وهـج المشاعر
16-01-2008, 07:24 AM
بداية حياة جديدة في مدينة جديدة..
أحدهم يدق أجراس الباب ..ترى من الطارق..؟!
يفتح أبو سعد الباب..
أذا برجل يقف و الابتسامة على محياه تبدوا عليه علامة الطيبة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا جاركم أبو أحمد ..أحببت أن أرحب بكم في بيتكم الجديد..
تهلل أبو سعد بهذا الجار الطيب..بعدما أزال عنه شعور الغربة بهذا المكان..
فلنعم الجار أبو أحمد..
تزداد المعرفة بين أبي سعد و أبي أحمد..وكذلك بين أحمد و سعد..فقد كانا في نفس العمر تقريباً..اجتمعا في فصل دراسي واحد..وأصبحا يداً واحدة..تربط بينهم روح الأخوة و المحبة..
دعونا نتعرف على سعد و أحمد قليلاً..
أحمد..فتى طيب القلب..ذا أخلاق راقية..يترفع عن التوافه..محب للخير..
أما سعد..فهو ذا شخصية اجتماعية..يهوى لتجربة و الاستكشاف..
تلاهما في المرحلة الثانوية
بعد أن مرت أيام قليلة لسعد في مدرسة الجديدة.. كان قد تعرف على معظم الطلاب..
جلس ذات يوم إلى أحد الزملاء..يجاذبه الحديث..
-سعد ما رأيك أن تأتي لزيارتي في المساء..سيجتمع عندي بعض الأصدقاء أود أن أعرفك عليهم..
-لا مانع إن شاء الله سأحضر..
في المساء..
أحمد و سعد مجتمعان..
سعد : أحمد اليوم أنا ذاهب لزيارة ماجد هل تأتي معي..
علامة تعجب على وجه أحمد وكأن أمر يريد قوله..
أحمد: أعتذر لدي بعض الأعمال..
وصل سعد إلى منزل ماجد..
وجوه غريبة لا تبعث بالراحة ملئت ذلك المكان..
ولكن لا يهم فسعد لا يهتم بمظاهر الناس..
أنتهت الجمعة و عاد سعد إلى المنزل..
في اليوم التالي..أخذ يحكي لأحمد ما جرى له..ولكن أحمد صامت لم ينطق
سعد : ما بك؟
أحمد: سعد أريدك أن تتحرى الحذر من ماجد فهو ذا مشاكل عدة..
سعد : أعلم ما ستقوله فقد سمعته كثيراً..لكن ماجد قد تغير فلتعطه فرصة جديدة..
تمر الأيام و يتخرجون من المدرسة....و سعد يزيد تمسكاً بماجد..إلى درجه أن علاقة أحمد و سعد تكاد تنتهي..
سعد مشغول دائما مع ماجد..وبالكاد يلتقي بأحمد ..
مما جعل أحمد أكثر جوفا عليه..
ماجد و سعد و ثلتهم يتلقون من جديد في أحدى الأماكن العامة..
همسات غريبة تدور من حول سعد ترى ما الأمر..
ماجد: سعد منذ أن تعرفت عليك و أنا لم أشاهدك تستعمل سيجارة واحده !
سعد و باندهاش: ما الغريب في الأمر..!
تعالت ضحكات الجميع..
ويناول ماجد سيجارة لسعد..
ويقول: أن كنت رجل خذها..
و تأتي كلمات من هنا وهناك مزودة باستهزاءات..
إلا أن ضعف سعد..و أخذها..
بداية ضياع في عالم الضياع..
اليوم التالي يقف سعد في الحي مختفي في مكان تقله المارة و تبعد عنه الأعين ليدخن..
لكن..أتت الصدفة في محلها ليراه أحمد
- أحمد!!
- ما كنت أوقع أن يحدث بك هذا يا سعد..
-أنها مجرد تجربة لا أكثر..
- بل أنها مجرد بداية لضياع..أترك عنك هذا السم..
-أعدك لكن أعود إليه ولكن عدني أن لا تخبر أبي..بهذا..
لم يكن وعد سعد لم يكن إلا مجرد كلام..
فما زال على تلك الحال..
