابه وأخذ يقرأ غاضبًا ..





[ عثمان ] .. ابن زوجة أبي [ وصـــال ] ، في الثامنة من عمره ..


فوضويٌ بعض الشيء ، لا يعصي لوالدته المتغطرسة أمرًا ، خلاف شقيقته من والده ..






•••









أمسك الطبيب تلك الورقة السوداء ، ليضعها في ذاك الصندوق المضيء المعلّق بالجدار ،
ظهرت فيها صورة للقفص الصدري ، كذلك القلب والرئتان ..
أخذ الطبيب يتأمل تلك الصورة بعناية، تاركًا دقّات قلب [ وســــامـ ] تنبض بتسارعٍ شديدٍ ،


فقد استولى الارتباك والقلق على جسده ..
استدار الطبيب إلى [ وســـامـ ] ، نظر إليه ، إلاّ أنه سرعان ما أزاح ناظريه عنه ،
بدا غير مسرورٍ بما رآه ..
زادت ملامحه من قلق ابن أخته ..





[ وســـامـ ] : " خالي .. أرجوك .. قل شيئًا ! "
صمت الطبيب لبعض الوقت ، صَعُبَ التنفس على [ وســـامـ ] ، بدأ يتعرق ،
أمسك صدره ، وكرر طلبه ، إلاّ أن الطبيب لمـ يُجِبه ..



[ وســامـ ] : " خـــالي .. قلها وأرحني ، قلبي ليس سليمًا "
الطبيب : " [ وســـامـ ] .. قلبك ضعيف ، ولا يتحمّل الإجهاد البتة "

أغمض [ وســـامـ ] عينيه بعد تلقيه لذاك الخبر ، أرجع ظهره ليستند على الكرسي ،
فتح عينيه لتشرح الحزن الكامن في صدره ..

الطبيب : " بني .. لا عليك ، حالتكَ ليست بتلك الخطورة ، المسألة مسألة وقتٍ وستشفى ..
والداكَ لن يقصرا أبدًا في رعايتك "

قطّب [ وســـامـ ] حاجبيه لذا سماعه لجملة خاله الأخيرة ..
قال : " لن يعلما ليساعداني "
استغرب الطبيب من ردّ [ وســــامـ ] ، قال : " لماذا ؟ ستخفي أمر مرضك ؟ "
[ وســامـ ] : " لستُ أنا من سيخفي مرضي ، بل هما اللذان لن يلاحظا حتى "
الطبيب : " سيهتمان إن علما .. أقصد إن أخْبرتُهما "
اندفع [ وســامـ ] إلى خاله قائلاً : " لا .. اتركهما ليكتشفا بنفسيهما "
الطبيب : لكن ... [ وســـامـ ] .. أنتَ تغامر بهذه الطريقة ! "
قال : " خـــالي .. أرجوك ، دعني أتأكد أنني أهمهما ، وإن اكتشفا مرضي بمفردهما سأرتاح .،
بغض النظر عما سيحدث لي "

الطبيب : " لن أقبل بهذه المجازفة .. مستحيل "
[ وســـامـ ] : " حقي كمريضٍ أتى إليكَ كطبيبٍ أن تكتمـ سر مرضي إن لمـ أشأ إعلامـ أحدٍ به "
صمت خاله .. إلاّ أن [ وســامـ ] أخذ يترجّاه ..





أومأ له خاله بالإيجــــــاب ، ليبتسمـ أخيرًا ..











قال بثقةٍ علت نبرة صوته :




" أنــا المسؤول عن النتــــائج "












•••









جزءٌ استحوذ [ وســامـ ] على نصفه :sm.53:
تـــــــــابعي .. sm.11.

ليال،
13-02-2010, 10:02 PM
وسامْ المسكينْ !
أخافُ مما قد يحدثْ ،
ولكنْ احرصي على ألّا يصيبَه مكروه !


أمّا ذاكَ العُثمان وأمّه البغيضَة ،
رفَعا معدّل ضغطـيْ ،
لكنْ ، ربّما يُضفيان إلى القصّة بعض الـ " آكشن " !


قلقْت على فارسْ ،
الفضول يقتلنِي لمعرفة ما حلّ به في الجزء القادمْ = )



سومويْ !

كنتُ أنوي الرد على قصّتكِ المعدّلة منذُ زمن ،
لكنّي أتممتُ لتوّي قراءة الأجزاء التي كنتُ قد نسيتُها ^^؛ !

نسيتُ أن اباركَ لكِ افتتاحَـها . . = )


دمتِ بعافية . . http://www.banaat.com/vb/images/icons/flow.gif

sweet -pink
13-02-2010, 10:12 PM
وســــــــــام ق1ق1ق1ق1ق1

حرآم رحمـته فـ المقطع الأخير مـن البـارت ،
و حتى وصـال مـا توقعت ورى هـالتنمـر حياة بائسـة ..

سـوموي :

أنتِ في غنى عن شهـادتي ،
و لكن استمـرّي مبـدعة كمـا عرفنـاكِ
دمت بود ، وفي انتظـار الجزء التـالي

ق1

عذبة بإحساسي
16-02-2010, 06:41 PM
جزء جديد يحمل بعض المعلومات الجديدة !

وســآم / الحمدلله ان ذراعه قد شفيت :sm.53: .. [ عقبال قلبه ..]
حسناً كنتُ متوقعة من الأحداث السابقة انه مصاب بالقلب [ لاأذكر أذكرتِ ذلك من قبل أم لا !! ]
ومآفعله مغامرة كبيرة ولكني أراهـآ مستحقة !

رآنيـآ / مازالت ذكريات الماضي تطاردهـآ وهي تحاول أن تنساها .. هل ستسطيع ؟! .. نحن متابعون =)

فارس / مازال الغموض يدور حول شخصيته .. بإنتظآر الأحدآث القآدمة لنكتشف سره ..

وصــآل / حسناً بدأت أعذرها تلك الفتاة .. فحياتها كئيبة كما يبدو !

عثمـآن / أحس انه دمية لا أكثر !! ,, [ مع انه مازال صغيراُ .. الا انه من النوع ( اللى يقهر) ]

أم عثمان / أشعر انها بغيضة ومتسلطة



باسكال / والفتاة ابنة زوجهـآ [ نسيت اسمهـا ] / أنس / عبير وشقيقها ..
شخصيات افتقدناها في هذين الجزئين ق1 ق1

بإنتظآر جديدكـ بشــ غ’ـف =)

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
18-02-2010, 04:53 PM
* عذرًا لتأخري في الرد عليكنّ ، كانت لديّ
أشغالٌ عديدة ..



ليالٍ


أهلاً أهلاً ليال .. http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif

ههههـ ، لن أخبركِ بما في جعبتي ، :sm.53:
تبقى الأحداث سرًا سينكشف فيما بعد يا عزيزتي ،،
ربما قد يتأذى ، وربما لا ..

[ عثمان ] ووالدته شخصيتان لا أستطيع إكمال
الرواية من دونهما ، فمن السبب في تعاسة [ وصـــال ] ؟
هما بلا أدنى شكٍ ,,

دعي فضولكِ يزداد ، فما سيُروى في الجزء القادمـ مهمـٌ جدًا لهذه الشخصية ..


لا عليكِ يا عزيزتي ، المهمـ أنني أخيرًا رأيتُ طلّتكِ الرائعة في صفحات
هذه الرواية المتواضعة ، على أمل بقاء تلك الطلّة ,, http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif

شكرًا عزيزتي على ردّكِ الأكثر من رائع ,, http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif



sweet -pink

سويتو ... أهلاً بمشرفتنا الرائعة ..
sm.10.

أرأيتِ حجمـ معاناته ؟! ذاك مصير من لا يُلقي أبويه له اهتمامًا ,,

بالتأكيد ، ذاك النمر ( [ وصـــال ] ) لمـ يولد في يومـٍ وليلةٍ ،
إنما بعد سهامـٍ من الإهانات ، وما عُرِضَ في ذاك الجزء ما هو
إلاّ القليل القليل ,,


شكرًا عزيزتي ، بالمناسبة ، قلتُ أنني
قد استثنيتكِ من الردود ، إن لمـ تشئي الرد بالطبع ,,
ذلك لأنكِ سبق وساعدتني عزيزتي .. sm.21.

شكرًا لردكِ غاليتي ,,





عذبة بإحساسي

مرحبـــــــــًا بكِ عزيزتي مجددًا وأبدًا ..

لا عليكِ قلبه سيتحسّن ، أما أن يُشفى ؟
فلن أتحدث بهكذا موضوع .. :sm.53:

أخيرًا .. هنالك من فهمت معاناة [ رانيـــا ] ، ذكريات
ماضيها هي التي تقيّدها ، ووصية والدتها هي التي جعلتني أُسمّي
روايتي بـــ { حاضرٌ ومستقبلٌ .. وماضٍ نُسِفَ إلى الأبد }

الحاضر والمستقبل هما ما على [ رانيــا ] التكيّف لعيشهما ,
والماضي المنسوف هو ما عليها نسيانه ..

ستأتي تلك الأحداث ، في الجزء القادمـ على أقل تقدير ..

أرأيتِ ؟ [ وصــال ] تعكس صور الناس سيئي الأخلاق ،
فالغالبية العظمى ممن تسوء أخلاهمـ يُعانون من مشاكل
شخصية ، لها علاقة بالعائلة المحيطة بهمـ .،

ههههههههـ ، ذاك ابن أمه .. :كهكه:

لأبعد حدٍ :ها: ,, لمـ تري شيئًا .. :sm.53:


تقصدين [ صوفي ] أو باسمها بلا تكسيرٍ [ صفـــاء ] ..
لا عليكِ ، كل تلك الشخصيات ستظهر ، ولا يُشترط أن تكون كلها
في جزءٍ واحدٍ دفعةً واحدةً ..

أشكر لكِ هذا الرد المسلّي .. شكرًا عزيزتي .. http://www.banaat.com/vb/images/icons/lateef.1.gif

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
22-02-2010, 06:06 PM
يبدو أننا سنغضب من بعضنا ! :خير:

أبعد أن تعودتُ من متابعاتي على الردود
المُسرّة ، أجد أن للجزء الواحد فقط أربعة ردودٍ فما أقل !
:cat78:

ما هذا ؟

:0192:

C A N D I D U S
23-02-2010, 08:33 AM
:cat71:

SOGOY

القصـه مِن جَديدَ ق1 ق1 ~
مآ آدري شقـول ..
حروفـيَ عآجِزة عَن التعبير ..

سـومــويَ ..
أعتذِر لتـأخريَ الدآئِم ...

بس إن شآء الله مِن اليومُ و رآيحَ مآ رآحَ أتهآوَن ض1 ~
أبيجْ تطرشينَ لي كِل مآ ضفتي بآرتْ لآ هنِتي قلبو ق1

أنتِ مبدعـة ق1 ~

Ṡ ĥ ź ѕ н ż ≈
24-02-2010, 01:35 AM
امم

رحمت وسـآآم :دموع::د2:

وين امه وابووهـ~؟:ها:

وفـآآرس ابي اعرف مين هذا الطفل ؟

وزوجه ابو وصال ..:ها:

حقيرهـ ..:كهكه:
ودي اضربهـآ:ضرب: ض1

انتظر ابآآرت الجآآي ..ق1ق1

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
02-03-2010, 07:35 PM
white kathy

أهلاً أهلاً وايتي ... ق1
لا عليكِ ، أنتظر تعقيبكِ على أجزاء الرواية ..
مرحبًا بكِ عزيزتي ..

ق1



Miss 3thAb


أهلاً بكِ ثانيةً غاليتي ,,

لا حدّ قول والدته أنهما مشغولان ,, دومًا !
فارس ؟ سيظهر في الجزء القادمـ على أكثر تقدير ,,

هههههههههـ ,, ق1

شكرًا لردكِ الجميل ..!

عذبة بإحساسي
04-03-2010, 08:59 PM
اممم .. أليس هنآك من بــآرت جديد يـآفتآة ؟!

<< مجرد استفسـآر ض1

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
08-03-2010, 07:07 PM
^


هههـ ، بل هنالك إن شاء الله ، ظروفي الصحية هي
التي منعتني من كتابة الجزء الجديد ، أقصى موعدٍ لنزول
الجزء القادمـ يومـ الجمعة إن شاء الله تعالى ,,

O R K I D
10-03-2010, 07:03 PM
اهليـن .. ق1

بِصرآحة الأج’ـزآء الي قريتهم مَـرـآ نَآيس .. ق1
أحس اني غصت بالأحدآث .. ~ sm.9.

رآنيـآ .. بصرآحة احترت من هَوية الطفل !
عبير .. رحمتهآ المسكينه تدور بالشوآرع عشآن ماترجع البيتْ [ يآئسه ]
صوفي .. مسكييييينه ماتوقعت حيآتهآ صعبه كذآ .. بس لآ تصعبيهآ أكثر بلييز :كهكه:
وسآم .. حليله كـسر خـآطري والله .. ودي أروح اكلم اهله :sm.53:
علي .. فالجزء اللي قبل الأخير ماحبيته .. كـآأإن شريرر مَرآآ :صياح:
هـبة .. طـآيحة في الحُب .. الله يعينهآ !


مُبدع’ـة دآئما وَدومَـآ سوموووووي ~ ق1
يإنتظآر بَآرت ج’ـديدْ .. ق1ق1

عذبة بإحساسي
16-03-2010, 02:28 PM
شفــآكِ الله وعـآفـآكِ سومو ^^
لابــأس صحتكِ أهم ق1ق1

Rose ~Heart
28-04-2010, 10:43 PM
ماشاء الله عليكى القصة مؤه حلوة واحداثها مشيقه بانتظار الجزء الجديد

O R K I D
23-05-2010, 02:05 PM
ألم يأن الآوآن لجزء جديد ض1

ق1 ق1

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
23-05-2010, 03:47 PM
^


سبقتني يا فتاة ..!
ض1

بالأمس عدتُ من سفري .. واليومـ قررتُ أن أضع الجزء القادمـ بالغد ..
فانتظرنني يا فتيات ,,


*
إن شُفيتُ من مرضي ، فإنني محرومة من حاسبي لأجل دراستي ،
وإن أنهيتُ إختباراتي ، فإنني مسافرة ...
فأعتذر ملأ فمي لتأخيري ..
وأعد بأجزاء رائعة ,, ومعها التشويق سيبدأ ..

بالغد إن شاء الله سأكمل الأحداث ..

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
24-05-2010, 07:50 PM
•••



ارتمت على سريرها بملل شديدٍ ، تنهّدت ، أخذت تتح وتغلق عينيها ببطء شرح مدى إحساسها بالملل،
التفتت يمناها ، لتقع عيناها على غيتارٍ لها أسفل المكتب حيث تستذكر دروسها ..
اتجهت إليه ، حملته .. غيتارٌ اسودٌ بأوتارٍ فضيّة اللون ، متوسط الحجمـ ، تتوسط وتاره صورةٌ كبيرةٌ لجمجمةٍ بين ألسنة اللهب الملونة..


نظرت إليه صوفي في شرودٍ ، أخذت أصابعها تعبث في أوتاره عشوائيًا ، لتصدر أنغامًا هادئة لا معنىً لها.
عادت وأمسكته كما ينبغي إمساكه ، لتعزف ألحانًا بدت حزينة لمن يسمعها ..
ردد معها كلماتٍ يائسة كئيبة ، تذكر فيها شخصًا رحل وتركها ، وتؤكد على ألمها جراء فقدانه ..
انتهت تلك الأغنية خاتمة إيّاها صوفي بكلمة " أمـــــي " ..
نظرت من جديدٍ إلى غيتارها ، نزت دمعةٌ من عينيها مغافلة إيّاها ،
لتسيل على خدّها علّها تمحو أثرًا من آثار الحزن الذي اعتصر قلبها بعد رحيل والدتها ..

لمـ تكن الوحيدة المتأثرة بما غنّته ، بل أيضًا زوجة أبيها باسكال الواقفة
خلف باب غرفتها المغلق تستمع لغنائها ، بدا الحزن شديد الوضوح على وجهها،
وضعت يدها على رقبتها تتحسسها ..
وقالت : " يا إلهي ! أشعر أن مهمتي مستحيلة ! " ، ابتعدت خطوتين عن الباب ، نظرت إليه ، أنزلت يدها
عن رقبتها ، لتذهب إلى مجلس الدار .




•••





أخذت طول الطريق المؤدي إلى ذاك الزقاق تحدث ابنة عمّها عن فارس ، فسعادة رانيا بأن تتعرف عليه عبير جعلتها لا تصمت البتة ..

أصبحت المسافة بين رانيا وعبير والزقاق المقصود بضع عشرة سنتيمترات ، اتسعت الابتسامة في وجه رانيا ، زادت سرعة خطواتها ، لتسبق عبير إلى الزقاق حيث رأت فارسًا وأصدقاءه لأول مرة ..


دخلت إليه قائلة : " أنظر يا فارس من أتت لـــ ....... " ، قاطع حديثها ما رأته ...


إنه الزقاق ذاته ، والرائحة ذاتها ، لكن ... أين الأطفال ؟
كان خاليًا تمامًا من أي أثرٍ لهمـ ، ظلّت رانيا واقفة لا تعي ما تراه .. إلى أن أتت ابنة عمّها لتقف بجوارها،
أخذت عبير تنظر باستغراب ، تارة صوب رانيا ، وتارةً صوب الزقاق ..
أزعجتها الرائحة المنبعثة منه ، فغطّت بيدها أنفه وفمها ،

وهي تقول : " لا أصدق أن أحدًا يمكن أن يعيش هنا !! "
ردّت رانيا والصدمة لا تزال ظاهرة عليها : " كــان هنالك .... كان "

تقدمت تنظر ذات اليمين وذات الشمال ، جفت على ركبتيها أمامـ صندوقٍ كرتونيٍ ، أزاجته ، لتجد قطعة قماشٍ صغيرةً بلون السماء شبه متسخةٍ ، التقطتها ، لتتردد في ذاكرتها صورة فارس وقطعة القماش تلك تلفّ رقبته الصغيرة .

نهضت من مكانها تنظر إلى تلك القطعة الزرقاء ، أحكمت قبضتها عليها ، ورددت بصورتٍ سمعته عبير :
" إنها له ... وكلي ثقةٌ بذلك "


سألتها عبير : " رانيا .. أين من حدثتني عنه ؟! "
أجابت رانيا قلقةً : " الطفل الذي حدثتك عنه كان هنا هو وأصدقاؤه ، إلاّ أنهمـ اختفوا جميعًا ...! "
أردفت بعد صمتٍ وجيزٍ : " يا إلهي .. أخشى أن ما لا يُحمد عقباه قد حصل لهمـ ! "

قالت عبير : " فلأصدقُكِ القول ، الحال التي تعمّـ هذا المكان تكفي لأن يهجر المرء المدينة بحالها "



لمـ تجب رانيا بكلمة واحدة ، إنما وجهت ناظريها باتجاه نهاية الزقاق ، لمحت سيدة تقف على الرصيف
كمن ينتظر أحدًا ..

خطر ببال رانيا أن تسألها عن مكان الأطفال ، اقتربت منها ،رسمت على وجهها ابتسامة مصطنعة ..


وقالت بعد التحية : " أتسمحين لي يا خالة بسؤال ؟ "
أجابت السيدة : " تفضلي .. "
قالت رانيا : " هل سبق لكِ وأن رأيتِ أطفالاً صغارًا هنا ؟ "
قالت السيدة : " أتقصدين المتشردين الذين كانوا هنا ؟ "
أومأت رانيا مترقبة الجواب ، لتقول السيدة : " أتت سيدةٌ وأخذتهمـ إلى إحدى المؤسسات الخيرية التي ترعى الأيتامـ والمتشردين من الأطفال "


ذهبت السيدة لتترك رانيا تستوعب ما سمعته قبل قليلٍ ..
ابتسمت رانيا ، لتجد أن عبير قد وقفت أمامها لا تعي سببًا لتلك الابتسامة ..
قالت رانيا في سعادة : " أحمد الله أنهمـ وجدوا مسكنا آمنا ، ومن يهتمون بهمـ أخيرًا "





•••





رنّ هاتفه الأسود ، نظر صوبه ، فإذ به صديقه أنس يتصل ، رفع حاجبيه لوهلة ورسمـ ابتسامةً دلّت على فرحةٍ اعتمرت قلبه برؤية اسمه ، أمسك هاتفه ، واستقبل الاتصال ..



