المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة المجاهد الصغير!!


بنت الصحابة
09-10-2008, 09:04 PM
إليكم هذه القصة الرائعة التي قرأتها

في كتاب وأحببت أن أنقلها إليكم

أرجو أن تعجبكم


رواية إسلامية واقعية

المجاهد الصغير!!

و

شهداء جبل النور



الجزء الأول
1- # جبال هندوكوش

لا يمكن الإنسان أن يحس بالملل من متعة مشاهدة منظر الجبال المغطاة بالثلوج في ضوء القمر .

يبدو الظلام هنا وهنالك في الأماكن التي لم تغطها الثلوج في التلال الحادة كأنها بقع داكنة في هذه الجبال الشديدة
البياض. الجليد يأخذ في التراخي والانحلال بفعل الشمس،نهارا،أما في الليل فإنه يتماسك ويجمد . هذه الجبال لا يكمن أن نشبع من متعة منظرها في ضوء القمر،لو أمكنك النظر إليها من نافذة منزل دافئ... لكن لو كان بيتك مخبأ، وكنت مجبرا على البقاء فيه في الجبال ... فإن الضيق الذي تعانيه سيحرمك من متعة مشاهدة هذا الجمال.

الناس فيجبال أفغانستان لايستطيعون الآن التمتع بمنظر الطبيعة في ليالي يناير، هذه الطبيعة الجميلة برياحها الشديدة ، وقمم جبالها البيضاء في ضوء القمر ، فقد دخلت جيوش العدو بلادهم بلادهم ، ودمروا كثيرا من القصبات والقرى وسووها بالأرض من شدة الدمار. ولم يعد لأغلبهم بيت يحتمون به . والجنود المعتدون يسيرون فيدوريات منتظمة في شوارع المدن.تفرق الجيش الأفغاني، تمرد البعض وحملسل احه وصعد إلى الجبال واشتركوا في الحرب ضد المعتدون الروس. 0هؤلاء المجهدون يحتملون ويعانون شدائدلايتصورها العقل لكي يطردوا هؤلاء الذين جثموا علىقلب أفغانستان ، وقد استولى الخائن بابراك كارمال الذي أعلن نفسه رئيسا للبلاد على السلطة بمساعدة الروس ، ساعده في ذلك بعض الخونة والمنحرفين.

في الجبال عشرات الآلاف من المجاهدن ، من الشعب المدني يصارعون الجنود الأفغان الذين يساعدونهم .. واأسفاه... فإن إمكانات هذا الصراع متفاوتة جدا. لدى الروس طائرات ودبابات ومدافع وأسلحة آلية وتدميرية متطورة، وزيادة على ذلك فإن جنودهم مدربون تدريبا عاليا، يرتدي كل واحد منهم بالطو من الفرو، وفي قدميه حذاء طويل متين يقيه من البرد والأذى، كما وأن عدد الجنود الروس كثير. أما المجاهدون فإن أكثرهم نصف عارٍ، تمر عليهم أوقات لا يجدون ما يقتاتون به إلا جمع الأعشاب وأوراق الشجر وأكلها، وعندما يمرض الواحد منهم لا يجد دواءً ولا طبيباً، ومع كل هذا كانوا يجاهدون ويقاتلون للتصدي لهذا الجيش المنظم، مع أنهم لا يملكون غير بنادق قديمة، وبنادق صيد.

هؤلاء المجاهدون المساكين، كانوا يحاربون في ليالي الشتاء الباردة، وفي الجبال الجلدية، يحاربون الغجر من ناحية ويحاربون العدو من ناحية أخرى.

أقام الجاهدون مئات من المعسكرات لتدريب المجاهدين في هذه الجبال الواسعة، ويأتي إلى هذه المعسكرات كل من لا يستطيع تحمل احتلا ل الأجانب لبلاده. وكان بعضهم قد اضطر اضطراراً إلى البلاد تماماً. عشرات الآلآ ف من الناس لم يستطيعوا تحمل هذا الظلم وهاجروا إلى باكستان، وقد تصرف المسؤولون الباكستانيون والشعب الباكستاني تصرفاً كريما تجاه المهاجرين الأفغان.