في منزل أبو سعد..
أبو سعد جالس بين يده مصحف يقرأه..
سعد عند باب البيت يريد الخروج..
- إلا أين يا بني؟
-خارج مع الربع
- يا بني أرى خروجك هذه الأيام كثر..
- لا عليك يا أبي
يدعوا أبو سعد لأبنه بتوفيق..و يخرج سعد مسرعاً..
في مسجد بعد أداء صلاة العصر..
أبو سعد يسأل أحمد: لم تكن خارج مع سعد؟!
-كلا يا عم لقد ذهب سعد مع رفاق آخرين
بدأ يسأل أبو سعد أحمد عن هؤلاء الرفاق حتى أستنتج في النهاية أنهم أصدقاء سوء..
تمضي الأيام و الأب يزداد خوف على أبنه..خصوصاً بعد أن سمع إشاعة لا يعلم مصداقيتها تقول أنه ابنه يدخن..
الساعة الواحدة ليلاً.. يعود سعد إلى المنزل..
-أين كنت حتى الآن يا بني؟
- مع الرفاق كالعادة
-يا بني الحياة ليست لهوا و لعب و رفاق..إياك أن تتأخر مجمداً..
كلام دخل الأذن اليمنى و خرج من اليسرى ..
فها هو سعد يعود إلى رفاقه يقضى وقته ما بين لعب ورق و سماع للغناء و تعالي دخان السجائر..
ماجد: أسمعوا علينا أن نسافر من هذه البلد إلى بلد نكون فيه أحرار بعيداً عن كل ما يقف في طريق سعادتنا..
سعد: لكن أنا لا أستطيع..لن يسمح لي والدي بذلك..
ماجد: وهل أنت طفل صغير ليتحكم بك..
سعد: لكن ماذا أفعل معه؟
ماجد: أنا سأخبرك..
بعد عدة أيام..
-أبي أنا مسافر غدا
-إلى أين و لماذا؟!!
-ليس مهم أن تعلم.. أصبحت كبيرا بأمكاني الأعماد على نفسي
كلمات أصدمت أبو سعد..يكاد لا يصدق أهي من أبنه سعد الذي رباه طوال هذه السنين..
-لن تذهب..
يرد بكل برود:
-موافقتك لا تعنيني..أنا راحل..ولن أعود..
يخرج سعد من المنزل لا يعلم أكان ضميره مرتاح و فرح أم .... مشاعر لا يعلم ماذا تكون..أهي سراب أم حقيقة..وماذا تعني
أما أبو سعد فقد أنهار مما قد سمعه..
في بيت أبو أحمد..
أبو سعد يطلب منهم العون..فلا يدري ماذا يفعل..
أبو أحمد : هون عليك يا أبا سعد..سيعقل أبنك إن شاء الله
اليوم التالي..
سعد يأخذ حقائبه ليرحل..
-بني..أوهكذا تنسى أن لديك أب قد رعاك طوال هذه السنين أنسيت أمك التي أوصتك بتقوى الله قبل وفاتها..؟!
أونسيت أيامنا الماضية ..ما الذي غيرك...؟!(صمت و اختناق في العبرة..دمعة تكاد أن تسقط)..ليس لدي سوى الدعاء لك..يا بني أوصيك بصلاتك و صيامك..ولا تنس القرآن.. حق الله عيك يا بني حق الله
يخرج من البيت متجه إلى سيارة..فيقابل أبو أحمد و أحمد..
أبو أحمد: يا سعد أن أباك بحاجة إليك فلا ترحل..لا تنس أن بره واجب..
أحمد: سعد..لا أريد أن أقول لك وداعاً..فأنني أعلم أنك ستعود إلى رشدك يوما ما..خذ هذه الشريط..عدني أن تسمعه..
وهكذا يرحل سعد..
حياة في الجانب المظلم..
وصل سعد مع ثلته إلى البلد الجديدة..
بلد ليست ببلاد غرب..وليست ببلاد فساد..بلاد عربية إسلامية..تملؤها المساجد..يسمع فيها الأذان خمس مرات في اليوم..
في المطار أستقبلهم أحد معارف ماجد..