وسامـ : " ألو .. أهلاً أنس "
أنس : " يا صاحبي اتركني أولاً أُلقي السلامـ عليك "
ضحك وسامـ ، وقال : " طيب طيب .. تفضل "
قال أنس ساخرًا: " السلامـ عليكمـ "
ردّ وسامـ : " وعليكمـ السلامـ ورحمة الله .. ها ماذا عندك ؟ "
أنس : " يا أخي أنجدني .... "
وسامـ باستغراب : " من ماذا ؟ "
أنس : " قتلني الملل ...! "
ضحك وسامـ ، وقال : " وماذا عساي أن أفعل ؟ "
أنــس : " أتركض على الشاطئ ؟ "
وسامـ : " من يستطيع أن يركض واليومـ الأحد ؟ لا شكّ أن الشاطئ ممتلئٌ للغاية ! "
أنس : " طيب نركض على الرصيف .. "
وسامـ : " الآن أنا موافقٌ .. ثمـ نمر على المكتبة ، أودُّ استعارة كتابٍ منها "


وانتهت المكالمة عند هذا الحد ..

قامـ وسامـ من مكانه ، اتجه صوب الطبخ حيث تقف والدته تعد طعامـ الغداء ، وقف خلفها ،


وقال : " أمي .. سأذهب لأركض بصحبة أنس .. طيب ؟ "
أجابت والدته : " لا بأس .. "
همّـ وسامـ بالذهاب إلاّ أن والدته استوقفته مناديةً عليه ، توقف مستديرًا لها ، ليجدها قادمة إليه ..
قالت وعلى وجهها علامات الشك : " أصدقني القول يا وسامـ .. ماذا كنت تفعل عند خالك عصامـ صبح اليوم قبل مجيئي أنا ووالدك ؟ "
كان ذاك السؤال بمثابة الصدمة لوسامـ ، اتسعت عيناه ، زادت نبضات قلبه ، ليضع يده على صدره ..
لمـ يجب .. لتقول والدته : " وسامـ .. سألتك ! "
قال : " هو من أخبركِ بمجيئي إليه "
أجابته والدته : " لا يهمـ كيف علمت ، المهمـ ما سبب ذهابك إليه ؟ "
أجاب بصوتٍ مبهمـٍ : " لاشيء .. خطر ببالي أن أزوره أثناء عمله ، ففعلت .. "
رفعت أمه حاجبها الأيسر للأعلى ، ليظهر الشك واضحًا لوسامـ في وجهها ..
قالت : " أهذا كل ما في الأمر ؟ ألمـ يكن لكَ عنده حاجة ؟ "
أجاب وسامـ : " أمي .. أنتِ طبيبة أمراض نسائية ، وأبي جرّاح ، ماذا عساي أن أفعل عند كلٍ منكما ؟
بينما خالي عصامـ طبيب أمراض الصدر .. بإمكاني زيارته في عيادته .. فاليومـ لا يتوافد لديه
الكثير من المرضى .. "

أومأت والدته برأسها ، وحاجبها ذاك ما يزال مرفوعًا ,,
لتقول : " وسامـ.. أتقل الحقيقة ؟ "
قال وسامـ وعلى وجهه ابتسامة ارتباك : " أمي .. أحسستني أنني اقترفتُ جريمةً ما ..
صدقيني , ليس هنالك ما يستحق أن يشغل بالك هكذا ؟ "




انصرف بهدوءٍ تاركًا والدته تقف في مكانها ..
رددت الأمـ في نفسها : " كأنه أصبح شاحب الوجه ! "
وضعت يدها على صدرها وهي تشق ، ثمـ أردفت : " يا إلهي ..! أخشى أنه يخفي علينا سرًا خطيرًا "





أمّا في خارج الدار ، ضرب وسامـ بيده حائط منزله في غضبٍ شديدٍ وقال محدثًا نفسه :




" مستحيل ... لا شكّ أنه أخبرها "







•••







أصبحت الرواية على وشك الوصول إلى آخر فصولها ..
فتابعــي .. sm.12.

O R K I D
25-05-2010, 01:05 AM
يسعدني أنني أول من يضع ردـآ بعد هذـآ الجزء الجميل القصير المُشوق ض1

الحمدالله أن اؤلئك الأطفآل وجدوـآ مسكنآ .. ! ( سويتي فيهم خير سوموي ض1 )

وصوفي آآآخ من صوفي .. احترت معهآ .. الىآ متى ستظل تعآني هكذآ ؟! مسكينه هذه الفتآه ( ارحميهآ ض1 )

وسآمْ .. اتوقع اكتشآف اهله لمرضه سيكون في الجزء القآدم .. :)



ننتظر الأجزـآء القآدمه بفآرغ الصبر مع الأبطآل اللذين لم يظهروآ بهذآ الجزء :)

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
25-05-2010, 05:36 PM
^


:blink:

يا للعجب ! أوركيد هي الأولى !!
كيف جرى ما جرى ؟!

:crazya:


أهلاً وسهلاً بردكِ الجميل القصير المشوق :008:

أعلمـ أنني طيبة .. أعلمـ :040::bluebiggrin:
وضعهمـ في مؤسسة خيرية للأيتامـ فكرة أتت
بعد أن شاب شعر رأسي من التفكير ..

:character0032:

صوفي ، أو باسمها الحقيقي صفاء ,,
تلك حلّها سيكون في آواخر الرواية ..

تتوقعين ذلك إذن ! لنرى ما سيأتي في الجزء القادمـ .. :sm.54:


أنس وأخواته ، هشامـ ، علي وشقيقه ، وصال وصديقاتها ،
وكذلك هبة .. كلهمـ سيتواجدون في الجزء القادمـ إن شاء الله تعالى ,,

سررتُ بردك أوركيدوه ..

:51:

šẀέέţ Ļίfέツ
25-05-2010, 07:28 PM
سسسسسومو ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1ق1

أخيراً عدتي لنآ يآأوششطه , كَنت متآبعة لقصتكَ هذي ق1ق1
مرآ حمآسية وتهبل مآششآء الله ق1ق1

مآزلت متآبعة لكَ ق1

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
26-05-2010, 05:10 PM
^



يا سلامـ ! مس دلع هنا ؟! ق1
أهلاً بكِ غاليتي ..

دمتي متابعة طيبة ، ودامت الرواية بمستوى يليق بذوقك ..
أهلاً بكِ مجددًا ..


ق1ق1ق1

C A N D I D U S
30-05-2010, 08:50 AM
السلام عليكُم و رحمَــــــــه الله و بركــآتهْ ..أنظريَ مَن وصلْ ! الغ ـآئبة التيْ اختفـىَ اسمها من المتوآجدآت لفترهـ طووووويله ! وآيتــو ض1[ سوموي ] كَم اشتقتُ لذكِر هذا الإسَم اشتقت لجْ يا بنت و للمنتدى و كل شييي و خاصة هالقسم الحلو ×.× ...آهْ القصَة ..يصعُب عليّ إنتقآء الحروف أو الكلمات المنآسبة لأبوحَ لكِ بمدَى إعجآبيْ بمآ كَتبَه قلمكِ ق1هُو ليسَ غريبـاً منكِ هكذا إبدآع يالغ ـآليةْ ق1و لكنكِ أبهرتنـِيْ ،فلا يزآلُ إسلوبكِ يتمتعُ بتلكَ الجآذبيه التي أعتدتهَآ ق1.مقطعُ صـوفـِيْ قطعَ قلــبــ ق1 ــيْأرأفُ لحآلِهآ .. و لا ألومهَآ على حُ ـزنهَآ.الأطفـآل المشردينْالحمدلله ق1 بالبداية خفت يمكِن لربمَآ خطفوا أو ماشابهْ و لكِن الحمدلله و أخيراً سيرتاحون ق1.وسآم آآآآه الله يعيينَه ! ممممم لا أظنُ أن خآلهُ هُو مَن أخبر والدتهو إلا لما لم يخبرهَآ بالقصة كآملة ها ؟.القصَه على وشكِ النهآيــة !@_____________@[ صدمـــة ] إذاً بالتوفيق فِي الكتآبة سومويْ كآنَ اللهُ فِي عونكِ.[ أعتذِر على الرَد السريعْ .. فترة إمتحانات -_- ]كآنتَ هُـنآ أختكِ و صديقتكِق1

~Princess Reem
30-05-2010, 01:47 PM
سوموي شوجو ق1

أعجبني هذا البارت الرااائع

وأنا متشوقة أن أقرأ آخر فصل

بسررررررعة ض1

مسكينة صوفي و كذلِك وسآم

ق1

دائماً تعجبني مواقفهم و حكاياتهم

ألف شكر ع البارت

و أتمنى أقرا بقية البارتات الجميلة

عشان اشوف النهاية كيف بتكون ؟!

ق1

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
30-05-2010, 03:03 PM
white kathy


وعليكِ الســــلامـ ورحمة الله وبركاته ..

:عاشو:

يا أهلاً بالتي وصلت وطال غيابها ....
اشتقتي لذكر اسمي ؟ وأنا اشتقتُ إليكِ وإلى ما تخطه أناملك ... http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif


لا داعي لكل هذا الإطراء ..
أرى ما أكتبه متواضعًا للغاية ..
فقط ربما الأفكار التي بها هي ما يروق لكنّ عزيزاتي ,,
ولا أكثر من ذلك ... :sm.54:


صوفي وزوجة أبيها ، آهٍ فقط !
أتوق للفصل الذي ستحل به مشكلتهما... :شيخ:

إذن لمـ أخطئ حينما وضعتهمـ في تلك المؤسسة ؟!!
خِلتُ أن هذه الفكرة لن تروق لمتابعاتي .. ض1


ظنكِ في محله عزيزتي ..
لكن اتركي الأحداث هي من تتحدث .. sm.12. :crazya:


هههههههههههـ ، لا تنسي أنني قلتُ أنها " على وشك الوصول إلى آخر فصولها "
ممّا يعني أن هنالك أجزاءً أخرى بعد هذا الجزء ..
لا أنكر أنها اقتربت نوعًا ما ... لكنها أيضًا ليست بذاك القرب الذي تظنينه .. :bluebiggrin:

شكرًا عزيزتي على تشجيعكِ ...
أنرتِ هذه الصفحة بردكِ ..
لا أعلمـ لماذا أحب ردودكِ ! ربما لأنها ترفع من معنوياتي .. http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif:040:

http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif


شكرًا جزيلاً .، وبالوفيق في اختباراتك .. http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif




~Princess Reem


أهلاً أهلاً بالأميرة ريمـ ... http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gifhttp://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif

يسعدني أنه أعجبكِ ، آخر الفصول لن يوضع إلاّ بعد
أكثر من فصل آخر ... http://www.banaat.com/vb/images/icons/sah.5.gif


الشكر لكِ أنتِ بهذا الرد البهي ..
شكرًا جزيلاً ، وأتمنى لكِ متابعة طيبة ..

:51:

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
06-06-2010, 10:28 PM
مرّت الأيامـ والأسابيع والشهور ، وها هو ذا شهر كانون الثاني ( يناير )
قد أقبل صاحبًا معه فصل الشتاء ببرده الشديد ، وثلوجه الكثيفة ، وصقيعه المجمّد ..
أغلقت المدارس أبوابها معلنة بذلك بدأ إجازة نصف العامـ الدراسي ،
الممتدة لأسبوعين اثنين ..

أخذت تقلّبُ صفحات الكتيّب الصغير الذي بين يديها ، تقرؤ باستمتاعٍ حلوَ النكت ،
وتضحك إذا ما صادفتها نكتةٌ مسليّةٌ .
قطع تسليتها صوت طرق باب غرفتها ، تساءلت من يطرق بابها ، وضعت كتيّبها على
سريرها ، ونهضت تفتح الباب ، ليظهر أنه هشامـ ..
دخل واضعًا يده على شعره يتحسسه ,, بدا أنه مرتبكٌ بعض الشيء ..



قال مخاطبًا شقيقته : " عبير .... هلاّ أعطيتني آلتكِ الحاسبة ؟ "
ردّت وعلى وجهها علامات الشك ممتزجة بالسخرية : " وأين هي آلتكَ ؟! "
أجاب هشامـ بتماطل : " يمكنكِ القول أنهــا ......... "
قاطعته عبير بحاجبٍ مرفوعِ للأعلى : " ضــــــاعت "
ابتسمـ هشامـ بارتباك ، وقال : " بالضبط تمامًا ، أرجوكِ .... أنا في أمسِّ الحاجة إليها "
تنهّدت عبير ...
استدارت معطيةً بذلك ظهرها لهشامـ ، وهي تقول : " أمن أجل هذا الطلب قطعتَ تسليتي ؟ "
لمـ يجب شقيقها ، بل اكتفى برسمـ علامات الضجر من حديثها على وجهه ...
أردفت قائلةً : " في مكتبي ستجدها ، ولكن أرجعها بسرعة "
تناولها هشامـ وهو يقول : " طيب طيب ... شكرًا "

"مهلاً يا هشامـ ..... " قاطع ما قالته عبير مغادرة شقيقها ، استدار إليها ،
رأى على وجهها مزيجًا من علامات الحزن والتساؤل ..
سألها : " ما بك ؟ "
فأجابت : " أرى أن الحرب قد خمدت ، فما رأيكَ أنت ؟ "
تغيّرت ملامح وجه هشامـ .. صمت قليلاً ، ثمـ أجاب : " لا أعلمـ إذا ما كان مؤشرًا جيدًا ،
أمـ أنه هدوء ما قبل العاصفة "




فجأةً ، علا كثيرًا صوت إغلاق الباب الأمامي للمنزل ، فزع الإثنان، أسرع هشامـ
إلى النافذة ، فرأى والده خارجًا من المنزل يركب سيارته منطلقًا وسط الثلوج ..

قطّب هشامـ حاجبيه و أحكمـ قبضته على ستارة النافذة ، رأت عبير حركته تلك ، استلقت على سريرها ،
نظر إليها شقيقها ، أخذت تحرك خصلات شعرها الأسو الناعمـ اللامع بيدها البيضاء ،
أغمضت عينيها وقالت : " يبدو أنه الخيار الثاني يا أخي ..... "
وأردفت : " هدوء ما قبل العاصفة "







•••





وضعت وشاحها الصوفيّ على ركبتيها العاجزتين ، أمسكت بخمارٍ كان موضوعًا على سريرها
لتضعه على رأسها ، تقدّمت بكرسيها المتحرك إلى شرفتها .
انتابها البرد الشديد ، أخذت ترحك يدها اليمنى على ذراعها اليسرى برقةٍ شديدةٍ ..

تقدمت أكثر من سياج الشرفة ، أحبت منظر الثلوج وهي تتساقط مغطية شوارع المدينة ،
أدخلت يدها في حقيبة عُلِّقَتْ في كرسيها ، لتخرج منها كاميرا رقميةً صغيرةَ الحجمـِ ..
أخذت تلتقط صورًا للثلوج المتساقطة ..
اتجهت صوب زاوية الشرفة لتلتقط صورًا للشارع المقابل لها ، رفعت الكاميرا حتى ترا ما تلتقطه ،
لمحت شابًا يسير في رصيف ذاك الشارعِ ، بدت أنها تعرفه ..
أزالت الكاميرا لترى من ذاك .. لمحت شعرصا بنيًا فاتحًا ،وقامةً طويلةً ،
يحمل كيسًا كمثل أكياس المتاجر الغذائية رددت في نفسها : " إنه علــــــي ! "
قطّبت هبة حاجبيها ... وقالت بصوتٍ أشبه بالهمس : " رانيـا ... "
سقطت الكاميرا من بين يديها ، ورددت : " عقبةٌ في طريقي "





•••





فتح باب منزله ، أزال الثلج الساقط على كتفيه ، اتجه صوب المطبخ ووضع الكيس الذي
كان معه فوق المنضدة .
خلع سترته ليضعها على الأريكة حيث تجلس أمه ، وجلس بجوارها يشاهد التلفاز ..
نظر صوب الطاولة التي تتوسط مجلس الدار ، كان عليها كتاب العلومـ للفصل الدراسي الثاني ،
أمسكه وأخذ يتفحص صفحاته باهتمامـ ..
ظهرت ابتسامة على وجهه تشير إلى المتعة التي انتابته لذا قراءته لما يحتويه الكتاب ،
التفتت إليه والدته ، ابتسمت ، وقالت : " والدكَ من اشتراه لك "
أومأ علي لوالدته ، وقال : " دائمًا أول ما يصلني هو كتاب العلومـ "

نهض من مكانه حاملاً معه الكتاب ، سألته والدته : " إلى أين ؟ "
فأجابها : " أحب أن أبدأ فيه من الآن "

ابتسمت ، وعادت تشاهد التلفاز ..
وقف عمر أمامـ شقيقه ، يحمل شوكولا في يده ، وعلى وجهه بقايا منها ،
مدّ يده التي بها الشوكولا ، ردد مبتسمًا : " خذ ..... ألي ( علي ) "

أخذ علي ينظر إليه ، جفا على ركبتيه ، وضع يده على شعر شقيقه البني الفاتح ،
وأخذ يحركها عليه متخللاً خصلاته ..

قرّب عمر يده من فمـِّ شقيقه ، إلاّ أنه أبعد وجهه عنه وهو يقول : " شكرًا لا أريد "
لكنّ الصغير أخذ يلحُّ على علي بأن يأكل ، حاول الاخير أن يبعد يدي شقيقه بدون أن يجرح مشاعره ،
فأزاح يده عنه لترتطمـ بكأس ماءٍ كان على الطاولة الصغيرة ، فانسكب الماء على وجهه ..

نهض علي غاضبًا من مكانه ، صرخ في وجه أخيه : " سحقًا ..... ماذا فعلت؟ "
فزع الصغير من صراخ شقيقه ..
لمعت الدموع في عينيه ، لتسقط على خدّه المحمر دمعة حزنٍ انتابه ..
وضع الشوكولا أما وجهه يحاول إخفاءه بها ..

أمسكت الأمـ بصغيرها ، وضمته إلى صدرها ، التفتت إلى علي .،



وقالت له : " أُنظر إلى نفسك في المرآة ، لا ألومه على فزعه منك "
أجاب وعيناه إلى الأرض : " حاولتُ قدر المستطاع ألا أجرحه "
ردّت : " إلاّ أنكَ في النهاية تسببتَ في بكائه ، لمـ يُرِد إلا مشاركتكَ له في الشوكولا "



ذهبت وفي حضنها عمر باكيًا ، تاركةً علي بمفرده .






•••






أخذت تشرب من كاس عصيرها ، عضت بأسنانها المقشة التي تشرب منها ،
التفتت إلى صديقتها ..



وقالت : " هيي وصال ... أما تزالين على رأيكِ بها ؟ "
قالت وصال : " رأيي بمن ؟ "
أجابت : " بـرانيا "
التفتت إليها وصال ، وقالت : " وما بها ؟ "
قالت : " أما تزالين تريدين صداقتها ؟ "
أجابت : " استمعي إليّ جيدًا يا أمل ، رانيا لمـ تؤذني إلاّ عندما آذيتها ،
كما لا تنسي يومـ جرح ذراعي ، لا أستطيع أن أؤذيها في حين أن ساعدتني هي "
ردّت أمل : " هراءٌ ما تقولينه "

نظرت إليها وصال باستغراب ، وقالت : " ما قصدك ؟ "
ابتسمت أمل : " ربما هي كما تقولين ، لكن لا تنسي أن عبير معها ،
ولا تنسي أيضًا يا عزيزتي العدواة التي بينكِ وبينها ، منذ الصف السابع إلى اليومـ "
قالت وصال : " وماذا يعني ذلك ؟ "
أجابت : " لمـ أعلمـ أنكِ أصبحتِ بهذه السذاجة ! فكري في الأمر ,,
عبير تكرهكِ ، و لا تفارق رانيا البتة ، في رأيكِ ماذا يعني ذلك ؟ .. أقصد ما نتيجة ذلك ؟ "
أجابت : " أجيبي أنتِ ... لمـ أعرف الجواب "
ردّت أمل بتأفؤفٍ : " يا غبية ! لا شكّ أنها ستحرض الأخرى ضدك ..
ولن أستغرب إذا ما جعلتها تعتدي عليكِ بالضرب ،
هذا إن لمـ تشوّه سمعتكِ في المدرسة قبل ذلك "

صمتت وصال ... بدا التفاجؤ واضحًا على وجهها ، ابتسمت أمل لذا رؤيتها لصديقتها بذلك الوضع
ورددت في نفسها : " ابتلعت الطمع "

إلاّ أن وصال سرعان ما قالت : " مستحيل ... ليست رانيا "
أجابت أمل : " كما تشائين .. لكن لا تلجئي إليّ إذا ما آذتكِ "

ردّت وصال : " أتظنين أن ما تقولينه سيحصل ؟ "
أجابت أمل بابتسامة خبيثة : " يا عزيزتي .. لا تنخدعي لمن يحسن إليكِ دون مقابل ،
لستُ ممن ينخدعون بأمثال رانيا ، ثقي بي .. إن اتبعتِ ما أقوله لكِ ، فلن تستطيع النيل منكِ "




حركت وصال راسها يمنةً ويسرةً وهي تحدث نفسها : " لا يمكن ، ليست رانيا من يفعل ذلك "

إلاّ أن التردد سرعان ما ظهرعلى محياها ، بلعت لعابها ،
وأخذت تنظر إلى كأس عصيرها بشودٍ .,





رددت تخاطب نفسها :

" لكـــــن ماذا لو صدقت أمـــل .... وآذاتني كما تقول ؟ "






•••

















بدأت النيران تشتعل في بيت عبير ،
والشك يعتصر قلب وصال ،
أما علي فتأنيب الضمير يكفيه عذابًا ...

http://www.banaat.com/vb/images/icons/flow.gifتابعي ..