وفي واحد من مئات المعسكرات المقامة في الجبال الثلجية في أفغانستان، عاش أفراد معسكر للمجاهدين في تلك الليلة ساعات من القلق والاضطراب. ذلك، لأن اثنين من المجاهدين الذين كانوا يقومون بمهام الدورية الليلية، وجدوا صبيا مجروحا في ساقه، مغشياً عليه بالقرب من المعسكر فأحضروه معهم.

أخرج الشيخ حسين رئيس المعسكر الرصاصة المستقرة في ساق الصبي ولفّ الجرح بقميصه. لقد أثار هذا الصبي عطفهم وشفقتهم بأنينه الطويل، وتقطع صوته، بل، ونفسه حيناًبعد حين، لكنه فتح عينيه قرب الصباح.

كان فتى في الثالثة عشرة أوالرابعة عشرة من عمره، حيفاً، أسمر الوجه ، مجعد الشعر، وكان بريق عينيه السوداوين قد اختفى، وبهت لون وجهه. كان واضحاً من جميع حاله أنه عانى ولا زال يعاني ألماً شديداً رهيباً، وعندما فتح عينيه إنهال عليه المجاهدون بسيل من الأسئلة ، لكنهم سكتوا مرة واحدة بعد أن طلب منهم الرئيس ألا يتعبوه بكثرة الأسئلة.

كان الفتى الجريح، يضغط على عينيه وعلى أسنانه بألم، كان يمد يده كأنه يريد أن يمسك ساقه اليمنى التي أخرجوا منها الرصاصة. لكنه لم يكن يجد في نفسه القدرة على رفع ذراعه. قال الرئيس وهو ينظر إليه:

يبدو أن هذا الولد قد ظلَّ أياما ً جائعً، لا بد أن نجد له شيئاً مايقتات به. ثم نظر إلى جعفر الهراتي وواصل كلامه قائلا ًً:

- إذهب إلى القرية الآن، وستجد بعض أهلها قد عادوا إليها بعد أن دمًّر الروس منازلهم، وقد تجد عند هؤلاء قليلا من القوت.

وقبل أن يبتعد جعفر الهراتي من المغارة لتنفيذ أمر رئيسه، ألقى على الفتى نظرة عطف وإشفاق، ثم ذهب. إذا لم يحدث ما يكدر الصفو فإن جعفر سيعود في المساء، لم يبق في المعسكر شيء اسمه الطعام. كانوا قبل ذلك يستطيعون الحصول على بعض الطعام - مهما كان قليلا ً- من القرويين المجاورون، واختفى هذا الإمكان الأن، فقد هجم جنود العدو على القرى وقبضوا على كل من قدَّم مساعدة للمجاهدين، وعاقبوا القرويين الذين واصلوا مساعداتهم للمجاهدين بإحراق قراهم. كما لم يعد هناك أدنى إمكان لوجود الأعشاب ليقتاتوا بها؛ ذلك. لأن هطول الثلج وتراكمه على الأرض يمنع ذلك.

لم يكن البرد يؤثر فيهم كثيرا لاحتمائهم في المغارة، لكنهم لايستطيعون البقاء في المغارة دوما ً. كان عليهم مراقبة ممر خيبر، من المكان الذي هم فيه. كثيرا ًما كانت تعبر من هذا الممر وحدات العدو العسكرية. إن هذا الطريق الذي يمر من أسفل ويبعد حوالي مائتي متر من القمة التي توجد فيها المغارة، يمتدُّ من كابل عاصمة أفغانستان حتى الحدود الروسية. ولو كان بيد المجاهدين أسلحة جيدة، لمنعوا حتى الطيور من التحليق فوق هذا الممر، ولم تكن أسلحتهم القديمة التي في حوزتهم تؤثر كثيرا ً في الوحدات الروسية المصفحة، ومع ذلك، فقد كانوا يغلقون الطريق بأن يدحرجوا صخرة من القمة إلى أسفل وبذلك كانوا يشغلون قوات العدو ويعطلونهم. كانت الصخور التي يدحرجونها تقلب أحيان وتسحق عربة جيب، وكان الجنود الروس الذين يحدث عليهم هجوم مثل هذا، يمطرون هذه القمم ساعات وساعات بالرصاص، لكنهم لم يكونوا يستطيعون تسلق هذه الصخور الحادة، والصعود عالياً، ومن كان منهم يحاول هذا،فإنه يصبح هدفا سهلا ً لرصاص المجاهدين عندما يصل إلى القمة.