و أخذهم إلى منزل في منطقة بعيدة مظلمة..وتبدوا مهجورة..
-هنا ستكون أقامتكم و مقر عملكم..
بيت موحش..مصابيحه برق يبرق ثم يختفي..جرذان يتجولون هنا وهناك
ترى أي عمل يقصد ولما هنا نقيم!!
أخذ سعد يتأمل الفرق بين بيته السابق وهذا..ولكن التفكير بالمال الذي وعد به ماجد ينسيه كل هذا..
بعد أيام..
يرى رفقته يخرجون دونه و بدون أن يشعر..
يرى حقيبة سوداء..تدخل و تخرج..
ترى ماذا تكون..
تصرفات رفاقه تغيرت..
فما الخطب؟
يتسلل في جوف الليل..والرفاق نامون..و يرى..تلك الكارثة
مخدرات
كما يعرف أصحابة ثعالب لا يتمكن منهم
ثعالب..
أن كشف لهم أنه علم سرهم لا يستبعد أن يقتلوه..
يقف مكفوف الأيدي..
لا يعلم..
ماذا يفعل..
أذن لابد من التحمل و تسير الأمور كما كانت..
الشعور بذنب
شعور بالغربة..دفعه إلى استرجاع ذكريات الماضي..
أيام كان في بيت يغمره الأمان..وصحبه ما كانت أبدا لتخونه..
صحبة ما كانت لتخونه أبدا..
-أحمد..كيف نسيته..الشريط.. وعدته أن أسمعه..الآن أتذكره !!
أخذ يبحث في كومة أغراضه عن الشريط..ولكن أين يجده و قد مر عليه الزمن..
ولكن فعلا قد وجده..
وضع سماعة المسجل الصغير و أخذ يسمع..
و تبدأ الدموع بالهطول
يراه رفاقه فيتضاحكون..سعد يبكي على موسيقى حزينة ..
لم تكن تلك موسيقى حزينة تستحق أهطال الدمع..ولم تكن مجرد كلمات عادية..كانت..آيات من الذكر الحكيم..وكيف لا يبكي و وهو يشعر بالذنب؟
تذكر حينها الموت..
الموت كلمة الموت هي وحدها أشعلت الرعب في جوفه
أخذ يتمتم:
-راحل عن الحياة فما زادي..
في سهرتهم اليومية على شاطئ البحر..ذلك يعزف وذلك يغني..و الثالث يرقص..
ضيق عذاب..لم يتحمل..
أخذ يركض ثم يركض..
إلى أن توقف و هو يسمع..الله أكبر ..الله أكبر..
يرى الناس من كل مكان يتجهون لتلبية النداء..
يقول في سره : ليتني معهم..
تذكر أيام الصبا عندما كان يصلي في ذلك المسجد الذي جمع كل من في الحي..
تذكر..تذكر والده.." بني أوصيك بصلاتك و صيامك..ولا تنس القرآن.. حق الله عيك يا بني حق الله"
ألم الفراق الآن يحس به..
الآن قد أستيقظ ضميره..
أنا العبد الذي كسب الذنوبا ... وصدته المعاصي أن يتوبا
أنا العبد الذي أضحى حزيناً ... على زلاته قلقاً كئيبا
أنا العبد الذي سطرت عليه ... صحائف لم يخف فيها الرقيبا
أنا العبد المسيء عصيت سراً ... فمالي الآن لا أبدي النحيبا
أنا العبد المفرط ضاع عمري ...فلم أرع الشبيبة والمشيبا
رحلة العودة..
صباح اليوم التالي..
سعد يعد أغراضه..
و ليعود إلى الوطن..
يرى أمامه جواله الشيء الذي سيربطه برفقة السوء..رماه
يقف أمام الطائرة..وفي جوفه آلام و آمال..
حنين الوطن يغمره..
يصعد وهو يقول..
أنا عائد يا وطن..
وصل إلى الحي.. أخيراً
يقف أمام البيت يتأمله.لقد عدت يا أبتي..
يدق الباب وما من مجيب..
منزل أبو أحمد لا توجد أي سيارة أمامه هذا يعني أن لا أحد في المنزل..