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
12-06-2010, 01:55 PM
رائعٌ جدًا ... !
ستةُ أيامـٍ منذ نزول أجدد الأجزاء ولمـ أجد
إلى يومنا هذا أية ردودٍ ...

أعلمـ أن هنالك من تمر بفترة الإختبارات ..
إلاّ أن المرور على الرواية وقراءتها دون وضع أية بصمة فعلٌ يشعل
نيران الغضب في صدري .. وهنالك من أعرفهن قد مررن على الرواية
ولمـ يضعن أي ردٍ رغمـ انقضاء فترة الاختبارات ..

>~<"

° ρĭnķч Dŗεαмẕ ≈
13-06-2010, 01:43 AM
السلِآم عليـڪم

بـارتُ آڪثر من رائـع لـڪن نصصَـيحـﮧُ منـي اجعـلي البـارتَ طـويلِاً قليلِاً

" هدوء ما قبل العاصفة "

ارجـو ان لِا يحدث شـيء لِآ يرضــي الِأخويـن

ورددت في نفسها : " ابتلعت الطعم "
هذه الِأمـل آه منهـا انـا اسَسِتغرب لمـاذا لِآ تحـب [ رانيــَـِـا ] !

مدّ يده التي بها الشوكولا ، ردد مبتسمًا : " خذ ..... ألي ( علي ) "

آآآه يَـآ لِآ الطفـولـﮧ البريئـــﮧ ق1

ليال،
13-06-2010, 03:03 PM
مُشوّقْ . . ولكن قصير !

متحمسة لأعلم ما سيحل مع رانيَا ،
بينها وبينَ هبة ووصالْ . .

كما أن بطلنا لم يظهرِ في البارت :همم:

فقط أرجو بأن يكونَ بالقادمِ أحداثٌ وافيَة ،


جميل سومويْ ق1

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
14-06-2010, 06:50 PM
{றîş$ ¢δôŁ ● ●

أهلاً وسهلاً ..

مممممممممـ ،، مدى طوله أو قصره يعتمد على الأحداث ،
ثمة هنالك أجزاءٌ ستكون طويلة بسبب أحداثها ..

شكرًا على مروركِ الطيب ..


ليالٍ

أهلاً أهلاً ليال ,,
القادمـ سيكون بإذن الله تعالى أفضل وأطول . .
شكرًا على ردكِ عززتي ,,

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
22-06-2010, 11:54 PM
تمامـ الثالثة بعد منتصف الليل، أيقظ العطش هشامـ من نومه ،
اتجه صوب المطبخ ، وتناول كأسًا من الماء .
همّـ بالعودة إلى غرفة ، إلاّ أن الضوء المنبعث من أسفل باب غرفة المعيشة لفت انتباهه ،
دفعه الفضول إلى الاقتراب من الغرفة ، فكر قليلاً .. من يمكن أن يبقى مستيقظًا إلى الآن ؟
فتح الباب قليلاً بحرسٍ شديد لألاّ يصدر صوتًا ..
سمع صوت والديه ، نظر من فتحة الباب ، فإذ بوالديه يجلس كلٌ في مقعدٍ ..
بدا أنهما يناقشان أمرًا مهمًا ، أنصت هشامـ إلى حديثهما باهتمامـ ..



قال والده : " أتوقع أنكِ غدًا سترجعين لمنزل أهلك "
صمتت هي .. لمعت الدموع في عينيها ..
أردف هو قائلاً : " من ستأخذين ؟ هشامـ أمـ عبير ؟ "
ردّت بابتسامة باكية : " أبقِ عبير عندك .. تحتاج سندًا لها ، ومن يكون حازمًا عليها ،
أمّا هشامـ ، فسيأتي معي .. "


أردفت : " أرجوك رشيد .. دع الطلاق إلى أن تغادر ندى وابنتها ، أخشى ألاّ تتقبّل عبير
الموقف بوجود ابنة عمّها .. وحتى يسهل علينا شرح الأمر للولدين "
أغمض رشيد عينيه ، وأومأ برأسه قائلاً : " كما تشائين "


ما إن سمع هشامـ كلمة الطلاق تخرج من فيه والدته حتى شُلّت قدماه عن الحركة ،
سقط على ركبتيه ..
صَعُبَ عليه التنفّسُ فجأةً ، أخذ يُردد كثيرًا في نفسه : " لا ... لا .... مستحيل "
خشيَ من أن يُحسَّ به والداه ، نهض بصعوبة ، واتجه إلى غرفته ..

فتح الباب ، جلس على سريره ، وضع رأسه على كتفيه ، متّكِئًا على ركبتيه ,,
وقع عليه الخبر كالصاعقة ، أدّت إلى نزول الدموع من عينيه .



•••





تمامـ الثامنة صباحًا من يومـ الجمعة ، استيقظت عبير من نومها ، غسلت وجهها ونزلت إلى غرفة
المعيشة لتناول الإفطار ، ألقت التحيّة على أهلها المجتمعين حول المائدة ,،
نظرت إليهمـ جميعًا ، لمـ تلمح بعينيها سوى ملامح الحزن والكآبة ..

التفتت إلى طاولة الطعامـ ، لمـ يلمس أحدٌ كوب قهوته أو رغيف خبزه ، الزبدة كما هي في صحنها ،
وصحن الزيد ممتلئٌ على غير العادة ، قِطَعُ الجبن لمـ تُلمس البتة ، كثرة حبات الزيتون الأسود
أكّدت لعبير أن أحدًا لمـ يمسّها ، وسكاكين تقطيع الخبز خالية من آثاره ..

ضربت عبير بذراعها ذراع شقيقها بلطف ، التفت إليها ، قالت له هامسة : " ما بكمـ ؟ لمـَ هذا
السكون ؟! "
هزّ هشامـ رأسه يُمنةً ويُسرةً قائلاً : " كلاّ .. لا شي "
عاد بذاكرته إلى لحظة سماعه لحديث والديه ليلة البارحة ، نظر إلى والدته ، عيناها متعبتان ،
وجهها شاحبٌ ، عدا الحزن الذي بدا واضحًا عليها ، التفتت إلى والده ، حاجباه مقطّبان ،
يُفكّر في شرودٍ ، أمّا عيناه .. فلمـ تستطيعا إخفاء الحزن الذي يتملّكه ..

أمسك هشامـ بيد شقيقته ، وسحبها معه في لطفٍ إلى خارج عرفة المعيشة ،


استغربت عبير من حركة شقيقها الأخيرة ، قالت : " هيي هشامـ ... ما الأمر ؟! "
ترك هشامـ يدها ، قال بترددٍ : " ثمّة هنالك ما أريد إطلاعكِ عليه "
قالت : " ما هو ؟ "
أجاب : " إنه ......... " تذكر هشامـ ما قالته والدته :
" .. أخشى ألاّ تتقبّل عبير الموقف بوجود ابنة عمّها .. وحتى يسهل علينا شرح الأمر للولدين "

قطع حبل ذكرياته صوت عبير وهي تقول : " هشامـ ! أنا أُنصت .. "
هزّ رأسه رافضًا ما كان يدور في رأسه ، أجاب شقيقته بسرعةٍ : " كلا .. لا شيء .. انسِ الموضوع "
استغربت عبير قائلةً : " ماذا ؟ سحبتني لأنسى الموضوع ؟ "
غادر شقيقها المكان متجهًا إلى غرفته ، نادت عليه عبير إلاّ أنه لمـ يُجبها ، تبعته إلى غرفته ،
إلاّ أنه أغلق الباب على نفسه رافضًا دخول أيٍ كان .

لمـ تفهمـ عبر شيئًا ممّا فعله هشامـ , عادت إلى غرفة المعيشة ، بدا لها أن أمها غادرت مكانها ،
أمّا والدها فبقي على حاله ، أخذت عصافير بطنها تزقزق جوعًا ، أمسكت رغيف الخبز
وفنجان قوهتها ، وشرعت في تناول إفطارها .





•••





تمامـ الساعة الحادية عشر والنصف ، خرج هشامـ بصحبة والده لأداء صلاة الجمعة ،
بدا أن المنزل هادئ جدًا ، خطر ببال عبير أن تذهب إلى أمها علّ وعسى أن تقطع
حبل الملل الملفوف حول رقبتها بالحديث مع والدتها .
سمعت والدتها وهي تحادث شخصًا ما ، اقتربت من الغرفة التي بجانبها ، اختلست النظر ،
لترى أن والدتها تتحدث في الهاتف ..
انتظرتها لتنتهي ، إلاّ أن حديث أمّها بدا مسموعًا لها ,,
كانت تقول : " أجل يا أُمّي .. اليومـ مساءً .. ماذا ؟ آه .. هشامـ يا أمّي .. ستبقى مع
والدها ... "
بدأت والدتها تبكي فجأةً وهي تقول : " كيف سأشرح الأمر للولدين يا أمي ؟ أنا نفسي لمـ
أستوعب الأمر بعد ، حدث ما كنتُ أخشاه .... لا فائدة ، اتخذنا القرار ولا رجعة فيه "

لمـ تفهمـ عبير كلمةً ممّا سمعته ، إلاّ أنها لسببٍ لا تعرفه شعرت بالخوف الشديد ، وضعت
يدها على صدرها ، لتشعر بنبض قلبها المتسارع ، أحسّت بقدومـ والدتها ..
أسرعت في الابتعاد عن تلك الغرفة ، متجهة إلى غرفتها .
جلست على كرسيها ، أخذت أسئلةٌ كثيرةٌ تنهال على رأسها دُفعةً واحدةً ،
ما الخطب ؟ ما سبب حزن الجميع ؟ ما الذي أراد هشامـ أن يخبرني به ؟ ما معنى
كلمات والدتي ؟ وما سبب بكائها ؟ ما مشكلتهمـ هذا اليومـ ؟ ولمـَ يتعمّدون إخفاء
الأمر عليّ ؟ ما الذي يجري هنا ؟
شعرت عبير أنها وسط دوّامةٍ من الحيرة .

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
22-06-2010, 11:56 PM
•••



تمامـ السابعة مساءً ، أخذت عبير تساعد والدتها في ترتيب المنزل استعدادًا لاستقبال
رانيا ووالدتها ، لمـ يكن والدها بالمنزل ، أمّا هشامـ فقد بقي في غرفته ،
دقائقٌ قِلائلٌ مضت حتى رنَّ جرس ، رسمت عبير ابتسامة جميلة على وجهها ،
حاولت نسيان ما حصل ، والتفكير فقط بالوقت الذي ستُمضيه مع ابنة عمّها ،
ذهبت لفتح الباب واستقبال ضيفتي المنزل ، رحّبت بهما ، أتت والدتها لتشاركها في
الترحيب بندى ( والدة رانيا ) وابنتها ، جلس الجميع على المقاعد ..
أشارت والدة عبير لابنتها بأن تجلب الشاي ، ذهبت عبير لتفعل ما طلبته منها والدتها ،
دخلت المطبخ متجهةً إلى المنضدة لأخذ صينية الشاي ، انتبهت لخاتمـٍ كان موضوعًا بجانبها ،
حملته عبير ، قرّبته من عينيها ، بدا أنه مألوفٌ لها ، رددت في نفسها :
" خاتمـ أُمّي ! لا .. ليس أيّ خاتمـٍ ، بل هو خاتمـ زواجها !
مستحيلٌ أن تخلعه من إصبعها بلا أي سبب ..
حتى أنني لمـ أره على إصبعها طوال هذا اليومـ ! "

أرجعت الخاتمـ إلى مكانه وهي ما تزال محتارةً ، حملت الصينية واتجهت إلى غرفة المعيشة .،
وضعتها على الطاولة ، وجلت بجوار رانيا .


قالت لها رانيا مبتسمة : " هيي عبير .. لمـَ لا تريني كتاب النكت الذي حدّثتني عنه ؟ "
أجابت : " أوه ذاك الكتاب ! طيب انتظريني لحظةً واحدةً .. "


اتجهت إلى غرفتها ، ارتدت عباءةً وخمارًا على رأسها ، خرجت من غرفتها للتتجه إلى
شرفة المنزل ، أخذت الكتاب الذي كان على طاولة هناك ..
سارت بممر المنزل ، انتبهت إلى حقائب بغرفة والديها ، اقتربت من الحقائب ،
بدت أنها حقائب سفرٍ ، ولمن ؟ إنها لوالدتها !

" لماذا حزمت أُمّي حقائبها ؟! " هكذا كانت عبير تسأل نفسها ، قالت : " لا يُمكن !! أيُعقلُ
أنها ستترك المنزل ؟ لكن .... لماذا ؟ "
تذكرت الخاتمـ الذي رأته في المطبخ ، اتسعت عيناها ، بدأت تتنفّسُ بسرعةٍ ،
رددت بصوتٍ متقطعٍ : " أيُعقل أنهما ..... ســـــ ... سيتــ ... ستنفصلان ؟! "

سقط الكتاب من يديها ، أسرعت إلى غرفة المعيشة ، دخلت بسرعةٍ شديدةٍ متجهةً
إلى والدتها ، فاجأ دخولها كلاً من ندى ورانيا ، وقفت عبير أمامـ والدتها ،
بدا أنها تبكي ....




قالت : " أمّي ... هل لكِ أن تخبريني لماذا حزمتِ حقائبك ؟ "
اتسعت عينا والدتها .، وقفت أمامـ ابنتها ، أجابت : " عبير .. سأشرح لكِ الامر فيما بعد ”
أمسكت عبير يد أمها ، نظرت إليها ، وقالت : ” أين خاتمكِ يا أمي ؟ ”
ارتبكت والدتها ، ردّت : ” خاتمي ؟ لـــ .. لقد .. ”
قالت عبير : ” الآن فهمتُ سبب غرابتكمـ هذا اليومـ .. ”
سقطت دمعةٌ من عينيها ، وهي تقول : ” أمي .. أرجوكِ صارحيني بالحقيقة ..
هل ستنفصلان ؟ ”
التفتت إليها والدتها بسرعةٍ شديدٍ ، شهقت رانيا ،
أمّا ندى فوضعت يدها على صدرها قائلةً : ” ماذا ؟ ”
صرخت عبير : ” أجيبيني يا أمي ... أحقًا ستنفصلان ؟ ”
أجابت والدتها بغضب : ” من أين جئتِ بهذا السُّخف ؟ ”
ردّت عبير وهي تبكي : ” ارتباك هشامـ ، المكالمة الهاتفية التي أجريتها مع جدتي ،
خاتمكِ المرمي في المطبخ ، والآن حقائبك ... ألا تكفي كل هذه الأدلّة لأعلمـ حقيقة قراركما الأناني ؟ ”
بدا الاندهاش على وجه والدتها ، قالت : ” هشامـ ؟ أيعلمـ هشامـ بهذا الأمر ؟ ”
أجابت عبير : ” أظن ذلك .. أراد إخباري بالأمر إلاّ أنه تراجع فيما بعد ”
ثمـّ أردفت : ” لو لمـ أكتشف الأمر بنفسي لذهبتِ دون وداعي .. أليس كذلك ؟ ”
اقتربت والدة عبير منها ، أرادت ضمّها إلاّ أن ابنتها سرعان ما ابتعدت عنها وهي تصرخ :
” لا ... لا تقتربي منّي .. أيُّ أمـٍ تلك التي تُخفي هذا الأمر عن ابنتها الوحيدة ؟ ”

في الوقت ذاته ، قدمـ هشامـ إلى غرفة المعيشة بعد الصراخ الذي سمعه ، اقترب من والدته ،
وقال : ” أمي .. ما سبب كل هذه الجلبة ؟! ”
قالت عبير ويداها ترتجفان من شدّة البكاء : ” انفصال والدينا ، أهذا ما كنتَ تريد إخباري به
يا هشامـ ؟ ”
فاجأ سؤال عبير هشامـ ، لمـ يُجب بكلمة واحدة ، أغمضت عبير عينيها مُسيلةً بذلك ما حُبِسَ من دموعها
على خدّيها ، قالت : ” أجب يا هشامـ ”
ردّ قائلاً : ” بلـــى ”
شهقت والدته ملتفتةً إليه ، ابتسمت عبير وسط دموعها ، وقالت : ” جميل جدًا ! أسرتي كلّها تعلمـ
بالخبر .. عداي ”

قالت والدة رانيا تخاطبها : ” خذي ابنة عمّكِ إلى غرفتها ، هيّا يا رانيا ”
أومأت رانيا برأسها ، أمسكت بكتفي عبير ، إلاّ أن الأخير أبعدت يدي صديقتها ،
وهي تقول : ” أستطيع الذهاب بمفردي ”




وضعت الخمار الذي كان بيدها على رأسها ، أغلقت أزرار عباءتها ، وذهبت منصرفة وحدها من غرفة
المعيشة مغلقة الباب خلفها .

استغربت رانيا من حركة عبير ، أخذت تفكر بالسبب الذي دفعها تغطي شعرها وتغلق عباءتها ، وتغلق الباب ..
شهقت وهي تردد في نفسها : ” مستحيل ! لا بدّ أنها ستهرب ”
اندفعت رانيا فاتحة الباب لتُصدمـ بما رأته ,, باب المنزل مفتوحٌ ولا أثر لخفّي عبير !
صرخت رانيا : ” يا إلهي !! ”

هرع الجميع نحو رانيا ، سألها هشامـ عن سبب صراخها ، لتجيب وهي ترتجف : ” عبير .. هربت من المنزل ”

اتسعت أعين الجميع ، شهقت السيدتان ، أمّا هشامـ فقد خرج مسرعًا من المنزل ، تبعته رانيا ومعها والدتها
وزوجة عمّها ، أخذ هشامـ يُنادي على شقيقته بأعلى صوته ، إلاّ أنه كان عبثًا يُحاول ، فقد بدا أن عبير
قد ابتعدت عن المنزل .


أخرجت رانيا هاتفها من جيبها ، وأخذت تدقُّ على أرقامه ، وبدأت بالاتصال .

سألتها والدتها : ” بمن تتصلين ؟ ”
لتجيب هي : ” لا بدّ أن يعلمـ عمي بالأمر ”
أجاب رشيد وهو يقود سيارته : ” ألو ؟ مرحبًا رانيا ”
ردّت بتوترٍ شديدٍ : ” عمي .. تعال بسرعةٍ إلى المنزل ، لقد هربت عبير ”
أجاب بفزعٍ : ” ماذا ؟ هربت ؟ كيف ؟ ولماذا ؟ رانيا ما الذي جرى ؟ ”
أجابت : ” علمت بقرار الانفصال يا عمي ”
أغمض رشيد عينيه ، وقال : ” هذا ما لمـ يكن في الحسبان ”
ثمـّ أردف : ” حسنٌ .. أمهليني فقط دقيقتين ”



أخذت والدة عبير تبكي بمرارة على صدر والدة رانيا التي احتضنتها وأخذت تواسيها ،
ظلّت رانيا تفكر في المكان الذي يُمكن أن تذهب إليه عبير في هذا الوقت من الليل ، إلاّ أنها لمـ تجد شيئًا .





•••











من جهةٍ أخرى ، ظلّت عبير تسير على رصيف الشارع البارد بقدمين عاريتين إلاّ من جوارب صوفية لا تكفي لتدفئتهما ،
أخذ الثلج يتساقط على تلك المدينة المزدحمة ، لمـ تتوقف عيناها عن إسقاط الدموع الحارقة على خديها ،
سارت وسارت في الشوارع المليئة بالناس بلا هدىً ، إلى أن تعبت قدماها ..
اتّكأت على جذع شجرةٍ عارية الأوراق مُغطّاةٍ بالثلوج ، جلست عبير مستندة عليها ، وضعت رأسها على ركبتيها
وأخذت تبكي بحرقةٍ شديدةٍ ..


لمـ تمضِ سوى دقائقٌ معدودةٌ ، حتى سمعت شخصًا يُنادي عليها قائلاً : ” هيي يا فتاة ”
التفتت إليه ، فإذ به أنس واقفًا أمامها ، استغرب لدى رؤيته لها ، وقال : ” عبير ؟ ماذا تفعلين هنا ؟ ”
لمـ تجبه ، أو بالأحرى لمـ تستطع الإجابة على سؤاله ، إنمّا عادت لتبكي من جديدٍ ..
ازداد استغراب أنس لما يراه ، أمسكها من معصميها ليساعدها على النهوض ..