الشيخ حسين رئيس المعسكر رجل ضخم الجسم، طويل القامة، ذو لحية سوداء، كان يرتي ملابس رائد في الجيش حلت عنه رتبته، وكان عمره في حدود الأربعين، كان شجاعاً واضح الشجاعة، سريع التصرف، يتحدث بصوت قوى ممتلئ، ولم يكن وجهه يعرف الضحك، وكان مثل كل أفغاني يحب دينه ويحب وطنه حّباً جّماً، كان هذا الرئيس الذي يتحول إلى أسد مهيب أمام الأعداء، خاشعاً ذليلا ً عنما يصلي، أوعندما يستمع القرآن الكريم وينصت له. كان أكبرالناس سنّاً في هذا المعسكر هو حمد الله آغا، وكان أكثرهم شباباً وأصغرهم سناً هو جعفر الهراتي. وغير هؤلاء، كان هناك ثلاثة جنود انضمو مع الرئيس إلى المجاهدين، وخمسة مدنين جاؤوا من القرى المجاورة. وقد وصل عدد الموجودين في المعسكر إ لى اثني عشر شخصاً بالفتى الجريح، الذي يرقد على الكنبة الخشبية

لم تكن قد مضت ساعتان بعد على خروج جعفر الهراتي من المعسكر، إلاّ وعاد وهو لا هث الأنفاس. أحدثت عودة جعفر السريعة هذه اضطراباً بينهم. قال جعفر وهو ينتظر بعض دقائق ليجمع أنفاسه:

- الروس، أوقعا إخواننا في شركٍ في الوادي، وعندما رأيتهمم من القمة عدت مسرعاً.

- هل معهم دبابات؟

- لا، إستطعت من بعيد رؤية سيارتين كبيرتين مصفحتين، وحوالي مائة جندي روسي، ولم أستطع عدّ إخواننا لأنهم بين الصخور وهم حوالي عشرة أشخاص على الأكثر، ويتضح ذلك مما يطلقونه من سلاح قليل.

بقي الرئيس مدة يفكر وهو يخلل لحيته بأصابعه، فهم الجميع بل انتظروا أن يصدر لهم أمراً مهما بعد قليل.

قال الرئيس:

- استعدو...إننا ذاهبون.
فأخذوا يستعدون سريعاً. ودبت الروح من جديد في هؤلاء المجاهدين الذين لم يضعو منذ ثلاثة أيام لقمة في أفواههم،لأنهم ليس لديهم طعام!! كانوا يستعدون بسرعة غريبة لكي يهرعوا إلى نجدة ومساعدة إخوانهم المجاهدين الذين نصب لهم العدو كميناً، وكتن يبدو في وجه كل واحد منهم الحقد والغضب. وضع حمد الله أغا المسن بندقية الإنجليزيةالقديمة ذات الفوهة الطولية على كتفه واستعدّ للخروج، فإذا بالرئيس يقول له:

- إبق أنت هنا.

لم يسر المجاهد المسن قط لهذا الأمر،لكن طاعة الرئيس واجبة، نظر إلى الرئيس بنظرات فيها الرجاء، ولم ترمش عيناه قطّ، فهم الرئيس من تصرف المجاهد المسن مايفكر فيه، فقال له:

- لايمكن أن نترك التى الجريح بمفرده.