أذن المغرب..يسير إلى المسجد بكل شوق..بتأكيد سيلقى هناك تلك الوجوه التي أحبها و أعتاد علبها..
لكن..كانت هناك وجوه جديدة لا يعرف من هي..و وجوه..مألوفة كبرت فقط..وجوه يبحث عنها و لم يجدها..
أنتهت الصلاة..ذهب إلى إمام المسجد..
-من سعد أكاد لا أقصد..سعد يعود إلى حينا..!!
-الحمد لله أن هناك من يذكرني إلى الآن..(ابتسامة رضا و فرح)
-قل لي يا شيخ أين هو أبي..أين هو جارنا أبو أحمد أين أحمد..؟؟
-هدئ من روعك..و جلس لأخبرك..
بني أنت تعلم أن الأقدار بيد الله..
أبوك يا سعد قد توفي بعد شهر من رحيلك....أما أحمد فقد تعرض منذ أيام لحادث وهو بالمستشفى بين الحياة و الموت..
-أبي مااات !!..مات وهو غير راضي عني..يا حسرتي..
(دمعة حارقة تسير على جبهته..)
-أبوك ذات قلب طيب..و لا أعتقد أنه مات غير راضي عنك.. ليس في الوجود أب يحقد على ابنه مهما فعل الابن
بدخل سعد البيت..
وتعود له الذكريات رويدنا رويدنا..
على هذه الأريكة كانا على يتسامران..
وهنا يتغديان..
وهنا وهنا..
يدخل إلى غرفة والده..
فيراها على حالها القديم..
يتخيل لو كان والده نائما على هذا الفراش..
أو جالساً هنا ممسكاً بمصحفه..
يجلس سعد على الفراش..و يأخذ ما يريده من البكاء..
يخرج كل ما في جعبته..
فكيف لا يبكي من هو في حاله..حتى لو كان أقوى الرجال..
بعد الهدوء و السكون..
يجلس..
فيرى ورقة بيضاء..
قد كتب في ظهرها:
يا بني يا بني ياسنىً في مقلتيأنت أغلى في الحشى من مهجتي من ناظريتُسعدالقلب الشجيةأنا أفديك بروحي وبأغلى ما لديما أحيلاه زمانا يوم أن كنتصبياضاحكاً ترنو إليأين من قد كان أنسى بت لا ألقى نجياما الذيألهاك عني أهي الدنيا الدنيةأي جرم قد جنيتُ كي ترى عني غنياهل نسيتَ الودإني لم أكن يوما نسياكم تمنيتُ كأن لو كنت للعهد وفياكم ركبتُ الصعبَ حتىتجني العيش الهنياولكم جاهدتُ كيلا تنهل العلم السنياولكي ألقى أمامي رجلاجلدا قوياراقياً مثل الثرياأسهر الليل أنادي يا بني إرجع إليفلتُعدلي يا حبيبي مثلما كنت نقياعلني ألقاك يوماً قبل أن ألقى المنيةرغم هذاالبعد قلبي لم يكن عنك قصيارب فأصفح عنه واعف واهده النهج السوياقد رضيتُاليوم عنه ربي فاجعله رضيا
...
أما عن أحمد..فقد ذهب ليطمأن عليه..دخل إلى المستشفى فيرى أبو أحمد واقف يطل من نافذة زجاجية أمام باب غرفة العناية المركزة يدعوا لأبنه بالشفاء العاجل..
..
وهكذا..تنتهي قصتي التي أكتبها وكلي إحراق على ماضيّ الأليم..
أكتبها لكم وكلي أمل أن لا يقع أحد في صحبة سوء كما حل بي..
أكتبها لكم علي أجد أحدكم يتدارك أبويه قبل وفاتهما..
أكبتها لكم..ولا أعلم..أكنت سألقى رفيق الخير الذي تركته من جديد..
أرجوا أن تكون قصتي عظة و عبرة لكم..
محبكم..سعد..
يترك القلم و يغلق الدفتر..يستند على كرسيه و يأخذ نفس عميق..
تدق أجراس الباب.. تقطع أنفاسه..
يفتحه..
شاب ذا وجه منير..تعلوا محياه ابتسامة مشرقة..