قال لها : ” لمـَ تبكين ؟ عبير ... ما الأمر ؟ ”
توقفت عن البكاء ، وقالت : ” لا داعيَ لأن تُشغل بالك يا أنس ”
ردّ عليها : ” ماذا ؟! أهنالك فتاةٌ تخرج وحدها بدون ثيابٍ تقيها برد ليل الشتاء هكذا ؟! ”
لمـ تجبه بكلمة واحدةٍ ، بقيت تنظر إلى الأسفل والدموع لا تتوقف عن السيلان ، تنهّد أنس ،
أخذ يحكُّ شعر رأسه ، وقال معها : ” صارحيني .. أهربتِ من منزلك ؟ ”
فاجأها سؤاله لها ، نظرت إليه ، لتراه رافعًا حاجبه الأيسر وعلى وجهه علامات التساؤل ،
أعادت أنظارها إلى الأرض ، وأومأت بالإيجاب ..

قال أنس : ” حسنٌ .. هل من مجالٍ لأن تعودي الآن ؟ ”
أجابت بسرعةٍ : ” كلاّ .. أرجوك أنس .. ”
أردفت : ” بإمكانكَ الذهاب إن شئت ”
أجابها : ” أجننتِ أمـ ماذا ؟ لا أستطيع ترككِ بمفردكِ هكذا ”

فكّر أنس قليلاً في حلٍ للمشكلة التي أمامه ، بدا أنه قد عثر على حلٍ لها ،
فقال : ” طيب .. بما أنكِ لا تريدين العودة إلى منزلك ، إذًا فتعالي معي إلى منزلي ”
اندهشت عبير لذا سماعها لاقتراحه ذاك ، أحكمت قبضة يدها ، قطّبت حاجبيها ،
وأجابت : ” كلاّ .. لا داعي لهذا ”
ردّ عليها : ” لا تخشي شيئًا ، أمي وأخواتي بالبيت ”
هزّت رأسها مستنكرة الفكرة ، قال لها أنس : ” هيّا ، في مطلق الأحوال لا أستطيع ترككِ هكذا لتتجمّدي بردًا ”
لمـ تبدي أية حركة لما قاله ، أرجع أنس شعر رأسهِ بيديه إلى الخلف ، أدخل يده في جيبه مخرجًا منها
هاتفه النقّال ، وأجرى اتصالاً ....

قال : ” ألو ؟ .. أمي ”
أجابت والدته : ” خيرًا يا أنس , لماذا لمـ تعد إلى الآن ؟ ”
قال : ” ممممـ ، صادف أنني التقيتُ بزميلةٍ لي ، أعتقد أنها تمرُّ بمشاكل في بيتها ،
هل لي أن آتي بها إلى المنزل ؟ أمي إنها لا ترتدي ثيابًا تقيها برد الشتاء ”
أجابته : ” ولمـَ لا ؟ لا مانع أبدًا ”
أبعد أنس الهاتف قليلاً عن أُذنه ، وقال لعبير بصوتٍ أشبه بالهمس : ” لقد وافقت ”
إلاّ أنها لمـ تبدِ ما يدلُّ على تصديقها له ، فقال أنس لوالدته : ” أمي .. هل أنتِ متأكدة ممّا قلته ؟ ”
وبسرعةٍ فتح مكبّر الصوت بهاتفه ، لتسمع عبير جواب الأمـ التي قالت : ” بالطبع أنا موافقة ، أحضرها ”

نظر إليها ، ليجدها تبتسمـ من حركته تلك ..

خلع سترته ، وناولها إيّاها ، نظرت إليه وعلى وجهها علامات الاستغراب ،
قال لها مبتسمًا : ” لا أعلمـ كمـ المدّة التي قَضَيْتِها خارجًا ، لكن بالنظر إليه أطراف أصابعكِ
أجزمـ أنكِ تكادين أن تتجمّدي بردًا ”
نظرت إلى ما يرتديه ، انتبه إلى نظراتها ، وقال : ” لا عليكِ ، ما أرتديه يفي بالغرض ، هيّا ألن تأخذيها ؟ ”
أخذت عبير سترة أنس ووضعتها على كتفيها ، سار أمامها ، وأشار لها أن تتبعه ، ففعلت .



•••







عودةً إلى منزل عبير .... ذهب هشامـ ووالده بصحبة رانيا للبحث عن الهاربة ،
أمّا السيدتان فقد بقيتها في المنزل تحسُّبًا لأي اتصالٍ يُخبر عن مكان عبير ..

توقفت السيارة التي بها الاشخاص الثلاثة أمامـ مركزٍ للشرطة ، دخل الجميع آملين أن يعثروا على طرف
خيطٍ يقودهمـ إلى المفقودة .

شرح رشيد إلى المفتش الشرطة تفاصيل ما حدث ، أخذ المفتش يطرح بضعة أسئلة تفيد في البحث عن عبير ..
نادى المفتش على أحد الضبّاط ليحضر إليه ، أمره أن يصطحب والد عبير وشقيقها وابنة عمّها معه ليُريهمـ ما يُمكن
أن يوصلهمـ إليها ، تبعوه فقادهمـ إلى غرفةٍ أخرى ، بها جهاز حاسوبٍ ، جلس أمامه ، أخذ يعمل عليه باهتمامـ .



التفت إليهمـ وقال : ” قبل دقائق عثر رجالنا على جُثّةِ فتاةٍ ميتةٍ تحمل أوصاف التي تبحثون عنها ”
فزع رشيد من كلامـ الضابط ، قال الأخير : ” هذه صورتها ، أمعنوا النظر فيها فقد تكون المقصودة ”
أدار الضابط الشاشة ليرى الثلاثة الصورة ..


إنها صورة لفتاة تبدو في الخامسة عشر من سنِّها ، تضع حجابًا على رأسها ، ترتدي ثيابًا سوداء لا تظهر تفاصيلها ،
تضع يدها اليُسرى على بطنها ، بشرتها بيضاء كبشرة عبير ، أمّا ملامح وجهها ، فلمـ تظهر بسبب الدماء التي
غطّتها ..


صُدِمـَ هشامـ لدى رؤيته للصورة ، نهض من مكانه مستنكرًا ، أخذ رشيد يُردد قائلاً : ” إنها ... تشبهها كثيرًا ! ”
أمّا رانيا ، فقد ظنّت للوهلة الأولى أنها صديقتها الوحيدة ، رفيقتها ، توأمـ روحها ، أختها وابنة عمّها ،
سقطت الدموع من عينيها حينما صدقت أن أعز الناس على قلبها قد .... فارق الحياة !

وضعت يدها على وجهها ، تبكي بلا أي صوتٍ ، تُعيد شريط الذكريات التي جمعتهما ..


حينما كانتا تسبحان في مياه البحر في طفولتهما ، وعندما تصنعان من أزهار السوسن قلائد جميلة ،
ضحكاتهما ، وبكائهما ، أحلامـ الطفولة البريئة ، ودموع الفراق في كل عامـٍ كلّما سافرت رانيا ،
ثرثرتهما في الهاتف إلى أن ينقطع الاتصال ، قلق عبير عليها يومـ الحادث ، ويومـ أن وضعت يدها على عيني
رانيا لتُفاجئا بقدومها حينما تحسست الندب الذي بيسارها حتى عرفتها ....



” مهلاً .... الندب ..... أجل الندب ” صرخت رانيا بهذه الكلمات التي جعلت كل من في الغرفة ينظر إليها في
استغراب ..



قالت مخاطبة عمّها : ” عمّي .. لعبير ندبٌ في يدها اليسرى ، به نستطيع معرفة إذا ما كانت ضحيّة هي أمـ لا ”
قال هشامـ : ” أجل يا أبي .. الفتاة التي بالصورة يدها اليُسرى واضحة بالصورة ”
رشيد : ” هل لكَ أن تُقرّب الصورة إلى يد الفتاة ؟ ”

أومأ الضابط برأسه ، راح يُقرّب الصورة إلى يد الفتاة ، أصبحت واضحة جدًا ..
إنها صافية ، ليس بها أي ندبٍ .، تنفّس الحضور الصُّعداءَ بعد الذي رأوه ، لتظهر الابتسامة أخيرًا على وجوههمـ .








رنّ جرس منزل أنس ، فُتح الباب ، أشار أنس لعبير أن تدخل أولاً ، ففعلت ليدخل هو خلفها ،
رحّبت إيمان بضيفتهمـ وأدخلتها غرفة المعيشة حيث تجلس والدة أنس .
حكت عبير للسيدة سبب هربها من المنزل ، لتواسيها الأخيرة وتطمئنها أنها بأمان ..

اقترب أنس من شقيقته إيمان ، وقال لها : ” اصطحبي الفتاة إلى غرفتكنّ هيّا ”
أومأت إيمان برأسها ، ابتسمت لعبير واصطحبتها معها .،


أدخلت إيمان عبير إلى غرفة الفتيات ، وأجلستها على أحد الأسرّة ، ليلتفَّ حولها الأخوات الأربع لأنس ..
أخذت كل واحدة تعرّف بنفسها ، بدأً بالكبرى إكرامـ ، وبعدها إحسان ، ثمـّ إيمان ، فإيناس ، سعدت عبير بالتعرف عليهنّ
والتي بدورها عرفتهنّ على نفسها .


بدأت كلُّ واحدةٍ تحادث عبير ، تلك التي تروي الطُرَفَ ، والتي تحكي عن أحداث سنوات الثانوية التي مرّت بها ،
والأخرى التي تمدح جمال عبير ، والأخيرة التي أخذت تتفرّج على ما تقومـ كل واحدة ..

بدا أن عبير قد سعدت بالفعل وسط هؤلاء الأخوات ، وما دلَّ على ذلك قولها : ” لا يعرف قيمة الأخوات إلا من حُرَمـَ منهنّ ”


فجأةً طُرِقَ باب الغرفة ، نهضت إيناس لتفتحه ، فإذ به أنس هو الطارق ،
وقف على بُعد بضع سنتيمترات من السرير ..





وقال مخاطبًا عبير : ” أليس من الأفضل أن تتصلي بأهلك الآن ؟ ممّا لا شكّ فيه أنهمـ قلقون لأبعد حدٍ عليكِ ”
ظهر الحزن على وجه عبير ، فقالت : ” سواءً عدتُ أمـ لمـ أعد ، فهذا لن يُغيّر شيئًا ”
أجابها : ” لا تتسرّعي ، ربما لمـ يُنصت إليكِ أحدٌ في بادئ الأمر ، لكن ..... قد يختلف الأمر الآن ”
قالت : ” أودُّ تصديق هذا ، لكنني لا أقدر ”
مدّ يده حاملاً بها هاتفه ، وقال لها : ” المحاولة خير من الجلوس هكذا ”
أخذت عبير منه الهاتف ، وكتبت رقمـ هاتف والدها ، وأجرت الإتصال ..





قالت : ” ألو ؟ ”
ردّ والدها : ” من ؟ عبير ؟! ”
ردّت هي : ” أجل .. هذه أنا يا أبي ”
أجاب والدها بصوتٍ بدت فيه السعادة : ” هل أنتِ على ما يُرامـ ؟ أين أنتِ الآن يا عبير ؟ ”
ردّت قائلةً : ” لا تقلق علي .. أنا في مكانٍ آمنٍ ”
قال والدها : ” أخبريني بعنوان المكان الذي أنتِ فيه حتى آتي لاصطحابك ”
أجابت : ” لا داعي لذلك يا أبي .. سأعود إلى المنزل ”
ردّ عليها : ” أأنتِ متأكدة أنكِ بخير ؟ ”
أجابت : ” بالطبع أنا بخير .. إن أتيت فستجدني في المنزل يا أبي ”
أجابها : ” حسنٌ ، سأنتظركِ هناك ”





انتهت المكالمة ، بدت السعادة على وجه عبير ، قالت إيمان مخاطبة أنس : ” هيي أنس ، أنا من سترافقها ”
ردّ عليها أنس : ” كنتِ ستذهبين حتى لو لمـ تطلبي ذلك ، لكنني سآتي للحراسة ”
أجابت : ” طيب .. انتظراني ، سأرتدي ثيابي وآتي معكمـ ”



سار الثلاثة في طريقهمـ باتجاه المنزل المصود ، عبير ، إيمان ، وأنس ، إلى وصلوا ، رأت عبير أهلها بانتظارها ،
اقتربت أكثر ، في حين بقي أنس وشقيقته واقفين ، التفتت إلى الخلف ،
واقلت مخاطبةً الإثنين : " شكرًا جزيلاً ، لن هذا صنيعكما ما حييت "
أومأ الإثنان متبسّمين .
عادت عبير تسير نحو أهلها ، رأتها رانيا .. صرخت منادية عليها : " عبير "
أسرع الجميع إليها ، تقدّمـ والدها ليقف أمامها ، أنزلت رأسها إلى الأسفل ، رفع يده كمن سيضربها ،
أنزلت رأسها أكثر خوفًا من تلقي الضربة ، إلاّ أنه سحبها برفقٍ إليه ضامًّا إيّاها ..

قالت له : " أبي .. أسرتنا شديدة الصغر ، كيف لأربعة أشخاصٍ أن يفترقوا ؟ لمـ استطع تقبّلَ الفكرة ،
أعتذر عمّا بدر مني .. "
ابستمـ والدها ، وقال : " لو أظهر الرفض بطريقةٍ أخرى ، أما كان أفضل ؟ "
أجابت : " لمـ تستمعا إلينا منذ البداية ، فكيف بعد أن اتخذتما القرار ؟ "
التفتتَ إلى زوجته ، وقال : " ما رأيكِ ؟ أنلغي القرار ؟ "
ردّت مبتسمة : " هذا ما كنتُ أريده منذ البداية "
ابتسمـ الجميع ، وضمّت الأمـ ابنتها ..
سألتها قائلةً : " كيف عدتِ وحدك ؟ "
لترد عبير : " لمـ أكن وحدي بل كان معي ... " التفتت إلى الخلف لتجد أن الأخوين قد رحلا ..
حزنت لما رأته ، كانت تود شكرهما على ما فعلاه ..
سألتها والدتها : " من كان معك ؟ "
ابتسمت عبير وقالت : " أخيارٌ يا أمي .. أخيارٌ "


عاد الجميع إلى المنزل ، وانتهت بذلك مشكلة أسرة عبير الصغيرة .







تكسرت أصابعي لكتابة هذا الجزء الضخمـ .. أتمنى أن أجد الردود التي تُلج الصدر

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
22-06-2010, 11:58 PM
^أعتذر على عدمـ التنسيق ، أخذت مني كتابة هذا الجزء أكثر من ثلاث ساعات ..>~

Ϩєιғ Eƨтeeм
23-06-2010, 08:25 AM
سووومو http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gifhttp://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gifhttp://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gifhttp://www.banaat.com/vb/images/icons/thumbsup.gif

صرآآحـه ابدعتي جدآ جدآ ق1 ،
مررهـ تحمست ،
مسسكين وسسام قطع قلبي :facepalm.:
أمـآ رآنياا حكايه ثانيه ،
تنرحم من اللي تواجهه بالمدرسه + تنحب مرهـ =)
عبير ، عجزت استوعبهـآ مرآت احسها هاديه ،
ومرآت غامضه ومرآت ارحمها =/
انسس شكله مررهـ طييب ،
وصال .. الحمد لله الذي هدآنا وما كنا لنهتدي ض1
أمـل .. المفروض تعاون صديقتهـآ ع الخير مو كذا http://www.banaat.com/vb/images/icons/thumbsdown.gif
صفـآء .. يا حياااتي ، كنت احسها كريهه ،
بس صارت عسل .. احلى شي لمّـآ تنقذ وسام http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif
ابو صوفي يقهرر

سوومو ، انتظر بشووق ق1

sαhάbα ~
27-06-2010, 12:17 AM
قصصة قميلة , http://www.msnxmsn.com/up/uploads/images/msn-c4865c533a.gifhttp://www.msnxmsn.com/up/uploads/images/msn-c4865c533a.gif

[ رانيـآ ] طيبة وهادية وتتأثر على طوول ,, http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/528307948.gif (http://www.0zz0.com/)http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/528307948.gif (http://www.0zz0.com/)
[ عبير ] طيبة وتعصصب بسسرعة وقوية نوعا ما , http://www5.0zz0.com/2009/09/13/02/932343183.gif (http://www.0zz0.com/)http://www5.0zz0.com/2009/09/13/02/932343183.gif (http://www.0zz0.com/)
[ وسام ] يحززن , بسس ان ششاء الله مايموت , وبانتظاار اللي بسسرله , http://www9.0zz0.com/2009/09/13/02/273888313.gif (http://www.0zz0.com/)http://www5.0zz0.com/2009/09/13/02/475256085.gif (http://www.0zz0.com/)
[ أنس ] طيب مرآآآ , عججبني .. http://www5.0zz0.com/2009/09/13/02/607015036.gif (http://www.0zz0.com/)
[ صفاء ] في آول ششيء اتوقعتها سسيئة بسس طلعت مسكينة , http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/424901411.gif (http://www.0zz0.com/)
[ وصآل ] في البداية كانت مشكلجية بسس بعدين عجبتني , http://www5.0zz0.com/2009/09/13/02/694092227.gif (http://www.0zz0.com/)
[ أمل ] اكررهها ليشش ماتسساعد صديقتها على الخير , !
[ هبـة ] الا الآن مو باينة شخصيتها , بسس شكلها بتسسوي مشاكل مع رانيـآ !! :blank-stare.:
[ علي ] ششكله طيب بسس رانيـآ ماتطيقه , http://www8.0zz0.com/2009/09/13/02/701802315.gif (http://www.0zz0.com/)
[ هشام ] ماعرفت ششخصيته !! http://www8.0zz0.com/2009/09/13/02/595310708.gif (http://www.0zz0.com/)
[ عمر ] ياقلـبي عليـه , حنوون , يعطي شوكولاته اخووه , مو أناني , !! http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/732182428.gif (http://www.0zz0.com/)http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/732182428.gif (http://www.0zz0.com/)


بانتظاارك , http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/900003631.gif (http://www.0zz0.com/)http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/900003631.gif (http://www.0zz0.com/)http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/900003631.gif (http://www.0zz0.com/)
القصصة مرآآ عجبتني , http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/900003631.gif (http://www.0zz0.com/)http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/900003631.gif (http://www.0zz0.com/)http://www2.0zz0.com/2009/09/13/02/900003631.gif (http://www.0zz0.com/)
وأنا اوول مرررا آقرأ القصصة , قبل كداا ماشوفتها ,
وأمسس بدأتها والحمد لله اليوم خلصصتهآ , http://www8.0zz0.com/2009/09/13/03/819556774.gif (http://www.0zz0.com/)

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
27-06-2010, 05:03 PM
Ƨȇɭғ Ĕŝteǝɱ + ѕάħάḇά ~

شكرًا لرديكما الراآاآاآاآاآاآاآاآاآاآائعين !!

هدّءتما من روعي قليلاً ، كنتُ غاضبة نوعًا ما .. http://www8.0zz0.com/2009/09/13/02/595310708.gif (http://www.0zz0.com/)






*عُذرًا يا فتيات على الأخطاء الإملائية الفظيييييييييييييعة والتي لا تغتفر ..
كنتُ أكتب وعقلي نائمـ ٌ ض1

° ρĭnķч Dŗεαмẕ ≈
27-06-2010, 08:54 PM
يـآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآي احسسن بـآرتْ قريتـﮧ http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif

{ رانيـآ } طيبـﮧ الِأخلِاق وڪِريمَـﮧ جِـِـِداً لِاحظْتُ انهـِا تَعرِف عَ ـِبير اڪَثر مِن ابوهِـا آو آخِـِوهَـَا ض1
{ عبير } مِـِرهَـ تڪَِـِون مَعِصِبِـﮧ ، فِرِحَـآنِـِﮧ ، غَـآمِضَـِﮧ ، مُتَضِـِآيقِـِﮧ تخِوِِفِنَـَي هِـِ البنت ض1
{ أنسِسَ } مـَرهِـِ خَلِـِوووقُ جِدَن يِـِآ عِ ـِيني عَليِـِﮧ ق1
{وسِسَـام } غ ـامض جدن وارح ـمـﮧ ، ليشِشَ امـﮧ مـا تڪون في البيت ؟ والله يـا وديّ اجيب ششي واطعنهـا فيـﮧ :قتل:
{ صصـوفي ، صفـآء } مـرهـ حبـوبـﮧ ، بسس غ ـآمـضـﮧ ، وابوهـا هذا ابغى ـا اشِشَقـﮧ نصفين ! :ذبح:
{ عمـر } يـا عليـﮧ طفـولـﮧ بريئـﮧ http://www.banaat.com/vb/images/icons/muthmes.3..gif !
{ آْمل } هذي شريرهـ جدن جدن ! لـو اقـول " شريرهـ " إلى ـا بڪرا مـا يڪفي ! شريرهـ !
{ هبـﮧ } هذي مـدري وشش قصصتهـا . . بسس موشش نــاويـﮧ خير . .
{ علي } هذا الولـد قـاهرنـي بسِسَ مـا ادري ليشش . . !
{ هشام } حبـوب ويخـاف ع اختـﮧ
{وصِصَـال } مـا تطلع ڪثيراً فـ اڪثر شي اقـولـﮧ : تنـويّ خير ، بسس م‘ـع أمـل بتنـويْ ششـر !