حول العجوز نظراته نحو الطفل الراقد مثل الميت، وقال:

- الحق معك، لا يكننا ترك العصفور الجريح بمفرده. ثم أخرج بندقيته ذات الفوهة الطويله وأعطاها لجعفر.

أكمل المجاهدون استعداداتهم وخرجوا من المغارة، وجلس المجاهد العجوز يجوار الصبي الذي أسماه «الصقر الجريح»، وبدأ يقرأ القرآن بصوت خاشع متبتل مرتعش، وكان صوته يتردد صداه بين جدران المغارة نصف المظلمة. نسي الفتى الجريح المعاناة التي يعانيها عندما استمع إلى الصوت، وأخذ يعود إلى نفسه رويداً رويداً.

لقد أغمي عليه ندما كان الرئيس يخرج الرصاصة من ساقه، صاح بألم وعضّ ذراع المجاهد العجوز بصوت مملوء بإيمان ولاإخلاص والخشوع.

أفاق عدة مرات. ورأى ماحوله رؤية غير واضحة، أدار رأسه ليستطيع رؤية صاحب الصوت قارئ القرآن، رأى عجوزاً ذا وجه نورانيّأحنى رأسه، وقد احمرة عيناه من البكاء، وشفتاه ترتعشان، ذلك هو المجاهد العجوز قارئ القرآن، وبقي الفتى يرمقه وهو على هذا الحال فترة ً،نسي القتى ساقه الجريح وأراد النهوض والجلوس على ركبته، واعتدل قليلا ً، فأحس باحتراق رهيب في ساقه، فأنَّ بألم. سمع العجوز أنّات الفتى، فقام سريعا ً ليرقده ثانية، ونظر بشفة إلى وجهه المضطرب، ومسح بخرقة مبللة شفتيه الجافتين، ووضع الخرقة على جبهة الساخنة، نادى الفتى:

- أمي.

نظر إليه المجاهد العجوز بعينين ملأتهما الحيرة. ولم يستطع أن يقول شيئاً تكلم الفتى مرة أخرى وقال:

- ماذا حدث لأمي؟ هل قتلوها؟. أجابة المجاهد العجوز:

- جاء بك جندي الحراسة مساء كنت تنام فاقد الوعي على الثلوج وكان في ساقك رصاصة، أخرجها رئيسنا. قال الفتى:

- وأمي؟ ماذا حدث لها؟. أجابه المجاهد العجوز مرة أخرى:

-وجدوك أنت فقط. كنت نصف ميت عندما أحضروك هنا. الموت والحياة بيد الله. أنت ضعيف كالعصفور لكن لديك قدرة على التحمل.

استغرق الفتى في التفكير. حاول أن يتذكر كيفية مجيئة إلى هذا المكان. لقد فقد أمه من قبل سنة، تذكر أنه عندما أضاع طريقه في الجبال أصبح وحيدا ً، ولم يستطع السير بساقه الجريحة، وأنه أخذ يفقد طاقته شيئا فشيئا، لذلك بقي هناك ملقى على الثلوج، هذا كل ماتذكره. أراد أن يتحدث ويحكي ماأصابه لكنه لم يستطع، فقد غامت الدنيا في عينيه وانهارت قواه. حاول أن يستمع لحديث المجاهد العجوز بعينين مغلقتين. وأحس أنه لم يعد يستطيع فهم أي شيء قط من كلام الرجل، وأن صوته يغيب عنه شيئا فشيئا. ثم فقد الفتى الجريح وعيه مرة أخرى.

أخذ المجاهد العجوز ينظر بحزن بالغ إلى قمم الجبال الصامتة، وإلى هذه المغارة نصف المظلمة، وإلى الفتى الذي فتح عينيه، وسأل عن أمه، ثم أغمي عليه مرة أخرى.


وسأكمل بقيت الأجزاء
بعد ردودكم التي تشجعني
انتظر ردودكم بفاغ الصبر

بنت الصحابة
10-10-2008, 01:28 PM
ممكن رد منكم