و تبدأ الأحضان بتبادل..لقد عاد أحمد.
النهاية
أحدهم يدق أجراس الباب ..ترى من الطارق..؟!
يفتح أبو سعد الباب..
أذا برجل يقف و الابتسامة على محياه تبدوا عليه علامة الطيبة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا جاركم أبو أحمد ..أحببت أن أرحب بكم في بيتكم الجديد..
تهلل أبو سعد بهذا الجار الطيب..بعدما أزال عنه شعور الغربة بهذا المكان..
فلنعم الجار أبو أحمد..
تزداد المعرفة بين أبي سعد و أبي أحمد..وكذلك بين أحمد و سعد..فقد كانا في نفس العمر تقريباً..اجتمعا في فصل دراسي واحد..وأصبحا يداً واحدة..تربط بينهم روح الأخوة و المحبة..
دعونا نتعرف على سعد و أحمد قليلاً..
أحمد..فتى طيب القلب..ذا أخلاق راقية..يترفع عن التوافه..محب للخير..
أما سعد..فهو ذا شخصية اجتماعية..يهوى لتجربة و الاستكشاف..
تلاهما في المرحلة الثانوية
بعد أن مرت أيام قليلة لسعد في مدرسة الجديدة.. كان قد تعرف على معظم الطلاب..
جلس ذات يوم إلى أحد الزملاء..يجاذبه الحديث..
-سعد ما رأيك أن تأتي لزيارتي في المساء..سيجتمع عندي بعض الأصدقاء أود أن أعرفك عليهم..
-لا مانع إن شاء الله سأحضر..
في المساء..
أحمد و سعد مجتمعان..
سعد : أحمد اليوم أنا ذاهب لزيارة ماجد هل تأتي معي..
علامة تعجب على وجه أحمد وكأن أمر يريد قوله..
أحمد: أعتذر لدي بعض الأعمال..
وصل سعد إلى منزل ماجد..
وجوه غريبة لا تبعث بالراحة ملئت ذلك المكان..
ولكن لا يهم فسعد لا يهتم بمظاهر الناس..
أنتهت الجمعة و عاد سعد إلى المنزل..
في اليوم التالي..أخذ يحكي لأحمد ما جرى له..ولكن أحمد صامت لم ينطق
سعد : ما بك؟
أحمد: سعد أريدك أن تتحرى الحذر من ماجد فهو ذا مشاكل عدة..
سعد : أعلم ما ستقوله فقد سمعته كثيراً..لكن ماجد قد تغير فلتعطه فرصة جديدة..
تمر الأيام و يتخرجون من المدرسة....و سعد يزيد تمسكاً بماجد..إلى درجه أن علاقة أحمد و سعد تكاد تنتهي..
سعد مشغول دائما مع ماجد..وبالكاد يلتقي بأحمد ..
مما جعل أحمد أكثر جوفا عليه..
ماجد و سعد و ثلتهم يتلقون من جديد في أحدى الأماكن العامة..
همسات غريبة تدور من حول سعد ترى ما الأمر..
ماجد: سعد منذ أن تعرفت عليك و أنا لم أشاهدك تستعمل سيجارة واحده !
سعد و باندهاش: ما الغريب في الأمر..!
تعالت ضحكات الجميع..
ويناول ماجد سيجارة لسعد..
ويقول: أن كنت رجل خذها..
و تأتي كلمات من هنا وهناك مزودة باستهزاءات..
إلا أن ضعف سعد..و أخذها..
بداية ضياع في عالم الضياع..
اليوم التالي يقف سعد في الحي مختفي في مكان تقله المارة و تبعد عنه الأعين ليدخن..
لكن..أتت الصدفة في محلها ليراه أحمد
- أحمد!!
- ما كنت أوقع أن يحدث بك هذا يا سعد..
-أنها مجرد تجربة لا أكثر..
- بل أنها مجرد بداية لضياع..أترك عنك هذا السم..
-أعدك لكن أعود إليه ولكن عدني أن لا تخبر أبي..بهذا..
لم يكن وعد سعد لم يكن إلا مجرد كلام..
فما زال على تلك الحال..
في منزل أبو سعد..
أبو سعد جالس بين يده مصحف يقرأه..