سـومـوي ابدع ـتي ثـم ابدعتي

sweet -pink
28-06-2010, 10:00 AM
* متـآبعـة معكِ جزء بجزء من خلف الكـوآليس ض1ق1

عذبة بإحساسي
03-07-2010, 09:52 PM
هـآ قد عدتُ من جديد يـآفتاة ..
أعتذر عن تـآخري فكمـآ تعلمين ثـآنوية عـآمة ..
آهـ الحمدلله انتهيت ..
حسنا كفى ثرثرة ولنعد لقصتك الرآئعة ..
أتعرفين .. لاأدري ولكن هنالك شئ يجذبني في قصتك تلك << اعلم انها المرة المليون
التى أعيد فيها كلماتي ولكن ماذا أفعل .. هذه الحقيقة ^^
حسنا ..
[ صوفي ] .. كم أشفق عليهـآ تلك الفتاة ..
[ باسكال ] .. لاأدري فكرتي عنها سيئة ولكن تغيرت نوعا ما
بعد الموقف الأخير .. لكنها لم تصل إلى درجة طيبة ! .
[ فارس وأطفال الشوارع ] .. لم أتوقع هذه نهاية لهم !
كنتُ أظن ان أنس له دور مـآ في الرواية بشكل أكبر ..
لآأدري هكذا شعرت ..!
[ وســآم ] .. بطلي العزيز .. أوه يبدو أن امه بدأت تنتبه نوعا مـآ
ولكنها لم تستيقظ بعد !.. سوموي انتبهي له جيداً لاأريده أن يتعرض لأذى
<< ياويلك هذا أهم شخصية بالرواية ..خخخ
أمـ أنه هدوء ما قبل العاصفة
أعجبني هذا التعبير كثيرا .^^
[ هشـام ] .. يحب أخته كثيرا .. أحببتُ فيه ذلك
[ هبـة ] .. لم أحبها قط تلك الفتاة >.<
اعان الله رانيا ..
[ علي ] .. ايضا لا احبه ذلك الفتى . كرييييييييييييه ..
وممازاد حقدي عليه قسوته على أخيه الأصغر =(

[وصـال ] .. أتمنى ان لا تمشى وراء كلام أمل ^^
[ أمل ] .. أكرهها أكثثثثثر من أي شئ آخر ..:xp.:
[ عبييير ] .. احس بداخلها مشاعر رقيقة ’ تعجبني =)
وأحببت ردة فعلها مع انها متهورة ..:secret-laugh.:

[ انس ] .. اووه كبر في عيني كثييرا ً ..
وامممم ربما يخفى شيئا ما :==D: ,, من يدري ؟!

الحمدلله انتهت مشكلة عبير على خيير ^^
بإنتظـآر الأجزاء القادمة =)

أسية
05-07-2010, 01:45 PM
مشكورهـ

لي زمان مارديت بس واللهـ تستاهلين

أبداع

أتمنى تكملي البارت

ننتظر جديدك

Ϩєιғ Eƨтeeм
17-07-2010, 08:20 AM
أنتظر بششو و و و و ق , -فيس متحمس-

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
24-07-2010, 05:55 PM
•••






فتحت باب خزانتها ، ألقت نظرة خاطفةً على ثيابها لتختار سُترةً بلون الرمال ، ارتدتها وسط
طرقات عبير لباب غرفتها ، ردّت عليها رانيا :

" ألا يمكنكِ الإنتظار ولو قليلاً ؟ أنا قادمة "

اتجهت صوب الباب ، فتحته لتجد أن عبير قد رسمت على وجهها غضبًا مُطصنعًا ، وهي
تقول : " من يركِ يقل أننا ذاهبتان للتنزه ..! أرجوكِ ، المتجر قريبٌ من منزلكِ يا فتاة ، لا يحتاج
الأمر لكل هذا التجهيز !! "

أجابتها رانيا مبتسمة : " أُقسمـُ أنني فهمتُ ما تقولينه ، هيّا بنا ، أوصتنا أمي منذ خمس
دقائق وما نزال في البيت "
قالت عبير ساخرة : "وكأنني السبب ! هيّا تحركي "

خرجت الإثنتان من المنزل تتجاذبان أطراف الحديث ، في حين أن الثلج بدأ بالتساقط على
طُرقات تلك المدينة . نظرت رانيا للأعلى متبسّمةً ، رفعت كفّها لمستوى ذقنها ، لتسقط بضع
حبات ثلجٍ على قُفّازها ،أحبّت منظر تلك الحبات المُكوّرة وهي تنغمس بين ثنايا القُفّاز ،
نظرت حولها لتجد أن عبير لمـ تعد بجانبها ، أخذ تتلفّت ، فإذ بصوتٍ يُناديها قائلاً : " هُنا هُنا ..
يسارك " ،التفتت رانيا إلى يسارها لتجد ابنة عمّها قد وصلت إلى المحل التجاري ،

سألتها : " متى وصلنا ؟! "
فأجابت : " أمضي الساعات وأنتِ تُراقبين الثلج المُتساقط وبعدها اسأليني
عن وقت وصولنا !! "
ردّت رانيا : " اذهبي واشتري ما طلبته أُمي ، سأنتظركِ هنا ، ما رأيك ؟ "
أجابت : " كما تشائين ، ثوانٍ فقط وأعود "
أومأت رانيا برأسها ، لتدخل عبير إلى المتجر في حين وقفت رانيا بالقرب منه لوحدها ،
اتجهت صوب عمود إنارةٍ كان بالمقربةِ منها ، إتكأت عليه ،
نظرت إلى يمينها في شرودٍ ...
وقع بصرها على ثلاث فتياتٍ يمشين كلٌ بجوار الأخرى ، اقتربن شيئًا فشيئًا من رانيا ، حتى
أصبح وجه كل واحدةٍ منهنّ واضحًا لها .


أخذت راينا تُدقق في وجه الفتاة الوُسطى ، اتسعت عيناها ، رددت في نفسها : " رهامـ ! مستحيل ! " ..
أصحبت الفتيات على مقربةٍ كبيرة من رانيا ، إلى أن مررن من أمامها ، وهي ما تزال تنظر إلى
الفتاة التي بوسط المجموعة ..
تتعبت رانيا بعينيها تلك الفتاة ، والدهشة مرسومة على وجهها بوضوحٍ شديدٍ ، قالت :
" أكاد لا أُصدّق .. رهامـ .. في المملكة ؟! "
صمتت لوهلة ، ثمّـ قالت : " لا بدَّ أن أتأكد .. "

لحقت بالفتيات ، أخذت تجري وهي تتابعهنّ بعينيها وسط زُحامـ الناس ،
توقفت عند إشارة المشاة الخضراء ، وقفت بين الناس تنظر ذات اليمين وذات الشمال ..


" تركتها في تلك البلاد ، فكيف أراها هنا ؟ كيف ؟ أتُراني أحلمـ ؟ " أسئلة كثيرًا ما ترددت في ذِهنِ رانيا ،
أسرعت في خطواتها تبحث عن أجوبة لتلك الأسئلة ، إلاّ أنها سثرعان ما توقفت تلتقط أنفاسها .







•••







من جهةٍ أُخرى عند المتجر ، خرجت عبير بعد أن ابتاعت ما أتت من أجله ،
قالت وهي تتفقد الأكياس : " اعذريني يا عزيزتي .. لمـ أجد الجُبن الذي طلبته عمّتي بسهولة "
نظرت أمامها .. لتجد أن رانيا قد اختفت !
أخذت تتلفّت يُمنةً ويُسرةً تبحث عنها ، نادت عليها كثيرًا ، إلاّ أن صياحها ذاك ذهب سُدىً .
خطر ببالها أن تتصل عليها ، أخرجت جوالها من جيبها ، وأجرت الإتصال ..
مضت بضع ثوانٍ إلاّ أنها سُرعان ما قطعت الإتصال فقد تبيّن لها أن هاتف رانيا مُغلقٌ ! ازداد
القلق الذي انتاب عبير ، فانطلقت للبحث عنها .



عودةً إلى رانيا ، أخذت عيناها تذرف الدموع ، فقد سيطر الذهول عليها ،
فقدت أثر أولئك الفتيات ، إلاّ أنها لمـ تترك مكانًا إلاّ وبحثت فيه عنهنّ ..
عادت ذكريات ذاك الوطن تمضي أمامـ عيني رانيا ، الضحكات اللطيفة التي كانت تخرج من
فيهها هي وصديقتها رهامـ ، الرحلات التي كثيرًا ما كانت تجمع عائلتها وعائلة صديقتها ،
الساعات التي كانت تجمعهما سويًا ، حينما تأتي إحداهما لزيارة الأخرى ، حتى المشاجرات
التي كانت تنشب بينهما ، تذكرتها رانيا .

كانت تلك الذكريات بمثابة العذاب الأليمـ الذي جعل رانيا تُكثر من ذرف
الدموع ، بذلت قُصارى جُهدها لنسيان الماضي والالتفات إلى الحاضر ،
إلاّ كل مجاولاتها أصبح مؤكدًا لها الآن أنها باءت بالفشل .




" يا إلهي .. أين تُراها قد ذهبت ؟ " لمـ تمضِ دقيقةٌ إلاّ وسألت عبير
نفسها هذا السؤال ، بحثت في كل جهةٍ ، إلى أن عثرت عليها تجلس
على مقعدٍ للاستراحة قُرب إحدى الحدائق ..


ظلّت عبير تنظر إلى رانيا على بُعد بضعةِ أمتارٍ منها ، اقتربت منها في هدوءٍ شديدٍ ، نزلت إلى
مستواها ، تركت الكيسين أرضًا ، أمسكت بيد
ابنة عمّها ، لتلتفت الأخيرة إليها والدموع واضحة على وجهها ..

قالت عبير : " لا .. لمـ يسرقكِ أحدهمـ ، فليس معكِ ما يستحق السرقة ،
ولمـ تذهبِ هكذا طمعًا في التسكّع .. فما سبب اختفائك ؟ "
لمـ تجب رانيا ، أشاحت بوجهها بعيدًا عن عبير ، صمتت الإثنتان ، أدركت عبير أنه لا فائدة من
سؤال رانيا ، قامت من مكانها وقالت :

" لنعد الآن ، تجاوزنا حدنا في التأخر .. "
نظرت إليها رانيا ، فنهضت وسارت الإثنتان عائدتان إلى المنزل .






•••







أخذ يتثاءبُ بعمقٍ شديدٍ ، أمسك جهاز التحكمـ وأطفأ التلفاز ، نظر إلى الساعة بالجدار ليرى
أنها تشير إلى تمامـ الثامنة مساءً ..
همّـ بالنهوض من مكانه إلاّ أن وجعًا غريبًا ألمـَّ بصدره فجأةً منعه من ذلك ،
أمسك صدره بشدةّ ، أحكمـ قبضة يده على يسار صدره ، وأخذ يصرخ ألمًا ..

مضت بضع دقائق وهو على تلك الحال ، إلى أن خفّ الألمـ الذي باغته على غفلةٍ منه .. أخذ
يلهث تعبًا ، استلقى على الأريكة ، أغمض عينيه
وقال محدّثًا نفسه : " صَغُرَتِ الفترة الزمنية بين كل نوبة ألمـٍ وأخرى "






•••







أخرجت دفاترًا من خزانتها ، حملتها ، اتجهت صوب المطبخ ، فتحت إحدى أدراجه وأخذت ولاّعةً
صغيرة منه ..

صعدت الدرج المؤدي إلى السطح ، فتحت الباب ، واتجهت إلى أحد أركانه ، أزالت الثلج
المتراكمـ عند الركن ، وضعت دفارتها بجانبها ، أمسكت
إحداها ، فتحته ، أخذت تُمزّقُ أوراقه إلى أن أتلفته تمامًا ، تناولت تلك الأوراق واضعةً إيّاها
على بُعدٍ يسيرٍ منها ، أخذت الولاّعة ، أشعلت نارها مثحرقةً تلك الأوراق ...

بعد فترةٍ ليست بالطويلة ، قَدِمَتْ عبير إلى حيث تجلس رانيا ، استغربت
من منظرها وهي تُحرق الأوراق هكذا ، اقتربت منها ، لتجدَ أنّها تُحرق صورها مع صديقاتها
القديمات ، بدا أن الغضب قد انتاب عبير ، أسرعت وأمسكت بيد ابنة عمّها ، وهي تقول :

" ويحك ! ماذا تفعلين ؟ "
أبعد رانيا يدها عن عبير ، وقالت : " اتركيني .. أريد نسيان الماضي "

قالت عبير : " بحرق صوركِ القديمة وأوراق دفتر مذكراتك ؟ أهذا هو الحل يا رانيا ؟
أهكذا تحلّين مشاكلك دائمًا ؟ بالهرب ؟ "

صمتت رانيا قليلاً ، ثمـّ أجابت : " رأيتُ من تشبهها .. كأنها هي ذاتها "
قالت عبير باستغراب : " عمّن تتحدثين ؟! "

أجابت رانيا : " فتاةٌ تُشبه رهامـ ، صديقتي القديمة ، كدتُ اُجنّ حينما رأيتها . "
أخذت عبير تثحاول استيعاب ما تتفوّه به رانيا ، فقال : " إذن هذا هو سبب اختفائكِ فجأةً ! "
أومأت الأُخرى ، وقالت : " كُلّما حاولت النسيان فإنني أجد من يُرجع لي ذكرياتي ...
بتُّ أتمنى أن يُصيبني حادثٌ فأفقد ذاكرتي .. علّي أستريح "


سقطت دمعةٌ من عيني رانيا وهي تراقب صورها وذكرياتها تُحرقُ أمامـ عينيها ، وبفعل يديها ..

قالت : " ما قضيتُ فيه سنين عمري تركته في لحظة ،
وما كنتُ آتي له مرّة كلَّ عامـٍ أجد نفسي سأعيش فيه لبقية حياتي .. ليتني أتأقلمـ ..
لكنني لا أستطيع .. صدقيني .. لا أستطيع "

قالت عبير وعلى وجهها حزنٌ معلومـٌ : " أليس هذا وطنكِ يا رانيا ؟
ألمـ تشعري أنكِ كنتِ محرومةً منه حينما تركته ؟ "

أجابت رانيا : " لا أعتقد هذا ، ربما في صغري نعمـ ، لكنّي الآن أشتاق للذي تركته "






•••







بعيدًا عن ذاك المنزل ، وفي أطراف المدينة ، كان هنالك حقدٌ جامحٌ يتمركز في شقةٍ صغيرةٍ
بعمارةٍ كبيرةٍ ، وبإحدى غرف تلك الشقّة ، ضربت أمل الطاولة بقبضتها ، يعلو وجهها ابتسامةُ
خُبثٍ وشرٍ ، بدت أنها تضحك بهستيريةً كمن ضمن الهلاك لأحدهمـ ، رددت بصوتٍ شبه مسموعٍ :


" أخيرًا .. وجدتها ! أخيرًا سُزيل تلك الحمقاء من رأس صديقتي الساذجة ،
من رأسها فقط ؟ لا ... بل من رؤوس جميع المحيطين بها ... "

أردفت : " أنا على يقينٍ كبيرٍ من ذلك ، أنتظر بدء الدوامـ فقط .. "



عادت وأكملت :





" سبق لي وأن طلبتُ منكِ الإبتعاد عن وصال يا رانيا ،
ولمـ تستجيبي لي .. إذن فلتتحمّلي ما سيصيبكِ منّي "
















•••







شارفت الرواية بالفعل على النهاية ،
بقيت ثلاثة أجزاءٍ كأقصى تقديرٍ ..

عذبة بإحساسي
29-07-2010, 05:36 PM
و و و و أخــــيـيـيـيـيـراً جزء جدييييييد
منذ فترة وانــآ انتظر . ق1

مع أن الجزء قصير إلا انه ممتع ومؤثر .. أحسنتِ وأجدتِ الوصف
يـــآفتاة ..







تتعبت رانيا بعينيها تلك الفتاة ، والدهشة مرسومة على وجهها بوضوحٍ شديدٍ ، قالت :

" أكاد لا أُصدّق .. رهامـ .. في المملكة ؟! "


صمتت لوهلة ، ثمّـ قالت : " لا بدَّ أن أتأكد .. "



لحقت بالفتيات ، أخذت تجري وهي تتابعهنّ بعينيها وسط زُحامـ الناس ،


توقفت عند إشارة المشاة الخضراء ، وقفت بين الناس تنظر ذات اليمين وذات الشمال ..






ذكريــآت الماضي لا تزال تتدفق ..
حقيقة من الصعب أن ننسى مـآضينا لاسيما
إن كنــآ نحمل الكثير من الذكريات الرائعة ..!





أخذ يتثاءبُ بعمقٍ شديدٍ ، أمسك جهاز التحكمـ وأطفأ التلفاز ، نظر إلى الساعة بالجدار ليرى


أنها تشير إلى تمامـ الثامنة مساءً ..


همّـ بالنهوض من مكانه إلاّ أن وجعًا غريبًا ألمـَّ بصدره فجأةً منعه من ذلك ،


أمسك صدره بشدةّ ، أحكمـ قبضة يده على يسار صدره ، وأخذ يصرخ ألمًا ..



مضت بضع دقائق وهو على تلك الحال ، إلى أن خفّ الألمـ الذي باغته على غفلةٍ منه .. أخذ


يلهث تعبًا ، استلقى على الأريكة ، أغمض عينيه


وقال محدّثًا نفسه : " صَغُرَتِ الفترة الزمنية بين كل نوبة ألمـٍ وأخرى "






لـــآ بطلي العزييييز ..
اعترفي يافتـآة .. أشعر أنكِ لن تجعلى نهــآيته تسير بيسر
أحذركِ مرة أخرى بطل القصة اعتني به جيداً ^^










سقطت دمعةٌ من عيني رانيا وهي تراقب صورها وذكرياتها تُحرقُ أمامـ عينيها ، وبفعل يديها ..








مقطع مؤثر ..
من الصعب ان تتلف شئ عزيز عليكِ بيديك ..!

















" سبق لي وأن طلبتُ منكِ الإبتعاد عن وصال يا رانيا ،


ولمـ تستجيبي لي .. إذن فلتتحمّلي ما سيصيبكِ منّي "







آهـ هذه المزعجة مرة أخرى ..
أتعرفين يجدر بكِ أن تغيري اسمهـآ
فلا علاقة لها بالأمل أبداً ..!


كل الشكر لكِ مبدعتنــآ ..

بإنتظــآر الأجزاء الأخيرة بكل شوـوق ق1ق1

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
31-07-2010, 10:30 AM
و و و و أخــــيـيـيـيـيـراً جزء جدييييييد
منذ فترة وانــآ انتظر . ق1


مع أن الجزء قصير إلا انه ممتع ومؤثر .. أحسنتِ وأجدتِ الوصف
يـــآفتاة ..


أهلآً عذبة .. أهلاً بمتابعتي الدائمة .. ق1

خمسة أيامـٍ هي المدة بين هذا الجزء وردك ..
وإلى اليومـ ، لمـ أجد ردًا على جزئي إلاّ منك ..

شكرًا جزيلاً .. سرني أنه نال رضاكِ .. ق1




ذكريــآت الماضي لا تزال تتدفق ..
حقيقة من الصعب أن ننسى مـآضينا لاسيما
إن كنــآ نحمل الكثير من الذكريات الرائعة ..!


بالفعل .. سيكون أصعب إن كان من يحمل تلك الذكريات
يتمتع بذاكرة صلبة ,, لن تُمحى إلاّ بفعل فاعلٍ ..



لـــآ بطلي العزييييز ..
اعترفي يافتـآة .. أشعر أنكِ لن تجعلى نهــآيته تسير بيسر
أحذركِ مرة أخرى بطل القصة اعتني به جيداً ^^




هههههههههههههـ .. لا تقلقي ..وسامـ في الحفظ والصون ، ق1
كل هذا الغضب ولمـ يحدث له شيءٌ ..
ماذا ستقولين حينما يحث ما في بالي ؟ ض1
الأرجح أنكِ ستقتلينني .. ض1ض1
انتظري الأجزاء الأخيرة .. ستحلُّ مشكلة وجدته ، لكن بعد مُعاناةٍ جمّة .. ق1



مقطع مؤثر ..
من الصعب ان تتلف شئ عزيز عليكِ بيديك ..!