سعد عند باب البيت يريد الخروج..
- إلا أين يا بني؟
-خارج مع الربع
- يا بني أرى خروجك هذه الأيام كثر..
- لا عليك يا أبي
يدعوا أبو سعد لأبنه بتوفيق..و يخرج سعد مسرعاً..
في مسجد بعد أداء صلاة العصر..
أبو سعد يسأل أحمد: لم تكن خارج مع سعد؟!
-كلا يا عم لقد ذهب سعد مع رفاق آخرين
بدأ يسأل أبو سعد أحمد عن هؤلاء الرفاق حتى أستنتج في النهاية أنهم أصدقاء سوء..
تمضي الأيام و الأب يزداد خوف على أبنه..خصوصاً بعد أن سمع إشاعة لا يعلم مصداقيتها تقول أنه ابنه يدخن..
الساعة الواحدة ليلاً.. يعود سعد إلى المنزل..
-أين كنت حتى الآن يا بني؟
- مع الرفاق كالعادة
-يا بني الحياة ليست لهوا و لعب و رفاق..إياك أن تتأخر مجمداً..
كلام دخل الأذن اليمنى و خرج من اليسرى ..
فها هو سعد يعود إلى رفاقه يقضى وقته ما بين لعب ورق و سماع للغناء و تعالي دخان السجائر..
ماجد: أسمعوا علينا أن نسافر من هذه البلد إلى بلد نكون فيه أحرار بعيداً عن كل ما يقف في طريق سعادتنا..
سعد: لكن أنا لا أستطيع..لن يسمح لي والدي بذلك..
ماجد: وهل أنت طفل صغير ليتحكم بك..
سعد: لكن ماذا أفعل معه؟
ماجد: أنا سأخبرك..
بعد عدة أيام..
-أبي أنا مسافر غدا
-إلى أين و لماذا؟!!
-ليس مهم أن تعلم.. أصبحت كبيرا بأمكاني الأعماد على نفسي
كلمات أصدمت أبو سعد..يكاد لا يصدق أهي من أبنه سعد الذي رباه طوال هذه السنين..
-لن تذهب..
يرد بكل برود:
-موافقتك لا تعنيني..أنا راحل..ولن أعود..
يخرج سعد من المنزل لا يعلم أكان ضميره مرتاح و فرح أم .... مشاعر لا يعلم ماذا تكون..أهي سراب أم حقيقة..وماذا تعني
أما أبو سعد فقد أنهار مما قد سمعه..
في بيت أبو أحمد..
أبو سعد يطلب منهم العون..فلا يدري ماذا يفعل..
أبو أحمد : هون عليك يا أبا سعد..سيعقل أبنك إن شاء الله
اليوم التالي..
سعد يأخذ حقائبه ليرحل..
-بني..أوهكذا تنسى أن لديك أب قد رعاك طوال هذه السنين أنسيت أمك التي أوصتك بتقوى الله قبل وفاتها..؟!
أونسيت أيامنا الماضية ..ما الذي غيرك...؟!(صمت و اختناق في العبرة..دمعة تكاد أن تسقط)..ليس لدي سوى الدعاء لك..يا بني أوصيك بصلاتك و صيامك..ولا تنس القرآن.. حق الله عيك يا بني حق الله
يخرج من البيت متجه إلى سيارة..فيقابل أبو أحمد و أحمد..
أبو أحمد: يا سعد أن أباك بحاجة إليك فلا ترحل..لا تنس أن بره واجب..
أحمد: سعد..لا أريد أن أقول لك وداعاً..فأنني أعلم أنك ستعود إلى رشدك يوما ما..خذ هذه الشريط..عدني أن تسمعه..
وهكذا يرحل سعد..
حياة في الجانب المظلم..
وصل سعد مع ثلته إلى البلد الجديدة..
بلد ليست ببلاد غرب..وليست ببلاد فساد..بلاد عربية إسلامية..تملؤها المساجد..يسمع فيها الأذان خمس مرات في اليوم..
في المطار أستقبلهم أحد معارف ماجد..
و أخذهم إلى منزل في منطقة بعيدة مظلمة..وتبدوا مهجورة..
-هنا ستكون أقامتكم و مقر عملكم..
بيت موحش..مصابيحه برق يبرق ثم يختفي..جرذان يتجولون هنا وهناك
ترى أي عمل يقصد ولما هنا نقيم!!
أخذ سعد يتأمل الفرق بين بيته السابق وهذا..ولكن التفكير بالمال الذي وعد به ماجد ينسيه كل هذا..
بعد أيام..
يرى رفقته يخرجون دونه و بدون أن يشعر..
يرى حقيبة سوداء..تدخل و تخرج..
ترى ماذا تكون..
تصرفات رفاقه تغيرت..
فما الخطب؟
يتسلل في جوف الليل..والرفاق نامون..و يرى..تلك الكارثة
مخدرات
كما يعرف أصحابة ثعالب لا يتمكن منهم
ثعالب..
أن كشف لهم أنه علم سرهم لا يستبعد أن يقتلوه..
يقف مكفوف الأيدي..
لا يعلم..
ماذا يفعل..
أذن لابد من التحمل و تسير الأمور كما كانت..
الشعور بذنب
شعور بالغربة..دفعه إلى استرجاع ذكريات الماضي..
أيام كان في بيت يغمره الأمان..وصحبه ما كانت أبدا لتخونه..
صحبة ما كانت لتخونه أبدا..
-أحمد..كيف نسيته..الشريط.. وعدته أن أسمعه..الآن أتذكره !!
أخذ يبحث في كومة أغراضه عن الشريط..ولكن أين يجده و قد مر عليه الزمن..
ولكن فعلا قد وجده..
وضع سماعة المسجل الصغير و أخذ يسمع..
و تبدأ الدموع بالهطول
يراه رفاقه فيتضاحكون..سعد يبكي على موسيقى حزينة ..
لم تكن تلك موسيقى حزينة تستحق أهطال الدمع..ولم تكن مجرد كلمات عادية..كانت..آيات من الذكر الحكيم..وكيف لا يبكي و وهو يشعر بالذنب؟
تذكر حينها الموت..
الموت كلمة الموت هي وحدها أشعلت الرعب في جوفه
أخذ يتمتم:
-راحل عن الحياة فما زادي..
في سهرتهم اليومية على شاطئ البحر..ذلك يعزف وذلك يغني..و الثالث يرقص..
ضيق عذاب..لم يتحمل..
أخذ يركض ثم يركض..
إلى أن توقف و هو يسمع..الله أكبر ..الله أكبر..
يرى الناس من كل مكان يتجهون لتلبية النداء..
يقول في سره : ليتني معهم..
تذكر أيام الصبا عندما كان يصلي في ذلك المسجد الذي جمع كل من في الحي..
تذكر..تذكر والده.." بني أوصيك بصلاتك و صيامك..ولا تنس القرآن.. حق الله عيك يا بني حق الله"
ألم الفراق الآن يحس به..
الآن قد أستيقظ ضميره..
أنا العبد الذي كسب الذنوبا ... وصدته المعاصي أن يتوبا
أنا العبد الذي أضحى حزيناً ... على زلاته قلقاً كئيبا
أنا العبد الذي سطرت عليه ... صحائف لم يخف فيها الرقيبا
أنا العبد المسيء عصيت سراً ... فمالي الآن لا أبدي النحيبا
أنا العبد المفرط ضاع عمري ...فلم أرع الشبيبة والمشيبا
رحلة العودة..
صباح اليوم التالي..
سعد يعد أغراضه..
و ليعود إلى الوطن..
يرى أمامه جواله الشيء الذي سيربطه برفقة السوء..رماه
يقف أمام الطائرة..وفي جوفه آلام و آمال..
حنين الوطن يغمره..
يصعد وهو يقول..
أنا عائد يا وطن..
وصل إلى الحي.. أخيراً
يقف أمام البيت يتأمله.لقد عدت يا أبتي..
يدق الباب وما من مجيب..
منزل أبو أحمد لا توجد أي سيارة أمامه هذا يعني أن لا أحد في المنزل..
أذن المغرب..يسير إلى المسجد بكل شوق..بتأكيد سيلقى هناك تلك الوجوه التي أحبها و أعتاد علبها..