أصبتِ .. صعبٌ للغاية .. >~<"



آهـ هذه المزعجة مرة أخرى ..
أتعرفين يجدر بكِ أن تغيري اسمهـآ
فلا علاقة لها بالأمل أبداً ..!



كل الشكر لكِ مبدعتنــآ ..


بإنتظــآر الأجزاء الأخيرة بكل شوـوق ق1ق1



ههههههههههههـ ، وجهة نظرٍ ..
سترين ماذا ستفعل .. هذا إن فعلت ,,
فكما تعلمين ، تأتي الرياح بما لا تشتهيه السُفُنُ .. ض1



أسعدني ردكِ وتعقيبكِ على مقتطفاتٍ من هذا الجزء ..
دمتِ متابعة للرواية .. ق1ق1

sαhάbα ~
31-07-2010, 05:31 PM
جززء بسيط ولكـن ممتع ~

مسسكينة رآنيا , صح الذكـريات الحـلوة صصعبة النسسيان ><" !
افتكينا من ششر وصـال جات آمـل ض1ض1 !
ووسـآم يآريت تككون نهايته سعيدة ض1ق1ق1

Rose ~Heart
03-08-2010, 03:44 PM
حلووووو كتيييييييير ..... الجزء مرة حلو وشيق ...... انا على فكرة بعرفك ...... ورأيتك شخصيا ......
وانتى ماشاء الله روايتك طاااالعة ناجحة .......... مشكوووورة بتمنى تكونى عرفتينى

● جبرنــﮯالـوقـﭡ ○
06-08-2010, 01:03 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كُنتُ أعتقد أنـِ أستطيع المتأإبعه من خلف الكواليس
لكن وجدتـ نفسي وبأإألفعل أذهب إلى إضأإأفة ردي الذي يحتويه
إعجابي لسردكـــــــ لهذه الروأإأإأيه ... غاليتي .. أُصأإأرحكــ
أنـــا لأكتبُ هذأإأ الكلام تزيفــاً أنا أقولها وبكل صدق
أبدعتي
أبدعتي
أبدعتي
لكن!! وجدت في روأإأإيتكــ أنـ المفرداإأت اللغويه أو الموقف إذا صح التعبير متكرر
كنسيم العليل الذي يتخلل شعر الشخصيأإأت جميعاً
لاتغضبِ ^^, (( وجهة نظر ))
تقبلي ودي قبل ردي
جبرني الوقتـ

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
10-08-2010, 07:27 PM
sαhάbα ~ + Rose ~Heart + ● جبرنــﮯالـوقـﭡ ○


أسعدتني ردودكنّ عزيزاتي ، شكرًا جزيلاً لكنّ ..




يا فتيات .. يبدو أنني سأُضطر لتأخير الجزء الجديد ولو لبعض الوقت ..
أُعاني مشاكل في البصر ، حالما يتمـ وصف لي العلاج سأضع الجزء القادمـ ..
وهذا الجزء سيكون حاسمًا ، هو الجزء قبل الأخير ..
فانتظرنه ...

مباركٌ عليكنّ الشهر الفضيل ..

عذبة بإحساسي
16-08-2010, 12:03 AM
شفـآكِ الله وعـأفآكِ عزيزتي
لا بــأس حينما يتحسسن نظرك
ستجدينـآ بإنتظـآركِ ~

ومبـآركِ عليكِ رمضـآن يآعسسوله ق1

Ϩєιғ Eƨтeeм
22-08-2010, 08:55 AM
الله يشفيك ويعافيك ق1 . .
انتظر البآرتين الاخيره بششو و و ق

Rose ~Heart
05-09-2010, 07:08 PM
بِإِنّتِظَارِكـ .. أيّنما ,,, شُفيِتِ
خذى راحتك عزيزتى
ننت رك بفارغ الــــصـــبــررر

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
22-09-2010, 10:47 PM
كانت تمشي بهدوءٍ شديدٍ ، خطواتها هادئة صامتة ، تضع يديها في جيب
سترتها السوداء ، أمّا ملامحها ... فقد طغى البرود عليها .
كانت صوفي تسترجع في ذاكرتها الموقف الذي حصل معها قبل خروجها
من المنزل ، حينما نزلت لتناول الإفطار ، ورأت أن أباها قامـ بتجاهلها وخرج
قبل جلوسها إلى الطاولة ، هنا تراجعت صوفي عن رغبتها بتناول الإفطار ،
همّت بالذهاب إلى الباب قاصدةً الخروج من المنزل ، إلى أن استوقفتها
باسكال ، وأخذت تحاول التحدث إليها ..

أمسكت بمقبض الباب قبل وصول صوفي إليه ، وقالت لها :
" إلى أين يا عزيزتي ؟ صوفي .. ألمـ تنوِ مشاركتي الإفطار ؟ "
قالت صوفي : " عزيزتي ؟! رائع ! هذا ما كان ينقصنا ..
اسمعي يا هذه .. تلك الكلمة آخر ما أريد سماعه يخرج من فمك
أتفهمين ؟ ثمَّ لا يحق لأحدٍ التدخل فيما يدخل معدتي .. وأنتِ خاصةً ، لستِ والدتي حتى تلاحقيني بالحليب إلى الباب "

نظرت باسكال إلى يدها ، كانت تحمل كأسَ حليبٍ أحضرته معها لتشربه
صوفي ، بدا عليها الإنزعاج ممّا قالته ابنة زوجها ، وضعت الكأس على
منضدة كانت بالقرب منها، التفتت إلى صوفي وقالت لها مقطّبَةَ الحاجبين :
" تعاملين المحيطين بكِ بجفاءٍ حادٍ ، بِتُّ الآن أعذر والدكِ على محاولته
تحاشيكِ قدر المستطاع " .
لمـ تجب صوفي معلّقةً على ما قالته زوجة أبيها ، أردفت باسكال بعد
صمت ابنة زوجها : "صوفي .. أنا أكبركِ ببضعِ سنينَ فقط، لذا لن أُحاول تقمُّصَ دور الأُمـِ لكِ ، والصداقة أيضًا أمرٌ لا أتوقع أنكِ تتقبّلينه بيننا ، أمـ أنني مخطئة ؟ "
أجابت صوفي : " كوني على ثقةٍ من ذلك "
ردّتْ عليها باسكال : " إذن .. لِمَـ لا نحاول تقبّلَ بعضنا فقط ؟ أنتِ تتقبّلينني كـباسكال ، وأنا أتقبّلكِ
كـصوفي ، من يدري ؟ قد نستطيع تمضيةَ بقيّةَ الوقت على خير "

أبعدت باسكال يدها عن مقبض الباب، تاركةً المجال لصوفي لتذهب
إلى مدرستها ، تنّهدت صوفي وخرجت من المنزل .
أخذت باسكال تنظر إليها إلى أن اختفت من ناظريها ، وهي تفكر في
شرودٍ قائلةً : " ليتَ الظروف تساعدني .. يا ليت "

عادت صوفي لواقعها حينما سمعت صوت ضحكاتٍ قريبةٍ من أُذنيها ،
التفتت يسارها ، فإذ بهما وصال وأمل تسيران كلٌ بجوار الثانية والضحكة
لا تفارق أيًا منهما ، تابعتا المسير وصوفي ما تزال تنظر إليهما في
استغرابٍ وهي تقول لذاتها : " يا للعجب !! ظننتُ أنها تغيّرت ، لماذا ما
تزال ترافق مُشعلة النيران تلك ؟! "
نظرت للأعلى لتجد أن الثلج أخذ يتساقط ، ابتسمت لذا رؤيتها له ، أرجعت
بيدها الخصلة المنسدلة على وجهها لخلف أُذنها اليُمنى ، تابعت مسيرها إلى داخل المدرسة .



•••


كانا يتجاذبان أطراف الحديث في طريقهما ، إلى أن قطع تساقط الثلج
حديثهما ، رفَعَ أنس يده للأعلى في سرورٍ ، ووسامـ ينظر إليه مبتسمًا .

لفت إنتباهه أن مجموعةً من الشبّان قادمون نحوهمـ ، تراجع وسامـ للخلف قليلاً مُفسحًا لهمـ
المجال ، مرَّ بالقُربِ منه شابٌ ، ارتطمت ذراعه
بصدره يسارًا دون قصدٍ منه ، شهق وسامـ متألمًا ، أمسك صدره بكلتا
يديه ، انبته له ذاك الشاب وقال بلا مبالاةٍ : " المعذرة " ، انصرف تاركًا وسامـ ينظر إليه ، ما إن
ابتعدت تلك المجموعة حتى سقط وسامـ على ركبتيه وهو يتألمـ .

التفت أنس إلى صديقه ليجده على تلك الحال ،
هرع إليه خائفًا ، نزل قائلاً : " ما بك ؟ "
فتح وسامـ عينه اليُمنى في حين أن ثانية مُغلقةٌ ، اصطنع التبسُّمـَ
وقال : " كلاّ .. لا شيء ، لا تقلق "
ردّ عليه أنس : " لا أقلق ؟! تركتكَ واقفًا طبيعيًا ، والآن أجدكَ جافيًا
على ركبتيكَ تتألمـ ؟! قل غيرها يا رجل "
حاول وسامـ النهوض مساعدًا إيّاه أنس إلى أن وقف على قدميه ،
أخذ يتنفّسُ ببطئٍ ، التفت إلى أنس وقال له :
" كل ما في الأمر أن ذراع أحد أولئك الشباب ارتطمت بصدري ، لمـ تكن
الضربة قوية جدًا ، إلاّ أنها كانت كفيلة بإيلامي "
ردّ أنس قائلاً : " ولماذا لمـ تجلعه يعتذر إذن ؟! "
قال وسامـ رافعًا حاجبه الأيسر : " بدا لي أنه لمـ يقصد ، كما أنه اعتذر "
أردف قائلاً : " ولا داعي لأن نبدأ يومنا بالشجار ,, ألا توافقني الرأي ؟ "
أومأ أنس برأسه وعلى وجهه نظرات الشكِّ لصديقه ، قال محدّثًا
نفسه : " لا أعتقد أن ضربةً كتلك يُمكن أن تسبب كل هذا الألمـ !
هذا عدا أنه سقط جافيًا على ركبتيه ... "
نظر إلى وسامـ ، ثمـّ أردف : " أيُعقل أنه يُخفي عنّي سرًا خطيرًا ؟ "
توقف أنس مكانه ، تابع تفكيره في شرودٍ : " كلاّ .. لا أعتقد هذا ،
صحيحٌ أن وسامـ شخصٌ كتومـٌ جدًا ، لكن لا .. ليس معي ، لن
يفعلها وسامـ معي أنا " ، قاطع تفكيره ذاك صوت وسامـ وهو يُناديه ،
انتبه إليه لاحقًا به .

" ليست هذه المرّة الأولى التي أتأذّى من ضربةٍ على صدري ..
أخشى أن حالتي تزداد سوءًا ، لا ... هي بالفعل ازدادت سوءًا "
هذا ما كان يجول في ذهن وسامـ ، بدا عليه شيءٌ من التردد ،
عضَّ شفتيه وقال بصوتٍ لمـ يستبنه أحدٌ : " لا خيار أمامي ..
لا بُدّ من إخبار والدايّ " .




•••



رنّ جرس المدرسة لتبدأ أولى حصص ذاك اليومـ الدراسي ، أخذت عبير
تتأفف قائلةً : " حصة .. درس .. فرض ( اختبار ) .. واجب .. متى سينتهي هذا الموّال ؟ "
نظرت إليها رانيا في إندهاشٍ مصطنعٍ قائلةٌ :" هيّا ، لمـ يمضِ من هذا الفصل علينا إلاّ أسبوعٌ واحدٌ
، ماذا ستقولين حينما نقترب من نهاية العامـ ؟ "
ردّت عبير : " ليت الكوارث تنصّبُّ على هذه المدرسة صبًّا ، حتى نأخذ إجازة مطوّلة وننسى فيها
وجوه معلمينا "
اندهشت رانيا من كلامـ ابنة عمّها ، ردتّ عليها : " ما هذا الكلامـ ؟! آخر
ما أريد أن أراه هنا هي الكوارث .. كفاكِ هُراءً واستعدي فقد يبدأ الدرس في أي وقتٍ "

أخرجت عبير كتبها في ضجرٍ ، في حين أن درس اللغة الفرنسية قد بدأ .



•••



بعد حصّتين من الدراسة ، خرج التلاميذ إلى الساحة وقت الإستراحة ،
جلست وصال على أحد المقاعد بالساحة ، وبجوارها أمل التي أخذت
تنظر إلى صديقتها نظرة حذرٍ .. انتبهت وصال إلى نظرة أمل ..
فقالت لها : " هل من خطب ؟ "
أجابت أمل في ترددٍ مصطنعٍ : " ممممـ .. لا شيء ، فقط كنتُ سأخبركِ
أمرًا ما ، لكن يبدو ... أن الوقت ليس مناسبًا الآن "
جذب ما قالته أمل وصال ، فقالت لها : " وما هو ؟ "
قالت أمل مراوغةً : " كلاّ لا شيء "
ردّت عليها وصال : " أمل .. هذا الأسلوب لن ينجح معي ، إن كنتِ
ستقولين شيئًا فهيّا تكلمي وخلّصيني "
قالت أمل : " طيب .. ما دُمتِ مُصرّةً .... سمعتُ إشاعةً مزعجةً جدًا تدور
حولكِ يا عزيزتي "
بدا أن كلامـ أمل قد جذب وصال ، فقالت : " إشاعةً عنّي أنا ؟! "
أومأت أمل برأسها وهي تصطنع الحزن ، وقالت : " يُقال أن فتاةً من قسمنا
تنشر ما يُشوّه سمعتكِ ويمّس أصلكِ يا وصال "
سألتها وصال : " من بالضبط ؟ "
أجابت أمل : " مممممـ .. قمتُ بالبحث إلى أن عرفتُ أن مصدر تلك الإشاعة آتٍ من عِندِ رانيا "
اندهشت وصال لما سمعته ، فكرت قليلاً وقالت في استنكارٍ :
" قولي غير هذا الكلامـ .. مستحيلٌ أن تفعلها رانيا "
تغيّر وجه أمل ، بدا عليها الإنزعاج ، فقالت : " وما المانع أن تكون هي من تنشر تلك الإشاعة ؟
هيّا تكلمي "
أجابت وصال : " ببساطةٍ شديدةٍ ، ذاك ليس من خِصال رانيا ، من يُقدّمـُ مثل تلك المساعدة لا
يمكن أن يطعن من الخلف "
ردّت عليها أمل : " لكلٍ وجهان اثنان ، إن ظهر أحدهما فلن يطول اختفاء
الثاني .. عليكِ أن تفهمي هذا الكلامـ جيّدًا "
أردفت : " لا تَغُرَّّنَّكِ ضحكتها يا عزيزتي ، لو لا إخلاصي لما أطلعتكِ على
هذا الأمر .. لكِ حرّية التصرف ، أنا أنسحب "

نهضت أمل تاركةً وصال تفكر وعلى وجهها علامات الشك والريبة ،ابتسمت
أمل بخبثٍ وهي تنظر إلى صديقتها بطرف عينها ،رددت في نفسها :
"هذا ثاني طُعمٍـ تبتلعينه يا عزيزتي "





•••



بدأت الحصة الثالثة برنين جرس المدرسة ، كلٌ ذهب إلى قاعة حصّته ،
اتجه تلاميذ صفّ رانيا إلى مختبر العلومـ ، دخل عليهمـ المعلّمـ وأخذ يتفقد
تلاميذه خشية أن يكون نقصٌ بهمـ .
لمـ تمضِ سوى ثوانٍ حتى أدرك الأُستاذ أن صفّه ينقصه ثلاثة تلاميذ، سمع
طرقًا بباب المختبر ، راح يفتحه فإذ بهمـ الفتيان الناقصون من القسمـ .
أنّبهمـُ المعلّمـ أشدّ التأنيب وحرمهمـ من حضور الحصة طاردًا إيّاهمـ خارج
المختبر .

بقي الثلاثة واقفين في الممر يعتريهمـ الغضب الشديد ، نطق أحدهمـ
قائلاً : " كمـ أكره هذا الأُستاذ ! "
قال له زميله : " مع أنه صديق والدك ! "
ردّ عليه : " أيُّ صديقٍ هذا ؟ اعتقدتُ أنه سيعاملني معاملة خاصةً
بها شيءٌ من التفضيل ، لكن لا .. لمـ أجد منه سوى المعاملة السيئة "
أردف : " فضلاً عن شكواه المستمرة عني لوالدي .. من هذه الناحية فهو
لا يقصر أبدًا .. لمـ يترك رذيلة إلاّ ونسبها إليّ "
قال الثالث: " آهٍ لو أنَّ بإمكاننا الانتقامـ منه .. كمـ أتمنى هذا "
أخذ المتحدّث الأول يُفكّر فيما قاله صديقه ، بدا كأن فكرةً ما قد راودته ،
قال بلهجة الواثق : " من قال أننا لا نستطيع ؟ "
التفت إليه زميلاه ، قال الثالث : " ما الذي تفكر فيه يا مروان ؟ "
سأله مروأن : " أمعكَ أعواد ثقابٍ ؟ "
أجابه : " كلاّ .. أحمل ولاّعة ، هل هي مناسبة ؟ "
أجابه مروان : " بل مفيدةٌ جدًا .. هاتها "

ناوَلَهُ صديقه الولاّعة ، أمسكها وراح ينظر إليها وابتسامة خُبثٍ تعلو وجهه ،
نظر إليه صديقه الثاني ، وقال له : " مروان .. أرجوك ، لا تقل لي أنكَ
تفكر في الانتقامـ من الأستاذ معاذ "
ضحك مروان قليلاً ، وقال : " لا أُسمّيه انتقامًا ، بل لعبًا يا عزيزي "
نظر الآخران إلى بعضهما ، قال أحدهما : " لعبٌ بالنار ؟ إيّاك والقول أن
الهدف هو مختبر العلومـ "
أومأ مروان برأسه ، وقال : " أليس الأستاذ هو من بدأ اللعب معنا ؟
إذن فلنُكمِلهُ على طريقتنا "



•••



انتهت الحصة وخرج التلاميذ من المختبر ، خرج الأُستاذ ليحادث المُعاقبين
الثلاثة إلاّ أنه لمـ يجدهمـ ، أغلق الباب وذهب إلى قاعته .
أتى مروان وصديقاه إلى المختبر بعد ذهاب المعلّمـ ، أمسك مروان بمقبض الباب فإذ به مفتوحٌ لمـ
يُغلق بالمفتاح ، ابتسمـ ودخل بهدوءٍ وحذرٍ هو وزميلاه ، اتجهوا إلى إحدى الطاولات ، أخرج مروان
الولاّعة من جيبه ،
أمسكه صديقه وقال له : " أرجوك.. لا داعي لحرق المختبر ، ستحرق
المدرسة هكذا "
ردّ عليه مروان : " ألا ترى أن هذه المدرسة تحتاج لشيءٍ من اللهب والأدخنة ؟ تبدو مملّة هكذا "
قال الثالث : " اعقل يا مروان .. لا تنسى أن ذاك أُستاذنا قبل كل شيءٍ ..
كيف ترضى بتوريطه هكذا ؟ "
أجابه : " كفاك هُراءً واتباعًا للأمثال .. قررتُ وانتهى الأمر "
قال له صديقه : " افعل ما تشاء ، نحن لا علاقة لنا "
وقال الثالث : " صحيح .. أنتَ المسؤول فتحمّل عواقب جريمتكَ هذه "
همّا بالذهاب إلاّ أن مروان قاطعهما قائلاً : " ولمن هذه الولاّعة ؟ أليست
لكَ يا سعيد ؟ وأنتَ يا مُنير .. ألمـ تقتحمـ معي المختبر ؟ أمـ تُراكَ نسيت ؟ "
صمت الإثنان ، أردف مروان : " لا فرصة أمامكما للانسحاب ، فالوشاية بي
لن تنجح معكما ، ولن تستطيعا منعي ، حتى ولو بالقوة "
قال سعيد : " ألا ترى معي أن التصدي لاثنين أمرٌ صعبٌ بالنسبة لواحدٍ ؟ "
وقف الإثنان أمامـ مروان ، تراجع هو إلى الخلف ، أمسك بمفتاح خرطومـ الغاز الموجود بإحدى الطاولات ، فتحه وهو يقول :
" لا فائدة .. قلتُ أنني قررتُ وانتهى الأمر ، بدأ الغاز بالإنتشار والولاّعة
في يدي ، أرياني كيف ستمنعاني ؟ "
قال منير : " ستقتلنا جميعًا بهذه الطريقة "
أجاب وهو يتراجع للخلف: " غير صحيحٍ .. سأُلقيها بعد ابتعادي ، بإمكانكما
الهرب إن كانت حياتكما تهمّكما "




•••

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
22-09-2010, 10:48 PM
في تلك الأثناء ، تذكرت صوفي أنها قد نسيت مقلمتها في المختبر ،
فعادت أدراجها ، توقفت أمامـ إحدى نوافذ المختبر بعد رؤيتها لمروان وسعيدٍ
ومنيرٍ في تلك الحال ، أخذت تتساءل قائلة :
" لماذا يحمل مروان تلك الولاّعة مبتعدًا عن صديقيه ؟ ولماذا يبدو الجميع
خائفين هكذا ؟ " بدا أنها فهمت الأمر ، اتسعت عيناها وراحت ترددفي نفسها :
" غير معقول !! " سقطت الكتب من بين يديها ، ركضت باتجاه الباب إلى أن
وصلت إليه، صرخت بأعلى صوتها وهي تقول : " دعها من يدك ! "
فزع الجميع من صرخة صوفي ، سطقت الولاّعة من يد مروان مرتطمة بإحدى
زوايا الطاولة ممّا أدى إلى تحريك الزناد بها ، فاشتعلت النار الحارقة للغاز !
انبطح الثلاثة أسفل الطاولة ، أخذت النيران تنتشر أكثر وأكثر ، إلى أن مسّت أسلاكًا كهربائية موصولة بالمأخذ ، فازدادت النيران اشتعالاً ، وأصبح
الفتيان في خطرٍ مُحدقٍ ..
أخذت صوفي دلوًا كان بجانبها ، وراحت تملؤه بمياه صنبور المختبر ،
أسرعت به وصبّت الماء على الفتيان الثلاثة ، التفت الجميع إليها ، فقالت :
" عِوَضًا عن التحديق بي انفذوا بجلودكمـ واطلبوا المساعدة هيّا "
أسرع الجميع منبطحين حتى وصلوا إلى باب المختبر ،راح سعيدٌ ينادي على ناظر المدرسة ،
في حين أن مروان ومنير ذهبا يبحثان عن الأستاذ معاذ .

عودةً إلى المختبر حيث بقيت صوفي .. أرادت الوصول إلى الصنبور علّها تصبُّ
على نفسها القليل من الماء إلاّ أن الأعمدة المشتعلة بالنيران سقطت أمامها حائلةً دونها
ودون الصنبور ..
التهمت النيران ما في المختبر تقريبًا ، راحت تنتشر بسرعةٍ شديدة فامتدّت من المختبر إلى
القاعة المجاورة والتي لمـ يكن بها أحدٌ ..

عثر سعيد على ناظر المدرسة ، أخبره بما جرى ، فأطلق الناظر جرس الإنذار لتحذير كل الطلبة
والمعلمين . أمّا الإثنان الباقيان فقد عثرا على
الأستاذ معاذ في قاعته مع زملائهمـ حيث تدرس رانيا ، فتحا الباب بقوةٍ
وصرخا صرخة واحدة قبل أن يتحدث أحدٌ قائليْن : " المختبر يحترق !! "
ساهمـ جرس إنذار المدرسة في استيعاب الجميع لما قاله مروان ومنير .
دبَّ الفزع في نفوس التلاميذ ، أسرعوا بالخروج من القاعة فزعين خائفين
على أنفسهمـ .التفت وسامـ فجأةً إلى الخلف حيث تجلس صوفي فلمـ
يجدها في مكانها ! خطر بباله أن تكون في المختبر فاتجه إليها .

أخذ التلاميذ يتجهون إلى مخرج الطوارئ خوفًا من أن تكون البوابة الرئيسية
غير متاحةٍ لهمـ ، كانت رانيا ممن اتجهوا إلى المخرج، أخذت تنزل الدرج ،
بقيت أمامها درجتان لتنزلهما ، إلاّ أنها فوجئت بدفعةٍ أتتها من الخلف
أسقطتها أرضًا عند زواية بالجدار ، التفتت خلفها فإذ بها وصال تقف أمامها
وعيناها مملوءتان بالغضب العامر ، اندهشت رانيا من تلك النظرة ،أخذت تنظر
حولها فلمـ تجد أحدًا في الدرج سواهما ، سألتها قائلةً :
" ما هذا الذي تفعلينه ؟ "
أجابتها وصال : " حتى وإن كانت النيران تأكل ما في المدرسة ، لن يمنعني
ذلك من محاسبتك "
قالت رانيا : " عمّا تتحدثين ؟! "
قالت وصال : " كمـ تُجيدين رسمـ البراءة على عينيك !
من يرك يَكَدْ لا يصدق أن بمقدوركِِ فعلها "

زاد استغراب رانيا ممّا قالته وصال ، فقالت :
" قولي ما عندكِ واتركيني أذهب
هيّا "

قالت وصال : " كذّبتُ أمل وصدّقتُ أنكِ لن تفعليها ،
أمّا أن أُكذّب ستِّ فتياتٍ من صديقاتي وأُصدّق
إحساسي بطيبتكِ فهذا لا يُعقل .. "

صمتت رانيا لا تعي شيئًا ممّا تقوله وصال ، أردفت الأخيرة قائلةً :
" هل اعتقدتِ أنَّ تلفيقَ الإشاعات عني فعلةٌ سأبقى غافلةً عنها للأبد ؟
أمـ أنكِ ظننتِ أنني لن أستطيع إيقافكِ عند حدّك ؟ لا يا جميلتي ..
وصال كالجبل في وجه من يتجرّؤ على إيذائها "
ضحكت رانيا بعد الذي سمعته ، ارتسمت على وجهها ملامح
الغضب ، قالت : " تلفيق الإشاعات ؟ أعطني مثالاً ممّا قيل لكِ أنني
قلته "
قالت وصال : " لا عِلمـَ لي بما قلته ، ما يهمني معرفته هو السبب الذي
دفعكِ لفعلٍ كهذا الفِعل ... أنا لمـ أُخطئ معكِ حتى ألقى منكِ ما لقيته "
قالت رانيا في نفسها : " يا إلهي .. أية مصيبةٍ هذه التي وقعتُ فيها ؟! "



•••




أخذ وسامـ يركض في الممرات بين الأدخنة واللهب اللذان سيطرا على
الجوّ في المدرسة ، راحت ذكرى اللحظة التي استفاق فيها من إغمائه
حينما وجد أنّ صوفي هي من ساعدته ، ومساعدتها له عندما وجد نفسه
في شجاره مع عبد الصمد ، ووعدها بحفظ سره ، تتكرر في ذهنه كثيرًا ،
أدرك حينها أن هذه الفرصة هي فرصته لردِّ شيءٍ من جميلها .

وصل وسامـ للمختبر أخيرًا، ألقى نظرة على المكان قبل دخوله إليه ، لمـ يرَ
إلاّ ألسنة اللهب وهي تلتهمـ كل ما في المختبر ، ورد بباله أن أية مادةٍ
كيميائيةٍ هناك يُمكن أن تُسبب إنفجارًا تقترن قوّته بنوع المادة ، حسمـَ
أمره ودخل مغطِّيًا وجهه بذراعه اليُمنى ..

أخذ يبحث عن صوفي ، ليجدها مُمَدّدةً على الأرض مغشيًّا عليها ،
عدّل من وضعية استلقائها لتستلقي على ظهرها ، انصعق لذا رؤيته
لوجهها .... بدا كأن النار قد لامست جانب وجهها الأيسر ..
وضع اصبعي السبابة والوُسطى على رقبتها ، أحسَّ بنبضها فارتسمت
ابتسامةٌ على وجهه بعد يقينه بعيشها .
نزع سترته التي كان يرتديها ، وضعها عليها ، حملها بذراعيه وانطلق
نحو مخرج الطوارئ .





•••



ملأت سيارات الإطفاء والإسعاف ساحة المدرسة في ذاك اليومـ ،أخذ
رجال الإطفاء يُخرجون المحتجزين من الطلبةِ والمعلمين من المدرسة ،
أمر المدير جميع التلاميذ أن يتفقّد كل واحدٍ منهمـ زميله ، خشيةَ
أن يبقى بالمدرسة مُحتجزون آخرون لمـ يُعثر عليهمـ بعد ، راح الجميع يُنفّذ
ما أمر به المدير ، أخذت عبير تبحث بين الحشد عن رانيا ، تلتفت هنا
وهناك ، كانت تردد في نفسها : " لا أعلمـ لماذا أشعر أنكِ لستِ هنا ! "
أخذت تسرّع من خطواتها ، تبحث بعينيها إلى أن عادت إلى المكان الذي
بدأت البحث منه . دبَّ الرعب في نفسها ، غمرت الدموع عينيها ،
نظرت إلى المدرسة التي تحترق وقالت بصوتٍ أشبه بالهمس :
" لا مجال للشك .. ما تزال رانيا في المدرسة "


أسرعت إلى الأُستاذ معاذ ، وهي تقول : " أُستاذ ... رانيا ..
أنا واثقةٌ أنها لمـ تخرج بعد "
في الوقت نفسه قال أنس : " ووسامـ أيضًا ليس هنا "
صرخت أمل : " كذلك وصال لمـ أجدها يا أستاذ ! "

سمع علي ما قاله الثلاثة ، اتجه إلى عبير ، قائلاً لها : " ألمـ تخرج معكِ رانيا يا عبير ؟ "
ردّت عليه : " خرجت من الصف معي .. لكنني واثقةٌ أنها ما تزال في الداخل "
وضع علي يده على رأسه والخوف بادٍ على وجهه ، أخذ يتمتمـ قائلاً :
" يا إلهي .. ما العمل ؟ ماذا سأقول لخالتي إن أصابها مكروهٌ ؟ "
أخذ ينظر تارةً إلى باب المدرسة ، وتارةٌ أُخرى إلى المبنى المشتعل ،
لاحظت عبير نظراته تلك ، سألته قائلةً : " فيما تفكر ؟ "
لمـ يجبها ، اندفع باتجاه الباب ، إلاّ أن أحدًا أمسكه من ذراعه مانعًا إيّاه ،
التفت إلى الخلف فإذ به أنس يقف مُقطّبًا حاجبيه ، قال له :
" أما تزال تحمل في جمجمتكَ تلك دماغًا ؟ من العاقل الذي يمكن
أن يُفكر فيما تفكر فيه ؟ "
أجابه في غضبٍ : " دعني يا هذا .. ابنة خالتي محتجزة وسط اللهيب "
صرخ أنس : " اهدأ وهوّن من روعك .. أتظن أنّ إلقاءك لنفسكَ إلى التهلكة
سينقذ رانيا ؟ لا يا رجل .. دع الخبز للخباز .. رجال الإطفاء لن يتركوها هي
ومن بقي بالداخل "

أفلت علي ذراعه من قبضة أنس ، قال : " من حقكَ أن تبقى هادئًا .. ضع
نفسكَ مكاني .. هل ستبقى بلا حِراكٍ وأحدٌ من أقاربكَ بالداخل ؟ "
ردّ عليه : " صديقي الوحيد لمـ يخرج بعد .. لا حيًّا ولا ميِّتًا ، وليست بيدي
حيلةٌ لأفعلها سوى الإنتظار .. والدعاء "

صرخت أمل وهي تقول : " هناك من خرج من المبنى "
التفت الجميع نحو المخرج فإذ به وسامـ يحمل صوفي بين ذراعيه ،
حمل أحد رجال الإطفاء صوفي عن وسامـ الذي بدى عليه التعب الشديد ،
التفَّ لفيفٌ من زملائه حوله ،فقال :
" ما تزال على قيد الحياة ، أصابها تشوّهٌ في يسار وجهها ، إلاّ أنها بخير "

وقفت عبير أمامـ وسامـ وقالت له : " ورانيا يا وسامـ ؟ ألمـ ترها ؟ "
أسرع علي إلى وسامـ وأمسكه من قميصه قائلاً : " قُل لي يا هذا أين هي
ابنة خالتي .. تكلّمـ "
أجابه بغضبٍ ممزوجٍ بالتعب : " أتعتقد أنني سأتركها إن كنتُ قد رأيتها ؟ "
أمسك وسامـ بيدي علي ، وأزاحها بقوةٍ عن قميصه ..
أخذت أمل تبكي بحرقةٍ شديدةٍ ، انتبهت عليها عبير ، نزلت على ركبتيها
حتى تصل إلى مستواها ، قالت لها تهوّن عليها : " أمل .. كوني اسمًا
على مسمىً وأبقِ أملاً في قلبك .. ثقي أن وصال ورانيا سيخرجان عمّا
قريب "
حرّكت أمل رأسها يُمنةً ويُسرةً تنفي ما قالته عبير ، ثمـّ قالت :
" كلاّ .. أنا أعرف السبب المانع لخروج الفتاتين .. "
تفاجأت عبير ممّا قالته أمل ، أكملت الأخيرة قائلةً :

" لقد أشعلتُ النار بين وصال ورانيا ، أوقعتُ بين الفتياتين ، وممّا لا شكّ فيه
أن وصال تشاجر رانيا الآن .. وبقاء الإثنتين معًا خير دليلٍ على كلامي "

اتسعت عينا عبير بعد الذي سمعته ، نظرت إلى المبنى وقالت :
" يا إلهى ... ما العمل الآن ؟ "





•••



عودةً إلى المحتجزتين ، قالت رانيا : " وصال .. دعينا نخرج أولاً ، بعدها
لكل حادثٍ حديثٌ "
نزعت وصال شرشفًا طويلاً كانت ترتديه على رقبتها ،ألقته بينها وبين رانيا،
ثمـ قالت : " أنا مشرّدةٌ من بيتٍ لآخر ، ضحية صراع والداي ، لذا لا يهمني
موتي البتة .. "
أردفت بعد صمت رانيا مشيرةً إليها بيدها : " اسمعي يا رانيا ، سواءٌ أخرجنا أمـ لا .. سأجعلكِ تدفعين ثمن ما فعلته "
أخذت وصال تتقدّمـ في حين أنّ رانيا تتراجع للخلف ، نظرت رانيا وراءها
لتجد أنها تقف على بُعد سنتيمترٍ واحدٍ من الدرج ، زاد تقدّمـُ وصال ،
فتعثّرت قدمها بالشرشف الذي ألقته ، ارتامت إلى الأمامـ باتجاه رانيا التي
أمسكتها من ذراعيها ، إلاّ أن قوة ارتماء وصال أرجعتها للخلف فسقطت
الفتاتان من الدرج معًا ..



•••



أفاقت وصال من الصدمة بجراحٍ على وجهها ، نظرت إلى يمينها لتجد
أن رانيا مستلقيةٌ بجانبها مغميٌ عليها !
أخذت وصال تحاول إيقاظها تُنادي عليها ، إلاّ أنها عبثًا كانت تحاول ،
فقد نزف رأس رانيا كثيرًا بعد الصدمة . ازدادت حرارة المكان ، وازداد انتشار
اللهب وكثافة الدخان ، حاولت وصال الوقوف ، آلمها كاحلها الأيمن بعد
وقوعها ، راحت تحاول سحب رانيا معها باتجاه الدرج وهي تقول لنفسها :
" أنا من تسببتُ بهذا .. وأنا من ستخرجكِ من هنا "




•••




في نفس الوقت ، كان علي يُشاجر أنس ووسامـ اللذان منعاه من الدخول ،
إلى المدرسة ،علا صوت صُراخهمـ ،شدَّ وسامـ على قبضته وضرب بها وجه
علي بقوةٍ ، ذُهِلَ المُتلقّي لما فعله ، قال له وسامـ وهو يلهث تعبًا :
" ألا تعلمـ أنكَ بدخولك ستزيد الطين بلّةً ؟ عِوضًا من أن يحاول رجال
الإطفاء إخراج محتجزتين .. سيتحتّمـُ عليهمـ إخراج ثلاثة .. ولا نعلمـ
إذا ما كان هذا العدد سيتضاعف فيما بعد "

لمحت عبير ذراعًا ظهرت من بين الدخان الخارج من مخرج الطوارئ ،
راحت تُخبرك رجال الإطفاء مُتبعدةً عن الفتيان ، تحرّك أحد رجال الإطفاء
نحو المخرج ، أخذ يسحب صاحبة الذراع لتظهر أنها وصال تُمسك بجسد
رانيا وقد أغمي عليها من كثرةِ الزحف ,,

اتجه الجميع نحو الفتياتين عدا وسامـ وأنس .
التفت وسامـ خلفه ليجد أنه لمـ يعد يقدر على الإبصار ؛ فقد تشوّش
النظر عنده ، أمسك رأسه ، أحسَّ فجأةً بألمـٍ حادٍ في صدره ، راح يتألمـ
دون أن ينتبه إليه أحدٌ ممّن ذهبوا لإلقاء نظرةٍ على رانيا ووصال .





•••



حُمِلَمتِ الفتاتان إلى سيّارة إسعافٍ كلٌ وبجوارها صديقتها ، ذهب أنس
ليقف بجوار صديقه الذي كان مُديرًا له الظهر ، تقدّمـَ أنس خطوتين إلى
الأمامـ وهو ينظر إلى سيارتي الإسعاف التي حملت الفتياتين إلى
المشفى ، قال محدّثًا صديقه وما يزال مديرًا له ظهره :
" لا أعلمـ ما الذي كان سيحدث لو لمـ تَلْكُمـ ذاك المتهوّر .. "
أردف وهو يستدير للخلف : " أحسنتَ يا ....... "
قطع كلامه المشهد الذي رأته عيناه ، رأى وسامـ ممدّدًا على الأرض مغشيًا عليه
ويده على صدره ووجهه شاحب اللون ، صرخ أنس بأعلى
صوته مُناديًا باسمـ صديقه وسامـ .



•••



علت أصوات سيارات الإسعاف بين شوارع المدينة في تلك الليلة المثلجة ،
ارتفع صوت خطوات والدي وسامـ في ممرات المشفى حينها ..
توقفا أمامـ غُرفةٍ رأيا أن أنس يقف أمامـ بابها ، التفت إليهما بوجهٍ لمـ
يستطع إخفاء الحزن والخوف الذي انتاباه ، سأله والد وسامـ قائلاً :
" أنس .. قل لنا .. ما الذي أصاب وسامـ ؟ "
حرّك أنس رأسه يمينًا ويسارًا ليفهمـ والدا صديقه أنه لا يعلمـ شيئًا ،
قال لهما بصوتٍ حزينٍ : " كان على ما يُرامـ .. فجأةً وجدته في حالٍ
يُرثى لها "

فُتِحَ باب الغرفة التي بها وسامـ ، خرج الطبيب ليكتشف الحضور
أنه خال وسامـ ، قالت أخته في خوفٍ : " طمئنّا يا رشيد .. ما الذي
أصاب وسامـ ؟ "

بدا الحزن واضحًا في عيني رشيد ، قال والد وسامـ : " رشيد ,,
قل شيئًا يا رجل ... أأصاب مكروه ولدي الوحيد ؟ "

تنهّد رشيد ، وقال بعد صمتٍ وجيزٍ : " وعدتُ وسامـ ألاّ أُخبركما ، سِرتُ
معه في اختباره لكما .. كثيرًا ما طمأنتُ نفسي بكلامه الذي أقنعني ،
مع علمي أن ما يفعله مجازفةٌ كبيرةٌ جدًا "

دبَّ القلق في نفوس الحاضرين ، فقالت والدته : " رشيد.. أرجوكَ يا أخي ،
انسَ أنكَ طبيبٌ الآن ولا داعي لهذا الأُسلوب ، أخبرنا باختصارٍ ماذا حصل لابننا ؟ "

قال رشيد : " ابنكِ يا وداد ويا هشامـ ... يُعاني مشاكل في القلب ..
ابنكما أيها الطبيبان .. كان يختبركما ليرى إن كنتما ستشعران بمرضه أمـ
لا ... ويا للأسف ، فشلتما أكبر فشلٍ في هذا الإختبار "

شهِقَ الجميع بعد الذي سمعوه ..