لكن..كانت هناك وجوه جديدة لا يعرف من هي..و وجوه..مألوفة كبرت فقط..وجوه يبحث عنها و لم يجدها..
أنتهت الصلاة..ذهب إلى إمام المسجد..
-من سعد أكاد لا أقصد..سعد يعود إلى حينا..!!
-الحمد لله أن هناك من يذكرني إلى الآن..(ابتسامة رضا و فرح)
-قل لي يا شيخ أين هو أبي..أين هو جارنا أبو أحمد أين أحمد..؟؟
-هدئ من روعك..و جلس لأخبرك..
بني أنت تعلم أن الأقدار بيد الله..
أبوك يا سعد قد توفي بعد شهر من رحيلك....أما أحمد فقد تعرض منذ أيام لحادث وهو بالمستشفى بين الحياة و الموت..
-أبي مااات !!..مات وهو غير راضي عني..يا حسرتي..
(دمعة حارقة تسير على جبهته..)
-أبوك ذات قلب طيب..و لا أعتقد أنه مات غير راضي عنك.. ليس في الوجود أب يحقد على ابنه مهما فعل الابن
بدخل سعد البيت..
وتعود له الذكريات رويدنا رويدنا..
على هذه الأريكة كانا على يتسامران..
وهنا يتغديان..
وهنا وهنا..
يدخل إلى غرفة والده..
فيراها على حالها القديم..
يتخيل لو كان والده نائما على هذا الفراش..
أو جالساً هنا ممسكاً بمصحفه..
يجلس سعد على الفراش..و يأخذ ما يريده من البكاء..
يخرج كل ما في جعبته..
فكيف لا يبكي من هو في حاله..حتى لو كان أقوى الرجال..
بعد الهدوء و السكون..
يجلس..
فيرى ورقة بيضاء..
قد كتب في ظهرها:
يا بني يا بني ياسنىً في مقلتيأنت أغلى في الحشى من مهجتي من ناظريتُسعدالقلب الشجيةأنا أفديك بروحي وبأغلى ما لديما أحيلاه زمانا يوم أن كنتصبياضاحكاً ترنو إليأين من قد كان أنسى بت لا ألقى نجياما الذيألهاك عني أهي الدنيا الدنيةأي جرم قد جنيتُ كي ترى عني غنياهل نسيتَ الودإني لم أكن يوما نسياكم تمنيتُ كأن لو كنت للعهد وفياكم ركبتُ الصعبَ حتىتجني العيش الهنياولكم جاهدتُ كيلا تنهل العلم السنياولكي ألقى أمامي رجلاجلدا قوياراقياً مثل الثرياأسهر الليل أنادي يا بني إرجع إليفلتُعدلي يا حبيبي مثلما كنت نقياعلني ألقاك يوماً قبل أن ألقى المنيةرغم هذاالبعد قلبي لم يكن عنك قصيارب فأصفح عنه واعف واهده النهج السوياقد رضيتُاليوم عنه ربي فاجعله رضيا
...
أما عن أحمد..فقد ذهب ليطمأن عليه..دخل إلى المستشفى فيرى أبو أحمد واقف يطل من نافذة زجاجية أمام باب غرفة العناية المركزة يدعوا لأبنه بالشفاء العاجل..
..
وهكذا..تنتهي قصتي التي أكتبها وكلي إحراق على ماضيّ الأليم..
أكتبها لكم وكلي أمل أن لا يقع أحد في صحبة سوء كما حل بي..
أكتبها لكم علي أجد أحدكم يتدارك أبويه قبل وفاتهما..
أكبتها لكم..ولا أعلم..أكنت سألقى رفيق الخير الذي تركته من جديد..
أرجوا أن تكون قصتي عظة و عبرة لكم..
محبكم..سعد..
يترك القلم و يغلق الدفتر..يستند على كرسيه و يأخذ نفس عميق..
تدق أجراس الباب.. تقطع أنفاسه..
يفتحه..
شاب ذا وجه منير..تعلوا محياه ابتسامة مشرقة..
و تبدأ الأحضان بتبادل..لقد عاد أحمد.
النهاية