قال هشامـ : " ولماذا أخفيتَ أنتَ عنّا هذا الأمر ؟ "
أجاب رشيد : " لقد وعدته "
قالت وداد : " هكذا بكل بساطة ؟ "
ردّ عليها رشيد : " أليس من حقِّ المريض على الطبيب أن يكتمـ
سرّهُ إن طلب هو ذلك .. أيتها الطبيبة ؟ "
فاضت الدموع من عيني وداد ، أجابته :
" ومع هذا ... لا يُبرر لكَ هذا الأمر ما فعلته "

سأله هشامـ : " أهو مستيقظٌ الآن ؟ "
أجابه رشيد : " أجل .. لكنه لن يستطيع إحتمال الإرهاق بعد الآن "

تنحّى رشيد من أمامـ الباب ليدخل والدا وسامـ إليه ، في حين بقي أنس
يشاهد ما حوله في اندهاشٍ ممّا يحصل .. عادت ذاكرته إلى الخلف قليلاً ،
ثمـّ قال هامسًا : " إذن هذا هو السر الذي أخفيته عنّي يا وسامـ ! "

رأى وسامـ والديه حينما دخلا إليه ، لمـ يُبدِ حركةً البتّة ، أسرعت إليه
والدته في لهفة ، وقفت أمامه راسمةً ابتسامةً على وجهها الذي لمـ
يستطع إخفاء الخوف الذي سكنها ، انحنت إلى مستواه ، قرّبت
وجهها من وجهه تريد تقبيل جبهته ، إلاّ أنه أشاح بوجهه إلى اليسار
مُبعدّا إيّاه عن والدته وهو مُقطّبُ الحاجبين .

ذُهِلَت أمّه من ردّة فعله تلك ، فقالت : " لماذا .... يا وسامـ ؟ "
لمـ يُجب وسامـ بأيةِ كلمةٍ ، أغمض عينيه ليُبديَ استياءه الشديد ،
قال له والده وهو ينظر إليه عاتبًا : " كيف لوحيد والديه أن يُخفي عنهما
ألمـ صدره هكذا بكل بساطةٍ ؟ كيف ؟ "
قال وسامـ : " ذاك الوحيد لمـ يُخفي ألمه يا أبي ، إنّما ترك الفرصة
لوالديه حتى يشعرا به "
قال والده : " أما كان لكَ أن تخبرنا ؟ كنّا لننصتَ إليكَ "
التفت إليه وسامـ ووجهه على حالته الغاضبة ، قال :

" تذهبان إلى المشفى قبل استيقاظي ، قلّما أراكما وقت الغداء في
المنزل ، بعد الطعامـ يأخذ الجميع قيلولةً ، وبعد القيلولة تعودان إلى
المشفى الذي تبقيان فيه لبعد نومي .. فأين هي الفرصة حتى أُخبركما ؟
أظننتَ يا أبي أنني مستمتعٌ بما يسري في صدري ؟ أمـ أنّ همّـ
إخفاء المرض خفيفٌ عليّ ؟ لا .... لا هذا ولا ذاك ، لو أنّكما أعطيتُماني
شيئًا من وقتكما ، لما وصلتُ إلى هذه الحال "

ردّ عليه والده في غضبٍ : " نحن نتعب ونشقى من أجلكَ أنتَ لا من
أجلنا نحن ، كل ما نفعله من أجل مصلحتكَ وحدك ، والآن تلومنا على
أمرٍ لا مُلامـَ فيه إلاّ أنت ؟ "

حاول وسامـ النهوض ليجلس ، أحسّ ببعض الألمـ الخفيف ، همّت والدته
بمساعدته إلاّ أنه كان في غِنىً عنها . قال بأنفاسٍ شبه متقطّعةٍ :

" مصلحتي في وجودكما حولي ، مصلحتي في أن أجد من أحكي
له عن وجعي ، لا في الجاه والمال ..... أنا ابنكما لا المستشفى ،
أنا الأَوْلى بالاهتمامـ ، لن يضركما القليل من تنظيمـ الوقت ، أخبرني
وفسّر ليَ رجاءً كيف لجرّاحٍ في مقامكَ يُنقذ في اليومـ العديد من
المرضى من الموت ، ألاّ يُلاحظ موت ابنه البطيئ ؟ "

التفت إلى والدته ، وأردف : " وكيف لطبيبةٍ نِسائيةٍ بمنزلتكِ يا أُمي
تصف الدواء لمريضاتها ، ولمـ تشعر حتى بداء ابنها الوحيد ؟ "

صمت الإثنان ، عاد وسامـ وقال : " كثيرًا ما تجاهلتُ عدمـ اهتمامكما
بي ... وكثيرًا ما أقنعتُ نفسي أنني لا أحتاج الرعاية، لكنني أردتُ إعطاءكما
فرصةً أخيرةً لعلّ وعسى أن تلاحظا ألمي ...
ولكن لا ... أخيرًا تبددت شكوكي وأيقنتُ أنني بالفعلِ مُهملٌ من أقرب الناس إلي ...
من أبي وأُمي "

قالت وداد لنفسها : " لكنني لاحظتُ وجهه الشاحب ..... لا ، لاحظتُ
لونه فقط ، ولمـ أُكلّف نفسي حتى بسؤاله عن السبب ... "
أردفت لنفسها وهي تنظر إلى ابنها : " هو على حقٍ في كل ما قاله،
عملنا أشغلنا حتى عن أكبر مسؤولياتنا " .


عاد وسامـ مُستلقيًا على ظهره يُحاول إلتقاط أنفاسه والغضب يعتريه ،
أشارت وداد إلى هشامـ بأن يخرج معها ، فامتثل لطلبها تاركين وسامـ
لوحده ، ما إن خرجا حتى دخل أنسٌ عليه .. كانت ملامحه غريبةً على
عيني وسامـ ، لمـ يعرف كيف يصفها ، أكان غاضبًا أمـ حزينًا ؟ أجاء مُباركًا
للسلامة أمـ مُعاتبًا ؟ لمـ يدرِ وسامـ كيف يُفسّرُ تلك الملامح ..

تنهّد أنس ، وقال : " حمدًا لسلامتك "
ابتسمـ وسامـ ابتسامةً خفيفةً ، وقال : " دعني أُخمِّن .. أنتَ عاتبٌ عليّ ،
أليس كذلك ؟ "
ردّ أنس : " لو كنتُ عاتبًا عليكَ لهان الأمر ، ما فعلته حطّمـَ كياني يا رجل "
صمتَ وسامـ بعد حديث صديقه ، ليعود الأخير قائلاً :
" ماذا كنتَ ستخسر لو أطلعتني على سرك ؟ أرضيتَ أن أكون آخر
العالمين بمرضك ؟ ألهذه الدرجة لا تطمئنُّ لي ؟ آهٍ يا وسامـ ..
فعلتكَ هذه كبيرةٌ عليّ ، لمـ أتوقعها البتة "

أجاب وسامـ : " أعلمـ حرصكَ الشديد علي ، وعلمي هذا هو ما منعني
من إخبارك ، كنتَ لتخبر والداي ، وكان الإختبار ليفشل لو فعلتَ ما توقعته،
أنا لمـ أُطلع أحدًا إلاّ مُجبرًا .. وها أنتَ ذا قد علمت ، فلمـَ الغضب ؟
خذِ الأمر ببساطةٍ وتصرّف كأن شيئًا لمـ يكن "

طُرِقَ باب الغرفة ، ليدخل خالُ وسامـ الطبيبُ ، قَدِمـَ إليه مُبتسمًا ،
وقال له : " أبشر يا وسامـ .. ذهب والداكَ ليأخذا إجازة من العمل "
اندهش وسامـ ممّا سمعه ، التفت إلى أنس والذهول يعتريه ،
نظر إلى غطاءه ، وقال مُبتسمًا : " أخيرًا "



•••


أفاقت صوفي من غيبوبتها ، أخذت تنظر حولها والإعياء مُسيطرٌ على
جسدها ، أحسّت أن شيئًا حجب الرؤية عن عينها اليُسرى ، مدّت
يدها فإذ بها تجد أن الضماد قد لفَّ الجهة اليُسرى من وجهها ، أخذت
تتحسّسُهُ بخوفٍ شديدٍ ، قال لها أحدهمـ : " اطمئنّي يا ابنتي ..
محضُ حروقٍ سطحيةٍ "
التفتت يمينها ، فإذ به والدها مُبتسمـٌ لها ، أردف قائلاً :
" أحمد الله على سلامتك ، كدتِ تقتلينني رعبًا "
قالت له : " قلتَ أن حروق وجهي سطحيةٌ ، فلماذا هذا الضماد
إذن ؟ "
أجابها : " حروقكِ ليست سطحيةً بالمعنى الحقيقي للكلمة ،
صوفي ... تحتاجين عمليةً تجميلية لتزيلي ما شوّهتِ النيران من وجهكِ "

أغمضت صوفي عينها بحرقةٍ شديدةٍ ، بدا الحزن العامر واضحًا عليها ،
قالت : " لا أعلمـ سبب عجبي ... إلاّ أن غياب باسكال يريبني ..
ألمـ تُكلّق نفسها حتى الإطمئنان علي ؟ أي زوجةٍِ هذه التي اخترتها
يا أبي ؟ "

قال لها : " لا تتسرعي كعادتك ، لو سألتني لعلمتِ أن باسكال هي من أحضرت لكِ الجراح التجميلي من فرنسا ، وهي من ستتكفّل بكل تكاليف
العملية ، بالرغمـ من أن بمقدوري دفع كل تلك التكاليف الباهظة "

اتسعت عينا صوفي بعد الذي سمعته ، نظرت إلى والدها ليقول لها :
" تمنّيتُ لو أنّكِ رأيتِ النظرة الخائفة التي نطقت بها أعينُها ..
صوفي يا عزيزتي ... باسكال تحبكِ ، وتخاف عليكِ ، تعتبركِ أُختًا وصديقةً
لها ، أنتِ من يقع عليكِ اللومـ ، أعطها فرصةً واحدةً فقط وستلمسين
طيبتها وحنانها اتجاهك "

قالت صوفي بعد بعد صمتٍ وجيزٍ مبتسمةً : " أعتقد أنني سأفعل ذلك "





•••




بدا الغضب شديد الوضوح على وجهها حينها ، أخذت عبير تنظر إليها
مستغربةً من تلك الملامح ، سألتها قائلةً : " أيُؤلمُكِ رأسكِ يا رانيا ؟ "
أجابت رانيا : " كلاّ "
قالت عبير : " وقدمك ؟ "
أجابتها : " أبدًا "
قالت عبير : " إذن ما سبب هذه النظرات الغاضبة ؟ "
قالت رانيا : " عبير ... إن عادت أُمّي مجددًا إلى هنا فأخّريها ،
قد تأتي وصال في أية لحظةٍ .. دعينا لوحدنا من فضلك "

أومأت عبير برأسها رغمـ عدمـ فهمها للسبب الداعي لمثل هذا الطلب ،
استجابت لطلب رانيا وقامت من مقعدها تاركةً ابنة عمّها بمفردها ..

لمـ تمضِ أكثر من ربع ساعةٍ ، إلاّ وقد قدمت وصال إلى رانيا تمشي مُتّكئةً
على عُكّازين جرّاء الكسرِ الذي أصاب كاحلها الأيمن ..
نظرت إليها رانيا نظرةً مِلؤها الحقد والكراهية ، قالت لها :
" ما الذي أتى بك ؟ "
اندهشت وصال لما سمعته ، أردفت رانيا :
" أهنالكَ تُهمةٌ أُخرى أتيتِ تلفّقينها إلي ؟ أأوصتكِ أمل بمشاجرتي
والإنتقامـ منّي مجددًا أمـ ماذا ؟ "
أجابت وصال : " لا هذا ولا ذاك .. جئتُُ أطمئّنُ عليكِ وأشكركِ على تلقّي
الصدمة عنّي لا أكثر ... "
أردفت قائلةً : " أمّا بالحديث عن أمل .. فقد أنهيتُ صداقتي معها ،
كما أنني طردتها ، هي سبب كل ما جرى بيننا "
قالت رانيا : " إذن اعتبري نفسكِ في مكان أمل واخرجي من هنا ،
أعطيتكِ فرصةً وسامحتكِ على أخطائكِ معي .. ولن أُكرر نفس الخطأ
مجددًا .. "

صمتت وصال جرّاء الصدمة التي تلقّتها من كلامـ رانيا ، ملأتِ
الدموع عينيها حسرةً ، وقالت : " على كلٍ .. أعتذر عمّا بدر مني ..
وشكرًا على لطفكِ معي في السابق "، وخرجت والحزن يُحطّمها تحطيمًا .
دخلت أمل بعد خروج وصال ، قالت : " ما سبب دموعها يا رانيا ؟ "

أجابت : " لا يُلدغُ المؤمن من الجُحرِ مرّتين .. حسمتُ أمري ..
رانيا التي باليومـ ، مُختلفةٌ تمامـَ الإختلاف عن رانيا التي بالأمس ..
طيبتي الزائدة عن حدّها التي أوصلتني لحد الغباء ستنحصر في شبرٍ
يكفي قِلّةً من المحيطين بي ، أمّا ذكريات الماضي فلمـ يعد لها وجودٌ
في سجلّي "

أردفت : " اليومـ ... نسفتُ ماضيَّ ، اليومـ أنا أعيش حاضري كاملاً
بكل تفاضليه بعيدًا عن الماضي ،حتى أستطيع عيش مستقبلي " .



•••



بعد أسبوعٍ من الحادث تقريبًا ، خرج أبطالنا من المشفى ، انتقلت
صوفي إلى فرنسا مع والدها وباسكال التي أصبحت أكثر من صديقتها ،

انتقل وسامـ للعيش في الرباط مع والديه - اللذان أصبحا يُعطيانه حقه
من الإهتمامـ - لاستكمال علاجه ، انتقلت وصال للعيش مع جديها وعمّتها
بعيدًا عن حرب والديها المُنفصلين ، لمـ تنقطع العلاقة بين أنس ووسامـ
رغمـ انتقال الأخير ، فقد كانت الزيارات كفيلةً بتوطيد العلاقة أكثر ،

أمّا رانيا ... فقد أكسبتها تلك التجربة صلابةً جعلتها تُميّز الشرير من
الخيّر ، وأصبحت أكثر ابتعادًا من ذاك الماضي المللاصق لها بصحبة
عبير .... صديقتها الوحيدة .

ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
22-09-2010, 11:16 PM
بهذا تكون أحداث [ حاضرٌ ومستقبلٌ ,, وماضٍ نُسِفَ للأبد ] قد انتهت .

تمـّ بحمد الله .




أشكر كل من وضعت لها ردًا مهما كان في هذه الرواية المتواضعة ،
أنتنّ من شجعتنني على إتمامـ هذه الرواية ..
كثيرًا ما فكرت في حذفها ، وكثيرًا ما فكرتُ بالتوقف عن الكتابة ،
إلاّ أن ذكرى ردودكنّ لمـ تفارقني البتّة ..


ظروفٌ صعبةٌ قاهرةٌ للغاية كادت أن تُفقدني أُمي بدأت منذ أواخر رمضان
إلى ما بعد العيد بقليلٍ ,,
ألتمس منكنّ العذر ، وفي هذا الأسبوع بدأت الدراسة في السلطنة ...

وددتُ لو أنّ بإمكاني شُكر كل من قد مرّت على الرواية لترد عليها ،
إلاّ أنني لا أتذكر كل المتابعات في النسخة السابقة قبل هذه ،
ولا أريد ظلمـ إحداكنّ بنسيان اسمها .




شكرًا جزيلاً ... وإلى اللقاء في أعمالٍ أُخرى بإذن المولى عز وجل .


انتهــــــــــــى ...~

L м σ σ ѕ н
23-09-2010, 12:05 AM
ليي عوووددة :scared-(-nahh-).:


:excited.::excited.:
ما توقعت تخلص الروآية الحين ض1ض1ض1
إبدآآآآآآآآآآآآع ب معنى الكلمة ق1ق1ق1
نهآية جمييلة سوموي <3
مدري ايش اكتب ض1ض1

موفقه ق1ق1

~{ فريسيا ،،
23-09-2010, 05:28 AM
.
.
.

ماذا أحكي وماذا أقول ؟!
الروايــــــــــــة بحد ذاتها إبـــــــدآع × إبـــــــدآع ،
آه ياعزيــزتي أتدرين إن لأراك الوجه الآخر للجمَال ،
أبدعتِ أبدعتِ ، سردتِ قصة من سيناريو الواقع في فلم المحبة والصداقة ..
والبعد و الحقد والكره والفقد والألم ،
روايتكِ تتقن فن سلب الأنظار والأفئدة إلى آحر حرف تحتويه ،
أحببتها بكل تفاصيلها .. الأحداث / الوصف .. وكل شيء ~
رانيا ، عبير ، وسام ، أنس ، صوفي ، وصال ، أمل ~
أبطال أحد أروع الروايات التي قرأتها http://www.4-mms.net/forum/images/smilies/7977-3984-1337.gif

سوموي عزيزتي ولربي أني لا أدري ماذا أكتب لكِ ،
رواياتك تحكي الكثير بجمالها الباذخ ~
فلا تحرمينا من حكايا حرفكِ http://vb.daantel.com/images/ops/haad.gif http://vb.daantel.com/images/ops/haad.gif

أكاليل من الحب مسداة لبياضكِ ،
دمتِ وثير الإينـاع .. مشرقة~ http://vb.daantel.com/images/ops/5jl.png

http://www.banaat.com/vb/images/icons/flow.gif

Rose ~Heart
23-09-2010, 04:25 PM
سوموى ,, من أول ما صديقتى ,, أخبرتنى عن روآآيتكـ
قرأتها ,,, كلمة ,, كلمة ,, عشت ,, كأننى فى واقع الرواية ,,
لآآآ أدرى ماذا أقول ؟؟؟ ,, لكن ,, أصررت ^^ إصرارًا ,, ان
أرى من كاتبة الرواية ,, شخصيًا ,, لكن ,, ما يؤسفنى ,,
أننى لمـ ,, أستمتع ,, بالحديث معكـ ,, وفرقنآآ المكان والزمان ,,
أقول لكـ ,, أبدعتى ,, فى السيناريو .. اللغة ,, ماشاء الله ,,
" حفظكـ الله ,, لأهلكـ ,, " أتمنى ,,, لو أصبح مثلكـ فى يوم ما ,,
إستمرى ,, فى إبداعكـ ,, لأجدك يومًا مآآ ... أدبية .. كاتبة .. مشهورة ,,
تأكدى ,, أن روايتكـ ,, تركتـ بصمة فى حياتى ,, لن أنساها ..
يشرفنى ,, أننى ,, قرأت .. روايتكـ .. إلتقيتكـ . .
حقًا كمـ أنا محظوظة ..
عزيـــزنى ,, كلماتى , لكـ خرجت من قلبى ,,
ليس لمجاملتكـ .. تأكدى ,, أننى ,, لمـ أعطيكـ .. اكثر من حقكـ ..
شكرًا .. لكـ .. شكرًا لأناملكـ التى كتبت لنا ,, لنستمع بروايتكــ
تقبلى ,, مرورى ... وودى ,, لكـ ,,
وختامـ موفقًا للرواية ,,
بالتوفيق ,,
أنتظر جديدكـ ... بفارغ الصبر ....
" روز"

O R K I D
01-10-2010, 09:35 PM
اهنيك بصرآحه على الروآيه الأكثر من رآئعه http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gifhttp://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif

اندمجت بالبآرت الاخير لدرجة اني صرت أشوف الشآشه بيضا ~> لآ يآشيخه ض1

بصرآحه ومن غير مُجآملة ابدعتي بحق في هالروآيه الأليمه !! http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif

وان شآء الله يآرب نلتقي مره ثآنيه في عمل جديدْ من ايديك الحلوه يآ مُبدعه

أدري هالفتره صعب تكتبين شي بسبب الدرآسه وخصوصآ انك علمي يعني انسي شي اسمه نت ض1

ع العُموم كلمة أخيره اقولها لك ( كمسآمنيدا ) ( شكرآ = بالكوري ) ض1

الى المُلتقى ف الجنه بإذن الله http://www.banaat.com/vb/images/icons/kalp.2.gif

Vanilla Sky
03-10-2010, 05:00 AM
أكملتِ قصتك وأنا آخر من يعــلم !!
لآ لآ .. صدمتيني :(

أمزح p:


لي عــو و و و و د ة !

ق1

° ρĭnķч Dŗεαмẕ ≈
08-10-2010, 10:04 PM
محٍ‘ـجوِز ق1

آمتع + آحلى قصـہ قـريتهـآ في حيـآتي http://smilles.5d5l.com/smile_albums/cute/33.gif (http://smilles.5d5l.com/)
صـرآحـہ مَ آعرف آنطق الڪلام ق1
متعـہ ڪثيره في هـذه القصـہ http://smilles.5d5l.com/smile_albums/cute/33.gif (http://smilles.5d5l.com/)
بـشتـِـِـِآق لـ هـآلـ مُتعـہ :’(

ننتـظـر قصتڪ القـِـِـآدمـہ :pirate.:

سُومِيتآ
27-06-2011, 06:11 PM
ابدعتي سوموي
اعجبتني رواية كثيرا
كنت ابحث عنها الى ان فقدت الامل
ولكن اشكر اختي ((اخت الرزان لإيجادهــآآ لي ))
احبـــك♥♥

cornilla
16-09-2011, 07:02 PM
رووووووعة يسلموا عالمجهود